عروسنا الكويت لمن نَزفُّها..واشتم تكسب
د.عصام عبداللطيف الفليج
2012/02/02
مللنا المسرحيات المفبركة واستعراض العضلات الكلامية
كان اختيار يوم الخميس للانتخابات اختيارا موفقا، ففي هذا اليوم وهذه الليلة ترفع الأعمال، والله عز وجل ناظر الى عباده ما هم فاعلون.لذا نرى كثيرا من الناس اعتادوا صيام يوم الخميس، والصلاة على جنازة ومتابعتها حتى تدفن، وعيادة مريض، والتصدق، رغبة في الجنة (الحديث). واعتاد أهل الكويت قديما على اقامة الأعراس يوم الخميس ليلة الجمعة. واليوم هو عرس للديموقراطية الكويتية التي زاد خطابها على 300 مرشح، والمطلوب 50 عريسا فقط.
واعتاد أهل الكويت اذا جاء رجل يخطب ابنتهم ان يسألوا عنه بالتفصيل، خلقه ودينه ومسلكه وسمعته وأهله، ثم وضعه المالي، لأنهم سيسلمونه ابنتهم وهي مازالت أمانة عندهم.
وكذا الحال في الانتخابات..فالمرشح هو خاطب لك ولصوتك، فمن غير المقبول ان تعطي صوتك لمن لا يكون ذا سمعة طيبة، فان كنت تقبل ان يكون زوجا لابنتك أو أختك فلا تتردد بالتصويت له، وان كنت لا تقبل لسوء سمعة أو خيانة أمانة، فمن باب أولى ألا تقبل ان يكون وليا للكويت، فأمسك عليك صوتك واتق الله فيما أنت عليه قائم، لأن الأمانة هنا هي «الكويت» ولن نقبل ان نسلمها لمن ليس لها بأهل، أو نزفها لفاسق.
٭٭٭
مللنا من المسرحيات المفبركة واستعراض العضلات الكلامية والانحدار السريع في الخطاب الجماهيري والألفاظ السوقية التي لم نعهدها من أهل الكويت في الانتخابات لسنوات مضت، واستمراء مثل هذه الأساليب هو ترسيخ لهذه الثقافة، والديموقراطية والبرلمان بريئان منهما، انما هو سلوك مشين لا يقبله الأصحاء نفسيا الذين لا يعانون نقصا اجتماعيا.والخطر الأكبر هو انتقال هذه الثقافة الى الجيل الجديد.
نعم..اشتم البدو ترتفع أسهمك عند أصحاب عقدة داخل السور، اشتم الحضر ترتفع أسهمك عند البدو، احرق خيمتك ترتفع أسهمك عند المحايدين، اشتم التيار الاسلامي ترتفع أسهمك عند الليبراليين، اشتم حدس ترتفع أسهمك عند..، اشتم السنة ترتفع أسهمك عند الشيعة، اشتم الفرس ترتفع أسهمك عند العرب، افتعل أي تخريب من أي طرف ترتفع أسهمك عند الطرف الآخر، متناسين الحديث «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا بِاللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ».
ثم اكذب على الناس بالقسم المغلظ ترتفع أسهمك، وروج الاشاعات عن خصومك ترتفع أسهمك عند ربعك، وادع المظلومية كذبا ترتفع أسهمك عند ربعك، متناسين الحديث «كفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما سمع».
إذا كانت هذه الأحداث المفتعلة والأكاذيب والاشاعات وبذاءة اللسان والتفريق بين النسيج الاجتماعي ممن هم خارج المجلس، فما بالك لو وصلوا للمجلس؟! لن يحشموا كبيرا ولا صغيرا، ولا شيخاً ولا عالماً ولا رئيس مجلس، بل قد ينحدرون أكثر وأكثر تحت قبة البرلمان بحجة الحصانة «إن الشيطان يئس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم».
والعتب كل العتب على من يدعم هؤلاء الناس من الخلف ويحميهم، ويغدق عليهم الأموال، ويوفر لهم خبراء الشراء، ويجعل البلد يعيش في اضطراب مزمن، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه الى توحيد الصفوف أمام الأخطار المجاورة، بحجة الاتكاء على الحماية الأمريكية، متناسين كيف جاء احتلال 8/2 الذي سيطر فيه العراقيون على الكويت في أربع ساعات فقط !
فلو أنزلوا رجالا لهم احترامهم في المجتمع، لواجهوا المؤزمين والمعارضة والقبيضة بالعقل والحجة بالحجة، خصوصا مع توافر المعلومات والدراسات الكافية لدى من دعمهم، ولوجدت الناس يتعاطفون معهم، لكن سوء الاختيار جعل الناس بكافة أطيافهم يصطفون ضدهم في لحمة كويتية متجددة ضد الفساد الأخلاقي.
الكويت لا تحتمل كل ذلك التشرذم والتأزم والتراجع السلوكي والانحدار اللفظي، فلنعمل جميعاً على انقاذ الكويت من هؤلاء..من القبيضة، ومن مشروع المؤزمين، ومن المتمصلحين بالمناقصات على حساب الشعب الكويتي، ومن شراء الأصوات، ولتكن الانتخابات لنا عرسا بدل ان تكون لنا مأتما.
وأخيرا..استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، واستوصيكم بالكويت خيرا، فالله الله بالكويت..الله الله بالكويت..الله الله بالكويت.
د. عصام عبداللطيف الفليج
اترك تعليقًا