الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)): هذه هي قصتي مع ((حزب الله)) من 1 الي 17

1
الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)): هذه هي قصتي مع ((حزب الله))

*إيران تنحر الشيعة وتضيق الخناق على نفسها وتقبع في الشرنقة
*الحرب الأهلية في سوريا واقعة حتماً ولن ننجو منها في لبنان
*وقف النار في سوريا لن يصمد.. ولن تترك إلا رماداً
*لو كنت أميناً عاماً للحزب لدخلت حمص وحماه ودرعا مصلحاً ووسيطاً
*مشروع المقاومة انتهى عام 1996 والسوريون عطلوا الانسحاب الإسرائيلي إلى الألفين
*أقصوني من الامانة العامة بعد مطالبتي بمحاكمة الإيرانيين واللبنانيين المسؤولين عن حرب أمل – حزب الله
*حزب الله ضيع فرصة نادرة عام 2005 لبناء الدولة النـزيهة
*حزب الله يشد الحبل على عنقه في موضوع المحكمة وعليه إلغاء عضوية المتهمين
*ما يجري اليوم في حزب الله يناقض أهدافه لدى تأسيسه
*المقاومة اليوم ليست مقاومة وسلاحها لا يخافه الإسرائيلي بل اللبناني والسوري
*خائف على مستقبل المسلمين والعرب والمنطقة اليوم كقطعة ثريد والجياع من حولها
*من يدير ظهره لسوريا سيفتح على إسرائيل حتماً
*مصلحة حزب الله ان يفتش عن قتلة رفيق الحريري ومعاقبتهم قبل أن تطاردهم المحكمة

أجرى الحوار زين حمود

الحوار مع الشيخ صبحي الطفيلي، تحتار من أين تبدأ به.
هل تبدأه من مواقف خاصة به بلورها في الآونة الأخيرة وجعلته مختلفاً ومناقضاً للصورة النمطية اللصيقة بالشيعة في لبنان في هذه المرحلة.
هل تبدأ الحوار من تجربته الخاصة مع حزب الله وهو من المؤسسين وأول أمين عام له ورافق أو ساهم في صنع أحداث حفرت عميقاً أسسها في مسارات البلد وموقع الحزب على الخارطة اللبنانية والاقليمية؟
هل تبدأ من ((الربيع العربي)) وما يتوقعه من تغييرات يسهب الطفيلي في التركيز على أولوية ان تحاكي تطلعات الشعوب العربية للديموقراطية؟
.. أم تبدأ من المواضيع الحزبية والسياسية وما حفلت به سيرته كشخصية عامة شيعية ولبنانية وعربية وإسلامية لها مؤيدون ولها خصوم تفوق أعدادهم في البيئة الخاصة به أعدادهم خارجها.
.. أم تبدأ من سمة عامة بدأت تطغى منذ سنوات على توجهاته وأضفت على شخصيته نفحات المفكر والفقيه، فتراه يستفيض في قضايا الوحدة الاسلامية ومواضيعها والدفاع عنها، مركزاً اهتمامه في استرسال لافت يدمج بين شواهد وأمثلة من الماضي الاسلامي وعبره الغزيرة وبين وقائع ومشكلات الحاضر على الخروج بخلاصات أقرب ما تكون إلى الدعوة لثورة على كل ما يفرق ويثير الفتن والعصبيات المذهبية ويدمر الأمة وسلاحه الدائم ما ورد في القرآن الكريم.
أم تبدأ من موقفه من إيران واتهامه لها مع دول أخرى بإثارة العصبية المذهبية للاستفادة من ذلك في مواجهة المعارضة القوية في الداخل، من أجل تعزيز لحمتها الداخلية.
وهذا ليس سوى غيض من فيض من عناوين محاور تفرض نفسها عليك في الحوار مع الشيخ الطفيلي، من دون إغفال ما في مخزون ذاكرته من أسرار وخفايا يورد بعضها كشفاً لجوانب مما يصعب فهمه من دونها ويتحفظ عن كشف بعض آخر ويتكتم عليه ربما لقناعته بأنه لم يحن بعد أوان تسليط الضوء عليها.
لهذه الأسباب كلها فإن الحوار مع الأمين العام السابق لحزب الله يتصف بأبعاد توثيقية تاريخية لها صلة على الأقل بشهادته في مرحلة كاملة عاشها بتفاصيلها ودقائقها وأسهم في صياغة أحداثها في فصول معينة ودفع في قسم آخر من فصولها ثمن ما كان له من مواقف أو ما كان يستجد من معادلات وتبدلات على الصعد المتعلقة بحزب الله والواقع اللبناني والمحيط الإقليمي غير المنفصل عنه.
هو حوار يصح وصفه إذن بأنه قصة الشيخ صبحي الطفيلي في حزب الله ومعه منذ تأسيسه وحتى اليوم، وبسبب تشعبه وتعدد مواضيعه ووفرتها فإنه يرد في ((الشراع)) على حلقات في كل منها محور من محاور للطفيلي فيها بصمات وأدوار ومواقف.
والبداية مع هذا الحوار الذي يركز فيه الشيخ الطفيلي على أبرز مواضيع اللحظة السياسية الراهنة بكل ما لها من روابط وصلات بما سبقها على مر ثلاثة عقود مضت.
# طالت فترة غيابكم عن الساحة السياسية والاعلامية، لكن لوحظ مؤخراً ان هناك في عملكم بدايات لمرحلة جديدة. هل انتهت فترة الانتظار التي كنتم فيها قبل سنوات بعد التطورات الحاصلة في لبنان والمنطقة؟
– الموضوع ليس موضوع انتظار أو غياب، الموضوع موضوع حاجة. في الماضي ما كنت أجد حاجة معينة لتناول بعض الموضوعات المطروحة .
# هناك حاجة إذن في هذه المرحلة لأداء دور جديد..
– أنا متخوف جداً من المستقبل. ليس فقط على هذه الشريحة أو تلك، أنا متخوف على مستقبل الأمة، مستقبل كل المسلمين والعرب، أقرأ في المستقبل وفي الغيوم القادمة، أقرأ صراعاً مخيفاً يدمر المنطقة ويدخلنا في أتون دموي وغير دموي يرهق الأمة ويدمرها. لهذا اعتبر ان ما أقوم به اليوم هو محاولة متواضعة جداً وصرخة لعل أحداً يسمع.
# مم تتخوف تحديداً؟ هل أنت متخوف من احتدام نار المذهبية، من الفتنة؟
– بلادنا كما تعلم هي منطقة وسطى في العالم، وقديماً كانت هذه المنطقة منطقة البحر الأبيض المتوسط عموماً محور الحضارات ومهبط الديانات والثقافات ومنها انسالت الافكار والحضارات والامبراطوريات إلى أطراف الدنيا، أضف إلى انها منطقة غنية جداً بمواردها ومستقبلها مهم جداً لبقاء وزوال أمم وامبراطوريات. ولهذ هي بين من يريد أن يضع يده عليها أو يستنهضها0 المنطقة بالضبط اليوم كقطعة ثريد والجياع من حولها كما ورد في مضمون الحديث الشريف.
# قطعة ثريد؟
– الثريد هو مرقة تضع فيها قطع خبز. هكذا هي منطقتنا. وحتى يتم هذا الأمر لأصحاب الطموح والغايات والاهداف من الدول الأخرى، فإنه من الطبيعي أن تشتغل المنطقة بنفسها وتشتغل بالفتن والحروب . الصراعات المذهبية هي عنصر أساسي في هذا الانشغال ، فمثلاً حين يخاف شيعة العراق من بطش الحاكم السني وتضيق عليهم الأفق يفكرون باللجوء إلى دولة كبرى يستغيثون بها لتعينهم على حاكم بلادهم. كذلك حينما يضيق الأفق بسنة أهل سوريا فإنهم كذلك يستغيثون بالدول نفسها لتعينهم على حاكم بلادهم. وهكذا نتحول إلى مجموعات صغيرة تلوذ بالدول الكبرى هنا وهناك لتحمينا. في الحقيقة نحن قطعة ثريد. الصرخة هي ان نلفت نظر هؤلاء إلى ضرورة الخروج من هذا النفق والخروج من هذه الصراعات والتعالي على جراحاتهم من بعضهم البعض ومحاولة التوحد الذي يدعوهم إليه القرآن الكريم ودينهم الحنيف. صرختنا في هذا الاتجاه. وبالمناسبة فإن أي منصف حين يعود إلى فكرنا السديد وقرآننا يكتشف ان كل الصراعات دخيلة وان كل العناوين والأطر التي تشكل مناخاً لصراع ولقتال هي أطر ومناخات ليس لها علاقة بأصل فكرنا وديننا. من هنا أنا أدعو كل المسلمين والعرب للتفكير جدياً والتمحيص في كل ما يسمعونه ويقرأونه ليميزوا بين الحق والخير وبين الشر والباطل.
في زمن الربيع العربي والثورات الشعبية قد تكون هذه الأيام أيام خير نبني على أساسها دولاً كريمة فاضلة تحترم الانسان وقواعد الحياة وآراء الناس ونلتزم بقوله تعالى وأمرهم شورى بينهم فتبنى ديموقراطيات حقيقية كما أمر الله. ويمكن أن تكون باباً لشر عظيم تحت عنوان صراع مذهبيات كما يلوح في الأفق.
# حصرت الاخطار التي تتهدد الأمة بالخارج، وان هناك صراعاً للسيطرة على المنطقة باعتبارها قلب الدنيا ومخزناً للموارد. وكأن الأرض هنا هي فقط عرضة لتلقي ما يحاك في الخارج. ولكن في المقابل فإن هذه الأرض خصبة للتناقضات بسبب مشاريع إضافة إلى تطورات تحدث منها على سبيل المثال لا الحصر أحداث سوريا التي يعتبرها البعض جزءاً من صراع بين محورين، محور إيران – سوريا – حزب الله الذي يؤخذ عليه انه أيد ثورة مصر وتونس ووقف مع النظام في سوريا مما ولد حساسيات مذهبية..
– لولا ان تكون الأرض مهيأة وفيها قابلية للتدخلات من الخارج لما كان لهذه التدخلات تأثيرات، لكن عندنا نحن فعلاً مشكلات داخلية والبعض منا مستغرق في الفتنة المذهبية ولا يرى من الدنيا إلا مذهبه أو بعض مذهبه ربما بعضهم مسرور لتقاطع مصالح الدول الكبرى مع الفتن المذهبية ويعتبرها فرصته ، من هنا أنا أتحدث عن ضرورة إعادة النظر حتى نحمي أنفسنا من أنفسنا. ونخرج من اخطائنا ونبني مستقبلنا.
فيما يتعلق بموضوع العلاقة مع النظام في سوريا. فأي لبناني لا يستطيع أن يدير ظهره لسوريا بحكم ان الحدود اللبنانية كلها هي حدود مع سوريا ومن أراد أن يعطي ظهره لسوريا سيفتح على الإسرائيليين حتماً. من هنا أياً يكن الحاكم في سوريا يجب أن تكون علاقة اللبنانيين معه علاقة غير سيئة. كنا في الماضي نقول نحن نبني علاقتنا مع النظام السوري لأن سوريا يجب أن تشكل ظهيراً للمقاومة .. وفي المقابل يجب أن نتميز عنها. هناك أخطاء ترتكب في سوريا، هناك ظلم، هناك كثير من الأمور التي لا نقرها ولا يجوز أن نتحمل تبعاتها. وكنا نمد يدنا لبناء علاقات مع الاطراف الأخرى. ومن الامثلة على ذلك ان طرابلس طوقت في العام 1985 من القرن الماضي من قبل الجيش السوري وحلفائه وضربت.
# أيام حركة التوحيد الاسلامي والشيخ سعيد شعبان؟
– نعم. وقد ذهبت يومها إلى سوريا والتقيت ببعض كبار المسؤولين هناك وألححت بضرورة حل المشكلة.
# بصفتك أمين عام حزب الله.
– قبل الامانة العامة، لكنني كنت يومها كبير القوم في الحزب. حاول من التقيتهم في سوريا في البداية أن لا يستجيبوا لطلبـي. ولكن تحت الإلحاح والضغط اتصلوا بالرئيس السوري (حافظ الأسد) ووافق الرئيس. وذهبت إلى طرابلس وجرت محاولات للتهرب ولم يوقفوا القصف، لكنني أصررت ودخلنا إلى طرابلس تحت القصف بعد منتصف الليل، وجئنا بالشيخ سعيد شعبان وبعض ممثلي التيارات هناك وبقينا في دمشق ليومين أو أكثر حتى وضعنا أسس إنهاء المشكلة. فمن جهة لم نخرب علاقتنا بالسوريين والنظام السوري ومن جهة أخرى كنا مع الآخرين رحمة ومنقذين لطرابلس وأهلنا المسلمين هناك.
وقد أحببت لو ان جماعتنا في لبنان وبدون أن يسيئوا إلى علاقتهم بالنظام في سوريا أن يدخلوا إلى حمص المهدمة وإلى درعا وحماه والرستن وحلب.
# كنت تتمنى لو ان السيد نصرالله فعل في هذه المدن ما فعلته في طرابلس عام 1985؟
– إيران تعمل هذا، أو حزب الله يعمل هذا ليصبحوا مقبولين من الجميع. وان يؤدوا فعلاً دوراً حقيقياً دور الغيور المتفاني في سبيل أمته وخيرها. أما الوقوف طرفاً في نزاع فهذا يزيد التأزم خاصة ان هناك سمفونية قديمة عن صراع مذهبـي وعن هلال شيعي، هذا الاصطفاف لا ينفع ويضر الأمة والشيعة بشكل خاص، وأنا قلت مراراً سابقاً ان السياسة المعتمدة من قبل إيران ستنحر الشيعة. بعضهم ربما لم يفهم لكن بتصوري فإن بعض الناس بدأ اليوم يدرك أبعاد ما قلته منذ سنوات. وستأتي الأيام وسيدركون أكثر ويعرفون الحقيقة. علينا أن نعيد النظر بسياستنا، علينا أن نتحالف مع الأمة ومستقبل الأمة ومصالحها. علينا ألا نرتبط لا بأشخاص ولا بمؤسسات ولا بتحالفات آنية، الموضوع أكبر من هذا ومن ذاك بكثير.
# من تقصد بعلينا؟
– الشيعة، المؤسسات السياسية الشيعية وعلى رأسها إيران والسلطة فيها. هذا الاحتدام المذهبـي سينتهي بنا جميعاً حكماً إلى قفص المحميات. لماذا يرى الخليجي ان أمنه مهدد ولا بد له أن يستجير بالصواريخ الغربية لحمايته من أخيه على الشاطىء الشرقي للخليج, وأنا قلت لهم مراراً يجب أن تعملوا لطمأنة الشارع في الخليج, يجب ان يطمئن. ويجب أن نبذل كل جهدنا ليطمئن هذا الشارع إلى اننا نحن اخوانه ولسنا اعداءه. أيعقل ان يخاف المسلم أخاه ويستنجد بالأمم الأخرى وجنودها لحمايته من أخيه. هذه سياسة خرقاء ومدمرة.
# ما رأيك بما يقال حالياً حول ان ما يجري في سوريا سببه موقفها الداعم للمقاومة وكونها جزءاً من محور الممانعة، ولذلك هناك موقف متضامن من قبل حزب الله وإيران مع النظام السوري؟
– لا أعتقد ان أحداً مقتنع بذلك، وحتى من يقول هذا الكلام ليس مقتنعاً به0 ألم يكن النظام المصري البائد حليفاً للإسرائيليين، ألم يكن ألعوبة بيد الأميركيين؟ ومع هذا سقط. وإيران وشباب المقاومة في لبنان يعتبرون سقوط النظام في مصر خدمة لمشروع الصمود والتصدي والمقاومة ، فكيف يمكن أن نجمع ما بين القولين، الحركة في الشام تصبح ضد المقاومة والحركة في مصر مع المقاومة. الأمر ليس كذلك. الشعوب يجب أن تستعيد دورها. يجب أن يصبح المواطن في العالم العربي مواطناً حقيقياً. يجب أن تصبح عندنا ديموقراطيات حقيقية، وان يحاسب المسؤول، إذا قصّر يعاقب وينحى عن السلطة. لا يجوز ان نبقى في هذا الوضع الحاكم عندنا رب يجب أن نعبده صباحاً وظهراً وليلاً، وإذا شك بحماستنا لعبادته يعاقبنا. هذا أمر يجب أن ينتهي. يجب أن يصبح الحاكم أول الخائفين من القانون0 رئيس البلاد. هو المسؤول، يسمى مسؤولاً لأنه يُسأل عن اخطائه. القانون يطال الحاكم قبل الرعية والمواطنين. نحن نثق بشعوبنا وأهلنا في مصر وتونس وليبيا وسوريا ولبنان ولا يجوز أن نبقى ((مغيبين)).
# لماذا إذن حزب الله يتخذ الموقف الداعم للنظام في سوريا إذا أسقطنا فرضية دعم المقاومة؟
– أنا أثق بالكثير من اخواني وأبنائي في حزب الله وأثق بعقولهم وفكرهم وأقدّر فهمهم السياسي وأظن أن القرار ايراني بهذا الموضوع0
تظن السلطة الايرانية أن مصلحتها في الاستنفار المذهبي وهي سياسة الصفويين والقجاريين قديماً لقناعتها بأنه كلّما احتدم الصراع المذهبي تماسكت اللحمة الداخلية وكلما تراخت الصراعات تفككت اللحمة الداخلية وكذلك الأمر في بعض دول الخليج حيث تحكمهم العقلية نفسها والتوجهات الايرانية ويعتبرون أن الصراع المذهبي يجمع الناس حول عروشهم فمصلحة الحكام هنا وهناك في الفتنة ففي ايران معارضة قوية يحتاجون لاسكاتها وفي الخليج شعوب تتطلّع إلى حياة أفضل وإلى العمل بقوله تعالى فأمرهم شورى بينهم لهذا كان للفتنة أنصار وجنود ولهذا تفرض إيران وبعض دول الخليج هذه السياسة على أتباعهما0
# هناك أضرار تلحق بالشيعة العرب إذا صح التعبير نتيجة هذه السياسات؟ بالإضافة إلى رفع الصوت ما هي وسائل مواجهة هذا الواقع؟
– أولاً ليس الشيعة العرب وحدهم هم من يلحق بهم الضرر. الإيرانيون يلحق بهم ضرر عظيم على المدى البعيد. كان يمكن للإيرانيين أن يكونوا جزءاً أساسياً في قيادة العالم الاسلامي وبالتالي تصبح مساحة حركتهم واسعة كما يصبح العالم أمامهم رحباً بينما هم يضيقون الخناق على أنفسهم ويقبعون في الشرنقة. في العالم العربي أيضاً نحن اليوم لا قدر الله إذا اندلعت حرب أهلية في سوريا، ويبدو ان الأمور ذاهبة في هذا الاتجاه، وكل ما يقال اليوم عن ان الحرب الاهلية لن تقع ليس واقعياً. الحرب الاهلية واقعة حتماً وأنا اقول بأن سوريا لن تترك الاّ رماداً. وأسأل الله النجاة من ذلك، وباب عمرو او غير باب عمرو ستتناوب الايدي عليها بين الجيش والمعارضة0
وهذه الحرب لن ننجو منها في لبنان.
# قبل ان نتحدث عن الوضع في لبنان، ما هو بتصورك الحل الممكن في سوريا طالما انك تجزم بأن الحرب الاهلية ستقع حتماً ملمحاً الى ان خطة كوفي عنان لن تنجح، خاصة وان وقف اطلاق النار المعلن تعرض للاهتزاز؟
– لن يصمد وقف اطلاق النار، وانت لا تستطيع ان تقول للشعب السوري لا تطالب بالعدالة والاصلاحات والديموقراطية، بل يجب ان يطالب الشعب السوري.
# وصلت الامور الى حد المطالبة بتغيير النظام؟
– بالمناسبة ألف الاصلاحات هي تغيير النظام، واذا بقي النظام نكون كمن لم يفعل شيئاً.
# يعني انت تدعو الرئيس بشار الاسد الى التنحي؟
– الحقيقة ما يلي: انا لا ادعو الى صيغة محددة، بل انا ادعو الى ان نصل بطريقة سلمية جداً الى نظام ديموقراطي حقيقي، الحاكم ينتخب من قبل الشعب من دون اي زيادة او نقيصة.
# ولكن الرئيس الاسد اعلن عن اصلاحات ودعا الى انتخابات و..
– المشكلة وهي حقيقية، لو ان الرئيس بشار اقدم على هذه الخطوة قبل الربيع العربي كان هو الثقة والمعتمد وعلى الجميع ان يشكره ويمجده، ولكن المشكلة انه اقدم على هذه الفكرة بعد الربيع العربي، يعني هناك لدى الآخرين شك بأن هذه الخطوة جدية او ليست جدية.
واذكر واقعة عن قائد عسكري عربي معروف اعتلى المنبر وارتج عليه الكلام، نزل وبعد الدرجة الاولى قال وان كنت لست خطيب منابر لكني في الحروب خطيب، فقالوا له لو قلت هذا الكلام وانت على المنبر لكنت أخطب الناس.
التوقيت مهم جداً، والامام الخميني في آخر ايام الشاه ورده اقتراح حل من الاخير، يقوم على بقاء الشاه في السلطة ولكن بشكل شبه صوري مقابل احلال الديموقراطية، وقد اعتبر المعارضون وأنصار الامام الخميني ان هذا انجاز عظيم. وذهب وفد منهم إلى الامام الخميني في باريس لإقناعه بهذا الحل، سألهم الامام الخميني: اذا قبلنا ورجع الناس الى بيوتهم وهدأت الاحوال، وبعد فترة نقض الشاه هذا الاتفاق هل تضمنون اذا دعونا الناس ان يخرجوا؟ قالوا: لا، فقال الخميني: كيف نقبل اذن.
لذلك فإن هذا الحل في سوريا يحتاج الى ضمانة لأنه طرح بعد الربيع العربي وبعد التحرك في سوريا أيضاً.
# ماذا تقصد بالضمانة؟
– هناك حاجة الى جهة ضامنة موثوقة من قبل الاطراف، لهذا عندما تطرح فكرة تسليم الصلاحيات لنائب الرئيس السوري فإنني اظن ان الطارحين يفتشون عن علاج هذه الثغرة، المشكلة في التطبيق وضمانه.
# هل لموقفك اليوم علاقة باتفاق علي اكبر ولايتي – فاروق الشرع في دمشق آخر الثمانينيات الذي أنهى الاقتتال بين ((امل)) – ((حزب الله))، وأقصاك عن الامانة العامة للحزب؟
– أولاً أنا حريص جداً في حديثي معك ومع غيرك ان أميز بين موقفي الشخصي وبين المصلحة العامة.
# أنا لا أتهمك بذلك.
– ولهذا فإنني اتجاوز كثيراً من الامور وأسكت عنها حتى لا تستثمر استثماراً في غير محله،
الموضوع الذي ذكرته، موضوع الاتفاق ليس له علاقة بوجودي او عدم وجودي في الامانة العامة للحزب، هذا موضوع مختلف عن ذاك. وبالنسبة لموضوع الحرب في لبنان بين حركة ((امل)) و((حزب الله)) فإنني اقول بين هلالين انه ملف حاولت جاهداً ان أحول من قام بهذه الحرب الى المحكمة وذهبت الى ايران مراراً مطالباً بتشكيل محكمة لمحاكمة الايرانيين واللبنانيين الذين لهم علاقة بهذا الملف، وأظن ان جزءاً من الموقف السلبي او الثمن الذي دفعته هو هذا الموقف الذي اتخذته ولست نادماً عليه لأنني اعتبر ان من أدخلنا في هذه الحرب ارتكب جريمة كبرى بحق المقاومة و((حزب الله)) و((امل)) والشيعة والكل. وأكتفي بهذا المقدار من الحديث في هذا الموضوع.
# قبل ان نتحدث عن الوضع في لبنان اريد ان اطرح سؤالاً افتراضياً وهو لو كنت اليوم اميناً عاماً لحزب الله ما هو الموقف الذي كنت ستتخذه من احداث سوريا؟ وقد تحدثت قبل قليل عما قمت به لدى دخولك الى طرابلس ووساطتك مع دمشق لوقف حصارها والحرب فيها عام 1985. هل كنت ستدخل الى حمص ودرعا وحماه؟
– ندخل مصلحين.
# ماذا كنت ستفعل؟
– أولاً، نحن عندما أسسنا الحزب وضعنا أهدافاً وهي باختصار مقاومة العدو الاسرائيلي، وان نكون رأس حربة وجزءاً من مشروع التحرير للقدس وفلسطين. وفي الموضوع الداخلي اللبناني ان نبني دولة حقيقية تقوم على اساس العدالة والنزاهة وما شابه ذلك، انت قلت انني لو كنت في موقع القرار في حزب الله ماذا كنت ستفعل. وأنا أجيب انه بتقديري مرت فرصة هامة جداً في لبنان كان يستطيع الحزب بأن يبني من خلالها احسن دولة يفخر العالم بها في لبنان، فقط لو كان صادقاً في طرح شعار بناء الدولة النـزيهة.
# في أية فترة مرت هذه الفرصة وأضاعها الحزب أفي العام 2005؟
– نعم، من العام 2005 وإلى اليوم. بعد رحيل السوريين أتيحت لنا فرصة نادرة ضيعناها، واليوم لبنان كما ترون فساد بفساد بفساد.
في الموضوع السوري وفي موضوع العالم العربي ككل، ماذا كان سيضر اخواننا في الموضوع السوري ان يأخذوا موقفاً على طريقة السياسة اللبنانية. ليس النأي بالنفس وانما الخوض في الاصلاح. انا لا اعتقد ان الرئيس بشار الاسد كان سيزعل ويغضب لا بل بالعكس، فهو يطلب ويقول للمعارضة تعالوا لنتحاور ونتفاهم، يعني ان يدخل رديف مساعد ويفتح ابواباً وقنوات للحوار والتفاهم فهذا لا يغضب لا بل بالعكس، هذا ينفع النظام.
# أنت تقصد ان يؤدي حزب الله دور الجسر او الوسيط؟
– يسعى ما استطاع. يتحاور، يدخل على كل اطراف المعارضة، يحاورهم وينقل افكارهم للسلطة وينقل افكار السلطة اليهم ويمكن في لحظة من اللحظات ان تكون الثقة به عالية وان يشكل ضمانة، وان يعلن انه يضمن ان تلتزم السلطة بأجندة العلاج. والمعارضة في سوريا عمودها الفقري معروف ويمكن ان يصل المرء معهم الى تفاهم، وأنا اثق حقيقة بالتيارات الاسلامية المعتدلة في العالم العربي والاسلامي.. وفي سوريا ويمكن ان تصل معهم الى تفاهم. وهم يدركون مصلحة سوريا، هؤلاء ليس من مصلحتهم خراب سوريا ودمارها وقتل شبابها، مصلحتهم بأن يجدوا حلاً في سوريا. فلو قلت لهم انه يمكن ان نصل الى حل حقيقي بعد سنة او سنتين او ثلاث ونصل الى ديموقراطية حقيقية في سوريا فأنا لا اظن انهم سيرفضون. كان امام حزب الله، وكان امام ايران فرصة مهمة لأداء هذا الدور. وما زالت الفرصة قائمة الى الآن وان كانت تضاءلت كثيراً وضعفت كثيراً. فإيران او الحزب لا يمكن ان يشكلوا اليوم ضمانة، لكن فرصتهم للقيام ببعض واجبهم ما زالت قائمة ومفتوحة، ولهذا أدعوهم الى اعادة النظر.
# في المقابل ثمة من يقول ان حزب الله يعيش حصاراً من الخوف، فالتهديدات الاسرائيلية مسلطة فوق رأسه، والمحكمة الدولية بدورها يعتبرها تهديداً له وقد وصفها بأنها اسرائيلية – اميركية، وهناك طبعاً احداث سوريا والانعكاسات السلبية التي قد تصيب الحزب بنتيجتها، وهذه الامور التي يعتبرها الحزب تهديدات تتربص به هي اليوم محرك مواقفه؟ قد يكون الحزب لم يقرأ جيداً حجم التغييرات الهائلة الحاصلة في المنطقة ولكن هذه التهديدات تفرض ربما ان يعمل احد لطمأنته؟ ما رأيك؟
– أحد أطراف الحصار اسرائيل وهي عدو وليس لنا في الامر الاّ الصمود والصبر والمواجهة، في موضوع المحكمة يستطيع حزب الله أن لا يتبنى قضية من سمتهم المحكمة في الاعلام ولا في السياسة وبالتالي لا يزج الطائفة وأحزابها في موضوع المحكمة0
وفي بعض الاحيان تحت عنوان الحفاظ على الحكومة وعدم سقوطها يقدمون تنازلات اكبر بكثير من التنازلات التي يمكن ان يقدموها في موضوع المحكمة وينتهوا من المشكلة مع آل الحريري.
الذي يكون في وضع المهدد كما تذكر، اي في وضع التهديدات الاسرائيلية والمحكمة والوضع المتفجر في سوريا، عليه ان لا يشد الحبل المربوط حول عنقه. الحل في ان يفكفك عقد الحبل عن عنقه. من هنا فإنني حين ادعو الى علاج المشكلات الداخلية في لبنان وأدعو الى تنازلات فمن اجل ان نفك الحبل عن أعناقنا. وحينما ادعو الى موقف وسطي بالحد الادنى في سوريا وإلى التحاور مع المعارضة والسلطة حتى اذا جاءت سلطة قادمة تبقى علاقتنا بها حسنة كما كانت علاقتنا بالسلطة الماضية حسنة. هذا هو الطريق الصحيح، وليس الطريق الصحيح في ما نفعله بأن نزداد اصراراً على موقف يضيق علينا الافق.
# في موضوع المحكمة ما المطلوب من حزب الله؟ هل المطلوب منه تسليم المتهمين الاربعة؟
– اعتقد انه يكفي حزب الله ان يقول بأن هؤلاء اذا كانوا من حزب الله فإن الحزب ألغى عضويتهم. فأنا لست مسؤولاً عنك في كل ما تفعل، فإذا ارتكب ضابط او جندي في الجيش اللبناني عملاً ما او اتهم بارتكاب عمل ما، هل نحول الجيش كله الى المحكمة، والجيش سيقول اذا كان مذنباً ليس لي علاقة به.
والحقيقة انه اذا لاحظنا موضوع المحكمة نجد ان ضرره على حزب الله والمقاومة وشريحتها اكبر بكثير من ضرره على آل الحريري ومحازبيهم. فآل الحريري ومحازبوهم خسروا أباهم وقائدهم لكن المحكمة حولتنا الى قتلة وارهابيين ومجرمين وحولت سلاحنا الى سلاح غير مقاوم وشريحتنا شريحة متهمة. وهذه كارثة، ولهذا فإن مصلحتنا ومصلحة حزب الله ان يفتش عن القتلة ويعاقبهم ويطاردهم قبل ان تطاردهم المحكمة الدولية وآل الحريري لأن الاضرار التي لحقت به اعظم بكثير من الاضرار التي لحقت بأي طرف آخر.
# اذا اردنا ان نجري مراجعة سريعة لتجربة الحزب منذ تأسيسه وحتى اليوم، ماذا تقول في هذا الصدد ماذا تغير. اشرت الى ثلاثة مواضيع انتقدت موقف الحزب ازاءها وهي احداث سوريا والمحكمة الدولية وتحول مشاركته في السلطة حالياً الى عبء عليه، ماذا تقول في العام 2012 عن هذه التجربة؟ واين نحن اليوم من حزب الله لحظة تأسيسه؟
– عادة يتم تقييم الامور على ضوء الاهداف والنتائج، الاهداف كما قلت هي مشروع المقاومة. ومشروع المقاومة انتهى عام 1996.
# عام 1996؟ قبل التحرير عام 2000؟ تقصد مع تفاهم نيسان/ ابريل في العام المذكور؟
– طبعاً، تفاهم نيسان هو محور اساسي قد يمر الناس عليه مروراً بلا اكتراث، ولكن الحقيقة هو محور اساس. واستمرار المناوشات 4 سنوات والعمليات 4 سنوات بين عامي 1996 و2000 هو نتيجة تعطيل السوريين للانسحاب الاسرائيلي، ونحن منذ ذلك الزمن خرجنا عن دورنا. ومن العام 2006 وحتى اليوم نحن منشغلون بحرب داخلية، نحن لا نفكر نهائياً في الموضوع الاسرائيلي نحن منشغلون بالصراع حول السلطة والمحكمة والسنة والشيعة والتعيينات وغرقنا غرقاً قبيحاً في هذا الميدان، هذا على مستوى المقاومة ، أمّا على مستوى الداخل لو أنهم بعد خروج السوري رفعوا بشكل جدي وحقيقي شعار دولة القانون والعدالة والنزاهة ومحاربة الفساد ولم يقبلوا إلا بأصحاب الأكف النظيفة كان سيجمع الشعب اللبناني على دعمهم وسيصبحون سادة البلد وسلاحهم ضمانة للعدل والقانون ولن يقبل الشعب أن يصل أي حاكم أو وزير إلى السلطة إذا لم يوقع حزب الله على سجل نزاهته0
وأما اليوم المقاومة ليست مقاومة وسلاحها لا يخافه الاسرائيلي وإنما يخافه اللبنانيون وقد يخافه المواطن السوري0
اليوم اسوأ نظام لبناني هو هذا النظام القائم من حيث تفشي الفساد والرشوة والدمار والضياع والاضطراب الامني. نحن اليوم ابتعدنا كل البعد عن مشروع حزب الله وبتنا في خدمة نقيض مشروع الحزب.
# أذا أردنا ان نتحدث عن الوضع في لبنان، تحدثت قبل قليل عن حرب حتمية ستقع في سوريا وان هناك ملحقاً لبنانياً لهذه الحرب اي ان هناك حرباً اهلية مماثلة، بناء لأية معطيات تستند في توقعك أو مخاوفك؟
– قراءتي السياسية للوضع في سوريا انها ذاهبة الى حرب اهلية حقيقية مدمرة. ونحن في لبنان في سوريا ولسنا خارج سوريا. الذي يمنع الحرب في لبنان عدم وجود سلاح لدى احد الطرفين، وحينما تحصل حرب حقيقية في سوريا وتمتلك المعارضة سلاحاً قوياً سيصبح هذا السلاح وحامله في لبنان وظروف البلد مناسبة تماماً للفتنة0 حتى اليوم ليس في لبنان من يعمل لمنع هذه الحرب.
منع الحرب يحصل بردم الخلافات القائمة بين الاطراف اللبنانية لتعود هذه الاطراف لحمة واحدة. بهذه الطريقة فقط نمنع الحرب.
# هل يمكن الاحتكام الى الانتخابات النيابية المقبلة كإحدى وسائل تجنب هذه الحرب؟
– كيف.
# من يربح يحكم.
– هذا تبسيط متواضع جداً، نحن نعرف ان موضوع الانتخابات في لبنان، والديموقراطية اللبنانية قائمة على تجييش الاوضاع المذهبية، الامر له علاقة بأوضاعنا الاقليمية من ايران الى العراق وسوريا والسعودية.. الخ اضف الى الاطراف الدولية القائمة، وموضوع الانتخابات لا يقدم ولا يؤخر في لبنان.
# أريد ان أوجه أسئلة سريعة عن علاقتك مع عدد من الشخصيات والاطراف وأتمنى اجوبة سريعة؟
– بالمناسبة ليس لي علاقات.
# تفضل عدم الاجابة؟
– أنا بطبيعة وضعي الحالي بعيد عن الميدان.
# اترك الكلمة الاخيرة في هذه الحلقة حول عنوان هذا المحور من الحوار ((الشيعة العرب والربيع العربي))، ماذا تقول؟
– انا لا ارغب باستخدام كلمة الشيعة العرب، لا ارغب بأن نزيد التمزق بين شيعة عرب وغير عرب ونقسم انفسنا الى اجزاء صغيرة. اتحدث عن المسلمين عموماً شيعة وسنة وأطالب الجميع والاحرار من غير المسلمين ايضاً العمل لدرء المخاطر، والعمل ليس بالتمني وليس بالتنظير، وإنما بالعمل على كل الصعد لتشكيل جمهور ناشط يؤمن بالوحدة حقيقة ويعارض الفتن والتمذهب ويشكل قوة ضغط على كلّ الأطرف لوقف مهزلة الصراع المذهبي0
يتبع
=================
2
الامين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)) ((2)):ولاية الفقيه بدعة وخامنئي غير مؤهل ويستخدم لغتين

ولاية الفقيه غير عملية فقهياً وعملياً ومن الخطير وضع الامور بيد شخص لا يحاسب
مشكلة الشخصنة تعاظمت في ايران الى درجة خطيرة
دور مجلس الخبراء في ايران تحول دور التهريج والتصفيق
بأي حق قتل خامنئي المحتجين وما فعله هو من أشنع الجرائم
خامنئي ليس مؤهلاً ومن حوله يتصرفون من دون علمه وانتحار سعيد امامي يؤكد ذلك
يريدون من الناس الطاعة العمياء والخطير انهم يروجون لفكرة ان من اختاره الله لا نعرفه الاّ بالانتخابات
لا أقبل ان أكون عميلاً لأحد والايرانيون حاولوا فرض طاعتهم العمياء ولما فشلوا فتشوا عمن يطيعهم
نحن في عصر الخرافات والبدع وعلى أهل الرشد والعقل عدم الخوف من البندقية
عندما كنت أميناً عاماً كان لي اشكالاتي مع ولاية الفقيه
الخميني كان يتحرق من اجل الوحدة الاسلامية وخامنئي كان يتحدث عن قادة العالم الاسلامي الذين قصدوه لقيادتهم في مواجهة اميركا بطريقة غير مناسبة وسلبية
عرفت خامنئي وديعاً وخلوقاً ولكن للكرسي امراضاً فتاكة
خامنئي بدا مرتاحاً للوجود الاميركي في المنطقة بعد حرب الكويت
الخطير ان كبار معاوني خامنئي يأمرون بقتل الناس وهو لا يعلم
ما تجنيه ايران من حزب الله أهم بكثير من مئات المليارات من الدولارات
أجرى الحوار زين حمود
في الحلقة الثانية من الحوار المطول مع الشيخ صبحي الطفيلي، ثمة محاكمة يجريها الأمين العام السابق لحزب الله لنظرية ولاية الفقيه، في المبدأ وفي التطبيق، مستنداً إلى ما يعتبره أدلة وبراهين من تجربة إيران في هذا المضمار الممتدة منذ العام 1978 وحتى اليوم وهي تجربة كان الطفيلي في مراحل سابقة جزءاً منها قبل ان يخرج أو يتم إخراجه من قلبها قبل 14 عاماً.
في الحوار.. المرافعة ضد ولاية الفقيه يستل الطفيلي سيفاً متعدد الرؤوس، أو رشاشاً متعدد الفوهات، بينها الفقهي وبينها السياسي وبينها الأمثلة من أرض الواقع في إيران وكل أرض وجماعة استظلت بولاية الفقيه، ليصدر كما يبدو واضحاً أحكاماً مبرمة وحاسمة ونهائية بحق هذه النظرية ورجالاتها وتطبيقاتها.
وهذا نص الحوار في حلقته الثانية:

# من المواضيع التي أثارت جدلاً في السنوات الأخيرة موضوع ولاية الفقيه. هذا الموضوع أخذ أكثر من بعد خلافي إن كان على المستوى الفقهي بين أوساط الشيعة أو على مستوى الخلاف السياسي والفقهي بين المذاهب الاسلامية، أين الشيخ صبحي الطفيلي بالنسبة لهذا الموضوع الأساسي؟
– أولاً: هذا الموضوع هو موضوع فقهي بشكل أساسي، والحديث عنه يجب أن يكون تحت هذا العنوان قبل كلّ شيء، موضوع السلطة والولاية أخذ حيزاً واسعاً في الساحة الاسلامية عبر العصور, والاختلاف كان شديداً مع وفاة رسول الله (ص)، وطبعاً هذا الموضوع من الموضوعات التي عمل عليها الحكام. بحكم مواقعهم وحاجتهم لرأي فقهي يدعم مواقعهم.
من يضع يده على السلطة بالقوة يحتاج إلى من يغطيه شرعاً، فيأتي بمن يشتريهم ليفتوا له بشرعية سلطانه، والحاكم الذي استطاع أن يصل إلى السلطة بوسائل أخرى أيضاً بحاجة إلى من يغطيه، حتى الحاكم الفاسق والفاجر استطاع أن ينتـزع من كثير من الفقهاء فتاوى تقول انه لا يجوز الخروج على الخليفة أو الأمير حتى لو كان فاجراً، فاسقاً، عابثاً إلى النهاية.
والمستعرض لآراء العلماء في هذا الميدان يرى ما شاء الله من فتاوى وآراء تصب في متاهات واسعة.
# لو سمحت لي، لا نريد أن نتكلم عن العلاقة بين الدين والحاكم. نريد التكلم عن ولاية الفقيه. قبل الإمام الخميني، كانت ولاية الفقيه مجرد نظرية أطلقها الشهيد الثاني ولم تطبق أو لم يعمل بها إلى ان جاء الإمام الخميني؟
– بداياتها مع بدايات العصر الصفوي، كانت وما زالت فكرة متواضعة وغير دقيقة، وليس لها أنصار بين الفقهاء من أهل الشأن والاعتبار. نعم مع قيام الثورة الاسلامية أخيراً في إيران وتبني سماحة السيد الخميني رحمه الله لها صار لها شأن إعلامي وسياسي وانتشرت في الوسط الشعبي الداعم للسيّد رحمه الله0
وهي فكرة لا تقوم على أساس فقهي متين وليس لها ما يدعمها لا في القرآن الكريم ولا في السنّة الشريفة، ويحاول المتمسكون بها دعمها برواية ليس لها أي علاقة بموضوع السلطة تُعرف هذه الرواية مقبولة عمر بن حنظلة وتوصيف الرواية بأنها مقبولة يعني أن في سندها خدشة لكنّها مقبولة تقول الرواية سألت أبا عبد الله (ع) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فكيف يصنعان؟ قال: ((ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً)).
يحاول بعض الفقهاء أن يفهم من كلمة ((فإني قد جعلته عليكم حاكماً)) أي جعلته سلطاناً وأميراً وهو فهم غريب لا يمت إلى العربية بصلة0
من الواضح أن الرواية أجنبية عن هذا الفهم ومصطلح كلمة حاكم لا يستخدم في لغة الروايات بمعنى السلطان وينحصر معناه عندهم في القضاء0
ويستند هذا البعض أيضاً إلى السيرة العقلانية في رجوع العقلاء في كل فن إلى أهله فهم يرجعون في أمراضهم إلى الأطباء وفي البناء إلى المهندسين كذلك يجب أن يرجعوا في سلطانهم إلى الفقهاء لأنّهم أصحاب اختصاص بالشريعة وأحكامها والآية الكريمة تقول (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
إن مفاد السيرة العقلانية والآية الكريمة في هذا الميدان الرجوع إلى أهل الفقه وسؤال أهل الذكر – ليس لهما علاقة بالسلطة والادارة قد يكون أبعد الناس عن معرفة الشريعة أكثر الناس خبرة بالحكم والإدارة وأفقه الفقهاء ولا يحسن في الإدارة شيء ولو كانت السيرة العقلانية كما يقول هؤلاء لجعلتها الأمم شرطاً بالمرشحين لادارة البلاد وفرضت أن يكون المرشح فقيهاً بالقانون ويمكن القول أن السيرة العقلانية تناهض ولاية الفقيه0
ثم حين أراد المشرعون في طهران أن يسنوا قانوناً لولاية الفقيه لم يجدوا صيغة إلا العودة إلى ولاية الأمة حينما أناطوا نصب وعزل الفقيه بمجلس الخبراء المنتخب من الأمة وهذا القانون بالدقة الفقهية إلغاء لولاية الفقيه0
# ولاية الفقيه من هذه الجهة فقهياً وعملياً كما قلت، هي غير عملية؟
– وفي المقابل يذهب جل الفقهاء إلى ولاية الأمة التي ينص عليها القرآن الكريم والسنة الشريفة.
والأدلة من القرآن الكريم كثيرة منها آية (وأمرهم شورى بينهم) وكما هو معروف فإن شأن السلطان من أهم أمور الأمة0
وآيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المخاطب بها كل البالغين رجالاً ونساء والروايات المتواترة التي تتحدّث عن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وروايات الساكت عن الحق شيطان أخرس وكلّكم مسؤول عن رعيته وكلمة حقّ أمام سلطان جائر خير من عامة الصلاة والصيام0 بحكم القرآن والسنّة لا يجوز للأمة السكوت على الظلم والجور ويجب عليها أن تعمل لإقامة العدل ولو بعزل الحاكم الجائر قال الله عزّ وجل ((كونوا قوّامين بالقسط)) الخطاب للأمة بإقامة القسط والعدل0
فإذا كنت أنا مأموراً بإقامة العدل وانت كنت مأموراً بإقامة العدل كيف أقيم العدل، وأنا لا يجوز لي أن أغيّر وان اعزل سلطاناً وأنتخب آخر0
# لكن هناك تطبيقات اليوم فنحن شهدنا منذ 1978 حتى 2012 أول تطبيق في التاريخ لهذه النظرية، إذا أردنا ان نقيّم التجربة أين أخفقت وأين أصابت؟
– أما فيما يتعلق بسؤالكم الكريم، فطبيعة وضع الأمور بيد شخص يستطيع أن يتفلت من المحاسبة طبيعة خطرة، فإذا كان لهذا الشخص هوى وكل الناس عندهم أهواء. وكان لا يستطيع أن يلجم هواه ستكون أمور الأمة عرضة للظلم وللضياع وللفساد وهذا ما نبتلي به في عالمنا، لهذا نحن اليوم نطالب برقابة المجتمع لأنه الضمانة الوحيدة بيد الشعب في وجه الطغيان الحاكم0
الامم اليوم عندها مؤسسات حزبية وإعلامية ونقابية وثقافية وبرلمانية تمارس الرقابة وتسلط الاضواء على الحاكم وتمنعه من التجديد لأكثر من مرة واحدة.
عندنا في إيران، تعاظم أمر هذا المشكل أي الشخصنة، إلى درجة بات يشكل منحى خطراً جداً.
قرأت على اثر الاحتجاجات في الفترة الماضية في إيران، بياناً لمجلس الخبراء المكلف بتقييم الولي الفقيه، يقولون فيه لا نجد في إيران من هو أفضل من القائد واستغربت هذا جداً. كان يمكن لهم أن يذكروا انه لم يخطىء، أحسن الاداء، ليس لدينا عليه اشكالات، أي ان يجروا تقييماً مقبولاً، وهم المفترض أنهم الطبقة الأولى وليسوا من أهل التهريج والتصفيق 0
هؤلاء غير مؤهلين. مجلس الخبراء ليس مؤهلاً لهذا الموقع حينما يكون دوره دور التهريج والتصفيق. أيعقل ان يصدر عن مجلس خبراء شأنه ان يعزل ويعين السلطان بياناً كهذا؟ نعم يُعقل هذا في ظل ولاية الفقيه0
# برأيك سقطت نظرية ولاية الفقيه على أرض التطبيق وعلى أرض الواقع؟
– أكثر من هذا، بعد أن جرت في طهران الانتخابات الرئاسية ادعى فريق انه وقع تزوير، وهذا الفريق ليس فريقاً مجهولاً. هذا الفريق سراة القوم. مير حسين موسوي من كبار رجالات إيران ومعتمد الإمام الخميني لسنوات طويلة. وكان رئيس الوزارة وبيده السلطة الأساسية الإدارية، حكم إيران خلال الحرب في أصعب مراحل الادارة. والشيخ مهدي الكروبي من أكرم الناس وأفضلهم والشيخ هاشمي رفسنجاني أشهر من أن يعرف، هؤلاء رؤساء المعارضة، إذن الجزء الأهم من أركان النظام معارضون، أضف إلى جمهورهم الطويل. في الحد الأدنى إذا كان لدي قليل من الانصاف أشكل لجنة حيادية يقبلها الطرفان. ويصدر عن هذه اللجنة بعد التحقيق توصية.
# تقصد ان السيد الخامنئي كان يجب أن يشكل اللجنة؟
– نعم، السيد الخامنئي وهذا مفترض، ان يشكل لجنة حيادية مقبولة من الطرفين تحقق في موضوع الانتخابات. أما انه حينما يحتج الناس ويخرجون إلى الشارع، تقتلهم فبأي حق تقتلهم؟ بأي شرع تقتلهم؟ بأي دين تقتلهم؟ اعترض عليّ بلسانه، لم يخرج عليّ بسلاحه، فلا يجوز لي أن اقتل. هذا القتل جريمة من أشنع الجرائم، من هنا أقول بأنه إذا كنت ملتزماً بالشرع الشريف لا يجوز لك أن تفعل ما فعلت في طهران.
# حسناً، هذا على مستوى تداول السلطة ضمن سقف ولاية الفقيه، لكن هناك مشكلات جمة، هناك تهديدات ضد إيران، موقع إيران، صورة إيران في الخارج، هناك امتداد إيران بالعالم الاسلامي، هناك أيضاً الواقع الاقتصادي والاجتماعي الداخلي، هناك العلاقة أي إما ان تكون إيران في عزلة أو لا تكون، يعني ضمن هذه المروحة من المواضيع أين مكامن الفشل وأين وجوه النجاح؟
– اللطيف انهم شكلوا لجنة لدراسة مسألة التزوير من طرف واحد، وتبين لدى هذه اللجنة ان المعارضة زورت وأخذت أصواتاً لرئيس الجمهورية ، أتحدث أنا عن المصداقية، عن المناقبية، عن الصدق، لأن الحاكم بحاجة جداً أن يكون واضحاً ومحل ثقة، أن يكون صادقاً قبل العدل، أن يكون محترماً، هذه التصرفات تسقط هيبة واحترام الشخص. أما الموضوع الذي تحدثت عنه فللأنصاف حتى لا نذهب بكلامنا لجهة واحدة، إيران تعرضت بعد قيامها مباشرة لحملة عسكرية بدون مبرر.

قصة سعيد امامي
# من العراق صدام حسين؟
– بدون مبرر، احتلت أرضها وصار هناك تعاون دولي وإقليمي على محاربتها، دمرت إيران في تلك الفترة، وكانت يومها في وضع صعب جداً، لحقت بها أضرار وخسائر عظيمة جداً. للأسف الشديد، استخدمت لغة المذهبية، واستنفرت المذهبيات بطريقة مزعجة جداً، لمواجهتها.
ولهذا يمكن لقائل أن يقول اليوم أن إيران تقوقعت على نفسها، كردة فعل لذلك العمل الذي ارتكب بحقها. طبعاً، ليس من حقهم أن يتقوقعوا ، لأن خطأ الآخرين لا يبرر أن أرتكب خطأ، لكن أذكر انه من الممكن ان بعض هذه الأمور دفعت إيران إلى هذا المكان.
على أي حال، إيران كان باستطاعتها أن تكون مثلاً أعلى أو من المثل الكبرى في كثير من الأمور. الإمام الصادق يقول ((كونوا لنا دعاة صامتين)). كنا نتمنى أن تكون إيران داعية صامتة، سلوكها يجذب الناس إلى الإسلام، يجلب الناس إلى هذا النمط من السلوك. الأمر الذي لم يحصل . اليوم في إيران قمع للحريات. وقعت أمور لا تجد لها تفسيراً في دائرة المعقول، منها مسألة سعيد إمامي، وكيل وزارة الأمن، وقعت في أيامه اغتيالات وقتل لمفكرين، وقعت جرائم مرعبة في وسط طهران أدت إلى اضطراب أمني وخوف شديد، دفعا بالسيد خامنئي أن يصعد إلى المنبر يوم الجمعة ويقول ان من يفعل هذه الأفعال هم عملاء أميركا. سعيد إمامي يبدو انه استغرب هذا الكلام لأن وزارة الأمن من تقتل، ذهب إلى مكتب القائد وقال: سيدي نحن من قتل هؤلاء أخذنا الأوامر من مكتبك من فلان وفلان. سمى له اثنين من كبار معاونيه. والقضية معروفة، بعد ثلاثة أيام قيل انه انتحر. هذه القضية لا تحل أو تعالج بانتحار من أفشى الأمر. هذه القضية إن كنت أنت وراءها وذهبت إلى المنبر تقول فعلها العملاء فهذا أمر عظيم، وإن كان من حولك يجرؤون على أن يفعلوا بالبلاد ما يفعلون دون علمك فأنت لست في المكان المناسب. وقصة السجن التي تبين أنه ترتكب فيه أقبح الاعمال المنكرة بحق معتقلين سياسيين. وقيل ان المدعي العام الذي له علاقة بهذه القضايا وبهذا السجن حوّل إلى التحقيق. إضافة إلى أمور كثيرة، هذه وقائع تعني الكثير لمن يهمهم الأمر.
# من يحكم إيران اليوم؟
– رئيس الجمهورية عادة هو إداري. وتعبير إداري تعبير دقيق، هو ليس له علاقة بالشؤون السياسية العامة إن كانت خارجية أو أمنية أو ما شابه ذلك.
السلطة المطلقة هي لولي الفقيه، هذا بالشكل. واليوم نسمع عن ترويج لفكرة ان الانتخابات كاشفة عن الشخص الذي يريده الإمام لهذا الموقع وليست معينة له0 هذه اللغة استعملت من قبل خلفاء بني العباس وبني أميّة لإعطاء موقع رباني لصاحب المكان.
# في هذا السياق يحكى انه هو نائب الإمام؟ ما رأيك بهذا؟
– نائب الإمام يعني ان الإمام قال.. لا هنا الأمر متطور أكثر، تقول الفكرة أنه يوجد بين الناس من اختاره الله لا نعرفه إلا بالانتخابات0 الانتخابات تكشفه لنا يعني سلطته من الله وليس من أصوات الناخبين والاعتراض عليه في أي أمر إعتراض على الله وما علينا إلا الطاعة0
في إيران هناك نوع من التسويق لهذا التوجه. علينا أن نكون عقلاء ونعود إلى الأرض ونقف على أقدامنا ونبني دولنا ونحترم مواطنينا وشعبنا وأهلنا حتى تستقيم أمورنا.
# إذا أردنا أن نوصف هذا الواقع وكأننا دخلنا في عصر البدع والخرافات من جديد ضمن إطار فرض هذه الطاعة العمياء على الاتباع والمريدين؟
– نحن في معمعانها منذ زمن، نحن في وسطها منذ زمن، أنا أطالب أهل الرشد وأهل العقل وأهل الفهم ان يفكروا قليلاً، أن يرفعوا الصوت قليلاً ان لا يخافوا البندقية أن لا يرهبهم الأمن أو ما شابه ذلك.
وكذلك الاموال، والاموال موضوع آخر.
وأنا أتحدث عمن يخاف السيف أما من تشتريه الأموال فلا تستطيع أن تتحدث معه. نحن بحاجة حقيقة إلى ربيع إسلامي في إيران وباكستان وفي العالم العربي والإسلامي عموماً.
# أي تدعو إلى ربيع إسلامي بعد الربيع العربي؟
– قبله أو بعده، هذا من الأمور المستعجلة، نحن بحاجة إلى حكم إسلامي عادل، يقوم على إرادة الشعب، الله جعل السلطة للأمة علينا أن نلتزم بهذا الأمر. لا يجوز لنا تحت اي عذر أو عنوان أن نتهرب من هذه الحقيقة الصريحة الواضحة. أقول هذا والجميع يعرف ان هذا الأمر هو كما اقول.
# اسمح لي بسؤال عنك في هذا الاطار، حضرتك كنت أميناً عاماً لحزب الله وحزب الله يلتزم بولاية الفقيه هل كنت في ذاك الوقت أو هل كان رأيك موازياً لرأيك اليوم، يعني نلاحظ ان هناك ثورة من قبلكم على النظرية بالمبدأ والتطبيق؟
– أولاً أنا في الفترة الماضية كانت انشغالاتي كثيرة لم تسمح لي بإنضاج الجانب الفقهي في كثير من الأمور، طبعاً اليوم صار لي في بيتي 14 عاماً تقريباً صار لدي الوقت الكافي لأبحث وأقرأ وأفتش وكثيرة الأمور التي لم يكن لي فيها رأي بات لي فيها رأي.
# بعد التبحر؟
– طبيعي لا يعني هذا انه لم يكن لي رأي البتة، في هذا الموضوع.
كانت لي اشكالاتي، كانت لي رؤياي، لكن كنت وأنا في ذاك الزمان قديماً أؤمن ان هذا الأمر يحتاج إلى بحث وإلى مزيد من التمحيص فلا يكفي ان أحكم على القضايا دون أن أتتبع ودون أن أمحص الأمور. اليوم أتحدث بعد التمحيص، لهذا باتت الفكرة فكرة واضحة ناضجة كاملة حسب وجهة نظري ولا يعني هذا ان وجهة نظري على صواب ممكن ان أكون مخطئاً، لكن في الأخير أنا مكلف بوجهة نظري.
# هل يمكن ان الاشكالات التي كنت تراها مع هذه النظرية هي التي أدت الى ابعادك او كان المطلوب طاعة عمياء بكل المجالات وطبيعة شخصيتك ترفض هذا الامر: يعني هل ادى هذا الامر دوره في هذا السياق؟
– بطبيعة الامور انا لا اقبل ان اكون عميلاً لأحد أياً يكن هذا الاحد. الايرانيون حاولوا جاهدين ان يفرضوا طاعتهم العمياء وحينما عجزوا راحوا يفتشون عمن يطيعهم وهذا شيء طبيعي وهناك محطات كثيرة جداً تحكي وقائع تفصيلية لهذا الامر.
# هل يمكن ان نعرض لجزء منها او احداها – المرة الماضية تكلمنا عن حرب ((حزب الله)) وحركة ((امل))، ودعوتك لمحاكمة المسؤولين عنها، وكان هناك لغز سائد حول موقفك. هل كان هناك محطة اخرى لها علاقة بطبيعة ادارة الحزب؟
– هناك محطات كثيرة جداً ومؤلمة جداً لكني الى الآن لم افكر ان انشرها.

ولاية الفقيه بين الخميني وخامنئي
# اذا عدنا الى الموضوع الاساسي ولاية الفقيه نفسها مرت عبر مرحلتين مرحلة الثورة وانتصارها مع الامام الخميني ومرحلة السلطة وبناء الدولة الحالية مع السيد الخامنئي، اذا اردنا ان نحاكم او نجري مقارنة، ما الذي تغير من ايران الخميني الى ايران الخامنئي؟
– في ايران الخميني، الامام طرح نفسه وحدوياً واسلامياً وحاول جاهداً أن يفتح أبواباً وقنوات على المسلمين عموماً. اذكر في بعض الجلسات مع نجله السيد احمد رحمه الله انهم كانوا يتألمون كثيراً من عجزهم وعدم قدرتهم على التواصل مع علماء المسلمين والوجوه السياسية المؤمنة.
اذكر انه بعد غزو صدام للكويت كنت في سفر الى ايران وفوجئت في الفندق بمجموعة كبيرة من كبار وجوه المسلمين في العالم الاسلامي من الاردن، من فلسطين، تونس، ومن مصر. كبار وجوه المسلمين الذين كان يتحرق الامام الخميني لحوارهم ومفاتحتهم. وسررت جداً.
# في أي سنة؟
– في 1990 وكان الامام الخميني متوفياً بعد غزو صدام للكويت، واعتبرت ان هذا انجازاً اخيراً ايران ستجلس إلى طاولة واحدة مع باقي المسلمين. والمسلمون هؤلاء هم الاغلبية اليوم في مصر وتونس، من جملتهم كان الغنوشي من تونس زعيم حزب النهضة.
سألتهم يومها عن سبب حضورهم، قالوا الحقيقة نحن في وضع صعب والاميركيون في المنطقة ولم نجد حلاً لمشكلتنا الاّ ان نجتمع ونطلب من ايران والخامنئي ان يقود هذه المرحلة ونحن في خدمته. تناقشنا في بعض الامور وكان هناك بعض النقاط دار الحديث حولها لم تكن نقاطاً خلافية كانت من الأمور التي تحتاج لتوضيح. فرحت جداً وسعيت ان ألتقي السيد الخامنئي قبل ان يلتقوه وأتحدث معه حول مشروعهم لأنني اعتبرت ان هذا الانجاز تحقق ولو بعد حين وان العالم الاسلامي سيلتقي وسيكون يداً واحدة والى النهاية. للأسف الشديد حينما التقيت السيد الخامنئي كان عنده بعض كبار المعممين داخل ايران وكان يتحدث معهم عن هذا الامر بطريقة غير مناسبة وسلبية جداً0
استغربت وفوجئت بهذا الموقف ووجدت نفسي في واد وهو في واد ووجدت انه لا فائدة من الحديث مع هذا الرجل هذا الرجل في عالم آخر مستغرق في مكان آخر ويبدو مرتاحاً الى الوجود الاميركي في المنطقة.
هذه من العلامات وهناك علامات كثيرة أفزعتني0
# رغم الخطاب المعلن المعادي للولايات المتحدة؟
– نعم رغم هذا.
# يعني هناك لغتان برأيك؟
– نعم هناك لغتان.
# هل يمكن ان تتحدث عن شخصية الخامنئي كما عرفته؟
– قبل ان يكون حاكماً، كان معمماً، وديعاً، خلوقاً، هادىء الطبيعة، لين العريكة.
# تربطك علاقة شخصية من قبل به؟
– هو كان في السلطة وكان في مواقع من السلطة كان رئيس جمهورية لكن الظاهر ان للكرسي امراضاً وواضح انها امراض فتاكة.
# ولكن هل ترد هذا السبب للخامنئي نفسه او للمحيطين به؟
– الحاكم صفاته الاساسية ان يكون له هيبة وسلطان لدى معاونيه وحاشيته ومن يحيطون به. اولى صفات الحاكم يجب ان يكون له هيبة وسلطان على كل من يحيطون به وعلى حاشيته.
# أليس للسيد الخامنئي هذه السلطة حسب رأيك؟
– الظاهر ان أعوانه لا يتهيبونه.
# من تقصد تحديداً؟ حتى لا يبقى الكلام في العام يحكى عن الحرس الثوري بشكل عام وهناك تسميات محددة؟
– اقصد من في مكتبه، معاونوه الاقربون، هذه نقطة مخيفة. اذا فرضنا انه لا يعلم موضوع سعيد امامي وانا أميل الى انه لا يعلم، تصور ان كبار معاونيه يأمرون بقتل الناس وهو لا يعلم، هذه الجرأة عليه من معاونيه وصلت الى حد انه غير موجود، هذا أمر خطير جداً. هكذا شخص لا يجوز ان يتولى شأن يتيم فضلاً عن أمة.

حزب الله وولاية الفقيه
# قبل ان نتكلم عن مستقبل ولاية الفقيه في ايران بعد ان تحدثنا عن ولاية الفقيه ماضياً وحاضراً هناك تطبيقات لولاية الفقيه خارج ايران ومنها لبنان، يعني اذا أنتم حكمتم عليها بالفشل داخل ايران فماذا عن لبنان خاصة ان البعض ذهب باتهام حزب الله بتسميته حزب ولاية الفقيه؟
– لا اشكال ان حزب الله ممول من ايران، والمقولة الشهيرة ((من بيده المال بيده السلطة))، بغض النظر عن ذلك فإن اي حزب، مثلاً البعث السوري هو مجموعة من الناس يأتمرون بأمر السلطة السورية، واي حزب آخر يرتبط بجهة تموله. مثلاً تيار ((المستقبل)) ايضاً ملتزم بالجهة التي تموله وهكذا كل جهة، وهذا طبيعي، اذا رفضت الطاعة سيقطع عنك التمويل، ان لم يستطيعوا استبدالك بمن يطيع، وهذا ليس له علاقة بولاية الفقيه او غيرها، هذا له علاقة بطبيعة العلاقات البشرية.
# ولكنها سياسات دولة وهناك وظائف معينة، ماذا تريد السلطة في ايران من خلال هذا التمويل وهذا الدعم؟
– اي سلطة في الدنيا واي جهة لا تتردد في ان تفعل ما تفعله ايران اذا وجدت فئة من الناس تأتمر بأمرها. هذا مكسب، تنفق القليل وتجني الكثير، عندها مجموعة في مكان ما تستطيع ان تستثمرها.
اليوم لبنان بحكم مكانه وطبيعته ووجوده قرب الحدود مع الكيان الاسرائيلي، من لديه مجموعة بحجم مجموعة حزب الله يجني فوائد هامة جداً، اهم بكثير من مئات المليارات من الدولارات.
يتبع

==============
3

الامين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)) ((3)): الربيع العربي سيمتد الى ايران وأقول للشيعة: لا تخطئوا كالموارنة

الشيخ صبحي الطفيلي

*ولاية الفقيه لخداع الناس ويقابلها وأمرهم شورى بينهم
*السني ليس عدوي ولا المسيحي ولا الدرزي، عدوي من يخدعني ويتظاهر انه يحميني
*لا يجوز ان نبادل من تحمل أعباء التحرير بحرمانه من كرامة الحياة الطبيعية
*سيأتي اليوم الذي يقال فيه للحاكم في ايران: ارحل
*باسم التسنن والتشيع حشونا رؤوس الناس بكثير من الباطل
*يكفي لجمع الكلمة ان يسقط فقهاء الشيعة ما يعرفون من مذهبهم ما ليس له علاقة به وان يفعل علماء السنة الامر نفسه
*نحن امام مرحلة خطرة جداً والصراع المذهبي مدمر وهناك قوى اقليمية ودولية تقف وراءه
*الامور في سوريا خرجت من عقالها ولبنان جزء من المعمعة
*حلف الاقليات موضوع خطر والاقليات لا تستطيع فعل شيء في وجه البحر السني العالمي
*لا يستطيع نظام الاقليات في لبنان حماية نفسه الاّ اذا استظل بالايرانيين
*لسنا بحاجة لمن يقول لنا: اطمئنوا لن نتحول الى عملاء اسرائيل نحن بحاجة لمن يقول اطمئنوا نحن صنعنا وحدة اسلامية قوية
*المنطقة تخيف لكن العلاج ليس بطريقة الراعي الذي يمنع الشعوب من الوصول الى ديموقراطيات نزيهة
*مستقبل المسيحيين لا يتأمن بالحفاظ على الانظمة القائمة
*ضد المحاصصة القذرة وتوزيع الكراسي والمناصب على قاعدة المذهبيات والقبليات
*اقول للشيعة لا تخطئوا كالموارنة وابنوا دولة تحفظ الجميع وتستمر بالعدل
اجرى الحوار زين حمود
في الحوار مع الامين العام السابق الشيخ صبحي الطفيلي يطغى القلق من تفاقم الصراع المذهبي على الحديث سواء كان موضوعه واقع الوحدة الاسلامية اليوم او عناوين اخرى ليس له صلة مباشرة به.
الطفيلي كما يظهر في هذا الحوار منكب في هذه المرحلة على البحث عن مسببات هذه الفرقة وهذا التشظي وله في هذا المضمار رؤية.
رؤية لحقيقة الخلافات المرتبطة بمصالح الحكام والممالك منذ احتدام الصراع خصوصاً بين الصفويين والعثمانيين، ورؤية تطرح افكاراً وآليات للخروج من هذا ((الصراع المدمر)) الى رحاب الوحدة الاسلامية.
فإلى نص الحوار في حلقته الثالثة التي تتضمن ايضاً تتمة لما ورد في حديث الطفيلي الاسبوع الماضي عن ايران وولاية الفقيه.

# ماذا تقول للبنانيين عموماً والشيعة خصوصاً فيما يتعلق بموضوع مستلزمات ولاية الفقيه. تكلمتم عن الطاعة العمياء او الهالة او القداسة..
– هنا أحب ان ألفت النظر إلى ان هذه النظرية ليس لها اساس شرعي وهي لخداع الناس. الرأي الفقهي الصحيح هو ما ذكرناه قبل قليل0 الحاكم يُـعين ديموقراطياً بين المسلمين حسب النظم والقوانين التي يضعها المسلمون لأنفسهم، بالصلاحيات والمدة وبكل الاعتبارات، ونحن بحاجة في لبنان على مستوى السلطة والناس أن نعيد النظر بكل اعمالنا.
رغم كل الكوارث الموجودة في البلد حينما ندعى الى صناديق الاقتراع نذهب كالقطعان. تأمرنا قياداتنا السياسية فنطيع، ليس لأننا نؤمن بها وانما لأننا مستنفرون على الطوائف والمذاهب الاخرى. نحن نُـخدع 0 علينا ان نعيد النظر بكل افكارنا لا السني ولا المسيحي ولا الدرزي ولا اي شخص هو عدوي ، عدوي من يخدعني ويتظاهر انه يحميني ويدافع عني. في بعلبك وقعت جريمة قبل امس ذهب بها أبرياء، حتى هذه اللحظة هي ساحة فوضى بكل معنى الكلمة. الدرك والجيش يتفرجان على الخراب والرصاص والرعب وكأنه ليس لهما علاقة بأي شيء.
# هذا يُبرر بأنه يحدث في ظل وجود سلطة الامر الواقع؟
– سلطة الامر الواقع هي اليوم سلطة الجيش، هي الآمرة للجيش، هي الآمرة للدرك وهي تحدد تدخل الجيش والدرك وعدم تدخلهما.
# سماحة الشيخ تحت عنوان المقاومة وحماية أطر ومقاتلي المقاومة خلقت حيثيات في الامن لضمان عدم استهدافها من قبل الاسرائيليين وهذا ادى الى ازدواجية على ارض الواقع؟
– هذه مسألة ليس لها علاقة بهذا الامر، اذا قلنا وهذا حق ان هناك اناساً في البلد في كل مكان مهددون ويجب ان نحفظ أمنهم ولا يجوز ان نهملهم، لكن لا يعني هذا ان نعرض مدينة بكاملها الى الاستباحة والفوضى واطلاق الرصاص 0
# تقصد بعلبك؟
– بعلبك او غير بعلبك لأن هذه الحادثة تتكرر في كل مكان، المشاركون في السلطة يتحملون كامل المسؤولية، لا يستطيع اي منهم ان يقول ليس لي علاقة.
هنا اطفال ومستشفيات ومدارس تغلق، الكلّ مرعوب ، واجبنا ان نبني بلدنا وان نبني نظامنا وان نحمي اطفالنا وأهلنا، واجبنا ان نحترم القانون، وان يقوم رجل الامن بدوره كاملاً. لا يجوز ان نبادل من دفع دمه وتحمل اعباء التحرير بحرمانه من كرامة الحياة الطبيعية.

الربيع العربي سيصبح ايرانياً
# قبل ان نسترسل سنترك هذا الموضوع لمحور آخر، دعنا نتكلم عن مستقبل ايران في ظل ولاية الفقيه، يعني ماذا تنتظر لإيران ضمن هذا الواقع القائم حالياً؟
– اعتقد ان الشعب الايراني شعب حيوي، هو شعب ليس هين العريكة، يفهم ويقدر، وأظن ان الربيع العربي سيصبح ربيعاً ايرانياً في يوم من الايام، ربما الامر يحتاج الى بعض الوقت لأن العمامة والصبغة الدينية للعمامة وما تحدثت عنه من قداسة ثم ظل الامام الخميني، كل هذه الامور يستفيد منها النظام، لكن لوقت ، سيأتي اليوم الذي يقال فيه للحاكم في طهران ارحل نريد دولة القانون.
# هذا يجعلنا ننتقل إلى محور آخر بهذا المحور وله علاقة بواقع الوحدة الاسلامية اليوم، في الحلقة الماضية تطرقتم للحديث عن ان هناك دولاً وعلى رأسها إيران تعمل على الاستفزاز المذهبـي لحماية لحمتها الداخلية، لكن هناك جذوراً قديمة. قبل ان نتكلم عن مصلحة سياسية لهذه الدولة أو تلك. هناك جذور لهذا الخلاف ويتم استخدام هذا الملف غبّ الطلب. ما رأيك لو نبحث قليلاً في هذا الموضوع من منطلقاته التاريخية؟
– موضوع الخلاف المذهبـي أنا ذكرت لك في مطاوي الحديث انه بعد مجيء الإمام الخميني مباشرة فتحت الحرب عليه واستثمرت مسألة المذهبية واستغلت استغلالاً قبيحاً من قبل حكام المنطقة 0 إيران يومها لم تستفز أحداً، وتحملت مسؤوليات ما فعلوا.
فإن الدول الإسلامية التي تصارعت على السلطان وتعاقبت على الأمة من بني أمية وبني العباس والبويهيين وبني حمدان والأيوبيين والمماليك والصفويين وبني عثمان والقاجار وغيرهم كانت بحاجة لمن يحميها ويدافع عنها ويتحمس للقتال تحت راياتها ويزحف لمواجهة أعدائها كانت بحاجة لجمهور يؤمن أنها على حق ويؤمن أنها تدافع عن الدين في وجه أهل الأهواء والبدع والمذاهب الباطلة أعداء الدين ، من هنا استُغِلت المذاهب في سوق الصراع على السلطة وكانت الطريق الأقرب والأرحب للوصول إلى السلطة والتحكّم بالأمة0
اننا نقف اليوم على قمة هرم من التاريخ ومن الفقه ومن السيرة ومن الروايات والأدب والشعر ، على قمة هرم كبير يحتضن كل ما ملىء به التاريخ وملئت به الصحف والكتب من تحريض وبغضاء وشحناء وأكاذيب في سبيل بناء امبراطوريات أو اسقاطها 0 بإسم التشيع حشونا رؤوس الناس بكثير من الباطل وبإسم التسنن أيضاً حشونا رؤوس الناس بكثير من الباطل.
إذا أردنا أن نفهم بالضبط كيف ضلل الحكام الناس وحملوهم على التنافر وذبح بعضهم بعضاَ ما علينا إلا أن نفتح على بعض القنوات الايرانية أو السعودية0 ونسمع ما هبّ ودب من كلام ما أنزل الله به من سلطان من الطرفين، وكلام ليس له علاقة لا بالقرآن ولا بالسنة . كلام يحرّض على الصراع والفتنة والشحناء 0 المسلمون بحاجة أن يسمعوا صوتاً جلياً واضحاً يدافع عن الوحدة الاسلامية ويدافع عن الإسلام، والقرآن في وجه هؤلاء المتنازعين، هذه مسألة جداً مهمة، نحن ان شاء الله إذا وفقنا سنتحدث بما يتيسر عن بعض الموضوعات التي لها علاقة بهذه الأمور عند الفريقين. وبالمناسبة مثلاً يكفي لجمع الكلمة والوحدة بين المسلمين ان يسقط فقهاء الشيعة ما يعرفوه من مذهبهم انه باطل ليس له علاقة بالدين. ويسقط علماء السنة ما يعرفوه من مذاهبهم انه ليس من الدين حتى لا يتميز مسلم عن مسلم.
# هل من شواهد أو عينات عن ذلك؟
– العينات والشواهد كثيرة وكثيرة جداً في هذا الميدان على سبيل المثال يكفي ان أضرب مثلاً من الفريقين: كل فقهاء الشيعة على الاطلاق يقولون لا يجوز ذكر علي بن أبي طالب في الأذان إذا قصد المؤذن ان هذا الكلام من الأذان فمن أراد أن يذكر علياً في الأذان عليه أن ينوي أنه ليس من الأذان.
إذن هم يقرون بشكل واضح وجلي ان هذا الذكر ليس من الأذان وهذا الذكر ليس أكثر من اظهار ان المسلمين فرق وان هذه الفرقة غير تلك الفرقة.
ويمكن للأذان ان يصبح عند المسلمين أذاناً واحداً ليس أكثر، ولا يميز المسلم بالأذان عن أخيه المسلم. وإذا كنا فعلاً نهتم ان نكون صفاً واحداً علينا أن نعيد النظر ونفكر جدياً هل فعلاً نحن نسعى لأن نكون صفاً واحداً كما أمر الله هذا مثل بسيط عند الشيعة، وهناك أمثلة كثيرة، عند الفريق الآخر منها أنهم يرددون عن النبي أنه قال ” “أصحابي كالنجوم بمن اقتديتم اهتديتم” لهذا الصحابة عندهم منزهون عن كل نقد أو تجريح ، وكأنهم يذهبون إلى عصمة كل الصحابة بلا استثناء . وعليه فيمكن للمسلم أن يقف مع علي بن أبي طالب في معركة الجمل ويقتل طلحة والزبير ويدخل الجنة، ثم بعد ساعة يترك صف علي ويقف بصف طلحة والزبير ويقتل علياً ويدخل الجنة، لأنه في هذا اقتدى بصحابي وفي هذا اقتدى بصحابي آخر، وهذا لا يقوله عقل. هم يدركون ان ما يذهبون إليه في غير محله والمسألة مسألة نكايات وتحد وغلو من هذا الفريق، وذاك الفريق ومسائل الغلو والتحدي بعيداً عن طاعة الله ورضاه كثيرة عند الفريقين.
قلت ان هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من التفصيل والحديث لأنه مهم جداً وأكرر هنا انه إذا كل أتباع المذاهب أسقطوا من مذاهبهم ما يعرفوه أنه باطل وغير شرعي 0 اعتقد اننا نتجاوز أكثر من 90% من الخلافات بيننا.
# ولكن هذا يحتاج إلى إرادات، والارادات معطلة اليوم بفعل المصالح السياسية ونتكلم عن مصالح دول؟
– لا أرجو خيراً من الانظمة ، أنا أتحدث إليك وقلت ان مصلحة هؤلاء أو بعض مصالحهم في الفتنة حتى يحفظوا كراسيهم وعروشهم. أنا لا أتحدث عن هؤلاء ولا آمل خيراً منهم ولا آمل ممن يدور في فلكهم خيراً، حتى ممن يتمظهر بمظهر الدين، لأن هؤلاء مواقعهم الدنيوية تدر عليهم ربحاً ومكسباً وموقعاً وهؤلاء لا أمل منهم ولا خيراً.
الأمل بالإنسان العادي وبالمواطن العادي الذي ليس له مصلحة بالفتنة، الذي يفكر بآخرته وبرضى ربه ويفكر بالحق وبمستقبل بلده وبالنظام الذي يعيش في ظله ، وهؤلاء علينا التركيز عليهم، وبتقديري لو قيّض لجهة صادقة تملك وسائل إيضاح أن تكشف حقائق الأمور لهؤلاء ، لكنا قطعنا الطريق على كثير من أهل الدنيا وأهل الباطل الذين يتلبسون بلبوس الاسلام والايمان .
# لكن إذا وضعنا خطاً بيانياً أو رسماً بيانياً نرى ان الاجواء المذهبية والشحن المذهبـي في خط تصاعدي وهذا مع الأسف مع تولي الاسلاميين سنّة أم شيعة لمقادير الأمور في أكثر من بلد في وقت قبل الموجة الاسلامية إذا صح التعبير أيام المد القومي واليساري كان الخط البياني منحدراً للفتنة وكأنه مجرد ان يكون الاسلاميون لديهم حيوية ما تستعاد معهم كل أشباح الفتن.
– ذكرت لك اننا نعيش على قمة هرم الفتنة ، واليوم أي انسان يفتح كتاباً يريد أن يقرأ شيئاً يرى ان هذه الكتب محشوة بأفكار مخيفة مسممة، الموضوع ليس سهلاً وليس هيناً. أهل الدنيا عملوا كثيراً وحاولوا أن يطمسوا الحقائق ،لكن عندنا القرآن الكريم عندنا السنة الصحيحة التي بسهولة يمكن أن نميزها عن الدخيل، بتقديري لا نحتاج إلى جهد كبير جداً لأن نشق طريقنا ونوضح للأمة الرؤية 0
أضف إلى أني آمل من القادمين إلى السلطة في مصر و تونس و في أي مكان آخر أن يبتعدوا عن المذهبيات ويعملوا لجمع الكلمة ووحدة الصف0

الصراع المذهبـي مدمر
# لكن هناك مسافة بين الحلم والواقع إذا أردنا أن نتكلم عن هذه المسألة، حضرتكم بحكم شخصيتك تجمع بين السياسي والمفكر نحن ذاهبون إلى محاذير لا تحمد عقباها خاصة واننا نرى في أكثر من مكان سيارة فيها انتحاري يمكن أن تدخل إلى موقع أو جماعة لطرف آخر ويفجر الانتحاري نفسه تحت عنوان الشهادة. من قراءتك للمستقبل في هذا الموضوع أليس عندك مخاوف؟
– أنا قلت اننا أمام مرحلة خطرة جداً. أمام مرحلة من الصراع المذهبـي قد تكون مدمرة والقوى التي تقف خلف هذا الصراع ليست فقط اقليمية بل قوى دولية أيضاً. وهي قادرة على فعل الكثير ولكن علينا أن نبذل جهدنا وان نرفع صوتنا وان نضغط بالاتجاه الصحيح ودائماً الحق بدأ كلمة وبدأ خطوة ونما مع التضحيات ومع المعاناة واستطاع أن يصل ولو بعد حين، انا كلي ثقة اننا سنصل 0 والمرء يرغب ان يصل سريعاً لكن ليست الأمور دائماً كما يشتهي الانسان. أنا أقر اننا أمام مرحلة عصيبة وخطرة جداً ونحتاج إلى استنفار وجهد نحتاج إلى عمل متواصل آمل ان نوفق إلى ان نجد سبيلاً إلى كل هذا.
# في هذا السياق ما رأيك بما يحكى عن حلف الاقليات لحماية الشيعة أو المسيحيين في ظل الموجة الاسلامية السنية الصاعدة؟
– هذا ذكرته قبل فترة وحذرت منه، لا سمح الله، إذا اشتدت وطأة الفتنة المذهبية في المنطقة وخرجت الأمور في سوريا عن عقالها ويبدو انها ان لم تكن قد خرجت فستخرج تقريباً، ولبنان هو جزء من هذه المعمعة نسأل الله أن يجنبنا إياها . موضوع حلف الاقليات موضوع خطر لأن الاقليات لا تستطيع أن تفعل شيئاً في وجه أكثرية بحجم البحر العالمي الاسلامي السني، نحن في بحر اسلامي واجبنا العمل لوحدة الكلمة وإبعاد شبح الفتنة والفرقة، أنا أتحدث عن الواقع اليوم السنة والشيعة عشائر وقبائل، عشيرة السنة وعشيرة الشيعة، يتصرفون هكذا وليست لديهم منطلقات مبدئية وفكرية، أنا سني فأنا ضدك وأنت شيعي فأنت ضدي. هذه المسألة بهذه البساطة.
إذا وقعت حرب سيلجأ الشيعة إلى نظام الاقليات لحماية أنفسهم. نظام الاقليات في لبنان لا يستطيع أن يحمي نفسه إلا إذا استظل بظل أقلية قوية وهي الاسرائيليون طبعاً وإن كنت أصدق ما قاله بعضهم قبل فترة بأن هذا لا يمكن أن يفكر فيه ولا أشك في ذلك.
# من قال ذلك؟
– بعضهم، لكن الأمر ليس بالحديث عن الموضوع ونحن في بيوتنا والأمر هادىء، الوضع حينما يرتفع صراخ الاطفال والنساء وتحترق البيوت وتهجر الناس، وأنا أذكر هذا البعض اننا في العراق لجأنا إلى الأميركي والجندي الأميركي والطائرة الأميركية والمدافع والصواريخ الأميركية لنتخلص من صدام السني، الشيعة في العراق لجأوا إلى أميركا ليتخلصوا من الحاكم السني الذي اشتدت وطأته عليهم وأميركا هي سيدة إسرائيل.
العاقل من يعالج قبل الكارثة، العاقل من يمنع الفتنة من الآن. لسنا بحاجة إلى من يقول لنا اطمئنوا لن نتحول إلى عملاء للإسرائيليين، نحن بحاجة إلى من يقول لنا اطمئنوا نحن صنعنا وحدة اسلامية قوية.
# ما رأيك في الاصطفافات الحادة القائمة اليوم في لبنان والتي ترسم مشهداً قاتماً وكأن هناك حرباً باردة بكل ما تعنيه الكلمة؟
– هذا المشهد الحاد زاد من حدته الوضع في سوريا، بات وكأنه ما يلي: ان هناك فريقاً يعتبر وجوده بوجود النظام السوري وهو يتشبث بهذا الوجود بكل امكاناته. وفريق آخر يعتبر ان رحيل النظام السوري ومجيء المعارضة سيقلب الطاولة في لبنان تماماً لمصلحته ولهذا هو يراهن على هذا.
وبتنا بين هذين الفريقين واحلامهما. في الماضي كانت مشاكلهم كثيرة واليوم اصبحت مستعصية. انا بالامس سمعت بعض حواراتهم في المجلس النيابي وأدركت ان الأمل بهم ضعيف والانتقادات لبعضهم نفس الانتقادات ، اذا قرأت انتقادات المعارضة اليوم ترى انها الانتقادات نفسها للمعارضة السابقة، كل ما في الامر تبادلوا الادوار، يعني المرض هو المرض نفسه، المشكلة هي المشكلة نفسها والفساد هو الفساد نفسه والاعمال الدنيئة هي الاعمال الدنيئة نفسها. كل ما في الامر ان هذا كان يمارسها وذاك كان ينتقده. اليوم هذا ينتقده وذلك يمارسها.
# هذه الحرب الباردة اذا اردنا ان نتكلم عن الوسائل للخروج منها حتى لا نذهب الى الاسوأ خاصة انها باردة بانتظار تشكل المشهد العام في المنطقة ومن ضمنه سوريا، ماذا ترى؟
– هذا الامر له مدخلان: مدخل الى الاطراف المتنازعة نطالبها أن تهدأ وتفكر وتعيد النظر، ونتمنى ان يجدوا حلاً، لكن كما ترى هؤلاء مرتبطون بأطراف وليس لديهم خيارات كثيرة وحتى اذا كان لديهم خيارات مصالحهم قد لا تسمح لهم وهناك مدخل آخر هو انه يصار الى انقلاب شعبي ضد الفريقين ، الناس تقرر من الفريقين اننا امة واحدة وهؤلاء لا نسمع لهم ولا نطيع وهذا الامر لا يتحقق بين ليلة وضحاها. والطريق امامنا هو ان نعمل على هذه الساحة نحاول ان يكثر المعترضون على الطرفين لعله يقع الانقلاب ولو بعد حين.

اقول للشيعة لا تخطئوا
# سماحة الشيخ المرة الماضية كنا سنتحدث عن اشخاص محددين ولم تشأ ذلك، اليوم اذا كنت تريد ان تخاطب طوائف ومذاهب، دعنا نبدأ بالشيعة. ماذا تقول للشيعة في لبنان اليوم في ظل الازمات القائمة داخلياً وفي الجوار؟
– في الماضي، يوم كان الموارنة في السلطة كنا نتمنى لو انهم وضعوا قوانين لمصلحة عامة الناس ومارسوا سلطتهم بين الناس بالسواسية لكنهم في تلك الايام كانوا يتصرفون على قاعدة انهم طبقة حاكمة سيدة والباقي رعية عليهم ان يطيعوا.
السوري حينما كان في لبنان كنا نتمنى منه الامنيات نفسها لكنه كان في عالم آخر. اليوم أتوجه الى الشيعة باعتبارهم بطريقة او بأخرى هم اصحاب النفوذ الاكبر، اقول لهم لا تخطئوا الخطأ نفسه الذي سبقكم اليه الآخرون. حاولوا ان تبنوا دولة تحفظكم كما تحفظ الآخرين، تحترمكم كما تحترم الآخرين، حاولوا ان تبنوا دولة تستمر بالعدل، تستمر برعاية مواطنيها لا تميز بينهم.
اقول لكل اللبنانيين ومن جملتهم الشيعة كأفراد انه ليس من شأننا التصفيق وليس من شأننا الطاعة العمياء، علينا ان نقول الحق ونفعل الحق، ان نعـرّف الخطأ والمخطىء، ان نثني على الصواب اينما كان. نحن امة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، نحن الامة الوسط. نحن ندعي اننا ممن خرج بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر. علينا ان نجسد هذا في عملنا وما نفعله اليوم لا يميزنا عن الأشرار. نحن مجرد جمهور طائفي قبلي يطعن حينما يطلب منه الطعن، يضع سلاحه حينما يطلب منه وضع سلاحه دون ان يعرف لمَ طعن ولماذا وضع سلاحه وهي امور لا يجوز لعاقل ان يفعلها. نحن لسنا قبائل ولسنا عشائر، نحن اصحاب مبادىء واصحاب فكر وشريعة واصحاب رسالة وعدل. اذا لم نستطع ان ندافع عن العدل في بقعة صغيرة كلبنان كيف ندافع عن العدل وهو المطلوب منا في العالم كله.
# بالنسبة الى تعزيز مواقع الشيعة في الحكم البعض طرح المثالثة، والمرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين كان يدعو الى الاكتفاء بما ناله الشيعة، ضمن وصاياه الشهيرة، سماحتك هل انت مع تعزيز مواقعهم في السلطة ام الاكتفاء بما حظيوا به في اتفاق الطائف؟
– نوح عليه سلام الله حينما طلب من ولده ان يصعد الى السفينة ورفض وغرق ولده، قال له الله جل وعلا شأنه: ((قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح)).
الشيعي الذي يتولى السلطة وهو ظالم، ليس مني ولست منه، الشيعي يتولى السلطة وهو فاسد، هذا ليس مني ولست منه، وان جاء رجل من اليابان وكان عادلاً ونزيهاً وشريفاً هذا مني وأنا منه. انا لست مع هذه المحاصصة القذرة في لبنان.
# أنتم مع ألغاء القيد الطائفي؟
– انا لست مع توزيع الكراسي والمناصب والوظائف والخدمات على قاعدة المذهبيات والقبليات والعشائريات القذرة، هذه اعمال لا يستفيد منها لبنان ولا الشعب اللبناني بل يستفيد منها بعض المتربعين على عروش طوائفهم وقبائلهم. حتى لو كان الحكام من طائفة واحدة انا معهم بشرط ان يكونوا حكاماً لكل اللبنانيين، وان يكونوا حكام عدول وحكام عدل وخير. هذه السيمفونية هي مجرد استفزاز أحمق للشارع هنا وهناك، هذا يظهر نفسه انه المدافع عن السنة ومصالح السنة وذلك يظهر نفسه انه المدافع عن الشيعة ومصالح الشيعة وذاك يظهر نفسه المدافع عن مصالح الموارنة وهو الاسد الذي سيعيد ما غاب من ماضيهم.
هذا لا يبني وطناً، هذا يدمر الاوطان، عليهم ان يعيدوا النظر بكل الموازين والمقاييس الطائفية والمذهبية على الشعب اللبناني ان يفرض إعادة النظر بكل المقاييس والموازين، نحن بحاجة الى حكام من ذوي الاكف الطاهرة والنزيهة والشريفة، وهنا اسأل اذا جاء رسول الله (ص) او علي بن ابي طالب او عيسى بن مريم ليحكم في لبنان هل اقول له انت حجازي وانت عراقي وانت يهودي من فلسطين، او نقول له اهلاً وسهلاً انت الحاكم المطاع. لماذا؟ لأنه عادل، لأنه نزيه. انا لا اريد ان يحكم لا ابي ولا اخي ولا اي انسان غير عادل، انا اريد حاكماً عادلاً.
# في هذا الاطار ماذا تقول للسنة؟
– الكلام نفسه لأنهم كلهم من جلدة واحدة من صنف واحد، العقلية هي العقلية نفسها والتوجهات هي التوجهات نفسها.
# لكن هناك شكوى من سلطة السلاح وانه بعد 7 ايار/ مايو هناك واقع جديد تم الاخلال باتفاق الدوحة؟
– صحيح، لكن لو فرضنا بأن السلاح بيد السنة ألم نكن بالمشكلة نفسها.
نحن نريد بلداً يُـحترم فيه القانون والعدل، لا نريد ان يطغى اي فريق على فريق آخر . انا هنا أطالب الشيعة وحزب الله والجميع ان يعيدوا النظر وان لا يستغلوا بعض ميزاتهم الحالية استغلالاً غير حميد. بل بالعكس اتمنى لو استفادوا من هذه الميزات لمصلحة الجميع. كذلك انا أطالب الجميع وقد ذكرت لك ايام كانت السلطة في ايدي الموارنة كان عليهم ان يستفيدوا منها استفادة صحيحة، لكنهم لم يستفيدوا. وغداً ستنتقل السلطة وأكيد ستنتقل ربما تنتقل من الشيعة الى السنة اذا وقع ما يخافه الآخرون او ينتظرونه في سوريا. كذلك أخاطب السنة الخطاب نفسه وأتوجه اليهم بالكلام نفسه لا تخطئوا كما اخطأ الشيعة.
# ماذا بالنسبة للمسيحيين اليوم وهم بحالة قلق، البطريرك الراعي من خلال سياسة مد الجسور التي كان يقاطعها البطريرك صفير، من خلال موقف الراعي ازاء احداث سوريا وكلامه عن الربيع العربي. ما رأيك؟
– كل انسان له الحق ان يخاف، فالمنطقة تخيف، لكن العلاج ليس بالطريقة التي ذكرها البطريرك. ليس لك ان تمنع الشعوب من ان تصل الى حقها وان تعيش حياتها بكرامة وان تعيش ضمن ديموقراطيات نزيهة وكريمة.
اريد ان اقول ان مستقبل المسيحيين في العالم العربي ليس محصوراً في الحفاظ على الانظمة القائمة. يعني صدام مثلاً كان يهتك الشعب العراقي بشرقه وغربه شماله وجنوبه، لا يجوز ان نحافظ عليه مخافة من ان يتعرض بعض الموتورين او المشبوهين الى المسيحيين. في العراق ضُرب النصارى ولكن في المقابل ضُرب آلاف المسلمين. في النهاية هذا بلاء على الامة جميعها.
فعلينا جميعاً ان نفكر بالحل الذي يوصلنا الى شاطىء الدولة الآمنة العادلة التي لا تميز بين مواطنيها. هذا هو الصواب، ليس الانكفاء او الخوف من المستقبل.

يتبع
===============
4

الشيخ صبحي الطفيلي يتحدث لـ((الشراع)) ((4)) عن نصرالله ومغنية وأسرار تأسيس حزب الله والعلاقة المتوترة مع غازي كنعان

*حزب الله بدأ من دون اسم.. بفريق للتدريب من الحرس الثوري
*فكرة الحزب نشأت في لقاء ضمني مع مسؤولين إيرانيين ومهدي كروبي حضر إلى لبنان للمتابعة
*جزء كبير من اللبنة الأساسية للحزب طرد منه أثناء ((ثورة الجياع))
*العلاقة مع فضل الله تطورت وأصبحت طيبة جداً ومع شمس الدين توترت أحياناً بحكم موقعه الرسمي
*في مرحلة تأسيس الحزب أكدت ان لا علاقة له بشعارات إقامة جمهورية اسلامية في لبنان
*من خلال موقعي أصبحت على تماس مع التيارات الإيرانية المتصارعة وتشنجت علاقتي مع كثير منهم لأن كل فريق كان يريدني تابعاً
*حاولت إفهام الإيرانيين اننا اخوانهم ولن نصبح عملاء لهم فقطعوا الأمل مني وفتشوا عن غيري
*لم يكن لعماد مغنية أي موقع فاعل قبل العام 1990
*تعرفت إلى نصرالله عندما كان طالباً نشيطاً في حوزة عباس الموسوي
*عارضت القرار الإيراني بالمشاركة في الانتخابات النيابية لخدمة المشروع الأمني السوري
*حزب الله كان حمالاً في خدمة المشروع السوري ويحمل على أكتافه وزراء ونواب الأمن السوري
*السوريون كانوا يرغبون في تطويع الكل في لبنان
*غازي كنعان اعترف أمام الناس بأنه أخاف جميع اللبنانيين إلا الشيخ صبحي الطفيلي

في هذه الحلقة من الحوار مع الأمين العام الاسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي وقفات أمام محطات بارزة، ليس فقط باعتبارها جزءاً من سيرته بل وأيضاً لكونها مفاصل أساسية لحقبة كاملة ما زالت مستمرة حتى الآن وتضمنت مراحل عديدة. وأبرز هذه المفاصل تأسيس حزب الله والمقاومة ضد العدو الإسرائيلي الذي غزا لبنان عام 1982، بكل ما رافق ذلك وأعقبه من تطورات وأحداث.
الطفيلي يتحدث أيضاً عن علاقته بالرئيس الراحل حافظ الأسد واللواء الراحل غازي كنعان كما يتحدث عن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أول ما تعرف به والأمين العام السابق السيد عباس الموسوي والقائد العسكري للحزب عماد مغنية اللذين اغتالتهما ((إسرائيل)).
وفي هذه الحلقة إضافة إلى ذلك كلام مباشر وصريح للطفيلي عما كانت تطلبه القيادة الإيرانية منه لتعزيز علاقتها بالقيادة السورية، ورفض الأمين العام الاسبق للحزب ان يباع وأن يشترى كما قال.

# سؤالنا المحوري لماذا حزب الله؟ كيف نشأت الفكرة ومن صاحبها وكيف بدأ العمل لبلورتها؟
– الفكرة بالمختصر، نشأت بعد الغزو الاسرائيلي عام 1982، في ذاك الوقت أثناء الغزو، كنت في زيارة إلى إيران والإمام الخميني أرسل قوات إيرانية للمساهمة في الحرب القائمة آنذاك في لبنان لمواجهة الغزو الإسرائيلي. طبعاً، كما يعرف الجميع الحرب سرعان ما توقفت، توقفت قبل أن تصل طلائع القوات الإيرانية.
وقبل عودتي إلى لبنان جرت جلسة بيني وبين بعض المسؤولين الإيرانيين في طهران تم الحديث فيها حول موضوع التنسيق بيننا وبين هذه القوات فيما يخصنا كلبنانيين0
# بصفتكم ماذا تمثلون، أي بأي صفة فردية أم..
– يومها كنا في حزب الدعوة ومن موقعنا الديني والاجتماعي وشبكة العلاقات الواسعة، كان عندنا في حينها تجمع العلماء المسلمين في البقاع وكان هناك حالة وحضور، بلحاظ هذا الحضور كان التنسيق بيننا وبينهم في ما يتعلق بنا وإمكانيات الاستفادة منهم. وبعد عودتنا من طهران بأيام قليلة لحق بنا سماحة الشيخ مهدي الكروبي حاملاً معه بعض المسائل اللوجستية وكما قلت توقفت الحرب قبل وصول القوات الايرانية. فصار البناء ان نستفيد منهم، فأرضنا محتلة وكل مظاهر الدفاع في وجه الكيان الإسرائيلي سقطت، الدولة اللبنانية في حينها غير موجودة، الحركات والاحزاب اليسارية والفلسطينية انهارت، وذهب اللبنانيون إلى ما عرف في حينه بلجنة الانقاذ التي كانت تحت المظلة الإسرائيلية. من طرفنا أقصد من طرفي لم نجد خياراً بين أيدينا إلا محاولة تحرير الأرض، حينئذ قررنا أن نبدأ بالتدريب العسكري وشكلنا فريقاً للتدريب من الحرس الثوري وبدأنا ندرب وننظم ونقاتل دون أن يكون لنا إسم ودون أن يكون لنا تشكيلات أو أي شيء وتباعاً حسب الحاجة بدأت تنمو الأمور شيئاً فشيئاً وعلى أطراف العمل المقاوم بدأ ينمو جسم حزب الله.
# من كان معكم في تلك الفترة، من إيران إلى لبنان، عندما كنتم في إيران وطرحت الفكرة ولما حضرتم إلى لبنان وأنشأتم ما تفضلت به؟
– كان الاخوان الأحبة والشباب المتحمسون، لأن المتحمسين في حينها كانوا قليلين، كان أغلب الناس مترددين وخائفين، كانوا مجموعة قليلة حيث كان أكثر الناس لا يرى فرصاً لنجاح المقاومة لهذا كنا في تلك الفترة قلة متواضعة جداً.
# كيف تبلورت الفكرة وتحولت حالة المقاومة ((العفوية)) اذا صح التعبير إلى حالة تأطير وتنظيم؟
– نحن بدأنا كجندي مقاتل، وهذا الجندي شيء طبيعي بحاجة إلى دعم، بحاجة إلى مأوى وتسليح واعلام وهكذا بدأت تنشأ حول هذا الجندي مؤسسات تحضن دوره وتحضن فعله، ومع الزمن تكوّن الحزب.
# في أي سنة تحديداً؟
– الغزو كان في حزيران، وبدأنا تحديداً في شهر رمضان، أول مجموعة دربت على القتال العسكري في رمضان في حزيران/يونيو 1982.
# اللبنة الاساسية التي قام على أساسها الحزب وحضرتك جزء منها هل الباقي ما زال موجوداً في الحزب؟
– جزء كبير منهم طرد من الحزب.
# في تلك الفترة من كان القلب النابض وقد عرفنا لاحقاً ان السيد ابراهيم أمين السيد وقتها عين الناطق الرسمي في الـ1985، قبل هذه الفترة من كان ((المايسترو))؟
– أنت ترغب أن تصل إلى بعض التفاصيل، لنقلع عن هذا.
# اسم حزب الله كيف تم اختياره ولماذا هذا الاسم؟
– بقيت الأمور متأرجحة فترة من الزمن، بقينا نعمل بدون إسم أو بأسماء متعددة، متعددة لا بمعنى اننا نحن نختار هذا الاسم أو ذاك الاسم، مثلاً كان أحدهم يستعمل كلمة حركة اسلامية، أو اسم أمة حزب الله. وأخيراً بعد فترة أكثر من سنة أو سنتين استقرينا على الاسم.
# من اختار الاسم؟
– لا تستطيع أن تقول من اختار لأنه جاء نتيجة استعمالات، فيومها كان هناك في إيران جمهور الناس يسمون ((حزب الله)) أي الناس، بعضهم استنتج هذا النمط فكان يطلق على هذه الشريحة حزب الله تيمناً بالآية الكريمة وبما يستعمل في إيران، انتشرت هذه الفكرة، وكثر مستخدموها إلى ان تقررت واستخدمت بشكل رسمي.
# في تلك الفترة كان المطلوب تشكيل حزب الله في أكثر من دولة عربية قبل الحرب العراقية الإيرانية، كان المطلوب حزب الله في لبنان، في العراق، في كل مكان، كان هناك شكل من الاشكال كي لا نقول العمل الأممي على طريقة الاشتراكية ولكن تحت عنوان منطق تصدير الثورة؟
– بتقديري هذا الفهم للأمور غير دقيق، نحن في لبنان كنا نشتغل قبل تأسيس حزب الله مع تنظيم حزب الدعوة في لبنان، وتعاطينا مع الايرانيين تحت هذا العنوان، وكنا نلتقي وإياهم تحت هذا العنوان. طبعاً كان هناك شباب يتعاطون مع إيران من موقع حركة ((أمل)) ولم يطرح الايرانيون عليهم انشاء حزب الله. حزب الله نشأ وقلت لك صيغة نشوئه كيف.
# إذا أردنا أن نعود قليلاً إلى الوراء، ماذا كنت قبل تأسيس الحزب، هل كنت تعمل في الشأن العام، ماذا كانت الصفة لك إمام مسجد؟ هل يمكن أن تضيء لنا على تلك الفترة؟
– قبل الثورة الاسلامية في إيران كنت فيها لفترة 3 سنوات من عام 1976 الى عام 1979 وقبلها كنت في النجف وعلى اثر موجة اعتقالات قامت بها السلطة طلب بعض الاخوة مني في حزب الدعوة أن أغيب.
# في الفترة التي استهدف بها السيد محمد باقر الصدر؟
– في سنة 1974.
# لماذا اخترت عملكم؟
– كنت فتى في الـ15 تقريباً وكانت لدي رغبة الهجرة إلى الحوزة الدينية في النجف لطلب العلم ومعرفة أحكام الشرع الشريف والالتزام بحدود ما أنزل الله عز وجل0
# إلى أين سافرت يومها؟
– في 1974 كما قلت لك طلب مني الاخوان ان أغيب. جئت إلى لبنان بقصد العودة لكن بعد فترة طلبوا ان لا أعود لأن ملفاتي لدى الأمن العراقي كانت كبيرة جداً.
بعد سنتين في 1976 رحلت إلى ايران وبقيت هناك حتى انتصار الثورة شاركنا بما نستطيع من المشاركة، وبعد انتصار الثورة بفترة، جئت إلى لبنان، هنا كنا نعمل بوظيفتنا الشرعية، نخدم شؤون المسلمين، شكلنا تجمع العلماء المسلمين، نشّطنا موضوع حزب الدعوة، إلى ان جاء الغزو الإسرائيلي على لبنان عام 1982 وجدنا أنفسنا أمام غزو، الجنرالات القوا نجومهم، فاضطررنا إلى ان نضع النجوم على أكتافنا.

مع فضل الله وشمس الدين
# متى تعرفت على السيد محمد حسين فضل الله والشيخ مهدي شمس الدين من خلال حزب الدعوة أو من خلال الحوزة؟
– في البداية هما كانا طالبين في النجف تعرفت عليهما هناك وكانا قطعا أشواطاً بعيدة في الدراسة. ذهبت أنا حديثاً إلى النجف وهما كانا من ذوي الشأن في النجف.
# هل تطورت العلاقة معهما؟
– نعم، مع الزمن تطورت العلاقة وكانت علاقة طيبة جداً مع الطرفين، استمرت مع سماحة السيد فضل الله. ومع سماحة الشيخ شمس الدين بحكم موقعه الرسمي توترت بعض الاحيان.
# بحكم موقعه الرسمي وموقعك في حزب الله؟
– يعني، صار هناك في بعض المواقع تباين في وجهات النظر.
# كوننا نتكلم عن هذه المرحلة، إذا أردنا التكلم عن أهم المؤثرات التي ساهمت في تكوين الملامح الأولى لشخصية الشيخ صبحي الطفيلي ما هي أهم المؤثرات في تلك المرحلة؟
– السنوات الماضية كلها محطات وكلها صراع حاد عاصف، منطقتنا في حالة عاصفة، لكن أهم نقطة بالنسبة لي انني حين ذهبت إلى طلب العلم في النجف كان كل قصدي أن أحسن الطاعة لله. ان أعرف الحلال والحرام، أين تكليفي الشرعي، عند هذه الحدود كان فهمي لوظيفتي الشرعية. لكن عرفت لاحقاً ان وظيفتي الشرعية أكبر بكثير مما كنت أظن، وعرفت ان الاسلام رسالة عامة لكل الامم وواجبي حمل هذه الرسالة وأي منكر في المجتمع أنا مسؤول عنه، ومسؤول عن مواجهة الانظمة الفاسدة وانقاذ الأمة0 أذكر انني حمدت الله كثيراً على انني اخترت هذا الطريق وإلا لما كنت عرفت سبيل الله .
# بالعودة إلى موضوع تأسيس حزب الله ذكرت قبل قليل ان قسماً كبيراً من القلة التي أسست الحزب طرد فيما بعد، لماذا؟
– نتيجة الموقف الذي وقع لاحقاً بالأزمة التي حصلت بيني وبين الحزب أثناء ثورة الجياع0
# نشأ الحزب من أجل الهدف الاساسي وهو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ما هي الاهداف الأخرى، هل انحصر الأمر فقط بمقاومة إسرائيل وكنا نسمع في تلك المرحلة شعارات إقامة الجمهورية الاسلامية في لبنان وغيرها مجموعة من الشعارات؟
– موقفنا الحقيقي والرسمي ما ورد في الرسالة المفتوحة الشهيرة لحزب الله التي صدرت عام 1985 وفي مرحلة تأسيس الحزب صدرت مواقف وتصريحات من بعض الايرانيين واللبنانيين في ظل التنافس والمزايدات تطالب بالعمل لانشاء جمهورية اسلامية في لبنان على غرار ايران وفي حينها أعلنت في أكثر من مناسبة رداً على هذه المزايدات انه لا علاقة لحزب الله بهذه التصريحات وقلت يومها ان قيام جمهورية اسلامية في فلسطين أقرب للعقل من قيامها في لبنان0
# تحدثتم عن العلاقة العضوية بين المجموعة اللبنانية التي انطلقت بعمل حزب الله وبين الايرانيين الوافدين للقتال ضد إسرائيل خلال غزو 1982. هذه العلاقة العضوية استمرت لسنوات، في ذاك الوقت لمن كانت الإمرة؟
– بداية قلت لك كان لنا هدف ان يصبح عندنا مقاتل يواجه العدو الاسرائيلي. وهذا ما سعينا له بحكم العلاقات البشرية، وبحكم ان إيران هي الممول والمسلح، ليس فقط الاساسي بل الوحيد ايضاً، صرت على تماس مباشر مع التيارات الايرانية المتصارعة والمتنافسة وتشنجت العلاقة بيني وبين الكثير منهم وكان كل فريق يريدك تابعاً له وأنا أحاول افهامهم اننا اخوانكم ولن نصبح عملاء لأحد وحين قطعوا الامل ذهبوا بيحثون عن عملاء في صفوف اللبنانيين، وطبعاً سيجدون، طبيعي ان يكون للحضور الايراني الدور الابرز في هذا الميدان وهم الاقدر على فرض الحضور، مما شكل محطات قاسية في بعض الاحيان وحادة وكانت موضع خلافات، وقد ذكرت بعض الامثلة سابقاً ولا احب ان أدخل في تفاصيل الامور لأنني لا اجد فائدة من ذكرها اليوم.
# برأيك هل هذه الخاصية انتهت اليوم؟
– اسأل العارفين.

عماد مغنية بعد الـ90
# حكي في فترة من الفترات عن دور بارز للقائد العسكري لحزب الله عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق، حتى انه تحول الى اسطورة حتى داخل ايران، هل اختلفت مع عماد مغنية العلاقة مع الايرانيين ام استمرت كما كانت عليه لدى التأسيس؟
– لم يكن للمرحوم عماد أي علاقة بالحزب حتى بداية التسعينيات.
# لم يكن فاعلاً حتى بداية الـ90؟
– لم يكن له موقع، هو ناشط وعامل وله ادواره وله جهاده الى آخره، انا أتحدث عن التشكيلات الرسمية لحزب الله.
– # هل عرفت عماد مغنية عن كثب؟
– – طبعاً، اعرفه.
# اذا كنا سنتكلم عنه اليوم، ما هي العبارات التي تختارها؟
– انا نعيته بإمكانك ان ترجع الى النعي.
# من رجالات تلك الفترة الشيخ راغب حرب هل عرفت الشيخ راغب؟
– الشيخ راغب صديق قديم من ايام النجف ومجاهد كبير كان له دور بارز في رفض العدو واستنهاض أهل الجنوب، وبحكم وجوده في جنوب لبنان اثناء الغزو وبعد الغزو حيث لم يخرج إلا مرات معدودة من الجنوب اثناء الغزو ولأيام قليلة، حتى يوم استشهاده عام 1984 0 وعدم القدرة على التواصل المطلوب لم يشارك في تأسيس الحزب وان كان دوره في الجنوب أعظم من المشاركة هذه0
# لم يشارك؟
– غير ممكن عملياً.
# بالنسبة للسيد عباس الموسوي هل كانت تربطك علاقة ما به؟
– السيد عباس معرفتي به في النجف كانت محدودة بحكم الفترة القصيرة التي تعايشنا فيها بالنجف، جاء الى النجف في السبعينيات، وأنا خرجت عام 1974 من النجف، بعد عودتي من ايران عام 1979 كان المرحوم الشهيد السيد عباس قد عاد من النجف وأسس حوزة دينية متواضعة في بعلبك وكان هناك جمعية في بعلبك تملك مدرسة وتحدثت مع رئيس الجمعية محمد عباس ياغي وأخذت منه المدرسة وانتقلت الحوزة الى هذا المكان وتشكلت لها ادارة وعملنا معاً قبل الـ1982، ثم تطورت العلاقة كما هو معروف.

هكذا تعرفت بنصرالله
# علاقتك مع السيد نصرالله؟
– هو كان طالباً عند السيد عباس في البداية وكان طالباً في هذه المدرسة لاحقاً وكان من الطلاب النشيطين.
# أي تعرفت إليه من المدرسة في تلك الفترة؟
– نعم كطالب.
# إذا اردنا ان نتكلم عن مشكلتك مع حزب الله ما هي؟
– المشكلة اليوم؟ او المشكلة القديمة؟
# اليوم في امتداداتها الماضية، اليوم هناك مشكلة كيف بدأت مع حزب الله وانت كنت جزءاً اساسياً، حكي عن اطار سياسي، وتكلمنا سابقاً انك في فترة من الفترات الماضية حُـملت ما يلي:
رفض اللبننة وكان هناك كلام عن جمهورية اسلامية، تحرير القدس، عدم اقتصار الامر على تحرير الارض اللبنانية، عدم الدخول الى مجلس النواب والمؤسسات الرسمية، كانت هناك مجموعة موانع أدت الى ذلك، لنتكلم عن حقيقة المشكلة؟
– لنتكلم عن ذلك واحدة واحدة في الحدود الممكنة. موضوع تحرير القدس نعم انا لي الشرف ان اكون حريصاً على تحرير القدس وأعتقد ان العيوب الكبيرة ان هذا ((يتسورن)) وهذا ((يتمصر)) وذاك ((يتأردن)) وذاك ((يتلبنن)).
# أتكلم اذا كانت الشعارات واقعية في تلك المرحلة أو غير واقعية؟
– أنا لي الشرف ان أتهم بهذه التهمة انني اريد ان أحرر القدس، الامر الثاني إذا كنا نريد جمهورية اسلامية أجبت عليه.
موضوع الانتخابات قلت وأكرر أنا ضد الدخول في السياسة اللبنانية والانتخابات اللبنانية تحت عنوان خدمة المشروع الامني السوري، انا مع الدخول الى الانتخابات النيابية في لبنان في اطار المشروع الاصلاحي بمعنى نحن معارضة للموجود بقصد الاصلاح، القرار في حزب الله كان عدم الدخول في المجلس النيابي تحت عنوان خدمة المشروع السوري، نجهز أنفسنا للوقت المناسب نستعد للدخول الى المجلس النيابي في الوقت الذي نقرره نحن لخدمة مشروعنا. لهذا حينما جاء القرار الايراني بالمشاركة لخدمة المشروع السوري أنا عارضت. وهناك تفاصيل في هذه المسألة جداً مهمة لا أحب ان أدخل فيها.
# السؤال الاساسي من أبعدك السوري أم الايراني؟
– هذا الكلام عن المشاركة في صيف 1992 وكان السيد حسن هو الامين العام.
# تقصد السيد عباس؟
– لا السيد عباس استشهد في شباط/ فبراير.
# في أي سنة أقصيت عن الامانة العامة؟
– في آخر ربيع 1991.
على كل حال كنا نتحدث عن موضوع الانتخابات نحن معارضة نهيىء أنفسنا ونستعد لنخوض مرحلتنا السياسية الداخلية من موقعنا المعارض، في ايران يبدو ان الجو ليس كذلك، ولهذا قرروا المشاركة وقررت الاعتراض على صيغة المشاركة وليس على اصل المشاركة. وقد أثبتت الايام لاحقاً اننا خلال الفترة بين 1992 و2004 لم يكن لنا وجود نهائياً.
# من نحن لم يكن لنا وجود؟
– حزب الله.
لم نكن أكثر من حمالين في خدمة المشروع السوري نحمل على أكتافنا وزراء ونواباً للأمن السوري وهذا ما كنت أرفضه ونحن من هنا اقول كل الاساءات التي ارتكبت في تلك الفترة نتحمل جزءاً من مسؤوليتها لأننا بطريقة أو بأخرى كنا شركاء وحمالين للنظام القائم وهي اسوأ وظيفة شراكة. أي تقييم لتلك الفترة من أي جهة أعتقد انه سيخرج بهذه النتيجة. ان دورنا في تلك الفترة كان سيئاً واعتراضي على هذا الدور السيىء.
# اين مكمن المشكلة أو محورها، هل حصل مؤتمر للحزب وتم انتخاب أمين عام جديد؟
– (ضاحكاً) ليست هذه مشكلة، لنقلع عنها. هي ليست مشكلة.
# كيف تقيم تجربتك مع سوريا في تلك المرحلة؟
– النظام السوري كأي نظام في العالم العربي ضيق الأفق جداً تدور كل مصلحة النظام حول..
# لماذا الصدام بينك وبينهم أخذ هذا المنحى؟
– السوريون كانوا يرغبون في تطويع كل الناس في لبنان بلا استثناء يحاولون بكل الوسائل، بالاغراء بالتهديد بالترهيب، ان يخضعوا كل اللبنانيين لقراراتهم وان يأتي اللبنانيون الى بيت الطاعة في عنجر ويطلبون الأمان ويعلنون الاستسلام.
طبعاً نحن لا نستطيع ان نقبل لأنفسنا بدور كهذا، نحن جماعة نؤمن بالله جل وعلا شأنه، نؤمن ان الطاعة لله وليست لغيره، نؤمن ان الانظمة الحاكمة في العالم العربي والاسلامي انظمة غير عادلة فيها ظلم شديد وفوضى شديدة لا نستطيع ان نجاريها وان نخدمها ولا نستطيع ان نكون جزءاً منها. حاولوا كثيراً الى درجة ان نبقى بعض الاحيان شهوراً طويلة لا نستطيع ان نسلك الطرق المعبدة حتى لا نتعرض لأذى حواجزهم، وكنا نتعرض لتهديدات كثيرة وما شابه ذلك من قبل اجهزة الامن السورية، ومن قبل غازي كنعان، وقد حدثت قصص طريفة معه في هذا الميدان.
# عندما كنت أنت في صدارة الحزب؟
– أنا من فترة 1982 حتى 1991 كنت كبيرهم قبل الامانة العامة واثناء الامانة العامة لهذا كنت أنا الذي أتحمل بشكل اساسي المواجهة والمناكفة مع سوريا. الى ان اعترف في فترة من الفترات في جلسة أمام بعض الناس..
# من الذي اعترف؟
– غازي كنعان قال انا أخفت جميع اللبنانيين إلاّ الشيخ.
# كان يتحدث بحضورك؟
– نعم بحضوري، كان يتحدث كيف كان يأتي بجنرالاته ويحاولون اظهار القوة لعله يصل الى ما يريد.
# سماحة الشيخ القوات السورية في لبنان لنقل انها أسهمت في وقف الحرب، أمنت الخط اللوجستي لنقل السلاح للمقاومة، إذا كنا نريد ان نرى الخطاب الماضي وفي المقابل تكلمت حضرتك عن مشروع الامن السوري ومشروع الوصاية إذا اردنا ان نقيم هذه التجربة للوجود العسكري السوري في لبنان من 1976 حتى 2004 هل اساءت للعلاقات السورية – اللبنانية ام خدمتها.
– كان ممكناً للنظام السوري ان يقدم الكثير من الخدمات، لكنه لم يفعل، هو بقي في لبنان فترة طويلة 26 او 28 سنة.
في فترة طويلة من هذا الوقت كانت له اليد المطلقة، كان باستطاعته ان يرسي قواعد دولة صحيحة ويرسي نظام احترام القانون ويرسي قواعد العدل والنزاهة، ولكن للأسف لم يفعل شيئاً بل بالعكس ساهم كثيراً في الفوضى والتفتت والى النهاية. النظام السوري اشتغل في لبنان على قاعدة مصلحة نظام ضيقة وان يضع يده على كل المجموعات وكل الدكاكين وكل الطوائف وكل الاحزاب ويستثمرها جميعاً، ويضع لها حدوداً وقواعد وما شابه ذلك، طبعاً نحن بمقاومتنا للعدو الإسرائيلي كانت له مصالح كبرى فيها فمن جهة نحن شئنا أم أبينا نخدم كثيراً من هذه المصالح، لكنه كان يطمع بالمزيد من الفائدة، هذا المزيد يصطدم بمبادئنا، لهذا كنا نتحمل الكثير من الاساءة ونصبر.
يتبع
=================
5
الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)): (5) خفايا خطف الرهائن وتدمير مقر المارينـز

أجرى الحوار: زين حمود
في هذه الحلقة من الحوار المطول مع الشيخ صبحي الطفيلي يتابع الأمين العام الأسبق لحزب الله الحديث عن علاقة الحزب مع دمشق، بوقائع ومعلومات يتحدث عنها لأول مرة، مشيراً إلى ان إيران كانت تضغط على الحزب ليكون في خدمة سوريا على غرار حزب البعث في لبنان.
ومن تلك الوقائع ما حدث في ملف خطف الرهائن الاجنبية في لبنان مروراً بتدمير مقر المارينـز عام 1982، وهو ما يسرده الطفيلي عبر ما يمكن وصفه ((بأسرار)) يسحبها من جعبته.

# هل كانت لك لقاءات مع الرئيس الراحل حافظ الأسد؟
– كثيراً!
# مجرد ان نذكر هذه اللقاءات هل يمكن أن نسلط الضوء على أول ما يتبادر إلى ذهنك عن تلك اللقاءات؟
– أولاً هو كان محدثاً لبقاً، كان يتحدث في أمور كثيرة غير سياسية ويمرر بعض المسائل السياسية في مطاوي الحديث، ويشعر مجالسه انه في سمر. بعض الحكام عادة يبتلون بضيق النفس بسرعة ويلجأون إلى لغة السلطة، هو يحاول أن يتجنب ذلك.
# كان واسع الصدر؟
– نعم أذكر في إحدى جلساتنا كان متوتراً جداً في البداية، كنا في منتجع له على ساحل اللاذقية.
# كنت على رأس وفد أو وحدك؟
– لا كنا وفداً، كان متوتراً وكان يومها هناك صدامات بين حزب الله وأمل. وكان متفقاً مع السيد الخامنئي ومن خلال اتصال تلفوني، وقد أخبرني الإيرانيون ان السيد الخامنئي قال له حزب الله في خدمتك أنت تستطيع أن تستفيد من حزب الله بالشكل الذي تراه مناسباً. هكذا أبلغني الإيرانيون وأنا كنت منـزعجاً جداً. أولاً أنا لا أقبل، أنا لست خادماً لا لفلان ولا لفلان، أنا خادم لقضية أؤمن بها، نحن شركاء عمل، أنا لست للبيع أو للشراء، لا اقبل من خامنئي أن يبيعني لفلان وفلان.
ذهبت إلى هذا اللقاء وفي ذهني هذا التفاهم الإيراني – السوري. المهم التقينا وكان هو في البداية متجهماً جداً ودام اللقاء 3 ساعات حاولت أن أخرج من هذا التفاهم بينه وبين السيد الخامنئي الذي ينص أن حزب الله بخدمتك وماذا تريد هو بخدمتك، أي على غرار حزب البعث السوري في لبنان، كما نفعل اليوم.
# اليوم حزب الله على غرار حزب البعث؟
– نترك الأمر لمن يرغب التقييم.
# كان متجهماً؟
– نعم، حاولت أن أوضح له اننا أصحاب مشروع، مشروعنا لا يتناقض مع سياستك بل بالعكس ينفعك، مشروعنا لا يصطدم مع مشروعك في لبنان، مشروعك في لبنان مشروع الدولة. أنتم ترغبون ان تكون الدولة في خدمتكم. نحن لسنا دولة قط، ليس هناك بديل عنا لهذا الدور الذي تقوم به ، لن ننازعكم سلطانكم في الشأن اللبناني، بعد أكثر من ساعة بدأت تتغير معالم وجهه وبدا الارتياح عليه إلى ان توافقنا وخرجت من التفاهم السوري – الإيراني في حينه.
# توافقتم على ذلك؟
– توافقنا على الذي طرحته، وكان معنا علي دوبا وقال له بالحرف الواحد يا علي اذهب ونفذ الاتفاق مع الشباب. الشباب يقصد يومها أبو جمال والشهابي. لكن علي كان متجهماً جداً، ومن تجهمه أدركت ان هذا الأمر لن ينجح.
# يعني هذا الاجتماع كان الأخير مع الرئيس حافظ الأسد وعلى أساسه أبعدت؟
– هذا كان قبل الامانة العامة.
# في أي سنة تقريباً؟ هل خلال اشتباكات أمل – حزب الله 1988؟
– أظن في 1988.
# الرئيس بشار الأسد هل أتيح لك لقاؤه؟
– لم ألتقه، كانت لي معرفة بأخيه باسل، يومها كان هو المتصدي للعلاقات العامة السياسية مع الآخرين0
# هل كنت تلاحظ فرقاً بين الشخصيتين باسل وبشار؟
– لم ألتق بشار، لا أستطيع أن أقيّمه، من خلال التلفزيون اعتقد ان التقييم يبقى ناقصاً.
# إذا عدنا إلى لب المشكلة وقبل ان نتكلم عن ذلك، آخر مرة التقيت فيها السيد نصرالله متى كانت؟
– في أيلول 1997 تقريباً.
# الآن هل التواصل مقطوع؟
– منذ ذلك الزمان التواصل المباشر والحديث بيني وبينه منقطع، جرت محاولات لعلاج الأمور من خلال رسل كان آخرهم المرحوم عماد جاء إليّ في عام 2005.
# قبل حرب تموز؟
– نعم قبل حرب تموز، في ربيع 2005.
# ولم تثمر الزيارة؟
– الحقيقة هو فاجأني بالزيارة، ولم أكن أتوقعها، قيل لي انه هنا، طبيعي أن يتبادر إلى ذهنك انه جاء للحديث في هذه المواضيع، لكنه تحدث في مواضيع كثيرة غير هذا الموضوع ، زارني لأيام وبقي ليالي طويلة ولم يتحدث عن ذلك.
# هل لك شروط معينة تطرحها لإعادة تطبيع العلاقة بينك وبين القيادات الحالية لحزب الله؟
– ليس عندي شروط، وليس عندي أي مشكلة في هذا الموضوع.
# مشكلة في المواقف والسياسات المتبعة؟
– المشكل عند السلطة الايرانية ، شباب الحزب بشكل عام أوادم وهم أولادي واخوتي، عادة ليس بيني وبينهم ما يزعج، الموضوع موضوع إيران، الإيراني ككل الحكام في العالم الاسلامي والعربي يؤلمه ان لا ترى فيه رباً يعبد.
# في هذه المرحلة برأيك هل الحضور الإيراني بارز، يحكى ان هناك هوامش واسعة للقيادة اللبنانية لاتخاذ ما تريده من قرارات؟
– لنفترض ان هذا الأمر صحيح، ماذا يقدم وماذا يؤخر بشكل عام، هل هذا ينقض ما أقول، لنفترض ان إيران تثق ان زيداً من الناس أو عمراً نشيط جداً في الأمور التي تريدها، أنت تقول ((هامش واسع))، هم يحددون الهامش الواسع والضيق وبالتالي هناك قائد، وسياسة محددة وهناك سائق لهذه المركبة.
# إذا أردنا أن نتكلم اليوم عن حزب الله مقارنة مع حزب الله لحظة التأسيس، تكلمنا المرة الماضية عن مشروع المقاومة كما ذكرت انه انتهى عام 1996 مع التفاهمات هناك موازين جديدة في الصراع العربي – الإسرائيلي هناك تسليح دائم وهناك قوة ردع، حزب الله أضحى من المعادلة الاقليمية نتيجة هذا الوضع، صارت إسرائيل تحسب ألف حساب وحضرتك تحدثت انه عندما تم الغزو الإسرائيلي لم يكن هناك دولة ولم يكن هناك جيش والاحزاب اليسارية والمنظمات الفلسطينية انهارت اليوم هناك قوة أصبح يحسب لها حساب. تبدلت قوة المقاومة وصار يحسب لها ألف حساب في الداخل وفي المنطقة أليس هذا تطوراً نوعياً في مسار الحزب؟
– في أي اتجاه؟
# ضمن معادلة الصراع العربي – الإسرائيلي.
– في اتجاه التحرير؟
# بمعزل عن التحرير.
– اليوم هل هناك معادلة عربية – إسرائيلية هؤلاء اسرائيليون أعداؤهم من؟ المعادلون لهم عربياً من؟
# ماذا تقصد بالقوة التسليحية الهائلة؟
– عندنا أرض محتلة، عندنا قدس ضائعة، عندنا شعب يقتل بأطفاله، بنسائه، بشيوخه من قبل المجتمع الدولي ليس فقط من إسرائيل. يقال فلان يرتكب جرائم ضد الانسانية، المجتمع الدولي اليوم يرتكب جرائم ضد الانسانية في فلسطين بكل معنى الكلمة، هذه أين؟ أنت قبل قليل قلت لبننة الصراع، أي نحن اعداء للاسرائيليين الى حدود لبنان، اي ليس لنا علاقة بالقضية الفلسطينية اين ترسانتنا المسلحة..
# ممكن ان تكون رهن الظروف وطبيعة التوازنات وعندما يكون كل العرب متقاعسين كما هو واضح عن اداء دورهم..
– العرب ليسوا متقاعسين – الانظمة متواطئة، الشعوب مظلومة ومقهورة ومقموعة، الشعوب لم تهزم بل فرضت عليها الهزيمة من قبل انظمتها. وهذا الذي اردنا ان نثبته من جملة الاهداف للمقاومة، اردنا ان نثبت اننا لم نهزم وانما منعنا ان ندافع عن انفسنا ومنعنا من التحرير من قبل الانظمة عندنا، العدو لم يكن من القوة والغلبة التي يستطيع فيها منعنا من التحرير، الذي منعنا من التحرير هو الانظمة الحاكمة في بلادنا، قد تتحدث اليوم ان هناك معادلة، ليس هناك معادلة هناك انظمة تخدم المشروع الاسرائيلي، نحن مشكلتنا مع الانظمة الحاكمة في بلادنا، ليس مشكلتنا مع العدو الاسرائيلي. العدو الاسرائيلي لو تركنا وإياه لعالجنا مشكلتنا معه منذ زمن وحررنا بلدنا منذ زمن وأقصد ببلدنا فلسطين.
# لماذا تريد إلقاء كل هذا العبء على المقاومة في لبنان؟
– المقاومة تفقد عنوانها حينما تنتظر الانظمة العربية لتقوم بدور، والانظمة العربية نعرف انها تقوم بدور الحارس الاسرائيلي وبانتظار الانظمة نصبح جزءاً او حبة من حبات المسبحة الممدودة في المنطقة نحن دورنا ان نخترق، أن نقطع خيط المسبحة، دورنا ان نفرض وجهة نظرنا على الآخرين.
في بعض جلساتي مع الرئيس حافظ الاسد كنت واضحاً، اظن في الجلسة الاولى او الثانية قلت له ويومها كانت قضية فييتنام ما زالت حديثة العهد، إجعلونا في لبنان فييتنام. أنتم في سوريا لكم ظروفكم والنظام المصري له ظروفه، وكل الانظمة لها ظروفها.
نحن في لبنان حاضرون على رؤوس اطفالنا وبيوتنا، حاضرون ان نتحمل العبء، يا اخي دعوا هذا المكان جرحاً نازفاً بيننا وبين الاسرائيليين.
# الفعل زاد طول السنوات الماضية ضمن لعبة المساومات؟
– تارة مضطر اخوك لا بطل، وتارة هذه استراتيجية سياسية عسكرية تبني عليها مستقبل الامور.
# سماحة الشيخ ما هي وظيفة هذا السلاح في هذه المرحلة اذا لم يكن له صفة ردعية او صفة المقاومة كما كانت له ايام التأسيس؟
– بصراحة نفس دور السلاح العربي.
# القمع الداخلي يعني؟
– نعم، انا منذ زمن بعيد كنت اذا نظرت الى سلاح بيد جندي عربي احساسي المباشر ان هذا السلاح لم ولن يستخدم الاّ في وجه اطفال هذه الشعوب، لم يستخدم دفاعاً عنها، هذه جيوشنا العربية كلها لم تستخدم سلاحاً في الدفاع عن كرامات الامة ولا عن حدود الاوطان ولا عن اي شيء وفي هذا الميدان قصتنا محزنة والحروب مع الكيان الاسرائيلي في 56 وفي 67 وفي 73 مخزية هذه قصتنا.
# لكن الجيوش العربية لديها انظمة تدافع عنها؟ ماذا لدى حزب الله حتى يدافع عنه هل يدافع عن نظام هو نظام حزب الله؟
– قلت لك أسأل الله ان لا نصل الى هذه الايام السوداء، ومن الامور الخطرة المخيفة ان ندخل في حرب اهلية في لبنان ويكون هذا السلاح جزءاً اساسياً من هذه الحرب.
# هل تخاف شخصياً من هذا السلاح على حالتك التي تمثل لا على شخصك؟
– عادة انا لا افكر بهذه الطريقة ولا أسمح لنفسي ان افكر بهذه الطريقة.
# لماذا لا تبادر الى طلب موعد من قيادة حزب الله والسيد نصرالله لطرح كل هذه الامور وبحثها معهم؟
– ليس لدي مشكلة لأطرحها، ليس عندي قضية أطرحها معهم.
# من خلال ما تطرح من مواقف؟
– هذه المواقف تحدثنا واياهم كثيراً عنها وهم يعرفونها وهي مبادىء الحزب ومبادىء الدين.
# هم لا يلتزمون مبادىء الحزب اليوم؟
– يلتزمون مبادىء ايران.
# ايران ماذا تريد من لبنان تحديداً او من حزب الله تحديداً، اشرت في الحلقات الماضية الى ذلك. هل هناك في لبنان اهداف محددة تتوخاها كتعزيز قدرتها..
– تحدثنا عن هذا وأنت استغرقت في نقاط تفصيلية، لا احب ان اكون أسير هذه العنعنة واريد ان أخرج من هذا لنتحدث عن مصالحنا عما ينفع وما يضر.

تدمير مقر ((المارينـز)) وخطف الرهائن
# ضمن السياسات القائمة الآن سياسات الحزب وحلفائه كونهم يمثلون الاكثرية في النظام الحالي الى اين تتجه البلاد؟
– الى النهاية نفسها التي كانت ذاهبة اليها مع 14 آذار/ مارس. ليس هناك في لبنان نهج يختلف عن نهج، هذه السياسة تنتهي الى الفساد وخراب البلد، وتلك السياسة تنتهي الى الفساد وخراب البلد.
# كوننا نتكلم عن الحزب وأدائه، في الفترة التي تصدرت فيها العمل في قيادة الحزب التصقت باسمه صفة الارهاب يحكى عن خطف الرهائن، عن خطف الطائرات، تدمير مقر قوات المارينـز والقوات الفرنسية واللافت انه بمجرد خروجكم من الامانة العامة للحزب لم يعد يحصل هذا النوع من العمليات، فبماذا تدافع عن نفسك؟
– القوات الاميركية والفرنسية في لبنان لم تكن مصطافة. كانت قوات عسكرية وجاءت لمشروع سياسي، وللشعب اللبناني الحق في ان يدافع عن نفسه. اما في ما يتعلق بموضوع الرهائن، هذا الموضوع ذكرته مراراً مع اغلب وسائل الاعلام التي كانت تتحدث عنه.
نحن تضررنا منه كثيراً واعترضنا عليه منذ بدايته. كافحنا في محاولة منا لوضع حد له وعجزنا، اتحدى اي انسان يثبت ان حزب الله في تلك الفترة كانت له ولو علاقة متواضعة بهذا الامر، بل العكس، اذكر انه زارني غازي كنعان مراراً، في بداية هذا الملف طالباً علاج هذا الموضوع، طبعاً انا لا استطيع ان اقول لغازي كنعان نحن ليس لنا علاقة وفلان له علاقة والجهة الفلانية لها علاقة. لا اريد ان أدخل في فتنة، وذكرت لك اننا تحملنا كثيراً من السياسات بحكم موقعنا وبحكم وضعنا، وما زلت انت الى الآن تتحدث عن ذلك.
# لا نحن نصفي مرحلة؟
– طلب معالجة ملف الرهائن لأن الاميركيين والاوروبيين يضغطون على سوريا، كنا في حينها في جدال شديد بيننا وبين الايرانيين حول هذا الملف وكلما التقينا كنا نتحدث عن هذا الملف ونعمل في اتجاه وضع حد له قبل ان يحدث الجدال مع الايرانيين.
# جدال مع الايرانيين بأي صفة؟
– نحن ضد هذا الملف، والايراني يستطيع ان يوقف هذا الملف، كان يزورني غازي كنعان اسبوعياً في البيت سائلاً اين وصلت؟ الى ان اخذت كلاماً من الايرانيين انه خلال هذا الاسبوع سينتهي كل شيء. جاءني في الاسبوع نفسه وقلت له سيعالج الموضوع خلال شهر أعطيت نفسي وقتاً حتى اذا تخلف الايرانيون يوماً او يومين او اسبوعاً لا أظهر وكأني لست دقيقاً. اردت ان ابقي لنفسي فسحة من الوقت فقلت خلال شهر، وكان مسروراً بهذا وابلغ الرئيس الاسد. بعدها بأيام قليلة جداً وقعت حادثة ماكفرلين، الطائرة الاميركية التي حملت ماكفرلين وبعض الاغراض الى طهران واخذوا مقابل ذلك رهينة وتعطل مشروعنا. الاميركان يعرفون هذا والسوريون يعرفون هذا والجميع. اذن نحن كحزب الله الذي أنتمي اليه انا..
# ما زلت تنتمي الى حزب الله؟
– حزب الله، انا لا يمكن ان اكون من حزب الشيطان.
# اقصد في الاطار التنظيمي؟
– من اول يوم، اعتبرنا ان هذه جريمة تمس قيمنا وقضايانا وتسيء الى مفاهيمنا وتعرض سمعتنا ونحن رسالة للامم لا يجوز ان نقدمها مشوهة او ملوثة. موضوع خطف الرهائن لـوّث هذه الرسالة كثيراً.
# أريد ان أختم، ماذا ينتظر الشيخ صبحي الطفيلي في هذه المرحلة؟ هل تراهن مع المراهنين على الربيع العربي، هل تراهن على سقوط النظام السوري، هل تراهن على ضعف وتراجع قوة حزب الله وبالتالي الامساك مجدداً بزمام الامور؟
– انا لا افكر بهذه الطريقة اولاً انا لا أفكر بالطرق والمنافذ التي توصلني الى شيء من مواقع الدنيا. كل ما في الامر احاول ان استكمل ما بقي من عمري في خدمة مصالح الامة والناس وما شابه ذلك، لعلي أنفع بكلمة او بموقف او بخدمة. هذا المقدار الذي يشغل ذهني ويشغل همي في هذه الايام وأي حديث آخر او اجتهادات اخرى..
# هل اصبحت زاهداً بالعمل السياسي؟
– لست زاهداً بشيء، أنا واجبي الشرعي ان أقف وأن أعمل، لكن لا افتش عن موقع لي في الدنيا. فعلاً انا لا افتش، لكن اذا كان واجبي ان اضع أحمال الدنيا على كتفي لن أتأخر.
# كلمة اخيرة.
– أتمنى على القيادة الايرانية ان تقرأ وجهة نظري بعقل منفتح وتقيم المرحلة الماضية وتحاول ان تعيد النظر بالاخطاء التي تمارسها، وتعود الى الموقع الذي نحبه لها خاصة في ظل ما يعرف اليوم بالربيع العربي الذي نأمل منه ان يكون ربيعاً إسلامياً، اذا قدر لشعوب المنطقة ان توفق بقيادات نصوحة، صادقة، يمكن ان تتلاقى وتشكل بداية عالم اسلامي جديد، بداية تعاون كما أمرنا الله جل وعلا شأنه، بالتعاون والتعارف وخدمة الحق.
يتبع

==============
6

الأمين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي يتحدث لـ((الشراع)): ((6))

الشيخ صبحي الطفيلي

عن حزب الدعوة والاخوان المسلمين والسلفيين
في هذه الحلقة من الحوار مع الأمين العام الاسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي وقفة مع عدد من القضايا والمواضيع في مقدمتها الوضع في العراق وحزب الدعوة الذي كان الطفيلي عضواً فيه من العام 1966 حتى العام 1982 إضافة إلى نظرته إلى حركة الاخوان المسلمين والحركات السلفية.
وفي ما يلي نص الحوار:
أجرى الحوار زين حمود
*مع انتهاء أزمة العراق الأمنية والاقتصادية ستحتل النجف مكاناً مرموقاً عربياً وإسلامياً
*الاخطار في العراق كبيرة والأميركيون قبل رحيلهم زرعوا ألغاماً كبيرة
*حاول الإيرانيون أن يفعلوا في العراق ما فعلوه في لبنان لكنهم لم ينجحوا
*الشعب العراقي يتعاطى مع الإيرانيين بندية أكثر من اللبنانيين والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية ضعف كثيراً بسبب ذلك
*فضل الله وشمس الدين كانا أبرز وجوه الجناح اللبناني لحزب الدعوة
*حزب الدعوة هو توأم ((الاخوان المسلمين)) في تبني الفكر الاسلامي
*لم تسجل حركة الاخوان المسلمين على نفسها مواقف غير مدروسة وقد اتصفت بالتأني والروية رغم انها مرت بفترات عصيبة جداً
*يوم إعدام سيد قطب كان حزيناً جداً في النجف
*كلنا سلفيون ولكن سلفية اليوم ضرر بعضها أكثر من نفعها وهي محل إشكال شرعي
*السلفية مرتع واسع لأجهزة الأمن والاستخبارات وهي مناخ خصب لأهل الاهواء
*لا مشكلات حقيقية بين التيار الصدري وحزب الدعوة في العراق وعليهم تشكيل خلية عمل واحدة

# بالنسبة لحزب الدعوة كنتم احد اعضائه لماذا انتسبتم الى الحزب وفي أي سنة؟
– قبل سفري الى النجف كنت خالي الذهن تماماً من كل عمل منظم، وبعد فترة وجيزة من وجودي في النجف بدأت ادرك اننا بحاجة الى عمل منظم، وان أعباء امانة الله في الارض تحتاج الى جهود متكاتفة، متعاونة، وتحتاج الى تنظيم، وسمعت ان في النجف تنظيماً برعاية بعض الاسماء التي تحتل مكان ثقة واحترام لدى الجميع، فبادرت بالتفتيش عن بعضهم لأنهم كانوا تنظيماً سرياً، وفاتحت من كنت أظن أنه منهم برغبتي بالعمل معهم ووافق الحزب على عملي معهم.
# في أي سنة؟
– إما في 1966 أو 1967 في هذا الزمن تقريباً، هكذا بدأت اعمل في حزب الدعوة.
# ما هي أبرز الافكار التي لفتتك ودفعتك للانتساب الى هذا الحزب؟
– هناك ضرورة لعمل منظم، لا بد من جهد جماعي كبير للقيام بالمسؤوليات فالجهود الفردية لا تستطيع ان تعمل شيئاً وليس في الساحة تنظيم او جهة تعمل جماعياً غير هؤلاء وهم محل ثقة المجتمع النجفي.
# تقصد المراجع؟
– بشكل عام محل ثقة مراجع وغير مراجع، فمن الطبيعي لإنسان مثلي يفتش عن عمل لخدمة دينه وليس في الساحة غير هؤلاء وهم محل ثقة، ان يبادر للوصول اليهم والعمل معهم.
# الى متى استمرت عضويتك في حزب الدعوة؟
– استمرت حتى سنة 1982.
# هل كان هناك جناح لبناني لحزب الدعوة؟
– حزب الدعوة كان بشكل اساسي في العراق ثم بدأ ينتشر وبعد فترة بات له جناح لبناني.
# من كان ابرز الوجوه في الجناح اللبناني؟
– لا احب ان أدخل بالاسماء.
# تردد اسم السيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد مهدي شمس الدين؟
– كثير من هذه المترددات صحيحة لكن لا أحب ان اذكر أسماء.
# خلال عضويتك في حزب الدعوة من 1966 الى 1982 اي ما يقرب من 16 عاماً ما الذي أنجزته هل بقي عملكم في إطار الدعوة او هل كان هناك حراك شعبي او تنظيمي او سياسي؟
– العمل في تنظيم حزب الدعوة كان منسجماً تماماً مع عملي كإمام مسجد او كطالب علوم دينية او استاذ في الحوزة او ما شابه ذلك، وليس هناك ثنائية في العمل. العمل داخل التنظيم هو جزء من العمل العام وحزب الدعوة في تلك الفترة في العراق كان يعتبر نفسه في المرحلة الاولى التي يسميها المرحلة الثقافية فهو لم يباشر عملاً سياسياً، لم يواجه النظام، ولم ير انه حان وقت التظاهرات او ما شابه،وإن كان يدعم التحرك السياسي والشعبي للمرجعية كان يحاول ان يبني جمهوره كمقدمة، لهذا لم يحتك بالنظام مباشرة ، وان بادر النظام لضرب الحزب باكراً محاولاً اجهاض مشروعه قبل ان يبادر الحزب الى اي خطوة.
كان للحزب تأثير ودور كبير على الساحة العراقية وبعض الساحات الاخرى ومنها الساحة اللبنانية حيث كان له تأثير لا بأس به.
# حكي في تلك الفترة انه كان الجناح الشيعي او التوأم الشيعي لحركة الاخوان المسلمين الصاعدة في تلك الفترة في المنطقة؟
– حركة الاخوان المسلمين كحركة سياسية تتبنى الفكر الاسلامي وساحتها ساحة العالم الاسلامي السني، وحزب الدعوة كذلك حركة اسلامية تتبنى الاسلام وساحتها الساحة الشيعية ويمكن بهذا العنوان أن نقول انهما توأم.
# هل كان هناك تعاون يجمع بين الحزب والاخوان المسلمين؟
– لم تكن حركة حزب الدعوة قد وصلت الى مكان تحتاج فيه الى تعاون، كانت ما زالت في مرحلة البناء. نعم في بعض المناطق كان حضورها قوياً يحتاج الى تعاون او تنسيق او لقاءات، هذه الامور كانت تحصل لكنها كانت محدودة جداً.

الاخوان المسلمون
# اذا أردنا ان نقف عند رأيك او نظرتك الى حركة الاخوان المسلمين اذا كان هناك نظرة اجمالية كيف يمكن ان تلخص موقفك من هذه الحركة؟
– لا اشكال ان حركة الاخوان ملأت فراغاً واسعاً في العالم الاسلامي، تقريباً نستطيع ان نقول ان كل النشاطات الاسلامية الحديثة تستمد بعض امكانياتها من جهود هذه الحركة.
يمكن للمرء ان يقول انها لم تسجل على نفسها مواقف غير مدروسة ما خلا بعض الحالات .
# تقصد التطرف؟
– نعم، مواقف غير حكيمة ، ليس التطرّف دائماً غير حكيم، في بعض الأحيان قد يكون عين الحكمة، على كل حال اتصفت بالغالب بالتأني وهدوء الاعصاب والروية طيلة هذه الفترة، رغم انها مرت بفترات عصيبة جداً وايام مرة ، اذكر اننا كنا في النجف وكان سيد قطب معتقلاً في مصر وكنا نحتج على هذا الاعتقال، وحينما تناولت وسائل الاعلام امكانية إعدامه كنا نتحرك نحو المرجعيات للضغط عليها كي تتواصل مع النظام المصري وتمنع اعدام سيد قطب، وفعلاً بعض المرجعيات في النجف عبر برقيات او غيرها حاولت ان تتجاوب مع تحركاتنا.
اذكر حينما علمنا بنبأ اعدام سيد قطب كان يوماً حزيناً جداً في النجف واعتبرنا حينها ان الاسلام والحركة الاسلامية تعرضا لطعنة مؤلمة.
# الى اي مدى حركة الاخوان المسلمين اليوم تشبه حركة الاخوان بالامس خاصة انها تتصدر اليوم حركة الثورات العربية في اكثر من بلد عربي؟
– انا ألاحظ في هذه الفترة الكثير من الحكمة، انا لا اذكر هذا الكلام لأنهم يمكن ان يصلوا الى السلطة ويكثر المداحون في هذه الفترة، في الحقيقة انا تابعت نشاطاتهم في مصر بشكل خاص وفي باقي الدول، تابعت اداءهم وكان اداء منضبطاً جداً هادئاً غير منفعل حاولت اطراف كثيرة ان تخرجهم عن طورهم وان تحشرهم في الزاوية لكنهم يبدو انهم كانوا اكثر عقلاً، ونسأل الله ان يوفق مصر للخروج من هذه الفوضى القائمة الى تأسيس دولة مدنية منظمة ناجحة.
# هذا الكلام عن الاخوان المسلمين هل ينطبق على الحركات السلفية السنية؟
– الحركات السلفية، انت قلت حركات، اي وجوهاً، وأشخاصاً ومجموعات تجد الكثير من التباين بين هذه المجموعات، هم اشخاص اكثر منها تيارات، كلنا سلفيون، السلفية بمعنى الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الاقتداء بالأعمال الصالحة لأصحاب رسول الله، وأهل البيت والسلف الصالح هذه سلفية مباركة، طبعاً نحن نأخذ ديننا عن الماضين، لكن ربما هذه الجهة او تلك او هذا الشخص او ذاك يحاول ان يقلد فلاناً من السالفين بشكله أو منطقه أو سلوكه أو فكره تقليداً أعمى. قيمة هذا التقليد أنه فِعل الماضين0 هذه سلفية ضررها أكثر من نفعها وهي محل إشكال شرعي.
الى الآن لا اجد في ما يسمى بالسلفية الكثير من الاضاءة، والظاهر انها مرتع واسع لأجهزة الامن والاستخبارات، باعتبار ان فيها فوضى وهي مناخ خصب لأهل الأهواء والسلوكيات الغربية بالمشاريع المريبة، من هنا أتمنى على كل المخلصين، وطبعاً فيهم مخلصون وطيبون، اتمنى عليهم ان يرتبوا شأنهم بالشكل الذي ينفع الامة، طبعاً لا نقول ان يمنعوا الضرر ولكن ان يخففوا الضرر ما استطاعوا، ويمكنهم ان يفعلوا ذلك او بعضهم يمكنه ان يفعل ذلك.
بالنتيجة السلفية ساحة مفتوحة لكل العناوين والاطر الصالحة وغير الصالحة.
# هناك جهات تكفيرية لدى بعض هذه الحركة، المسلم يكفر المسلم سواء كان سنياً او شيعياً ما رأيك في هذه الظاهرة؟
– التكفير عند كل المذاهب تقريباً، التكفيرية والصراع واستباحة الدماء بين المسلمين، موضوع سياسي نابع من تاريخنا الدموي، السلطوي وبعض هؤلاء ربما لا يدرك ابعادها السياسية او مضامينها او حيثيات نشوئها فيتصورها من اصول الدين ويبدأ بتكفير الناس.
التكفيريون موجودون عند السنة وعند الشيعة وفي اغلب المذاهب بينما كل من قال لا اله الاّ الله محمد رسول الله حرم ماله ودمه وعرضه على أخيه المسلم.
# يعني لا يجوز تكفير المسلم للمسلم؟
– لا يجوز بأي حال من الاحوال، الكفر في شرع الله واضح ومعروف، خاصة وان منطق التكفير سلاح سياسي يرفعه قادة الحروب في وجه الخصوم و هو منطق ذهب على جوانبه الكثير من الدماء واستبيحت شعوب بكاملها، أنهك الاسلام وضعف وتمزق المسلمون، بسبب هذا المنطق القاتل المعادي لدين الله، نحن واجبنا نشر الاسلام وجمع الكلمة ودعوة المسلمين لإقامة دين الله وليس حمل السيف وقتلهم: ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)).
أتوجه الى كل المسلمين وخاصة الذين يتبنون افكاراً متطرفة وحادة تعادي منطق الآخر وتكفره ان يعيدوا النظر لأن هذا المنطق وهذا التطرف يخدم فقط اعداء الدين والدول ذات المطامع الشريرة في المنطقة ويؤذي ويدمر ويقضي على المسلمين والاسلام.

حزب الدعوة اليوم
# عودة الى موضوع حزب الدعوة، كم يشبه حزب الدعوة اليوم وهو جزء من السلطة الحاكمة في العراق حزب الدعوة الذي أردته وكنت عضواً فيه؟
– كنا في حزب الدعوة حينما كان يرفع شعار المرحلة الثقافية، اليوم هو على رأس النظام في العراق الذي أسسه الاميركان، النظام العراقي الذي بنيت فيه كيانات ودويلات والذي تتداخل فيه مصالح الدول الكبرى والمصالح الاقليمية وتحاول هذه الدول ان تترجم تدخلها بأعمال عسكرية وأمنية ممزقة، لا اعتقد ان احداً يتمنى ان يكون محل السلطة في العراق.
# مكرهة او مستفيدة، هل هي مكرهة على هذا الوضع؟
– لا يجوز لأي انسان ان يتخلى عن مسؤولياته، مهما كانت صعبة ومعقدة، سواء في العراق أوغيره فإذا كانت البلاد ممزقة والتدخلات قاسية وقاتلة وهناك فرصة لإنقاذ البلاد عليّ السعي. نعم يحكم على المسائل بنهاياتها فإذا كنت حاكماً مستغلاً للفرص وغير مهتم بإصلاح البلد وإعماره وانقاذه اي مجرد قناص فرص فأنت سيىء وجزء من الشر الذي اجتاح العراق، واذا كنت مسؤولاً والنار تلتهب في اطراف العراق وحاولت ان تطفئها وتجمع الكلمة وتبني ما تهدم تنقذ البلد من مخالب الشر وسواء نجحت أو فشلت فأنت مشكور.
# اين تضع اداء السلطة الحالية في السياق الاول او الثاني الذي ذكرت؟
– آمل ان يكون لمصلحة العراقيين، ثقتي بإخواننا في حزب الدعوة ممن أعرف منهم طبعاً، وانا قديم عهد بهم ثقتي كانت عالية، وأسأل الله ان تبقى هذه الثقة في محلها، في اي حال نحن ننتظر ونراقب ونسأل الله ان يوفقوا في الوصول الى شيء حسن ومفيد وان لا يكونوا جزءاً من الفساد.
# هل كانت تربطكم علاقة برئيس الوزراء الحالي نور المالكي؟
– لا ليس هناك علاقة خاصة بيني وبينه.
# هناك اليوم قيادات في حزب الدعوة موجودة في السلطة هل هناك تواصل بينكم وبينهم؟
– هناك تواصل محدود جداً بحكم انشغالهم وبحكم وضعي الظرفي.
# هناك مشاكل اليوم ظهرت اذا اردنا ان نضيء قليلاً على الوضع في العراق هناك التيار الصدري وحزب الدعوة وهناك ما يتجاوز التنافس الى صراع فعلي حتى قيل ان المالكي ذهب مؤخراً الى زيارة ايران لاعادة ترتيب الوضع الشيعي في العراق او حماية وضعه داخل الائتلاف الحاكم؟
– الساحة العراقية ككل الساحات حين تعم فيها الفوضى والتدخلات، لا أعتقد أن بين التيار الصدري وحزب الدعوة مشكلات حقيقية، المشكلة كانت في الاصطدامات التي وقعت على الارض بين التيار الصدري والسلطة نتيجة قدرة بعض الأطراف في حينه على العمل تحت مظلة التيار وجره إلى هذه الصدامات. وأعتقد ان السيد مقتدى الصدر اشار في بعض محطاته الى هذا الامر، لهذا هم بحاجة الى ان يلتقوا كثيراً وان يتحاوروا، بحاجة ان يشكلوا خلية عمل واحدة حتى يعالجوا أمورهم طالما ان النيات على ما أظن عند الطرفين حسنة.
# فيما يتعلق بشخصكم الكريم من أقرب لك في العراق، حزب الدعوة او التيار الصدري في هذه الظروف؟
– أصولهما واحدة وفكرهما واحد ومنبعهما واحد.
# يحكى ان التيار الصدري هو حزب الله العراق بحكم علاقته الوطيدة مع ايران والاقامة الدائمة او شبه الدائمة لمقتدى الصدر في طهران؟
– حاول الايرانيون ان يفعلوا شيئاً في هذا الاتجاه لكنهم لم ينجحوا، الساحة العراقية تختلف عن الساحة اللبنانية، الشعب العراقي يتعاطى مع النظام الايراني بندية اكثر من تعاطي الشعب اللبناني الشيعي مع ايران، التيارات العراقية التي تنتمي سياسياً الى ايران تضعف في العراق وينبذها الشعب العراقي مثلاً المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق ضعف كثيراً جداً.
# بسبب اغتيال الحكيم؟
– لا، لا، للسبب الذي ذكرته لك، كل التيارات العراقية المنتمية عضوياً الى الجهاز الحاكم في ايران تذوب او تضعف وتتحول الى اجهزة امنية. أنا لا اتحدث عن بعد في هذه المسألة، بحكم علاقاتي ومعرفتي أنا عشت فترة طويلة في المدن العراقية كنت إمام مسجد في الخالص وإمام مسجد في الحلة وفي الديوانية، علاقتي بالعشائر العراقية قوية وكانت علاقتي بالساحة العراقية واسعة وعميقة لهذا أنا اعرف طبيعة المناخ العراقي ومعلوماتي الاخيرة كذلك تكشف عن هذا الامر.
# بماذا تنصح الصدريين وحزب الدعوة خاصة اننا اليوم في الشهر الرابع بعد الانسحاب العسكري الاميركي هناك مرحلة جديدة في العراق ما هي نصيحتك له؟
– الاخطار في العراق كبيرة، الاميركان قبل ان يرحلوا زرعوا ألغاماً كبيرة، هناك في العراق اليوم تشنج طائفي كبير. هناك طموحات قومية لبعض الجهات، طموحات خطرة، العراق بحاجة الى جبهة داخلية قوية تشكل اغلبية الشعب العراقي وليس اغلبية طائفية، العراق لا ينقذه ان يتوحد الشيعة ويصبحوا اغلبية فيه وتتعاطى باقي المذاهب والطوائف على انها اقليات مهمشة هذا ليس انقاذاً للعراق، نحن بحاجة في العراق الى اغلبية عراقية تحميه وتنقذه من الالغام الكثيرة المنتشرة فيه.
بتقديري حزب الدعوة والتيار الصدري يشكلان اسساً حقيقية لهذا الجسم الذي يمكن ان يصون العراق، ينبغي ان تعمل هذه الجهة بشكل جدي مع شرائح اخرى من الشعب العراقي كردية وسنية تؤمن بوحدة العراق وضرورة انقاذه كي تكون السلطة في العراق سلطة كل الشعب العراقي. انا اعلم ان هناك شرائح حقيقية وفئات من الطيف العراقي يمكن ان يتكون منها هذا الجسم من هنا انا اناشد كل المخلصين في العراق وخاصة القادرين وعلى رأسهم حزب الدعوة والتيار الصدري ان يبادروا وبسرعة الى تشكيل الجبهة العراقية الواسعة التي تحفظ البلد وتبنيه.
# هل تجاوز العراق برأيك خطر التقسيم او مشاريع الفدرلة؟
– التقسيم في العراق حلم البعض وأنا أنصح اصحاب هذا الحلم ان يعودوا عنه. الحلم هذا قديم عند الاكراد، سواء ان كانوا في العراق او في تركيا او في ايران ففي هذا المثلث كل الدول تعتبره قاتلاً بالنسبة إليها، تركيا تقاتل حتى بأسنانها لمنع هذا كذلك العراق وايران، من هنا إمكانية قيام نظام سياسي كردي مستقل في المنطقة بنظري شبه مستحيلة. لهذا انا ادعو كل الاكراد في المنطقة ان يناضلوا في سبيل رفع الظلم عنهم وإقامة أنظمة ديمقراطية عادلة ، انا معهم، مع كل مظلوم، أكراداً او غير اكراد انا ضد ان يشعر الكردي في العراق او في تركيا او سوريا او ايران انه مهمش ومظلوم وانه مواطن درجة ثانية او ثالثة، يجب ان يشعر انه مواطن على قدر المساواة مع كل المواطنين عملياً. أنا ادعو ان يناضل هؤلاء الى مواطنية كاملة حقيقية وأدعو الدول ان تحترم نفسها وان تتعامل مع شعوبها على اساس ان هذه الشعوب شعوب واحدة وليس فيها أسياد وعبيد.
# هناك سؤال سماحة الشيخ يتعلق بموقع النجف فهناك اليوم من يقول ان النجف الاشرف فقد موقعه التاريخي الذي كان يتميز به بعد ان صعد نجم قم ونجم حوزات اخرى، برأيك ما هو موقع النجف اليوم؟
– طبيعي النجف تعرضت في المرحلة الصدامية من ستينيات القرن الماضي حتى بداية هذا القرن لعمل ممنهج للقضاء عليها كحوزة دينية ومركز ديني لأنها كانت تاريخياً تحتضن المناخ المعارض وشيء طبيعي ان تنمو الحوزة والحضور الديني في قم خاصة وفي اثناء محاولة القضاء على حوزة النجف حصلت ثورة في ايران وقادها معممون من قم، لكن بتقديري بعد سقوط صدام، بعد انتهاء ازمة العراق الامنية والاقتصادية، اعتقد ان النجف والساحة العراقية عموماً ستحتل مكاناً مرموقاً في العالم الاسلامي والعالم العربي.
# بالنسبة لكم سؤال لا اعرف اذا كنتم ستجيبون عليه وهو من تقلدوا اليوم؟
– اليوم لا اقلد احداً.
# سابقاً الامام الخوئي؟
– عندنا التقليد او الاحتياط لمن ليس له اهلية الاجتهاد، ومن الطبيعي ان يفتش المكلّف غير المجتهد عمن يعتقده أهلاً للتقليد علمياً ومسلكياً، في بدايات تكليفي الشرعي كان المرجع الاكثر شهرة والاكثر تقليداً هو السيد محسن الحكيم والد السيد محمد باقر الحكيم، في أيامه كنت أقلده.
# هل تعدون رسالة للمرجعية؟
– أنا لست مع النظام المرجعي الحالي، انا اؤمن ان التقليد هو في دائرة واسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. دور مرجع التقليد لا يتجاوز معرفة الأحكام الشرعية وتبيانها للمكلفين وأما ما أعطي للمرجع اليوم من موقع سياسي ومالي تحت عنوان انه نائب الامام وله كل ما للامام من صلاحية، فهو له السلطة السياسية على المكلفين وهم ملزمون بالطاعة وان له سلطة مالية مطلقة وانه لا يجوز انفاق الحقوق الشرعية إلا بإجازته وله أن يجمعها عنده غير صحيح.
على كل حال، أنا ضمن بحثي ودراستي ارى انه من اللازم اعادة المرجعية الى حجمها الطبيعي الحقيقي اي الى موقعها الشرعي الذي أوضحه القرآن والسنة وهي كما قلت في حدود معرفة الأحكام وتبيانها دون أي صلاحيات سياسية أو مالية خاصة به دون المسلمين فهو في السياسة والحقوق الشرعية مثله مثل باقي المسلمين لا يتميز.
# في موضوع العراق قبل ان نختم هذا المحور هل هناك امر ما تحب ان تضيفه سواء على مستوى دور العراق في المنطقة وعلى مستوى السياسات، التي ممكن ان تتبع؟
– جواباً على الاسئلة الماضية تحدثت عن تصوري او رغبتي للطريقة التي يواجه فيها المسؤولون في العراق الوضع الداخلي، العراق بلد في وسط العالم الاسلامي ذو ثروات هائلة يحتضن الكثير من مكونات القوة في الامة الاسلامية وهو متعدد المذاهب، ونحن اليوم في المنطقة نمر في مرحلة قد تتجه بنا الى اماكن خطرة في الفتنة المذهبية نتمنى على القيادات العراقية والتيارات السياسية فيه ان لا تصطف في دائرة النزاع الطائفي والمذهبـي، اليوم هناك احتدام وتشنج مذهبي والساحة العراقية والساسة العراقيون مؤهلون ان يرسموا نهجاً جديداً، نهجاً وحدوياً وان ينأوا بأنفسهم عن هذا الصراع ولا يزجوا بأنفسهم فيه ويحاولوا قدر المستطاع لملمة شمل الامة خاصة وان هناك انظمة حديثة في العالم العربي يمكن ان يلتقوا ويتعاونوا معها لمنع هذا الاصطفاف المذهبـي القاتل، واذا وفقوا يمكن ان يؤسسوا لمرحلة ربيعية حقيقية وأتمنى ان يعيدوا النظر ببعض ما سمعناه من مواقف وتصريحات قد تجعلهم في الصفوف المتقدمة في النـزاع المذهبي.
# هل عندك ملاحظات على مواقف الحكومة العراقية من احداث سوريا؟
– من جملة الامور التي تشغلني ،مواقف بعض المسؤولين العراقيين في الموضوع السوري، نتمنى ان يكونوا جديين في الاصلاح بين النظام والشعب، الاصلاح على قاعدة بناء دولة ديموقراطية حقيقية.
# هناك من يقول ان الوضع الجديد في العراق خاصة ان الاحتلال الاميركي شكل جغرافياً سياسة جديدة ممتدة من ايران مروراً بالعراق وسوريا وصولاً الى لبنان عبر حزب الله، وان هذه الجغرافيا السياسية الجديدة هي واحدة من المتغيرات الكبرى في هذه المنطقة؟
– اتمنى ان تكون الجغرافيا السياسية الجديدة اكثر سعة وان لا تضيق الى هذه الدرجة، والذي يظن ان هذه الدائرة او الخارطة واسعة هو مخطىء فهي ضيقة جداً نحن بحاجة ان نوحد العالم الاسلامي بحاجة ان نحتضن كل المسلمين إذا لم نستطع ان نحتضن الكل، فالجـل، اما اننا نخترق العالم الاسلامي في مكان ما بمذهب ما..
# حكي عن الهلال الشيعي؟
– وتتشنج المنطقة وتعتبر نفسها في حالة اختراق معاد ويبدأ صراع على قاعدة اي المذاهب يستطيع ان يحطم الآخر، اعتقد ان هذا لا يرضي الله جل وعلا شأنه ولا ينفع المسلمين ولا ينفع من تراوده احلام مذهبية.
يتبع
==============
7
===============
8
ملف على حلقات: الأمين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي يتحدث لـ((الشراع)) ((8)): نصرالله أخطأ ومنطقه خطير وعاصفة هوجاء تنتظر الشيعة في لبنان بسبب السياسة الايرانية

الشيخ صبحي الطفيلي

*الشيعة اللبنانيون باتوا هدفاً للمعارضين السوريين بسبب السياسة الإيرانية
*((الغرور)) و((البطر)) عطل الافراج عن المخطوفين الشيعة الـ11
*ماذا يعني نصرالله بقوله حرب بالحرب هل يعني الحرب المذهبية
*نصرالله أخطأ ومنطقه مرعب وخطير جداً.. والاعتذار عن الخطأ فضيلة
*السياسة الايرانية ستلحق أعظم الاضرار بالشيعة في لبنان والأمور متجهة نحو عاصفة هوجاء يقودها مجانين من السنّة والشيعة
*أدعو أهالي المخطوفين إلى عدم الانجرار إلى أي أعمال انتقامية
*نحن بحاجة لإعادة تأهيل المؤسسات الأمنية والعسكرية
*قتل الشيخين في عكار جنون ويجب معاقبة المخالفين
هل نريد خوض حرب شبه دائرية في البقاع على امتداد 200 كلم
*نعيت ابن لادن لأنه كان يحترم نفسه ومعتقداته وعدواً للأميركيين
*((القاعدة)) أخطأت وارتكبت جرائم مذهبية لكنها تسببت بتخلي أميركا عن الانظمة الاستبدادية
*على القيادات السياسية تشكيل حكومة واحدة وإلغاء 8 و14 آذار
*نجاح الاخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب أخاف الجميع فعملوا على إضعافهم
*إذا نجح أحمد شفيق في انتخابات مصر فإن الانتخابات لن تكون نزيهة
أجرى الحوار زين حمود
طغت مأساة المخطوفين اللبنانيين الشيعة الـ11 على هذا الجزء من الحوار المطول والشامل مع الشيخ صبحي الطفيلي الذي فنذ فيه ما حصل بخلفياته واستهدافاته وطرائق حل المشكلة التي اعتمدت وزادت القضية تعقيداً.
الطفيلي تناول مواقف أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله إزاء القضية محملاً المسؤولية للسياسة الإيرانية المتبعة التي يرى انها ستتسبب بأعظم الاضرار على الشيعة في لبنان.
وفي ما يلي نص الحوار:
# بالنسبة لموضوع المخطوفين اللبنانيين الـ11 في سوريا. أولاً ما هي معلوماتك حول ما حدث لهم وحول مصيرهم؟
– ليس لديّ معلومات. مثلي مثل كل الناس أستقي معلوماتي من وسائل الاعلام.
# هل لديك فكرة عن مصيرهم؟
– أيضاً ليس لدي أية فكرة.
# هذا الموضوع طرح اشكالية العلاقة بين المذاهب الاسلامية خاصة وان بعض المواقف يمكن أن يستتبعها اشكالات وردات فعل سواء من هذه البيئة أو تلك. وهنا تطرح علامات استفهام عديدة في ظل الاحداث المتصاعدة في سوريا، أهمها ما هو السبب الرئيسي لما حصل للزوار الـ11؟
– منذ فترة، رفعت صوتي منذراً ومتخوفاً من صراع مذهبـي تقودنا إليه سياسة ايران وحلفائها في لبنان وسياسات بعض الدول العربية الراغبة في نزاع بين المذاهب. وأنا أذكر هذا حتى لا يظن أحد بأنني أرى بعين واحدة. وقد خاطبت أبنائي في حزب الله مراراً عبر وسائل الاعلام وغير وسائل الاعلام في هذا الموضوع وتمنيت إعادة النظر بهذه السياسة. وألححت بضرورة ان يقف الحزب موقفاً غير متطرف في المسألة السورية. ان يقف مصلحاً، محاوراً، منقذاًً ومتعاوناً مع الاطراف كلها وان لموقفه الحالي الأثر السلبي الواسع في لبنان. وتمنيت عليهم أيضاً أن يوحدوا الصفوف في الداخل لمواجهة ما يجري في سوريا. للأسف السياسة العامة الايرانية في المنطقة مصرة على هذا الموقف ووصلنا اليوم إلى بداية قطف ثمار هذه السياسة.
# أنت تحمل المسؤولية إذن للسياسة الايرانية، إضافة إلى الخاطفين طبعاً؟
– طبعاً. بتنا هدفاً يلاحق من قبل المعارضين السوريين وغيرهم، قبل فترة قصفت المعارضة السورية حافلات زوار لبنانيين على حدود سوريا وسقط العديد من الاصابات. وقبل أيام وقع انفجار في حافلة زوار لبنانيين في الرمادي وقتل ثلاثة وأصيب العديد كما خطف لبنانيون على الحدود السورية – التركية.
الاستهداف لهذه الشريحة اللبنانية بالتأكيد لم يكن ليحصل لولا السياسة المعلنة لإيران ولحليفها في لبنان. من هنا تخوفي من ان الامور ذاهبة باتجاه تطور خطير خاصة وان طريقة تناول حل المشكلة مخيفة أيضاً.
# ماذا تقصد بطريقة حل المشكلة؟
– يعني مثلاً حين كان يقال ان القصة انتهت وسينقل المخطوفون من تركيا إلى لبنان. كانت ردة فعل البعض لا يمكن ان يتصورها عقل، كان هناك شتائم وجهت لبعض الناس الذين يشاركون في حل المشكلة.
# تقصد سعد الحريري؟
– .. ثم الحديث بطريقة استفزازية من بعض السياسيين. وأنا أستمع لهم أدركت اننا لا نقف على الارض. أحسست ان هناك غروراً تجاوز كل حد. وبالتعبير اللبناني عندنا حالة ((بطر)) لا مثيل لها. أيعقل مهما كنت أنت ومهما كان خلافي معك. أنت تقوم بعمل فيه منفعتي أقابلك بالاستفزاز والاهانة والتقريع ؟
# لو كنت سماحتك في موقع المسؤولية ماذا كنت لتفعل؟
– أولاً، لا أعتقد ان المعارضة السورية ستفكر بخطف أحد يخصني، لأنه بالتأكيد ستدرك انها لن تستفيد من هذا الخطف بل قد تضرّ لأنني لست خصماً لها. وعلى فرض وقع هذا الأمر سأسعى بكل الوسائل الدبلوماسية واستخدم كل علاقاتي وكل أصدقائي وكل الايادي الخيرة والطيبة لحل هذا المشكل. ألفتني التهديد، تهديد البعض بالقول ان أردتم حرباً فأهلاً وسهلاً. حرب مع من؟
# لكن السيد حسن نصرالله قال لتعالج المسألة إما الحب بالحب وإما الحرب بالحرب؟
– لا ينبغي أن تقال هذه الكلمة. حرب بالحرب. ماذا يعني ذلك؟ حرب مذهبية، حرب مع من، هذا منطق مرعب وخطير جداً0 ينبغي أن لا نستخدم هذا الكلام. أتمنى أن يكون التعبير غير مقصود، ومجرد زلة لسان0 أتمنى وأحب، على كل حال ينبغي أن تعالج هذه المسألة بالحكمة.
# لكن المطلوب من السيد حسن نصرالله من الخاطفين أن يعتذر مقابل الافراج عن المخطوفين؟
– الاعتذار عن الخطأ ليس خطأ. أنا لا أريد أن أحدد ان عليه أن يعتذر أو لا يعتذر، لكن أي إنسان يقف بين يديّ الله يعتذر عن ذنوبه. الاعتذار بعنوانه العام عن الخطيئة هو فضيلة. أنا لا أعرف طبيعة الاعتذار أو مطلب الاعتذار الذي يتحدثون عنه.
# هل أخطأ السيد نصرالله برأيك؟
– حتماً وقع خطأ في الحديث الذي قيل في الخطاب الذي حصل، وكنت أستمع لخطابه حينما وصل الحديث إلى هذا الموضوع..
# الخطاب في بنت جبيل؟
– نعم، قلت إذا كان المخطوفون لم يصعدوا إلى الطائرة فإنه قضي عليهم. ولكني لم أكن أتوقع أنهم ما زالوا على الأرض. قلت ذلك وفي ظني انهم أصبحوا في الطائرة في الجو.
# كان هناك تسرع من السيد نصرالله؟
– بتقديري، كان يعتقد انهم أصبحوا خارج سيطرة الخاطفين ويستطيع أن يتحدث دون حذر.

جرس إنذار
# ما جرى جرس إنذار ينتظر شيعة لبنان، وان المخطوفين الـ11هم عينة لما ينتظر الشيعة في لبنان والمنطقة؟
– أنا أحذر، ومنذ العام 2003 قلت ان السياسة الايرانية ستلحق ضرراً عظيماً بالشيعة. واليوم أقول وكل يوم ان السياسة الايرانية ستلحق أعظم الاضرار بالشيعة وخاصة في لبنان، وما نشاهده اليوم بسيط جداً ويسير أمام ما ينتظرنا ان استمرينا على هذه السياسة. اعتقد بأن الأمور متجهة نحو عاصفة هوجاء حمقاء يقودها مجانين من السنّة والشيعة.
# هل دخلنا في نفق الفتنة. بعد أحداث طرابلس وعكار والطريق الجديدة وبعد نشوء مناطق مسلحة؟
– نحن مهيأون منذ أمد لذلك، والذي يمنع الفتنة من التحرك السريع هو قلة السلاح لدى الطرف الآخر، والسلاح اليوم بات قريب المنال وليس بعيداً عن أيديهم بعد تطور الاحداث في سوريا.
# قبل أن نغوص في مخاطر الفتنة في حال نشوبها لا سمح الله. ماذا تقول لأهالي المخطوفين؟
– أولاً يجب أن يشعر كل المسلمين انهم اخوة، سنّة وشيعة وكل المذاهب. يجب أن نتعامل بهذه العقلية والذهنية. ويقول الله عز وجل ((إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم)). يجب إعادة النظر بكل التصور المأخوذ عنا في العالم العربي والاسلامي. وقد التقيت اعلاميين من خارج العالم العربي لديهم انطباع بأن كل الشيعة هذا رأيهم، أي الرأي الإيراني أو الرأي المعلن لبعض المحازبين في لبنان. وقد استغرب هؤلاء الاعلاميون عندما سمعوا مني رأياً آخر. ينبغي أن نعيد النظر بهذا كله.
وبالنسبة لأسر المخطوفين أتمنى عليهم أن لا يجروا إلى أعمال انتقامية من أي مظلوم، المخطوفون مظلومون وقلت سابقاً للخاطفين لا يدفع الظلم بظلم. وهؤلاء الذين بين أيديكم مجرد مسلمين مظلومين لا حول لهم ولا قوة مهما كانت مصلحتكم يجب أن لا تظلموا مسلماً. لهذا أتمنى أن يطلق سراحهم فوراً دون أي شروط لأنهم مظلومون.
# برأيك هل هناك آفاق قريبة للحل. وهل يمكن ذلك بعد بروز تعقيدات جديدة نتيجة حصول تدخلات من قوى إقليمية ودولية؟
– الحقيقة، أتصور أن بعض التصرفات الشيعية اللبنانية ودون قصد أدت إلى تدويل وتعقيد مشكلة المخطوفين الـ11. وأقول دون قصد لأن لا مصلحة لهم بذلك لكن ربما ((البطر)) أدى دوراً سيئاً في هذا الأمر. ولذلك يتحملون مسؤولية كبيرة.
# هل تطول أزمة المخطوفين؟
– يبدو انها ليست قريبة الحل. وأنا أتمنى أن يكون ظني خاطئاً لكن الظاهر انها ليست قريبة الحل وذاهبة نحو تعقيد أكثر. وأتمنى أن لا تتطور ويصير هناك أكثر من مخطوف وأكثر من مخطوف مضاد وأكثر من مشكلة وندخل في صراع مفتوح. وقد قلت لك انني خفت عندما سمعت الكلام عن حل القضية إما بالحب وإما بالحرب.
# من الواضح ان عملية الخطف تعمدت احداث ردات فعل. ومن الممكن أن نشهد غداً أو بعد غد حوادث مماثلة لاستجرار ردات فعل وجر الجميع إلى فتنة لا تبقي ولا تذر. هل نحن مثلاً على أعتاب 7 أيار جديد؟
– صاحب 7 أيار ليس بحاجة لـ7 أيار جديد. اما انه فعل يستدرج رد فعل، فالناس لا تستدرج. الناس تمارس فعلاً. تسميه رد فعل بعض الاحيان.

الجيش وحواجزه
# لنأخذ مثلاً قضية حرق دواليب. بالأمس قتل شاب من بشري على حاجز للجيش اللبناني لم يمتثل لعناصره بالوقوف. ماذا حصل، تم على الفور حرق دواليب في بلدته. وإذا سلمنا اننا نشهد الآن تآكلاً لهيبة الدولة وانحسار سلطة القانون..
– بتصورك هل ان ما يحصل هو مجرد رد فعل.
# هناك غضب ورد فعل.. نعم.
– بين هلالين، قبل فترة وجيزة أسرة بكاملها قتلت في الهرمل، ولكن ربما لأن دمنا رخيص كثيراً لم يكلف الساسة أنفسهم عناء الاستنكار أو العتب.
# قتلت الاسرة برصاص من؟
– السلطة اللبنانية. أربع نساء ورجل، المهم سيارة بكاملها مملوءة وفيها أيضاً خادمة أجنبية. والأمر كان مجرد مطلوب بقضية مخدرات. ليس مجرماً خطيراً. يكفي ان ترمي أمامه وخلفه أسلاكاً لتعتقله. لم يحدث ذلك بل أطلقت النيران على السيارة وقتل كل من بداخلها، أنتم ليس معكم خبراً بذلك، لم يتناول الاعلام القضية لأن دم الناخب في الهرمل أتفه من أن يزعج النواب الكرام فيه خاطر أحد علماً انها حدثت قبل أقل من شهر. وحادث الشيخين اللذين قتلا في عكار وحادث الشاب على حاجز المدفون وعشرات حوادث القتل الأخرى على الطرقات. لأن هذا الشاب أو ذاك الانسان لم يتوقف على الحاجز أو انه تلاسن مع فلان جندي أو فلان ضابط. هكذا بسهولة يؤخذ قرار بإعدام شخص لأنه تلاسن معك أو لأنه لم يمتثل لأمر ربما لأن سيارته غير مسجلة أو لم يدفع رسوم الميكانيك أو لشبهة. هذا عمل خطير. نحن بحاجة لإعادة تأهيل المؤسسات الامنية والعسكرية في لبنان، هذا أمر لا يجوز. يجب أن يشعر المواطن بالأمان إذا شاهد حاجزاً عسكرياً. وانه وصل إلى من يحميه ويدافع عنه لا إلى من يقتله. لا يجوز أن نتبارى ونتسابق في الدفاع عن الجريمة مهما كان فاعلها، هنا بيت القصيد، هنا القتل الحقيقي.
# بالمناسبة ما هو موقفك من قتل الشيخين عبد الواحد ومرعب في منطقة عكار؟
– أي قتل على أي حاجز جريمة يجب أن يعاقب عليها فاعلوها. أنا حاولت أن افهم طبيعة الحادث. وهناك روايات متضاربة ولكن كان باستطاعة الجيش أن يعترض السيارة بحاجز من هنا أو سيارة من هناك ويمنع الشيخ من الحركة إذا كان يستحق الإيقاف والمساءلة. أما ان تمطر السيارة برصاصك فهذا جنون وتدمير للدولة. نحن نقول وكل اللبنانيين يقولون ان عماد قيام الدولة هو المؤسسة الأمنية. وحين يحدث شر نستغيث بالجيش ونطلب منه حل المشكلة فيطمئن اللبنانيون إلى دخول الجيش وإلى ان الجيش هو جيش الوطن. أما ما يحصل في الطرقات وما يرتكبه البعض ممن في الجيش يدمر هذه المؤسسة وإمكانية أن تكون ملاذاً للمواطنين. هذا موضوع لا يجوز أن نغفل عنه. يجب إعادة تأهيل هذه المؤسسة لأن ما يحصل ينذر بالخطر ويجب معاقبة كل من يخالف حتى يتعلموا الانضباط والوقوف عند حدودهم القانونية.
الحقيقة المرة . المؤسسة العسكرية بحاجة إلى تأهيل حقيقي وإلى نفض من جذورها كما كل المؤسسات في لبنان التي باتت مؤسسات فاسدة.
# خلال الآونة الأخيرة برزت عدة مؤشرات على وجود انقسامات خطيرة على الأرض، فأصبح هناك سلاح مقابل سلاح وأمر واقع جديد في الشمال مقابل الأمر الواقع الموجود في الجنوب والضاحية وبعلبك. يمكن ان نسمي ذلك توازن رعب ويمكن ان نسميه مقدمات لحرب أو فتنة كبرى، أو نسميه شد حبال تمهيداً لتسوية. كيف تنظر إلى هذا الواقع وهل تبقى الأمور قيد السيطرة؟
– أولاً لم أر في شوارع طرابلس وعكار أسلحة غير معتادة. لنكن دقيقين الاسلحة الخفيفة والمتوسطة موجودة بأيدي كل الناس ومنذ عشرات السنين. أما انه ستصل إلى أيديهم أسلحة متطورة، نعم. سيحصل توازن في قوة السلاح، نعم. سوف يكون لهذا تأثير على الساحة وربما يدفع إلى حرب أهلية، نعم. لم نصل إلى هذه المرحلة أو وصلنا فإن المسألة مرهونة بتطور الوضع في سوريا.
يبدو ان الأمور متجهة بهذا الاتجاه. وأنا من هنا ألفت نظر الجميع بضرورة ان لا يأخذهم الغرور. أتمنى على كل القيادات وخاصة السنّة والشيعة ان يفكروا جيداً ويعالجوا أمرهم بروية وسرعة. مثلاً على سبيل الفرض إذا فتحت جبهة هنا في بعلبك – الهرمل على امتداد 200 كلم من البقاع الغربي مروراً بالأراضي السورية حتى حمص وصولاً إلى عكار وطرابلس والضنية. هل نريد أن نخوض حرباً شبه دائرية حولنا؟ لماذا؟ خدمة لمن ؟ أليست لخدمة العدو الصهيوني؟ علينا أن نشعر اخواننا اننا لسنا أعداء لهم. علينا أن نعيد النظر بخطابنا وسياستنا وبكل أدوات العمل واستراتيجية العمل. كما أن من واجبهم مبادلتنا نفس الشعور والعمل.
# ما المقصود بعلينا؟
– المقصود الشيعة. القيادات الشيعية الرسمية والحزبية.

((القاعدة)) ونعي بن لادن
# هنا نفتح ملفاً يمكن أن يكون متصلاً بالموضوع. ماذا عن ((القاعدة)) هل من خشية من تغلغلها في لبنان سبق لك وكنت الوحيد الذي نعى أسامة بن لادن؟
– كان ابن لادن رجلاً مترفاً جداً ترك أمواله ودنياه وذهب يمارس قناعته بكل دقة حتى الموت وأنا كما كل انسان يدرك أنه كان صادقاً مع نفسه بغض النظر عن موافقتي له أو مخالفتي إياه. كان يحترم نفسه ومعتقداته حتى الموت وأدرك أن القاعدة أدّت دوراً سيئاً جداً في إشعال حرب مذهبية في العراق وقتلت الآلاف من الشعب العراقي المستضعف وخدمت النشاط الأميركي طبعاً عن غير قصد وعطلت كل نشاط وحدوي بين المسلمين. أنا أعرف هذا وذكرته في النعي، لكن ابن لادن كان عدواً للأميركيين لا إشكال في ذلك وقاتلهم بشراسة وله محبّون ومناصرون كثر في العالم الاسلامي المشحون بالبغضاء والحقد والتكفير المذهبي. أضف إلى ان أميركا أعلنت مراراً أن القاعدة والتطرف وكل مظاهر الكراهية والعداوة لأميركا في العالم الاسلامي سببه دعمها للصهاينة وحمايتها لأنظمة الاستبداد والظلم في العالم الاسلامي. لهذا عليها إذا أرادت محاربة القاعدة وابن لادن أن تتخلى عن حماية الأنظمة وتتواصل مع الحركات الاسلامية المعتدلة وهذا ما يحصل. وعليه حسب السياسة الاميركية فإن لإبن لادن دوراً بارزاً في الربيع العربي وفي إسقاط أنظمة الفساد والرذيلة.
كم كان جميلاً لو أن القاعدة لم تدخل على خط الصراع المذهبي وقتل المسلمين، كم كان جميلاً لو كانت عاملاً مساعداً في وحدة المسلمين. آمل أن نعتبر ويعتبر الجميع.
# بالنسبة لفكر ((القاعدة)) وهو تكفيري، ألا تعتقد ان كلامك يعطي غطاء او مباركة شيعية لها؟
– انا قلت ان القاعدة ارتكبت جرائم مذهبية، انا لم أبارك هذه الخطوة بل أدنتها، وقلت ايضاً ان ((القاعدة)) اخطأت وخدمت الاميركان في كثير من المواقع، انا أدنتها لكن ايضاً تطرف ((القاعدة)) جعل الاميركان يفكرون في اعادة النظر في كثير من الامور، وهو ما يجب ان نذكره، هذا الموضوع ليس له علاقة بتزكية القاعدة وابن لادن او عدم تزكيته وانما له علاقة بخدمة أمتنا. آمل أن تعيد القاعدة وغير القاعدة النظر فيما فعلوا ويفعلون.
– # هل يوجد في لبنان ((قاعدة)) حسب معلوماتك او حسب رأيك؟
– ليس عندي معلومات ولكن بتصوري ان كل الاطراف لديهم ((قاعدة)) على طريقة التطرف، اذا تحدثنا عن التطرف فعند السنة هناك تطرف كبير وخطير، وعند الشيعة يوجد تطرف وعند المسيحيين يوجد تطرف، وعند كل الناس يوجد تطرف، بهذا العنوان هناك ((قاعدة)) عند كل العالم.

المؤتمر التأسيسي
# تقوم الآن برفع الصوت والتحذير من مغبة الواقع الانقسامي القائم، ما المطلوب على مستوى الارض والحراك السياسي، السيد حسن نصرالله دعا الى مؤتمر حوار تأسيسي وعدم الاكتفاء بجلسات الحوار التي دعا إليها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، هل تضم صوتك الى صوت السيد نصرالله في هذا المجال؟
– اهم عمل في اي مسار هو ان تشرع في هذا العمل ولو بالكلمة والتفكير. أنا أؤمن بضرورة بناء دولة حقيقية في لبنان، دولة ديموقراطية ليتحول لبنان والشعب اللبناني من طوائف وعشائر وقبائل الى شعب ومواطنين وقانون ينتظمون في ظله، وأعود وأكرر ان هذا الامر لا يتم من خلال المسؤولين والتشكيلات التي ينظمونها ويؤسسونها، والمؤتمر التأسيسي الذي يدعى اليه سيتشكل من الزعماء أو من يمثلهم في الساحة وهم البلاء والمرض. من الذي صنع المذهبية والطائفية؟ من الذي يدمر البلد؟ أليس هؤلاء؟ هم يؤسسون مجلساً تأسيسياً لبناء لبنان، الداء لا يكون دواء، لهذا نحن بحاجة الى ان يتحرك الناس من مواقع لاطائفية ولامذهبية ومن مواقع التفتيش عن بناء بلد طبقاً لمقاييس بناء الدول والبلدان.
# لكن هناك اخطاء فعلية على الارض، يوجد شحن وتحريض وتشنجات، وهناك بين شارع وشارع وأحياناً داخل اي مبنى انقسامات، هناك خطوة ما مطلوبة، والاّ فإننا نقول ان الطوفان مقبل ولا نفعل شيئاً؟
– البلد مستقطب، في لبنان فريقان يملكان كل وسائل الشحن، وسائل الاعلام مقسومة بين الفريقين والامكانات المالية الهائلة والبشرية متوافرة لدى الطرفين والاطراف الاخرى فاقدة لكل هذا. طبعاً نحن نتحدث مع هؤلاء نقول ان عليهم في الحد الادنى لجم هذه الاندفاعة وان يشكلوا وزارة واحدة وان يلغوا موضوع 8 و14 آذار/ مارس وأن يتوقفوا عن الاقتتال حتى يتسنى للشعب اللبناني ان يتنفس ويبدأ بخطوة ما.

ثورة مصر والانتخابات الرئاسية
# بالنسبة لمصر، كيف تنظر الى الوضع في مصر بعد نتائج المرحلة الاولى من الانتخابات الرئاسية هل طابقت النتائج توقعاتك؟ بالنسبة لتطور الامور نحو الاحسن ام غيرت انطباعك وان الامور ذاهبة نحو الاسوأ؟
– لدى بدء التظاهرات في مصر في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي قلت ان المعركة على اسقاط النظام أسهل بكثير من معركة بناء الدولة. هناك معركة على المستقبل وبناء الدولة اتمنى للشرفاء في مصر ان يتحلوا بالحكمة والحصافة التي تمكنهم من انقاذ بلدهم وبناء الدولة، واليوم نحن في مرحلة بناء الدولة. وقد فوجئت تماماً بنتائج الانتخابات الرئاسية والتي فاز فيها احمد شفيق إضافة الى محمد مرسي، وبتقديري فإن دعم شفيق خدم الطرف الآخر كثيراً.
# لكن ألا يعبر هذا عن ان صعود الاسلاميين في انتخابات مجلس الشعب ينحدر هبوطاً خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً كما ظهر في الانتخابات الرئاسية في مرحلتها الاولى؟
– هذا كلام، هم نجحوا في الانتخابات ولم يمارسوا السلطة، كل السلطة بيد دولة مبارك، ثم ما زالوا معارضة وفي الشارع، لا تستطيع ان تحملهم أي مسؤولية.
# أما زلت على رهانك على ان الاسلاميين قادرون على حل مشكلات اي بلد؟
– لأعطيك فكرة، نجاح الاسلاميين في تركيا مهم، الاقتصاد في تركيا متطور ومدخولها عال جداً والمواطن التركي مرتاح كثيراً والمؤسسات في تركيا محترمة، ومحاربة الفساد اخذت حيزها الكامل في تركيا، واذا كانوا يريدون ان يمارسوا هذا النشاط في بلاد اخرى غير تركيا بالطريقة التي مارسوها في تركيا فهذا شيء عظيم، ان تخرج مصر من جوعها وديونها وان تصبح دولة متطورة ذات مدخول عال وان يصبح فيها ديموقراطية حقيقية فهذا امر من لا يتمناه.
# خلال اشهر قليلة المزاج الشعبـي في مصر بدأ يتغير؟
– نتيجة ما حصده الاخوان المسلمون في الانتخابات النيابية أخاف كل الاطراف وعمل الجميع على اضعافهم وأنفقت اموال هائلة جداً في هذا المسعى. وبالمناسبة انا لا احب ان يفوز المرشح بأصوات كثيرة جداً، احب ان يفوز بقليل من الاصوات حتى لا يطمئن وحتى يسعى جاهداً لكي ينجز شيئاً يقدمه للشعب كي يحافظ على تقدمه، انا لست منزعجاً من تدني اصوات الاسلاميين لأنها تخفف من غلواء الغرور الذي قد يصيب البعض، ويحفزهم على العمل أكثر، ثم انا أسأل كيف يمكن ان يترشح شخص كان رئيس وزارة لرجل حكم بالسجن مؤبداً وكان تحت سلطته وزير حكم بالسجن مؤبداً. هو بين الاثنين ورابطة بينهما، بتصوري ان ما يجري في مصر يجب ان يستفز كل غيور وكل شريف وعلى المصريين ان يتوحدوا لمواجهة ما يخطط لبلدهم لأنه اذا استطاعوا ان يزوروا الانتخابات ويستولدوا نظام مبارك مرة أخرى وأستبعد ان يستطيعوا وان يوصلوا شفيق الى السلطة، فإنهم سيضعون مصر بتقديري على حافة الدمار والانفجار، قد يكون هناك ردات فعل – أسال الله ان لا تحصل – تدمر مصر.
# انت مع انتخاب محمد مرسي في المرحلة الثانية الحاسمة؟
– انا مع انتخابات ديموقراطية حقيقية ونزيهة ولينجح من ينجح.
# واذا نجح احمد شفيق؟
– لا اذا نجح لن تكون الانتخابات نزيهة، هذا رجل حكم رئيسه بالسجن المؤبد ووزيره حكم بالسجن المؤبد.
# ولكن اذا اختار الشعب المصري ذلك؟
– ليس صحيحاً، الامور واضحة، الموضوع هو محاولة سرقة الثورة والانكى من هذا ان هذا المرشح يقف ويقول انه يريد ان ينقذ الثورة ويردها لأصحابها، هل هناك منطق يستفز اكثر من هذا المنطق، هو صاحب موقعة الجمل، معقول؟ يصبح حامي حمى الثورة، والشريحة الاكبر في مصر التي عانت وظلمت وسجنت وطوردت وهددت تصبح اعداء الشعب والثورة.
# القضاء المصري أصدر أحكامه بالنسبة لمبارك؟
– أحب ان أسأل سؤالاً: ما صدر من أحكام أدان مبارك ووزير داخليته ونقطة على السطر، يعني وزير الداخلية هو حمل السلاح وأطلق النار على الشارع او مبارك فعل ذلك، هذا ليس قضاء، وأقول اكثر من ذلك هذه الاحكام مقدمة للتبرئة.
# تبرئة من؟
– تبرئة مبارك والعادلي لأنه يمكن الطعن بهذا الحكم، فطالما ان معاونيهما ابرياء يمكن البناء على براءة اولئك والتعليلات التي قدمها القضاء للإدانة ضعيفة جداً وحينما كنت أسمع التعليلات أيقنت بأن هذه التعليلات ستكون ضعيفة امام اي طعن.
# انت قلق اذن على مستقبل ثورة مصر؟
– نعم، طبعاً انا لا أعتقد ان هناك فرصة أفضل من هذه الفرصة للاخوان المسلمين والمرشح المنافس لهم ضعيف جداً، لا يستطيع انصاره الدفاع عنه كثيراً امام الناس والاحكام التي صدرت استفزت الشارع المصري واستفزت كل المعارضين ومصر اليوم تغلي، ولكن مع هذا هناك جهات كثيرة تود دمار مصر ولا تريد لمصر ان تسلم منها، واي انسان لا يستطيع ان يتخيل كيف يمكن لرئيس وزراء النظام السابق ان يكون رئيساً لمصر، هذا ما لا يمكن ان يقبله عاقل.
# ماذا تقول في الختام؟
– مهما كانت النتائج في مصر أتمنى ان يبقى العقل سيد الساحة وان تعتمد سياسة البناء والمعارضة من اجل الاصلاح وتقديم الافضل للبلد وأتمنى التوفيق للثوار وان يثبتوا انهم على قدر المسؤولية وان باستطاعتهم ان يبنوا مصر كما يحلم كل شريف وكل غيور، مصر ديموقراطية وقوية وسعيدة وقادرة على مواجهة المستقبل وقيادة العالم العربي والاسلامي.
يتبع
==========
9
الأمين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)): ((9)) المحكمة الدولية ستكشف القتلة ولا حرب ضد إيران أو حزب الله

*شعار ((شكراً سوريا)) لـ8 آذار قسم اللبنانيين
*كان على حزب الله بعد خروج سوريا إعادة بناء البلد وإصلاح المؤسسات
*أغلب اللبنانيين كانوا سيجتمعون حول حزب الله لو رفع شعار بناء الدولة
*حزب الله ضيع فرصة كبيرة عام 2005 وشارك في إدخال البلد في المتاهات
*14 آذار تجمعت بهدف إخراج سوريا ومخلفاتها لكنها لم تلتفت لبناء البلد
*المقاومة فقط تجمعني مع قوى 8 آذار والباقي كلهم سواء
*عندما استمعت لرفيق الحريري أول مرة أرعبني حديثه عن مشروع إعمار البلد
*الحريري يتحمل مسؤولية كبيرة عما نحن فيه لكن المسؤولية الأكبر هي على السوريين وشركائهم
*من قتل رفيق الحريري ارتكب جريمة بحق لبنان والمقاومة وكل القيم
*تداعيات اغتيال الحريري تنعكس على الجميع ومن ضمنهم من ارتكبها
*المحكمة الدولية قادرة على الوصول إلى القتلة أي معرفتهم دون الوصول إلى إلقاء القبض عليهم
*أتمنى على سعد الحريري طي مسألة المحكمة ومنع استخدام أبيه لخدمة الفتنة
*قلت قبل سنوات من الانسحاب السوري ان كلمة من السفير الأميركي لا تبقي جندياً سورياً في لبنان
*السوريون دخلوا إلى لبنان باتفاق مع أميركا وإسرائيل وعندما انتهت مهمتهم أخرجوهم
*الحرب الأهلية في سوريا بدأت وجهات دولية وغير دولية تريدها رماداً
*مناطق في سوريا لن تطول فيها الحرب الأهلية ومناطق أخرى ستشهد قتال محاور
*الإيرانيون ليسوا مجانين لمحاربة أميركا وإسرائيل والأميركيون ليسوا ضد تسلح إيران
*إيران تخدم أميركا بتهديداتها ومناوراتها.. والأميركيون فرحون بسياستها
*سلاح المقاومة في لبنان مزعج أمنياً لإسرائيل ولكنه ليس خطراً حقيقياً عليها
*اقطع بأن لا حرب إسرائيلية ضد إيران لأنها تصطدم بمصالح أميركا
*إسرائيل ليست بحاجة لحرب ضد لبنان لأن مشكلتها مع حزب الله تحل بالحرب المذهبية

أجرى الحوار زين حمود
في هذه الحلقة الجديدة من الحوار المطول مع الأمين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي وقفة مع أحداث عامة شهدها لبنان في العقد الأخير وفي مقدمتها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونشوء 8 و14 آذار والانسحاب العسكري السوري من لبنان.
الطفيلي يتحدث عن فرص ضُيعت في ذلك الوقت، متوقفاً عند اغتيال رفيق الحريري ليؤكد انها جريمة ارتكبت بحق لبنان والمقاومة وكل القيم وان التداعيات ستنعكس على الجميع ومن ضمنهم من ارتكبها.
الطفيلي على ثقة بأن المحكمة الدولية قادرة على معرفة القاتلين رغم انه يشير إلى انها لن تستطيع إلقاء القبض عليهم، متحدثاً في الوقت نفسه عن التطور الاخطر في سوريا.
وفي ما يلي نص الحوار:

# بالنسبة إليكم ماذا تمثل قوى 8 آذار؟ وهل كنت مع منطلقاتها والتي جاءت في الأساس تحت عنوان ((شكراً سوريا))؟
– تمنيت ان ينفذ حزب الله بعد خروج السوري ما كنا قد رسمناه قديماً لأن المرونة وإمكانية الحركة باتت واسعة بعد خروج السوريين0
# لتنفيذ أهداف الحزب؟
– نعم وهي بناء البلد على أسس سليمة وإصلاح المؤسسات، بمعنى أصح محاربة الفساد وبناء الدولة. بكل جدية، بحيث يمنع من تولي أي مسؤولية كل من ثبت تورطه بفساد أو خيانة وأي نوع من أنواع الانتفاع غير المشروع من موقعه، وبالتالي يصار إلى الحزم في موضوع التزام المسؤولين بالقوانين والانظمة المرعية في البلد. وهكذا يصبح لدينا قانون يحترمه الجميع. مع إصلاح القضاء وتفعيله حتى يطمئن المواطن ويثق بالدولة ولا يحتاج إلى طائفته أو إلى حزبه وسلاحه وان باستطاعته أن يلجأ إلى الدولة والشرطة والقضاء لعلاج أي مشكلة والوصول إلى أي حق.
اليوم من أراد أن يضيع حقه يذهب إلى الدولة ويستنجد بها. الدولة آخر من يرجع الحقوق إلى أهلها.
# هذا في إطار التمني.. ماذا حصل على الأرض في 8 آذار؟
– كان هذا ينبغي أن يحصل.
# إذا أردنا أن نوصّف حركة 8 آذار؟
– شعار شكراً سوريا الذي رفعته جماعة 8 آذار منذ البداية قسم اللبنانيين إلى فريق مع سوريا وفريق ضدها وتناغموا بموقفهم هذا مع الفريق الآخر الذي استقوى بالقرارات الدولية لمواجهة سوريا وحزب الله وسلاحه ودخل الجميع في آتون الصراع المدمر الذي أغرق البلد بمواجهات ومعارك عبثية فتحت كل الجراح ودفعت كل اللبنانيين إلى التطرف والتحصن بالطائفية والمذهبية وشكل المناخ القاتل المستمر منذ عام 2004 حتى اليوم0
ولكن لو ان حزب الله في ذاك الزمان رفع شعار بناء الدولة والمؤسسات ومحاربة الفساد، بدل شكراً سوريا بتقديري كان سيجتمع حولهم أغلب اللبنانيين إن لم نقل الكل وسوف لن يستطيع أحد أن ينال من سلاحهم وسيقدرون على مواجهة كل المحاولات الدولية لضربهم. في الاثناء يبنون بلدهم وسيعتبرهم الشعب اللبناني ملاذه لبناء البلد والحصن الحصين للعدالة والقانون، ضيعوا فرصة كبيرة وعظيمة وشاركوا في إدخال البلد في متاهات لها أول وليس لها آخر.
# ما رأيك بالاتهامات الموجهة لقوى 8 آذار وحزب الله تحديداً بأنه ورث سلطة الوصاية السورية على لبنان، وهو الذي يمارسها اليوم؟
– وجهة نظر يمكن لمن يتبناها أن يدافع عنها ويستطيع أن يحشد لها الأدلة.
# في المقابل ما رأيك بحركة 14 آذار؟ أين النقاط المضيئة في هذه الحركة واين النقاط السلبية؟ وإذا اعتبرت ان قوى 8 آذار أضاعت فرصة تاريخية، هل أضاعت قوى 14 آذار فرصة مماثلة؟
– 14 آذار مجموعة أطراف لكل منها رؤية تختلف عن رؤية الآخرين، لكن جمعتهم فكرة مشتركة وهي موضوع إخراج سوريا من لبنان وإخراج مخلفاتها. لكنها لم تلتفت لبناء البلد. وشعب لبنان عانى كثيراً من موضوع الإسرائيلي واحتلت بلاده ودمرت قراه الخ. هذا الأمر لم يكن يعني شيئاً لقوى 14 آذار، بل بالعكس استفزت شرائح لبنانية كثيرة حين طالبوا بتسليم سلاح المقاومة بدون ضمانات جدية وبدون إصلاح الدولة0 وهذا منطق لا يمكن ان يقبل به. إذا كنت مسؤولاً حقيقياً كان عليك أن تلتفت إلى هذا قبل أي شيء ،لكن لم يحصل0 وفي موضوع الفساد نحن نعيش فساداً بفساد على المستوى الاداري والمالي. 14 آذار لم تفعل شيئاً في هذا المجال لا شيء. أضف إلى أن أغلب رموز 14 آذار كانوا مسؤولين بشكل أساسي عن كثير من الملفات الداخلية ومن جملتها المالية والديون التي استحقت على لبنان. كان عليهم أن يعيدوا النظر بهذا ويقدموا حلاً.

أقرب إلى 8 آذار بالمقاومة
# بالنسبة لكم أنت أقرب إلى من أو من أقرب إليك 8 أو 14 آذار؟
– أنا مع المقاومة طالما هي مقاومة، يجمعني مع بعض 8 آذار موضوع المقاومة الحقيقية وليست المقاومة التي يستخدم سلاحها في مكان آخر، وفي الباقي كلهم سواء.
كل إنسان لا يفكر إلا بنفسه ومصالحه والمزبلة التي يقف عليها.
# في ظل هذه الظروف هل ترى إمكانية لخيار ثالث على حساب 8 و14 آذار؟
– يجب أن يكون ويجب أن نسعى ولا يجوز اليأس، واعتقد ان الفرصة قد تكون متاحة إذا كانت الاجواء غير مغلقة ، ربما تتاح غداً بشكل أفضل.
# كوننا نتحدث عن 8 و14 آذار وظروف نشأتها في العام 2005، في تلك الفترة حدث أمران كبيران الأول هو اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في شباط/فبراير من العام نفسه والثاني انسحاب القوات السورية من لبنان في نيسان/ابريل من العام نفسه أيضاً. أولاً هل عرفت الرئيس الحريري عن قرب؟
– لا لم ألتقِ به.
# العلاقة عن بعد بينك وبينه كيف كانت؟
– الحقيقة كنت أسمع به سابقاً ولم أكوّن أي فكرة عنه إلى ان عيّن لأول مرة رئيساً للوزراء.
# عام 1992؟
– نعم، استمعت إليه جيداً وهو يتحدث عن مشروع إعمار البلد في خطابه أمام البرلمان اللبناني. يومها أرعبني حديثه وقلت للكثيرين من حولي هذا رجل يجب أن يعيد النظر بطريقة مقاربته للوضع الاقتصادي في لبنان. هذه الطريقة تغرق البلد بالديون، وستوصله إلى الافلاس، استخدمت في العالم العربي وكانت نتيجتها مدمرة0 هذه طريقة في الانفاق لن نستطيع معها بناء البلد. يومها تحدثت مع السوريين والإيرانيين وشبابنا في حزب الله، كنت أرغب ان أدفع عن البلد ما كان ينتظره وأعددت بعض الملفات لهذا الغرض وكنت أعد لمؤتمر أجمع فيه خبراء اقتصاديين وسياسيين واجتماعيين لدراسة هذه المواضيع وتكوين دراسة دقيقة ومتقنة لمواجهة هذا الأمر وعلاجه. لكن كنت أنفخ في رماد فالساسة كلهم كانوا في واد آخر. وهذا ما أوصلنا لاحقاً إلى ثورة الجياع ونحن اليوم كما ترون علينا أكثر من 60 مليار دولار كدين، ولا كهرباء ولا ماء، ولا مدارس ولا مستشفيات ولا أوتوسترادات.
# ولكن في المقابل هناك إنجازات، هناك بنى تحتية أعيد إعمارها بعد الحرب، هناك أدوار سياسية بارزة مثل تفاهم نيسان عام 1996..
– أنا أتحدث عن البلد وعن السياسة الاقتصادية، نحن اليوم بلد مشلول رغم اننا انفقنا الكثير من الاموال، أنا أتحدث عن هذا. المرحوم الحريري يتحمل مسؤولية كبيرة لكن المسؤولية الأكبر من مسؤولية الحريري هي مسؤولية السوريين والجميع شركاء فيما آلت إليه الأمور0
# الطبقة السياسية؟
– نعم الطبقة السياسية، الجميع شركاء وجماعتنا من أهم المشاركين في هذا لأنهم كانوا الأقدر على التصحيح ولا يستطيعون قول نحن براء.
# لماذا اغتيل برأيك الرئيس رفيق الحريري؟
– الموضوع موضوع تكهن.
# قراءتك؟
– أنا أتحدث عن قرار القتل، أياً كان من قرر قتل الحريري ارتكب جريمة بحق لبنان وبحق المقاومة وكل القيم، وبتقديري من قتل الحريري يدرك اليوم انه ارتكب جريمة بحق لبنان الحاضر والمستقبل.
# كيف في ظل هذا التشظي والانقسامات؟
– دقة الوضع في لبنان لا نحسد عليها وأظن ان تداعيات، اغتيال الحريري ستنعكس على الجميع ومن جملتها من يكون قد ارتكب هذه الجريمة.
# هل لديك معلومات حول جريمة الاغتيال؟
– لا، ليس عندي.
المحكمة الدولية قادرة

# هل تعتقد ان مسار المحكمة الدولية سيؤدي إلى كشف المرتكبين ومحاسبتهم؟
– المحكمة الدولية قادرة حسب فهمي على الوصول إلى القاتلين.
# مهما علا شأنهم؟
– لا، قادرة على الوصول إلى معرفتهم وليس الوصول إلى إلقاء القبض عليهم. المحكمة قادرة على ان لا تخطىء في معرفة القاتلين.
# هناك شكوك اليوم حول المحكمة وصدقيتها، بالنسبة لكم هل تثقون بها؟
– لا.
# لماذا؟
– كل المؤسسات الدولية مؤسسات مسيسة، لو فرضنا ان نتنياهو هو القاتل لن تسمح أميركا بالوصول إلى الحقيقة. وبالأساس لا تنشأ محكمة. وهذا ياسر عرفات هناك شبهات كثيرة حول قتله.
# هناك أدلة؟
– ومع هذا لا يسمح بأي شيء. من هنا أقول ان النـزاهة هي الأساس في كل شيء، يجب صون النـزاهة، عدم النـزاهة أسقط المؤسسات الدولية. نعم المحكمة غير نزيهة حتى لو عرفت الجاني وحكمت عليه وألقت القبض عليه لأنها خاضعة لمصالح الدول الكبرى0
– نحن بحاجة إلى مؤسسات دولية نزيهة تنصف المظلوم وتردع الظالم وعلى الأمم أن تجاهد للوصول لهذه الغاية وإذا نجحت ستعيش البشرية أفضل أيامها0
# لم تعرف الرئيس رفيق الحريري.. هل عرفت ابنه الرئيس سعد الحريري؟
– أيضاً لم أعرفه مباشرة، تحدثت إليه مرة واحدة على الهاتف وعزيته بإحدى المناسبات الحزينة.
# ماذا تقول عن الرئيس سعد الحريري وهو اليوم خارج لبنان لاعتبارات أمنية؟
– أتمنى عليه أن يسعى بكل جهد لطي مسألة المحكمة.
# طيها بأي اتجاه؟
– أن يمنع استخدام دم أبيه لخدمة الفتنة في البلد. وإذا كان لا بد من خيار من اثنين إما الفتنة وإما دم أبيه فالفتنة أخطر. وأتمنى أن يحمل أيضاً راية بناء البلد وإصلاحه طالما هو أحد المسؤولين الفاعلين المؤثرين، كما هي نصيحتي لكل فاعل ومسؤول في لبنان.
# كوننا نتحدث عن العام 2005 هناك موضوع آخر يتعلق بالانسحاب السوري من لبنان، هل كنت قبل هذا التاريخ تتصور انك يمكن ان تشهد هذه اللحظة؟ وكيف تعاملت مع الحدث؟
– بالمناسبة بعضهم جاءني وقال لي انك قلت قبل سنوات من الانسحاب السوري ((لا تظنوا ان السوري باقٍ في لبنان ولا يحتاج إلا إلى كلمة صغيرة من السفير الأميركي حتى لا يبقى جندي سوري واحد في لبنان)).
# ايام بشار الاسد او حافظ الاسد؟
– لا اذكر المواقيت، ولكنني كنت اقول ذلك وأكرره، لبنان ليس له حال مستقر، ما ان نقول استقامت الأمور لفلان حتى يسقط، هذه طبيعة لبنان الأزمات والصراعات منذ تأسيسه حتى اليوم لهذا كنت مطمئناً الى ان السوري الذي دخل لبنان لحاجة أميركية، اسرائيلية سيرحل بعد انتفاء الحاجة إليه0
# قبل سنوات من انسحابه؟
– نعم.
# لماذا برأيك اختار الاميركي في العام 2005 ان يقول للسوري اخرج من لبنان؟
– الاميركي مثل كل الناس يفتش عن مصالحه، كان له مصلحة في إدخال الجيش السوري الى لبنان.
# في عهد كيسنجر؟
– نعم، ومعروف الاتفاق الاميركي – السوري – الاسرائيلي في حينه، وعندما انتهت مهمة السوري أخرجوه.
# ما رأيك بما يقال عن ان ما تشهده سوريا اليوم هو من تداعيات خروج قواتها من لبنان؟ وأصحاب هذا الرأي يقولون ان مشاكل الداخل السوري كانت تحل خارجها وتحديداً في لبنان؟
– ليس صحيحاً، بالتأكيد هناك معارضة قوية جداً في سوريا، الشعب السوري بشكل عام أغلبه معارض، كل ما في الامر كان هناك دعم للانظمة في العالم العربي، وكانت لدى هذه الشرائح المعارضة حالة يأس من امكانية مقاربة عملية التغيير، حينما شاهدوا التغيير في مصر وتونس وأن الغرب تخلى عن مساندة الانظمة وانه يمكن ان يدعم مسار التغيير بدأوا بمسيرتهم، الموضوع بهذا المقدار ولا أعتقد انه يتجاوزه لأية جهة اخرى.
# هل دخلت سوريا مرحلة الحرب الاهلية ام انها امام خطر دخولها بعد ان سمعنا تحذيرات من كبار المسؤولين الدوليين؟ وماذا تتوقع لهذه الحرب؟
– نعم وآمل ان تخيب توقعاتي، انا قلت ان هناك جهات دولية وغير دولية تريد سوريا رماداً.
# ما هي شروط خروج سوريا من هذا الواقع؟ هل تؤيد مطلب المعارضة بتنحي الرئيس بشار الاسد؟
– انا ارى ان سوريا يجب ان تصبح بلداً ديموقراطياً وبشكل حقيقي من خلال تفاهم الجميع على ذلك وبدون عنف، وان يصار الى تفاهم مع كل شرائح الشعب السوري بلا استثناء وطمأنة كل الشرائح وخاصة المتخوفين من التغيير.
# تقصد المسيحيين والعلويين.. والاقليات الاخرى؟
– هؤلاء يقودهم الخوف والرعب الى خراب سوريا، ويجب ان يكون هناك ضمانات حقيقية أيضاً لصالح المعارضة، يجب ان تطمئن المعارضة بأن مواقيت التغيير والتبديل والانتقال من النظام الحالي الى النظام الديموقراطي مضمونة مائة بالمائة. كيف؟ بعضهم يطرح طريقة اليمن وبعضهم يطرح طريقة اخرى المهم نحن نريد النتيجة، هذا لمصلحة النظام والمعارضة وسوريا، وطبعاً هذا ليس بمصلحة بعض الدول في العالم.
# اذا كنا دخلنا مرحلة الحرب الاهلية في سوريا، هل تتوقع ان تطول؟
– هذه الحرب في بعض المناطق لن تطول، لكن بتقديري انها ستطول في مناطق اخرى، وحسب طبيعة الجغرافيا البشرية.
# يعني تتوقع من ناحية تقسيم سوريا ومن ناحية استمرار النزف والحرب في مناطق معينة بعد حسم الامر في مناطق اخرى؟
– في بعض المناطق يمكن ان تأخذ شكل محاور للأسف.
# قلت ان المطلوب من التآمر على سوريا من احداثها هو ان تصبح سوريا رماداً، ماذا بالنسبة للبنان؟ هل نحن امام حرب تموز جديدة؟ هل نحن امام تقسيم؟ يبدو ان هناك رياحاً لتقسيم ما هو مقسم اصلاً في سايكس بيكو.. وهذا هو مثل العراق وما يسمى كونفدرالية والتهديدات بالتقسيم في ليبيا وغيرها وكله بدأ مع تقسيم السودان..
– وكأن هذا السيناريو سيجعلنا نترحم على حسني مبارك ومعمر القذافي وان نقول لهم عفواً اخطأنا بحقكم عودوا الى السلطة، لا أعتقد ان الامور سوداء الى هذه الدرجة. بتقديري ان هناك رغبات في العراق وغيره ولكن الرياح لا تسير في الاتجاهات التي يريدها الآخرون أثناء الثورات الشعبية يختل التوازن لبعض الوقت لكن سرعان ما تستقر الأمور وتذهب نحو الأفضل اما في ما يتعلق بموضوع لبنان فلا أعتقد ان الاسرائيلي يخطو نحو حرب مع لبنان.
# ولكن هناك تهديدات ايرانية باستخدام الصواريخ من جنوب لبنان رداً على اية ضربة اسرائيلية ضد المنشآت النووية الايرانية؟
– (ضاحكاً) اقصد ان الاسرائيلي لا يبادر.
# بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية في اسرائيل ثمة مخاطر وتهديدات جدية؟
– انا اقول وحسب تحليلي السياسي ان الاسرائيلي ليس بحاجة الى ان يبادر الى حرب.
# أي لن يضرب ايران؟
– هذا كلام ليل. لا قيمة له.
# والكلام الايراني والتهديد بالويل والثبور؟
– هذا تهديد ببعض الاسلحة الموجودة في لبنان.
# يعني لن يقاتل الايراني؟
– يقصف من طهران الى هنا، لا.
# يقصف القواعد الاميركية في الخليج.. حاملات الطائرات والبوارج كما يهدد؟
– لا اعتقد ان الايرانيين مجانين، وكلنا يعرف ان اي نزاع عسكري مع اميركا ستكون نتيجته واضحة الفرق كبير بين القوتين. قالوا ان احدهم ((وضع خروفاً وأسداً في قفص واحد)) فسألوه هل يختلفان فأجابهما بالايجاب، فسألوه مجدداً: وماذا تفعل؟ فأجاب: أشتري خروفاً آخر.
# الشيخ صبحي الطفيلي وبحكم معرفته بالايراني ومنهجياته وطرائق تفكيره، تستبعد الحرب وتلمح ربما الى امكان وجود صفقة، فعدم حدوث حرب يعني ان هناك ما هو معاكس لها اي تفاهم..
– اكثر من هذا، الاميركان ليسوا ضد تسلح ايران لمعلوماتك.
# نووياً؟
– الاميركان اكبر هدية تقدمها لهم ايران هي هذه التهديدات والمناورات العسكرية والصواريخ. أعتقد ان اكبر خدمة تقدم للأميركان هي من ايران، وهم فرحون بالسياسة الايرانية التي تخيف السنة، ما كان للشارع الخليجي ان يقبل بوجود قواعد وصواريخ اميركية على ارضه وان يدفع نفقاتها لولا الخوف من ايران0
# بسبب الفزاعة الايرانية؟
– من مصلحة الاميركي ان يستمر الايراني بالتهديد ومن مصلحته ان يشعر المحيط بأن ايران قاب قوسين او أدنى من تسلح نووي، كل هذا من مصلحته. انا لو كنت مكان الاميركي لصفقت فرحاً للسياسة الايرانية، للأسف الشديد يجب ان يعيدوا النظر، يجب ان يطمئنوا العالم الاسلامي وأهل الخليج بأنهم اخوة لهم وليسوا أعداء.
# أنت تقول اذن ان القيادة الايرانية الحالية تخدم المصالح الاميركية في المنطقة؟
– اكيد.
# في اجتماع بغداد 5 + 1 فشل الاجتماع وهناك اجتماع مقبل هذا الشهر في موسكو، هل الحديث عن الفشل هو لتقطيع الوقت؟
– الغزو الاميركي للعراق سنة 2003 ألم يتم بعد التفاهم مع الايرانيين، وقبل ذلك في افغانستان، ولكن في العراق كان الامر ابرز واكثر وضوحاً، الوجود الاميركي في المنطقة لا ترى فيه ايران وجوداً معادياً بل ترى فيه وجوداً نافعاً، والسياسة الايرانية في المقابل بماذا تضر اميركا.
# هناك تهديد أمن اسرائيل من خلال حزب الله وهناك التهديد بضرب منابع النفط وممراته في مضيق هرمز وغيره؟ وهناك تهديدات أطلقت من قبل المسؤولين في الحرس الثوري؟
– يعلم الايراني ان هذا الكلام ليس له قيمة في ساحة الميدان يمكن للايرانيين ان يعطلوا حركة الناقلات في الخليج لأسبوعين او ثلاثة فقط. وكل خبير عسكري يدرك هذه الحقيقة، اما في موضوع لبنان، نعم انا لا أبخس المقاومة حقها لكن ايضاً انا قارىء موضوعي، يمكن ان يشكل سلاح المقاومة في لبنان ازعاجاً امنياً لإسرائيل لكنه لا يشكل خطراً حقيقياً على الوجود الاسرائيلي، هذا شيء طبيعي والاميركي هو من أدار معركة الـ2006 بكل تفاصيلها.
# الاميركي؟
– نعم الاميركي أدار الحرب بمدتها وبالأهداف.
# أطال أمد الحرب؟
– أطال أمد الازمة وحدد للاسرائيلي الاهداف التي له الحق بأن يقصفها وحدد ايضاً طريقة انهاء المشكلة. أي خبير وأي قارىء يستطيع ان يتلمس العقل الاميركي وماذا كان يريد.
# تستبعد حرباً من طرف الاسرائيليين ضد ايران؟
– أقطع بأن لا حرب، وأقطع بأن الاسرائيلي لا يقصف ولا يضرب في طهران ولا يستطيع لأن هذا الامر يصطدم بمصالح اميركا اساساً في الزمن المنظور.
# اذاً سلمنا بأن الاوضاع ليست ذاهبة باتجاه الحرب وان هناك ملامح صفقة؟
– اسرائيل ليست بحاجة لعلاج مشكلتها مع سلاح حزب الله الى الحرب لأن اللبنانيين سيتكفلون ببعضهم. طالما الأمور ذاهبة نحو حرب مذهبية ستتكفل القضاء على سلاح ايران0
# اذا سلمنا ان هناك صفقة اميركية – ايرانية هل يمكن ان تشمل لبنان وهل ان لبنان هو من الاثمان التي ستدفعها ايران ام ستتقاضاها؟
– طالما نتحدث عن الاحتمالات فكل شيء ممكن لكن هذا الامر يحتاج الى قراءة دقيقة في المصالح السياسية الاميركية وخططها.
# قيل بعد دعوة السيد نصرالله لمؤتمر تأسيسي ان هذا الكلام هو ضد الطائف وان المطلوب اليوم من ضمن ما هو مطلوب في ظل ملامح الصفقة الاميركية – الايرانية ان يصار الى تعديلات اساسية في جوهر النظام من ضمنها المثالثة بدل المناصفة الخ.. وتعزيز وضع ما يمثله حزب الله داخل السلطة.
– بغض النظر عما يراد من المؤتمر التأسيسي اعتاد الساسة اللبنانيون على التخويف والتشكيك لدى تقديم اي طرح جديد. لأنهم لا يريدون الاصلاح، ولكن لا بد من الاصلاح، لنقدم اصلاحاً، الطائف ليس اصلاحاً، الطائف فساد.
# لم يطبق الطائف؟
– أثبت انه فساد وسيبقى هكذا، اساساً الطائف قائم على الطائفية والحصص وهو مشروع غلط. المطلوب منا ان نؤسس بلدنا ليصبح بلداً بشعب واحد ودولة واحدة ونقطة على السطر. كل فريق عندما يطرح اي فكرة تبدأ الاطراف الاخرى بالتشكيك والنظرة الى الجانب السلبي، تعالوا في لحظة ما ضمن ظروف ما ان نطرح فكرة الاصلاح بموضوعية ونتعاطى معها بجدية.

يتبع
=============
10

============
11
الأمين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)) ((11)): ذاهبون الى الحرب وفصول الرعب في سوريا ستصل الى لبنان

الشيخ صبحي الطفيلي

*ضد التوطين حتى تبقى القضية الفلسطينية حية
*في لبنان يعارضون التوطين لأن اغلبية الفلسطينيين سنة
*المذهب القومي ببناء الدول قبلي وعشائري جاهلي
*الاميركيون لم ينسحبوا من العراق الاّ بعد وضع أسس لفجوات عميقة في مجتمعه
*توجه دولي لتمزيق الممزق الى دويلات صغيرة
*القرآن الكريم يحمي الوحدة في اللغة ووحدة الفكر
*كل الاطروحات في العالم أضعف من ان تناقش الفكر القرآني
*علاج سلاح المقاومة يحتاج الى علاج مشكلة الدولة اولاً
*حزب الله شارك في تقسيم لبنان الى لبنان سوري ولبنان غير سوري
*ليس من مصلحة ايران قيام دولة مركزية وقوية في لبنان
*المعركة المذهبية ستطيح بفعالية الوجود الايراني في لبنان وستطيح بسلاحها
*ازمات لبنان قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية وأحداث سوريا وطبيعة تكوينه جعلته ساحة محاور وصراعات
اجرى الحوار زين حمود
الامين العام الاسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي يحذر من اننا ذاهبون في لبنان الى الحرب، مشيراً الى ان الاطراف كلها ((تتسلح)) وتسعى للوصول الى مستوى يؤهلها للقيام بواجبها العسكري متوقعاً ((ان نشهد فصولاً مرعبة في لبنان.. وان هذا سينعكس حتماً على لبنان)).
الطفيلي يستفيض في هذه الحلقة من الحوار المطول مع ((الشراع)) في شرح وجهة نظره من الفكر القومي وفكرة الدولة اليهودية ومخاطر توطين الفلسطينيين في لبنان.
فإلى نص الحوار..

# في هذا الاطار، دائماً يطرح موضوع توطين الفلسطينيين، تحديداً هل لك موقف من هذا الملف الذي عادة ما يكون مطلب الاميركيين والوسطاء الدوليين من لبنان؟
– التوطين له وجهان، التوطين بوجهه الفلسطيني، بمعنى اننا ضد التوطين لأننا نريد لهذا الشعب ان تبقى قضيته حية وأن يبقى يناضل وان تبقى لفلسطين قضية، واذا وطّنا هذا الشعب فإن قضية فلسطين تنتهي كما يطرح معارضو التوطين من فريقنا. والتوطين بالمفهوم الآخر الذي يعني ان هناك مشكلة شعب فلسطين ولا يراد له ان يعود لفلسطين وفلسطين لليهود وعلى هذا الشعب ان يجد مكاناً آخر يستوطن فيه. وهناك وجه ثالث مخفي ولا يتحدثون عنه في لبنان ولكنه حقيقة اساسية وهو ان بعض الناس في لبنان يعارضون التوطين لا من هذا الموقع ولا من ذاك، يعارضون التوطين لأن الفلسطينيين بأغلبيتهم سنة وهم ضد التوطين لأن التوازن الداخلي يختل، ليس حباً بفلسطين وليس بغضاً بالاسرائيليين وليس حلاً لمشكلة فلسطين، وأغلب المواقف السياسية في لبنان تخضع لهذا المبدأ.
# ألم يصبح التوطين برأيك امراً بالغ الخطورة بعد تبني اسرائيل وخاصة بنيامين نتنياهو الدعوة لبناء الدولة اليهودية الصرف؟
– بغض النظر عن كون نتنياهو دعا الى دولة يهودية صرف او لم يدع اليها، نحن عندنا مبدأ وهو: وجود الكيان الصهيوني في فلسطين المقصود منه تدمير المنطقة وتحويلها الى مستنقع، ونحن واجبنا ان ننقذ المنطقة ونوحدها ونجمع كلمتها وتطهير فلسطين من هؤلاء الغزاة خطوة اساسية.
# لكن من منظور استراتيجي، مجرد طرح فكرة الدولة اليهودية يعني ان هناك مشروعاً لتوليد دول تتماهى بتركيبتها وطبيعتها مع هذه الدولة، عدا ما يمكن ان ينجم عن تهجير الفلسطينيين مجدداً من اراضي فلسطين الـ48. وهذا يؤدي في لبنان وسوريا والعراق وغيرها من الدول الى تقسيم المقسم اصلاً فتنشأ دولة درزية وأخرى علوية، واخرى شيعية وسنية مذهبياً وكردية وما شابهها عرقياً.. الخ، فحيث هناك تناقضات مذهبية يتم التقسيم على اساسها وحيث هناك تناقضات او تمايزات عرقية او اثنية يتم التقسيم بموجبها ايضاً، وكل ذلك يجعلنا ندخل بشكل او بآخر في حقبة الدولة اليهودية.
– ربما البعض لا يرغب في ان يفتح عينيه على الحقيقة لكن يجب ذكر الحقيقة مهما كانت مرة. المذهب القومي ببناء الدول هو مذهب قبلي وعشائري، نحن عرب اذن علينا ان نبني دولة عربية، نحن فرس اذن علينا ان نبني دولة فارسية، هذا تفكير عشائري قبلي جاهلي، الانسان انسان، يجب ان ينطلق من الفكر والعدل ويجب ان تجمعنا الفكرة وليس اللغة والجغرافيا والدم. من هنا اي دولة لا تقوم على اسس فكرية هي عصابة كانت دول الامة الاسلامية تقوم على أسس فكرية سواء كانت هذه الاسس خطأ في بعض جوانبها او صحيحة، ولم يكن للقومية واللون واللغة والجغرافيا أي مكان لهذا كان يمكن ان يحكم في العالم الاسلامي كردي مثل صلاح الدين، او تركي مثل سلاطين بني عثمان او مملوكي من بلاد البلقان او غيرها، ولم يكن لقومية الحاكم أي اعتبار .حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حين وفدت الحركات القومية ليس لإنقاذ الامة وانما لإضعافها وتمزيقها ودفع الناس لنسيان انهم امة اسلامية، وفعلاً انطلقت الحركة التركية و الفارسية والعربية والكردية وهلمجرا. والتيارات السياسية القومية التي تعتبر نفسها ناضلت ادت دوراً اساسياً في تحقيق هذا الهدف الى ان دمرت الرابطة الاسلامية تقريباً او شبه دمرت لحساب رابطة قومية جاهلية على امل ان تنهض، لكن حلم الرابطة القومية سرعان ما تبخر. اليوم لا احد يتحدث عن وحدة عربية وعن مشرق عربي ومغرب عربي، صرنا نتحدث عن مصر الفرعونية ولبنان الفينيقي، صرنا نتحدث عن اقاليم واقطار، صار باستطاعة نظام حسني مبارك ان يضيق الخناق على اهل غزة وأطفالها دون ان يثير في مصر والعالم العربي والاسلامي المشاعر التي ينبغي ان يثيرها، ثم تطور الامر وبطريقة ممنهجة ومدروسة ، اليوم اللبنانيون أمم وخلائق ولو أتيح لهم ان يبنوا دولاً لصاروا اكثر من عشرين دولة. مثلاً لم ينسحب الاميركيون من العراق حتى وضعوا أسساً لفجوات عميقة في المجتمع العراقي ونحن نقطف ثمارها اليوم، وغداً ، هناك توجه دولي لتمزيق الممزق الى دويلات صغيرة.
وتجربة الخليج ناجحة جداً، الخليج مختبر أثبت نجاحه، دويلات صغيرة خائفة لا تستطيع ان تحمي نفسها ولذلك فهي مضطرة ان تلوذ بالدول الكبرى وكل اموالها وثرواتها وابنائها في خدمة هذه الدول، فلو عممنا هذه التجربة على العالم العربي لكانت فائدة الغرب عظيمة .
رغم هذه الصورة السوداء انا لست متشائماً وأعتقد ان الامة لديها امكانات وقدرات قد يكون البعض غير مدرك لها لكن الامة لها قدرات عالية جداً تستطيع ان تتجاوز هذا الامر كله.
وأعطيك فكرة بسيطة كمثال على ذلك، عندما يقرأ قارىء انكليزي اليوم الادب الانكليزي القديم يقرأ ادباً غريباً قد لا يحسن قراءته..
# شكسبير مثلاً؟
– وهكذا كثير من اللغات، وبعد فترة من الزمن اصحاب اللغة الواحدة يصبحون اصحاب لغات متعددة لأن اللغة تتبدل وتتغير من منطقة لأخرى، بعكس اللغة العربية التي تفرض وحدة وثباتاً في اللغة، ما ينطقه الجاهلي ننطقه اليوم.
# هناك نقاش حول هذه المسألة، هناك مفردات كثيرة لم تعد حية او مفهومة اليوم؟
– لا، لا انا لا اتحدث عن مفردات، انا أتحدث عن لغة كلغة، اليوم وأنت تسمع الاخبار على اية قناة عربية في الشرق او الغرب فإنك تستمع الى اللغة نفسها والنص نفسه.
# القرآن الكريم يضمن الوحدة في اللغة التي تحدثت عنها لكن هناك فروقات بين اليوم والامس وبداية التطوير كانت مع المعلم بطرس البستاني.
– نعم القرآن الكريم الوحيد الذي يمنع ان تدخل اللغة في مداخل خاصة في هذا البلد او ذاك، القرآن الكريم كما يحمي الوحدة في اللغة يحمي وحدة الفكر، وأنا من اشد الدعاة الى العولمة الفكرية لأنه حسب فهمي فإن الاطر القومية واللغوية والجغرافية والتاريخية لن تصمد طويلاً في وجه الشعوب مع تحول العالم الى قرية اعلامية واقتصادية وسياسية وفكرية صغيرة وسيحتدم الصراع في هذه القرية بين اللغات والاعراف والفلسفات والنظم وسيفوز بالاخير الاصوب والاقدر على الاقناع وكل الاطروحات المقدمة في العالم هي اضعف من ان تنافس الفكر القرآني، لهذا فإن السباق في هذا الميدان وعلى المسلمين ألا يخافوا،وانما عليهم ان يستعدوا لمعركة طويلة الامد.

مع العولمة الفكرية
# ماذا تقصد؟
– يعني ان يكون هناك تنافس حضاري اخلاقي اجتماعي سياسي اقتصادي فكري – فلسفي، وأنا من دعاة العولمة لرغبتي بالوصول الى الافضل ولقناعتي بأننا الاقوى، ولثقتي بأن الفكر الآخر ضعيف لا يصمد اذا وضعته في وجه الفكر الحقيقي للاسلام. من هنا أتمنى ان يقرأ القرآن الكريم قراءة واعية ودقيقة ولا يجوز ان نواجه الفكر العالمي اليوم من موقع غير مستعد وغير مهيأ وغير ناضج وغير فاهم لحقيقة الاسلام، الاسلام يعني القرآن الكريم، والقرآن الكريم يعني فكر الحق الالهي الصحيح المنقذ الحقيقي للعالم من ازماته وهو ليس ما يمارسه بعض الحكام ومن يقتات على الصراعات المذهبية.
# هذا الموضوع يستحق محوراً خاصاً للحديث عنه لكن في هذا السياق ألا ترى كما يرى بعض المفكرين اننا بحاجة اليوم الى قراءة جديدة ومجددة للقرآن الكريم، ولا نبقى أسرى قراءات من سبقنا من مفكرين قبل مئات السنين؟ لأن من كان في أزمان ماضية مهما بلغ اتساع فكره وأفقه ومنطلقاته وظروفه تختلف عن واقعنا وظروفنا اليوم؟
– هذا غلط، ليس صحيحاً رفض الماضي لأنه ماضٍ او قبول الماضي لأنه ماضٍ كذلك ليس صحيحاً قبول الجديد لانه جديد او رفضه لانه غريب .
# القصد ان الانسان بحد ذاته اي انسان تتطور تجربته بين سنة واخرى يعيشها او بين عقد من السنوات وعقد آخر.. فكيف بمئات السنين التي تتطور فيها تجارب الانسان والجماعات والامم؟
– لهذا علينا دائماً الاجتهاد، وباب الاجتهاد مفتوح، أنا أستعرض آراء واجتهادات غيري واجتهاداتي وأخرج الى نتيجة استطيع ان أحميها بالحجة الدامغة التي أدافع فيها عن وجهة نظري، هنا اثراء الفكر والتجربة ولا يجوز بأي حال ان أحكم سلفاً ببطلان شيء دون حجة او بصوابية شيء دون حجة. هذا الموقف هو الموقف السديد، لهذا نحن نندد ببعض السلفية التي تلغي العقل وتقول نحن نأخذ بما صحت روايته. أو لا نحن نرفض الماضي ونستنير بالحاضر او بما أنتجته الامم، هناك حقائق في ما مضى لا يجوز تجاوزها، لأنها قديمة.
# عودة الى السؤال حول الحقبة اليهودية، ومن خلال مطالعتك لتطور الاوضاع داخل المنطقة انت تتبنى وجهة النظر القائلة بأن هناك تقسيماً للمقسم بما يتماهى مع دخولنا في هذه الحقبة؟
– لا تستطيع ان تقول ان الامم المتحكمة تريد الخير لكل البشرية، الامم تسعى للفوز بالجائزة وحدها وهي لا تفكر كثيراً بالضحية، على الضحية ان تفكر بنفسها، منذ فترة طويلة استطاع الغرب ان يبني في مجتمعاتنا أنظمة مطيعة، ولاؤها الكامل له ومعادية لشعوبها و بقيت الشعوب غير مطيعة وتعتبر انها معرضة لخطر وان هناك هجوماً عليها والغرب يسعى لتدجين هذه الشعوب وجعلها مطيعة كما الانظمة من خلال الصراعات الداخلية والخوف المتبادل بين اطراف وشرائح المجتمعات والشعوب في المنطقة، يريد شعوباً تصفق له ولا ترى في وجوده وجود عدو او وجود غازٍ وأهم ما يمكن ان يحقق هذا الهدف هو تمزيق الممزق الى دويلات صغيرة.
# مواجهة هذه الحقبة اليهودية بأي الوسائل الممكنة يمكن ان تحصل؟
– المؤسسات الرسمية في العالم العربي تخدم اليوم هذا المشروع بشكل عام وتغذيه، لكن الرهان على البناء الثقافي والفكري للانسان، بتقديري ان الفرد في الامة محصن قد يخيل للوهلة الاولى انه غير محصن ويمكن تدميره، هذا الفرد محصن ويستطيع ان يتحمل اعباء معركة طويلة الامد ويستطيع ان يخرج منها بقليل من الاضرار.
# لكن، هناك ضغوط عليه في لقمة عيشه؟
– صحيح، وتلاحظ مثلاً انه صار هناك حملة شديدة لقرن من الزمن في موضوع تغريب المواطن بملبسه ومأكله ومعشره وأخلاقياته، مثلاً شنت حملات اعلامية للقول بأن المرأة المحترمة والفاضلة والناجحة والسوية والخلوقة هي المرأة السافرة بينما المرأة المحجبة هي حجر ومن الماضي وهي الجهل. ووصلنا إلى مكان في مرحلة من المراحل اعتبر كثير من الناس ان الحجاب هزم في العالم العربي والاسلامي وانتصر السفور. كانت القراءة خاطئة جداً، اليوم تجد الجدة سافرة والأم محجبة وكذلك الحفيد وتحول الحجاب بنظر كثيرين الى جزء من معركة الحضارة.
# ولكن المرأة ما زالت مهمشة لا بل زادت تهميشاً. الحجاب هو شكل..
– أنا لا أقدم دراسة عن تفاصيل كل مناحي المسألة. أنا أذكر مثالاً، كان في الماضي إذا سافر الانسان إلى أوروبا أو أميركا نقول انه ذهب ولن يعود، يذهب وإذا عاد يعود بتقاليد واعراف وأخلاق لا تمت إلى هذه المنطقة بصلة. اليوم العكس يحصل، يمكن ان يذهب من هنا متحللاً من الكثير من الأمور وحينما يعود، يعود رجلاً متماسكاً متأدباً.
# حتى انه نقل بيئته للغرب واثار هناك مشكلات..
نعم.
# ولكنه نقل بيئته بما فيها من عقلية عشائرية وعادات سيئة..
– أنا لا أتحدث عن الكل، أنا أتناول الجوانب المضيئة. أكثر من هذا، بعضهم اعطى صورة مشوهة ومارسوا أعمالاً سيئة جداً ليس مستحباً ذكرها، على كل حال في هذه المعمعة يشكل القرآن الكريم حصناً قوياً داعماً، ومطمئن إلى انه ستسقط على أبوابه كل محاولات إسقاط شخصية الأمة وتدميرها، وأنا لا أتحدث عن عقود أو قرون من الزمن بل أتحدث عن صراع ومعركة أمم وحضارة تمتد مع الزمن.
من هنا علينا ان لا نسقط ما بأيدينا، ان لا نيأس وان لا نقطع الأمل، بل بالعكس كلما اشتدت المحنة علينا أن نزداد حماساً ونشاطاً واندفاعاً لأن القرآن وعدنا ان الايمان سيعم الأرض، كل الأرض بلا استثناء.
# عودة إلى طاولة الحوار، هناك جلسة ثانية حدد موعدها في 25 حزيران/يونيو الجاري وموضوع السلاح سيكون البند الأبرز تحت عنوان الاستراتيجية الدفاعية. ما هو تصورك أولاً للاستراتيجية الدفاعية؟
– أعتقد ان جلسات الحوار لا يراد منها بت هذا الموضوع وقد فرضتها بعض الحالات والتطورات الأخيرة، هذا حجمها فالأطراف غير قادرة على حل مشكلات البلد وليس بيدهم حل هذه المشكلات .
# أي أطراف؟
– كل الاطراف. أما موضوع الاستراتيجية الدفاعية وسلاح المقاومة فهو يحتاج قبل علاجه الى علاج مشكلة الدولة يجب ان تصبح الدولة دولة كل المواطنين دولة القانون دولة يثق بها الجميع وجادة في حمايتهم من عدوهم حينها لا يجوز ان يبقى أي سلاح خارج سيطرتها هذا الشرط ليس تعجيزياً وانما حاجة ضرورية ملحة ومشكلة الشعب مع سلاح السلطة اللبنانية مريرة كما هي مشكلته مع السلاح الاخر .
# كأنك تتبنى موقف حزب الله وقيادته؟
– أنا لا أدافع عن أية رؤية. يمكن ان يستخدم بعضهم لغتي نفسها، أنا أتحدث عن شيء جدي، نحن نسعى لبناء دولة. لو كان حزب الله جدياً لكان سعى من الأول إلى بناء دولة. وما كان شارك في تقسيم لبنان إلى لبنان سوري ولبنان غير سوري ودخلنا في المعمعان الطويل العريض، نحن علينا أولاً بناء الدولة بكل جدية، نبني دولتنا وبعد ذلك يجب ان يصبح كل السلاح بيد الدولة، هذا الموضوع ليس للمناورة ولا للهروب من الحقيقة أو لحماية سلاح زيد أو عمرو أو للتبرير والتعجيز أنا لا أطلب ما لا يستطاع. لمصلحة لبنان والفقير والغني والنظام والشعب والمستقبل ولمصلحة حماية لبنان لنبني دولتنا لا يجوز ان يبقى الشعب اللبناني ومستقبله وأمنه امانة بيد مجموعة من اللصوص والباعة .
# هناك من يقول رداً على هذا الكلام، ان القصد منه هو اعطونا الدولة ونعطيكم السلاح. هناك واقع سياسي في لبنان يفرض وجود الدولة على هذا الشكل..
– وإذا اعطيتمونا الدولة ليس هناك من داع لإعطائكم السلاح..
مصلحة البلد أهم كثيراً من المناورات، الدولة دولة الجميع. كما ان على الدولة ان تجعلني مطمئناً وواثقاً بها عليها ان تجعل كل اللبنانيين مطمئنين وواثقين بها. هذا موضوع يجب ان نقف عنده ملياً. لا يجوز ولا يمكن بناء دولة أغلب الناس ينظرون إليها على أساس انها محظية لفلان أو لفلان.
# قلت ان حزب الله ساهم أو شارك في تقسيم لبنان إلى لبنان سوري ولبنان غير سوري، إذا كان صاحب الشأن المعني بالقصة لم يقم بما هو مطلوب منه كيف تطلب من الآخر ذلك؟
– أنا لا أنزه قيادة حزب الله عن موضوع تخريب البلد، أنا أتهمهم بأنهم شاركوا بتخريب البلد وادعي أكثر من هذا انه ليس من مصلحة إيران قيام دولة مركزية وقوية في لبنان لأنه حينئذ لا يبقى لإيران قرار في لبنان وليس فقط إيران تتمسك بمناطق نفوذها كل الدول لا تتخلى بسهولة عن مناطق نفوذها، من هنا فإن سياسة إيران ومن يعمل في خدمتها في لبنان ليست لبناء لبنان الدولة، بل على العكس مصلحة إيران أن لا تقوم قائمة للبنان الدولة.
# إذا نظرت إلى الآخر وكيف يمكن ان يفكر. ألا ترى من حقه ان يرى ان هناك خطراً فعلياً يتهدده من العدو الإسرائيلي، هذا واضح ولكن وجود سلاح لدى المقاومة بحجمه ونوعيته يطرح علامات استفهام حول وظائفه الاستراتيجية التي يشكل التصدي للعدو الإسرائيلي احداها ولكنه ليس كل هذه الوظائف. وهو ما يثير قلقاً وهواجس لدى هؤلاء. هل تشاطر هؤلاء مخاوفهم وهواجسهم؟ وإذا كان المطلوب معالجة هذه الهواجس كيف يتم ذلك ليبقى هذا السلاح وفي الوقت نفسه يطمئن كل اللبنانيين إلى ان هذا السلاح لن يكون له وظائف أخرى غير وظيفة الدفاع عن لبنان؟
– ما ذكرته من مخاوف حقيقية وجدية مع هذا ليس بأيدينا علاج غير الذي ذكرته لك واتمنى ان نجد علاجاً آخر، لكن مع هذا سيبقى الطريق لبناء البلد ما ذكرت والطريق لحماية البلد ما ذكرت والطريق الصحيح لوضع كل الاسلحة في خدمة البلد ما ذكرت. وهو قيام دولة موثوقة عادلة دقيقة محمية بقوانين وشعب، هذه الدولة تكون كل الاسلحة في لبنان تحت سلطانها.
# ولكن في ظل انسداد الأفق القريب على الاقل أمام هذه الدولة؟
– نحن ذاهبون إلى حرب في لبنان ولا نذهب إلى الدولة نحن ذاهبون إلى خراب مستمر، أنا أتحدث عما ينبغي، أما في الحقيقة فنحن ذاهبون إلى حرب والاطراف كلها تتسلح وتسعى إلى الوصول إلى مستوى يؤهلها للقيام بواجبها العسكري.
# أليس هناك امكانية لحل واقعي وبراغماتي في ظل هذه المرحلة على طريقة لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم..
– يوجد امكانية عقلية والاطراف اذا ارادت تستطيع، نعم تستطيع، لكنها لا تريد، اليوم وفي ظل المعركة المحتدمة في سوريا وتصاعد وتيرة العنف، يبدو ان الايام القادمة مرشحة لأن نشهد فصولاً مرعبة في سوريا، هذا سينعكس حتماً على لبنان، وسيصبح لبنان تفصيلاً من تفاصيل المعركة في سوريا نعم يجب على الاطراف ان تبذل جهداً لتخفيف اضرار المعركة في سوريا على لبنان.
# متشائم لهذه الدرجة؟
– لست متشائماً، هذا ليس تشاؤماً هذه حقيقة.
# في ظل هذا الجو لماذا ذهب حزب الله للمشاركة في الحوار؟
– من مصلحة حزب الله وايران ان يبقى لبنان هكذا، اعتقد حسب قراءتي للسياسة الايرانية انها تعتبر وضعها في احلى حالاته في لبنان.
ايران تعتبر نفسها وصلت الى قمة ما تريده في لبنان اليوم لبنان عملياً هو رقم بيد ايران تملك فيه قوة عسكرية كبيرة، الاطراف كلها الدولة وغير الدولة أضعف من ان تنافس او تواجه او تضاهي وجود ايران القوي، طبعاً من المخاطر التي يمكن ان تتعرض لها ايران في لبنان المعركة المذهبية، لأن هذه المعركة ستطيح بفعالية الوجود الايراني في لبنان وستطيح بسلاحها، ايران من مصلحتها ان لا يدخل لبنان في معركة مذهبية وان يبقى في يدها.
# لماذا تركز دائماً على ايران في هذا المجال ألا توجد قيادة لبنانية داعمة لايران إلاّ ان لها هوامش حركة وقرار؟
– لا نريد ان نبخس احداً حقه او دوره ولكن الاستراتيجية استراتيجية ايران، وهذا الموضوع لا يمكن ان يكون بيد احد في لبنان.
# اذا بقينا في الجانب اللبناني تحدثنا عن قيادات لبنانية على رأسها السيد حسن نصرالله المهدد المختفي لاعتبارات امنية تمنعه من المشاركة في النشاطات العامة والاستقبالات الخ، وهذا يؤكد من ضمن ما يؤكده انه صاحب قرار والاّ لماذا استهدافه؟ لماذا حصر الامور في هذا الجانب بإيران؟
– انت ترغب ان تحمل بعض اللبنانيين المسؤولية، ((ماشي الحال)) نحملهم كما ترغب.
# قلت ان جلسات الحوار مخدر وان الامور مؤجلة، هل ترتبط بالانتخابات الرئاسية الاميركية ام بأحداث سوريا ام بالامرين معاً؟
– لبنان أزماته قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية وقبل أحداث سوريا، لبنان طبيعة تكوينه تجعله ساحة محاور وصراعات ومناطق نفوذ لهذه الدولة او تلك.
# لم يعد الساحة الوحيدة اصبحت معظم دول المنطقة ساحات؟
– صحيح، ولبنان ما زال ساحة وساحة عفنة، لهذا من منظوري يبدو ان لبنان سوف يبقى يتألم وتبقى الصراعات حوله الى أمد نسأل الله الخروج.. اي متى لا نعلم.

يتبع
==============

لأول مرة الامين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي يروي لـ((الشراع)): ((12)) قصة ثورة الجياع

*الايراني يتعاطى كسلطان على الجميع إطاعته.. وأنا لست كذلك
*شرطان لزيارتي ايران: عدم العبث بالداخل في لبنان ومحاكمة الايرانيين واللبنانيين المسؤولين عن حرب ((امل)) – ((حزب الله))
*شكاوى من شرائح متعددة داعمة للمقاومة دفعتني للتحرك من اجل معالجة جوع الناس
*طلبت من حزب الله حضور اجتماعي مع الفاعليات المحتجة فقالوا لي اذهب وحدك وسنقف ضدك
*قلت للحزب لما رفضوا التنسيق معي هذا اعلان حرب
*رفض الايرانيون ((ثورة الجياع)) لخوفهم من اصطدام حزب الله بالسياسة السورية
*((ثورة الجياع)) بدأت مطلبية وايران كانت خط الدفاع الاول عن الفساد
*لم أخطىء بإعلان ((ثورة الجياع)) ولست نادماً ولو تسنت الفرصة مرة اخرى سأعيد الكرة
*ستأتي الايام ويكتشف الايرانيون انني ما خلصت احداً من عبئي
*صرفت النظر عن فكرة انشاء حزب لأن التقوقع له تأثير سلبـي
*أبيع ارضاً اشتريتها من اجل نفقاتي الشخصية
*رفضت عرضاً بفتح حساب مالي لي لا ينضب في احد البنوك
*السيد محمد حسين فضل الله تعرض لضغوط لوقف دفع مخصصات بعض المعممين
*أرفض ان أكون جزءاً من حراك لقانصي فرص وأدعم اي حراك لمواجهة الغلط
*اي حراك شيعي معارض لا ينفع.. وما ينفع هو الحراك غير المذهبـي والطائفي
أجرى الحوار زين حمود
لأول مرة يتحدث الامين العام الاسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي عن ((ثورة الجياع)) بتفاصيلها ووقائعها ومسبباتها ومسارها ومآلها.
الطفيلي خص ((الشراع)) بسرد وقائع جديدة من شأنها الاضاءة على ما جرى في ربيع العام 1997 ومواقف العديد من الاطراف وأسباب تطور المواجهة الى صدام بين المحتجين ضمن ((ثورة الجياع)) والجيش اللبناني.
فإلى تفاصيل الحوار:

# متى زرت ايران آخر مرة؟
– في العام 1993 او 1994، اظن في العام 1994.
# متى انقطع التواصل بينك وبين القيادة الايرانية؟
– انقطعت في العام 1997.
# من جانبك او من قبلهم؟
– حينما رفعنا شعار ثورة الجياع، أول ما اصطدمنا اصطدمنا بهم، وكان هناك بعض الحوارات وتلت الحوارات قطيعة.
# حوارات حول ماذا؟
– حول موضوع ثورة الجياع.
# قبل ان نسترسل في الحديث عن ثورة الجياع وظروفها واسباب انطلاقتها ونتائجها والمآل الذي وصلت اليه، اريد ان أسأل سؤالاً افتراضياً وهو: لو جاءكم في الغد سفير ايران في لبنان غضنفر ركن ابادي ووجه اليكم دعوة من القيادة الرسمية الايرانية لزيارة ايران، ماذا سيكون ردكم؟
– سبق ووجهت دعوة لي كهذه.
# متى؟
– منذ سنوات.
# بعد ثورة الجياع؟
– اثناءها، انا لا أمانع بزيارة ايران، بالعكس انا أؤيد زيارة ايران لكن على اسس واضحة، انا لا أحب اللفلفة.
# أسس ام شروط؟
– لا أسس واضحة وليس شروطاً، هناك ملفات يجب ان تفتح، ان أذهب الى ايران ماذا سأفعل؟ أذهب لإيران.
# حتى تكرم؟
– لا.
# عندك شرط للقاء شخصيات بارزة معينة؟
– عندي فتح ملفات والوصول الى نهاياتها.
# ما هي هذه الملفات؟
– المقاومة وسلاحها، قضية فلسطين لدينا اساس، أنا لا اقبل بالعبث بالداخل في لبنان، او المشاركة في تمزيق لبنان لأن الايرانيين ليسوا وحدهم الذين مزقوه، هناك اطراف اخرى شاركت وبفعالية بتمزيق لبنان.
وهناك موضوعات اخرى ، هناك المعركة بين حركة ((امل)) و((حزب الله))، انا ما زلت ادعو الى محكمة ومحاكمة كل ايراني وكل لبناني له علاقة بهذه الفتنة الداخلية، وهذه من الامور التي لا تموت مع الزمن.
# هذا هو شرطك الثاني؟
– طبعاً الايراني لا يقبل لا بهذا ولا بذاك ولا بغيره، الايراني هو السلطان وما على الجميع الاّ الطاعة، وبالصدفة انا لست كذلك.
# هناك بعض التصريحات التي تشير الى امكان استخدام الساحة اللبنانية للرد على اية اعمال حربية قد تطال ايران؟
– انا مع الدفاع عن الامة كل الامة بغض النظر عن حساسية هذا، انا مع الدفاع عن المغرب ومصر والسعودية وايران وكل العالم الاسلامي.
# ألم يعد في الامة الاّ بضعة مقاتلين لحزب الله في لبنان؟
– لا من الناحية المبدئية، وكأمة تحمي نفسها تدافع عن نفسها انا مع هذا.
# لكن هل يمكن للبنان ان يتحمل تداعيات اي تدخل او حراك عسكري رداً على استهداف ايران؟
– قلت لك فيما مضى انا قلت لحافظ الاسد دعوا لبنان فييتنام، يعني المعركة بين الاميركيين والفييتناميين كانت معركة بين الشرق والغرب في حينها لكن مكانها هناك وتحمل الشعب الفييتنامي ضريبة المعركة كلها، نحن في سبيل الامة وقدسها وفي سبيل مستقبلها علينا وعلى كل الشعوب المسلمة تحمل الامر، ونحن يجب ان نكون جاهزين وحاضرين لأن نتحمل اعباء وكلفة، اي كلفة مهما كانت كبيرة في وجه العدو الاسرائيلي وفي وجه مشاريعه الضارة على الامة كلها، هذا بصورة مبدئية وبغض النظر عن التفاصيل، ونقدي للسياسة الايرانية وتخطئتي لها ، انا هنا مع الدفاع عن ايران.
# النووية.
– عن النووي الايراني والنووي السعودي والنووي الباكستاني وأنا أتحمل بأولادي وبيتي وأهلي كل الضريبة في مواجهة العدو الاسرائيلي، نعم نحن مع الدفاع عن ايران وغيرها، يجب ان نفهم هكذا ويجب ان ندرك ان هذا ما علينا ان نفعله.
# تطرقت إلى ((ثورة الجياع))، أولاً لماذا قامت هذه الثورة؟
– ذكرت لك في حلقة ماضية انني حملت ملفاتي حول السياسة المالية في لبنان وطفت بها على مسؤولين إيرانيين وسوريين وبعض اخواننا في لبنان وناقشتها مع أهل الاختصاص.
# عندما كنت أميناً عاماً للحزب؟
– لا، بعد الامانة العامة. الملفات التي طرحتها تتعلق بالسياسة المالية بعد العام 1992 حينما اعتمدت سياسة الاستدانة والانفاق في ظل نظام فاسد ومفسد. الاستدانة والانفاق سياسة تعني إغراق البلد بالديون والدمار، وكنت أدرك جيداً اننا ذاهبون إلى الهاوية الاقتصادية، لكن عجزت عن ان يكون لخطانا تأثير خاصة كنت أخذت وعداً من قيادة الحزب بالدعوة لمؤتمر اقتصادي يجمع أهل الخبرة والاختصاص وأهل الشأن ودراسة الملف دراسة علمية موضوعية دقيقة ومن ثم العمل على اعتماد مقرراته من قبل الدولة لأننا نريد أكل العنب وليس قتل الناطور. أنا لست بصدد حركة سياسية بشعار اقتصادي أنا كنت حقيقة جاداً في العمل لإصلاح الأمور وعدم السير بالطريق الذي سلكته الدولة.
ولكن بعد فترة انتظار طويلة أدركت أن قيادة الحزب لا يعنيها شأن الناس ولا زالت حتى اليوم وفي الأثناء كانت زياراتي أسبوعية تقريباً إلى البقاع وكانت تأتيني وفود بحكم موقعي وعلاقتهم بي واحساسهم بأنني مسؤول عن قضاياهم وانه يجب ان أدافع عنهم. كانت تأتيني شكاوى من شرائح متعددة على الساحة وكانت هذه الشكاوى تصل إلى حد الصراخ مما نحن فيه في بعض الاحيان والادانة لحزب الله ولي. وكان يقال لي طلبتم دماً فدفعنا دماً وطلبتم ان نذهب إلى الجنوب ونقاتل العدو الإسرائيلي فذهبنا، وكل ما طلبتموه منا نفذناه، اليوم نحن جائعون واليوم نحن ذاهبون إلى الهاوية ولا نستطيع ان نتحمل أكثر أين أنتم من معاناتنا.
وقد حملت هذه المطالب وطرحتها على اخواننا الإيرانيين واللبنانيين ولم نسمع جواباً. إلى ان دعوت إلى اجتماع في مسجد الإمام علي في بعلبك. يومها جاء المعترضون إليّ وهم باكون وقلت نلتقي الاسبوع القادم في مسجد الإمام علي لبحث الأمر، ثم نزلت إلى بيروت واتصلت ببعض الاخوة وقلت لهم أنا دعوت إلى اجتماع.
# مع الاخوة.. من تقصد قيادات حزب الله؟
– نعم، أبلغتهم بالدعوة إلى الاجتماع وقلت لهم ((أنا لا أحب ان أذهب وحدي، إما أن نذهب سوية)).
# من تقصد سوية؟
– أنا والحزب.
# لا إسم محدداً؟
– لا، وقد قصدت أن يكون القرار قرار الحزب حتى لا تكون هناك ثنائية أو شيء من هذا القبيل، وقلت لهم إما أن نذهب سويةً ونحاور الناس او اذهبوا أنتم ليس عندي مانع أو منفعة شخصية، اذهبوا وتحاوروا مع الناس، إما أن تقنعوهم أو يقنعوكم أو تحملوا رايتهم إلى النهاية وإذا كنتم تتخوفون من ان يكون ذهابكم خطراً عليكم أنا مستعد لأن أذهب ولكن بالتنسيق معكم. فإن كان خيراً خذوه، لا أريده، وإن كان شراً ومسؤولية أتحمله دونكم واصبح أنا المسؤول عن كل ما يحصل، استمهلت يوماً أو يومين. وكان الجواب اذهب وحدك وسنقف ضدك.
# من قبل قيادة حزب الله؟
– نعم.
# في أي سنة؟
– في ربيع العام 1997.
قلت لهم هذا إعلان حرب.
# هذا الأمر حدث قبل استشهاد نجل السيد حسن نصرالله؟
– في ربيع العام 1997. الشهيد هادي استشهد في 13 أيلول/سبتمبر.
# هل تزامنت مع الانتخابات؟
– الانتخابات النيابية أجريت في العام 1996، وثورة الجياع بعد الانتخابات.
# اعتبرت جوابهم كما قلت لهم إعلان حرب؟
– لم أيأس وحاولت ان أجد وسيلة للتفاهم، لكن يبدو انهم كانوا مصرين على المواجهة وحصل الاجتماع في بعلبك.
# قبل الحديث عما جرى هل تعتبر انهم كانوا يتخوفون من كمين ما تنصبه لهم عنوانه اجتماع بعلبك؟
– باختصار، هذا الموقف كان سيجعلهم في مواجهة الدولة اللبنانية. وبالدخول في مواجهة فساد وجشع جهاز الأمن السوري الحاكم في لبنان وبعض الساسة 0 والقرار الإيراني أن يكون حزب الله في خدمة النظام السوري، إذن أي موقف كان سيتخذه حزب الله كان سيجعله يصطدم بالسياسة السورية، وهم ليسوا مستعدين لإعادة النظر بذلك حتى لو جاع الشعب اللبناني ويجري عليه كل ما جرى حتى الآن. لأن هذه الدول لا تفكر بالعدالة ومصلحة الشعوب ورفاهها ومستقبلها تفكر بالمكاسب بغض النظر عن آثار هذه المكاسب السلبية على الشعوب التي تتعرض لهذه السياسة.
بدأت ثورة الجياع حركة مطلبية وكنا واضحين بذلك من أول يوم عندما حددنا مطالبنا ورؤيتنا. طالبنا بالعدالة الحقيقية والانقاذ الاقتصادي للبلد لأن البلد كان ذاهباً إلى دمار وحددنا اننا لا نريد الفساد ولا الهدر. ومطالبنا في حينه كانت معروفة، وللأسف فإن الخط المواجه لنا مباشرة لم يكن النظام السوري ولم تكن الدولة اللبنانية، إيران كانت خط الدفاع الأول عن الفساد في لبنان.
# ألا تعتبر انك استدرجت لقطع آخر العلاقات معك؟
– لا ليس الأمر كذلك، هناك امران دفعا ايران لحماية الفساد في لبنان ومواجهتي الأولى أنهم لا يريدون إعادة النظر بسياستهم. وعليه لا يستطيعون ان يقبلوا بطلباتي، وألف باء طلباتي ان يعيدوا النظر بسياستهم الداعمة لكل ممارسات النظام السوري في لبنان. والثاني إذا تحركت فسأتحرك في ساحة يعتبرون انها اقتطاعهم ومكتسبهم وبستانهم، حركتي ستكون في دائرة إيران خاصة انني أمين عام (سابق) لحزب الله ومؤسس حزب الله وبنية هذا القطاع أنا أبوه، من هنا استشعروا الخطر بأن هذا سيؤثر على جمهورهم ولهذا بادروا قبل الجميع واعتبروها حربهم قبل أن يعتبرها السوريون حربهم وقبل ان تعتبرها الدولة اللبنانية حربها.
# ولكن أنتم اصطدمتم بالدولة والجيش اللبناني؟
– استخدم الجيش اللبناني وأنت تعرف ان الجيش اللبناني كان وما زال حتى اليوم مجرد أداة يتبع سياسة المتنفذين، هناك جهة متنفذة تأمر وعلى الجيش اللبناني أن ينفذ، الجيش اللبناني ليس تابعاً للسلطة اللبنانية، الجيش تابع لأصحاب النفوذ، وقيادة الجيش اللبناني كانت في يوم من الايام في عنجر، الصغير والكبير، الضابط والجندي كلهم يقدمون الطاعة.
# متى؟ أيام العماد إميل لحود؟
– أيام الوجود السوري، أيام لحود وغير لحود، قبل لحود وبعده، الجيش اللبناني في حينها كان مجرد أداة.
# ولكن أنتم أطلقتم يومها النار عليه؟
– نحن أطلقنا النار؟
# من أطلق النار.
– (ضاحكاً) نحن لم نطلق النار على أحد وأنا ذكرت لك مثالاً قبل فترة واعتقد ان أي عاقل حينما يفكر يدرك ان القول بأننا قاتلنا أحداً أو فكرنا بقتال أحد هو فرية أنا حينما أطلب من الشباب أن يحملوا جريحاً للجيش اللبناني ويخاطروا بحياتهم لنحميه..
# يوم المشكلة؟
– نعم، هل نكون ساعتها نطلق النار على الجيش اللبناني ونريد قتل أفراده؟ وانت تعرف والكل يعرف انه إذا كان هناك فريق يريد أن يقضي على حركتك ويريد أن يفتعل مشكلة يمكن ان يرسل بعض عناصره بين صفوفك ويطلق بعض الطلقات في الهواء حتى يوحوا بأن هناك تبادلاً لإطلاق النار، نحن لم نفكر أبداً ولا لثانية باستخدام السلاح والعنف لا أثناء الحادث في الحوزة ولا قبله ولا بعده.
# ولكنكم أعلنتم العصيان؟
– العصيان المدني وليس المسلح.
# بعد عقد ونصف على ((ثورة الجياع)) هل تعتبر انك اخطأت في إطلاقها وانك انزلقت إلى فخ نصب لك؟
– لا.
# نتحدث الآن بكل شفافية.
– وأنا أتكلم بكل شفافية. وبالمناسبة ليس في هذا فقط بل في شكل عام فإن كل ما أقوم به وأفكر به وأتبناه، أعيد النظر به والتفكير فيه مراراً قبل التنفيذ وبعد التنفيذ. وبعد التنفيذ أفكر فيه أكثر وأحاول أن أكون موضوعياً ودقيقاً ولا أحابي نفسي فقبل ان أقدم على تلك الخطوة في تلك الأيام أنا أعرف من أواجه والجهات وقدراتها. يعني كنت أعرف السوري وقدراته والإيراني وقدراته والدولة اللبنانية وقدراتها وأعرف وضعي وقدراتي.
# ليس هناك أي تكافؤ؟
– لهذا كانت عندي مسألة انني قد أتعرض للاغتيال أو أقتل مسألة مرتفعة جداً، واذكر بين هلالين كان عندنا حوار مع بعض الكرام في الحزب أثناء بداية ((ثورة الجياع)) أو قبل أيام من انطلاقها..
# ما هي الفترة التي استغرقتها ((ثورة الجياع))؟
– من ربيع العام 1997 إلى شباط/فبراير 1998، كنت أصلي وأخذت صلاتي مزيداً من الوقت، وعندما انتهيت من الصلاة جلست لنناقش بعض المسائل ومنها أزمة الخلاف بيننا وبين الإيرانيين والحزب فقيل لي: أنت تستعد للموت.
# من قال لك ذلك؟
– من يحاورني، وهو لم يخطىء، يا أخي بالمفهوم السياسي في لبنان السياسة مكاسب وتجارة، هذه هي العقلية السائدة وهي خاطئة. يجب علي أن أدافع عن هذا الشعب وأن أضحي في سبيله، ان ارفع الصوت حتى لو ضحيت، أنا من هذا المنطلق وجدت ان الناس تستحق التضحية حتى بالنفس. حتى لو تعرضت للموت، نعم يجب ان أقف مع الناس بهذا المقدار، لهذا أنا لا أندم، واليوم لو تسنت الفرصة مرة أخرى أقف، لو كان الظرف يسمح أقف.
# الوضع اليوم أسوأ إقليمياً واقتصادياً، لماذا لا تتحرك؟
– صحيح الوضع أسوأ اليوم ولكن اليوم الناس ذاهبة إلى الحرب ولكل شيء ظرفه. اليوم ظرف حرب والشيعة متحصنون اليوم بالحصون المذهبية والسنة أيضاً والأمر تجاوز المطالب والدولة.
# الكل لا يسمعون إلا الخطاب المذهبـي؟
– نعم. إذا وقفت اليوم لتنادي أيها الناس أين الكهرباء.
# لا حياة لمن تنادي؟
– الكل حاضرون لكي يعيشوا في الظلمة والجوع والمحنة حتى يستعدوا لقتال جيرانهم واخوانهم من المسلمين.
# لكن بالمحصلة ((ثورة الجياع)) أدت لنتائج لم تكن أبداً في مصلحتك. سواء على مستوى وضعك القانوني أو على مستوى فعاليتك السياسية. وأنت قلت منذ اللحظة الأولى لثورة الجياع ان جواب الحرب على طلبك هو اعلان حرب، واضح انك كنت ترى حجم ما ينتظرك، لكن ألم يكن عملك انتحارياً؟
– نعم لكن البديل ما هو؟ ان تخضع وتقبل بالغلط وتسكت، الرجال الذين وقفوا وضحوا وماتوا وعذبوا وقهروا في التاريخ وهم يواجهون امبراطوريات الغلط والجريمة والرذيلة كانوا قادرين أن يسايروا أوضاعهم ويعيشوا أيامهم القليلة بهناء ودون تعب. هذا يميز الناس بين إنسان يحترم نفسه وعقله وحياته وبين إنسان ضائع يفتش عن ملذاته. كنت أستطيع أن افتش عن الملذات لو أردتها ولو كنت أريد مالاً وسلطة فإنها كانت بين يدي.
# لكن إذا اعتبرنا انك كنت في ذلك الوقت عبئاً على الإيراني الذي ذكرت انه وراء مواجهة ثورة الجياع. فإنك قدمت له فرصة للخلاص من هذا العبء؟
– ستأتي الأيام وسيكتشف هؤلاء وغيرهم انني ما خلصت أحداً من عبئي.
# ماذا تقصد؟
– ما زلت عبئاً، وعلى العكس من ذلك أنا اليوم أرفع صوتي عالياً في وجه كل من يقف منحازاً ضد الأمة الاسلامية أكان إيرانياً أو سعودياً. ولو لم أقف قديماً سنة 1997 مع الحق والدفاع عنه ما كنت وقفت اليوم مع الحق والدفاع عنه، قيمة المرء أن يقف مع الحق. يسقط تماماً حينما ينحاز لغير الحق، لو ان الأمة أو الكثير من رجالاتها وقفوا مع الحق حتى لو ضحوا أعتقد ان الأمة ستفلت من كثير مما يحاك لها وما تدفعه من أثمان. لو ان كثيرين يقولون الحق حتى لو سجنوا وعذبوا بتقديري كانت الجريمة ستضمر وكذلك الرذيلة والانحراف ان لم نقل انه سيقضى عليها، هذا موضوع أتمنى على وسائل الاعلام أن تضعه في حجمه الحقيقي، اليوم المدرسة المتبناة من أغلب وسائل الاعلام والناس ان المصلحة الشخصية هي التي تحدد المسار.
# لكن ألم يؤثر ما حصل لك على حرية حركتك ونشاطك وحيويتك. أنت اليوم طريد العدالة أو أقرب إلى ذلك، هل تستطيع أن تذهب إلى مهرجان عام مثلاً؟
– أنا مررت في الفترة الماضية بأصعب من ذلك، مررت بوضع حتى في بيتي في دورس كان هناك 4 حواجز كبرى وبين الحاجز والحاجز نقاط عسكرية وبين كل نقطة مسافة 20 أو 25 متراً.
# كنت في معسكر وإقامة جبرية؟
– نعم كان هناك أذى يومي بحقي كانت إذا جاءت لزيارتي أكثر من سيارة كانت الاستخبارات السورية تتصل للإستفسار، وإذا سمعوا إشاعة ما انني سأخرج من البيت لمكان ما كانت تنتشر الحواجز وتبدأ الاساءة للناس وإطلاق الرصاص، كنت أضطر ان أكلف بعض الشباب وأقول لهم اتصلوا بالسوريين وقولوا لهم ألغى الشيخ زيارته لهذه المنطقة ارفعوا ظلمكم عن الناس. وبعد 5 دقائق كانوا يرفعون الحواجز وتنتهي المشكلة، كان الضيق لهذه الدرجة اليوم الأمر ليس كذلك، اليوم أقل من الماضي. على كل حال لست نادماً بل على العكس كل يوم يمر أزداد قناعة بأن ما فعلته كان عين الصواب وكنت محقاً وهذا الأمر يهمني كثيراً انني صادق مع أهلي ومع ربي واسأل الله ان أبقى على هذا الصدق وهذا الوفاء مع الناس ومع الله جلّ وعلا شأنه. وأنا لا أفكر بنفسي ولا أقدم مصلحتي الشخصية على المصلحة العامة.
# هل حاولت يوماً ان تنشىء حزباً؟
– هذا الموضوع فكرت به كثيراً وهناك بعض الخطوات المتواضعة التي قمت بها في بعض الفترات لكن هناك شروطاً لم تكتمل وكان لدي أيضاً وجهة نظر ثانية، واعتقد ان وجهة النظر الثانية كانت الاصح وهي ان الموضوع أكبر من إنشاء تشكيل حزبي، التشكيل الحزبي عادة يبدأ حركة مجهولة مع ناس في بداية حياتهم، ونحن تجاوزنا هذا الأمر ويفترض بنا أن نتعاطى مع الكل مع المجموع لا ان يصل الانسان إلى مكان التقوقع الحزبي.. لأن التقوقع الحزبي له تأثير سلبـي في الكثير من الاحيان لهذا اعتقد ان فكرة الحزب لم تستكمل مشوارها.
# في أي عام خطرت ببالك الفكرة بعد العام 1997؟
– نعم.
# حالياً ألا تخطر ببالك هذه الفكرة؟
– لا.
# ولكن ألا يجعل الحزب تعبيرك عن فكرك وطروحاتك أوسع نطاقاً وانتشاراً خاصة ان لك مريدين وأنصاراً في منطقة البقاع؟
– في هكذا أمور الظروف تؤدي دوراً أساسياً.
# الظروف المالية؟
– بتقديري حتى هذه اللحظة ما فعلته هو الصواب، يمكن ان تتغير الظروف لاحقاً وتتبدل الأمور وحينما يفكر الانسان بأمر أو نقيضه بسلوك طريق أو آخر يدرس الفائدة وحجمها ومجموعة اعتبارات فدراستي للاعتبارات حتى هذه اللحظة ليست لصالح تشكيل حزب. يمكن إذا تبدلت الظروف والمعطيات قد تتبدل عندها النتائج والرؤية.
# كأنك تتمنى العودة لحزب الله في ظروف جديدة؟
– كيف استتنجت هذا الاستنتاج.. لم أفهم.
# الاستنتاج صحيح.
– (مبتسماً) لم افكر أنا بهذا الاستنتاج.
# مع قيادة جديدة للحزب هل يمكن ان يكون لك مكان في حزب الله؟
– بالمناسبة، منذ ما قبل العام 1997 أنا أحببت ان أنصرف لنشاط علمي، ورغبتي هذه كان يعلم بها الكثير من الاخوة.
# علمي – فقهي؟
– نعم، وأنا اليوم أمارس هذا النشاط واعتقد انه أهم من النشاطات الحزبية وأهم من العودة إلى صفوف حزب الله.
# دور صبحي الطفيلي اليوم كيف ترسمه. قبل قليل كنت تتحدث انك ستبقى عبئاً على السياسة الإيرانية. الدور يحتاج إلى آليات ما هي هذه الآليات إضافة إلى البحث العلمي والتفرغ للفقه والتأليف؟ وهل ان دورك محصور فقط في الجانب البحثي الفقهي والعلمي؟
– لا ليس الأمر كذلك. أنت حينما تكون في موقع الدفاع عن قضية محقة تؤمن بها يجب عليك دائماً ان تبقى في موقف الدفاع وتقوم بدورك أكان اعلامياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو فقهياً. وأنا في كل هذه المجالات سأدافع عن الحق حيث استطعت.
# هناك سؤال واعذرني على طرحه، نعرف ان كل جهة في لبنان لها مصادر تمويل، من يمولك خاصة وان هناك اتهامات موجهة لك بهذا الصدد؟
– أنا ليس عندي نفقات مالية.
# ألا يوجد لديك مؤسسات؟
– المؤسسات تمول نفسها بنفسها، والبعض منها مهمل مهجور من عام 97 حتى اليوم وبالمناسبة نحمد الله على ذلك. أما في ما يتعلق بمصروفي الشخصي وللأسف ان تصل الأمور إلى ان نتحدث عن أمور خاصة. باختصار أنا في يوم من الأيام كنت أفكر ببناء جامعة.
# أين؟
– هنا في بعلبك. جامعة تضم كليات واشتريت مساحة من الأرض لا بأس بها ويومها كان سعر هذه الأرض زهيداً جداً. استدنت من كثيرين من أجل شرائها. ولم يخطر في بالي حينها ان الفلك سيدور بطريقة أخرى. اشتريت هذه الأرض ثم دار الفلك وحوصرت وتحسن سعر الأرض قليلاً. اليوم أنا أبيع الأرض التي اشتريتها في يوم من الأيام لبناء جامعة لأعيش بثمنها باختصار نافع مفيد وأنا مضطر لأن أحكي هذا الأمر وانت كنت أتألم حينما اذكره، والكل يعرف انني لو كنت أريد مالاً ودنيا لاستطعت، وما ضيعت ما كان بيدي، ومحاولة التشكيك أو ذر الرماد أو الغبار في العيون بدعاية من هنا وكذبة من هناك يجب ألا تخفى على أي انسان وأنا أقول بوضوح: قيل لي في يوم من الأيام نفتح لك حساباً في البنك تسحب منه ما تشاء دون ان ينضب، لم يخطر ببالي ان افكر بالقبول بل بالعكس اعتبرت ذلك اهانة.
# من اي جهة جاءك العرض؟
– من طرحوا هذا الامر يعرفون انفسهم.
– من طرح هذا الأمر طرحه من موقع قادر ويعبر عن وجهة نظر دولة كبيرة في المنطقة0
# ايران ؟
– لا جواب0
# قيل سابقاً ان واحدة من اسباب ثورة الجياع كان وقف مخصصاتك المالية، وقيل ان المرجع السيد محمد حسين فضل الله قامت مشكلة بينه وبين حزب الله لأنه تولى تأمين ودفع بعض المخصصات لكم.
– (ضاحكاً): هم قطعوا رواتب بعض المعممين الذين وقفوا معي، والسيد رحمه الله دفع رواتبهم بضعة شهور ثم توقف نتيجة ضغطهم حتى يعود هؤلاء الى بيت الطاعة.
# على المستوى الشخصي يبدو انه ليس لديك رغبة او حماس لبناء تشكيل حزبي لكن هناك اليوم حراك على المستوى الشيعي باتجاه تشكيل قوة مستقلة ما رأيك بهذا الحراك؟ وهل يمكن ان تكون ضمن او على رأس مثل هذه القوة؟
– القائمون على حراك كهذا اذا كانوا قانصي فرص أرفض ان أكون من جملتهم، اما اذا كانوا جادين ويفتشون حقيقة عن خلاص البلد ومواجهة الغلط فيه فأنا أكيد أدعمهم بكل ما استطيع. وأما مجرد الحراك، وان يجتمع بعض الناس هذا لنيابة وذاك لمصلحة هذا الامر لا ينفع.
# ما هي حظوظ قيام قوة مستقلة على المستوى الشيعي من خلال ما تسمعه وتلمسه وتشاهده؟ هل هناك في ظل الظروف الحالية امكانية لذلك خاصة في ظل الاصطفاف المذهبي؟
– الحقيقة انه لا ينفع كثيراً قيام حراك شيعي، بتقديري انه عملية اختراق من الطرف الآخر للاصطفاف الشيعي، الاختراقات المتبادلة استغراق في تمزيق البلد ، نعم الحراك النافع هو الحراك غير المذهبي، هذا الحراك يكون جدياً وفيه تيارات متعددة وخليط من الكل، وأنا اقصد ان يكون متعدد الوجوه ومتنوعاً طائفياً ومذهبياً. نعم هذا الذي ينفع، على ان يكون الجامع بينها هو الفكرة والرؤية للمستقبل والاصلاح، اما ان انشىء حركة درزية في مواجهة وليد جنبلاط وحركة سنية في مواجهة سعد الحريري وحركة شيعية في مواجهة حزب الله فإن هذه محاولات لإزعاج بعضنا بعضاً دون فائدة.
# كلمة اخيرة؟
– اتمنى ان تكون جلسات الحوار في لبنان جدية لبناء لبنان الدولة والقانون. وأتمنى ان تمر هذه العاصفة بسلام على كل اللبنانيين ليتمكنوا مرة اخرى من التقاط انفاسهم لعلهم يستطيعون تجاوز محنتهم وبناء دولتهم.
يتبع

===========

الأمين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي يتحدث لـ((الشراع)) ((13)): التفاهم بين ((حزب الله)) و((التيار الحر)) وما له وما عليه

موضوعان هامان تتناول حلقة اليوم من الحوار المطول مع امين عام حزب الله الأسبق الشيخ صبحي الطفيلي:
الاول: محاولة اغتيال النائب بطرس حرب وأهدافها واحتمال عودة مسلسل الاغتيالات الى لبنان.
الثاني: التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر مسبباته ونتائجه ومستقبله.
الطفيلي يتحدث عن الموضوعين بأسلوبه المعهود في تناول القضايا من جوانب عديدة اهمها ما يتصل باللحظة السياسية الراهنة وفي الوقت نفسه ما يتصل بالمسارات التي تتشكل منها كحلقة ضمن حلقات لها خلفيات ومظاهر ونتائج مباشرة وبعيدة الاثر.
اجرى الحوار زين حمود
*محاولة اغتيال حرب لشل البلد واستحضار الصراعات الطائفية للتغطية على الصراعات المذهبية
*أستبعد عودة سيناريو 2005 للاغتيالات لأن تلك التجربة أثبتت للفاعلين انها غير منتجة
*احداث سوريا تطورت الى صراع حقيقي وهناك اليوم شبه تكافؤ عسكري
*التفاهم كان ((تحالف الضرورة)) بالنسبة لعون لأن 14 آذار/ مارس جابهته بفيتو
*عون دفع الى أحضان التحالف مع الحزب وبعض الدول أراد ذلك
*وليد جنبلاط الآن في مكان لا خيار له فيه
*التفاهم مهدد بسبب احداث سوريا وتطور الثورة في مصر
*حزب الله أدخل نفسه في نفق ولو لم يكن فيه ما كان ليقبل الكثير من الامور
*حزب الله يحمل حلفاءه على كتفيه بكل اخطائهم والجميع يبتزونه
*حزب الله استفاد من التفاهم وكذلك عون الذي استقوى على الكثيرين بسلاح المقاومة

# ما هو تعليقك على محاولة اغتيال النائب بطرس حرب؟
– بطرس حرب صحيح انه سياسي ونائب معارض لكنه ليس الجهة التي يمكن ان يشكل اغتيالها رد فعل كبيراً، وهو ليس عقبة بوجه كبار الطامحين ولا يشكل خطرا على احد لهذا قد يكون المطلوب خلق مناخ متوتر لشل البلد واستحضار الصراعات الطائفية القديمة للتغطية مثلاً على بعض ما يشغل اعصاب الناس هذه الايام من صراعات مذهبية او ارهاب من تسول له نفسه التفكير باعادة التموضع على ضوء جديد الصراع في سوريا .
# هل تتهم احداً محدداً باغتيال النائب حرب؟ ومن له المصلحة في ذلك؟
– لا يمكن للمرء ان يتحدث عن اتهام بناء على احتمالات في كثير من جوانبها نظر. ولكن في دائرة الاحتمال هناك اكثر من جهة بنظري يمكن ان لها مصلحة. بتقديري في لبنان هناك اكثر من جهة يمكن ان تتخيل ان لها مصلحة، يمكن بعض الجهات الاسلامية، يمكن بعض الجهات المسيحية.
# محاولة اغتيال حرب تأتي بعد فترة على محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع، هل تنذر هذه المحاولات بعودة شبح الاغتيالات الى لبنان؟
– الحقيقة قراءتي السياسية تستبعد نسبياً سيناريو الاغتيالات الذي وقع في الاعوام 2005 و2006 و2007. حسب ظني فإن تلك التجربة المريرة اثبتت لأصحابها انها غير عملية وغير منتجة، لا بل بالعكس كانت نتائجها غير مريحة حتى بالنسبة للفاعلين.
# من تقصد؟
– اياً يكن الفاعل، ما جرى أضرّ الجميع ولم ينفع احداً.
# النائب حرب علق على محاولة اغتياله بأن الرسالة وصلته، وان هناك حسب التعليقات توجهاً من خلال المحاولة لتغيير قواعد الاشتباك السياسي في لبنان، هل توافق على ذلك؟
– رسالة لكنها ليست لحرب وانما لمن كان سيبقى حيا انا قلت انه يمكن ان تكون محاولة لاستحضار الصراع الطائفي المسيحي – الاسلامي على ساحة ملتهبة مذهبياً، ولكن بتقديري على فرض كون هذه حقيقة الموضوع المذهبـي لا يمكن ان تطفئه حادثة مهما كانت الجهة المقصودة.
# موضوع استحضار الصراع الطائفي يسلط الضوء على التفاهم القائم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، هل هذا التفاهم عائق امام عودة التشنجات والتباينات المسيحية – الاسلامية؟
– كما تلحظ صدرت تصريحات في الفترة القريبة الماضية، خاصة بعد موضوع المياومين في الكهرباء، هذه التصريحات لافتة ومست هذا التحالف بشكل مؤذ. هل هي مجرد ردود فعل على فعل؟ هل هي زوبعة في فنجان؟ او مجرد تنافس بين الزعماء المسيحيين ولو على حساب الحلفاء ؟ او انها تنذر بتطلعات و توجهات سياسية جديدة، المفترض ان الامر لا يتجاوز الحادثة كحادثة، لكن ضمن المتغيرات القائمة..
# احداث سوريا؟
– الاوضاع السورية وتطور الصراع في سوريا لأن هذا الصراع بات نطاح كباش وصراعاً حقيقياً، وتكاد تقول ان هناك شبه تكافؤ عسكري.
وهذا يفرض على كثيرين اعادة النظر في تموضعهم ودراسة مستقبلهم ، اضافة الى نقطة اساسية مهمة جداً وهي موضوع الانتخابات في مصر وطبيعية النتيجة التي تفرزها المعركة بين الثورة ممثلة برئيس الجمهورية وفلول حسني مبارك .
الانتخابات في مصر ألقت وستلقي بظلها على احداث المنطقة وكل الوقائع السياسية فيها، طبعاً.
# كأنك تقول ان النائب ميشال عون على عتبة الخروج من هذا التحالف؟
– لم أقل انه على عتبة الخروج، قلت انه يمكن للمرء ان يقرأ في هذه التصريحات امكانية اعادة التفكير بالتموضع القائم. ومن حق اي انسان اذا وقعت احداث ووقائع كبرى بحجم ما يحصل في المنطقة المفترض انه في كل يوم يدرس الامور وموقعه ويعيد النظر بالكثير من مسلماته لأنه ان لم يفعل كذلك فهو ليس عاقلاً.
# الظروف الموضوعية التي حكمت قيام هذا التحالف هل بدأت بالتلاشي؟
– انا عندي فهم لخلفية هذا التحالف، بتقديري انه تحالف الضرورة من قبل عون، فعون عندما جاء الى لبنان كان بنظر الكثيرين اكثر الناس تطرفاً ضد سلاح المقاومة وله تصريحات في هذا الشأن، لكنه جوبه بموقف رافض من جماعة 14 آذار/ مارس ، حاول عون كثيراً ان يكون جزءاً منهم لكن 14 آذار/ مارس مسبقاً كان لهم عليه ((فيتو)). وحسب فهمي فإن عون دفع دفعاً الى احضان التحالف مع حزب الله. بالضبط كما حصل مع وليد جنبلاط، فأي مرء لا يستطيع ان يقول ان وليد جنبلاط هو من اختار موقعه الحالي انما وجد نفسه في مكان لا خيار له فيه، وحسب تصريحات بعض جماعة 14 آذار/ مارس – وقد سمعت بعضهم يقول ذلك – لم يكن قرار نبذ عون وعدم التعاون معه لبنانياً، يعني رفض عون من قبل 14 آذار/ مارس لم يكن سياسة محلية، من هنا علينا ان ندرس الامور ليس فقط في دائرة الحركة السياسية الداخلية اللبنانية وانما أبعد من ذلك. فعون على فرض ان هذه الفكرة عن تحالفه مع حزب الله كانت صحيحة حينئذ يمكن التفكير بمواقف الدول التي دفعت بهذا التحالف للقيام. هل ما زالت على ما هي عليه ام غيرت وجهة نظرها، الموضوع بتقديري ايضا يمكن ان يدخل في هذه الدائرة.
# لكن كأن التحالف اليوم هو بشكل وبآخر عرضة للتهديد بالنسبة لاستمراره؟
– طبيعي.
# كيف تصف التفاهم اليوم بعد ما يزيد على الست سنوات، وماذا كان الهدف منه قبل ان نتحدث عن نتائجه؟
– اولاً نحن من دعاة التعاون، تعاونوا على البر والتقوى.
التعاون بين الشعوب والقبائل بين المدن والارياف والافراد. نحن مع اي صيغة تعاون تحكمها قواعد التعاون، لكن الذي حصل خلال هذه الفترة ان طبيعة النفق الذي دخل فيه حزب الله من العام 2005 الى اليوم طبيعة قاتلة ومكلفة، حزب الله أدخل نفسه في نفق أرغمه على ان يقبل بكثير من الامور لو كان خارج النفق ما كان ليقبلها حسب فهمي.
# من ضمن التفاهم؟
– لا ليس اصل التفاهم، حزب الله حمل على كتفيه حلفاءه بكل كلفتهم لأنه مضطر ان يحملهم ويحمل كلفة اخطائهم، لو كان خارج النفق ما كان مضطراً ان يحمل اخطاءهم وكلفتها، والعكس صحيح كانوا سيحملون بعضا من ثقله. فإن هذه الوزارة محسوبة اليوم على حزب الله والجميع يبتزه رئيس الوزارة وجماعته، رئيس الجمهورية وجماعته، وعون وجماعته ووليد جنبلاط وجماعته، الجميع يبتز حزب الله والحزب مضطر للقبول بهذا الابتزاز. يُـستخدم الحزب والحزب يقبل بهذا الاستخدام لأنه في المنطقة الضيقة من النفق، ولأنه اختار سياسة خاطئة ووصل الى مكان لا يحسد عليه يدفع ويدفع ويدفع، وهو مضطر للدفع ويستطيع حلفاؤه في اية لحظة ان يتخلوا عنه ويذهبوا الى بدائل بعد ان ينتهي ما في ضرعه من حليب ويتحمل وحيدا ضريبة الهوان والعزلة.
# في المحصلة، التفاهم بين الحزب والتيار من استفاد منه؟
– لا شك ان حزب الله استفاد منه، استفاد من كتلة نيابية في البرلمان ذات حجم حليفة له، استفاد بتوازن شعبي ونيابي وسياسي في البلد، استفاد بالتنوع الجبهوي، يعني جبهته ليست مذهبية.
# والتيار؟
– التيار استفاد اولاً بتشكيل اغلبية مسيحية، ولولا حزب الله ما شكل هذه الاغلبية الكبيرة بهذا الحجم، الامر الثاني استطاع التيار ان يستقوي على كثير من الآخرين بسلاح حزب الله.
# على ساحته؟
– نعم على ساحته وعلى غير ساحته بسلاح حزب الله، وأذكر التصريحات النارية المرعبة التي كانت تصدر عنه وعن جماعته في 7 ايار/ مايو (2008).
# العماد عون؟
– نعم وكانت لافتة للنظر، واليوم يعطيك عون انطباعاً بأنه اكبر بكثير من رئيس الجمهورية نتيجة هذا التحالف، نتيجة هذه الموقعية وهذا الدلال، هو بتقديري لا يحسن الاستفادة من موقعه، كان باستطاعته ان يحسن الاستفادة بطريقة افضل مما يفعل.
# ولكن لغة اليوم من قبل التيار تغيرت بالنسبة للتحالف؟ وبدأت تظهر معالم لغة نقدية من قبل عون وأبرز المقربين منه؟
– لهذا قلت انه يستفيد من هذا الدلال استفادة ليست مدروسة كثيرا اذا فرضنا ان الامر لا يخرج عن الدلال والاستفادة. الا اذا كان هناك خطى اولية او مبدئية نحو تموضع جديد وهذا ما على المراقب ان ينتظره.
# التفاهم كان نموذجاً لما يمكن ان يكون عليه حلف الاقليات في لبنان والمنطقة. برأيك بالنسبة لهذه الخاصية هل فشل التفاهم في تقديم وتكريس هذا النموذج؟
– نحن ما زلنا في بداية او وسط معمعان الحرب في سوريا. الرهان على امكانية تقسيم سوريا سابق لأوانه، يمكن ان يفشل موضوع التقسيم في سوريا، كثر راهنوا وتحدثوا ونـظّـروا لحدوث نوع ما من التفتت في مصر لكن حتى هذه اللحظة يبدو ان هذه الرهانات سقطت كانت هناك ايضاً تنظيرات للموضوع الليبـي وهي لم تنجح ايضاً، على فرض عدم نجاح تقسيم سوريا فإن سوريا ستبقى موحدة وتحكمها ديموقراطية من الاغلبية وهذا سيقطع الطريق حتماً على تحالف الاقليات. ولهذا فإن على الاقليات حينئذ ان تعيد النظر بسياسة التحالفات وربما قد يكون من مصلحة هذه الاقليات ان تؤسس لتموضع جديد مع الاكثرية القادمة او مع الانظمة الحاكمة القادمة، ومثلاً كما يفعل وليد جنبلاط اليوم، هو يؤسس لعلاقة مع قادمين مع العلم انه أقلية.
# ألم يفت الاوان بالنسبة لتحالف الاقليات لفعل ذلك؟
– وليد جنبلاط كان سباقاً ومنذ فترة طويلة كان واضحاً، وبتقديري ما زالت المعارضة في سوريا تنظر بعين الايجابية والاعتبار لأي تغيير في المواقف، واذا غير حزب الله موقفه اليوم اعتقد ان هذا التغيير سيؤخذ بعين الاعتبار وسيكون له حيز واذا كان دون المطلوب.. لكن الباب ما يزال مفتوحاً.
# انت من دعاة هذا التغيير؟ وهل تحث عليه؟
– انا مع التغيير من الاول وقد قلت وأكرر انا من دعاة اعادة النظر بالسياسة المعتمدة، ومن دعاة بناء علاقات مع الجميع وفتح حوارات مع الجميع والعمل للخروج من المأزق السوري سلمياً لبناء ديموقراطية حديثة حقيقية في سوريا.
# بالنسبة لتفاهم حزب الله والتيار الوطني الحر ما هي قراءتك لمستقبله؟ وماذا تتوقع له؟
– على ضوء الاحداث في سوريا اذا نجح النظام في ضرب المعارضة وتفتيت قواعدها وان كان هذا الاحتمال بنظري غير وارد، ولكن على فرض هذا الاحتمال ستدعّم سياسة هذه التحالفات. لكن اذا فرضنا العكس اعتقد انه في فترة قد لا تكون بعيدة سيبقى حزب الله وحيداً يغرد بعيداً عن كل الاسراب وسيحاول الجميع ان يدفعوه اثماناً. أثمان خطئه وأثمان اخطاء الآخرين.
# لنعد سماحة الشيخ الى موضوع الاغتيالات، هل تتخوف من اغتيالات جديدة، قلت ان محاولتي الاغتيال الاخيرتين لا تشبهان مسلسل الاغتيالات الذي شهدته البلاد اعوام 2005 و2006 و2007. ولكن هناك معلومات رسمية تتردد عن ان هناك لائحة من الشخصيات مهددة بالاغتيال ودعيت هذه الشخصيات لتوخي الحيطة والحذر؟
– أنا قلت بأن التجربة التي وقعت في السنوات الماضية والاغتيالات التي وقعت إذا كان صاحبها أو الجهات التي نفذتها تقصد الضغط للوصول إلى ما تريد، فحسب فهمي استثمرت هذه الاغتيالات في اتجاهات أخرى وكانت الدول الكبرى ودول اقليمية لا بأس بها هي المستثمر الأول والأساسي والأخير لهذه الاغتيالات، لهذا فإن تكرارها مرة أخرى بعد هذه السنوات مستبعد في نظري إذا افترضنا انها صحيحة وأنا ما زلت أعلق ان المرء بحاجة لأكثر مما ورد في الاعلام فإن محاولات الاغتيال هذه ليست أكثر من محاولة خلق مناخ مضطرب ومخاوف وذر الغبار أو الضباب في أذهان الناس حتى يختلط على الناس تفكيرهم ليس أكثر. ولا أتصور ان الأفق يسمح لأكثر من هذا.
# في ظل الاستقرار الهش القائم حالياً هل يمكن لهذه المحاولات أو لا سمح الله إذا تمت عملية اغتيال معينة فإن هذا الاستقرار الهش سيكون عرضة للانهيار؟
– لا يوجد استقرار في البلد. أين الاستقرار؟
# بالحد الأدنى موجود، والآن هناك شهر أمني؟
– البلد سائب بكل معنى الكلمة وتستطيع ان تقول بشكل واضح نحن وضعنا بالتمام والكمال مثل الوضع الذي كان سائداً قبل قيام الجمهورية الثانية. هناك قوى أمر واقع تتحكم على الأرض وتفاهمات من تحت الطاولة بين هذه الفئة وتلك وبين هذه المجموعة والأخرى. وهناك زعماء زواريب و((عالم فلتانة)) وكل يغني على ليلاه لا رقيب ولا حسيب ولا أي شيء، الذي يقول ان عندنا دولة وعندنا أمن وأجهزة يسبح في بحر النوم.

يتبع

==============
14

الامين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي يتحدث لـ((الشراع)): ((14)) حزب الله لن يثأر لعماد مغنية لأنه غارق في وحول الداخل

أجرى الحوار: زين حمود
سنتان في الامانة العامة لحزب الله أمضاهما الشيخ صبحي الطفيلي، قبل ان يتم إبعاده عنها بسبب موقفه المتشدد كما يقول في الدعوة لمحاكمة الايرانيين واللبنانيين الذين تسببوا باندلاع ((الفتنة)) بين حركة ((امل)) و((حزب الله)).
الشيخ الطفيلي وهو من أبرز مؤسسي الحزب يتحدث عما أنجزه خلال هاتين السنتين، ودوره في إكمال بناء البنية الاساسية للحزب التي ما زالت قائمة حتى اليوم مع بعض التعديلات الطفيفة.
الطفيلي يكشف بعض خبايا تلك المرحلة في هذه الحلقة من الحوار المطول لـ((الشراع)) منه، ويؤكد رفضه تحويل الجاليات اللبنانية في الخارج الى شبكات أمنية متحدثاً لأول مرة عن ان الحزب لن يقوم كما وعد بالثأر لاغتيال قائده عماد مغنية لأن له اهتمامات اخرى بعد ان غرق في وحول الداخل اللبناني.
وفي ما يلي نص الحوار في حلقته الجديدة.

*هذا ما أنجزته عندما كنت أميناً عاماً للحزب: وقف النـزيف الدموي بين ((أمل)) وحزب الله وإكمال بنيان الحزب
*إيران أساس في إشعال الفتنة بين أمل وحزب الله
*العلاقة بين ((أمل)) والحزب ليست تكاملية الآن والموضوع بالنسبة للحزب موضوع خدمات
*ليس لدى ((أمل)) خيار إلا التنسيق مع الحزب ولو كانت غير مقتنعة بما يفرضه
*لم أفاجأ بالذين تغيروا ممن تعاونتم معهم في الامانة العامة
*من الخطأ استثمار الجاليات اللبنانية في العالم أمنياً
*استبعدت إمكانية الثأر لمغنية منذ استشهاده
*تفكير حزب الله وأنشطته وجهده ليس اليوم في تحرير القدس والصراع مع العدو
*متفائل بانتخاب محمد مرسي رئيساً لمصر وبعودة مصر إلى دورها

سنتان في الأمانة العامة

# لنتحدث عن حضورك في الأمانة العامة لحزب الله كم سنة استمررت أميناً عاماً للحزب؟
– تقريباً سنتان إلا شهور.
# في أي سنة؟
– من آخر الصيف في العام 1989 إلى أواسط أيار/مايو 1991.
# وقبل ذلك كنت المتقدم على الآخرين أو كبير القوم؟
– نعم.
# إذا أردنا أن نتحدث اليوم عن هذه المرحلة فإن أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو ماذا أنجزت خلال هاتين السنتين؟ وما هو ما تفخر به ونجحت بتحقيقه خلال هذه الفترة؟
– أنت تعلم انه وقعت فتنة بين حزب الله وحركة ((أمل)) سنة 1988. واستلمت الامانة العامة وكانت الفتنة على أشدها، كان هناك محاولات فاشلة لإخماد نارها وكان هذا الأمر يزعجنا ويؤلمنا كثيراً، قضيت فترة من أصعب أيام حياتي وهي تلك الفترة، فترة النـزيف الدموي الداخلي، كان كل همي أن أخرج من هذا الأمر. طبعاً دون أن نتحول إلى خدم للكيان الإسرائيلي وان نبقي شعلة المقاومة في وجه العدو الإسرائيلي،ان انهاء المشكل واتمام الصلح ووضع اسس للتعايش في صيف 1990 كان إنجازاً كبيراً جداً. طبعاً ليس إنجازي وحدي هو إنجاز كل الكرام والابرار والمجاهدين، الصابرين، المتحمسين كان نتيجة دماء وعرق وآلام وصبر الكثير والحمد لله استطعنا أن نوقع اتفاقاً حصّناه وكنت حريصاً على تحصينه لأنني كنت حذراً جداً من إمكانية انهياره. الحمد لله تم الاتفاق وانتهينا من هذا وانطلقت المقاومة أفضل مما كانت، هذا الانجاز الكبير جداً الذي حققته مع الكثير من اخواني في فترة الامانة العامة، طبعاً وفي هذه الفترة أيضاً باعتبارها الفترة الأولى لوضع هيكلية للحزب. تم بناء هذه الهيكلية ومراحل التأسيس تبقى مراحل تحتاج إلى جهود استثنائية وحكمة ودراية وصبر وأناة حتى تستطيع أن تركب الأمور تركيباً سديداً.
وقبل وجودي في الأمانة العامة كان هناك الكثير من الثغرات والفجوات والنواقص تحتاج إلى استكمال ولا يمكن أن تستكمل إلا بوجود أمانة عامة ورأس للحزب.
# يعني خلال فترة توليك للأمانة العامة اكتملت عملية بناء هيكلية الحزب وأرسيت أسس البنى التنظيمية؟
– نعم، وأكملنا بنيان هذا الوليد بشكل مقبول والكمال لله أن يكون على قدر المستطاع نواقصه قليلة. بتقديري من يرقب البنية التنظيمية للحزب يدرك ان هذا الحزب كان موفقاً بنسبة عالية في بنيانه الداخلي، هذا البنيان الداخلي ليس جهدي وحدي هذا جهد الجميع.
# هل البنية التنظيمية نفسها مستمرة إلى الآن؟ بالنسبة لتقسيم العمل والتراتبية القيادية: مجلس جهادي، مجلس شورى، مكتب سياسي.. الخ؟
– حصلت بعض التغيرات لاحقاً.
# يلاحظ ان طبيعة التركيبة التنظيمية للحزب ذات سمة عسكرية وليست أقرب إلى الاحزاب السياسية، هل فرضت طبيعة عمل المقاومة هذه العسكرة؟
– أنت تعرف ان في قانون الدول إذا وقعت البلاد في حالة حرب تعلن الاحكام العرفية وتصبح أغلب الأمور بيد العسكر، نحن كنا في حالة حرب ومن الطبيعي أن يطغى الجانب العسكري، وإذا كان المنحنى باتجاه آخر أيضاً يطغى المنحى الآخر. الغريب ان لا يكون الأمر كذلك.
# تحدثت الآن عن إنجازين هل من إنجازات أخرى على مستوى بلورة أفكار سياسية أو وضع برنامج على المستوى الفكري والعقيدي؟
– طبعاً نحن كان عندنا أحلام كثيرة، أنا أسميها أحلاماً لأنها باتت هي شبه الاحلام، لكنها ليست أحلاماً بل هي برامج حقيقية طبعاً الذي منع من انجازها هو إعادة النظر بسياسة الحزب أساساً. لاحقاً بات الحزب مجرد مؤسسة سورية – ايرانية ليس أكثر.
# سورية أم إيرانية؟
– إيرانية – سورية. هي إيرانية ولكن الوكيل الحصري سوري وهذا عطل كثيراً من المشاريع التي كنا نرسمها.
# تتحدث عن هذا التقارب السوري – الإيراني على مستوى بنية حزب الله. هناك من يحمل مشكلة الخلاف بين حركة ((امل)) وحزب الله إلى الخلاف بين سوريا وإيران. المشكلة بدأت عندما اختلفا ولكن عندما اتفقا توقفت المشكلة بين ((أمل)) والحزب وحلت الأمور؟
– بالتأكيد، ((أمل)) كانت في الفلك السوري وحزب الله في فلك إيران. وبالتالي فإن القرار السوري والقرار الإيراني أساسيان. هذا شيء طبيعي وأنا قلت أكثر من مرة ان بداية الفتنة الشيعية – الشيعية إيران أساس فيها. طبعاً لا يعني هذا ان الجهة الأخرى بريئة ولكن أنا أتحدث من جهتنا وطرفنا.
حزب الله اللبناني مصلحته كاملاً في وأد هذه الفتنة وكنا مستعدين أن ندفع أي ثمن لوأد هذه الفتنة.
# حتى لو كان تسليم القرار لإدارة سورية – إيرانية مشتركة؟
– أي ثمن بشرط ان تبقى المقاومة ضد العدو الإسرائيلي. وهذا كنا نعلنه كلبنانيين، من هنا أقول بأن الإيراني الذي دفع الأمور بإتجاه الصدام الشيعي – الشيعي ذهب لاحقا إلى تكليف السوريين بالملف اللبناني وبحزب الله بشكل خاص.
لا هذا كان صواباً من قبل الإيراني بأن يذهب إلى حد إثارة الفتن بين الناس ولا ذاك كان صواباً بأن توكل نيابة عنك السوري في كل الشؤون في لبنان.
# ما رأيك بما قيل يومها عن ان اتفاق ولايتي – الشرع عام 1990 الذي أوقف القتال بين ((أمل)) والحزب، خصص ((أمل)) بتمثيل الشيعة في السلطة ومؤسساتها بينما خصص الحزب بالمقاومة وحصرها به ومن كل الاحزاب في لبنان؟
– اساساً نحن بدون اتفاق سوري – إيراني وذكرت لك قديماً حواري مع الرئيس حافظ الأسد، نحن في تلك الأيام مقاومة لإسرائيل وفي الشأن الداخلي لا رغبة لنا في السلطة. نعم نحن نكتفي بالمعارضة البناءة بقصد بناء الدولة. هذه رؤيتنا قديماً وعليها اجماعنا حتى جاء القرار الايراني بالانخراط في العمل السياسي لمصلحة سوريا حينها صار هناك وجهتا نظر بيني وبين الحزب في العام 1992. فأنا ما زلت مقتنعاً ان علينا أن نسلك مسلك المعارضة البناءة أما هم فكانوا في إطار الانخراط في المشروع السوري، أما موضوع انه باتت المقاومة حصراً بحزب الله فيما تركها الآخرون، ان هذا ليس مسألة قرار سوري – إيراني، الأمر ليس كذلك لأسباب وحيثيات كل واحد منهم، وإذا سألت الآن حركة ((أمل)) لماذا عطلت نشاطك بموضوع المقاومة أو أضعفته فستجد ان لديهم اعذاراً مقبولة، فالمقاومة تحتاج لإمكانيات وإمكانياتهم لا تسمح. تسأل الحزب الشيوعي فقد يكون لديه الشيء نفسه والحزب القومي وهلمجرا، بتقديري ان الموضوع ليس موضوع قرار.
# تحدثنا عن ان الخلاف السوري – الإيراني كان أحد الأسباب التي أدت إلى الصدام بين حركة ((أمل)) وحزب الله هل هناك أسباب أخرى من نوع التنافس الحزبي على ارض واحدة..
– بالتأكيد هناك مناخات على الأرض وهناك رغبة البعض، اتذكر انه كان يحصل قبل تلك الفتنة ان يتعرض شبابنا إلى إطلاق نار ويقتل بعضهم، واذكر كنت في بيروت وجاءني بعض اخواني من مسيرة على جسر القاسمية بإتجاه صور وتعرضوا لإطلاق نار وأحدهم كان ما يزال ملطخاً بالدماء من جراء حمله لجرحى أصيبوا. جاءني غاضباً يطالبني بأن اسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم فقلت له طالما أنا حي وأنا في حزب الله لا ينتظر أحد مني أن أسمح بأي عمل يشعل حرباً بين الشيعة.
كان هناك على الأرض مناخات، لكن بالأخير هذه المناخات جاء من أعطاها ناراً.
# لا تريد أن تسمي؟
– لا ليس من المصلحة أن أسمي.
# خلال الاشكاليات التي حصلت قتل ثلاثة من ((أمل)) على رأسهم داود داود لماذا قتلوا؟
– بالأخير كان هناك مشكلة ومعاناة.
# قيل ان قتلهم سرع الاتفاق؟
– هل كانوا هم سبب المشكلة. الموضوع ليس كذلك، بتقديري باتت هذه الحادثة من الماضي المرير والأفضل ان يتعلم منها الانسان كيف يتجنب الاخطاء، وهذا أفضل من احياء الجروح الأليمة.
# العلاقة بين حركة ((أمل)) وحزب الله اليوم، هل وصلت إلى مصاف التكامل تحت عنوان الثنائية الشيعية؟
– أستبعد أن يكون الموضوع في إطار تكاملي، بتصوري الموضوع موضوع خدمات الحزب بحاجة لبعض الخدمات ومضطر للقبول بوجود مساحة للطرف الآخر، و((أمل)) ليس لديها خيار آخر إلا التنسيق مع الحزب حتى ولو كانت غير مقتنعة ببعض ما يفرضه الحزب في الساحة بل متخوفة مما يفرضه لكن ليس لديها خيار آخر. والمسألة بهذه الحدود.
# تحدثت سماحتك عن انجازات حققتها خلال سنتين من وجودك في الامانة العامة للحزب، هل من أخطاء ارتكبتها، وهل من مواقف اتخذتها إذا عاد الزمن إلى الوراء لن تتخذها وذلك بعد نحو 22 عاماً؟
– الانسان غير معصوم، والاخطاء الغير منظورة أي التي لا تبقى في الذهن أو غير بارزة أكيد حصلت. ولكنني لا أستحضرها أما الاخطاء البارزة وليس من باب مدح النفس لا اذكر انني وقعت بها. يمكن ان يكون هناك أخطاء أكيد ليست أخطائي.
# في تلك المرحلة هل تعاونت مع أشخاص واعتدت عليهم ووثقت بهم واكتشفت فيما بعد أنهم غير أهل للثقة فطعنوا بك أو غدروك؟
– لا، أنت تلمح إلى جانب آخر، الأمور لم تكن خفية لهذه الدرجة الجميع معروفون وتستطيع أن تقرأ ما سيفعلونه ولو بعد فترة من الزمن.
# كنت تعرف طبائع من حولك وما يمكن أن يدبروه؟
– وعلاقتهم وبماذا يفكرون.
# حتى لو كانوا يتملقونك.
– هذا ما كنت أعرفه جيداً.
# لم تفاجأ بأحد إذن؟
– لا.
# هل لك أن تسمي أحداً.
– (ضاحكاً): لا.
# بالمناسبة متى ستكتب مذكراتك؟
– بيصير.. بيصير الحقيقة انني أحب أن أجنب هذه المسائل الرغبة الشخصية، وأحاول أن أكون موضوعياً وان أنتقي ما يمكن أن يكون له علاقة بالمصلحة العامة. وقد يخطىء الانسان خاصة إذا كان التقييم له علاقة بوضعه الشخصي.
# ولكن هذه المسألة مطروحة من جانب آخر كما يبدو. وكأنك تنشر شيئاً فلا تفشي أسراراً علماً انه مرّ عليها الزمن. فإما انك تداري أحداً أو غير ذلك..
– بالتأكيد يوجد أسرار من الجريمة ان تتحدث عنها. أسرار ما زالت حية والزمن لم يؤثر فيها، أكيد.
# ماذا يمكن ان يحصل إذا كشف عنها هل تحصل زلازل؟
– (ضاحكاً): هي أسرار.
# نعم هناك أسرار كبرى وآراء من شأن كشفها تغيير مسارات.
– الواحد منا مكلف بأن يتحدث حسب ما يراه نافعاً هناك جوانب وأسرار وأشخاص وأعمال ليس من المصلحة تناولها ووصولها إلى الشأن العام خاصة ان هذا الحزب اليوم له موقع كبير في المنطقة ويمكن أن يسدد الله خطى البعض وان يعيد دفة الأمور بإتجاه القدس وفلسطين ولذلك فإن من المصلحة عدم المس بأي شيء يمكن ان ينفع العدو الإسرائيلي ويضر إمكانية المقاومة وان كان موضوع المقاومة كل يوم نراه بات أبعد من اليوم السابق.
# عندما أنشىء حزب الله تردد ان تشكيله في لبنان هو جزء من توجه لإنشاء عناوين مماثلة في دول عربية عديدة، لماذا كان هذا الطرح، ولماذا فشلت محاولات انشاء فروع لحزب الله في دول عربية عديدة؟ وهل كنت مع هذا التوجه؟
– ماذا كان في ذهن الايرانيين في هذا الميدان لست على اطلاع عليه، اما انه لنا علاقة نحن في خلق تشكيلات مشابهة لنا او ما شابه ذلك فالأكيد ليس لنا علاقة. وأنا اتحدث هنا عن فترة وجودي في الحزب لم يكن يشغل بالنا أبداً اي عمل سياسي في المنطقة العربية والاسلامية بمعنى ان نتمدد في هذا الامر، شخصياً انا كنت أعتبر ان خلق مناخ مطمئن للآخرين في العالم بشكل عام ضروري ومهم، مثلاً الجالية الاسلامية في اميركا واوروبا واميركا اللاتينية وفي آسيا وفي أي مكان من مصلحتنا ككل ان نخلق مناخاً هادئاً حولها يحمل الفكر وينشره ويقدم رؤية عن رسالتنا، رسالة الاسلام الي هذه الشعوب وهذه المناطق.
# او تحويل هذه الجاليات او بعض ابنائها الى شبكات امنية؟
– وكان من الخطأ الكبير، وأنا لا اتحدث عن رؤيتي اليوم بل عن رؤيتي في تلك الايام، كان من الخطأ الكبير والقاتل ان نستثمر هذه البيئة استثمارات امنية واستخدامها في اقامة بعض الاعمال الامنية، كنت أتحدث مع الايرانيين عن هذا الامر وانه يجب ان نبعد هذه المناطق وهذه البيئات عن اي نشاط يثير الخوف منها او يجعلها تحت الرقابة أو ما شابه ذلك يمكن ان نحرق شعباً بكامله نجعله يدفع أثماناً باهظة بسبب عمل أمني أخرق لا قيمة له، بينما هذه الشعوب تستطيع ان تقدم رسالة وثقافة وعلماً، تقدم اطروحة عنك لباقي الشعوب تحمل رؤى اسلامية، وتجربتنا في هذا الميدان ليست سيئة. الاسلام انتشر في وسط افريقيا بالكلمة وليس بالسيف، الاسلام انتشر في شرق آسيا بالكلمة، ليس بالسيف.
# وحيث انتشر الاسلام بالسيف حصل ارتداد عنه، وحيث انتشر بالدعوة استمر؟
– أحسنت.. وللأسف كان الكثير قاصري نظر ولربما غير مؤهلين لتحمل مثل هذه المسؤوليات أو غير مبالين بالأضرار التي يمكن ان تلحق بالاسلام والمسلمين في سبيل بعض الاغراض.
# بالمناسبة منذ اغتيال المسؤول في حزب الله عماد مغنية لم يتوقف الحديث عن الثأر له عبر عملية كبيرة ونوعية، لماذا تأخرت حتى الآن عملية الثأر؟
– حسب قراءتي من يوم استشهاد المرحوم مغنية والوعد بالثأر. كنت أستبعد إمكانية الثأر.
# هل هناك عجز عن القيام بمثل هذه العملية أم ان هناك تحسباً وتداركاً لحجم النتائج المحتملة لمثل هذه العملية؟
– بتقديري ان اهتمامات الحزب صارت في مكان آخر.
# يعني لا يراد الثأر لمغنية؟
– اليوم، الحزب وجهده وأنشطته وتفكيره ليس في تحرير القدس أو الصراع مع العدو الاسرائيلي.
# هل غرق الحزب في أوحال الداخل اللبناني؟
– هل بقي منه شيء خارج الاوحال. أنا لا أرى منه خارج الاوحال شيئاً وأخاف ان يغرق في أوحال الشعوب العربية.
# كأنك متفائل عندما تحدثت عن انتخاب محمد مرسي رئيساً للجمهورية في مصر، متفائل بالتغييرات التي حصلت في مصر وتونس واليمن وليبيا.
– التغيير في اليمن ليس تغييراً، سقوط رئيس ومجيء رئيس ليس هناك من جديد، لا اعرف إذا كانوا سيتمكنون من وضع أسس التغيير، أما مصر فهي أساس، مصر هي العمود القوي هي عمود خيمة العرب ومن اليوم الذي قال فيه السادات إذا كنت تتذكر سنضع القومية العربية والعمل العربي الموحد في الثلاجة.
# بعد كامب ديفيد.
– نعم، خرجت مصر وشطبت، هي شطبت نفسها. أما اليوم مع بداية الثورة في مصر تبدأ الاحلام بالعودة، احلام عالم اسلامي، عالم عربي، قوة، عنفوان، تطلعات، كل هذا يراود الانسان، ومع خطاب مرسي الاخير وحديثه عن عودة مصر لموقعها الطبيعي وان قيام المنطقة بقيام مصر وسقوط المنطقة بسقوط مصر، هذا كلام دقيق وصحيح وانه ستؤدي مصر دوراً رائداً.
# بالمقابل اكد التزامه بالمعاهدات الدولية المعقودة واستقبل مبعوثاً لنتنياهو نقل له رسالة خطية، هناك ايضاً أوجه اخرى للصورة.
– لا اعرف، هو استقبل موفداً لنتنياهو؟
# هكذا قيل، والأكيد انه تلقى رسالة من نتنياهو.
– قالوا ان نتنياهو أرسل له رسالة، كيف ومن، انا قرأت في خطاب مرسي سلبية تجاه الاتفاقيات مع العدو الاسرائيلي وليست ايجابية، على العكس، بتقديري ان قراءتي ليست بعيدة عن الواقع، هو لم يذكر ولا مرة واحدة اسرائيل في خطابه ولم يذكر ولا مرة واحدة الاتفاق مع الاسرائيليين وهذه سلبية للاتفاقيات، هو ذكر اتفاقيات دولية ومعاهدات دولية وتجنب بشكل متعمد الاشارة اللفظية الى الموضوع الاسرائيلي. هذه نقطة ليست لصالح الاتفاق مع الاسرائيليين بل بالعكس نحن نتحدث عن مصر التي هي خادم اسرائيل في زمن حسني مبارك الذي ما زال كيانه وسلطانه ودولته هي القائمة ونتحدث عن رئيس لهذه الدولة وحيد وكل من حوله في النظام يتربص به. الامر الثاني الذي يشير الى السلبية تجاه الاتفاقيات هو حديثه عن ندية بضرس قاطع وتحدث عن تمتين العلاقات مع العالم العربي والاسلامي وتحدث عن حق الفلسطينيين والصلح بين الفلسطينيين والصلح كما تعلم..
# المصالحة.
– والمصالحة كما تعلم خلاف رغبات اسرائيل واميركا. إذن مصر القادمة الجديدة على لسان رئيسها موضوعة على سكة العالم العربي وسكة فلسطين وليس العكس، والقارىء يفهم ان هناك معركة بين مصر الجديدة ومصر القديمة وأن هناك منحى في مصر سيذهب بشكل هادىء مع الزمن باتجاه العودة الى العالم الاسلامي والعودة الى ريادة مسيرة تحرير القدس وفلسطين.
# تتوقع اذن ترجمة لهذه التعهدات؟
– هكذا قرأت.
# تعود مصر الى حالة الحرب مع اسرائيل.
– انا لم اتحدث عن الحرب، الحرب تحتاج الى قواعد وأسس، اعتقد ان مصر والمنطقة اليوم بعيدة كل البعد عن الحرب والمسافة بينهما بعيدة. اتحدث عن سياسة، طبعاً اقول قرأت في خطاب مرسي اما الوقائع على الارض كيف سيذهب هل يستطيع ان يتجاوز العقبات الكثيرة الموضوعة امامه؟ بالتالي هذا مرهون بالانتظار.
# قلت ان مصر هي عمود الخيمة، اذا كان الاخوان المسلمون وصلوا الى سدة الرئاسة في مصر، هل يعني ذلك اننا بدأنا دخول عصر الاخوان في المنطقة؟ هل نحن امام انقلابات وتغييرات ستحدث في اكثر من دولة بدعم من مصر؟
– على غرار جمال عبدالناصر ونسأل الله ألا يكون كذلك، لأن عبدالناصر أذى الأمة كثيراً.
# لم يتدخل عبدالناصر مباشرة، كانت تحصل انقلابات مؤيدة له فيدعمها.
– كان له 50 ألف جندي ومقاتل في اليمن.
# هذا في ما بعد.
– عبدالناصر أدى دوراً مهماً في صراع الانظمة، لا التجربة كانت محزنة ومؤسفة كثيراً في تلك الايام، ومما لا شك فيه ان وصول الاخوان في مصر بشكل اساسي وفي دول اخرى الى سدة الرئاسة والحكم سيكون له تأثيره على مجمل الاوضاع في المنطقة اضف الى ان خصم الانظمة الحاكمة في المنطقة التيارات الاسلامية السياسية وحينما تستحضر في اي بلد التيارات المعارضة تجد ان التيارات الاسلامية هي التيارات المعارضة المقهورة الموجودة في السجون، خاصة بعد ان استنزفت التيارات القومية والاشتراكية التي انتهت حقبتها، وحكماً مع سقوط هذه الانظمة الشعوب ستلجأ للمعارضة الموجودة، في مصر يقال مثلاً كيف يمكن للاخوان ان يصلوا للسلطة، شيء طبيعي ان يصلوا الى السلطة والغريب ان لا يصلوا الى السلطة فهم الشريحة الاكبر المعارضة التي تحملت الكثير والتي لها طرح وتدافع عنه وتصور لمستقبل البلد. وفي باقي البلاد الشيء نفسه، وهي ليست بحاجة لتدخل مصر في انقلابات، وبتقديري فإنه بمجرد ترك الامور تسير في مجاريها فإن التيارات الاسلامية ستكون لها الاولوية في هذا الميدان.
# هل هنأت الرئيس محمد مرسي بفوزه في الانتخابات الرئاسية؟
– لا لم اهنئه، أهنئه من خلالكم.
# هل من تواصل بينكم وبين قيادات الاخوان المسلمين؟
– لا، لا يوجد تواصل

يتبع
==========
15
الأمين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)): ((15)) المطلوب إنشاء هيئة من جميع المذاهب لتوحيد بدء الصوم والعيد

*الاختلافات حول هلال رمضان سياسية
*أعتمد في صومي الولادة الفلكية العلمية التي لا تحتمل الظن
*المرجع ليس له علاقة بإثبات الرؤية وعدمها بل له علاقة بالقواعد التي تعتمد لإثبات الرؤية
*اليوم يجب إعادة النظر في مسألة السفر وتشخيص المسافة للإفطار من خلال وسائل النقل الحديثة
*بعض الجهات تطرح مسائل فقهية شاذة بنية الإساءة وتحقيق أغراض غير نزيهة
*في بداية تأسيس الحزب كان همنا بناء قوة عسكرية لقتال العدو والإيرانيون استغلوا دعمهم للإمساك بالتنظيم
*اقترح البعض شيئاً من الديموقراطية فتعرضوا للتقريع من مرشد إيران
*لهذه الأسباب يتم اختيار الأمين العام معمماً
*حرصت على عدم الصدام مع الإيرانيين فبقي التنظيم بلا رأس 7 سنوات
أجرى الحوار زين حمود
مسائل شائكة وحساسة جديدة يتناولها الأمين العام الأسبق الشيخ صبحي الطفيلي بجرأة مشهودة وعقل منفتح، لكن في هذه الحلقة في عالم الفقه والعبادات وليس في عالم السياسة ومواقفه.
في كل هذه المواقف ثمة رغبة واضحة في توجهات الشيخ وطروحاته وهي تأكيد الوحدة الاسلامية والعمل بكل الوسائل لتكريسه واقعاً وهو لهذا السبب يطالب بإنشاء هيئة من جميع المذاهب لتوحيد بدء الصوم والعيد.
فإلى الحلقة الجديدة:

# مع حلول شهر رمضان المبارك، تعود مسألة الخلاف على التماس الشهر الفضيل إلى الواجهة سواء في الخلاف بين السنّة والشيعة أو بين الشيعة أنفسهم وصرنا نرى ان هناك في البيت الواحد والأسرة الواحدة من يبدأ صيامه اليوم بينما شقيقه يبدأ صيامه غداً. ماذا عن هذه الاشكالية التي لا تنتهي وهل من حل لها على مستوى العالم الاسلامي كله فيتم وضع آلية تؤمن توحيد رؤية الهلال وبدء الصيام.. الخ؟
– أولاً، أغلب الاختلافات في هذه المسألة هي اختلافات سياسية. ليس لها علاقة برؤية الهلال وليس لها علاقة بالاجتهادات الفقهية. الاختلافات على الزعامة الدينية بين الدول الاسلامية هذا للأسف موجود. واما الخلاف السني الشيعي في الهلال وغير الهلال يعود في كثير من جوانبه الى مذهب فقهي تعتمده نسبة كبيرة من فقهاء الشيعة يذهب الى ان اغلب الروايات التي وردت عن طريق اهل البيت (ع) وموافقة للمذاهب الاخرى وردت على نحو التقية لهذا تسقط من الاعتبار حتى ولو كان سندها صحيحاً وحتى ولو كان موردها أجنبياً عن شأن السلطات السياسية ويقولون ان الله جعل الرشد في خلاف أهل السنة والله يقول ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).
النقطة الثانية موضوع الاجتهادات الفقهية. نعم في الأمر اجتهادات فقهية قد تدفع إلى تعدد الفتاوى، يعني من الرؤية البصرية للهلال إلى الرؤية المنظارية إلى الدراسات الفلكية، ثم الرأي القائل بأن الولادة لا يمكن ان تتم إلا حينما يصل الهلال إلى مستوى الرؤية البصرية أو تكفي الولادة الفلكية. تعدد الآفاق أو وحدة الآفاق، كل هذه المسائل يمكن ان تؤدي بالفقيه إلى وجهة نظر قد تغاير وجهة نظر فقيه آخر وبالتالي تؤثر على مقلدي هذا ومقلدي ذاك والتباين في بداية شهر رمضان أو في نهايته. أما في الموضوع السياسي والزعامة والصراع على السياسة فهذا أمر بيّن خطأ وبيّن بأنه غير ديني. المفترض ان نجنب هذه المسائل أي موضوع سياسي. نحن في صوم في شهر رمضان ينبغي أن نتحقق من بدايته ومن نهايته حسب الأصول الشرعية ونعلن للمسلمين بداية الشهر ونهايته لكي يصوموا، لا يحق لنا أن ندخل السياسة في شأن ديني كهذا.
وفي موضوع تعدد الآراء الفقهية. باعتبار ان من أبرز مظاهر الوحدة الاسلامية العيد والجماعة مسألة أساسية في الاسلام. في التربية للافراد، في المظهر الموحد والاسلام بني على ان يكون جسماً مرصوصاً. الله أمر ان نكون صفاً مرصوصاً لا أن نكون صفوفاً ممزقة، الاختلاف في الأعياد يعني ان صفوفنا ممزقة. وحينما يصل الأمر إلى الأسرة وتضطر المرأة أو الرجل أو الأخ أو الابن إلى ان يأخذ موقفاً مغايراً لباقي أعضاء الأسرة، فهذا أمر سلبـي جداً وأضراره كبيرة ً. وفي ظل الخلافات المذهبية اليوم والصراعات يمكن ان يتحول إلى نزاع وشتائم واكثر من ذلك.
من هنا، يجب ليس من منظور عام وسياسي وأخلاقي، يجب من منظور فقهي ان يصار إلى هيئة لدراسة الأمر فقهياً دراسة معمقة، ومنطقية ودقيقة، واعتماد رأي واحد وإسقاط باقي الآراء الأخرى حيث يلتزم المسلمون، جميع المسلمين بعيد واحد وصوم واحد بذلك نخرج عن مخالفة الله ورسوله، قال الله عز وجل في محكم التنزيل (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) (ولا تكونوا من المشركين. من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون) وفي الحديث عن ابي جعفر (ع) يقول صم حين يصوم الناس وافطر حين يفطر الناس.
وفي الحديث عن ابي عبد الله (ع) في اليوم الذي يشك فيه، فقال: يا غلام اذهب فانظر أصام السلطان ام لا، فذهب ثم عاد فقال لا، فدعا بالغداء فتغدينا معه. هذه الرواية اجنبية عن التقية. وعن ابي جعفر (ع) الفطر يوم يفطر الناس والاضحى يوم يضحي الناس والصوم يوم يصوم الناس .
# ممن تتشكل هذه الهيئة؟
– تتشكل من فقهاء من كل المذاهب الاسلامية، من الشافعية والمالكية والحنبلية والشيعة الجعفرية والزيدية..
# لكن إذا تم اختيار فقيه من هذا المذهب أو ذاك قد يرفض فقيه من المذهب نفسه ما يذهب إليه الأول؟
– أنا أتحدث عن الدول، الدول الاسلامية من واجبها ومن واجب الهيئات الدينية إذا كانت في دول غير إسلامية مثل لبنان أن يتفقوا مسبقاً على ان هذا المجمع العلمي عليه مسؤولية الوصول إلى رأي فقهي يلزم الجميع. لنخرج مسألة الصوم والعيد من دائرة التجاذب السياسي وتعدد الاجتهادات الفقهية. والقواعد الفقهية تدعم هذا التوجه وتؤيده.
# كيف يبدأ الصيام بالنسبة لك. ومتى تعتمد يوم العيد؟
– حسب رأيي الفقهي ولادة الهلال تتم ويبدأ الشهر الجديد إذا خرج الهلال من محاق الشمس.
# أنتم تعتمدون إذن الرؤية المباشرة؟
– لا، لا.
# تستندون لأحد؟
– لا، أنا أعتمد الولادة الفلكية العلمية التي لا تحتمل الظن والتخمين عن ابي جعفر (ع) ليس بالرأي ولا بالتظني أي التخمين والرؤية البصرية ما هي إلا وسيلة لاثبات الولادة وفي رواية عن علي (ع) انه صام في الكوفة ثمانية وعشرين يوما شهر رمضان فرأو الهلال فأمر المنادي ينادي أقضوا يوماً فإن الشهر تسعة وعشرين يوماً أعاد علي (ع) النظر في بداية الشهر بناء على انه لا يكون أقل من تسعة وعشرين يوماً وهو دليل علمي لا يستند الى الرؤية، والولادة الفلكية يجب ان تحصل قبل طلوع الفجر على المكلف إذا طلع الفجر قبل الولادة يصبح هذا اليوم من الشهر السابق.
# بالنسبة لك حتى تصوم هل تسمع دار الفتوى؟ أم المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى أم مكتب المرجع السيد محمد حسين فضل الله، أم ماذا؟
– أنا أعتمد ما قلته لك.
# ترسل شهوداً؟
– أحاول أن أبحث وأدقق في ولادة الهلال وأعتمد على معلوماتي.
# والأمر نفسه بالنسبة للعيد؟
– نعم.
# بالنسبة لمن لا يفعل ما تفعله إذ لا يوجد عند كل الناس الامكانية المتاحة لك ماذا يمكن لهؤلاء ان يفعلوا؟
– من المفترض بشكل طبيعي ان يعتمد المرء على الجهة التي يقلدها ويأخذ برأيها الفقهي. المرجع ليس له علاقة بإثبات الرؤية وعدم إثباتها المرجع له علاقة بالقواعد التي تعتمد لإثبات الرؤية. إثبات الرؤية مسألة خارجية، يعني حين يقول المرجع انه ثبتت رؤية الهلال فهذه مسألة ليس لها علاقة بالتقليد وإنما هو في هذا الامر شأنه شأن بقية المسلمين.
# هناك كلام في مسألة الصوم تتعلق بالسفر وانه يحق للمسافر الذي يجتاز في سفره مسافة معينة ان يفطر؟
– المعروف والشائع خاصة عند فقهاء الشيعة ان قطع مسافة تصل إلى قرابة 45 كيلومتراً تكفي للإفطار وللتقصير في الصلاة. طبعاً هذا الأمر اليوم يبدو غير منسجم مع طبيعة تطور وسائل النقل خاصة وان أغلب الناس يومياً يقطعون هذه المسافة أو أكثر برحلات استجمام أو بزيارات عائلية أو ما شابه ذلك. وأنا أعرف بعض الاشخاص الذين مضى عليهم سنوات ولم يستطيعوا أن يصوموا شهر رمضان ولم يستطيعوا أن يقضوا. لأنهم ملزمون بالإفطار وفقاً لقاعدة الافطار المعتمدة على أساس مسافة الـ45 كيلومتراً. طبعاً هذه إشكالية نابعة بتقديري من عدم دقة في العودة إلى الروايات. ولو رجعنا إلى الروايات فإنها تتحدث عن سفر بياض يوم. والمقصود من بياض يوم من شروق الشمس إلى غروبها وبعض الروايات تتحدث عن بياض سفر يومين وليس يوماً واحداً، حيث ان السفر قد يكون ظهراً وليلاً اختلط على الناس امر التقصير والافطار فوردت مسألة تحديد المسافة التي تقطعها القوافل في بياض يوم بثمانية فراسخ أي ما يقارب 45 كلم لتعالج أمر هؤلاء. وهذه العملية كانت بمثابة تسهيل وتوضيح للمسافرين في الليل أو في أواسط النهار أو ما شابه ذلك لاحقاً. غفل الفقهاء عن الروايات التي تتحدث عن سفر بياض يوم وتمسكوا بالروايات التوضيحية التي ذكرت سابقا . بينما الحقيقة، علينا أن نعود إلى الروايات الأولى عن عبد الرحمن بن الحجاج عن ابي عبد الله (ع) قال: قلت له كم ادنى ما يقصر فيه الصلاة؟ قال: جرت السنّة ببياض يوم ، فقلت له ان بياض يوم يختلف يسير الرجل خمسة عشر فرسخاً في اليوم ويسير الآخر أربعة فراسخ وخمسة فراسخ في اليوم قال: انه ليس الى ذلك ينظر اما رأيت سير هذه الانفال بين مكة والمدينة ثم أومأ بيده اربعة وعشرون ميلاً يكون ثمانية فراسخ..
# مع تطور وسائل النقل والمواصلات؟
– الحقيقة ان علينا ان نلتزم بالشرع كشرع، وأن نلتزم بالفقه كفقه، الشرع الشريف ذكر سفر بياض يوم ولأن السفر كان عبر القوافل والجمال فشخصت المسافة بهذا المقدار. اليوم علينا أن نشخص المسافة من خلال وسائل النقل الحديثة وهذا ما ينسجم ويريح المكلفين والصائمين والعاملين ويعيد الصوم إلى مكانه والسفر إلى طبيعته خاصة وانه ورد تعليل للإفطار للتخفيف. قال الله عز وجل (او على سفر فعدة من ايام آخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) السفر عبء ومعاناة ومشقة والله أراد ان يخفف وطبعاً سفر اليوم 22 كيلومتراً ذهاباً و22 كيلومتراً إياباً ليس مشقة يحتاج للتخفيف، لهذا أتمنى أن يعاد النظر بهذه الامور وعلى الفقهاء ان يعيدوا النظر ليس فقط بهذه المسألة، بل وأيضاً في كثير من موارد الفقه. علينا أن نرجع للروايات ونصوص الآيات لنقرأها مرة أخرى ونفهمها على حقيقتها ثم نفتي على ضوء قراءتنا وان لا نتمسك بتفسيرات العلماء الماضين وفتاوى صدرت في ظروف خاصة تختلف عن ظروفنا لأن الأصل هو ما ورد عن النبـي وآله وليس ما أفتى به من مضى.
# الأمر نفسه ينطبق على قصر الصلاة؟
– نعم، الصلاة والصوم بسبب السفر.
# هذا الموضوع يطرح سؤالاً حول خوض الفتاوى وعدم وجود هيئة أو مرجعية واحدة لغربلة ما يصدر من فتاوى ويعقلنها ويستطلع سندها ويؤكده أو لا يؤكده؟
– أولاً هناك جهات يمكن ان لا يكون لها علاقة بالفتوى تتصدى لهذا الأمر ولربما بعضهم يطرح بعض المسائل الفقهية الشاذة بنية الاساءة وبخلفية السعي لتحقيق أغراض غير نزيهة، هؤلاء ومن ماثلهم من المفترض ان يملك الناس والمجتمع من الوعي ما يكفي لعدم الالتفات إليهم ونبذ ما يمكن ان يصدر عنهم، لأنك لا تستطيع أن تمنعهم، كل ما في الأمر يفترض ان يكون عندنا مجتمع محصن من هؤلاء. هناك بعض المسائل الفقهية التي تحتاج إلى رؤية موحدة وفتوى واحدة هذه بحاجة الى ان يكون لدينا هيئات علمية أو مجمع فقهي وما شابه ذلك كما تحدثت في موضوع الهلال. لكن في كثير من الموارد التعدد والحرية ضروريان ومفيدان ويطوران ويمكن ان يكونا مجالاً للإبداع. ويجب ان يبقى الباب واسعاً أمام تعدد الآراء والبحث العلمي والاجتهادات لأنها المسلك الطبيعي للتطور وطبعاً ضمن القواعد الفقهية الأساسية المتبعة وضمن الالتزام بالقرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة.
# هناك اشكالية تتعلق بنتائج التطور السريع في كل المجالات فهذه الوتيرة تتسارع بشكل غير مسبوق والآن تحدثت سماحتك عن ان تطور وسائل النقل جعل مسافة الـ45 كيلومترً للإفطار غير منطقية، ألا يطرح هذا الأمر موضوع إعادة النظر بالكثير من التفسيرات والقواعد المعتمدة لمواكبة هذا التطور، خصوصاً وان هناك عجزاً لدى المعنيين بذلك عن مواكبة هذا التطور.
– يوجد تقصير؟ الأكيد انه يوجد تقصير. وهو تقصير غير مبرر وفيه إثم، هنا كثير من الفقهاء ربما انشغلوا بأمور غير الفقه ولا يليق الكلام هنا عن ذلك. على الفقيه ان يتابع ويقدم قراءته للنصوص الاسلامية بشكل متجانس مع الحلول المطلوبة لمشاكل الناس، واعطيك مثالاً: العالم اليوم يتخبط في أزمات اقتصادية كبرى تتهدد قارات بأسرها.
يتبع

الطفيلي: لا ديموقراطية في الحزب
لأن مرشد ايران
اعتبرها هرطقة غربية
هذه الاسئلة وأجوبة الامين العام الاسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي تتعلق بالوضع التنظيمي داخل لحزب، ويسلط فيها الضوء على مواضيع عديدة بينها رفض الديموقراطية داخل الحزب التي اعتبرها مرشد ايران ((هرطقة غربية)) كما يتحدث عن اسباب اختيار الامين العام في الحزب من المعممين.
# هل من مكان للديموقراطية داخل حزب الله، هل فكرتم لدى تأسيسه باعتمادها؟
– في بداية التأسيس كان كل همنا بناء قوة عسكرية لقتال العدو ولم نفكر بأي أمر آخر وباعتبار ان الدعم ايراني استغل الايرانيون هذه الميزة للإمساك بالتنظيم الحديث على عادة الدول في هذا الميدان، وكنت حريصاً على عدم الصدام معهم لهذا بقي التنظيم بلا رأس سبع سنوات وحتى بعد الامانة العامة حينما طرح بعض الافاضل في الحزب على مرشد ايران شيئاً من الديموقراطية اعتبرها ((هرطقة غربية)) ورفض الفكرة مع الكثير من التقريع لأصحابها.
# لماذا الإصرار على ان يكون الامين العام للحزب معمماً بدءاً من الناطق باسم الحزب السيد ابراهيم امين السيد مروراً بك والسيد عباس الموسوي وصولاً الى السيد حسن نصرالله هل للمعمم امتيازات ومزايا لا تتوافر لدى غير المعمم؟
– بالتأكيد العمامة كان لها مزايا إحترام عند العامة لا تتوافر لدى الآخرين اضافة الى ان هؤلاء كانوا من السباقين الى التقرب من ايران ثم هذا كان توجه ايران ربما لأن وجوه الحكم والسلطة في ايران كانوا من المعممين.
# هل عقد خلال فترة توليك للحزب مؤتمر عام؟
– عقدت مؤتمرات انتخابية فقط.
# السيد نصرالله قال بعد حرب تموز/ يوليو انه قبل أسر الجنديين الاسرائليين اجرى سلسلة من المشاورات وخاصة مع من قال انهم الـ10 او 15 قيادياً واعتبروا يومها ان (اسرائيل) لن تقدم على اي عمل رداً على أسر الجنديين وهذا يعني ان هناك آراء كثيرين يمكن مراجعتها في الحزب وليس هناك حكم الرأي الواحد ما رأيك؟
– التشاور في امر الجنديين الاسرائليين لا يثبت ولا ينفي حكم الرأي الواحد.

==============
الامين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)): ((16)) بعض الاجهزة استخدم العمامة للتجسس ولا اكليروس في الاسلام ولكن هناك ((آلهة)) على الارض

*المصارف الايرانية بعد ثورة الخميني ظلت تتعامل بالربا
*يجب تقديم رؤية اقتصادية اسلامية متكاملة ومعها نظام للتعايش مع النظم الحالية
*لم تهتم ايران بتقديم رؤية نظام اقتصادي اسلامي بسبب عدم وجود مستوى ثقافي وفقهي وانشغالها بحرب طويلة والتناحر على السلطة
*الفساد الاداري والمالي منتشر في أوصال النظام الايراني
*بعض ائمة الجماعة حوّل المساجد الى مكان للمعصية
*على الفقيه حين لا يملك الدليل على مسألة ان يرجع مقلديه الى فقيه آخر لا ان يلزمهم باحتياطات مربكة
*أغلب مساجد الشيعة فيها اساءة للصلاة والمصلين وإمام الجماعة
أجرى الحوار زين حمود

في هذه الحلقة من اللقاء المطول مع الامين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي، نغوص في عمق المسائل الفقهية. بعض هذه المسائل يستحكم فيها الخلاف بين السنة والشيعة وبعضها الآخر بين الشيعة انفسهم، ويعلن مواقف جريئة حول النظام المالي في ايران بعد الثورة، مشيراً الى ان نظامها المصرفي ما زال قائماً على الربا والفقهاء لا يعلمون. فإلى نص الحلقة الجديدة:
# النظام المالي العالمي يمر بأزمات أدت إلى سلسلة من الانهيارات..
– بالتأكيد النظام المالي العالمي يؤدي دوراً أساسياً في هذه الأزمات المالية ومن الواضح ان حركة المال اليوم والنظم المعتمدة لهذه الحركة تجعل من المال وحشاً مفترساً يصطاد الفرائس شعوباً وافراداً، صاحب المال في النظام الحالي القائم على عنصر الربا لا يكترث الى ما ستؤول إليه أحوال الناس. المهم ان يكسب ماله بل في اغلب الاحيان يسعى صاحب المال الى تدمير الآخرين وهنا يتحول المال إلى سلاح مدمر أخطر من السلاح النووي في بعض الأحيان هذه نتيجة للنظام الاقتصادي المعمول به اليوم والمبني بشكل عام على نظام الربا. في النظام الاسلامي الذي يمنع الربا ويفرض على رأس المال ان يكون شريكاً للعامل، يعني ان صاحب المال والعامل شريكان في العمل ان خسرا يخسران معاً وان ربحا يربحان معاً. لهذا سيعملان معاً على النجاح وتتحول الدول والمجتمعات والافراد الى خلية عمل في سبيل خير البشرية وفرق كبير بين نظام تحكمه قواعد الصراع وبين نظام تحكمه قواعد التعاون والبر. يفرض الفقه الاسلامي ان يكون هناك تعاون وليس حرباً، ((وتعاونوا على البر والتقوى)) ومن مصاديق التعاون التي أمر الله بها موضوع النظام المالي في الاسلام، ((ولا تعاونوا على الاثم والعدوان))، النظام المالي الموجود ينطبق عليه ((تعاونوا على الاثم والعدوان)).
وبغض النظر عما يحدث في العالم من اضطراب مالي خطير يجب ان نقدم الرؤية الاسلامية التي تساعد على خلق ساحة تعاون وتآزر وخدمات مشتركة بين كل الامم و الشعوب، اضف الى موضوع المأساة التي يعيشها العالم الذي يحتاج فعلاً الى طرح جديد في القطاع الاقتصادي، وكثير من الخبراء والاقتصاديين وحتى السياسيين يفتشون اليوم عن حلول.
الفقيه دوره، ان يستقرىء النصوص، ان يستقرىء آيات القرآن الكريم، ان يستقرىء الروايات وان يقدم رؤية متماسكة دقيقة يمكن ان يعتمدها العالم ولو بالتدريج ولو بالتقسيط ولو جزئياً، شيئاً فشيئاً تقدم أطروحة يمكن ان تنقذ الكثيرين في العالم من بلاء النظام المالي الحديث.
# مع الامام الخميني هل جرت محاولة لتحقيق او تطبيق هذه الافكار؟
– لا للأسف، لهذا انا اقول في هذا المجال انه يوجد تقصير مريب، وأذكر انني كنت في جلسة مع رئيس المحكمة العليا في ايران آية الله موسوي اردبيلي قديماً، كنا نتحدث وذهب بنا الحديث الى موضوع المصارف وسألته: لم مصارفكم ما زالت تتعامل بالربا، وقد استغرب يومها وقال: معقول ان مصارفنا ما زالت تتعامل بالربا، قلت: نعم. هذه مشكلة الفقهاء. على المجاميع الفقهية وعلى الدول الاسلامية ان يعملوا لسد هذه الثغرة والانكباب على دراسة الفقه الاسلامي على ضوء الحركة الاقتصادية والنظام الاقتصادي الجديد وتقديم حلول اسلامية نابعة من القرآن الكريم ونصوص السنّة لحل المشكل الاقتصادي الذي يتخبط فيه العالم، وهذه منفعة لنا وللعالم. وبالمناسبة هناك محاولات مشكورة في هذا الميدان نسأل الله لأصحابها التوفيق.
# ولكن هناك واقعاً، كيف يمكن ان تكون جزءاً من السوق ولا تتعامل بقواعده اما ان تكون جزءاً منها واما ان تكون خارجها؟
– لا، لا أتحدث عن انقلاب.
# لا يستطيع احد العيش بمفرده، الفرد، او الجماعة او الدولة، هناك عالم ممتد تحكمه قواعد واحدة؟
– لا يمكن الانقلاب دفعة واحدة، هذا الامر غير وارد وهو شبه مستحيل في البداية لا بد من تقديم رؤية اقتصادية متكاملة ومعها نظام للتعايش مع النظم الحالية لأنه حتماً ستنشأ إشكاليات كثيرة من هذا التعدد الذي سيطول امره . وحينما تحدثت معك عن موضوع التنافس الحضاري او الفكري قلت لك اني مع العولمة، من جملة ما قصدته هو النظام الاقتصادي والمالي، فالنظام الاقتصادي العالمي سيضطر مع التجربة والممارسة والاخطاء والسقطات التي يتعرض لها الى حث الشعوب والامم والافراد الى التخلي عن النظام الربوي والتفتيش عن بديل وهو ما يحدث في بعض البلاد اليوم فمع وجود بديل ناجح حتماً سيكون خياراً مقبولاً. ولذلك فإن الفكر الاسلامي في مناخ تنافسي بإمكانه ان يقدم الكثير من الحلول، لهذا يمكن ان يتحول العالم طبعاً ليس بحساب الايام والسنوات الى نظام اقتصادي جديد يخدم الفكر الاسلامي ويخدم البشرية.

ايران لم تقدم رؤية اقتصادية
# هل قدمت ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية رؤية لنظام اقتصادي اسلامي يستطيع ان يضع حداً للرأسمالية المتوحشة وأنظمتها السائدة في العالم ؟
– لم تفعل حسب علمي وبحكم وجودي في قم في تلك الايام وخبرتي بالمناخ الثقافي والفقهي لحوزتها لم تكن الاخيرة مؤهلة ثقافياً ولا فقهياً لهذه المهمة، بعكس حوزة النجف التي كانت في تلك الايام أكثر إلماماً في هذا المجال وأيضاً لم ألحظ اي جدية او مسعى لتدارك الامر وعلاجه كما هو حالها في الكثير من الميادين التي كان من المفترض ان تقدم فيها ايران كدولة اسلامية طرحاً ينسجم مع الفكر الاسلامي.
# لماذا فشلت ايران في تقديم هذه الرؤية؟
– بتقديري هناك أسباب كثيرة منها عدم وجود مستوى ثقافي وفقهي لهذه المهمة كما ذكرت وانشغال ايران بحرب طاحنة لفترة طويلة وانغماس الجميع تقريباً بالتناحر على السلطة.
# المخزون النفطي أمّـن لإيران تغطية العجز عندها ورغم ذلك فإن اقتصادها ليس في وضع مريح هل فشلت ايران كدولة اسلامية اقتصادياً؟
– لا اعتقد ان احداً يجهل حجم الفساد الاداري والمالي المنتشر في أوصال النظام الايراني وهو في هذا الميدان وفي غيره من الميادين مثله مثل سائر انظمة الحكم في المنطقة تحكمه قواعد الارتجال والفوضى وعدم الشعور بالمسؤولية وهذه أسباب كافية لابتلاع كل نفط العالم والفساد في انظمة الحكم ليس له علاقة بالاسلام وغيره ولا يمكن ان ننسب الفشل للفكرة اذا كان حاملها أول من يخونها . اولاً يجب ان يتوفر للفكرة اليد الأمينة والجديرة بحملها والعمل بها بعد ذلك لنا الحق ان نحكم بنجاحها أو فشلها وهذا ما لا نجده اليوم في إيران ولا في غيرها من الدول المدعية لحمل أمانة الاسلام.
# هل تستطيع دولة اسلامية مهما علا شأنها أو مجموعة من الدول ان تفرض رؤية إسلامية للإقتصاد العالمي وتسد الفجوات بين الشمال والجنوب أو بين عالم الاغنياء والفقراء؟
– نحن لا نتحدث عن فرض رؤية اقتصادية على الاقتصاد العالمي نحن نتحدث عن طرح بديل يعالج محنة الاقتصاد وهذا الامر ليس بحاجة لدولة أو دول وإنما هو فكرة قوتها تكمن في قدرتها على الاقناع والعلاج.
ثم موضوع الفجوات بين الشمال والجنوب أو بين الفقراء والاغنياء هذا أمر علاجه لا يقتصر على علاج موضوع الربا والنظام المصرفي الذي كان محور حديثنا وإنما له علاقة بمجموعة من الموضوعات منها النظام الضريبـي وهو أساس في هذا الميدان ومنها قواعد توزيع الثروة ونظام الخدمات وفوق هذا وذاك هذه المهمة بحاجة الى إعادة النظر بكل المواثيق والانظمة الدولية المعنية حتى تنسجم مع المشروع الجديد للعدالة الاقتصادية مورد السؤال. وبحاجة أيضاً الى إعادة النظر بالمؤسسات الدولية الناظمة من مجلس الأمن والأمم المتحدة والقضاء الدولي وحقوق الانسان وغيرها مما له علاقة حتى تتحول هذه المؤسسات الى مؤسسات مخولة أولاً وقادرة ثانياً على النهوض بالمهمة في ظل مناخ دولي يسمح بذلك وحتى يتكون هذا المناخ الدولي الذي لا يعيق مهمات المؤسسات الدولية ((طبعاً لن تتكرم الدول الناهبة لثروات العالم بالتعفف وإخلاء السبيل للعدالة الانسانية)) يجب على المجتمعات وشعوب العالم وخاصة المستضعفة أن تناضل وتعمل مجتمعة لانتزاع حقها في حياة عادلة وهي أعظم وأشرف مهمة ومع النجاح تكون قد حققت البشرية أعظم مشاريع العدالة الانسانية التي جاهد في سبيلها الانبياء والصالحون ودعت لها الكتب السماوية وقد باتت هذه المهمة مع نمو ثقافة العدالة وتطور نظام التواصل والاعلام في العالم أسهل على الساعين في سبيل حياة أكرم وأفضل.
# المسألة في النظام المالي العالمي ليست فقط مسألة الربا المحرم بل تتعلق أساساً بسيادة عقلية النهب المنظم للثروات وضرب اقتصاديات الدول التي تسعى للاستقلال إنتاجياً. ومع تحول العالم اليوم الى مركز واحد ونظام واحد اقتصادياً ومالياً تزداد التحديات فإما أن تكون جزءاً من قواعد السوق وهذا النظام وإما أن تصبح خارج الزمن، والصين أبرز مثال على هذا المستوى من خلال رفع قدراتها الانتاجية ومعدلات النمو وفقاً لمعايير الاقتصاد العالمي. أين يقف الاسلاميون من هذا؟
– تارة نتحدث عن الغاية القصوى والعلاج الأمثل لمحنة الفقر في العالم، وأخرى نتحدث عما يجب فعله في ظل الواقع القائم وسيادة شريعة الغاب بين الاقوياء والضعفاء من الطبيعي ان لا تستسلم الدول وتقبل أن تكون بموقع الضحية كما هو شأن أغلب دول العالم الاسلامي ومن الطبيعي أن تسعى في ظل قواعد السوق والنظام القائم للنجاح ومثالك عن الصين حافز لكل الدول وان كان حول نجاح الصين ذات القوة العسكرية والبشرية نقاش جدي، لكن يمكن ان تكون ماليزيا البلد المسلم الصغير والضعيف والناجح بلا منازع مثالاً لكل الطامحين في العالم طبعاً مع الاستمرار في محاولة إصلاح النظام الاقتصادي العالمي وتقديم الافضل والنضال في سبيل مجتمع دولي أكثر عدالة.

فتاوى غير واضحة
# هناك في سياق هذا الحديث فتاوى غير واضحة ومبهمة كثيراً ما يتردد فيها عبارات من نوع ((الاحوط)) اعتماد كذا او ((الاحوط)) عدم القيام بكذا..
– كلمة الاحتياط يستخدمها الفقهاء، وكثرت استخداماتهم لها في الازمنة المتأخرة، يستخدمها الفقيه في كثير من الاحيان حينما تعجزه الأدلة أي حين لا يكون لديه دليل، وفي بعض الاحيان يكون الاحتياط إشارة الى أفضلية ما، بشكل عام هذه العبارة تربك المكلف وقد تلزمه بغير ما انزل الله عز وجل، والمفترض في الفقيه حين لا يملك الدليل ان يرجع مقلديه الى فقيه آخر لا أن يلزمهم باحتياطات في كثير من الاحيان تكون مؤلمة ومربكة والاسلام هو الشريعة السهلة السمحاء ورد عن رسول الله (ص) ما بعثت بالرهبانية الشاقة ولكن بالحنيفية السمحة وهذا خلل فقهي لا يجوز للفقيه ان يرتكبه، ذكرت هذه المسألة لأنها باتت في الازمنة الأخيرة محل بلوى الجميع تقريباً.
أيضاً في هذا المضمار وأنا أتحدث عن الفقهاء وطريقة الفتاوى وكيف يتناولون الامور فإن من الآثار السيئة لتناول بعض المسائل الفقهية في الكتب الفقهية المعقودة لخدمة المكلفين موضوع العدالة، خاصة عدالة إمام الجماعة، فأغلبهم يتناول هذه المسألة بطريقة حولت المساجد التي هي مكان للطاعة الى مكان للمعصية، وهذا أمر يجب على الفقهاء ان يعيدوا النظر بطريقة تناولهم لهذه المسائل ولأحكامها الشرعية بشكل تجعل المسلمين يتسارعون في رص صفوفهم في المسجد والصلاة جماعة والابتعاد عن كل ما يشعر بالفرقة والاساءة وما الى ذلك.

آلهة على الأرض
# تتحدث عن الفقهاء وكأن هناك عند المسلمين اكليروساً علماً ان لا اكليروس في الاسلام؟
– الفقيه كما هو مفترض، هو شخص مؤهل علمياً لقراءة النصوص واستنباط الاحكام منها، ليس لدينا في الشرع اكليروس وان كان عملياً الآن على الارض هناك آلهة. يوجد بعض المناخات الثقافية الفقيه يملك الاموال والانفس ويستطيع ان يفعل الشيء ونقيضه ولا يلام، هو إله من دون الله عز وجل، لكن أنا أتحدث عن الموضوع الفقهي، عمل الفقيه أن يقدم للناس ما استنبطه من أحكام، في بعض الاحيان هذه الاحكام وطريقة تناولها يكون لها آثار سيئة جداً، الى درجة باتت ظاهرة مؤلمة. بشكل عام فإن أغلب مساجد الشيعة فيها هذه المشكلة فيها اساءة للصلاة والمصلين وإمام الجماعة.
# سماحتك تتحدث عن أي إمام جماعة، اليوم في ظل ظاهرة انتشار المعممين دون حسيب أو رقيب ودون نظام يضع ضوابط وشروطاً في الحد الادنى علمية وفقهية لأي معمم، ونحن نعرف ان رجل الدين له موقعه ومكانته، ولكن من يضمن ان لدى كل هؤلاء الحد الادنى من الاهلية والكفاءة، على الاقل لم يعد هناك اليوم الضوابط نفسها التي كانت موجودة سابقاً للمعمم بحيث ان هناك حوزات تخرّج كل عام عشرات ممن تطرح حول اهليتهم علامات استفهام..
– أولاً ليس عندنا في الاسلام زي معين.

العمامة باتت باب رزق
# العمامة كرمز له احترامه.
– نتيجة أعراف وتاريخ باتت بعض الملابس تشير الى شيء، مجرد إشارة اجتماعية ثقافية عرفية، لا تستطيع ان تقول لإنسان إنزع هذه الملابس وإلبس ملابس أخرى، بشكل عام. أيضاً لا تستطيع ان تضع هذه المسألة بيد جهة مسيسة فقد تستخدمها لسحق الآخرين وبالتالي وضع يدها على الامور بشكل خاطىء. ما ينبغي ان يحصل هو أن يكون لدينا مجتمع محصن، وهو الأساس، المجتمع المحصن بطبيعته ينبذ غير المؤهلين ويحتضن ويحمي المؤهلين. نعم المجتمع المحصن موازينه نسبياً دقيقة وإن بقي هامش وأود ان ألفت النظر الى انه في الفترة الأخيرة أو في العقود الأخيرة تواجدت في المجتمع أجيال من المعممين كان الكثير منها مسيئاً بحكم ان العمامة باتت اليوم باب رزق دنيوي وباباً للزعامة وخداع الناس بينما كانت قديماً بالعكس.
# كانت عنواناً للتضحية وخدمة الناس؟
– نعم أحسنت، المعمم هو من أدار ظهره للدنيا. العمامة باتت باباً واسعاً من أبواب الدنيا أضف الى أمر وهو ان بعض الاجهزة الامنية استخدمت العمامة للتجسس على الناس ورصد تحركاتها.
# أجهزة محلية أم أجنبية..
– وهذا أمر خطير، عادة المعمم في المسجد موطن أسرار الناس وشكواهم وآلامهم وهمومهم فكثير من الناس يلجأون الى المعمم لثقتهم به ولدينه، حين يتحول هذا المعمم الى جاسوس على الناس يكتب تقارير عنهم فهذا أمر خطير جداً على مستقبل العلاقة بين الناس وبين أهل الدين والعمائم، وقد حاولت في الماضي العمل لتجنيب هذه المساحة من هذا اللون من النشاط لكن للأسف الشديد الأمور سارت بغير ما يشتهي المرء وما زالت هذه الظاهرة الى الآن موجودة وأتمنى ان يصار الى إعادة النظر بهذه الظاهرة لأنها أصبحت ظاهرة واسعة الانتشار في العالم الاسلامي من إيران الى العراق الى غيرهما. ظاهرة خطيرة جداً وتسيء إساءة بليغة قد لا نستطيع تدارك سلبياتها في وقت منظور.
يتبع

=================

الامين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي لـ((الشراع)): ((17)) خمس المكاسب غير شرعي والمنابر الحسينية باب للتفرقة

الشيخ صبحي الطفيلي

*المنبـر الحسيني تحول الى مثار للفتنة وبات باباً للتفرقة
*الكذب يميت ذكر آل محمد ويمحو أمرهم
*مسألة انتظار الامام المهدي تحولت الى مدخل لتعطيل شرع الله مثل صلاة الجمعة والجهاد
*الفقه الشيعي أفرغ الزكاة من مضمونها
*خمس المكاسب استيلاء على أموال الناس بالباطل
*الحديث عن عدم وجوب خمس المكاسب يهز الحوزات والمؤسسات المالية الدينية ويقوضها
*الوقوف في وجه السنة جريمة تحركها دوائر شيطانية تخدم مشاريع يزيد
*علينا ألا نستثمر عاشوراء في بازار الصراعات المذهبية وخلق فتن بين المسلمين والكذب على بسطاء المؤمنين
أجرى الحوار زين حمود
تركز هذه الحلقة من الحوار المطول مع الامين العام الأسبق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي على قضايا فقهية حصل ويحصل حولها التباس لدى الفقهاء والعامة على حد سواء، كفريضة الزكاة وخمس المكاسب. وفي هذا السياق أطلق الطفيلي ثورة فقهية معتبراً ان الفقه الشيعي ابتعد عن الزكاة لصالح تكريس خمس المكاسب ((غير الشرعي)) فريضة واجبة، وذلك لتمويل الحوزات العلمية والمؤسسات الدينية الذي من دونه تنهار.
كما يتطرق الطفيلي الى طقوس عاشوراء وفي رأيه ان المنابر الحسينية تحولت الى مناسبة للتفرقة من خلال خطابها المذهبـي، فضلاً عن تحويل الكثير من المساجد الشيعية الى مكان للمعصية.
وفي ما يلي تتمة حوار الحلقة السابقة.

 

# ما ينطبق على المعممين أمر ينطبق أيضاً على قارئي العزاء في المجالس الحسينية، فهذه الصفة أصبحت حرفة وباباً للإرتزاق..
– أنا لست ضد الارتزاق من المنبر الحسيني، هذا ليس أمراً شائناً لكن هناك مسألة أخرى وخطيرةً وهو تحويل المنبر الحسيني الى مثار للفتنة المذهبية. أغلب قراء التعزية يوجهون الكلام وكأنه صراع مذهبي، وكأن المسألة سنية – شيعية. نحن نعرف، ونعرف عن يقين ان المسلمين كل المسلمين يتبرأون مما فعل يزيد وهم لو كانوا في كربلاء لكانوا مع الامام الحسين وليس مع يزيد. الشافعية والحنبلية والمالكية والحنفية وكل المذاهب الاسلامية، أبو حنيفة كان من أشد المناصرين لأهل البيت وكان مع ثورة ابراهيم بن عبدالله بن الامام الحسن، لكن مع هذا فإن قراء مجالس التعزية بطريقة مقصودة او غير مقصودة يوجهون الحديث بشكل مذهبـي، وهذا امر خطير، وبدل ان يكون المنبر الحسيني موحداً للمسلمين بات باباً للتفرقة. بدل أن يكون المنبر الحسيني جامعاً للكلمة ويوجه المسلمين للدفاع عن دينهم كما فعل الامام الحسين يتحول الى عنصر استفزازي داخلي يسيء إلى المسلمين.
للأسف تحول المنبر الحسيني الى حفلات كذب على الله ورسوله وأهل البيت تروى من فوقه أقاصيص وحكايات من محض الخيال وينقل عن رسول الله وأهل بيته الكثير مما لم يصدر عنهم حتى ليظن البسطاء ان هذه الروايات صحيحة ومعتمدة يذهب المسلم ليشارك في مجلس عزاء قاصداً الثواب والأجر وإذ به يشارك في حفل كذب آثم، ثم لا يجد من ينكر ذلك رغم كونه حراماً بيناً. فإن الجلوس تحت منابر الكذابين والاستماع إليهم إغراء لهم وتشجيع على الإثم والمجالس التي هذا شأنها مجالس يحارب فيها الله ورسوله وأهل البيت فإن إحياء ذكرى آل محمد لا يكون بالكذب فإن الكذب يميت ذكرهم ويمحو أمرهم رحم الله من أحيا أمر محمد وآل محمد بصادق القول لا بكاذبه وبرزت في السنوات الاخيرة أساليب آثمة في النوح على أهل البيت ومدحهم في مناسباتهم أدخلت هذه المناسبات في سباق مع مجالس الطرب والغناء وفي استعمال الآلات والالحان وفي ما تعارف عليه أهل الفسوق من حلقات الطرب وحركاته وقد شكل حضور من هم في سمة أهل الشرع والعمائم هذه الحفلات وعدم النهي عنها ونشرها قناعة لدى الجهلة بجواز ذلك وانه مما يسمح الشرع فيه وهو في الحقيقة من بلاء آخر الزمان الذي أصبح فيه المعروف منكراً والمنكر معروفاً أهل البيت لا ينصرون بالكذب ليسوا بحاجة الى ان نكذب لننصرهم، من يحتاج الكذب لنصرته فهذا ليس أهلاً لينصر. أهل البيت بحاجة للصدق والكلمة الصادقة والطاهرة والنـزيهة والشريفة، هذه رسالتهم، هذا أدبهم، هذه أخلاقهم.

الحسين لا يطلب الوقوف في وجه السنّة
# ماذا عن الجانب الثأري الذي تتسم به هذه المجالس؟
– لم يخرج الإمام الحسين في صراع قبلي بين بني أمية وبني هاشم ولم يخرج في صراع مذهبي ديني، الإمام الحسين خرج لأنه كان هناك ظلم في المجتمع وخروج عن الشرع الشريف، أراد ان يعيد الامور الى نصابها، الاقتداء بالإمام الحسين ليس بقتل أطفال المسلمين وهدم بيوتهم وإشعال الفتن المذهبية وإنما بمواجهة الظلم في العالم بالطريقة والاسلوب والرؤية والشجاعة التي واجه بها الإمام الحسين يزيد بن معاوية. الإمام الحسين يدعونا الى ان نقف في وجه الظلم الإسرائيلي في وجه محدلة الاستكبار الدولي والجرائم التي ترتكب في العالم، الإمام الحسين يدعونا الى أن نقف مع كل مظلوم في العالم في وجه كل ظالم.
الإمام الحسين ليس شيعياً يطلب منا ان نقف في وجه السنّة، هذه جريمة تحركها بعض الدوائر السياسية لأغراض شيطانية دنيوية تخدم مشاريع يزيد ومن سلك مسلكه حتى هذا الزمن.
# يقال ان السيرة الحسينية قبل انتشار الاسلاميين بهذا الشكل كانت واضحة ومحددة وتتناول السيرة كما هي. أما اليوم وبعد انتشار الاسلاميين وتنامي قوتهم جاءت المجالس بما جاءت به من تضخيم وتخيلات، ألا يتحمل الاسلاميون المسؤولية عن ذلك؟
– اساساً، حينما يتحدث المتحدثون عن بداية إحياء عاشوراء يتحدثون ان الإمام الصادق استمع الى قصيدة في رثاء الإمام الحسين، وبين الإمام الصادق والإمام الحسين يوجد مسافة زمنية.
# قصيدة لمن؟
– انها لجعفر بن عفَان الطائي.
# من طائي؟
– نعم، على هذه يعتمد من يحيون مراسم أهل البيت، ويجب الاعتماد على الصحيح من الروايات والروايات الصحيحة في هذا الميدان نادرة. نعم كانت قبل فترة المراسم في هذه المناسبة محدودة وليس عليها هذه الاضافات أقول ان علينا أن نتقيد بحدود الروايات الصحيحة وبحدود ما أمر الله، بحدود خدمة الاسلام، ولا يجوز ان نستثمر هذه المسائل في بازار السياسة وفي بازار الصراعات المذهبية وخلق فتن بين المسلمين والكذب على بسطاء المؤمنين.
# ما رأيك في هذا المجال باللطم والتطبيـر وما الى هنالك من مظاهر دامية مرتبطة بالمناسبة وفيها تعذيب للنفس وإسالة دماء..؟
– هذه مسألة تدخل تحت عنوان كونوا لنا دعاة صامتين وادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، إذن المسلمون مأمورون ان يقدموا أفضل وأحسن وأنقى وأزهى صورة عن الاسلام وعن المنطق الاسلامي والمسلك الاسلامي للأمم ولأنفسهم وللجميع، وأي مظهر يمكن ان يخالف هذه القواعد لا يجوز اعتماده ويجب تركه بناء على هذه الادلة الواضحة.
# تحدثت عن استخدام المساجد بشكل فردي وعدم الالتزام بالصلاة خلف امام الجماعة، هذا يطرح سؤالاً حول صلاة الجمعة غير الملزمة حسب بعض الفقهاء في ظل غياب الإمام المهدي المنتظر..
– اللافت للنظر ان مسألة انتظار الإمام المهدي لدى كثير من فقهاء الشيعة تحولت الى مدخل لتعطيل شرع الله في بعض المجالات، لأن حسب زعم هؤلاء لا تعقد صلاة الجمعة إلا بحضوره أو حضور نائبه وهو أمر يلزم الوقوف عنده فبحجة غياب الإمام أسقطوا وجوب صلاة الجمعة مع العلم ان صلاة الجمعة من أبرز شعائر الاسلام، نزلت فيها سورة في القرآن الكريم يلتزم بها المسلمون من أيام رسول الله (ص) وأيام أهل البيت عليهم سلام الله حتى بعد عصر الغيبة. كيف يمكن لفقيه ان يعطل صلاة الجمعة لا يجوز ان نحول مسألة الانتظار الى باب لتعطيل شرع الله. أضف الى مسألة أخرى عطلها كثير من الفقهاء تحت عنوان الانتظار، وهي موضوع الجهاد، زعموا انه سقط التكليف به في عصر الغيبة حتى ان بعضهم لم يذكره في كتبه الفقهية لأنه لا يجوز الجهاد حسب هؤلاء في ظل الغيبة. والغيبة امتدت حتى الآن حوالى 13قرناً تقريباً وقد تمتد الى عشرات القرون، كيف يمكن للأمة أن تعيش بدون القدرة على حماية نفسها وبدون القدرة على الدفاع عن نفسها، يمكن ان يقول قائل لا نحن في حالات الدفاع نعلن الجهاد، هذا كلام، الجهاد جهاد ان كان دفاعاً أو هجوماً. اليوم موضوع القوة هو مقدمات قبل ان يكون نتائج وهو اعداد ومصانع وأسلحة وتطور علمي وكل هذه الامور، هل يمكن ان نخضع شرع الله والجهاد الى مزاج فقهي لشخص ما أو لأكثر، تصوراً ان غيبة الإمام ستمتد لسنوات قليلة أو لفترة وجيزة وبالتالي كيف نلغي أحد أهم أبواب الفقه، لهذا مفترض ان يعاد النظر بكل هذا لأنني أتخوف من ان نصل في يوم من الايام نتيجة خطأ هنا وفتوى في غير محلها الى إسقاط مجمل أبواب الفقه كما حصل لبعض المذاهب التي كانت إسلامية وتخرج من الاسلام بكل تشريعاته وبكل بياناته وهذا أمر خطير، حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام الى يوم القيامة.
# بالنسبة للإمام المهدي المنتظر، ثمة الكثير مما ينسج اليوم خاصة في موضوع علامات الظهور، علماً ان المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله سبق ان أكد لـ((الشراع)) ان الإمام المهدي نفسه لا يعرف مواقيت ظهوره، وان الله عز وجل وحده مختص بهذه المسألة، وبالتالي فإن كل ما يشاع عن علامات الظهور هي لاستخدامات سياسية وحزبية. هل توافق على ان ما يشاع اليوم هو ترويج لثقافة تسيء حتى للإمام المهدي؟
– أولاً حول هذا الموضوع يوجد روايات كثيرة هي من محض الخيال وصناعة سياسيين وفاشلين، وعلى المرء الذي يخوض في هذا الامر ان يكون ماهراً لمعرفة الحقيقة. وهناك امرآخر وهو انه عادة الكثير من الناس يسارع مع تصاعد الاحداث واضطراب الامور الى الغيب واستجلائه وقراءته والحديث عما يمكن أن يعالج بعض المشكلات النفسية لديهم وان كان ليس لها واقع واليوم الكثير يذهبون بهذا الاتجاه بسبب هذه الحيثية.
موضوع النصر الذي وعدنا الله به في قرآنه الكريم ((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون))، هذا أكيد، وهذا الوعد موجود في كل الرسالات السماوية وليس فقط في الإسلام، في اليهودية تجد هذا الوعد، وفي المسيحية تجد هذا الوعد وعند كل المذاهب الاسلامية تجد هذا الوعد. الآن هناك اختلافات في بعض التفاصيل، تكثر أو تقل هنا أو هناك ولكن الوعد الإلهي بنصر الحق وملء الأرض بالعدل أمر أكيد، متى؟ كيف؟ هذا موضوع، نعم لا يعرفه إلا الله علا وعز شأنه الكريم.
# تحدثت عن ترك صلاة الجمعة ماذا عن الزكاة؟
– اليوم عند الشيعة لا يوجد زكاة تقريباً، الشيعة بشكل عام بأغلبيتهم الساحقة ليس عليهم زكاة مع العلم ان الشرع الشريف والقرآن الكريم أكدا على فريضة الزكاة. والزكاة عماد قيام الدولة وعماد دفع الفقر عن الفقراء والمساكين.
# حتى بوجود دولة غير إسلامية؟
– نعم، وهذا أمر يجب ان يفهمه أي فقيه أو أي قارىء ان هناك خللاً. القرآن الكريم يتحدث في عشرات الآيات عن الزكاة والروايات كثيرة في هذا الباب والمسلمون دفعوا الزكاة خلال قرون وقرون، واليوم حين يبحث المؤمن عن زكاته ضمن الضوابط الفقهية لدى الشيعة الاثني عشرية في الاغلب لا يجد ما يخرجه.
# لكن الضرائب في أية دولة تأخذ ما يزيد عن الزكاة وخاصة مع الضريبة على القيمة المضافة فضلاً عن الضرائب المباشرة..
– أتحدث عن الزكاة الشرعية الفقهية. وهنا ينبغي ان ندرك ان هناك خللاً، الفقيه الشيعي أفرغ الزكاة من مضمونها فمثلاً في الانعام لا زكاة إلا على الابل والبقر والغنم غير المعلوفة ولو لبعض الوقت ولا زكاة على كل انواع النقود إلا الذهب والفضة المسكوكة سكة المعاملة اليوم ولا زكاة على الثمار الا الحنطة والشعير والزبيب والتمر، الزكاة موجودة ضمن شروط أغلبها لا تتوافر لدى المكلفين يعني مدينة مثل مدينة نيويورك إذا أردنا أن نأخذ الزكاة الشرعية من أهلها وهي مركز الاقتصاد العالمي وأميركا تعتمد على وارداتها لإدارة دفة البلاد والعباد، لا نستطيع طبقاً للفقه الشيعي من جمع ما يكفي لعمال بلدية نيويورك من الزكاة، الفقهاء ذهبوا في استنباطهم للأحكام فيما يتعلق بالزكاة إلى مكان عطلوا الزكاة. الشيعة لا يتحدثون اليوم عما يجب عليهم من زكاة يتحدثون عما يجب عليهم من خمس، بينما في الواقع الفريضة هي فريضة الزكاة، والخمس يتعلق بالمعادن والكنوز والمغانم الحربية.
# لكن الخمس اليوم يتعلق بمداخيل الناس؟
– أضاف فقهاء الشيعة خمس المكاسب، بينما خمس المكاسب حتى القرن الثالث بعد الهجرة لم يكن مطروحاً، يعني لا رسول الله ولا الإمام علي ولا الإمام الحسن ولا الإمام الحسين ولا اي أحد من الأئمة تحدث عن خمس المكاسب، وهناك نقاش حول قبول كثير من الفقهاء القدامى بعد عصر الأئمة لخمس المكاسب الذي هو عمدة الخمس اليوم، لكن مع هذا نحن اليوم نطبق ونأخذ من أموال الناس خمس المكاسب، يعني عملياً ألغينا الزكاة وأحيينا شرعة أخرى. الزكاة التي أمر بها الله أمتناها وأحيينا شرعة أخرى لم يأمر الله بها، نحن نستولي على أموال الناس بالباطل. ليس في أموال المكاسب من تجارة وزراعة وصناعة ووظائف خمس وانما فيها زكاة. لهذا فإن المتدينين المساكين يحبون طاعة الله ويخافون من الإثم فيحملون أموالهم ويدفعونها في الوقت الذي هذه الاموال غير مستحقة.
ليس في دين الله خمس مكاسب. علينا أن نعود إلى ما فرض الله ونقرأ نصوص الزكاة بدقة أكثر لكي نلتزم بها وندفع زكاة أموالنا التي لا ندفعها. وهذا أمر يحتاج إلى ان يعيد الفقهاء النظر به ويقرأوا ملياً القرآن الكريم وشرع الله بدقة متناهية بعيداً عن المصالح والمكاسب لأنني أعرف ان الحديث عن موضوع الخمس وعن انه يجب ألا يدفع المسلمون خمس مكاسبهم سيهز الحوزات والمؤسسات المالية الدينية هزاً عميقاً بل سيقوضها ولهذا سيحاول الكثيرون الدفاع عن وجهة نظرهم وقد يستخدمون أساليب غير لائقة، لكن هذه هي الحقيقة. ليس في شرع الله خمس المكاسب. واقول لهؤلاء بقليل من الحكمة يمكن ان نأخذ الزكاة الشرعية مكان خمس المكاسب غير الشرعي في مؤسساتكم .
يتبع

أضف تعليق