حكومتنا لم تقرأ المخطط الهيكلي!

حكومتنا لم تقرأ المخطط الهيكلي! 
 
كتب أحمد الديين

التهمة الثابتة على حكوماتنا المتعاقبة في السنوات الأخيرة أنّها عاجزة عن القراءة السياسية السليمة للأحداث والتطورات، وهذا ما أوقعها في مآزق عديدة… ولكن يبدو أنّ حكومتنا الحالية قررت أن تجلب على نفسها تهمة جديدة هي عدم قراءة الوثائق والتقارير والمخططات ومشروعات المراسيم، التي سبق لها أن أقرّتها من حيث المبدأ، وسبق للجهات المعنية أن بحثتها ودرستها واتخذت في شأنها قرارات محددة!
وأسوق هنا مثالاً ملموساً فاضحاً يكشف، مع الأسف، أنّ حكومتنا لم تقرأ وثائق المخطط الهيكلي الثالث لدولة الكويت، الذي يحدد الإطار العام للأهداف والسياسات العمرانية المستقبلية ورؤية الدولة وأهدافها وخططها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية على استعمالات الأراضي المختلفة خلال الفترة الممتدة حتى العام 2030، بل أنّ حكومتنا لم تقرأ حتى المذكرة الرئيسية لمشروع مرسوم هذا المخطط، التي سبق أن أعدتها الحكومة السابقة وأقرتها في العام الماضي!
فقد نشرت جريدة «أوان» في عددها الصادر يوم أمس خبراً وثّقته بمحضر عن اجتماع وزير المواصلات المهندس عبدالرحمن الغنيم مع مجلس إدارة مؤسسة الخطوط الكويتية أثار فيه الوزير فكرة نقل مطار الكويت الدولي إلى موقع آخر، وقد عزز الوزير اقتراحه وفق المحضر بما قاله له النائب عبدالعزيز الشايجي العضو السابق في المجلس البلدي من أنّ أرض المطار الحالي تساوي أكثر من مليار دينار ويمكن تخطيط هذا المبلغ لبناء مطار خارج المنطقة السكنية!
ولكن المفارقة أنّه بينما يقترح الوزير نقل موقع المطار إلى مكان آخر، نجد أن المذكرة الرئيسية لمشروع مرسوم المخطط الهيكلي الثالث للدولة في الصفحة 85 منها تشير بوضوح لا لبس فيه إلى أنّ المخطط الهيكلي قد أوصى بتوسعة المطار الدولي الحالي وفق الدراسات التفصيلية المقدمة من هيئة الطيران المدني لتصل القدرة الاستيعابية للمطار بعد التوسعة وإجراء التحسينات المقترحة إلى حوالي 55 مليون راكب سنوياً بالإضافة إلى خدمات الشحن لحوالي 300 ألف طن سنوياً… ولا يشير المخطط الهيكلي من قريب أو بعيد إلى نقل مطار الكويت الدولي إلى موقع آخر، بل يخطط لتوسعته، وغير ذلك يوصي بحجز موقع في منطقة الشمال على طريق العبدلي لإقامة مطار آخر رديف، ودراسة موقع لمطار دولي جديد إضافي ثالث وليس بديلاً للمطار الدولي الحالي في المنطقة الجنوبية من البلاد!
ومع ذلك كله، ها هو وزير المواصلات يتجاهل المخطط الهيكلي الثالث للدولة، الذي يفترض أن تلتزم الحكومة به في اقتراح استعمالاتها للأراضي وعند اقتراح إنشاء مرافق عامة جديدة، ويقترح من عندياته نقل المطار من موقعه الحالي إلى موقع بديل، بينما المخطط الهيكلي للدولة مبني على أساس توسعة المطار الحالي وليس نقله.
 وهنا فإما أن يكون وزير المواصلات المهندس عبدالرحمن الغنيم لم يقرأ المخطط الهيكلي الثالث للدولة، ولا علم له به، أو أنّه قرأه ولكنه لا يرى ضرورة الالتزام به، فيقترح موقعاً بديلاً للمطار الدولي، خصوصاً أنّ معالي الوزير لديه تاريخ شخصي حافل في اقتراح نقل المشروعات الكبرى من مواقعها المحددة إلى مواقع أخرى بديلة!

أضف تعليق