مناطق الصناعات التقنية أداة فعالة في التنمية الاقتصادية المستدامة

مناطق الصناعات التقنية

أداة فعالة في التنمية الاقتصادية المستدامة

 10 شـــوال 1426هـ

12 نوفمبر 2005م

 

فهرس المحتويات
 
الصفحة الموضوع
   
6 ملخص تنفيذي ……………………………………………………………
8 الفصل الأول: مقدمة  ……………………………………………………..
10 الفصل الثــــــــــاني: تعريف مناطق الصناعات التقنية ……………………..
15 الفصل الثــــــــالث: دور الصناعات التقنية في التنمية الاقتصادية ………..
31 الفصل الرابع: تجارب دول العينة العشر في إنشاء مناطق الصناعات التقنية …………………………………………………
57 الفصل الخامس: دور مناطق الصناعات التقنية في التنمية المستدامة……
65 الفصل السادس: التجربة المحلية في إنشاء صناعة البتروكيماويات والمناطق الصناعية الرئيسة لها……………………….
76 الفصل السابع: الاستنتاجات والتوصيات …………………………………
84 المراجع ……………………………………………………………………..
87 الملاحق ……………………………………………………………………..
   
فهرس الجداول
الصفحة الجدول
16 جدول (1): التصدير العالمي للمنتجات حسب مستواها بين 1985م-2000م ………….
21 جدول (2): مؤشرات اقتصادية مختارة لدول العينة ……………………………………..
21 جدول (3): مقارنة التنافسية العالمية لدول العينة ……………………………………….
61 جدول (4): عدد مناطق الصناعات التقنية والشركات المستوطنة فيها وعدد موظفي هذه الشركات وذلك لعام 2002م …………………………………………..
   

فهرس الأشكال
الصفحة الشكل
16 الشكل رقم (1): نمو التصدير العالمي للمنتجات المصنعة حسب مستواها …………………………
17 الشكل رقم (2): حجم الصادرات للمنتجات المتوسطة والعالية التقنية من بعض الدول النامية …….
18 الشكل رقم (3): التركيز التقني في بعض الدول ………………………………………………………
19 الشكل رقم (4): الوضع التقني في بعض الدول …………………………………………………………
20 الشكل رقم (5): استيعابية الإنتاج المستقبلية للصناعات العالية التقنية …………………………….
23 الشكل رقم (6): الصادرات العالية التقنية لعينة الدول الآسيوية (% من إجمالي المنتجات المصدرة) …
23 الشكل رقم (7): الصادرات العالية التقنية لعينة الدول اللاتينية (% من إجمالي المنتجات المصدرة) …
24 الشكل رقم (8): الصادرات العالية التقنية لعينة الدول الأوروبية (% من إجمالي المنتجات المصدرة) …
24 الشكل رقم (9): القيمة الإنتاجية المضافة لعينة الدول الآسيوية (% من الدخل القومي) …………..
25 الشكل رقم (10): القيمة الإنتاجية المضافة لعينة الدول اللاتينية (% من الدخل القومي) …………..
25 الشكل رقم (11): القيمة الإنتاجية المضافة لعينة الدول الأوروبية (% من الدخل القومي) …………..
26 الشكل رقم (12): الصادرات العالية التقنية: مقارنة السعودية والإمارات مع دول العالم……………..
26 الشكل رقم (13): القيمة الإنتاجية المضافة: مقارنة بين ماليزيا والسعودية (القيمة الحالية $) …….
27 الشكل رقم (14): روح المبادرة في الدول العينة (مقارنة مع اليابان) ……………………………………
27 الشكل رقم (15): تطوير وتطبيق التقنية في الدول العينة …………………………………………….
   
بسم الله الرحمن الرحيم

 

ملخص تنفيذي

إن الغرض الرئيس من إنشاء مناطق الصناعات التقنية هو توفير البنية التحتية والخدمات المتقدمة اللازمة لتكوين تكتلات صناعية وبيئة أعمال اقتصادية مترابطة ومتكاملة تساعد في تنمية صناعات تقنية (متوسطة وعالية) ذات أبعاد إستراتيجية للتنمية المستدامة (بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية). وقد أثبتت مناطق الصناعات التقنية نجاحها حول العالم كبيئة محفزة لها دور مهم في بناء ميزة تنافسية عالمية متقدمة ساهمت بفعالية في تنمية مستدامة للأقاليم والدول الصناعية والعديد من الدول شبه الصناعية والدول النامية (المتميزة بنجاحها الاقتصادي) حول العالم التي أنشئت فيها هذه المناطق.

يتمحور موضوع الدراسة حول مناطق الصناعات التقنية التي هي جزء لا يتجزأ من منظومة وطنية للابتكار والتنمية المستدامة. ولذا فحين تقرر أي دولة أن ترتقي بمستوى اقتصادها الوطني من خلال الصناعات التقنية، يصبح موضوع إنشاء مناطق للصناعات التقنية أمراً واضح الأهداف. فمناطق الصناعات التقنية تعتبر المكان الذي يتوفر فيه البنية التحتية والخدمات المساندة والدعم والحوافز التي تُفَعِّل تكوين التكتلات الصناعية التقنية, والتي بدورها تؤثر على زيادة صادرات المنتجات التقنية (المتوسطة والعالية) وترفع من مستوى الإنتاجية والقيمة المضافة وعدد الوظائف العالية الأجر والتنافسية العالمية المتقدمة، وكل هذا يؤدي في نهاية الأمر إلى زيادة الناتج الإجمالي (باستمرار ودون انقطاع)، وبالتالي إلى التنمية الاقتصادية المستدامة.

وتعتبر المملكة العربية السعودية من الدول القليلة في العالم التي لم تتوسع في إنشاء مناطق صناعات تقنية. وتشير الدراسة إلى أن السبب الرئيس في ذلك هو عدم وجود استيعاب كامل لمفهوم وفوائد هذه المناطق سواء على مستوى القطاع العام أو الخاص، مما أدى إلى عدم التوسع في الاستثمار في إنشائها في الماضي، وربما سيؤدي ذلك مستقبلاً إلى بطء إنشائها وعدم التوسع في الاستثمار فيها وإنشائها حتى بوجود تنظيم لها.

وتهدف هذه الدراسة إلى تقديم شرح متعمق لمفهوم مناطق الصناعات التقنية وأهدافها ودورها في التنمية الاقتصادية المستدامة, بالإضافة إلى عرض التجارب الدولية، إلى جانب  اقتراح السبل المثلى لإنشائها في المملكة، لمحاولة إقناع القطاعين العام والخاص بضرورة الاستثمار في إنشاء ودعم هذه المناطق التي أثبتت جدواها وفعاليتها في التنمية الاقتصادية المستدامة للأقاليم والدول التي أنشئت فيها حول العالم. 

وقد اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الاقتصادي الوصفي التحليلي المدعم بالبيانات الإحصائية المستقاة من مصادر المعلومات الدولية المنشورة. وقدمت الدراسة وصفاً وتحليلاًً اقتصادياً لأهمية الصناعات التقنية في بناء التنافسية العالمية والتنمية الاقتصادية المستدامة في الدول الصناعية والعديد من الدول شبه الصناعية والدول النامية (المتميزة بنجاحها الاقتصادي) على حد سواء.  كما اعتمدت الدراسة في تحليلها على العديد من المؤشرات الاقتصادية ذات العلاقة بأبعاد التنمية المستدامة والتي تم الحصول عليها من قواعد معلومات البنك الدولي،  والمنظمات التابعة للأمم المتحدة،  والمعهد الدولي للتطوير الإداري (IMD) بالإضافة إلى عدة دراسات اقتصادية متخصصة.

واحتوت الدراسة على تحليل لتجارب عشر دول نجحت في تنمية اقتصادها وزيادة تنافسيتها العالمية من خلال الصناعات التقنية. كما تم عرض تجارب تلك الدول في إنشاء مناطق للصناعات التقنية فيها.

وركزت الدراسة على توضيح أهمية مناطق الصناعات التقنية كبنية تحتية وبيئة محفزة ساعدت في النهوض بمستوى الصناعات التقنية والاقتصاد الوطني في الدول والأقاليم التي أنشئت فيها هذه المناطق.

وحرصت الدراسة على عرض التجربة المحلية للملكة العربية السعودية في إنشاء صناعة البتروكيماويات والتي بدأت بقرار سياسي حكيم تلاه إنشاء البنية التحتية (المدن الصناعية في الجبيل وينبع التابعة للهيئة الملكية للجبيل وينبع) بالتزامن مع إنشاء شركة سابك. وتمثل هذه التجربة نموذجاً وطنياً وتجربة ناجحة بالإمكان تكرارها بهدف تبني صناعات تقنية عديدة، وإنشاء مناطق الصناعات التقنية اللازمة لها في المملكة. 

ومن خلال التحليل الوصفي والاقتصادي الذي تم استعراضه في الفصول المختلفة من هذه الدراسة تم استنتاج التالي:

1-إن الدول النامية  والدول شبه الصناعية التي نجحت في تنمية اقتصادها وزيادة تنافسيتها العالمية يعتمد اقتصادها حالياً ( بدرجة كبيرة ) على الصناعات التقنية.

2-جميع هذه الدول الناجحة لم تكن تنافس في الصناعات التقنية إلا بعد تفعيل سياسات واستراتيجيات محفزة من خلال مبادرات قوية مدعومة. علما أن بداية تفعيل هذه الاستراتيجيات تتفاوت من دولة لأخرى (انظر الملحق- 2).

3-أنشئت مناطق الصناعات التقنية في جميع هذه الدول في  الفترة نفسها التي فعِّلت فيها المبادرات لتساهم في إيجاد البنية التحتية المحفزة للصناعات التقنية.

4-مناطق الصناعات التقنية تساهم بطريقة مباشرة في جميع أبعاد التنمية المستدامة ( الاقتصادية والاجتماعية والبيئية )، كما أنها تساهم في توجيه النمو الحضري والعمراني ( والسكاني ) إلى مناطق حضرية جديدة مع تخفيف الضغط عن المدن الكبرى القائمة.

5-لدى المملكة العربية السعودية تجربة سابقة ناجحة جداً في تبني صناعة جديدة، وهي البتروكيماويات، بالإضافة إلى إنشاء المناطق الصناعية الخاصة بها، والمتمثلة في المدن الصناعية في الجبيل وينبع، مما يوفر خبرة مناسبة لتبني صناعات تقنية جديدة وإنشاء مناطق الصناعات التقنية الخاصة بها في مختلف مناطق المملكة.

وتتلخص توصيات الدراسة فيما يلي:

1- تبنى صناعات تقنية عديدة ملائمة لمختلف مناطق المملكة واعتماد إنشاء مناطق الصناعات التقنية المخصصة لها.

2- توفير حوافز اقتصادية للصناعات التقنية ومناطق الصناعات التقنية.

3- توحيد الجهود وتكثيفها وتنسيقها بين الأطراف ذات العلاقة من خلال جهة تنفيذية واحدة مدعمة بالصلاحيات والأنظمة والتشريعات والإمكانيات البشرية والمتطلبات المادية (منذ البداية وباستمرار).

وقدمت الدراسة في آخر جزء منها آليات وتفاصيل وضع التوصيات موضع التنفيذ كما تم اقتراح خصوصيات أول ثلاثة مناطق صناعات تقنية بالمملكة.

 

الفصل الأول : مقدمة

أثبتت مناطق الصناعات التقنية نجاحها كبيئة محفزة للارتقاء بالمستوى الصناعي وبناء المقدرة الصناعية ولتسريع عملية نقل التقنية المرتبطة بالصناعات التقنية (المتوسطة والعالية)، كما كان لها دور رئيس في بناء تكتلات لصناعات تقنية ذات ميزة تنافسية عالمية متقدمة ساهمت في تنمية اقتصادية مستدامة للأقاليم والدول الصناعية والعديد من الدول شبه الصناعية والدول النامية (المتميزة بنجاحها الاقتصادي) حول العالم التي أنشئت فيها هذه المناطق.

ولقد انتشرت مناطق الصناعات التقنية منذ الخمسينات الميلادية في  دول العالم كافة (ابتداءً من الولايات المتحدة) كبيئة تنمو فيها الصناعات التقنية ذات القيمة المضافة العالية.

لأهمية دور مناطق الصناعات التقنية كأداة فعالة في التنمية الاقتصادية المستدامة تبنى منتدى الرياض الاقتصادي الثاني هذه الدراسة.

ويقدم هذا الفصل مبررات الدراسة وأهدافها ومنهجية إعدادها وطريقة تنظيمها. 

1-1. مبررات الدراسة وأهدافها

تعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من الدول القليلة في العالم التي لم تنتشر فيها مناطق مخصصة للصناعات التقنية.

وبالرغم من إنشاء  الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية في عام 2001م للإشراف على تنظيم عملية تطوير وتشغيل مدن صناعية ومناطق تقنية عن طريق القطاع الخاص بنظام البناء-التشغيل-الإعادة،  إلا أن موضوع إنشاء مناطق للصناعات التقنية سيتطلب آليات دعم وتحفيزاً أكثر فعالية من مجرد تنظيم حكومي.

يتمثل الموضوع الرئيسي الذي تعالجه هذه الدراسة هو عدم وجود استيعاب كامل لمفهوم وفوائد مناطق الصناعات التقنية،  سواء على مستوى القطاع العام أو الخاص، مما سيؤدي إلى بطء عملية إنشائها والاستثمار في إنشائها حتى بوجود تنظيم لها.

في ظل هذه المعطيات تهدف هذه الدراسة إلى تقديم شرح وتحليل متعمقين لمفهوم مناطق الصناعات التقنية وأهدافها ودورها في التنمية الاقتصادية المستدامة بالإضافة إلى سرد التجارب الدولية واقتراح السبل المثلى لإنشائها في المملكة لمحاولة إقناع القطاعين العام والخاص بضرورة الاستثمار في إنشاء ودعم هذه المناطق الاقتصادية التي أثبتت جدواها وفعاليتها في التنمية الاقتصادية المستدامة للدول والأقاليم التي أنشئت فيها حول العالم. 

1-2. منهجية الدراسة

اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الاقتصادي الوصفي التحليلي المدعم بالبيانات الإحصائية المستقاة من مصادر المعلومات الدولية المنشورة. وقدمت الدراسة وصفاً وتحليلاً اقتصادياً لأهمية الصناعات التقنية في بناء التنافسية العالمية والتنمية الاقتصادية المستدامة في العديد من الدول الصناعية   وشبه الصناعية والنامية (المتميزة بنجاحها الاقتصادي) على حد سواء.

ركزت الدراسة على توضيح أهمية مناطق الصناعات التقنية كبنية تحتية وبيئة محفزة ساعدت في النهوض بمستوى الصناعات التقنية والاقتصاد الوطني في هذه الدول.

اعتمدت الدراسة في تحليلها على المؤشرات الاقتصادية ذات العلاقة بأبعاد التنمية المستدامة والتي تم جمعها أو اقتناؤها من قواعد معلومات البنك الدولي،  والمنظمات التابعة للأمم المتحدة،  والمعهد الدولي للتطوير الإداري (IMD)،  بالإضافة إلى عدة دراسات اقتصادية متخصصة.

1-3. تنظيم الدراسة

تشتمل هذه الدراسة على سبعة فصول:

الفصل الأول: هو هذه المقدمة،
الفصل الثاني يحتوي على: شرح مفصل عن مفهوم مناطق الصناعات التقنية وأنماطها وتعاريفها.
الفصل الثالث: يقدم شرحاً عن الصناعات التقنية وعلاقتها بالتنمية الاقتصادية المستدامة والزيادة في التنافسية العالمية التي حققتها عشر من الدول شبه الصناعية والدول النامية (المعروفة بنجاحها الاقتصادي المتميز) وذلك باعتمادها على الصناعات التقنية، هذه الدول العينة يمكن الاقتباس من تجاربها في هذا المجال والاستفادة منها.
الفصل الرابع:  يحتوي على تجارب دول العينة العشر في إنشاء مناطق الصناعات التقنية،  ويوفر ملخصاً لذلك، كما يقترح كيفية استفادة المملكة من تجارب هذه الدول في هذا المجال.
الفصل الخامس: يقدم تحليل للدور الذي لعبته مناطق الصناعات التقنية في التنمية الاقتصادية المستدامة، ومدى تأثيرها الاقتصادي على الأقاليم والدول التي أنشئت فيها.
الفصل السادس: يعرض التجربة المحلية في إنشاء صناعة البتروكيماويات (شركة سابك) والمناطق الصناعية الرئيسة لها (مدينتي الجبيل وينبع الصناعية التابعة للهيئة الملكية للجبيل وينبع)، والتي تمثل نموذجاً وطنياً وتجربة ناجحة في الإمكان تكرارها بهدف تبني  صناعات تقنية جديدة وإنشاء  مناطق  الصناعات التقنية اللازمة لها في المملكة.
الفصل السابع: يقدم استنتاجات هذه الدراسة وتوصياتها وتصوراً لما يجب عمله في المملكة, حتى يمكن لمناطق الصناعات التقنية المشاركة بفاعلية في التنمية الاقتصادية المستدامة.
 
 
 

الفصل الثاني : تعريف مناطق الصناعات التقنية 

استمر النمو الاقتصادي لمعظم الدول الصناعية الكبرى في العقود الأخيرة من القرن الماضي من خلال تخطيط استراتيجي طويل المدى باستخدام تدفقاتها المعرفية ومنجزاتها وتطبيقاتها لبناء صناعات تقنية ذات قيمة مضافة عالية ساهمت بطريقة مباشرة في تحويل مجمل النشاط الاقتصادي إلى منظومة ضخمة للصناعات المعرفية باعتبارها المحور الرئيس لزيادة القيمة المضافة وتعزيز قدرتها التنافسية في العالم.  إن أنجح الوسائل لبناء هذه المقدرات الصناعية هو التخطيط السليم، ووجود قناعة حقيقية تفضي إلى تبني  صانعي القرار- في الحكومة والشركات والمؤسسات الوطنية – الدخول في مجال الصناعات التقنية والالتزام به، باعتباره   أفضل الخيارات الاستراتيجية للتنمية المستدامة في ظل العولمة وتحدياتها. 

إن نجاح الصناعات التقنية يتطلب تكوين بيئة معينة يترابط من خلالها الإنتاج، والبحث، والتطوير، وتأسيس الشركات، وتمويل المنتجات وإنتاجها  وتسويقها، والخدمات وتكون في مكان واحد. وتتكون هذه البيئة من بنية تحتية حديثة وخدمات متقدمة في الإمكان تجسيدها في إطار عـمـرانـي مـتـفـاعـل صـنـاعـيـاً وعـلـمـيـاً و تـجـاريـاً بـمـا يـسـمـى بـمـنـاطـق الـصـنـاعـات الـتـقـنـيـة(Sanz,1998) (Yoshizawa,1995) (IASP,2002) (Petree,2002)
 

2-1. تعاريف

لقد عرَّفت الرابطة العالمية لمجمعات العلوم (International Association of Science Parks) منطقة (مجمع) التقنية (والعلوم) (IASP 2000) بمنظومة يديرها متخصصون أكفاء غايتهم الرئيسة هي زيادة ثروة المجتمع من خلال تعزيز ثقافة الابتكار والتنافسية لمنشآت الأعمال المبنية على المعرفة والتقنية. ومن أجل تحقيق الغايات المنشودة تعمل المنطقة (المجمع) على : 1- تحفيز وإدارة تدفق المعرفة والتقنية بين الجامعات ومعاهد البحوث والشركات والأسواق، 2- تيسير تكوين ونمو المنشآت الاقتصادية المبنية على الابتكار من خلال آليات التحضين1 (incubation) والانبثاق2 من الشركة الأم (spin-off)،  3- توفير مساحات وتجهيزات عالية الجودة بالإضافة إلى خدمات ذات قيمة مضافة.

ويوجد حول العالم أنماط ومسميات مختلفة لمناطق (ومجمعات) التقنية (والعلوم) ومنها: حدائق التقنية،  مجمعات العلوم،  مجمعات الأبحاث،  مراكز الابتكار،  واحات المعرفة،  التكتلات التقنية،  وقرى المعرفة وتوجد في جميع مناطق (مجمعات) التقنية (والعلوم) مراكز أبحاث ومعامل ومنشآت تعليمية وخدمات مركزية وحاضنات الأعمال والعديد من الحوافز الاقتصادية والتسهيلات وقنوات الدعم. 

ولغرض هذه الدراسة فإن “مناطق الصناعات التقنية” ينطبق بالتحديد على المناطق (المجمعات) التقنية (والعلوم) التي تكون مهيأة لاستقطاب الصناعات التقنية.  وعادة ما تحفز مناطق الصناعات التقنية تكتل صناعات وأنشطة تقنية تكون مربوطة ضمن سلسة إمدادات (supply chain) عالمية للمنتجات التقنية.  ويتمثل الاختلاف الجوهري بين مناطق الصناعات التقنية والأنماط المختلفة من مناطق (مجمعات) التقنية (والعلوم) في تركيزها على الإنتاج والصناعة وليس فقط على البحث والتطوير والأعمال والتعليم. بمعنى آخر تعتبر مناطق الصناعات التقنية مناطق مخصصة للمنشآت التي تنتج منتجات (متوسطة أو عالية) التقنية أو تقدم خدمات مبتكرة. وستقوم هذه الورقة بالتركيز على مناطق الصناعات التقنية نظرا لفعاليتها وملاءمتها للاقتصاد السعودي، لتعزيز جهودها للحاق بالدول الصناعية أسوة بالدول شبه الصناعية والدول النامية المتميزة بنجاحها الاقتصادي والتي تبنت إنشاء مناطق صناعية تقنية فيها كأحد المقومات الأساسية لهذا النجاح. 

ويمكن القول بصفة عامة أن مناطق الصناعات التقنية هي تلك التي تمتلك المقومات التالية:

مهيأة لاستقطاب المصانع (المتوسطة أو العالية) التقنية واجتذاب الاستثمارات المحلية والأجنبية المرتبطة بها،
معدَّة لتشجيع إنشاء وتنمية صناعات وتقديم خدمات مبنية على المعرفة والتقنية (بدلا من الاعتماد شبه الكلي على الموارد الطبيعية) .
تنتج منتجات وتقدم خدمات ذات قيمة مضافة عالية (مقارنة بالصناعات التقليدية المعتمدة على الموارد الطبيعية بصفة أساسية).
تحفز التواصل العلمي مع الجامعات و/أو مراكز البحث و/أو المعاهد التعليمية العالية الأخرى.
مدارة بفريق إداري متمكن يشارك بفاعلية في نقل التقنية ومهارات العمل إلى المؤسسات المقيمة في المنطقة.
ويلاحظ أن العديد من الدراسات الاقتصادية – خصوصاً دراسات الاقتصادي مايكل بورتر- تركز على ما يسمى بالتكتلات أو التجمعات (Clusters)الصناعية التقنية. وتعرف منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي (OECD) التكتلات أو التجمعات التقنية بالآتي: التجمعات هي روابط بين منشآت صناعية وعلمية وبحثية وخدمية واستشارية تعتمد على بعضها البعض وموصولة بالسوق وتكون مربوطة بحلقات إمداد تخلق قيمة مضافة. ولا يوجد اختلاف بين مجمعات الصناعات التقنية وبين مناطق الصناعات التقنية من حيث الغرض ويمكن اعتبار أن لهما الغرض نفسه. ويكمن الفرق بين مجمعات الصناعات التقنية وبين مناطق الصناعات التقنية في أن مجمعات الصناعات التقنية ليست محاطة بحدود وعادة ما تتطور طبيعيا إذا ما وجدت البيئة المناسبة لها، أما مناطق الصناعات التقنية فهي محاطة بحدود.   

عالمياً هناك أكثر من 1200 منطقة (مجمع) صناعات تقنية،  أنشئ أغلبها في الولايات المتحدة الأمريكية وشمال أوروبا واليابان. وقد نبعت فكرة مناطق الصناعات التقنية في العقد الأول من خمسينات القرن الماضي 1950 م  في بولي آلتو بولاية كاليفورنيا (Silicon Valley) عندما تبين لمدير جامعة ستانفورد ضرورة وجود المرافق الصناعية والخدمية والتجارية بالقرب من مراكز الأبحاث بالجامعة لربط مخرجات البحث والتطوير الجامعية بالنشاطات الاقتصادية ولتسريع عملية نقل المعرفة والتقنية. وقامت في الستينات والسبعينات الميلادية عدة مناطق صناعية تقنية أخرى أنشئت (بنفس هذا المفهوم) في أماكن بين الجامعات البحثية الكبرى مثل: مجمع الأبحاث الثلاثي (Research Triangle Park) الذي يقع بين اكبر ثلاث جامعات في ولاية كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية. أما طريق 128       (Root 128) فهو مجمع صناعي تقني يقع بين أكبر جامعتين في ولاية ماستيوستس. وفي أوروبا نجد مجمع سوفيا انتبليز (Sophia Antipolis Science Park) الصناعي التقني في جنوب فرنسا.  

  ومنذ ذلك الوقت تبلورت فكرة مناطق الصناعات التقنية وبدأت تستحوذ على اهتمام المشرعين والحكومات لأنها أثبتت نجاحها كمشاريع تنموية تخدم تكوين تكتلات صناعية تقنية (علمية) حديثة مبنية على المعرفة والابتكار، وتساهم في تنمية اقتصاد الإقليم الذي توجد فيه بصفة مستدامة. وتعتبر مناطق الصناعات التقنية حاليا من أنجح وسائل التنمية التي تُفَعِّل تكاتف المثلث المعروف بـ (الحكومة-الجامعات-الصناعة) وتقوم الشراكة بين الحكومة والجامعات والصناعة على أسس التعاون في كل ما يخدم إنجاح هذه البيئة المحفزة للصناعات التقنية سواء في مجال التخطيط الاستراتيجي أو التسهيلات والدعم أو الالتزامات. 

ولا يقتصر إنشاء مناطق الصناعات التقنية على الدول الصناعية فقط ، إذ أن العديد من الدول شبه الصناعية والدول النامية المتميزة بنجاحها الاقتصادي قامت بتنفيذ نقلة استراتيجية ناجحة فيما يتعلق بمستويات التقنية التي تخص صناعاتها. وقامت العديد من هذه الدول مثل الصين، ماليزيا، الهند، البرازيل،  تركيا، ايرلندا، وسنغافورة بالاعتماد على ميزاتها النسبية (الموارد والإمكانيات) لصياغة رؤية واضحة تبين خطة للانتقال الاستراتيجي من اقتصاد يعتمد على الموارد الطبيعية أو الزراعة إلى الاقتصاد المعرفي عن طريق إنتاج منتجات وتقديم خدمات تقنية ذات قيمة مضافة عالية بدلاً من المنتجات والخدمات ذات القيمة المضافة المتدنية، وقد أنجزت تلك الدول ذلك من خلال تنفيذ نظام علمي وتقني قومي متكامل يشمل مناطق صناعات تقنية مدعومة من هذه الدولة وتوفُّر حوافز اقتصادية عديدة للمنشآت التي تقطنها.

2-2. أهداف مناطق الصناعات التقنية حول العالم

غالبا ما تخدم أهداف مناطق الصناعات التقنية أغراضاً معينة تحددها الجهة الرئيسة المنشئة لها والتي منها:

1-المساعدة في إنشاء مشاريع إنتاجية صغيرة ومتوسطة ذات تقنية (متوسطة أو عالية) تمهيدا لأن يصبح بعضها مشاريع كبيرة.

2-المساعدة في إعادة الهيكلة الاقتصادية في الإقليم (باعتمادها على المعرفة بدلا من المواد الطبيعية).

توجيه الاقتصاد الوطني لتبني صناعات وتقنيات معينة ذات أهمية إستراتيجية أو ميزات تنافسية أو نسبية تساهم في النمو الاقتصادي.
توجيه النمو الحضري والعمراني (والسكاني) إلى مناطق حضرية جديدة توفر العمل والعيش الكريم،  والاستفادة منها كأداة لتخفيف الضغط عن المدن الكبرى القائمة.
5- نقل التقنية.

6-استحداث وظائف (ذات رواتب ومخصصات عالية).

7-استقطاب مشاريع صناعية ذات تقنية (متوسطة أو عالية) لشركات عالمية كبرى (مع اجتذاب ما يرتبط بذلك من استثمارات محلية وأجنبية).

  فالجامعات -على سبيل المثال- عادة ما تهتم بنقل التقنية من الجامعة واستغلال مخرجات أبحاثها تجارياً بالإضافة إلى توظيف وتدريب الطلبة والاستفادة من أساتذة الجامعة في مشاريع الأبحاث والتطوير في المنطقة، وهذه الأهداف تختلف عن أهداف حكومة منطقة معينة والتي قد تتمثل في تنمية اقتصاد المنطقة وجذب الاستثمارات والوظائف إليها، ولذلك فإنه من الضروري أن تقوم كل جهة تدرس إنشاء منطقة صناعات تقنية بتحديد الغرض منها قبل الخوض في تفاصيل إنشائها حيث أن الغرض من إنشاء المنطقة الصناعية التقنية يؤثر بطريقة مباشرة في تصميمها وحجمها وطريقة إدارتها وفي أسلوب تمويل تطويرها وتشغيلها لاحقا (Matkin 1990).  

ومن خلال التجارب العالمية والخبرة المتراكمة في هذا المجال سعت العديد من الدول شبه الصناعية والدول النامية المتميزة بنجاحها الاقتصادي التي دخلت في هذا المجال حديثاً مثل الصين والهند وسنغافورة إلى إنشاء مناطق صناعات تقنية،  والغرض منها هو توفير البنية التحتية وما يلزم من خدمات للصناعات التقنية، وتعتبر مناطق الصناعات التقنية من أفضل الأنماط التي تستخدم عندما تكون الجهة المسئولة عن إنشائها هي الدولة، أو جهة عامة تعمل على المستوى الوطني،  وليس على مستوى إقليم أو جامعة،  كما يعتبر هذا النمط مناسباً عندما يكون هناك توجه قومي قوي للتحول إلى الصناعات التقنية ذات القيمة المضافة العالية. 

وهناك عدة عوامل مشتركة توجد في جميع مناطق الصناعات التقنية وهي:

يتطلب تجهيزها بنى أساسية إضافية.
تعتبر مناطق مميزة اقتصادياً (Special Economic Zones)،
تعتبر مناطق ذات بيئة عالية الجودة خالية من الملوثات الصناعية المرتبطة بالصناعات التقليدية،
يتزايد اعتماد معظم الصناعات القاطنة فيها على المعرفة والبحث والتطوير (صناعات تقنية)،
يشتمل الكثير منها على سكن وحاضنات أعمال وشركات خدمية ومؤسسات تعليمية وتدريبية (بما فيها الجامعات والكليات) المرتبطة بالصناعات/التقنيات ذات العلاقة المباشرة بالمنطقة،
تعتبر أغلب الشركات القاطنة بها صغيرة أو متوسطة (بعضها قابلة للنمو لتصبح شركات كبرى).
 

2-3. الغرض من مناطق الصناعات التقنية في المملكة

إن استمرار اعتماد المملكة على مواردها الطبيعية مثل البترول والمعادن وتركيزها على صناعة البتروكيماويات الأساسية ساهم في إهمال مجال الصناعات التقنية، وقد أدى عدم وجود البنية التحتية والخدمات اللازمة للصناعات التقنية في المملكة إلى تقليص وجود تلك الصناعات محليا، وما يوجد الآن هو صناعات تحويلية لمنتجات تقليدية أو أساسية تفي بغرض استبدال المنتج المستورد، وتمثل صناعات شركة سابك البتروكيماوية أكبر صناعة في المملكة ولكنها لا تعتبر صناعة (متوسطة أو عالية) التقنية اليوم لأنها تنتج كيماويات أساسية وبينية ذات قيمة مضافة متدنية تعتمد على غاز التلقيم الرخيص والذي تعتمد عليه لتتمكن من المنافسة في السوق المحلية والعالمية بأسعار رخيصة نسبيا، وتصدَّر هذه المنتجات الأساسية إلى الدول الصناعية الأخرى لتقوم الأخيرة بتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية تعود إلى السوق السعودي وقد زادت أسعارها أضعافاً كثيرة.

وبناء على جميع المؤشرات القياسية العالمية للعلوم والتقنية، فإنه يوجد ضعف شديد سواء في الوعي أو المقدرة على البحث والتطوير في صناعات المملكة ومراكز أبحاثها، كما انه لا توجد آلية فاعلة لربط البحث والتطوير العلمي بالاحتياجات الصناعية في المملكة. وبالرغم من وجود عدد من الشركات والمصانع التي تنتج وتقدم منتجات وخدمات قد توصف بالتقنية ، إلا أن هذه المنشآت لا تعتبر في حد ذاتها من منشآت الصناعات (المتوسطة أو العالية) التقنية، حيث أنها ليست مكملة لبعضها البعض ضمن سلسلة القيمة المضافة، ولا تقوم بعمل أبحاث وتطوير أو توطين واستنباط المعرفة التقنية. ولهذا لا تنبثق من هذه الصناعات أي منتجات تقنية (متوسطة أو عالية) أو خدمات مبتكرة أو منشآت معرفية وطنية جديدة.

إن الغرض الرئيس من إنشاء مناطق الصناعات التقنية هو توفير البنية التحتية والخدمات الحديثة المناسبة لتكوين تكتلات صناعية وبيئة أعمال اقتصادية-علمية مترابطة ومتكاملة، تخدم في تنمية صناعات تقنية (متوسطة أو عالية) ذات أبعاد استراتيجية للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة. وتعنى مناطق الصناعات التقنية المنشودة في المملكة في المقام الأول بالمنتجات (المتوسطة أو العالية) التقنية والخدمات المبتكرة القائمة على أسس تجارية، ومدعمة بمراكز الأبحاث والحاضنات والمرافق الأخرى المطلوبة (مثل الجامعات والكليات والمعاهد المتخصصة وبرامج تشجيع مبادرات الأعمال، ومكتبات ومراكز معلومات وقاعات محاضرات ووحدات سكنية ومنشآت تجارية وترفيهية … الخ). 

وتتلخص الدوافع لإنشاء مناطق الصناعات التقنية في المملكة في الآتي:

1. تنويع مصادر الدخل الوطني والقاعدة الاقتصادية، والمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني.

2. تنمية صناعات استراتيجية وحيوية جديدة وإيجاد منشآت صناعية محلية (وطنية وأجنبية) تنتج منتجات وخدمات مبنية على المعرفة وذات قيمة مضافة عالية تنافس على المستوى العالمي.

3. استقطاب المصانع (المتوسطة أو العالية) التقنية ومقدمي الخدمات المبتكرة المبنية على المعرفة مع اجتذاب الاستثمارات (المحلية والأجنبية) المرتبطة بها.

4. توفير وظائف جديدة عالية الأجر للمواطنين.

توجيه النمو الحضري والعمراني (والسكاني) إلى مناطق حضرية جديدة توفر العمل والعيش الكريم، والاستفادة منها كأداة لتخفيف الضغط عن المدن الكبرى القائمة.
وبناء على مقومات المملكة ومواردها الطبيعية ووضعها العالمي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والسكاني، واستنادا إلى خطط التنمية الخمسية، والسياسة الوطنية للعلوم والتقنية، والخطة الوطنية لتقنية المعلومات، والاستراتيجية الصناعية، واستراتيجية الهيئة العامة للاستثمار فإنه يتحتم الدخول وبقوة في بناء مقدرة صناعية تقنية (متوسطة وعالية) لعدة مجالات ذات أبعاد استراتيجية للاقتصاد والأمن القومي ومنها:

 
تقنيات الطاقة (البترول-الغاز).
البتروكيماويات المتقدمة.
تحلية المياه.
الصحة والدواء.
التقنية الحيوية
تقنية المعلومات والاتصالات والالكترونيات.
البيئة.
المواد الجديدة.
المنتجات (المتوسطة والعالية) التقنية والخدمات المبتكرة ذات العلاقة بالحج والعمرة.
تقنيات زراعة وصناعة التمور.
إن مناطق الصناعات التقنية لها دور كبير جدا في تحقيق جميع الاستراتيجيات الوطنية والتنمية المستدامة، ولهذا ستقوم هذه الدراسة خلال فصولها القادمة بشرح العلاقة بين مناطق الصناعات التقنية والتنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. 

 

الفصل الثالث: دور الصناعات التقنية في التنمية الاقتصادية 

تسعى جميع الدول إلى تنمية اقتصادها الوطني من خلال تحسين وضعها التنافسي عالميا، وتعتمد التنافسية العالمية على مستوى الإنتاجية التي تعتمد بدورها على القيمة المضافة في الإنتاج من خلال الصناعات التي تنتج منتجات وخدمات معرفية ذات تقنية عالية تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني دون اللجوء إلى استغلال الموارد الطبيعية به، ويناقش هذا الجزء من الدراسة موضوعين رئيسين للتنمية المستدامة و لهما علاقة وطيدة ببعضها البعض وهما: الصناعات التقنية والتنافسية العالمية.

3-1. أهمية التنافسية العالمية للتنمية الاقتصادية

تعتبر التنافسية الدولية (International Competitiveness) من أهم عناصر النمو الاقتصادي للدول. وحسب تعريف معهد التطوير الإداري (IMD) فإن التنافسية تعني: كيفية استغلال الدولة ومنشأتها الاقتصادية لمجموعة الميزات المتاحة لأجل تحقيق ثروة وطنية، بمعنى آخر فإن التنافسية لا تعتمد على حجم الدولة أو ثرواتها الطبيعية بل على كيفية استغلال المميزات التفاضلية بالطريقة المثلى لتحقيق رخاء اقتصادي وتنمية مستدامة. وهذا التعريف يتماشى مع تعريف التنمية المستدامة التي تسعى الدول إلى تطبيقها. ويتطلب الحصول على تنافسية عالية لأي دولة (وخصوصاً بالنسبة للدول النامية) إلى جهد يفوق مجرد تحرير الاقتصاد الوطني للأسواق العالمية الحرة ، فالأمر يتطلب بناء مقدرة محلية ذاتية في صناعات تقنية تتمكن من خلالها الدولة من الدخول في حلقات القيمة المضافة للمنتجات العالية التقنية والتي تعتبر الآن قوام التنمية الاقتصادية في جميع الدول . (Porter,M.1990)  

3-1-1. تصنيف معلومات التصدير حسب مستوى الصناعة

لمعرفة الأثر الاقتصادي الناتج من الصناعات التقنية بالامكان تصنيف المنتجات بحسب مستوى التصنيع والتعرف على أحجام تداولها العالمية حيث يشرح القسم التالي اعتبارات التصنيف ومعاييرها.

تقسَّم الصناعات إلى العديد من الفئات الرئيسية والفرعية حسب تصنيف صناعي شبه موحد عالميا (Standard Industrial Classification) (SIC) حيث يساعد ذلك في عمل الدراسات والتحاليل الاقتصادية. فمثلا يمكن تحديد الصناعات العالية التقنية3 في ثمانية عشرة فئة صناعية ثلاث منها ذات علاقة بالأسلحة الحربية. كما انه بالإمكان تصنيف المنتجات بطريقة اعم حسب مستوى المنتج (UNCTAD 2003) :

1- مواد خام

2- منتجات مصنَّعة:

أ‌- منتجات مبنية على موارد طبيعية (صناعات مواد أساسية مثل المطاط، الحديد، البن والكيماويات الأساسية).

ب‌-منتجات متدنية التقنية ( صناعات تقليدية مثل الأقمشة والملابس ومنتجات هندسية بسيطة والكيماويات البينية).

ت‌- منتجات متوسطة التقنية (المعدات، الأجهزة الصناعية،والسيارات،المحركات).

ث-منتجات عالية التقنية ( الالكترونيات، الأدوية تقنية المعلومات، الاتصالات، الكيماويات المتقدمة،الأجهزة الطبية، اجهزة القياس المعقدة، والمنتجات الهندسية المعقدة مثل المحركات النفاثة والمواد الجديدة).

ويوضح الجدول -1 أن الصناعات المتوسطة والعالية التقنية هي أكثر الصناعات من حيث الحجم والنمو في التداول العالمي. وتعتبر الصناعات المتوسطة التقنية الأكبر حجما إلاَّ أن مجموعة المنتجات العالية التقنية (HT) بالرغم من أنها تمثل 18 منتجاً فقط فهي تقود حاليا التداول التجاري الدولي وينتظر أن تكون الأكبر حجماً من حيث التداول بسبب نموها المتسارع مقارنة مع المنتجات المبنية على موارد طبيعية (RB) والمنتجات متدنية التقنية (LT) والمنتجات متوسطة التقنية (MT) (انظر الشكل -1). 
 

جدول-1 التصدير العالمي للمنتجات حسب مستواها بين 1985م -2000م
Table 2. Structure of world exports, 1985-2000 ($ billion and per cent)
      Annual Distribution Distribution
Products 1985 2000 growth rate 1985 2000
All sectors 1703582.5 5534008.6 8.17% 100% 100%
Primary products
مواد خام
 394190.5 684,751.1 3.75% 23.1% 12.4%
Manufactured Products
المنتجات المصنعة
 1252573.7 4620266.8 9.09% 73.5% 83.5%
Resource-based (RB)
(مبنية على موارد طبيعية)
 330863.9 863503.5 6.60% 19.4% 15.6%
Low-technology (LT)
(متدنية التقنية)
 241796.1 862999.0 8.85% 14.2% 15.6%
Medium-technology (MT)
(متوسطة التقنية)
 485784.0 1639871.9 8.45% 28.5% 29.6%
High-technology (HT)
(عالية التقنية)
 198029.7 1269587.2 13.19% 11.6% 22.9%
(of which, ICT) 90151.8 773119.2 15.40% 5.3% 14.0%
 
At the 3-digit SITC (rev. 2) classification used here, there are 45 primary products, 65 RB, 44 LT, 58 MT, and 18 HT products

المصدر: (Calculations by UNCTAD based on the UN Comtrade database, using classification developed by Lall (2001

شكل -1 نمو التصدير العالمي للمنتجات المصنعة حسب مستواها

      المصدر: UNCTAD 2003
 

وتوضح العديد من الدراسات أن تصدير المنتجات التقنية لم يعد مقتصرا على الدول الصناعية فقط حيث أن العديد من الدول شبه الصناعية والنامية المتميزة بنجاحها الاقتصادي دخلت في هذا المجال منذ فترة ليست بقصيرة. ويوضح الشكل-2 حجم تصدير المنتجات متوسطة التقنية (MT) (في أعلى الشكل-2) والمنتجات عالية التقنية (HT) (في أدنى الشكل-2) المصنوعة في بعض الدول النامية أو شبه الصناعية، ويتضح من الشكل أن هناك فرقاً كبيراً بين عامي 1985م وَ 2000م مما يشير إلى وجود نقلة نوعية حدثت في هذه الفترة الزمنية جعلت هذه الدول تمتلك قدرة تنافسية عالية مكنتها من الدخول في مجال تصدير المنتجات التقنية في فترة زمنية قصيرة. وتعتبر الصين الشعبية أكبر الدول شبة الصناعية من حيث حجم تصدير المنتجات متوسطة التقنية (MT) تليها المكسيك، ثم كوريا الجنوبية، ثم تايوان وماليزيا، كما أن الصين الشعبية تعتبر أيضاً أكبر دولة شبه صناعية مصدرة للمنتجات العالية التقنية (HT) تليها تايوان ثم ماليزيا ثم كوريا وسنغافورة.

الشكل – 2 حجم الصادرات للمنتجات المتوسطة والعالية التقنية من بعض الدول النامية
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

  المصدر: UNCTAD  2003

3-2. التنافسية العالمية في الصناعات التقنية

من أجل معرفة تفاصيل أدق عن بعض الدول التي نجحت في الارتقاء بمستوى صناعاتها إلى صناعات تقنية بالإمكان تحليل بعض المؤشرات التي تستخدم لقياس التنافسية في الصناعات التقنية.  وتعتبر مؤشرات التنافسية التقنية (High Technology Indicators HTI) التي طورت في مركز التنافسية التقنية بجامعة جورجيا التقنية (Georgia-Tech University) منذ الثمانينات لمصلحة مجلس العلوم القومي الأمريكي (National Science Foundation ) من أهم المؤشرات التي تتابع أداء 33 دولة في مجال التنافسية في الصناعات التقنية والتي تم مقارنتها مع المؤشرات الأساسية ذات العلاقة المباشرة بالتقنية في مقياس التنافسية بالمعهد الدولي للتطوير الإداري (IMD) ووجدت مطابقة إلى حد كبير (Roessner & Porter 2000).  وقد طورت هذه المؤشرات من معلومات تعتبر إما مدخلات أو مخرجات للمنظومة الصناعية في كل دولة. ومن أهم مؤشرات (HTI) التي تقيس مخرجات المنظومة : *التركيز على التقنية، *الوضع التقني في الدولة.

-التركيز التقني (Technological Emphasis)

يعتبر هذا المؤشر مقياساً لمدى تركيز الدولة على الصناعات التقنية، ويقاس بطريقة كمية من نسبة الصادرات التقنية إلى صادرات الدولة في مجملها. ويوضح الشكل-3 مقدار التركيز التقني للعديد من الدول الصناعية وشبه الصناعية والنامية ومدى نموه خلال الأعوام 1993 (TE93) و1996 (TE96) و1999 (TE99) و2003 (TE03).  وعند النظر إلى الدول حسب هذا المؤشر نجد سنغافورة، ماليزيا ، الفلبين ، ايرلندا،  تايوان،  واليابان أعلى دول العالم من حيث التركيز التقني في صناعاتها. 

الشكل-3 التركيز التقني في بعض الدول
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

المصدر (porter A. 2003)
 
 

-الوضع التقني (Technological Standing)

يعتبر هذا المؤشر مقياساً لنجاح الدولة في تصدير المنتجات العالية التقنية ويقاس بطريقة كمية و وصفية، ويستخدم هذا المؤشر معلومات الإنتاج وتصدير الصناعات التقنية، ويوضح الشكل-4 الوضع التقني للعديد من الدول الصناعية وشبه الصناعية والنامية ومدى نموه خلال الأعوام 1993 (TE93) و1996 (TE96) و1999 (TE99) و2003 (TE03). وكما هو متوقع فان الدول الصناعية الكبرى مثل الولايات المتحدة،اليابان، ألمانيا، بريطانيا، وفرنسا تتفوق على  باقي الدول من حيث الوضع التقني، ولكن أداء مجموعة الدول شبه الصناعية والنامية المتميزة بنجاحها الاقتصادي (مثل سنغافورة، الصين، كوريا الجنوبية، ماليزيا،ايرلندا، المجر، المكسيك، والبرازيل) ليس بعيدا وهو في نمو متزايد مما يشير إلى أن هذه الدول النامية ستصبح في مصاف الدول الصناعية في وقت قصير، إذا ما استمر أداؤها في التحسن بهذا المستوى(انظر الشكل-4).
 

الشكل-4 الوضع التقني في بعض الدول
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

المصدر (السابق)
 

لقد ساهم التركيز التقني في الصناعة في إحداث نقلة نوعية في مستوى الصناعة للعديد من الدول النامية وشبه الصناعية المشار إليها سابقا، مما جعلها قادرة على منافسة الدول الصناعية الكبرى، وما مؤشرات التركيز التقني والوضع التقني وحجم الصادرات من المنتجات المتوسطة و العالية التقنية إلا إثبات لهذا الأمر.

أما بالنسبة إلى قدرة هذه الدول النامية على الاستمرار في التوسع في إنتاج المنتجات التقنية فبالإمكان النظر إلى المقارنة التي استنتجها مركز التنافسية التقنية بجامعة جورجيا التقنية والموضحة في الشكل-5. ويوضح الشكل-5 الوضع الحالي والمستقبلي للعديد من الدول الصناعية و شبه الصناعية والنامية المتميزة بنجاحها الاقتصادي من حيث القدرة على استيعاب النمو في إنتاج المنتجات العالية التقنية. إن القدرة على التوسع في العديد من الدول شبه الصناعية أو النامية المتميزة بنجاحها الاقتصادي مثل الصين، الهند، ماليزيا، كوريا، تايوان، المكسيك، وسنغافورة يعتبر أعلى من الدول الصناعية التي أصبح نمو صناعة المنتجات التقنية بها بطيئاً نسبيا.
 
 
 
 
 
 

الشكل-5 استيعابية الإنتاج المستقبلية للصناعات العالية التقنية 
 
 
 
 
 
 
 

 

                          المصدر: السابق

وبناء على التحاليل السابقة وبعد مراجعة العديد من الدراسات الدولية المتعلقة بالتنمية الاقتصادية يتضح أن هناك العديد من الدول النامية وشبه الصناعية التي حققت نجاحا كبيرا في تنمية اقتصادها من خلال التركيز على الصناعات التقنية. وحددت هذه الدراسة عشراً من الدول المعروف عنها أنها حققت  نجاحاً في التحول من اقتصاد ذي معدلات نمو اقتصادي متدنية إلى دول ناجحة اقتصاديا (ذات تنافسية عالمية عالية ونمو اقتصادي عال) ولعل الغرض من تحديد هذه الدول هو اخذ عينة مناسبة يمكن من خلالها إجراء تحاليل مناسبة لموضوع البحث. وحددت الدراسة هذه العينة لتمثل دولاً نامية أو شبه صناعية مختلفة جغرافيا وديموغرافيا وتم حصرها في الآتي:

دول العينة من القارة الآسيوية:

الصين
سنغافورة
كوريا
ماليزيا
دول العينة من القارة الأوروبية:

ايرلندا
فنلندا
المجر (هنغاريا)
دول العينة من قارة أمريكا الجنوبية (الدول ألاتينية):

المكسيك
البرازيل
تشيلي
 

وقامت الدراسة بجمع معلومات تتمثل في مؤشرات اقتصادية للدول العشر،  وبالإضافة إلى الدول العشر المحددة أعلاه قام فريق البحث بإضافة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى المعلومات لعمل بعض المقارنات اللازمة في بعض أجزاء الدراسة.

 

3-2-1. التنافسية العالمية للدول التي تركز على الصناعات التقنية
  الدخل القومي
GDP

$ billions
 نمو الدخل القومي نسبة البطالة
1983 2003 1983 2003 1980 2003
الصين 227.4 1412.3 9.1 10.9 4.9 3.6
ماليزيا 30.7 103.7 6.2 5.2 8.3
(1986) 
 3.6
كوريا 85.1 605.3 10.7 3.07 4.1 3.1
سنغافورة  17.4 91.3 8.52 1.09 3.0 5.4
ايرلندا 19.9 148.6 0.24- 1.8 10.5 3.9
فنلندا 49.9 161.5 2.74 1.9 4.7 9
المجر 21.0 82.7 0.72 3.05 / 8.9
المكسيك 149.0 626.0 -4.2 1.3 3.6
(1988)
 2.3
البرازيل 203.0 492.0 -3.41 -0.2 4.9 12.3
تشيلي 19.8 72.4 -3.79 3.3 14.6 8.3
المصدر: genderstats.worldbank.org World Bank online database:

 

عند معاينة ترتيب التنافسية العالمي (الذي يعده سنويا معهد التطوير الإداري IMD ) لعام 2005م، نجد أن هناك عدداً من الدول النامية مثل: سنغافورة، الصين، ماليزيا، كوريا، ايرلندا، المجر، والمكسيك تعتبر من الدول العالية التنافسية احتلت الصدارة في منافستها للدول الكبرى ذات الاقتصاد الصناعي العالي المستوى حيث تشترك هذه الدول في جملتها بتركيزها على الصناعات التقنية. ولمقارنة أوضاع تلك الدول من المنظور الاقتصادي أخذت الدراسة بعض المؤشرات الاقتصادية الإجمالية للتعرف على أثر تلك التغيرات التي ساعد في خلقها التركيز على الصناعات التقنية.

ويوضح  الجدول -2 نسبة النمو في الدخل القومي ومعدلات نموه السنوية ونسب البطالة للدول العينة العشر حيث يظهر ارتفاع نسبة البطالة و تدني مستويات  المؤشرات الأخرى قبل 20 عاماً مما يدل على إيجابية التحسن الملحوظ في الأداء الاقتصادي. 

جدول – 2 مؤشرات اقتصادية مختارة لدول العينة (دول شبه صناعية ونامية متميزة بنجاحها الاقتصادي) خلال عشرين سنة  (1983 -2003م)
 

لقد نهضت هذه الدول وضاعفت دخلها القومي وأصبحت تنافس الدول الصناعية الكبرى في جميع المجالات وبخاصة في الصناعات العالية التقنية ذات القيمة المضافة العالية اعتمادا على أسس التنمية المستدامة وليس على مواردها الطبيعية. إن السبب وراء هذه النهضة الاقتصادية كان موضوع دراسات اقتصادية واجتماعية عديدة بينت أن هذه الدول اتبعت منهجية واضحة وسياسة فاعلة كانتا السبب في تحويل تلك الدول إلى  اقتصاديات  ناجحة.

إن الوضع التنافسي للدول العينة المختارة قد شهد تحسناً ملحوظاً خلال العشرين سنة الماضية،  مما يشير إلى تغير في ديناميكية اقتصاديات هذه الدول الشيء الذي  مكنها من التغلب على العوائق التي واجهت نموها واستغلالها الأمثل لمواردها الطبيعية وتحسين أفضليتها التنافسية (Comparative Advantage). ويبين الجدول -3 أن معظم هذه الدول المختارة ترتقي مراتب عليا في سلم التنافسية العالمية حيث نجد دول مثل سنغافورة تحتل المرتبة الثانية في عام 1995م (الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى).

جدول – 3 مقارنة التنافسية العالمية لدول العينة (دول شبه صناعية ونامية متميزة بنجاحها الاقتصادي)

خلال عشر سنوات (1994-2005م)
رتبة الدول الناجحة من حيث التنافسية العالمية
  1994 2005
الصين 34 31
ماليزيا 18 28
كوريا 32 29
سنغافورة  2 3
ايرلندا 21 12
فنلندا 19 6
المجر 41 37
المكسيك 29 56
البرازيل 43 51
تشيلي 24 19
المصدر: (IMD)World Competitiveness Yearbook 2005

 

ولتقصي وضع تلك الدول العشر موضع المقارنة من حيث الصناعات التقنية بشكل أدق دون التركيز على اختبارات إحصائية معينة تقدم الدراسة وصفاً إحصائيا سيتم التركيز من خلاله على متغيرات مهمة تعتبر من مخرجات المنظومة الصناعية ويمكن استخدامها لقياس أبعاد التنمية المستدامة وهي:

القيمة المضافة في الإنتاج (Value Added in Manufacturing) (كمؤشر للبعد الاقتصادي من التنمية المستدامة).
الصادرات من المنتجات العالية التقنية (High-Technology Exports) (كمؤشر للبعد الاقتصادي من التنمية المستدامة).
تطبيق وتطوير التقنيات (Application & Development of Technology) (كمؤشر للبعد البيئي من التنمية المستدامة)
روح المبادرة (Entrepreneurship) (كمؤشر للبعد الاجتماعي من التنمية المستدامة)
 

ويعتبر المتغيران الأول والثاني مؤشرين اقتصاديين لمخرجات المنظومة الصناعية ويؤشران بطريقة مباشرة إلى مستوى الصناعات التقنية،  وبطريقة غير مباشرة إلى عدد الشركات التقنية والوظائف التقنية، ويحتوي الجدول المرفق في  الملحق– 1 على  بيانات لستة مؤشرات اقتصادية تعبر عن المتغير الأول والثاني حيث تم جمعها من قواعد بيانات البنك الدولي لمقارنة الدول العينة (الصين، كوريا، ماليزيا، سنغافورة، ايرلندا، فنلندا ،المجر، المكسيك، البرازيل، وتشيلي)، كما أضيف إلى جدول المقارنة دولتان هما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

أما المؤشران الثالث والرابع فهما مقياسان يأخذ بهما المعهد الدولي للتطوير الإداري (IMD) لقياس التنافسية العالمية حيث يعتبران أرقاماً وصفية تقاس من صفر إلى عشرة تحصل المنظمة عليهما من خلال استبيان يرسل إلى العديد من الخبراء المحليين في كل دولة.

  ولمقارنة التغيرات التي طرأت على مؤشر الصادرات المدرجة في الملحق-1 وبطريقة علمية تم الأخذ بمؤشر الصادرات العالية التقنية كنسبة من إجمالي المنتجات المصدرة حيث أن استخدام النسبة لمقارنة الدول يعتبر أفضل من استخدام القيمة النقدية لوجود فروق كبيرة في حجم الصادرات بين دول العينة. كما تم الأخذ بمؤشر القيمة الإنتاجية المضافة كنسبة من الدخل القومي ليمثل القيمة الإنتاجية المضافة  للسبب نفسه. وبصفة عامة فقد قامت الدراسة بتحليل قيم جميع المؤشرات الموجودة في الملحق-1 بطريقة علمية لتمثل فترات زمنية متباعدة تمكن الباحثين في ما بعد من عمل تحليل زمني للعوامل والسياسات التي طبِّقت في هذه الفترة وساهمت في إيجاد التغيير الاقتصادي.  

وتوضح الأشكال من 6- 8 نتائج الدول العشر بالنسبة إلى مؤشر “صادرات المنتجات العالية التقنية” حسب القارة، كما توضح الأشكال من 9- 11 نتائج الدول العشر بالنسبة إلى مؤشر “القيمة المضافة في الإنتاج” حسب القارة. وتوضح الأشكال 12 – 13 مقارنة  الدول مع السعودية والإمارات من حيث الصادرات العالية التقنية والقيمة المضافة في الإنتاج. وتوضح الأشكال 14- 15 نتائج الدول من حيث تطبيق التقنيات وروح المبادرة. 

تحليل مؤشر الصادرات من المنتجات العالية التقنية للدول العينة

يبين الشكل-6 نسبة الصادرات العالية التقنية لعينة الدول الآسيوية من إجمالي المنتجات المصدرة خلال الفترة 1992م – 1993م ثم الفترة 2002م – 2003م ويلاحظ هنا أن سنغافورة وماليزيا هما اكبر دولتين آسيويتين يعتمد اقتصادهما على تصدير المنتجات التقنية حيث ارتفعت نسبة المنتجات العالية التقنية المصدرة من سنغافورة من حوالي 45% خلال 1992 و1993م إلى حوالي60% خلال 2002 و 2003 م. أما ماليزيا فارتفعت النسبة من حوالي 40% في الفترة الأولى إلى 58% في الفترة الثانية. 

الشكل- 6  الصادرات العالية التقنية لعينة الدول الآسيوية (% من إجمالي المنتجات المصدرة)

         المصدر: البنك الدولي world bank online data bases. http://genderstats.worldbank.org
 

وبالنسبة إلى دول العينة اللاتينية فتعتبر المكسيك هي الدولة الرائدة في تصدير المنتجات التقنية حيث ارتفعت نسبتها من حوالي 11% خلال 1992 و1993م إلى حوالي60% خلال 2002 و 2003 م. أما البرازيل فقد ارتفعت من حوالي 5% خلال 1992 و1993م إلى حوالي12% خلال 2002 و 2003 م (انظر الشكل-7) .
 

الشكل- 7 الصادرات العالية التقنية لعينة الدول اللاتينية (% من إجمالي المنتجات المصدرة)

          المصدر: السابق

وبالنسبة إلى دول العينة من القارة الأوروبية فتعتبر ايرلندا متفوقة منذ بداية التسعينات الميلادية. ويبين (الشكل8) النمو العالي للمجر وفنلندا مقارنة مع باقي دول القارة الأوروبية.

 

 

الشكل- 8 الصادرات العالية التقنية لعينة الدول الأوروبية (% من إجمالي المنتجات المصدرة)

             المصدر: السابق

تحليل لمؤشر القيمة المضافة في الإنتاج لدول العينة 

يقوم البنك الدولي باحتساب القيمة المضافة في الإنتاج كنسبة من الدخل القومي، وقامت الدراسة باحتساب التغير في هذا المؤشر خلال فترات متباعدة وهي 1982م و1983م ثم 1992م و1993م ثم 2002م و2003م من اجل إظهار تغيرات حقيقية يمكن ربطها لاحقا بسياسات تم تطبيقها خلال هذه الفترة. ويبين الشكل-9 التغيرات التي حصلت على مؤشر القيمة المضافة في الإنتاج لدول العينة من القارة الآسيوية ويظهر فيه النمو لجميع دول العينة في ما عدا كوريا التي لم يوجد لها معلومات حتى عام 2002م. وتعتبر الصين أفضل دول العينة تليها ماليزيا. كما يتضح وجود عامل خارجي بين عام 1993م وعام 2002م أدى إلى تدن حاد في قيم هذا المؤشر على مستوى القارة ككل. 

الشكل- 9 القيمة الإنتاجية المضافة لعينة الدول الآسيوية (% من الدخل القومي)

المصدر: السابق

أما بالنسبة إلى دول العينة اللاتينية فتعتبر تشيلي أفضل دولة تليها البرازيل. كما نلاحظ وجود تدنٍ على مستوى الدول اللاتينية ككل في الفترة نفسها التي حصل فيها التدني الحاد في القارة الآسيوية مما يرجح وجود عامل خارجي أثر على قيم هذا المؤشر للعديد من دول العالم (انظر الشكل-10).

الشكل- 10 القيمة الإنتاجية المضافة لعينة الدول اللاتينية (% من الدخل القومي)
 

    المصدر: السابق

وبالنسبة إلى دول العينة من القارة الأوروبية فلم تتوفر المعلومات سوى في عامي 1992 و2002م ويبين الشكل-11 مدى تفوق ايرلندا مجددا على جميع دول

أوروبا تليها فنلندا حيث يظهر نمو واضح في هاتين الدولتين بالرغم من هبوط قيم هذا المؤشر على مستوى القارة ككل.    
 

الشكل- 11 القيمة الإنتاجية المضافة لعينة الدول الأوروبية (% من الدخل القومي)

           المصدر: السابق

  إن ما يستنتج من التحليل السابق هو أن جميع الدول العينة بصفة عامة قد طرأ عليها نمو واضح في صادراتها للمنتجات العالية التقنية بالإضافة إلى القيمة المضافة في الإنتاج خلال الثمانينات والتسعينات الميلادية مما يؤكد وجود عوامل ساعدت على إيجاد هذا النمو خلال هذه الفترة. ومن المعروف أن جميع هذه الدول بدأت في إنشاء مناطق للصناعات التقنية خلال هذه الفترة (ماعدا ايرلندا والتي بدأت ذلك في السبعينات) مما يشير إلى وجود علاقة قوية بين إنشاء مناطق الصناعات التقنية والارتقاء الصناعي. 

ولتقييم وضع المملكة العربية السعودية بالنسبة لمؤشرات الصادرات والقيمة المضافة تم احتساب قيم السعودية والإمارات للمؤشرات نفسها و للفترات الزمنية ذاتها (انظر الملحق-1).  ومن خلال مقارنة تلك البيانات يظهر أن المملكة العربية السعودية تعتبر بعيدة نسبيا عن دول العينة من حيث تصدير المنتجات العالية التقنية ومن حيث مستوى القيمة المضافة في منتجاتها مما يشير بوضوح إلى قلة وجود صناعات تقنية بها، ومن المعروف أن دول العينة تركز على إيجاد تكتلات صناعية للصناعات التقنية من خلال توفير البنية التحتية المناسبة لها وهو ما تفتقد إليه المملكة وباقي الدول في مجلس التعاون الخليجي  (Porter 2003 b). وتمثل الإمارات العربية المتحدة خروجاً عن نسق دول مجلس التعاون الأخرى وذلك بعد إنشائها لمدينة دبي للانترنت حيث يظهر تغير أدائها نسبيا وذلك لارتفاع أدائها خلال السنوات الأخيرة وتفوقها على المملكة العربية السعودية وذلك بعد أن كانت أدنى منها (انظر الشكل-12 والملحق-1). 

الشكل- 12 الصادرات العالية التقنية: مقارنة السعودية والإمارات مع دول العالم 

المصدر: السابق

ويوضح الشكل-13 نمو القيمة المضافة في الإنتاج لماليزيا والمملكة حيث يظهر فرق النمو وتخطي ماليزيا

للسعودية في نهاية الثمانينات الميلادية.
 

الشكل- 13 القيمة الإنتاجية المضافة: مقارنة بين ماليزيا والسعودية (القيمة الحالية $)

                        المصدر: السابق

 
تحليل لمؤشرات روح المبادرة وتطوير وتطبيق التقنية

تشير النتائج البيانية لهذين المؤشرين أن الدول العشر التي تمثل العينة لديها أرقام أعلى من غيرها حيث تعتبر في الشق الأعلى من المقياس (أعلى من خمسة من عشرة). أي أن جميع هذه الدول لديها توجه فعلي من أعلى مستويات الدولة لتطبيق وتطوير التقنية ولزرع روح مبادرة الأعمال في اقتصادها. وتفعل تلك الدول ذلك من خلال الدعم والتحفيز والتوعية المستمرة في جميع مستويات التعليم والقطاعات الإنتاجية. ويوضح الشكل-14 مقياس روح المبادرة (Entrepreneurship) للدول العينة خلال الفترة 1996 إلى 2004م وتعتبر جميع دول العينة عالية نسبيا حتى عند مقارنتها مع دولة صناعية كبرى مثل اليابان.
 
 
 

الشكل- 14 روح المبادرة في الدول العينة (مقارنة مع اليابان)
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

          المصدر: World Competitiveness Yearbook 2005 IMD

ويوضح الشكل-15 مقياس تطوير وتطبيق التقنية للدول العينة والتي تعتبر أيضا عالية نسبيا مقارنة مع دولة مثل

بولندا.
 
 
 

الشكل- 15 تطوير وتطبيق التقنية في الدول العينة
 
 
 
 
 
 
 

          المصدر: السابق
 
 
 
 
 
 

3-3. الخصائص التي تشترك فيها الدول الناجحة في تنمية الصناعات التقنية

إن النجاح الاقتصادي للدول التي استعرضتها الدراسة في هذا الفصل يمكن أن يعزى إلى دور الصناعات التقنية، ومناطق الصناعات التقنية، والتي أسهمت بإيجابية كبيرة في توسيع القاعدة الاقتصادية وزيادة الناتج الإجمالي وخلق فرص وظيفية جيدة عالية الدخل، وذلك من خلال تطوير منتجات تقنية متقدمة وقيمة مضافة جيدة . ويحتوي الملحق -2 على ملخصات لتجارب الدول العينة في تنظيم تنمية الصناعات التقنية. 

لقد سعت جميع الدول التي تناولتها الدراسة إلى تفعيل مبادرات وطنية قوية، مدعومة بجميع الوسائل المتاحة للحكومة، بهدف إيجاد وتنمية صناعات تقنية منافسة ذات طابع تصديري، حيث كان إنشاء مناطق للصناعات التقنية إحدى أهم هذه الأدوات التي استخدمت للوصول إلى الهدف المنشود. ويعرض هذا الفصل من الدراسة تلخيصاً لمحاور الآلية التي اتخذت لتفعيل هذه المبادرات وتحقيق الأهداف والتي برزت كعوامل مشتركة بين جميع الدول التي تمت دراستها.   

3-3-1. الدعم القوي للمبادرات :

تشترك جميع الدول التي تناولتها الدراسة في وجود قرار من أعلى الهرم السياسي،  يهدف إلى تحويل الدولة إلى اقتصاد مبني على المعرفة والتقنية.  ولتحقيق ذلك الهدف وضعت سياسات واستراتيجيات، وطورت آليات وكيانات لتفعيلها بما في ذلك تغيير للعديد من الأنظمة التي كانت سائدة أو إدخال تشريعات جديدة تلائم بيئة التوجه للوصول إلى الأهداف. هذا ولم تكن الجهود منعزلة عن بعضها بل كانت جهوداً متكاملة مشتركة بين القطاعين الحكومي وخاص وحرص عند تنسيقها على جعلها منظومة وطنية تهدف للوصول إلى غاية واحدة.  ويضاف إلى هذا التنسيق والتكامل إعادة تأهيل البنى التحتية سواءً كان ذلك مختصاً بالتعليم أو الصناعة أو التجارة أو الخدمات العامة والخاصة بما يواكب ويلائم ويشجع على خلق بيئة توفر محيطاً مثالياً للوصول إلى الهدف .  هذا ولا تغفل برامج التخصيص عن كثير من القطاعات الخدمية العامة، والتي أسهمت في رفع الكفاءة والإنتاجية وتحسين الأداء، بشكل تنافسي يكفل زيادة الكم والنوع للخدمة. 

3-3-2. الإعلام :

مما لا شك فيه أن الدعم الإعلامي للمبادرات التي أطلقتها تلك الدول كان بمثابة الذراع الأيمن لإيصال هذه الأفكار إلى أذهان مواطنيهم وغيرهم من المستثمرين وإيجاد قناعة لتبنيها والمشاركة في إدارة عجلتها.  لقد كان من بين أسباب النجاح الوصول إلى ذوي العلاقة سواءً كانوا داخل الدولة أو خارجها كالمستثمرين الأجانب وناقلي التقنية، وبالتالي توطينها، والعمل على تطويرها محلياً.  لقد لعب الإعلام دوراً حيوياً في نقل الصورة محليا وعالميا، ونشر تفاصيل هذه المبادرات وعرَّف بمميزات المناخ الاستثماري والاقتصادي لهذه الدول، حتى جذبت إليها نواة التقنية والتصنيع،  كما أسفرت تلك الجهود الإعلامية عن توليد قناعات أفضت إلى اهتمام المواطنين بتلك الأفكار والمبادرات والالتزام بها. 

3-3-3. الدعم المادي وتهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية :

تشترك جميع الدول التي تناولتها الدراسة في اتخاذ الدعم الحكومي القوي كوسيلة لإنجاح تلك المبادرات وذلك من خلال تمويل مستلزمات البنية التحتية والخدمات المساندة كافة في مناطق الصناعات التقنية. لقد وفرت تلك الدول بيئة ومناخاً عملياً ملائماً ساعد في نمو المعرفة والتصنيع التقني وقد ساهم في هذا النجاح تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية القائمة دوماً على احترام المصالح الوطنية بالدرجة الأولى، وجذب رؤوس الأموال والتقنية من خارج البلاد،  ولذا فقد أعيدت صياغة عدد من الأنظمة والتشريعات لتتماشى والتوجه الهادف إلى احتضان التقنية،  والفكر المعرفي الذي قامت عليه،  ولم يقتصر الأمر على إعادة الصياغة بل سنت قوانين جديدة لخدمة هذه المبادرات والتحفيز على تحقيقها. 

3-3-4. تقديم التسهيلات والحوافز للأطراف المعنية :

لقد اهتمت جميع دول العالم المتقدمة اقتصادياً، والكثير من الدول المشهود لها بالنمو الاقتصادي المتسارع،  في تقليل اعتمادها على الصناعات التقليدية المعتمدة أساساً على المواد الخام، ورأس المال، والأيدي العاملة ذات المهارات المنخفضة،   وبدلاً من ذلك زاد الاعتماد على الصناعات المعرفية المعتمدة على الأيدي العاملة ذات المهارات الأعلى،  ونتائج الأبحاث والتطوير التقني،  والمعلومات المتاحة بسهولة ويسر وغزارة، ففي عدد من الدول مثل: الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، اليابان، كوريا الجنوبية، الصين، الهند وماليزيا تستخدم الحوافز الاقتصادية بأشكال مختلفة كأداة سياسية اقتصادية فاعلة لتشجيع الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية وخصوصاً في الصناعات المعرفية العالية التقنية،  وتقوم تلك الدول حالياً بتشجيع صناعاتها التقنية من خلال إنشاء مناطق الصناعات التقنية ومن ثم ربط العديد من الحوافز الاقتصادية والتسهيلات بها،  مما يجعلها مناطق مميزة اقتصادياً (Special Economic Zones). 

وتقوم مناطق الصناعات التقنية المميزة اقتصادياً في كل دولة بدور كبير في تحقيق إسهامات اقتصادية واجتماعية، مثل تنويع القاعدة الاقتصادية،  وزيادة الدخل الوطني،  وتوفير فرص عمل جيدة.،
 
 
 

وقد قامت هذه الدراسة بجمع هذه الحوافز الاقتصادية المرتبطة بمناطق الصناعات التقنية حيث يُقَدم في المحلق (3) ملخص لما هو موجود في دول العينة بالإضافة إلى عدة دول أخرى.
 

3-3-5. الاستمرار في الدعم المادي :

لعل الاستمرار في تقديم الدعم المادي،  ومواصلة توفير الحوافز،  وتطوير الأنظمة والتشريعات بما يلائم متغيرات التقنية والاقتصاد إجمالاً من أبرز سمات الدول التي استعرضتها الدراسة وهي نفسها سبب نجاحها.  فالحكومات في تلك الدول لم تكتفي بتحمل تكاليف التطوير للبنى التحتية والوقوف عند المراحل البدائية لهذه الخطط بل استثمرت في دعم مبادراتها بأشكال متعددة مؤكدة التزامها بإنجاح هذه المبادرات. 

3-3-6. النمو المستمر في  الصناعات ذات القيم الأكثر إضافة :

يعتبر محور القيمة المضافة من المحاور الهامة جداً لإنجاح هذه المبادرات، حيث يتم التركيز على الصناعات التي توفر قيمة مضافة أكثر، وبذلك قامت الدول التي عرضت إليها الدراسة بالنمو، والاستمرار في تنمية الصناعات التي تتوفر فيها قيمة مضافة أكثر، سواءً كان ذلك النمو رأسياً أو أفقيا.
 
 
 
 
 
 
 
 
 

3-4. استراتيجيات الدول العينة في بناء التنافسية الصناعية

  لقد اعتمدت الدول العينة التي نجحت في بناء ميزاتها التنافسية، والتوسع في الإنتاج والتصدير، على استراتيجية صناعية واضحة مبنية على أسس التنمية المستدامة، وهي الارتقاء بمستوى الصناعة المحلية لتكون الصناعات العالية التقنية هي العصب الرئيس لإنعاش الاقتصاد الوطني،  وتحسين المستوى المعيشي،  والمحافظة على البيئة، واتبعت الدول العينة منهجين عامين لبناء التنافسية الصناعية وهما: 1- جذب الاستثمارات الأجنبية والشركات العالمية، وتركيز الجهود لجذب الصناعات التقنية، 2- الاعتماد على الشركات والمؤسسات المحلية وبناء قدراتها الذاتية على التوسع التدريجي من الصناعات المتدنية التقنية إلى الصناعات المتوسطة والعالية التقنية،  والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية،  والطاقات البشرية الوطنية. وكلا المنهجين يتطلب تطوير البنية التحتية والأنظمة والتشريعات، وطرق الإنتاج ومناهج التعليم، وتكوين البنية التحتية للتكتلات الصناعية، وتهيئة المناخ الاستثماري، وبخاصة سوق المال، ودون هذا النوع من الاستثمار تصبح الاستثمارات الأجنبية مجرد استغلال للموارد الطبيعية في إنتاج مواد خام أو صناعات متدنية التقنية. وبين هذين المنهجين يكمن قرار صعب بين خيارين بسيطين وهما: الاستيراد المستمر لأحدث التقنيات الجاهزة. أو تطوير القدرة المحلية لنقل التقنيات وتوطينها وتطويرها وتصنيعها. 

إن تركيز الجهود على أحد الخيارين يعتبر وضعاً غير سليم اقتصادياً فالأمثل هو استخدام الخيارين بنسب متفاوتة حسب نوع التقنية، ومستوى التنمية الذي وصل إليه الاقتصاد الوطني، في مرحلة زمنية معينة. وعلى سبيل المثال فهناك دول نامية مثل ماليزيا وسنغافورة وبعض دول جنوب أمريكا اعتمدت بطريقة مباشرة على جذب استثمارات الشركات العالمية (transnational corporations) لتطوير قدراتها وأحجام صادراتها من الصناعات التقنية، بينما اعتمدت دول مثل تايوان وكوريا الجنوبية على تقليص دور الاستثمارات الأجنبية المباشرة لترجيح كفة الشركات والمؤسسات المحلية للارتقاء بمستوى الصناعة (UNCTAD  2003).  

  إن عملية الارتقاء بمستوى الصناعة يتطلب العديد من العناصر، والتي من أهمها تنمية الموارد البشرية، إنشاء البنى التحتية الحديثة المتطورة، وضع استراتيجية صناعية طموحة، تفعيل سياسات حكومية سليمة، وتوفير الدعم المالي والمحفزات لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تركز على الصناعات التقنية، مع وضع آليات ربط قوية بينها لتفعيلها كمنظومة واحدة تعمل لهدف وطني موحد. 

لقد قامت الدول العينة العشر التي تم دراستها في هذا البحث بتفعيل مبادرات قوية لتحويل اقتصادها إلى اقتصاد مبني على الصناعات التقنية وتتلخص جميع المبادرات في ثلاثة عناصر رئيسة هي:

1- التخطيط طويل المدى

2- الدعم والتحفيز الحكومي

3- إنشاء البنية التحتية المناسبة

ويعتبر وجود البنية التحتية والبيئة المناسبة عاملاً أساسياً للصناعات التقنية التي تعتمد على تكتلها في مكان واحد مما يجعلها صناعة قوية متكاملة ومنافسة عالمياً، وهذا مما يؤدي إلى زيادة االقدرة على الابتكار، والإنتاجية والتنافسية والتنمية المستدامة في الدولة. 
 

 

الفصل الرابع: تجارب دول العينة العشر في إنشاء مناطق الصناعات التقنية

إن مناطق الصناعات التقنية جزء لا يتجزأ من المنظومة الوطنية التي تساهم في التنمية المستدامة. ولذا فحين تقرر أي دولة -وبخاصة الدول النامية- أن ترتقي بمستوى اقتصادها الوطني من خلال الصناعات التقنية يصبح موضوع إنشاء مناطق للصناعات التقنية أمراً واضح الأهداف. فمناطق الصناعات التقنية تعتبر المكان الذي تتوفر فيه البنية التحتية والخدمات المساندة والدعم والحوافز التي ُتفعل تكوين التكتلات الصناعية التقنية والتي بدورها تأثر على زيادة صادرات المنتجات التقنية وترفع من مستوى الإنتاجية والقيمة المضافة وعدد الوظائف العالية الأجر،  وكل هذا يصب في آخر الأمر في زيادة الناتج الإجمالي وبالتالي تنمية الاقتصاد الوطني (Porter M 1990) (Porter M, and S. Stern 2003).  

إن الطرح السابق ليس نظرية علمية بل هو حقيقة بالإمكان معاينتها على ارض الواقع عند زيارة أي دولة من الدول التي سبق الإشارة إليها في هذه الورقة،  وبالرغم من أن هناك 191 دولة في العالم يوجد بها مناطق صناعات تقنية ومناطق تقنية، إلا أن هناك عدداً منها لم تنجح في إنشائها لأسباب عديدة منها الفقر والحروب أو عدم وجود الدافع.

ويقدم هذا الفصل نبذة عن بعض مناطق الصناعات التقنية في دول العينة العشر. وبالرغم من وجود مناطق كثيرة في كل دولة إلا أن فريق البحث اكتفى بعرض المناطق الحديثة التي توفر لها معلومات مناسبة تم جمعها، إما من خلال زيارات ميدانية سابقة أو من خلال جمع مستندات مطبوعة وصفحات على الانترنت، كما يقدم هذا الفصل في نهايته ملخصاً لتجارب هذه الدول.

      4-1. مناطق الصناعات التقنية بسنغافورة

  تعتبر منطقة العلوم التقنية في سنغافورة (Singapore Science Park) واحدة من النماذج الأولية التي تم تطبيقها في اقتصاديات الدول النامية،  لقد تم اقتراح هذا النموذج في نهاية السبعينات الميلادية لدعم المبادرة الحكومية، لتوجيه التنمية الاقتصادية نحو استغلال التقنيات الجديدة. إن السيناريو الوطني لهذه المبادرة ينطلق من كون أن الصناعات المكثفة العمالة قد قامت بدورها في توظيف المواطنين ولكنها لن تخدم سنغافورة في المستقبل لصغر مساحة البلاد ولكون الدولة المجاورة لها (الصين) أصبحت هي الآن المركز المفضل للصناعات التقليدية ذات الكثافة العمالية، وكون ان مستقبل سنغافورة يكمن في الصناعة التقنية والتي أصبحت تدريجيا القطاع الأكبر، وكون أن نشاط البحث والتطوير بدأ يضع أقدامه على الطريق الصحيح لمستقبل البلاد الاقتصادي. 

وصممت المنطقة التقنية المذكورة لتغطية 112 هكتار لكي يتم تطويرها في أربع مراحل، حيث بدأ البناء في 19 أبريل 1982م، وافتتحت رسمياً في 17 يناير 1984م، حيث كانت مساحة المرحلة الأولى 30 هكتاراً ضمت 20 مبنى لشركات غالبيتها تعمل في مجال تقنية المعلومات، أما المرحلة الثانية فغطت مساحة قدرها 20 هكتاراً وقد بدأ البناء فيها في أبريل 1993م، وتضمنت هذه المرحلة شركة إدارة الحاضنات، التي تقوم برعاية الشركات الجديدة العالية التقنية، وحديقة علمية تسمى (تيلي تيك)،  التي قد تكون أول منشأة بحث وتطوير في آسيا مختصة بمجال الاتصالات، وقد خصص للمرحلة الثالثة منطقة مساحتها 15 هكتاراً. 

وتقوم إدارة منطقة الصناعات التقنية بسنغافورة بتشجيع كل المنشآت الصناعية ومنشآت البحث والتطوير،  باتخاذ مكان لها داخل المنطقة التقنية، باستثناء تلك المنشآت التي تحتاج إلى أراضٍ واسعة المساحة، أو تلك التي قد تؤثر على البيئة.

و تتضمن معايير اختيار المنشآت المتقدمة ما يلي :

 
نسبة ميزانية البحث والتطوير إلى ميزانية التشغيل الكلية.
نسبة حملة الدرجات العلمية إلى غيرهم ، وعدد حملة الدكتوراه والماجستير.
محتوى التقنية وحجم رأس مال المشروع.
 

لقد وصلت منطقة الصناعات التقنية في سنغافورة إلى مكانة بارزة حيث يقطن فيها أكثر من 300 شركة يعمل بها أكثر من 7000 مهندس، وباحث،  وعالم،  وموظف،  52% منهم من حملة البكالوريوس، و 16%  من حملة الماجستير، و12% منهم من حملة الدكتوراه،  وقد حصلت المنطقة على المرتبة الثانية في المسح الذي أجري في عام 1997م للمناطق الصناعية التقنية الأكثر جذبا للشركات في منطقة آسيا والمحيط الهادي. 

وكحال مناطق الصناعات التقنية الأخرى فإن منطقة الصناعات التقنية بسنغافورة تمتاز بسهولة إمكانية الوصول إلى الجامعات،  ورفاهية الحياة فيها.  فالمنطقة تقع بجانب الجامعة الوطنية لسنغافورة، وبالقرب من معاهد تقنية أخرى، مثل معهد نان يانق وجامعة سنغافورة المتعددة التقنيات، ومحاطة بالإسكان الجيد، والمدارس، والملاعب الرياضية، إضافة إلى مستشفى ومركز تجاري.

وقد ساهمت مجموعة من العوامل المهمة في وصول منطقة الصناعات التقنية بسنغافورة إلى هذه المرحلة منها:

بيئة وطنية مشجعة للبحث والتطوير
دعم مباشر وقوي من الحكومة
فريق إداري متميز
معرفة بالأسواق
أسعار تأجير منافسة
استطاعت سنغافورة -والتي تعتبر من أصغر دول العالم مساحة-  في الارتقاء إلى أعلى مستويات الانتاج والتنافسية العالمية من خلال تركيزها على صناعات متوسطة وعالية التقنية، وتمكنت سنغافورة من ذلك بعد تفعيل الحكومة السنغافورية لمبادرة وطنية مدعومة شملت إنشاء عدة مناطق صناعات تقنية ذات معايير عالمية في البلاد بما فيها منطقة العلوم والتقنية في سنغافورة. وتمكنت سنغافورة من خلال هذه المناطق من جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوظيف آلاف المواطنين من مهندسين وباحثين وموظفين مما ساهم في دعم التنمية الاقتصادية المستدامة بسنغافورة.  وتركز مناطق الصناعات التقنية في سنغافورة على تقنية المعلومات والاتصالات والالكترونيات والتقنية الحيوية ويوجد بها نظام متطور لقبول المنشآت في هذه المناطق يهدف إلى انتقاء المنشآت التي تركز على انتاج التقنيات العالية.

 

4-2. مناطق الصناعات التقنية بماليزيا

1- مدينة كوليم للتقنية العالية (Kulim Hi-Tech Park)

افتتحت المدينة رسمياً في عام 1996م وهي أول مدينة لصناعة التقنيات العالية في ماليزيا وتقع في مدينة كوليم كيدا دارول أمان في الشمال الغربي من شبه الجزيرة الماليزية وبمساحة إجمالية قدرها 1480هكتار ( 3600 فدان ) وتقع المدينة على بعد 26كم شمال بيثروث كونتيز و 36 كم من مطار بيان ليبز الدولي.

إن أحد الأهداف الأساسية لمدينة كوليم التقنية هو المضي بالبلاد نحو تحقيق ( رؤية عام 2020م) بماليزيا لتصبح دولة صناعية كاملة في ذلك التاريخ، وينظر إلى المدينة على أنها سوف تصبح ( مدينة المستقبل) العلمية  ، تهدف إلى جمع ما يتعلق بصناعة التقنيات، وبصفة أساسية في مجالات الإلكترونيات المتقدمة، الكهرباء الميكانيكية، الاتصالات، أشباه الموصلات، المواد المتقدمة، الأبحاث والتطوير، ونشوء التقنيات، وتشتمل أعمالها على: الصناعة، البحث والتطوير، تطوير المرافق، المعاهد الطبية والتعليمية، المرافق الترفيهية.

وتشتمل المدينة على 6 مناطق متخصصة تغطي مساحتها الكلية. ويعتمد اختيار الصناعات المستهدفة في المدينة على المعايير التالية وفقاً لعلاقتها بالتقنيات :

تقديم وتطوير تقنيات عالية مع درجات أعلى لسير العمليات الصناعية كنشاط لها.
دعم البحث والتطوير الذي له علاقة بمجالات تركيز المدينة.
المساهمة في إعادة الهيكلة الصناعية بكاملها.
استخدام المصادر والمواد العلمية الداخلية المتاحة.
تطوير الصناعات المساندة المناسبة.
تشجيع وتطوير التواصل الصناعي.
التعاون مع الجامعات و معاهد الأبحاث العلمية.
وتشتمل أنشطة الشركات في هذه المنطقة على ما يلي:

الصناعات الكهربائية المتقدمة.
إنتاج خدمات الفحص والتحليل.
صناعة المعالجات الطبية والعلمية.
صناعة معدات الميكنة و ضبط الإجراءات.
التطبيقات البصرية والبصريات الإلكترونية.
الصناعات التقنية و الإلكترونية.
المواد المتقدمة.
2-مدينة ملتيميديا سوبر كوريدور (MSC)

يعتبر هذا المشروع الذي قامت الحكومة الماليزية بالمبادرة بتقديمه لأول مرة واحداً من أكثر المشاريع التي تحمل أسباب النجاح، في مجال تقنية المعلومات والاتصالات في العالم، حيث جاء هذا الإنجاز تتويجاً لجهود القيادة السياسية في ماليزيا ونتاجاً لرؤيتها واعتبارها لهذا المشروع استراتيجية ضرورية من أجل تحقيق الخطة المستقبلية لعام 2020م والتي اعتمدتها الحكومة للارتقاء بالأمة الماليزية إلى مصاف الدول المتقدمة بحلول ذلك العام.

يقع مشروع ملتيميديا سوبر كوريدور على مساحة 750 كلم2 ( 50×15كلم ) تبدأ من منتصف كوالالمبور عند البرجين التوأمين (برج بتروناس ) شمالاً وحتى مطار كوالالمبور الدولي الجديد جنوباً. .وتهدف ماليزيا من خلال هذا المشروع إلى جذب كبريات الشركات العالمية لنقل مراكز صناعة تقنية المعلومات الخاصة بها إلى ماليزيا مع القيام بأعمال البحوث وتطوير التقنيات والمنتجات الجديدة وتصديرها من قاعدتها الجديدة في مشروع الملتميديا سوبر كوريدور الماليزي. كما يقدم المشروع مناخاً جديدا ملائما لنمو وتطوير صناعة تقنية المعلومات الماليزية المحلية والارتقاء بها إلى مصاف المستويات العالمية. وغاية المشروع هي تحويل الاقتصاد الماليزي من اقتصاد زراعي إلى اقتصاد صناعي لدفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة في ماليزيا وتحويلها إلى اقتصاد معرفي يعتمد على المعلومة والتقنية والبحث والتطوير .

 

ويمثل الملتميديا سوبر كوريدور خطة طويلة المدى يتم دعمها بواسطة الحكومة الماليزية وقادة العمل التجاري بالبلاد، وبالرغم من أن الحكومة الماليزية هي من أسس مشروع الملتيميديا سوبر كوريدور إلا أن القسم الأكبر من المشروع يتم تنفيذه بواسطة القطاع الخاص الماليزي، ومن أهم المساهمين الأساسين شركة الاتصالات الماليزية، التي قامت بتنفيذ شبكة الاتصالات الخاصة بالملتميديا سوبر كوريدور، أما المكاتب والمساكن وغيرها من الأمور اللازمة فقد تم بناؤها بواسطة مجموعة من شركات التطوير الماليزية. 

ولهذا المشروع الضخم مجلس استشاري عالمي ( IAP ) يضم شخصيات مرموقة من قادة العمل التجاري وكبريات الشركات بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين المتخصصين. وتقوم هيئة التطوير (MDC) بإدارة المشروع وأعطيت صلاحيات لتطويره وجذب المستثمرين للدخول فيه. وتقوم الهيئة بمنح وضع تفضيلي يتكون من حوافز ودعم (MSC-Status ) للشركات التي ترغب في تحويل نشاطها إلى السوبر كوريدور، وتقوم الهيئة- بالتعاون مع الحكومة الماليزية ووكالاتها وكذلك القطاع الخاص – بمبادرات داعمة للمشاريع مثل : مؤسسات التسويق، تطوير الكوادر البشرية، التدريب والتأهيل، مراكز البحوث وتوفير رؤوس الأموال ومراكز رعاية مشاريع تقنية المعلومات.

يتم منح الشركات التي تستوفي شروط الملتيميديا سوبر كوريدور وضعاً خاصاً MSC-STATUS) ) و بحسب القانون الماليزي المنظم للضمان فإن الشركات التي تمنح مثل هذا الوضع تتمتع بالعديد من المنح و المزايا المالية و غير المالية، وتلتزم الحكومة بالتالي:

بنية تحتية لخدمات المعلومات والشبكات بأفضل المواصفات العالمية.
السماح بتوظيف عددٍ غير محدود من المحليين و الأجانب ذوي الخبرة.
حرية التملك بالنسبة للشركات الأجنبية دون أي قيود، و إعفائها من شروط الملكية المحلية في هذا المجال.
الحرية باستقطاب رؤوس الأموال العالمية والحق في الاقتراض من مصادر خارجية.
تقديم حوافز مالية تتضمن الإعفاء من الضريبة لفترة قد تصل لعشر سنوات تشمل ضريبة الدخل مع الإعفاء من الرسوم والجمارك على مدخلات تقنية المعلومات.
توفير قوانين حماية الملكية الفكرية والقوانين المنظمة لاستخدام الشبكة الالكترونية.
عدم وجود أي نظام للرقابة على الانترنت.
توفير خدمات الاتصالات بأسعار تنافسية على مستوى العالم.
إرساء مشاريع البنية التحتية على الشركات المساهمة في المشروع والتي تستخدم السوبر كوريدور كمركز إقليمي لها.
إنشاء مؤسسة تسويقية مركزية ممثلة لكل الشركات المساهمة في المشروع.
3-مدينة ماليزيا للتقنية

بدأت الفكرة عندما لاحظت الحكومة أن المستثمرين المحليين يهاجرون إلى كمبوديا وفيتنام والصين وتايوان للاستثمار في منتجات تقنية، أي أن هناك هجرة لرؤوس الأموال الوطنية مما دفع الدولة إلى تبني هذه المدينة التقنية ولكن في اتجاهات مختلفة عن ما هو موجود في الدول المنافسة مثل الصين وتايوان وكمبوديا، والتي يصعب التنافس معها نتيجة لتدني أجور الأيدي العاملة من ناحية، وقلة تكلفة الأراضي من ناحية أخرى. وعليه توجهـــت هـــذه المدينـــة إلى المجالات التقنيـة التي لا تركز 

عليها الدول المجاورة، وخصوصاً المجالات عالية التقنية، وفي هذا الاتجاه المدروس تتجلى أهمية التميز في مجالات مؤهلة للمنافسة في السوق الدولية، وذلك لاختيار مجالات تنطلق من دراسة للسوق العالمية ولا تتوقف على الحاجات المحلية فحسب.

يقطن بالمدينة 100 شركة أغلبها محلية بمشاركة المستثمر الأجنبي مما أتاح نحو 4 آلاف فرصة عمل حيث تم اختيار موقع هذه المدينة بعناية شديدة، لتقليل الحاجة إلى تكاليف تتعلق بالخدمات المطلوبة مثل الإسكان وشبكة الطرق، فعلى سبيل المثال وجودها بالقرب من كوالالمبور وفر خدمة القطارات بالقرب منها، وكذلك وحدات سكنية حول مشروع المدينة.

يتوفر في مدينة ماليزيا للتقنية الخدمات كافة التي يحتاجها العاملون في المدينة الترفيهية منها أو الخدمية، وهنا يشار إلى أن العمل في المدينة يستمر لأوقات طويلة، مما يصعِّب على العاملين الخروج منها بشكل يومي للبحث عن الترفيه والخدمات، وبالتالي فإن إيجادها داخل المدنية يعتبر عامل استقرار مهماً ومشجعاً للمستثمرين، فالبيئة المتكاملة تخفف من الضغوط على العاملين.

بدأ تنفيذ مدينة ماليزيا للتقنية بتوجيه من رئيس الوزراء و من وزير العلوم لإنشاء حدائق العلوم والتقنية، وقد تطلب ذلك إنشاء إدارة خاصة بالمدن العلمية، ويشار هنا إلى أن الحكومة الماليزية في مخططها الإستراتيجي نحو تحقيق (رؤية 2020م ) جعلت أحد مكوناتها إنشاء مناطق الصناعات التقنية.

ونلاحظ من تجربة ماليزيا كيف أن بناء مناطق الصناعات التقنية هي من ضمن مبادرة وطنية مدعومة بقوة من الحكومة وتتضمن سياسات وخططاً وطنية شاملة وهي ( رؤية 2020 م)، قامت الحكومة الماليزية بتوفير العديد من الحوافز الاقتصادية للمنشآت التي تركز على صناعات استراتيجية مستهدفة من الدولة وحققت هذه المناطق نجاحاً كبيراً في تطوير الصناعات التقنية بالبلاد وتوطين الاستثمارات المحلية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية مما ساعد في زيادة التنمية الاقتصادية المستدامة في ماليزيا، كما ساهمت بطريقة مباشرة في إنجاح (روؤية 2020م) التي تسعى إلى تحويل ماليزيا إلى دولة صناعية كبرى يعتمد اقتصادها على الصناعات التقنية في عام 2020م. إن النهج الذي اتبعته ماليزيا في هذا المجال يعتبر من أفضل النماذج التي يمكن محاكاتها في المملكة العربية السعودية. 

 

 4-3. مناطق الصناعات التقنية بكوريا الجنوبية

1-مدينة تايدوك العلمية

تم التخطيط لمدينة تايدوك العلمية والتي تعد أول مدينة علوم في كوريا، في ديسمبر 1973م. ولقد شيدت المدينة كي تكون حلقة وصل بين المعاهد البحثية والجامعات والصناعات، وهي الآن مركز العلوم والتقنية في الدولة. تغطي المدينة 2703 هكتار وتبعد 150 كيلومتر جنوب سيول وحوالي 280 كيلومتر شمال بوسان (Pusan) و 170 كيلومتر من كوانجي (Kwangju) تضم حالياً 52 مؤسسة و 5 وكالات حكومية من ضمنها متحف العلوم القومي و17 وكالة تدعمها الدولة و 6 معاهد بها استثمارات حكومية و 21 معهداً بحثياً خاصاً و 3 معاهد تعليمية بالإضافة إلى 15 معهداً إضافياً للمدينة. هناك أيضا مجمع طبي متطور يضم مستشفى عاماً ومستشفى بحثياً وكلية طب ويتميز موقع المدينة بأنه في وسط كوريا حيث تلتقي تقاطعات الطرق السريعة لكيونبو وهوتام. 

والهدف من إنشاء مدينة تايدوك العلمية هو وضع نواة لمدينة علمية تستقطب الشركات الوطنية والمتعددة الجنسيات وتقوم بنقل التقنية الحديثة وتحويل الابتكارات إلى منتجات. والخطة الاستراتيجية تشمل وصل المدينة بمدينة إنشون (Inchon) الساحلية وتحويل المنطقة إلي وادٍ يجمع بين خصائص وادي السيلكون بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية ورواق الاتصالات والحاسوب على غرار رواق ماليزيا لوسائل عرض المرئيات والسمعيات.  تتمثل أهم مقومات نجاح تلك المنطقة في الاتفاقيات مع اليابان وألمانيا للمشاركة في التوسع في المدينة. كما أن مهام المدينة هي توطين التقنية الأمريكية واليابانية في البلاد.

ومن المؤشرات التي تدل على حيوية المدينة حجم الاستثمارات في البحوث والتقنية من قبل القطاع الخاص حيث بلغت نسبة النمو في استثمارات القطاع الخاص في الفترة من 1991-1996 حوالي 29%. ولقد قامت المدينة بدور إيجابي في التنمية الإقليمية المستدامة من بينها سعى المدينة لمعالجة البطالة وذلك بزيادة نسبة التوظيف إلى 33.3%. هذا وتشمل مجالات البحوث والتطوير في المدينة التقنيات العالية، المواد الجديدة، الكيمياء الدقيقة، الالكترونيات، أجهزة المعلومات، معدات الطيران، المعدات، الهندسة الحيوية، ومصادر الطاقة.

في أواخر عام 1995 كان عدد المؤسسات في المدينة 52 مؤسسة بما في ذلك المؤسسات المدعومة من الحكومة ومعامل بحوث للشركات والجامعات. أما مجالات البحوث والتطوير في التقنيات العالية فيشمل مواد مستحدثة وكيمياء دقيقة والكترونيات وأجهزة معلومات ومعدات طيران وماكينات وهندسة حيوية ومصادر طاقة هذا إلى جانب مؤسسات البحوث الأساسية التي تدعمها مؤسسة العلوم والهندسة الكورية (Korea Science and Engineering Foundation (KOSEF)) ومؤسسة العلوم الأساسية الكورية (Korea Basic Science Institute (KBSI)) التي تدعم الجامعات لتزود السوق بباحثين متخصصين وعلماء وقوة عاملة ماهرة في التقنية والهندسة. كما يوجد لدعم هذه التوجهات ثلاث مؤسسات للتعليم العالي أهمها المؤسسة الكورية للعلوم والتقنية المتقدمة (Korea Advanced Institute of Science & Technology (KAIST)).

والمدينة مقسمة إلى خمسة أقسام حسب تنظيمها الحالي وهي:

المنطقة التعليمية والبحثية وتختص بالبحوث والتنمية
المنطقة الصناعية
المنطقة التجارية
منطقة خضراء لتأمين مساحات مفتوحة والحفاظ على بيئة بحثية جميلة ومريحة
المنطقة السكنية والحدائق والمنتزهات والمحميات.
  ويشرف على المدينة وزارة العلوم والتكنولوجيا ودورها سن القوانين ووضع الخطط – الاعتراف بالمعاهد والمؤسسات الراغبة في الانتقال إلى المجمع – وفرض الغرامات والعقوبات ووضع قواعد وأسس المباني الجديدة.

2-كيونجبك تكنوبارك

كيونجبك تكنوبارك هي منطقة صناعات تقنية على مشارف الغد وهدفها الرئيس هو أن تتعامل مع التقنية والمتطلبات الريادية في القرن الواحد والعشرين. وقد أنشئت هذه الحديقة الصناعية في عام 1998 شراكة بين جامعة ينجنام ومؤسسات بحوث والحكومات والشركات المحلية، وتشمل في تخطيطها تشييد مجمع حديث لاستضافة المؤتمرات إلي جانب المعامل والمرافق الخاصة بالبحوث ومركز اتصالات، أقيمت المرحلة الأولى من هذه المنطقة على مساحة 150 ألف متر مربع بتكلفة تبلغ حوالي 87 مليون دولار. ويقوم مركز الشراكة بين الصناعة والجامعة في دعم وإنشاء شركات صغيرة ومتوسطة الحجم توجه جهودها للتقنيات الرائدة والمبتكرة.

تسعى كيونجبك تكنوبارك إلى الإسهام في حل مشاكل التنمية في المجتمع مثل: مشاكل البطالة ونقل التقنية الجديدة من والى أماكن مختلفة في العالم، وكذا تشجيع رأس المال المخاطر في المساهمة في المشروعات الكبيرة والصغيرة من خلال الحاضنات وأيضا في تطوير التقنية المستخدمة في الشركات والمصانع. ويبلغ عدد العاملين في المدينة حسب إحصائية 2004م نحو 21849 يعملون في 251 مؤسسة.

وتعتبر مشكلة البطالة في كثير من دول العالم من أهم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه حكومات هذه الدول والعديد من المنظمات الإنسانية، ولذلك فإن من ضمن استراتيجيات كيونجبك تكنوبارك :

خلق العديد من الوظائف للعاملين في هذه المدينة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وذلك من خلال احتضان المشروعات الصغيرة التي ترعاها المدينة.
تقديم المعونات التقنية للمشروعات الصغيرة والمساعدة على تطويرها.
تقديم العديد من فرص التدريب والتعليم للعاملين والموظفين في تكنوبارك والعاملين في المشروعات الصغيرة للرفع من تأهيلهم.
بالإضافة إلى هذا تقوم كيونجبك تكنوبارك بنقل التقنية المتقدمة من أماكن مختلفة في العالم وتطوير مثل هذه التقنيات بما يتلائم مع أهداف ومنهج وإستراتيجية المدينة العلمية كيونجبك تكنوبارك. وتشمل أهداف المدينة :

حفز المنافسة على نطاق الدولة والمنطقة إلي جانب وضع توجيهات لابتكار وتسويق التقنية العالية المستحدثة.
تشجيع أعمال التقنية العالية التي تؤدي إلي صناعات متخصصة لتطوير النشاط الصناعي في المنطقة.
مساعدة الصناعة بإضافة ابتكارات تقنية لترويج فكرة الجمع بين التخطيط والإنتاج في مركز واحد.
 

وتتضمن الأنشطة الأساسية ما يلي:

إنشاء مؤسسة بحثية متخصصة للقيام بمشاريع بحوث وتطوير كبيرة للصناعات المحلية بالتعاون مع الصناعة والتعليم والبحوث.
القيام بأعمال بحوث وتطوير بمشاركة مؤسسات بحوث قومية وعامة ومعامل خاصة وعامة في مجمع البحوث والتطوير.
إدارة مرفق أساسي للبحوث يدعم شراء معدات مرتفعة الثمن لاستخدام المشاركين في المدينة.
الاستفادة القصوى من نتائج البحوث والتطوير.
حضانة شركات التقنية.
دعم مبادرات منتجات القيمة المضافة الملائمة لعصر المعلومات عموماً.
تبني الأعمال التجارية ودعمها بالتقنية لتسويق منتجاتها للمساهمة في الاقتصاد المحلي والسوق العالمي.
إنشاء مدرسة تقنية الصناعة والإدارة، ومركز التعليم الفني ومركز تدريب تهتم جميعها بإنشاء أعمال ناجحة؛ ووضع برامج تدريبية عملية على الإنترنت لتدريب العاملين في الشركات على تقنيات حديثة أو إعادة تأهيلهم.
تنظيم مركز للتبادل والتعاون الخارجي ومركز لتطوير التقنية.
العمل على مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً تلك التي تنقصها الخبرة الفنية، و القائمة على أسس هشة.
 

  تقع المعاهد والجامعات والمعامل الصناعية في شتى المجالات، في وسط المنطقة، مما يشجع على الاتصال المشترك وتبادل المعلومات التقنية والتسهيلات البحثية للمساعدة في تحسين إنتاجية الأبحاث، بالإضافة إلى ذلك فقد تم إنشاء شبكة البحث والتنمية الإلكترونية وهي واحدة من 5 شبكات قومية للمساعدة في الإسراع في تبادل المعلومات التكنولوجية والعلمية. 

ولبناء قدرات العاملين في المنطقة فقد تم إنشاء عدد من المعاهد العليا داخل المنطقة من أهمها معهد كوريا المتقدم في العلوم والتكنولوجيا، وهو خاص بالعلماء والمهندسين ويمنح درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه إضافة إلى العديد من برامج التدريب التي تقدمها مؤسسات المنطقة بغرض تدريب العاملين وبناء قدراتهم. ومن ضمن هذه البرامج التدريبية برامج في الطاقة الذرية وتقنية النظائر الإشعاعية وتعليم معدات التكنولوجيا المتقدمة، حيث أسهمت هذه الأعمال في توفير مناخ تقني بحثي في جوانب مختلفة إلى أن بلغ عدد معاهد البحوث إجمالاً 54 معهداً.

3-منطقة سونجدو تكنوبارك

بدأت منطقة سونجدو للتقنية (تكنوبارك) في عام 1994م لتوفير بيئة مناسبة ومشجعة للشركات ولغرض نموها وتوسعها في طاقتها وإنتاجها لخدمة الاقتصاد القومي في كوريا حيث تحوي على 35 مركز أبحاث وتطوير للأعمال والمشاريع الخاصة إلى جانب جامعة إينها وجامعة إنشيون ومعهد كوريا للتقنية الصناعية على مساحة تقدر بحوالي 453 ألف متر مربع.

وتقع منطقة سونجدو للتقنية في منطقة إنشيون للاقتصاد الحر في مركز تسهيلات الأبحاث والتطوير وتتكون منطقة إنشيون من ثلاث مناطق (شيونجنا وهي منطقة سياحة وترفية، ومنطقة يونج جونج مدينة المطار متعددة الأغراض، ومنطقة سونجدو تكنوبارك). وتعتبر منطقة سونجدو تكنوبارك مؤسسة غير ربحية تأسست بمشاركة ومساهمات كل من جامعة إنشيون وجامعة إينها ومركز أبحاث إنشيون التابع لمعهد كوريا للتقنية الصناعية ومدينة إنشيون ميتروبوليتان بدعم من وزارة التجارة والصناعة والطاقة. تحتوي منطقة سونجدو تكنوبارك على خمسة أقسام رئيسة، بجانب عدة مراكز أبحاث وتطوير وهذه الأقسام هي :

مركز الإدارة الرئيس
مركز أبحاث وتطوير تجارة التقنية الحيوية
معهد كوريا للتقنية الصناعية
مركز أبحاث جامعة إنشيون
مركز أبحاث جامعة إينها
أما بالنسبة لمجالات الأبحاث وتطوير الصناعة فهي تشمل على: ميكاترونيك (ميكانيكا الإلكترونيات) والتقنية الحيوية وعلوم المواد المتقدمة وتقنية الإلكترونيات والمعلومات.وقد ساهمت هذه المدينة باعتبارها من ضمن منظومة استراتيجية التقنية في كوريا في توطين التقنية وخلق الفرص الوظيفية والرفع من مستوى البحث العلمي.
 
 

لقد احترفت كوريا الجنوبية أسوة باليابان عملية توطين تقنيات عالية استراتيجية من خلال إجراء الأبحاث والهندسة العكسية عليها ومن ثم تطويرها وتصنيعها محلياً وإعادة تصديرها كمنتجات مطورة إلى الأسواق العالمية بما فيها الدول التي نبعت منها هذه المنتجات.

ويتبين من تجربة كوريا الجنوبية زيادة حجم ودور مراكز الأبحاث الحكومية التي تنشأها الحكومة في مناطق الصناعات التقنية مما يشير إلى مدى تعمد الحكومة الكورية في توطين صناعات عالية التقنية في البلاد من خلال الدور الفعال الذي تقوم به مراكز الأبحاث الحكومية والمشتركة في مناطق الصناعات التقنية من مساعدة للشركات الكورية في عملية نقل المعرفة وتوطين وتطوير وتصنيع المنتجات العالية التقنية، كما ساند ذلك إنشاء الجامعات والكليات المتخصصة وتفعيل الآليات وبرامج الدعم العديدة التي خدمت هذا الاتجاه. 
 

 

4-4. مناطق الصناعات التقنية بالصين

حديقة زونجوانكن العلمية

أنشئت الحديقة (المنطقة) عام 1988م لتكون أول منطقة صناعات تقنية للصين على نطاق كبير. تضم المنطقة 56 جامعة بما في ذلك جامعتان كبيرتان هما جامعة بكين وجامعة تشنجاو؛ هذا إلي جانب 232 مؤسسة بحوث متخصصة في مختلف المجالات على رأسها أكاديمية العلوم الصينية. وقد أنشئت صناعات التقنية العالية على أسس متينة حيث بلغ عددها أكثر من 6 آلاف شركة منها 80% تشتغل بتقنية المعلومات. كما أن ما يزيد عن نصف شركات الإنترنت المرموقة موجودة في الحديقة، ومن نتيجة ذلك أن اقتصاديات الحديقة تنمو بسرعة حيث بلغ إيرادها عام 2000 ما يزيد عن 14 مليار دولار بمساهمة تزيد عن 60% من النمو الصناعي في بكين ذلك العام. وهذا شاهد واضح على التوقعات الكبيرة في نجاح التناغم الناجم عن اجتماع قوى الجامعات ومؤسسات البحث وشركات التقنية العالية التي تعمل سويا في الحديقة.

وهناك سلسلة من السياسات التفضيلية تم تنفيذها للترويج لقيام صناعات تقنية عالية قوية، ولاجتذاب الاستثمارات الأجنبية، ولقد كان للبنية التحتية للاتصالات المتقدمة وعلى رأسها الحكومة الالكترونية، والمواصلات السهلة، الفضل في اجتذاب الأعمال إلي الحديقة، كما أن هناك تجمعات تضاف إلي الحديقة لتقديم الخدمات لصناعات التقنية العالية منها مكاتب قانونية ومحاسبية وشركات إدارة واستشارات للاستثمارات؛ إلي جانب مراكز التجارة. كما أن إدارة الحديقة قد أنشأت أقساماً على الإنترنت لتقديم الخدمات للشركاء؛ حيث تقدم الحديقة استشارات مجانية لشركاء المستقبل لتوجيههم إلي الخطوات اللازمة لتواجدهم ونجاحهم في الحديقة، وتـقـــوم الحـديـقـة بتـلـك الخـدمـات علـى وجـــه الســـــرعة، 

كما أن الحديقة تحولت إلي برنامج قومي تجريبي لابتكارات التقنية وتعضيد الصناعات التقنية العالية، وقاعدة لتدريب القوى البشرية، لتخريج نخب على قدر مرموق من الكفاءة، هذا إلي جانب كونها حديقة علمية جميلة مزودة بأحدث المرافق والإمكانيات.

ولقد أدى ذلك إلي ازدهار الصناعة القائمة على المعرفة كبديل للصناعة القائمة على العامل، التي تقوم عليها الصناعة الصينية. وفي هذا المضمار تعتبر الحديقة الموقع الأول من نوعه الذي له مكانة قومية تدعمه الحكومة الصينية، بل إن الوكالات الحكومية وضعت سلسلة من القرارات المؤيدة ودعمتها بكم كبير من رأس المال، وفي عام 1999 قامت الحكومة الصينية بالموافقة على تأسيس منطقة زونجوانكن للتقنية العالية عقب النجاح المنقطع النظير للحديقة العلمية، بل إن إدارة الولاية أصدرت مرسوماً مسوغه أن استراتيجية نمو الصين تقتضي النمو السريع لزنجوانكن. لهذا فإن الحديقة العلمية أصبحت قاعدة تجارب مرموقة لابتكارات التقنية ومخططات الحضانة التي تعمل على تحويل نتائج البحوث إلي صناعات منتجة في القرن الواحد والعشرين، كما كان دور شنزهن في الثمانينات وشنغهاي في التسعينات.

في نهاية 1999م، كان هناك 1100 شركة ممولة كليّاً برؤوس أموال أجنبية كما أن نسبة الشركات القائمة على شراكة صينية أجنبية بلغت 17.7%، وقد بلغ الاستثمار الأجنبي 3.26 مليار دولار. ولتشجيع الاستثمار الأجنبي أصدرت الحكومة المركزية قوانين تشجيعية خفضت فيها الضرائب على الشركات والأشخاص العاملين في الشركات الممولة أجنبياً والتي تساهم في عمليات التصدير، وقد بلغ معدل نمو الحديقة السنوي 30% منذ نشأتها عام 1988؛ وتساهم الحديقة بحوالي 8.37% مـن المنتج القومي الكلــي الخــاص ببكين والـذي

يشمل 22.5% من المبيعات الصناعية ويضيف 60% إلى النمو الصناعي. وبصفة عامة يوجد في الصين 53 منطقة صناعات تقنية معظمها كبيرة الحجم مقارنة  بباقي دول العالم بحكم مساحة الصين وعدد سكانها العظيمين. 

نلاحظ من تجربة الصين مدى إسهام الحكومة في إنشاء مناطق صناعات تقنية كبرى كان لها دور هام في جذب استثمارات أجنبية هائلة، وتحفيز نشوء المئات من المنشآت الصينية والأجنبية الجديدة وتوفير الآلاف من الوظائف والارتقاء باقتصاد الإقليم الذي أنشئت به.

وتقوم الصين بإنشاء مناطق الصناعات التقنية على شكل مدن متكاملة وتوزيعها في كل إقليم بالصين لتساهم بذلك في تنمية جميع أقاليم الصين المختلفة. واستطاعت الصين من خلال توفير العديد من الحوافز الاقتصادية إيجاد صناعات متوسطة وعالية التقنية كبيرة الحجم أصبحت بذلك عامل جذب قوي مكن الصين من أن تصبح مركز صناعي عالمي تتسابق إليه أكبر الشركات المنتجة في العالم.

 

4-5. مناطق الصناعات التقنية بفنلندا

1-مدينة أولو التقنية (Oulu Technopolis)

في عام 1982م قرر مجلس مدينة أولو إنشاء المدينة العلمية (التكنوبولس) لتحقق بعدها فنلندا القفزات التقنية في مجالات مختلفة. ارتكزت فكرة إنشاء مدينة التكنوبولس في مدينة أولو الفنلندية على توليد شركات التقنية المتقدمة وتوفير كافة الخدمات لتلك الشركات بشكل خاص ومساعدة هذه الشركات على النمو والتطور والمنافسة الدولية. 

يقع المركز الرئيس للتكنوبولس في (لينانما) بمدينة أولو في المنطقة الشمالية من فنلندا، وتبلغ مساحته (7000) متر مربع في المرحلة الأولى، وسوف تصل هذه المساحة إلى (25000) متر مربع بنهاية المرحلة الرابعة من تنفيذ المشروع، ويحتوي على (29) مبنى يعمل بها (4500) موظف لدى (172) شركة منفصلة ومتخصصة في الإلكترونيات المتقدمة، وتقوم التكنوبولس بخدمة وتوفير الإحتياجات لشركات التقنية الناشئة والشركات الكبرى الأخرى في المنطقة مثل شركة نوكيا والتي بدورها تساعد على تعميم الفائدة على الشركات الواقعة في منطقة التكنوبولس. وقد تم في عام 2003م توسيع التكنوبولس بإضافة مبنى جديد واقع على طريق (لينتوكينتانتيا) بين مطار أولو ومركز المدينة وتضم هذه الوحدة (1400) موظف يعمل بها (11) شركة، حيث يوفر الموقع فرص عمل إضافية لـ(600) موظف يعملون في (51) شركة.

 

تدير مدينة أولو التقنية شركة التكنوبولس التي تأسست في العام 1982 برأسمال قدره (350) ألف يورو،  شراكة بين مجلس مدينة أولو بنسبة (50%) ومجموعة من الشركات الخاصة الأخرى، وفي عام 1997م تم تحويل الشركة إلى شركة مساهمة عامة برأسمال قدره (15) مليون يورو، وتمت زيادته بنهاية عام 2003م إلى حوالي (28) مليون يورو. وتساهم في الشركة قطاعات وشركات عامة وخاصة مختلفة.

يتركز دور شركة التكنوبولس بشكل رئيس على توفير بيئة نموذجية حديثة وملائمة لاحتياجات الشركات العلمية وخدمات اتصال تقني سريع ومتطور، وخدمات استشارية ولوجستية ذات جودة عالية، تساعد الشركات العاملة في مواقع مجموعة التكنوبولس على التفرغ الكامل لأداء الإنجازات التقنية ومساعدتها على النمو والنجاح، ودعم القدرة التنافسية لتلك الشركات، وذلك على المستويين المحلي والدولي. 

وأصبحت مدينة أولو المركز الرئيس لشركة التكنوبولس والتي تقوم بإدارة وتوجيه الأبحات والتطوير وتقديم كافة الخدمات من مبانٍ مكتبية ومختبرات وشبكات اتصال، كما تقوم الشركة بتسويق الأفكار والخدمات وتمويل المشاريع والأفكار الإبتكارية، وذلك من خلال التعاون والتنسيق بين الوحدات البحثية المحلية والجهات التمويلية المحلية والدولية. وقد أدى نجاح الشركة في تحقيق سمعة طيبة وعوائد مالية مربحة عالية، إلى التوسع والانتشار من خلال إنشاء فروع جديدة في مدينة هلسينكي ومدينة فانتا. ومن أهم أهداف شركة التكنوبولس ما يلي:

 
توفير بيئة أعمال مناسبة تمكن شركات التقنيات المتقدمة من تطوير أعمالها عن طريق البحث والتطوير والانفتاح على التقنيات والخبرات ذات العلاقة، مما يسهم في إضافة أعمال شركات جديدة ذات قيمة مضافة عالية.
دعم تنمية ونجاح الشركات من خلال توفير الخدمات والاستشارات والبرامج المساندة، مما يؤدي إلى زيادة القدرة التنافسية الدولية لتلك الشركات.
 

وتلعب مختلف الجهات الحكومية والخاصة دوراً مهماً وفعالاً في توجيه البحث والتطوير العلمي والتقني في إقليم أولو، وتعتبر إدارة مدينة أولو (البلدية) أحد أهم تلك الجهات حيث كانت المؤسس الرئيس لمدينة التكنوبولس، ويعتبر عمدة المدينة رئيساً لمجلس إدارة التكنوبولس، ويتكون النظام الابتكاري في الإقليم من جهات ومؤسسات مختلفة، تجمع بين الحكومة والقطاع الخاص ومراكز البحث الجامعية.

يتمثل الهدف من إقامة الحاضنات في إيجاد وتطوير أفضل أفكار الأعمال ذات الأساس التقني في فنلندا والمساعدة على تبني تلك الأفكار وتحويلها إلى شركات ناجحة على المستوى العالمي، حيث تمر عملية احتضان وتبني الأفكار التقنية بعدة مراحل، حتى تصبح حقيقة وتخرج كشركة منتجة تساهم في تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على المنافسة. 

وتعتبر اتفاقية أولو للنمو في التقنيات المتقدمة من أهم وأبرز الاستثمارات التي قامت بها فنلندا لصناعة مستقبل جديد وإضافة فوائد وعوائد إقتصادية كبيرة، ويمكن تقدير القيمة المالية للمشاريع الكبيرة في هذه الإتفاقية بحوالي (300) مليون يورو، وقد شارك في هذه الاتفاقية معظم الشركات العاملة في المنطقة الوسطى من فنلندا منذ أن تم إطلاقها في شهر فبراير عام 2002 م، حيث تمت صياغتها تحت إشراف مجلس مدينة أولو. ويعد المركز الإقليمي لتنمية الخبرات في منطقة أولو(Oulu Regional Center of Expertise) والشركات الموجودة في المنطقة، من أبرز الجهات المشرفة على التنفيذ وهي أشبة ما تكون بتوجهات إستراتيجية تنموية و إطار يحدد مجالات الاستثمارات المشتركة.
2-مدينة هلسينكي العلمية التجارية

تعد مدينة هلسنكي (العاصمة) مـركزاً رئيساً للتعليم العـالي، والبحث العـلمي، والاقتصاد والتركز السكاني. وتستضيف هلسينكي معظم المراكز الرئيسة لمؤسسات التمويل العـامة والخـاصة، مثل الوزارات الحكـوميـة ، وأكاديـميـة فنـلنـدا ، والتمويل الوطني الفنـلنـدي للأبحاث والتـطويـر (SITRA). كما تضم هلسينـكي أربـعة منـاطق بحثية تعليمية متـخـصصـة في التـقـنـية الحـيوية وعـلـوم الحياة.

 

وتوفر مدينة هلسينكي العلمية التجارية بيئة تجارية ديناميكية ومركزاً لتجمع الخبرات المتخصصة في مجال التقنية الحيوية، وتطوير الأدوية والمضادات الحيوية، وتقنية الأغذية والتقنية البيئية، وتهدف هذه المدينة إلى تطوير نجاحات الشركات الفنلندية في الأسواق الدولية، وزيادة القدرة التنافسية الداخلية لتلك الشركات.، وتقوم مدينة هلسينكي العلمية التجارية بدور فعال في توجيه الأبحاث الأكاديمية لرقي الدولة ورفاهيتها، وكذلك تهتم المدينة بالتعاون التجاري بين الشركات الموجودة في موقع المدينة والأبحاث الأكاديمية في جامعة هلسينكي، ومن أهم أهداف مدينة هلسينكي العلمية التجارية ما يلي:

تحويل الأبحاث الأكاديمية لجامعة هلسنيكي إلى أبحاث تجارية ذات مردود مالي، وتفعيل التعاون مع جامعة هلسينكي.
احتضان الشركات الناشئة الناتجة عن الأبحاث الأكاديمية عن طريق الحاضنات التجارية ومساعدتها للدخول في الأسواق المحلية والدولية
دعم وتحفيز التعاون بين الوحدات البحثية والشركات التمويلية.
 

وتقع مدينة هلسنكي العلمية التجارية بالقرب من مركز مدينة هلسينكي على تقاطع طريق (ليهدينفايالا) السريع والطريق الدائري. ويمتاز الموقـع بسهولة الوصول منه والحركة إلى جميع مناطق هلسينكي، ويـبعد موقع المدينة العلميـة حوالي 8 كيـلومتـرات عن مركز مدينة هلسينكي.

 

تأسست مدينة هلسينكي العلمية التجارية في عام 1992م، ومابين عام 1995-1996تم إنشاء مجمع (Viikki) الذي يشمل معهد التقنية الحيوية المتخصص في الأحياء الدقيقة وهندسة الجينات، وكلية العلوم المتخصصة في العلوم الحيوية والصيدلية، وكلية الزراعة والغابات المتخصصة في الأغذية والعلوم البيئية. وقد صممت مدينة هلسينكي العلمية التجارية بمختلف أجزائها لتوفر بيئة عمل تغطي  جوانب ومستلزمات الحياة اليومية كافة . وتتكون المدينة العلمية في هلسينكي من الأجزاء الرئيسية التالية:

جامعة هلسينكي التي تعتبر أحد أهم الوحدات التعليمية المتخصصة في أبحاث التقنية الحيوية، الزراعة وحماية الغابات والعلوم البيئية والتغذية على مستوى فنلندا والاتحاد الأوروبي.
مباني الحاضنات التجارية وتجهيزاتها (Cultivator I)، (Cultivator II) وتقوم هذه الحاضنات بتوفير المكاتب، المختبرات وسائل الاتصال ، و الخدمات المساندة من مكتبات، صيانة، ،نظافة ،أمن وخدمات التغذية والتموين والتخزين، كما تقوم بتقديم الخدمات الاستشارية -الإدارية ،التجارية، المحاسبية، المالية، التمويلية والقانونية والاتصالات التجارية.
المنطقة السكنية ومبانٍ وحدائق عامة.
 

ونظراً لوجود أربعة مناطق بحثية تعليمية متخصصة في التقنية الحيوية وعلوم الحياة في منطقة هلسينكي، فقد ركزت مدينة هلسينكي العلمية التجارية على تشغيل وتطوير أبحاث ومنتجات التقنية الحيوية والطبية، وذلك لعدة أسباب أهمها توفر القدرات البحثية والأكاديمية المتطورة في المجالات الآنفة الذكر، ووجود سلسلة من الأبحاث العلمية ابتداء من الأبحاث الأساسية وحتى الأبحاث المختبرية، وتوفر المصادر المالية لتمويل تلك الأبحاث الإبداعية لتحويلها إلى منتجات تجارية ملموسة، وسهولة الحصول على الموارد البشرية والكفاءات المدربة.

  وتعد هلسنكي مركزاً لصناعة التقنية الحيوية في فنلندا حيث تستحوذ على (45%) من إجمالي الشركات العاملة في هذا المجال والبالغة (137) شركة. وتسيطر بالمشاركة مع مدينة تركو(Turku) على ثلثي شركات التقنية الحيوية في فنلندا.، وتعود ملكية مدينة هلسينكي العلمية التجارية إلى عدة جهات حكومية وتمويلية، وتمتلك وزارة التعليم (28.6%) من رأس مالها، ومجلس مدينة هلسينكي (28.6%)، التمويل الوطني الفنلندي للأبحاث والتطوير (SITRA) (14.3%)، وجامعة هلسينكي (14.3%)، المنظمة الصناعية (14.3%). 

  ومن أهم المؤسسات والمراكز التابعة لمدينة هلسينكي العلمية التجارية:

معهد التقنية الحيوية.
كلية العلوم.
كلية الزراعة والغابات.
مراكز تطوير الأعمال.
حاضنات الأنشطة.
 

من خلال تجربة فنلندا يتضح لنا كيف استطاعت مناطق الصناعات التقنية المساهمة في التنمية الاقتصادية وبناء قاعدة صناعات تقنية قوية  بفنلندا من خلال التركيز على مجالات استراتيجية (وهي الاتصالات وتقنية المعلومات والتقنية الحيوية وعلوم الزراعة والبيئة) وتوفير البنية التحتية والخدمات المتقدمة لها لإنجاحها عالميا. وتعمل مناطق الصناعات التقنية في فنلندا ضمن أهداف وأساليب لتقديم الخدمات الموحدة على مستوى البلاد، مما جعلها أقوى منظومة وطنية للابتكار في العالم.

 

4-6. مناطق الصناعات التقنية بايرلندا

1- سيتي ويست (City West):

  منذ ما يزيد عن عشر سنوات، بدأت شركات تطوير سيتي ويست ممثلة في شركة ديفي هيكي بروبيرتيز بالتحضير لإيجاد أكثر المواقع الجاذبة للاستثمارات العالمية وقد باتت تلك الرؤية الآن موضع التنفيذ من خلال تطبيق العناصر الثلاثة الرئيسة التالية معا وهي:

اللاعبون (الأوساط المعنية) – ممثلة فيما يزيد عن 120 شركة استطاعت تحقيق انجازات عالمية مركزة على الإبداع والابتكار وعلى آخر ما توصل إليه العلم في مجال التقنية الحديثة.
المحيط – وهو عبارة عن مجمع شبيه بالحرم الجامعي تتوفر فيه عناصر ومقومات الإدارة والأمن ومحاط بنمط حياتي يوفر مكاناً جذاباً للعمل والعيش فيه.
البنية الأساسية – وهي عبارة عن حلقات اتصالات ذات تقنية حديثة جداً، تمكن من الوصول إلى العالم بأسره بسهولة ويسر وذلك من خلال الوسائل المادية والإلكترونية.
 

واليوم ومن خلال التصميم الذي أعدته الحكومة الايرلندية كالمجمع الرقمي الوطني الايرلندي ، فقد باتت سيتي ويست جاهزة لاستقبال المزيد من الشاغلين الذين يشاركون بما لديهم من رغبات  وآراء وانفعالات وذلك بهدف إيجاد مركز عالمي التفوق والامتياز .

لقد استقطبت سيتي ويست ما يزيد عن 80 شركة من 9 جنسيات مختلفة.  وتسعى الشركات العالمية للاستفادة من معدلات الضريبة الجذابة الخاصة بالشركات ومن توفر الأيدي العاملة المتعلمة ذات المهارات العالية مما أدى إلى اختيار سيتي ويست كمقر رئيس في أوروبا أو كقاعدة انطلاق عالمية. وقد أدركت العديد من الشركات الايرلندية ذات المكانة العالية أن سيتي ويست هي الموقع المفضل عالمياً في هذا المجال.  

2- المجمع التقني الوطني الايرلندي :

يقع المجمع على مسافة 3 أميال من مدينة ليميريك (عاصمة منطقة منطقة شانون الايرلندية) في الجزء الجنوبي الغربي لايرلندا حيث تأسس في عام 1984م .

ويركز المجمع على تقنيات المعلومات والاتصالات، وقطاعات المواد والتجارة الإليكترونية وهي القطاعات الرئيسة المتواجدة في المجمع التقني الوطني.

يقع المجمع التقني الوطني الايرلندي على مساحة تبلغ 1.6 مليون متر مربع، ويضم 80 شركة و30 مبنى و 5.400 موظفاً. ومن الشركات العالمية القاطنة في هذا المجمع شركة بي تي / ديجي فون، وديل ، ويرلد كوم .وتقوم الشركة الايرلندية للتطوير الإقليمي الحكومي التابعة لمنطقة شانون الأيرلندية للتطوير بإدارة المجمع بالاشتراك مع جامعة ليميريك، وللمجمع كذلك شركة إدارة تسمى شركة بلاسي لمجمعات التقنية الوطنية المحدودة، و هي مسئولة عن تحديد متطلبات أهلية الشركات المتقدمة وعن تعليمات وتوجيهات التطوير الخاصة بالمجمع،.وهناك اتحاد قائم بصورة رئيسة ما بين المجمع واثنتين من كليات التعليم العالي الايرلندية وهما جامعة ليميريك ومعهد ليميريك للتقنية. 

وتتضمن البنية الأساسية للتقنية: دائرة ألياف بصرية والاتصالات التفاعلية عبر شبكة الاتصالات المحلية ذات النطاق الواسع، وماكينات الصرف الآلي والتوصيل الإطاري وشبكة الشرق ( لتشمل البريد الاليكتروني، الدخول لخدمة الانترنت وخدمات استضافة موقع الشبكة، وشبكة الإرسال الرقمي للخدمات المتكاملة والاتصال بالشبكة)، كما يضم المجمع حاضنة تقنية تسمى ” مركز الإبداع ” تقدم خدمات في مجال تطوير الأعمال وتمويل المشاريع في مراحلها الأولية وخدمات المراقبة وتمنح براءات اختراع وتراخيص.

توفر ايرلندا حوافز ضريبية جذابة للشركات القاطنة في هذا المجمع (أسوة بغيرها من مناطق الصناعات التقنية الأخرى في ايرلندا)، .إذ قد قامت بتطبيق معدل للضريبة يبلغ 10% منذ 31 ديسمبر من عام 2002م على الصناعات التأهيلية، وبعدئذ سوف تزيد نسبة الضريبة إلى 12.5 % .  ويوفر برنامج تحضين مركز الإبداع تمويلاً يصل إلى 10.000 جنية ايرلندي لخريجي جامعة ليميريك الذين يسعون لبدء نشاطهم التجاري في ايرلندا ويتم توفير رأس مال صغير يتراوح ما بين 10.000 جنيه – 50.000 جنية ايرلندي للأعمال التجارية في مقابل ما نسبته 30% من حصة الملكية في الشركة. ولقد كانت هذه الحوافز مجتمعة سبباً في اجتذاب العديد من الشركات العالمية لإنشاء فروع لها في المجمع مما أدى ولصفة أساسية إلى إيجاد الآلاف من الوظائف عالية الأجر لسكان المناطق المحيطة به.

لقد تمكنت إيرلندا من اجتذاب العديد من الشركات العالمية لإقامة مصانعها في إيرلندا واستعادت بذلك عدد كبير من علمائها ومهندسيها الذين هاجروا في السابق للبحث عن بيئة عمل أفضل. لقد تمكنت إيرلندا من ذلك بعد توفير مناطق صناعات تقنية عالية المستوى كانت إحدى عوامل الجذب الرئيسة للشركات العالمية.

ولقد ركزت الحكومة الإيرلندية منذ السبعينات من خلال استراتيجية وطنية على بناء صناعة تقنية المعلومات في إيرلندا وأصبحت الآن الدولة الأكبر في العالم من حيث تصدير برامج الحاسب الآلي هذا بالإضافة إلى كونها مركز عالمي لصناعة الحاسبات. وبعد هذه التجربة الناجحة تقوم الحكومة الإيرلندية حالياً باستخدام نفس الأسلوب الذي اتبع في السابق لتنمية صناعات تقنية جديدة وهي صناعة الأدوية والتقنية الحيوية، وتطور إيرلندا حالياً عدة مناطق صناعات تقنية متخصصة في مجال الصحة والدواء والتقنية الحيوية.  

 

4-7. مناطق الصناعات التقنية بالمجر (هنغاريا)

مجمع بودابست لتقنية المعلومات

تمكنت هنغاريا في عام 1989م من استقطاب نصف الاستثمارات المباشرة الأجنبية في أوروبا الوسطى والشرقية وقد جاء الجزء الكبير من تلك الاستثمارات من شركات التقنية الموجهة، والتي حولت الإنتاج ونشاطات البحث والتطوير لاستخدام المواهب العلمية والهندسية ذات المستوى العالي إلى تقليد داخل البلاد ومن أجل الاستفادة الكاملة من هذه الميزة قررت الحكومة المجرية في عام 1996م أن ترعى إنشاء مجمع تقني للمعلومات في بودابست الهدف منه:

العمل كقاعدة لنشاطات الشركات الخاصة بالبحث والتطوير،  في صناعة تقنية المعلومات وغيرها من الصناعات ذات العلاقة .
استخدام تجربة مؤسستين أكاديميتين علميتين هما جامعة بودابست التقنية وكلية العلوم الطبيعية التابعة لجامعة بودابست .
إيجاد أساس لتطوير المعلومات وغيرها من التقنيات عالية المستوى والتي بإمكان الشركات المتعددة الجنسيات أن تقيم استراتيجيات التطوير الخاصة بالمنطقة عليها .
ولقد كان القصد من ذلك جذب الشركات من القطاعات التالية : المعلوماتية ، الاتصالات، معالجة البيانات، الالكترونيات، التقنيات المتعددة الأوساط، وتقنيات مراقبة وميكنة العمليات وتطوير البرامج. وقد وفرت الحكومة موقعاً للمجمع طور بشكل مبدئي ليتسع لمعرض عالمي وعدد من المباني التابعة لجامعة بودابست للتقنية وكلية العلوم الطبيعة لجامعة بودابست كما تم تأسيس شركة مساهمة ومجمع للمعلومات بمبادرة من وزارة الصناعة والتجارة ذات هدف واضح وهو استخدام مجمع المعلومات كمشروع تجاري وقد تم تأسيس الشركة في شهر ديسمبر من عام 1996م حيث أن لوزارة الصناعة والتجارة ما نسبته 75% وللجامعتين مجتمعتين ما نسبته 25% وسهلت الحكومة التعليمات الخاصة بالحصول على التصاريح والاذونات وبتسجيل الشركات المستفيدة .

وفي شهر إبريل من عام 1998م قام مجمع آر تي للمعلومات والاتحاد الألماني بإنشاء مشروع مشترك برأس مال هنغاري مسجل بلغ 1.8 بليون فورنت مجري (8.5 مليون دولار أمريكي) لتطوير مجمع المعلومات وقد قامت كل من شركة ديوتشي تيليكوم وشركة أندستري فيروموجين جيسلستشافت جي أم بس أتش بتوفير مبلغ 1.26 بليون فورنت مجري (6 مليون دولار ) من رأس مال الشركة الجديدة وسوف يساهم مجمع المعلومات آر تي بموقع تبلغ مساحته 14.2هكتار كما أن وزارة التجارة والصناعة نقلت إدارة ممتلكاتها في مجمع المعلومات للجنة التطوير الفني الوطنية بنسبة (24%) ولبنك التطوير الهنغاري بنسبة (49%) وسوف تحتفظ بحصة واحدة.

لقد كانت المجر إلى وقت قريب دولة تحت نظام شيوعي وفور تحررها من هذا النظام سارعت في إنشاء منطقة للصناعات التقنية وها هي الآن أصبحت من أكثر الدول الأوروبية اجتذابا للاستثمارات الأجنبية، ومما يلاحظ من تجربة المجر أن إنشاء مناطق الصناعات التقنية ركز على التنمية الاقتصادية من خلال استقطاب الكثير من رؤوس الأموال الأجنبية وخلق فرص عمل عالية الأجر للمواطنين، وتقوم بمساعدتها في ذلك ألمانيا نظراً لقرب البلدين والعلاقة التاريخية بينهم. وتستخدم المجر نفس الأسلوب الذي استخدمته إيرلندا من قبل في تنمية صناعات تقنية والذي يتكون من إستراتيجية وطنية شاملة ودعم وحوافز وإنشاء مناطق صناعات تقنية. 

 

4-8. مناطق الصناعات التقنية بالبرازيل

يوجد في البرازيل العديد من مناطق الصناعات التقنية التابعة للجامعات. إن كلاً من مجمع التقنية بجامعة ريو دي جينيرو         ( UFRJ Technology Park) ومجمع بايو – ريو (أحد أهم مجمعات التقنية الحيوية في البرازيل) وكلاهما يقع في حرم جامعة ريو دي جينيرو حيث يوجد أكبر كلية في مجال الهندسة في أمريكا اللاتينية –كوبي- إضافة إلى المعاهد العالمية الأخرى مثل مركز إمبراتيل للأبحاث ومركز إليتروبراس / سيبيل / بيتروبراس / سينبيس/ ومجموعة الـ12000 وهي مجموعة مكونة من 110 مختبر.

ويوجد في مجمع التقنية بجامعة ريو دي جينيرو مختبر مفتوح فريد من نوعه متخصص في تقنيات استخراج البترول من الحقول تحت البحار مما جعل هذه المنطقة عامل جذب كبير لمرافق أبحاث الشركات البترولية العالمية التي لديها مناصات البترول البحرية.

وفي بلدية مدينة كامبوس في المنطقة الشمالية من الولاية هناك مجمع تيكنورتي التقني وهو مجمع عالي المستوى ومقره في الجامعة في المنطقة الشمالية كما يوجد عدد من مختبرات البحث وتتمثل نشاطات المجمع في صناعات وأعمال تتعلق بالزراعة والمهن الطبيعية الخاصة بالمنطقة.

و يوجد في منطقة ميتروبوليتان مجمع أكسريم للتقنية حيث يوجد المعهد القومي لعلم القياس ويركز على قطاعات التقنية الإبداعية المرتبطة بعلم القياس.

مجمع جافيا للتقنية والثقافة

يقوم مجمع جافيا للتقنية والثقافة بالعمل في عدة  مجالات معرفية  كالمجال العلمي، الثقافي ، التقني ، والترفيهي في المناطق المحيطة،  وكذلك يقوم بمشاركات ثقافية. تتخصص المنطقة في التقنيات متعددة الأوساط (Multimedia)، وتوجد فيها جامعة بونتيفيكا والتي تضم حاضنات تقنية تستند إلى شركات ومختبرات للمؤثرات الصوتية وغيرها من المؤثرات الخاصة وتضم كذلك نظاماً تليفزيونياً عالمياً ونظاماً مبيناً للحركة ومعهداً للرياضيات المجردة والتطبيقية إضافة إلى العديد من الشركات المتخصصة في الوسائط المتعددة.

المجمع التقنية في كامبيناس

تعتبر هذه المنطقة من أكبر مناطق الصناعات التقنية في البرازيل ويوجد بها ما يزيد عن 4.500 من الصناعات الواقعة في كامبيناس التي تضم 50 شركة من بين أكبر الشركات العالمية البالغ عددها 500 شركة ومنها على سبيل المثال: آي بي أم، كومباك، نورتل، تويوتا، جنرال اليكتريك، دانون.

نلاحظ من التجربة البرازيلية كيف استطاعت البرازيل جذب عدد كبير من الشركات العالمية من خلال توفير البيئة المناسبة لهم لأداء العمل. إن معظم الشركات التقنية العالمية العاملة في البرازيل تحرص على إنشاء مرفق لها في مناطق الصناعات التقنية في البرازيل. وتساهم الحكومة البرازيلية بمشاركة القطاع الخاص في تمويل إنشاء جميع مناطق صناعات التقنية في البرازيل. وتنتهج البرزايل نهج كوريا الجنوبية من حيث حرصها على انشاء مراكز أبحاث حكومية في جميع مناطق الصناعات التقنية في البلاد من أجل توطين التقنيات المتعلقة بصناعات استراتيجية والعمل على تطويرها وتصنيعها محلياً.

 

4-9. مناطق الصناعات التقنية بالمكسيك

  يوجد في المكسيك مجموعة من مناطق الصناعات التقنية المتخصصة في تقنية المعلومات يقع أغلبها في ضواحي مدينة مكسيكو سيتى كما يوجد ثلاثة مجمعات تقنية تقع في مونتيري وجوادالاجارا وهناك اثنان من تلك المجمعات التقنية الثلاثة وهي مجمع مونترري للتقنية ومجمع أبوداكا للتقنية وكلاهما يقعان في مونتيرري ومجمع التقنية الآخر هو مجمع جوادالاجارا للتقنية ويقع في جوادالاجارا وتوفر الدولة لهذه المواقع ميزة محفزة لتجمع شركات التقنية وبها كم كبير من الإنشاءات وبنية تحتية حديثة للاتصالات وبعض الإعفاءات الضريبية.

وينتشر في المكسيك نمط التكتلات أو التجمعات الصناعية-التقنية وخير مثال عليه التجمع التقني الكبير الذي يقع في مدينة مونتيرري والتي تقع في منطقة جرداء قاحلة حيث يندر وجود الموارد الطبيعية وهي ذات مناخ حار جداً. فالمدينة لا تمثل تجمعاً تقنياً بالمعنى التقليدي بسبب كونها عبارة عن تكتل لمجموعة من الصناعات (وبخاصة الحديد والمعدات والمواد الكيماوية والسيراميك) بدلاً من صناعة واحدة. إلا أن هذا التجمع الصناعي ساهم في جعل المدينة ناجحة اقتصادياً حيث تنتج ما يقارب 9% من مخرجات التصنيع المكسيكية. ويرجع هذا النجاح إلى استغلال المكسيك لعدة عوامل مثل وجود الأيدي العاملة المدربة الرخيصة وقربها من الولايات المتحدة الأمريكية أغنى الأسواق العالمية.

بالإضافة إلى وجود العديد من الشركات المتعددة الجنسيات فإن جزءاً هاماً من الإنتاج في المكسيك يتم عبر مؤسسات صناعية كبيرة متعددة، وتشمل المشروبات ، البيع بالتجزئة ،المعادن، الأطعمة ،الآليات الذاتية الحركة ،المواد الكيماوية، والمنسوجات، وقد قامت هذه المجموعات الصناعية بشراء اثنين  من أكبر البنوك الوطنية، هما  (بانكومر وبانورتي) حيث زادت أهمية  المدينة  حالياً كمركز مالي.

وهناك تجمع صناعي أكثر تطوراً وهو تجمع مصانع الإلكترونيات في جاليسكو والذي يعتبر وادي السليكون المكسيكي وبه العديد من الشركات ومرافق التصنيع : لـ آي بي أم ، هيوليت باكارد ، أن إي سي ، موتورولا ، إنتل ، سيمنس وتعتبر جاليسكو أكبر الجهات التصنيعية الاليكترونية في المنطقة بما نسبته 35% من الإنتاج العالمي لهذه الشركات. وتعتبر القيمة المضافة ضمن المنطقة عالية إذ تبلغ 27%.  وهو ما يضع هذه المنطقة في مصاف المناطق والتكتلات التقنية الأكثر نجاحاً في العالم.

لقد استطاعت المكسيك من تهيئة بيئة عمل مناسبة للتجمعات الصناعية من خلال تحرير الاقتصاد وتسهيل بعض الأنظمة في بداية التسعينات الميلادية، وقد كان لتسهيل الأنظمة ذات العلاقة باتفاقيات نقل التقنية والاستثمار الأثر الكبير في إنجاح التجمعات الصناعية وجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية التي انبثقت منها فوائد عديدة مثل توظيف المواطنين وتدريب الأيدي العاملة على صناعة منتجات متوسطة وعالية التقنية مما وطن معرفة كبيرة في البلاد تم استغلالها لاحقاً من قبل شركات محلية كثيرة.

شركة سيليكون بوردر

تعتبر شركة سيليكون بوردر شركة تطوير خاصة لمجمعات صناعة تقنية عالية وأسست في عام 2001م من قبل جهات تعمل في مجال شبه الموصلات وذلك لتطوير منطقة صناعات تقنية ذات مستوى عالمي في باجا كاليفورنيا شمال المكسيك.

وبتوجيه من الرواد الاقتصاديين الأمريكيين والمكسيكيين باتت شركة التطوير سيليكون بوردر تركز على دعم تصنيع شبه الموصلات وعرض اللوحات الخاصة بالتصميم والتصنيع والتكامل وتمكن من إبراز وإظهار مركز التصنيع القليل التكلفة والفعال في أمريكا الشمالية والشركات المؤسسة.

إن الحجم الاقتصادي لتقنية المعلومات والاتصالات والالكترونيات وتركيز الحكومة المكسيكية على هذه المجالات سوف يجعل تطوير  25 مليون متر مربع من البنية الأساسية لشركة سيليكون بوردر مشروع ناجح من شأنه أن يلبي متطلبات قياسية لصناعات شبه المواصلات والصناعات العالية التقنية الأخرى ذات رأس المال المكثف.

إن فائدة استثمارات بقيمة بليون دولار في مرافق شركة سيليكون بوردر على مدى عقدين من الزمن ستجلب صنــاعــات عــاليــة التـقنيــة تتـضمـــن التـقـنـيـة الحيــويــــــة 
 
 
 
 
 
 
 
 

والاتصالات السلكية واللاسلكية والإلكترونيات البصرية وأجهزة الحاسب الآلي وملحقاتها والآلات والمعدات الدقيقة كما انها ستؤدي أيضاً إلى توظيف ما يزيد عن 100.000 من العاملين الوطنيين المكسيكيين وغيرهم من الرعايا الأمريكان.

أن المقر الرئيسي الأمريكي لشركة سيليكون بوردر للتطوير الواقع في بوويي بكاليفورنيا هو جزء من منطقة أنفاق المترو الكبرى بساندياجو وللشركة كذلك مكاتب في سيليكون فالي (بأمريكا) في ميكسيكالي وباجا كاليفورنيا (بالمكسيك) .

من خلال العرض السابق، يمكن ملاحظة كيف استطاعت المكسيك من زيادة ناتجها المحلي وتوظيف أعداد كبيرة من مواطنيها وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويتضح التوجه الاستراتيجي للمكسيك للدخول في مجال الصناعات التقنية من خلال انشائها ودعمها لـ سيليكون بوردر، ويتوقع نجاح المكسيك التجربة بعد نجاحها السابق في تهيئة البيئة المناسبة لقيام التجمعات الصناعية والتقنية في البلاد.

4-10. مناطق الصناعات التقنية بتشيلي

  يوجد في تشيلي العديد من المناطق الصناعية المتعددة الاختصاص والتي يمكن تصنيفها كمناطق صناعية أو مناطق تقنية دون تفريق حيث أنها مخصصة للصناعات التقنية والتقليدية على السواء،  وتعتبر تشيلي من الدول اللاتينية حديثة العهد في مجال الصناعات التقنية.

لقد استفادت هيئة التطوير بتشيلي (CORFO) من خدمات الاتصالات المتقدمة العالية التنافسية بالبلاد ومن المستوى العالي للتعليم لتطوير منطقتي صناعات تقنية ذات مستوى عالمي في تشيلي. 

مركز فالاريو للتقنية

يقع مركز فاليرو للتقنية في منطقة كورواما الصناعية على الطريق الرئيسي لمدينة سانتياجو وتوفر مساحات لطالما تطلعت لها الشركات التقنية في تشيلي. وقامت (CORFO) بتمويل تطوير المركز بمبلغ 5.4 مليون دولار بمواصفات عالمية عالية المستوى.  وتبلغ مساحة المركز 1.5 هيكتار. ويهدف هذا المركز إلى جذب الشركات التقنية العالمية والمحلية الرائدة.  

ويتأمل أن يصبح مركز  فاليرو للتقنية قطب لتطوير تقنيات المعلومات والاتصالات في امريكا الجنوبية. وتحظى مدينة فالباريو حاليا على اهتمام المنظمات العالمية لكونها منطقة في غاية الجمال وذات ثقافة عريقة. 
 

منطقة التقنية بجامعة تشيلي

تقع منطقة التقنية بجامعة تشيلي في مدينة سانتياجو بجانب المطار الدولي على مساحة قدرها 1000 هكتار وطورت المرحلة الأولى بتكلفة 20 مليون دولار.  ويتوقع أن تصبح هذه المنطقة مركز تجمع وعامل جذب كبير للمنشآت التقنية الإقليمية.  وتتركز أهداف المنطقة في ربط جامعة تشيلي الرائدة في المنطقة بالمنشآت الصناعية والتجارية والبحثية. وتحتوي المنطقة على مركز ابتكار وأعمال ذات معايير وخدمات عالمية، كما تساهم الحاضنة في هذه المنطقة في دعم مبادرات الأعمال المحلية.  

إن دولة تشيلي تعتبر من الدول الأسوأ حظاً جغرافياً حيث أن طبوغرافية البلاد جبلية عسرة وموقعها معزول عن الأسواق العالمية الكبرى، وبالرغم من ذلك تعتبر تشيلي من أنجح الدول النامية التي حققت تنمية اقتصادية في العقود الثلاث الأخيرة، ويرجع هذا النجاح الباهر إلى وضع الحكومة لاستراتيجية صناعية مبني على اقتصاد متحرر وعلى الموارد البشرية الوطنية. وتعتبر المؤسسات العلمية في تشيلي من أفضل المؤسسات في أمريكا اللاتينية، وقد كان التوجه الحكومي القوي لبناء خدمات إتصالات قوية ذات بنية تحتية عالمية المستوى الأثر القوي في زرع بذور صناعة تقنية المعلومات والاتصالات في تشيلي، ولهذا تركز مناطق الصناعات التقنية في تشيلي على مجالات تقنية المعلومات والاتصالات لاستغلال هذه الميزة النسبية، ويتوقع أن تكون المنشآت داخل هذه المواقع رائدة إقليمياً وعالمياً 
4-11. ملخص تجارب الدول العينة في إنشاء مناطق الصناعات التقنية

تعتبر مناطق الصناعات التقنية عنصراً من عناصر مبادرات عالية المستوى تتكون من استراتيجية شاملة ومنظومة وطنية (أو إقليمية) لتفعيل صناعات تقنية في الدولة أو الإقليم، لذا فمن المقترح تحديد آثارها الاقتصادية عند النظر إلى آثار المبادرة ككل. فالمبادرات المعروفة التي توجد بالتحديد في الدول العشر التي سبق دراستها يمكن معرفة آثارها الاقتصادية من خلال الشواهد لتحليل بعض المؤشرات والذي قدمتها هذه الدراسة، كما أن التحول الاقتصادي للدول العشر موضع المقارنة لم يكن إلا من خلال رؤية وقرار سياسي سليم للدخول في صناعات تقنية تبعها تفعيل استراتيجية طويلة المدى ثم إنشاء البنية التحتية المناسبة بدعم وتحفيز حكومي لعناصر المبادرة كافة، ويمكن تلخيص الخصائص التي تشترك فيها الدول العشر التي استعرضتها الدراسة في النقاط التالية:

إن الهدف الأساس من إنشاء مناطق الصناعات التقنية هو في الغالب إيجاد بيئة لإنتاج المنتجات التقنية وهذا من شأنه التالي :
 
جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
 
تحقيق قيم مضافة للاقتصاد الوطني تسهم في تنويع القاعدة الاقتصادية.
زيادة فرص العمل المتاحة ذات الدخل المرتفع.
تحويل الاقتصاد الوطني

أضف تعليق