نظرة على الدولة الأموية

الدولة الأموية

معاوية بن أبي سفيان 41هـ :

· نسبه :
o هو معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي.
o أمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف .
o ولد قبل البعثة بخمس سنوات وقبل الهجرة بثمانية عشر عاماً .
o حضر معاوية الخندق وشاهد من قوة الله ما أصابه من هلع .
o أسلم يوم الحديبية وكان يكتم إيمانه ولاحظه والده أبي سفيان وأعلن إسلامه يوم الفتح .
o شهد معاوية مع الرسول r غزوة حنين والطائف وأعطاه الرسول 100 من الإبل و100 أوقية من الفضة وكان من المؤلفة قلوبهم .
o اتخذه رسول الله r كاتباً للوحي وقد روى عن رسول الله r 160 حديثاً .
o وروى عن الحسين والحسن وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير .
o اختلف المؤرخون في كتبة معاوية هل هو كان كاتب أعمال رسول الله أو كاتب الوحي .
o أن العمل بين يدي رسول الله r شرف للإنسان في أي شيء يخص رسول الله r.
o وهذا دليل على ثقة رسول الله r فيه وأنه أمين على أعماله.
· معاوية بن أبي سفيان في عهد الخلفاء الراشدين :
o اشترك في معركة اليمامة لمحاربة المرتدين في عهد أبي بكر الصديق .
o اشترك مع أخيه يزيد في فتح الشام وخاصة المدن الساحلية مثل : صور – عكا – قيسارية .
o خلف أخيه يزيد بعد وفاته في ولاية دمشق في عهد عمر بن الخطاب وضم له الأردن بعد وفاة شرحبيل بن حسنة .
o حكم الشام 20 عاماً اكسبته خبرة في قيادة الأمة الإسلامية .
o أنشأ أسطول بحري في طرابلس بالشام وآخر في مصر في الروضة وخاض معركة ذات الصواري البحرية في عهد عثمان .
· صفاته :
o كان عاقلاً لبيباً حليماً عالماً ملكاً قوياً جيد السياسة – حسن التدبير لأمور الدنيا كريماً باذلاً للمال – محباً للرياسة .
o يحترم أشراف قريش ويكرمهم مثل عبد الله بن عمر وعبد الله بن العباس وأبان بن عثمان بن عفان .
o كان صاحب رأي – صاحب دهاء ومكر ورأي وحزم .
· منهج معاوية تجاه الأمة الإسلامية :
o الإحسان إلى كبار الشخصيات من أبناء الصحابة وشيوخهم عامة وبنو هاشم خاصة الذين كان يعتقد أنهم أفضل منه وأولى بالخلافة منه فراح بدهائه يمتص غضبهم لحلمه ويتقرب إليهم حتى اجتمعت عليه القلوب .
o توكيد الأمن في جميع أرجاء الدولة الإسلامية وذلك أنه اصطنع عدداً من أعقل وأكفأ رجال عصره وأقدرهم وأقواهم حزماً وأخبرهم بالإدارة وسياسة الناس ليساعدوه في إدارة الدولة وكان هؤلاء الرجال صنفين :
§ أما من أهل بيته مثل أخيه عتبة بن أبي سفيان ، سعيد بن العاص ومروان بن الحكم .
§ أو من أشد الناس إخلاصاً له وتنفيذاً لسياسته مثل : عمرو بن العاص ومسلمة بن مخلد والمغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه .
أنه كان يباشر أمور دولته بنفسه وكان يعرف كل صغيرة وكبيرة فكان يكرس كل وقته للإشراف على أمور الدولة ومصالح الرعية .
وبهذا المنهج الواضح ، والسياسة الحكيمة أدى إلى استقرار أحوال الدولة الإسلامية وسادها الأمن والنظام ولم يعكر هذا الاستقرار سوى الخوارج الذي اتخذ معهم سياسة الحزم والشدة .
· الفتوحات في عهد معاوية :
· فتح القسطنطينية :
o أصبح للمسلمين قوة بحرية فعّالة وقادرة على مواجهة البيزنطيين .
o وعندما أصبح معاوية خليفة صار حراً في اتخاذ القرارات ، وكان من سياسته الضغط على الدولة البيزنطية تمهيداً للاستيلاء عليها ، ولعله كان يهدف إلى إسقاط الدولة البيزنطية والقضاء عليها مثلما قضى على الدولة الفارسية في عهد عمر بن الخطاب لأنها تعتبر للبيزنطيين مركز القوة والأموال والرجال وللقسطنطينية أهمية بالغة :
§ موقعها الجغرافي فهي تلتقي عند آسيا وأوروبا ويسهل العبور بين القارتين وهذا سهل انتقال التجارة والاتصال الحضاري بين القارتين أمراً ميسوراً. كما أدى إلى ازدهار المدينة وجعلها من أكبر مراكز الحضارة .
§ فهي ميناء هام للبيزنطيين لاتصال مياه البسفور ببحر مرمرة فهو آمن لإرساء السفن فيه .
§ هي مركز سياسي وعسكري وحضاري واقتصادي وديني وثقافي وأدبي .
· الاستعداد :
o بعد موقعة ذات الصواري في عهد عثمان اعترفوا الروم بقوة المسلمين البحرية للأسباب الآتية :
§ ولذلك اهتم معاوية بصناعة السفن واختيار أمهر الصناع والإغداق عليهم بالأجور العالية .
§ كما أن التعاون بين الشام ومصر سواء من حيث المواد الخام لصناعة السفن أو الأيدي العاملة ، ففي الشام كانت تتوفر أخشاب الصنوبر والبلوط لصناعة السفن وفي مصر أخشاب الصنط لصناعة الصواري والمجاديف .
§ تقوية الثغور البحرية وشحنها بالسفن والجنود مثل : عكا وصور والإسكندرية.
· فتح القسطنطينية :
o بدأ معاوية يغزو قبرص – رودس ، وأنزل بها عدد من المسلمين سنة 52هـ وهي من أخصب الجزر وفيها الزيتون والكروم .
o ثم استولى القائد جناده على جزيرة أروار وأسكن بعض المسلمين بها ثم جزيرة كريت .
o وهكذا استولى معاوية على جزر شرقي البحر الأبيض المتوسط تمهيداً للوصول إلى القسطنطينية وغزا جزر جنوب البحر الأبيض المتوسط مثل صقلية بقيادة معاوية بن حديج .
o كما غزا معاوية أطراف الشام الشمالية وهي مناطق الحدود بين الدولة البيزنطية والدولة الإسلامية ضد غارات البيزنطيين ولتكن سنداً ضد القوات الزاحفة على القسطنطينية .
o كما أن البيزنطيين خربوا المناطق الواقعة شمال حلب وأنطاكية والحصون بين الإسكندرية وطرسوس في عهد الخلفاء الراشدين حتى لا يستفيد منها المسلمون ، فكان على معاوية أن يعمل على إصلاحها وتعميرها فاهتم بمدينة أنطاكية وعمر المدن وزودهم بالمؤنة بين الإسكندرية وطرسوس ، وجدد حصن مرعش .
o وهكذا استكمل معاوية استعداداته الحربية بحراً وبراً ودرب رجاله وحصن حدوده بإرسال حملة استطلاعية بقيادة فضالة بن عبيد الأنصاري واستطاع أن يكتسح دفاعات الروم ويصل إلى مدينة خلقدوينة .
· الحملة الأولى :
o ثم أخذ يدرب رجاله ثم أرسل جيش بقيادة سفيان بن عوف وجعل ابنه يزيد أميراً شرفياً عليها وكان في الجيش عبد الله بن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبو أيوب الأنصاري وقد توغلوا حتى وصلوا إلى القسطنطينية ودار بينهم القتال وتوفي أبي أيوب الأنصاري عند القسطنطينية .
o عودة يزيد بن أبي سفيان مع جيشه إلى الشام دون أن ينال من القسطنطينية لمناعتها.
o وأغلب الظن أن معاوية كان يدرك صعوبة الاستيلاء عليها للأسباب الآتية :
§ لمناعتها وحصانتها .
§ قسوة المناخ وشدة البرودة والتيارات الهوائية التي تأتي من البحر الأسود فتعوق السفن وتردها على أعقابها.
§ النار الإغريقية على المسلمين .
إلا أن المسلمين ثبتوا للبيزنطيين رغم مناعة وحصانة المدينة فإنها ليست بعيدة المنال عنهم وأنهم على استعداد لبذل الروح في سبيل نشر الإسلام ومع أن الحملة لم تنجح عسكرياً إلا أنها تعتبر ناجحة من الوجهة السياسية حيث جعلت شغل الأباطرة الشاغل هو الدفاع عن عاصمتهم ، ولذلك وجه الإمبراطور كل جهوده وأحدث تغيرات في النظم الحربية والإدارية والاهتمام بالجيش للدفاع عن إقليم آسيا الذي يعتبر المورد الأساسي للدولة في الشرق .
· الحملة الثانية :
o ففي سنة 54هـ اتخذ معاوية جزيرة أروار قاعدة حربية للعمليات الحربية لأنها قريبة من القسطنطينية فجهز معاوية أسطولاً ضخماً وأرسله للقسطنطينية وظل مرابطاً أمام أسوارها من 54هـ حتى سنة 60هـ فكانت الأساطيل تنقل الجنود من السفن إلى البر لمحاصرة القسطنطينية واستمر الحصار البري والبحري ، ولم يكن سوى مناوشات بين الطرفين من الصباح إلى المساء .
o وبالرغم من صبر المسلمين وجلدهم طيلة سبع سنوات إلا أن المدينة صمدت أمامهم لا بفضل مناعتها بل بسبب أن الإمبراطور تنبه من الحصار الأول فعمل على إصلاح:
§ أسوارها .
§ تقوية دفاعاتها .
§ حشدها بالمؤن والعتاد لمقاومة الحصار .
§ استعمال النار الإغريقية .
وفي النهاية دعت الظروف الداخلية في كل من الدولتين إلى إنهاء الحصار وعودة الأساطيل إلى الشام لأن معاوية أدرك أن مدة الحصار طالت دون تحقيق هدف كما أنه أحس بدنو أجله فرأى من المصلحة عودة الجيش إلى الشام بسبب خوفه على أبنه أن يواجه مشاكل عندما يرحل معاوية وذلك لضبط الأمور .
· فتح أفريقيا في عهد معاوية :
o لقد استلم عمر بن الخطاب مفاتيح بيت المقدس من البطريرك صفرونيوس .
o وفي هذه الأثناء عرض عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب فتح مصر للأسباب الآتية :
§ أهميتها العسكرية والاقتصادية والبشرية .
§ لنشر الإسلام بها .
§ لحماية حدود الدولة الإسلامية من أي خطر بيزنطي يهدد كيانها من ناحية الشام وفلسطين .
وبذلك سار عمرو بن العاص إلى مصر وأتم فتحها في ثلاث سنوات سنة 18هـ حتى 21هـ ثم اتجه بقواته إلى الغرب لتأمين حدود مصر الغربية ففتح برقة وصالح أهلها على 13 ألف دينار وقد تقبلوا الإسلام عن طواعية وكانوا يبعثون بالجزية سنوياً .
ثم سار عمرو بن العاص إلى طرابلس وفتحها ثم كتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في فتح أفريقيا ولكن عمر بن الخطاب رفض ذلك للأسباب الآتية :
أن عمر بن الخطاب ليس تواقاً للفتح لأنه كان يخشى على المسلمين من التوغل في أراضي غير مأمونة .
أن عمر كان على يقين أن الإسلام سيغزو القلوب دون حرب وسوف ينتشر في مشارق الأرض ومغاربها خاصة أنه دين الفطرة والإنسانية السليمة وقد ترك عمرو بن العاص عقبة بن نافع في مدينة برقة يدعو الناس إلى الإسلام وبذلك نجح عقبة في جذب قبائل لواته ونفوسة وزواغة وهراوة للإسلام.
وبعد وفاة عمر بن الخطاب كان والي مصر عبد الله بن أبي السرح في عهد عثمان بن عفان الذي استأذن الخليفة في غزو أفريقيا لأن خطر الروم أصبح لا يستهان به فكان من الخليفة حث الناس على الجهاد وفتح أفريقيا وأرسل جيش بقيادة الحارث بن الحكم وهو الأمير وكان ملك قرطاجة – جرجير ، فقتلوه المسلمين وقد طلبوا أهل أفريقيا من عبد الله بن أبي السرح أن يأخذ مالاً ويخرج من بلادهم وبذلك رجع إلى مصر ولم يولى عليهم أحداً . وفي عام 34هـ خرج معاوية بن حديج فافتتح قصوراً واتخذ قيرواناً عند القرن.
· النتائج :
o كانت حملات عمر بن العاص وعبد الله بن أبي السرح إلى أفريقيا مكنتهم من معرفة هذه البلاد طرقها ومسالكها وسكانها ومدى قوتهم.
o إزالة الرهبة والخوف من نفوس المسلمين إذا دعوا إلى فتحها.
· معاوية بن أبي سفيان وأفريقيا :
o توقفت الفتوحات بعد عهد عثمان بن عفان بسبب الفتنة التي أدت إلى قتل الخليفة عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب .
o ولما استتب الأمر لمعاوية بن أبي سفيان ضيق الخناق على البيزنطيين من الشرق في منطقة القسطنطينية ورأى أن يحاصر الروم من الجنوب عند شواطئ أفريقيا.
o أرسل معاوية بن أبي سفيان القائد معاوية حديج سنة 41هـ ففتح بنزرت وفي سنة 45هـ فتح قمونية وكان عدد الجيش عشرة آلاف جندي منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ويحيى بن الحكم وكان ملك الروم تقفور ومعه 30ألف مقاتل.
o أخرج معاوية بن حديج له عبد الله بن الزبير فأشرف عليه من تل عالي فخاف نقفور فهرب من البحر ورجع ابن الزبير إلى معاوية بعد أن تمكن من فتح سوسة – ومصراته.
o ثم أرسل معاوية بن حديج عبد الملك بن مروان في جيش بلغ 1000 فارس إلى جلولاء فحاصرها وقتل من أهلها عدد كبير .
o كما أرسل جيش في البحر ومعه 200 سفينة حتى وصلوا صقلية وسبوا وغنموا ثم رجعوا إلى أفريقيا .
o ثم أسند معاوية بن أبي سفيان القيادة للقائد المعروف عقبة بن نافع وكانت خطوة موفقة في اختيار عقبة .
o وقد أدرك عقبة أنه لكي يستمر الإسلام في أفريقيا لابد من بناء قاعدة ينطلقون منها إلى الجهاد ويعودون إليها لكي يأمنوا على أهلهم وأموالهم فبنى مدينة القيروان وبنى بها مسجد الجامع وبنى الناس مساجدهم ومساكنهم .
o أرسل معاوية إليه 10 آلاف فارس وانضم إليهم من أسلم من البربر وبذلك وضع عقبة نواة الجيش من البربر حتى كان مستقبلاً قيادة الجيوش في أفريقيا من البربر كما أصبح عقبة والياً على أفريقيا .
o سار إلى منطقة مقدامش فبلغه أن أهل مدينة ودان نقضوا الصلح الذي عقده معهم بسر بن أرطأة – وزهير البلوي ، أما هو فسار إلى فزان ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا ثم فتح كواره – وخاور – وغدامس .
o وقد أخذ عقبة يغزو ويرسل السرايا فدخل عدد كبير من الناس في الإسلام بأفريقيا وهذا لا يستبعد عن معاوية خاصة أنه خشى من عمرو بن العاص عندما كان والياً على مصر والمغرب ولذلك خشى من عقبة خاصة بعد أن أسس القيروان وأصبح له شعبية كبيرة في أفريقيا .
o ولكن هذا الرأي لم يوافق عليه أحد لعدة أسباب :
§ أن نزعة الاستقلال لم تخطر ببال أحد في ذلك الوقت .
§ أن عقبة لم يعرف عنه أنه طامع في الحكم أو لديه نزعة استقلال وإنما عرف عنه حبه لغزو والجهاد.
§ ولو أن معاوية كان يخشى من عقبة لما اعتذر إليه ثم وعده بإعادته إلى ولاية أفريقيا وبذلك أمر يزيد ابنه أن يعيده .
§ كما أن عقبة كان يعتمد على الجيش الذي يأتيه من مصر والشام خاصة أن معاوية أرسل لهم عشرة آلاف مقاتل وقد استعمل معهم القسوة والقوة ولذلك لم يكن محبوباً لديهم ولم يكن له شعبية .
إذاً كل ما في الأمر أن مخلد بن مسلمة كان له مجاملة لمولاه أبي المهاجر بن دينار.
· إساءة أبي المهاجر إلى عقبة :
o عند وصول أبي المهاجر إلى المغرب أساء عزل عقبة فسجنه وقيده بالحديد ولا ندري ما الذي جعل أبي المهاجر يقدم على ذلك ؟
o كما أن د/ حسين مؤنس يتهم مسلمة بن مخلد بأنه هو الذي أوحى إلى أبي المهاجر بالإساءة إلى عقبة .
o إلا أن ابن عبد الحكم يختلف معهم في الرأي بأن مسلمة أوحى بحسن عزل عقبة ولكن أبي المهاجر خالفه خاصة أن مسلمة ركب إلى عقبة حين مر بمصر وأقسم له أنه وصى أبي المهاجر به فلماذا فعل ذلك أبي المهاجر خاصة أن أبي المهاجر كان يحترم عقبة ، ويعرف مقامه وأنه جزع عندما دعا عليه عقبة وقال [ هذا رجل لا يرد له دعاء ] :
§ نحن لا نعرف استنتاج غير رأي د/ محمد علي دبوز أن أبي المهاجر اضطر لذلك لأن عقبة لم يرضخ للعزل خاصة بعد كفاح مرير وجهاد وفتح وتأسيس فليس من السهل أن يتنازل بسهولة وأنه يرى نفسه أحق بالولاية من أبي المهاجر.
§ كما أن أبي المهاجر خاف أن يقع خلاف بين المسلمين لعدم رضوخ عقبة فيستغل الروم الموقف فاضطر إلى سجنه حتى لا يحدث خلل بين المسلمين .
وإذا كان هذا الاستنتاج صحيح فلا بد على كل مسلم أن يحمل على القادة الأجلاء مهما كانت خلافاتهم لأن لكل قائد له وجهة نظر وأن يحاول اللاحق أن يستفيد من السابق وجهوده بدلاً من الإساءة إليه .
· سياسة أبي المهاجر بن دينار ومنهجه في بلاد المغرب :
o وهنا نرى أن أبي المهاجر قام بدور عظيم في بلاد المغرب وتمهيداً لقبوله للإسلام ديناً ونظاماً وحياة .
o فقد كان يتمتع بقدر كبير من الكياسة – والسياسة وحسن التصرف فقد رأى أن سياسة القوة التي استعملها عقبة لابد من تغيرها . وأن يستبدلها بكسب القلوب لأن البربر قوم أشداء يعتزون بكرامتهم وحريتهم فسياسة اللين قد تكون أنفع من القسوة وبذلك نجح في سياسته نجاحاً كبيراً .
o كما أدرك أن الذين يؤليون البربر هم الروم فقرر أن يعزل البربر عن الروم .
o فلابد أن يكشف للبربر أن المسلمين ما جاءوا إلى هذا البلد إلا لنشر الإسلام وليس لاستعبادهم واستعماره ويستغلوا بلادهم .
· سياسة الروم مع البربر :
وهنا نجد أن الروم قد غيروا سياستهم مع البربر :
بدأ الروم تتقرب من البربر .
عملت على إنهاء خلافاتهم معهم خاصة الخلافات الدينية لتضمن ولاءهم والوقوف معهم ضد المسلمين . وبذلك أزالت الروم روح الكراهية لدى البربر تجاه الروم .
بدأ البربر يعملون على شد أزر الروم والوقوف بجانهم ضد المسلمين ، وبذلك قام تحالف بين البربر المسيحيين والروم .
وكان هذا التحالف زمن أبي المهاجر بن دينار وبالرغم من الهزائم التي لحقت بهم من قبل المسلمين إلا أنهم مصرين على الاستمرار خاصة أن سلطانهم ما زال يمتد من بنـــزرت إلى طنجة .
ولذلك كان على أبي المهاجر أن يضرب ضربته الأولى حتى يهز كيانهم فما زالت قوتهم على ساحل المغرب من بنـزرت إلى طنجة فلابد من كسر جناحهم وأن يكسر حلفهم مع البربر .
سار إلى قرطاجنة ونازلها وتحصنت بالأسوار العالية وبذلك أحس الروم أنه لا قبل لهم بالجنس الإسلامي فطلبوا الصلح فصالحهم على شرط إخلاء جزيرة شريك حتى ينـزل جنوده بها وتكون مقراً لهم ولم يصالحهم بالأموال ، وكان هدف أبي المهاجر من احتلال جزيرة شريك أن يراقب الروم وتحركاتهم .
وهكذا نرى أنه حقق نصراً سياسياً وقد ترك فرقة من الجيش يرأسها حنش الصنعاني ليصد الروم إذا حاولوا الهجوم .
ثم رفع أبي المهاجر الحصار عن قرطاجنة بعد أن انتزع من الروم جزيرة شريك وترك بها حامية إسلامية تؤمن ظهر المسلمين وتراقب حركات الروم.
ثم اتجه إلى الساحل الغربي حتى وصل مدينة ميله وكان بها عدد كبير من البربر والروم ولديهم استعداد للقتال فقاتلهم واحتلها وأخذ الكثير من الغنائم منها . وهذه المدينة تتوسط المغربيين الأدنى والأوسط فهي مكان استراتيجي لمراقبة الروم والبربر وأقام بها سنتين . وفي خلال هذه السنتين استفاد أبي المهاجر في الاتصال بالبربر وشرح لهم حقيقة الإسلام ومساوئ الروم وبذلك نجح في هذه السياسة وأقبل البربر على الإسلام. وبذلك سكنت وهدأت عواصف الاضطراب من ناحية البربر .
أبي المهاجر يتطلع إلى المغرب الأوسط ويراقب الأحداث فوصلت له الأخبار بتجمع الروم والبربر فقرر المسير إليهم .
وكان يحكم المغرب الأوسط قبيلة أدرية وهي قسم من أقسام البربر البرانس وزعيمهم كسيلة وهو قوي الشخصية ذكي الفؤاد غيور على وطنه وله مكانة مرموقة بين البربر ، وكان يدين بالنصرانية ولا يعرف حقيقة الإسلام والمسلمين .
وقد شوهوا له الإسلام والمسلمين فأصبح عدوهم اللدود وأخذ يحرض البربر على حرب المسلمين وأبي المهاجر خاصة أنه عرف نية أبي المهاجر في أنه سوف يحتل المغرب الأوسط والأدنى وبذلك أثار كسيلة فيهم حمية الحرب فتجمع حوله جيش كبير العدد .
· معركة تلمسان :
o التقى أبي المهاجر مع كسيلة في منطقة تلمسان وكثر القتلى بين الفريقين كما أبلى كل من الفريقين وعرفوا خطورة نتائج المعركة وفي النهاية انتصر المسلمون وأسر كسيلة وهرب باقي جيشه .
o وقد أحسن أبي المهاجر معاملته وقربه وعامله بلطف معاملة الملوك وطمع في إسلامه وأدرك أبي المهاجر لو أن كسيلة أسلم سوف يسلم قومه لأنه زعيمهم وله مكانة في قلوب البربر .
o وكان أبي المهاجر يترقب هذا الاستثمار وبدأ :
§ يحدثه عن الإسلام وأنه دين التوحيد الخالص لله . ودين المساواة والحرية والأخوة وأنه لو أسلم لن يخسر بل سوف يكسب أجر الدنيا والآخرة .
§ كان كسيلة ذكياً مخلصاً لقومه وطموحاً ولا يريد غير الإصلاح وأدرك أن الإسلام هو دين السعادة والقوة وأن العرب هم الأخوة فأسلم وتعلم العربية وأصبح أبي المهاجر وأصحابه هم خاصته ودعا قومه للإسلام فأقبلوا عليه وأطلق كسيلة من الأسر .
§ وأصح من أعز أصدقائه أبي المهاجر وأحب البربر الإسلام وناصروا هذا الدين وبعد أن اطمأن أبي المهاجر إلى استقرار الأمور في المغرب الأوسط والأدنى واطمأن إلى إسلام البربر مع زعيمهم كسيلة رجع إلى قرية تسمى دكرور يراقب الروم ويرصد تحركاتهم لكن سوء الحظ لم يطل به فقد توفي مولاه مخلد بن مسلمة والي مصر سنة 62هـ وكان له سنداً قوياً وبذلك أعاد يزيد بن أبي سفيان سنة 64هـ عقبة بن نافع والياً على أفريقيا وعزل أبي المهاجر وبذلك انتهت الفتوحات في عهد معاوية .
· أفريقيا في عهد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان :
o في سنة 62هـ وصل عقبة بن نافع إلى أفريقيا وأول شيء عمله هو الانتقام من أبي المهاجر بن دينار والإساءة إليه وأوثقه وكان وصوله إلى المغرب من قبل الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان أن يكون والياً على المغرب بعد عزل أبي المهاجر .
o يتضح من ذلك أن عقبة لم يستطع أن يتخلص من عقدة الانتقام بعد هذه السنين الطويلة وكنا نتمنى أن يعفو عنه ويصادقه ويستفيد من خبرته وجهوده حرصاً على مصلحة المسلمين .
o كل المراجع أجمعت أن عقبة أساء إلى أبي المهاجر .
· فتوحات عقبة بن نافع في عهد يزيد بن أبي سفيان :
o لم يضيع عقبة وقته فاستخلف على القيروان زهير البلوي وقال بعض الدعاء : يا رب املأها علماً وفقهاً واملأها بالمطيعين لك وأجعلها عزاً لدينك وزلاً على من كفر بك.
o بدأ عقبة يستعد للغزو وكان عدد جنوده خمسة آلاف مقاتل بالإضافة إلى جيش البربر فغزا مدينة باغاية وقرطاجنة فهزمهم وقتلهم وأخذ الكثير من الغنائم منهم ثم اتجه إلى مدينة المنيسيتر وهي من أعظم مدن الروم وخرجوا ومعهم العدة والعتاد فقاتلهم عقبة قتالاً شديداً فهزمهم وأخذ الكثير من الغنائم.
o ثم اتجه إلى مدينة الزاب وقاتلهم عند وادي المسيلة فهزمهم وقتلهم وبذلك انتهى سلطان الروم في منطقة الزاب حتى وصل إلى منطقة طنجة والسوس الأقصى وبذلك كانت غزواته من القيروان حتى المحيط الأطلسي وقال لولا هذا البحر لمضيت أجاهد وأقاتل من كفر بك .
o وقد أساء عقبة إلى كسيلة زعيم البربر فلم ترضى البربر بهذه الإهانة خاصة أن أبي المهاجر عرف كيف يحتوي البربر لأنهم كانوا يعتزون بكرامتهم وأشار أبي المهاجر على عقبة أن يتخلص من كسيلة قبل أن يستفحل أمره ولكن لم يسمع له فأعد كسيلة كميناً لعقبة وقال أبي المهاجر عند ما عرف خطأ عقبة أن رسول الله كان يتألف جبابرة العرب وأنت تأتي إلى رجل جبار في قومه في دار عزة قريب عهد بالشرك فتهينه ولكن عقبة لم يصغي إليه .
o كما أن عقبة أخطأ خطأ آخر وهو أن سرح جيشه إلى الأمام بمسافات طويلة فسهل كسيلة والروم الغدر به ودارت الرسل بين الفريقين وقرروا الإيقاع به فبينما هو في مدينة تهوزا أحاط كسيلة بجيشه عليه عدته خمسون ألف جندي.
o أدرك عقبة ذلك وعرف أن هذه كارثة لا يستطيع الإفلات منها وقرر أن يواجه الموقف ونصح عقبه أبي المهاجر بالفرار لكن أبي المهاجر وعقبه وقاتلوا قتالاً شديداً حتى كثر فيهم الجراح فقتل عقبة وأبي المهاجر ومن معهم من المسلمين وقد ذكر بعض المؤرخين أن عقبة لم تكن له خطة واضحة أو هدف محدد وهذا خطأ لأن عقبة خطته واضحة هي الجهاد في سبيل الله ونشر الإسلام ونيل الشهادة ولو نجى عقبة لكان غير ذلك .
· نتائج معركة تهوزا :
o ضعف الروح المعنوية لدى المسلمين بسبب هزيمتهم وقتل قائدهم .
o تطاول كسيلة والروم على أملاك المسلمين .
· معاوية وولاية العهد لابنه يزيد :
o من أكبر المسائل التي واجهت المسلمين في انتقادهم لمعاوية بن أبي سفيان هو خروجه عن منهج قاعدة الخلافة التي اتبعها الخلفاء الراشدين وهو اختيار الخليفة من قبل المسلمين .
o ولكن معاوية حصرها في بيته وجعلها وراثة .
o وأن الذي أشار عليه بذلك هو المغيرة بن شعبة ومهما يكن فإن معاوية قد عزم على تولية أبنه ليكون خليفة بعده لأنه رأى ضرورة وحدة الأمة الإسلامية ومنع الخلاف .
o ومكث معاوية يفكر في ولاية العهد وأن ترك المسلمين بدون خليفة ولو لفترة قصيرة يؤدي إلى الثورات مثل الشيعة – والخوارج وخروجهما على الدولة .
o ولم يكن الأمر سهلاً خصوصاً مع وجود من يرونه أفضل منه في الخلافة مثل :
§ الحسن بن علي t .
§ عبد الله بن الزبير بن العوام .
§ عبد الله بن عمر بن الخطاب .
فهذه هي العقبة في طريق معاوية في ولاية العهد .
ولكن المشكلة ليست في ولاية العهد ولكن في تغير نظام الخلافة فسوف تصبح ملكية وراثية بعد أن كانت شورى بين المسلمين ، قال رسول الله r الخلافة بعدي في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك .
وقد بذل معاوية أسلوب الترغيب تارة وأسلوب الترهيب تارة أخرى واستعمل القوة في ذلك لمن يعارض هذا الأمر حتى نجحت جهوده في نهاية الأمر وأخذ البيعة لابنه لأن المغيرة بن شعبة قال له أنا أكفيك أهل الكوفة خاصة أن المغيرة عندما أشار إليه أن يولي ابنه يزيد كان يريد من معاوية أن يثبته على العراق فأسدى إليه بهذا الرأي .
وقال له زياد بن أبيه عندما سمع بالأمر لا تتعجل في الأمر ، ولكن بموت زياد بن أبيه قرر معاوية إعلان البيعة لابنه يزيد ولكن هناك ثلاثة أشخاص للمعارضة .
ذهب معاوية لأداء الحج في ألف فارس ومر بالمدينة المنورة وخطب بالناس وقال من أحق بالأمر من يزيد ثم توجه إلى مكة وطلب من عبد الله بن عمر بن الخطاب البيعة لأبنه يزيد فقال له [ أن الذين سبقوك من الخلفاء كان لهم أبناء أفضل من أبنك ولكن جعلوا أمر المسلمين شورى بينهم ولكن المسلمين إذا أجمعوا على أمر واحد فلن أكون مخالفاً لهم وأنا رجل منهم فقال له معاوية يرحمك الله ] .
وأرسل إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير فقالوا [ أن بايعوا الناس بايعنا ].
عندما رجع معاوية إلى الشام وأرسل الكتب إلى مناطق العالم الإسلامي لأخذ البيعة لابنه يزيد وقد أخذ البيعة لابنه ما عدا منطقة الحجاز .
وتذكر الروايات أن معاوية طلب من هؤلاء الثلاثة البيعة وهددهم بالقتل وأن لم يكن يضمر القتل لأن العنف لم يكن من طبع معاوية خاصة أن هؤلاء هم سادة الناس وأشراف قريش وكل ما كان يخشاه هو الاختلاف .
س- ولكن ما الدافع الذي جعل معاوية يأخذ البيعة لابنه يزيد ؟
هل لأن يزيد ابنه ؟
وهل ولاية العهد بعيدة عن الإسلام ؟
الواقع أن فكرة ولاية العهد لم تكن بعيدة عن الإسلام من الناحية النظرية وهذا عرف بإجماع الأمة من الناحية الشرعية . فقد عهد أبي بكر على عمر بن الخطاب بمحضر من الصحابة وأوجبوا على أنفسهم طاعة عمر t .
وقد رأى أبي بكر أن عمر أصلح الناس لتولي الخلافة ولم تكن تربطه به قرابة فاختياره له كان مجرد من الأمور الشخصية فهي لمصلحة الأمة الإسلامية كما أنه لم يصبح خليفة باختيار أبي بكر بل بعد مشاورة أهل الحل والعقد .
ولو أن معاوية اختار أحد غير ابنه لما اعترض عليه أحد فالاعتراض جاء لا من حيث العهد في حد ذاته وإنما لكونه ابنه .
ولكن هل اختيار معاوية جاء لمجرد أنه ابنه وحبه له ؟ لا يستطيع أن يجرد والد من حب ابنه .
ولكن الآمر أعظم من ذلك لأن معاوية رأى اختلاف المسلمين حول الخلافة ووجد أن من المصلحة تقتضي العهد من بعده لاستقرار الأمور ومنع الخلاف.
كما أنه رأى لو عهد بالخلافة لغير بني أمية لحدث خلاف بين المسلمين ومثال على ذلك أن عبد الله بن الزبير بايعته الحجاز والعراق ومصر ولكن لم يتم الأمر في الشام لأن بني أمية لم يرضوا بذلك وفي نهاية الأمر تغلبوا عليه وهذا ما يخشاه معاوية ، فلم يكن الأمر مجرد قوة بني أمية ولكن الأموال والرجال والجيش كما أن معهم كتلة كبيرة تؤيدهم من أهل الشام.
مثال آخر :
أن ولاية عمر بن العزيز للعهد ليزيد بن عبد الملك من بعده فعمر بن عبد العزيز كان يعرف عدم صلاحية يزيد بن عبد الملك للخلافة ولكنه لم يستطع أن ينـزع يزيد من ولاية العهد ويضع غيره لأنه يعرف معارضة بني أمية له ولا يستطيع أحد أن يشك في أمانة عمر بن عبد العزيز بأنه متحيز لابن عمه .
كما أن سليمان بن عبد الملك تخطئ أخوته وعهد بالخلافة لابن عمه عمر بن عبد العزيز لما رأى فيه الصلاح والتقوى .
فنحن نرى أن بني عبد الملك لم يسمحوا أن تخرج الخلافة منهم إلى ابن عمهم لأنهم يعرفوا أنها ستعود إليهم من بعده .
وذلك أن معاوية جعلها لابنه يزيد لأنه يعرف أنه لن تخرج من بني أمية ليس لمجرد العاطفة الأبوية وإنما لإبقائها في فرع بني أمية ولو أن الأمة الإسلامية دعيت إلى وحدة الكلمة ومنعوا الخلاف لما حدثت كربلاء ووقعه الحرة.
توفي معاوية بن أبي سفيان سنة 60هـ ودفن بالشام بعد عشرين سنة خلافة.
الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان :

o هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان .
o أمه ميسون بنت جحدل الكلبي .
o ولد سنة 25هـ أو 26هـ أو 27هـ .
o هو من التابعين روى أحاديث عن والده ، تربى في البادية عند أخواله من بني كلب تربية عربية إسلامية فنشأ شاعراً فصيحاً أديباً .
o ولم يعكر صفو الدولة الإسلامية سوى الحجاز أما الأمن والاستقرار فكان يسود بقية المناطق ويرجع الفضل في ذلك إلى معاوية بن أبي سفيان في كيفية حكم الدولة وإدارتها ومعاملة الناس .
o توفي يزيد بن معاوية سنة 64هـ وعمره 38 سنة ودفن في قرية من قرى حمص.
· الشيعة :
o كلمة الشيعة معناها الاتباع الأهل – الأنصار فكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة. غلب هذا اللقب على من يناصرون علي بن أبي طالب وأهل بيته حتى أصبح لهم اسم خاص.
o نشأ هذا الاسم بسيطاً واضحاً دينيناً ولكن مع مرور الزمن دخله التعقيد والغموض:
§ منهم من داخل تعاليم يهودية ونصرانية .
§ ومنهم من يريد أن يثور على الدولة لأنها عربية مسلمة .
وكان هؤلاء يتخذون التشيع ستاراً يخفون ورائه أغراض شخصية هدامة .
وقد تبلور مذهب الشيعة بعد استشهاد الحسين بن علي t سنة 61هـ وتفرعت منه فرق مثل : [ الإمامية – الزيدية – الإسماعيلية ] منها المعتدل ومنها المغالي ولهم رأيين:
أفكارهم عن الخلافة .
توارثهم .
· حادثة كربلاء 10/محرم/61هـ :
o أصبح معاوية بن أبي سفيان خليفة للأئمة الإسلامية بعد تنازل الحسن بن علي t بالخلافة له سنة 40هـ وسمي عام الجماعة.
o لم يوافق الحسين بن علي t على تنازل أخيه الحسن بالخلافة .. لمعاوية بن أبي سفيان ، لكنه استسلم لهذا الأمر.
o كان الحسين بن علي t يتردد على معاوية مع أخيه الحسن t فكان معاوية يجزل لهم العطاء .
o لكن بعد وفاة الحسن بن علي t أصبح الحسين بن علي t رئيس الهاشمية.
o توجهت أمال الشيعة بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي إلى الحسين بن علي t أن يكون خليفة للمسلمين .
o وكتبوا إليه 150 رسالة على أن يأتي إليهم ليبايعوه بالخلافة .
o كان معاوية يرصد حركاتهم وحركات الحسين بن علي t فيرسل جواسيسه في كل مكان خاصة عندما كتب مروان بن الحكم إلى معاوية يخوفه فيها من الحسين بن علي t .
o كان بإمكان معاوية القضاء على الفتنة إلا أنه لا يحب سفك الدماء ، كما أن الحسين بن علي t كان ينتظر موت معاوية حتى يكون في حل من البيعة بعد موته.
o وعندما توفي الحسن بن علي t انقطع الحسين بن علي عن زيارة معاوية بعد بيعة يزيد بولاية العهد .
o وبموت معاوية رفض الحسين بن علي t بيعة يزيد خاصة أن الشيعة بالعراق كانوا يلحون على الحسين بن علي t بالتوجه إليهم عندما علموا برفض الحسين البيعة ليزيد .
o خرج الحسين بن علي t مع أهله ومواليه وعبيده ومواليه وأولاده وأولاد عمه سنة 60هـ وصلوا في شهر شعبان إلى كربلاء .
o وقد أرسلوا الشيعة من قبل للحسين بن علي قالوا أنه ليس علينا إمام فأقدم علينا فلعل الله أن يجمعنا بك على الهدى فإن النعمان بن بشير بقصر الإمارة ولسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه في عيد ولو قد بلغنا مخرجك أخرجناه من الكوفة وألحقناه بالشام وذكروا له أسماء الشيعة الذين حضروا الاجتماع.
o أرسل الحسين بن علي ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة لمعرفة أحوالها وأخبار الناس بها وأن يأخذ للحسين البيعة منهم.
o كما أن أمير الكوفة النعمان بن بشير قد تهاون مع أنصار الحسين ولو أن النعمان استعمل الحزم مع مسلم ومنعه من الاتصال مع أهل العراق لتغير الموقف وهذا واجبه كمسئول عن ولايته ولكنه تصرف بحسن نية ولم يخطر بباله خروج الحسين عن الحجاز .
o أرسل مسلم بن عقيل رسالة إلى الحسين بن علي يشجعه على الخروج .
o أرسل الحسين بن علي رسالة إلى أهل المدينة يطلب بني عبد المطلب أن يحضروا إلى مكة استعداداً للخروج إلى العراق .
o التف الناس حول الحسين بن علي يحذرونه ويمنعونه من الخروج إلى أرض العراق ويذكرونه بنهاية والده ، وكيف تخلوا عنه وعن أخيه الحسن t .
o خرج الحسين بن علي t مع أولاده وأمواله ونسائه وبعض بني عبد المطلب وعددهم حوالي ستون .
o وقد نصحه عبد الله بن عباس قائلاً له أن بني أمية قد ضبطوا منطقتهم وأن أميرها ما زال بها ولم يقتلوه وقد نصحه ابن عباس لأن له خبرة عن أهل العراق .
o وعندما أصر الحسين على الخروج نصحه ابن عباس مرة أخرى أن يترك نسائه وزوجاته وأمواله في مكة وأن يتجه إلى اليمن فإن فيها من ينصره ولكنه لم يستمع له .
o كما نصحه الكثير من الصحابة على عدم الخروج مثل عبد الرحمن بن الحارث وعبد الله بن عمر .
o ولكن الحسين لم يأخذه العبر والعظة من أهل العراق الذين كانوا السبب في فتنة عثمان t ومقتله وما فعلوه مع والده علي بن أبي t وأخيه الحسن بن علي رضي الله عنهما .
o كان الحسين t يعرف ما سيحدث له من بني أمية الذين سوف يتعقبونه حتى الموت فأحب أن يكون بعيداً عن مكة .
o في هذه الأثناء كان أهل الكوفة قد بايعوا ابن عمه مسلم بن عقيل وكان عددهم حوالي 12 ألف .
o وعندما علم يزيد بن أبي سفيان بتحركات الحسين مع أهل الكوفة عزل أميرها النعمان بن بشير وولى عليهم أقسى عماله شدة وحزماً عبد الله بن زياد وبدأ يعامل أهل الكوفة بكل قسوة وشدة حتى عرف أخبار الحسين وقدومه وكيف أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل .
o انتقل مسلم بن عقيل إلى دار هاني بن عروة المرادي وأحضر عبد الله بن زياد هانئ وبدأ يعذبه لكي يعرف منه مكان مسلم وتحت التعذيب اعترف بمكانه فسأله لماذا أويته في بيتك فرد عليه بأنه طرح نفسه عليه . قال [ أئتني به قال والله لو كان تحت قدمي هنا ما أدلك ثم ضربه وشجه وسجنه حتى اعترف بذلك ] .
o وعندما علم مسلم بن عقيل بسجن هانئ المرادي أعلن شعاره والتف حوله 4000 من أهل العراق وتوجه إلى عبد الله بن زياد .
o جميع عبد الله بن زياد وجوه أهل الكوفة وكلموا العشائر فتفرقوا عن مسلم ولم يبق معه سوى 500 رجل وتحت جناح الليل انسحبوا ولم يبق معه أحد .
o أرسل عبد الله بن زياد رئيس شرطته ومعه 70 فارس إلى منـزل مسلم وقاتلهم ثم أعطوه الآمان لكن عبد الله بن زياد قتله ثم رماه من أعل المنـزل هو وهانئ المرادي .
o يتضح أن مسلم بن عقيل لم تكن عنده حنكة سياسية ولم يعرف كيف يخطط لذلك ، وإنما كان ذهابه عشوائي وقد اغتر بأهل العراق وعددهم ، ولكنه كان لا يعرف إنهم عند الشدة يتفرقون عنه وهذا ما حدث بالفعل .
o كل هذه الأحداث والحسين بن على لم يعرف شيء عن ابن عمه ، وعندما اقترب من العراق جاءه الخبر بقتل ابن عمه قرر الحسين العودة إلى مكة لكن أخوه مسلم قرروا القتال لأخذ الثأر لأخيهم الحقيقة أنه يعرفون أن الذي قتل أخوهم الدولة فهل لهم استطاعة بعددهم القليل مواجهة الدولة لقد عرضوا ابن عمهم للهلاك .
o قابله في الطريق الفرزدق سأله عن الناس فقال له [ قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية القضاء ينـزل من السماء والله يفعل ما يشاء ] .
o قابله عبد الله بن مطيع في الطريق وأخذ يحلفه بالعودة خوفاً أن تنتهك حرمة الإسلام وحرمة العرب وأن طلبت ما في أيدي بني أمية سوف يقتلوك وهذه حرمة الإسلام وقريش فلا تفعل ولا تأتي الكوفة ولا تعرض نفسك لبني أمية .
o قابله الحر بن يزيد التميمي فقال له إنا أمرنا إذا لقيناك أن لا نفارقك حتى ندخلك على عبد الله بن زياد فقال له الموت أدنى لك من ذلك ثم أمر أصحابه فركبوا لينصرفوا فجمعهم فقال له الحسين ثكلتك أمك ما تريد فقال الحر أما والله لو غيرك من العرب قالها ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناً من كان ولكن والله مالي إلى ذكر أمك من سبيل ثم منعه من الانصراف .
o اتجه الحسين بن علي إلى نينوي فقابله هناك عمر بن سعد بن أبي وقاص في فسأله ما الذي جاء بك فقال : [ كتب إلي أهل العراق أن أقدم عليهم فقدمت ] ، فكتب عمر بن سعد بن أبي وقاص إلى عبد الله بن زياد بذلك فكتب عبد الله بن زياد إليه أن يعرض عليه بيعة يزيد فإن قبل رأينا أمره ، وإن رفض يمنع عنه الماء هو والذين معه ، والحق أن الحسين عرض عليهم الرجوع أو الذهاب إلى يزيد وقد فرح عمرو بن سعد ولكنهم رفضوا طلبه.
o رفض الحسين بن علي طلبهم وعرض عليهم الرجوع إلى مكة ولكنهم رفضوا فدار بينهم القتال في 10 محرم بكربلاء وقتلوه قتلة شنيعة بالرغم من صبره وشجاعته أثناء القتال .
o وقد سلب معسكره ونهب وقتل من فريق الحسين حوالي 72 رجل .
o ومن جيش عمر بن سعد بن أبي وقاص 88 رجل .
o وحمل رأسه إلى أبن زياد وقد قطع رأسه سنان بن أنس واشترك معه شمر بن ذي الجوش وزرعه بن شريك .
o أخذ عبد الله بن زياد يعبث بقضيب في ثناياه فقال له زيد بن الأرقم [ ارفع هذا القضيب عن هاتين الثنيتين فوالله الذي لا إله إلا هو لقد رأينا شفتي رسول الله على هاتين الثنتين يقبلها ] ثم أخذ زيد بن الأرقم يبكي فقال له عبد الله بن زياد [ أبكي الله عينيك وأنك شيخ قد ذهب عقلك لضربت عنقك ] .
o ثم أمر ابن زياد برأس الحسن قطان بها في شوارع الكوفة.
o ثم أرسل رأس الحسين مع زحر بن قيس إلى دمشق للخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فقال له يا أمير المؤمنين أبشر بفتح الله ونصره وأخبره بقتل الحسين فدمعت عينين يزيد بن معاوية وقال [ أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه فرحم الله حسيناً].
ثم أمر ابن زياد برأس الحسين فطاف بها شوارع الكوفة .
ثم أرسل برأس الحسين مع زحر بن قيس إلى دمشق للخليفة يزيد بن معاوية وقال له يا أمير المؤمنين أبشر بفتح الله ونصره وأخبره بقتل الحسين فبكى يزيد وقال [ أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه فرحم الله حسينا ] .
o ثم دعا بأهل الحسين وأوصلهم وزاد في عطاءهم وأرجعهم إلى المدينة المنورة .
o لقد سلط الله على عبد الله بن زياد إبراهيم بن الأشتر فقتل ابن زياد وجز رأسه وأرسل برأسه إلى المختار بن أبي عبيد الله الثقفي وأخذ يعبث برأسه كما عبث برأس الحسين بن علي t .
· الحركة الزبيرية :
· أسباب تطلع عبد الله بن الزبير للخلافة :
o بدأت نواة هذا الحزب بعد فتنة عثمان بن عفان التي أدت إلى مقتله .
o اتخذ عبد الله بن الزبير من تأمير عثمان بن عفان على داره سبباً كافياً لأحقيته بالخلافة .
o خروج الزبير بتن العوام مع طلحة بن عبيد الله مع عائشة رضي الله عنهم ضد علي بن أبي طالب ومطالبتهم بالثأر لعثمان بن عفان فكان عبد الله بن الزبير هو المحرض الأول لهذا الحزب .
o كما أن آمر رسول الله r جده أن يؤم أبي بكر t الناس بالصلاة أثناء مرضه سبباً كافياً لأحقيته بالخلافة .
o واعتبر نفسه ربيب خالته عائشة رضي الله عنها له الحق بالخلافة .
o لذلك أخذ يتحين الفرص للوصول للخلافة .
o لكن الغريب في الأمر أن عبد الله بن الزبير عندما تنازل الحسن بن علي t بالخلافة لمعاوية لم يعارض معاوية خاصة بعد هزيمة حزب والده الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وعائشة رضي الله عنهم بل قاد الجيوش في عهد معاوية إلى القسطنطينية واشترك في الجهاد وفتح بلاد المغرب ويرجع ذلك للأسباب الآتية :
§ وجود من هو أحق منه بالخلافة الحسين بن علي t .
§ قوة شخصية معاوية بن أبي سفيان ومحبة أهل الشام له وأنها كانت بين يديه.
§ تولية معاوية مناطق العراق لولاة قساة لا يعرفون الرحمة مثل عبد الله بن زياد والمغيرة بن شعبة .
§ كما أن ابن الزبير لم يكن على كفاءة معاوية في الحرب وإدارة المناطق وتعيين الولاة وهو صاحب مكر ودهاء وذلك لسياسة أمور الأمة الإسلامية.
§ وكان معاوية يلحظ طمع عبد الله بن الزبير في الخلافة ، ومعارضته على بني أمية فكان يتودد له ويقول مرحبا بابن عمة رسول الله r وابن حواري رسول الله r ويأمر له بمائة ألف درهم .
§ ولكن ظهرت المعارضة من الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما عندما طلب منهم معاوية البيعة لابنه زياد بن أبي سفيان وأخذها منهم بالتهديد وذكرهم أن السيف سوف يكون أقرب لهم من أن ترد كلمته.
§ فمن الناس من بايع مختاراً محباً ومن الناس من رضي غصباً اتقاء الفتنة بين المسلمين .
§ كما أن ابن الزبير سكت غصباً اتقاء الأذى .
§ وعندما أصبح معاوية خليفة وعهد إلى ابنه بولاية العهد ظهرت المعارضة فرأى ابن الزبير أنه أحق بالخلافة للأسباب الآتية :
· لأنه صحابي وابن صحابي .
· لأن والده ابن عمة رسول الله r وحضر معه كل الغزوات وهو من السابقين إلى الإسلام.
· لأن جده أبي بكر الصديق أول خليفة في الإسلام .
· لأن خالته عائشة زوجة رسول الله r .
· كما أمه أسماء ذات النطاقين من أهل الجنة .
ولكن كان هناك عقبة أمامه هو وجود الحسين بن علي t لأنه أحق بالخلافة منه وهو ابن ابنة رسول r ولا يمكن للمسلمين أن يقدموا أحداً علية ، ولكن بموت الحسين في حادثة كربلاء أصبح المجال مفتوح أمامه للمطالبة بالخلافة.
حتى أنه شجع الحسين على الخروج للعراق حتى تتاح له الفرصة للخلافة.
وقد أخذ ابن الزبير يجمع حوله الأعيان ويتقوى حتى أن الحارث المخزومي نائب عمرو بن سعيد بن الأشدق على مكة لم يتمكن من الصلاة بالناس .
كان أمير المدينة الوليد بن عقبة فعزله يزيد وعيّن بدلاً منه عمرو بن الأشدق وجعل شرطة المدينة عمرو بن الزبير لأنه كان على خلاف ما أخيه عبد الله بن الزبير . أرسل الخليفة يزيد إلى عمرو بن الأشدق أن يرسل جيش لمحاربة عبد الله بن الزبير .
واستشار أمير المدينة عمرو بن الزبير في حرب أخيه فأشار عليه أن يرسله هو بنفسه لحرب أخيه عبد الله بن الزبير .
سار عمرو بن الزبير في 700 فارس إلى مكة أكثرهم من موالي المدينة لأن الصحابة رفضوا الدخول في هذه الفتنة التي تؤدي إلى سفك الدماء بين المسلمين.
وعندما وصل قرب مكة أرسل عمرو بن الزبير إلى أخيه رسالة يقول : [ بُر بيمينك وآته وفي عنقك جامعة من ذهب أو فضة ، ولا تدع الناس يضرب بعضهم بعضاً واتق الله فإنك في بلد حرام ] .
رد عبد الله بن الزبير على أخيه أن موعده المسجد .
أرسل عبد الله بن الزبير سرية بقيادة عبد الله بن صفوان بن أمية فقاتلهم وهزم عمرو بن الزبير وتفرق عنه جيشه وأخذ أسيراً إلى أخيه وقد أجاره أخوه عبيده بن الزبير ولكن عبد الله بن الزبير ضرب أخاه عبيدة وقال له [ تجير من في رقبته حقوق الناس ].
قيل أن عمرو بن الزبير مات تحت التعذيب .
لقد وجد ابن الزبير فرصة في قتل الحسين بن علي t في المطالبة بالخلافة وإشاعة الحقد والكراهية إلى بني أمية خاصة أن الناس كرهوا بني أمية بصفة عامة بعد حادثة كربلاء وخاصة كرهوا يزيد بن أبي سفيان لأنه هو السبب في قتل الحسين بن علي t .
التف عدد كبير من الناس حول ابن الزبير للثأر للحسين بن علي t .
خطب في الناس وأظهر عيوب بني أمية .
وعظم مقتل الحسين بن علي t .
وعاب على أهل العراق كيف تخلوا عن الحسين وقال [ رحم الله حسيناً وأخزى قاتل الحسين أفبعد الحسين نطمئن لهؤلاء القوم ونصدق أقوالهم ] .
طلبوا أصحاب الزبير أن يعلن بيعته فإن لم يبق أحد ينازعك الخلافة بعد الحسين لكنه فضل عدم العجلة والتأني وأن يتريث في بعض الأمور وكان يبايع الناس سراً.
عزل يزيد بن معاوية عمرو بن الأشدق من مكة وجعل الوليد بن عقبة.
لم يكن عمرو بن الأشدق مقصراً بل استعمل كل الأساليب للقضاء على ابن الزبير لكن الأحداث والأحوال التي حلت بالأمة الإسلامية كانت تساعده على جمع الكلمة والتفاف الناس حوله وذلك بسبب :
قسوة ولات بني أمية على أهل الحجاز .
قتل الحسين بن علي t في عهد يزيد بن معاوية .
ضعف جيش الأمويين بالحجاز .
وقوع الوليد بن عقبة بين فئتين فتنة ابن الزبير وفتنة الخوارج بقيادة نجدة بن عامر .
عزل الخليفة يزيد أمير المدينة الوليد بن عتبة وعيّن عثمان بن محمد بن أبي سفيان وكان حديث عهد بالإمارة ولم يكن له تجربة وفي عهده حدثت معركة الحرة .
· التعليق على حركة ابن الزبير :
o س- هل يعتبر ابن الزبير رجل سياسي ؟ وهل خضعت له البلاد بسبب تدبيره وحنكته السياسية ؟
o ج – نشأ ابن الزبير تقياً صالحاً محافظاً على الصلاة وكان فصيحاً شجاعاً بسبب البيئة التي عاش فيها من حيث :
§ تربيته لدى خالته أم المؤمنين عائشة .
§ والدته أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين .
§ جده الخليفة الصديق أبي بكر .
§ والده حواري رسول الله r .
§ بالرغم من كل ذلك ولكنه لم ينجح كرجل سياسي بالرغم أن حركته دامت عشرة سنوات من سنة 64 حتى 73هـ :
· ولكن كل ذلك كان بفضل أخيه مصعب بن الزبير الذي حكم العراق.
· وكان مركز حركته الحرمين الشريفين مما جعل الكثير يترددون في محاربته.
· جاءت البيعة له دون أن يسعى لها بفضل أخيه مصعب الذي أخذ البيعة من أهل العراق.
· بسبب الظروف السياسية وهو موت الخليفة يزيد بن معاوية وتنازل ابن الخليفة عن الخلافة .
· حقد الناس على بني أمية لقتلهم الحسين فبايعوا ابن الزبير لكي يتخلصوا من الفتن.
· كما أنه لم ينشأ جبهات داخلية في الأقطار الإسلامية لكي تؤيده . فعندما تولى مروان بن الحكم الخلافة استولى على مناطق ابن الزبير بكل سهولة ودون أن تكون هناك مقاومة ما عدا الحجاز .
· كما أن ابن الزبير لم يكلف نفسه في الدفاع عن هذه البلد أو يستعمل شيء من الدهاء لردع الأمويين وبذلك استطاع عبد الملك من الاستيلاء على العراق وقتل مصعب بن الزبير .
· مكوث ابن الزبير في مكة متحصناً بها واعتقد أن أعداءه لا يمكن الوصول إليه.
· رفض الانتقال إلى الشام عندما عرض عليه الحصين بن نمير البيعة ولو كان طالباً مجداً محفوف بالمخاطر لسار إليه وانتزع الخلافة من بني أمية قبل أن يختاروا مروان بن الحكم .
· أن اعتصام ابن الزبير بمكة جرأ أعداءه على ضرب الكعبة بالمنجنيق ولو التقى بهم خارج مكة لصان المسجد الحرام من أن تنتهك حرمته.
· كان قليل العطاء مع كثرة الأموال لديه فكان الأمويون ينفقون لاحتواء القلوب فكثر أنصارهم فعندما طلب أخيه مصعب أن يعطي وجهاء العراق رفض ذلك وعندما رجعوا بايعوا عبد الملك .
· أن أهل المدينة لم تكن قلوبهم منشرحة لابن الزبير والدليل على ذلك أن يوم الحرة لم يبايعوه خليفة وإنما بايعوا رجلين منهم كما أن علاقته بكبار الصحابة غير قوية وأيضاً مع بني هاشم لأنهم رفضوا بيعته فشتمهم .
· تخلى أبنائه وأهله عنه فخرجوا للحجاج بن يوسف الثقفي واستسلموا له معنى ذلك أن العلاقة معهم غير حسنة .
· معركة الحرة :
o أسباب معركة الحرة :
o أن والي المدينة المنورة عثمان بن محمد بن سفيان أرسل وفداً من أهل المدينة إلى الخليفة يزيد بن أبي سفيان في دمشق سنة 62هـ. وهم : عبد الله بن حنظلة ، ومعه ثمانية من أبناءه والمنذر بن الزبير .
o وعندما وصلوا إليه في دمشق أكرمهم وأعطى كل واحد منهم عشرة آلاف درهم.
o وبعد رجوعهم إلى المدينة بسنتين شتموا يزيد الخليفة وقالوا : [ قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويضرب بالطانبير ، ويلعب بالكلاب وأنا نشهدكم أنا خلعناه ثم بايعوا على الموت عبد الله بن حنظلة ] .
o كتب والي المدينة المنورة رسالة إلى الخليفة يزيد بن أبي سفيان يشرح له فيها الأوضاع.
o إن عبد الله بن الزبير بعد موت معاوية بن أبي سفيان لم يبايع الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بل أنه أظهر شتمه . وبذلك أقسم الخليفة يزيد بن معاوية أن يأتي بعبد الله بن الزبير مغلولاً فيجهز جيشاً بقيادة مسلم بن عقبة بن المري وأمره بقتال أهل المدينة بعد أن يدعوهم إلى ثلاث ثم يتجه إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير .
o أن معاوية بن أبي سفيان كان يأخذ الكثير من الأموال من صوافي المدينة لكن بني الحارث منعوه من أخذ شيء فاشتكوا إلى والي المدينة فأقسم يزيد أن يطأ المدينة بخيله.
· تحليل الأحداث :
o لو نظرنا إلى الأحداث نجد أن الخليفة يزيد كان مصراً على إرسال الجيش بسبب رفض ابن الزبير البيعة له وقبل أن يخلع أهل المدينة يزيد .
o كان هدف الجيش ابن الزبير وليس أهل المدينة .
o اعتقد يزيد أن تمرد أهل المدينة كان من تمرد ابن الزبير فالقضاء على ابن الزبير معناه القضاء على تمرد أهل المدينة وفتنتهم .
o كان السبب الحقيقي أن خطر ابن الزبير بدأ يزداد يوماً بعد يوم .
o أما سبب خلع أهل المدينة للخليفة يزيد وشتمهم إياه لم يكن السبب هو رجوع الوفد وإنكار ما شاهدوا على يزيد بن معاوية من منكرات لأنهم لماذا اسكتوا سنتين ثم بعد ذلك خلعوه ؟ لماذا لم يخلعوه من البداية .
o كما أن يزيد ليس بالرجل المتهور الذي يظهر المنكرات أمام الصحابة .
o كما أنهم لم يعرفوا سيرته قبل أن يكون خليفة من حيث أنه متهور ويشرب الخمر ويلعب بالكلاب.
· ولكن الهدف :
o هو إثارة الناس عليه حتى يخلعوه خاصة بعد قتل الحسين t .
o ضعف ولاة المدينة وسلوكهم في عدم استعجال الشدة لمن عصى.
o عدم قدرتهم الإدارية والسياسية .
o قلة عدد الجنود بالمدينة المنورة فلم تكن هناك حراسة أمينة .
o كما أن خزانة بيت مال المسلمين بالمدينة المنورة كانت خالية من المال. فكانوا أهل المدينة يعانون من ضيق اقتصادي وقد تعمد معاوية بن أبي سفيان إضعافهم اقتصادياً فباعوا أملاكهم فاشتراها منهم .
· مراحل معركة الحرة :
o اضطربت أحوال المسلمين عامة وفي الحجاز خاصة بسبب الفتن في عهد الخليفة يزيد بن أبي سفيان والضغائن بين الناس .
o عزل الخليفة يزيد أمير المدينة المنورة الوليد بن عتبة وعيّن بدلاً منه عمرو بن الأشدق .
o جاء الوليد فدس لعمرو بن الأشدق عند الخليفة فما كان من الخليفة إلا أن يعزل عمرو بن الأشدق وأعاد الوليد لولاية المدينة .
o وفي عهد يزيد ثار الخوارج بقيادة نجدة بن عامر .
o وفي هذه الظروف اشتكى الناس من والي المدينة فعزله الخليفة وولي عليهم عثمان بن محمد بن أبي سفيان وكان صغير السن ولم تكن لديه خبرة فأرسل وفداً إلى الخليفة في دمشق فأكرمهم وبذل لهم العطاء .
o ولكن هذا العطاء جاء متأخراً لأن بذور الكراهية قد ثبتت في المجتمع المدني بعد حادثة كربلاء .
o كما أن الخليفة يزيد ليس بالرجل القاسي كما وصفه أهل المدينة وإنما الرجل المحب لأهله وعشيرته ويعرف قدر أهل المدينة ومنزلتهم .
o فبدأ معهم بسياسة اللين والتفاوض ولو خرج عليه غير أهل المدينة لما فعل معهم ذلك بل العكس .
o ولو كان معاوية موجوداً لأستعمل معهم السيف وقد أرسل لهم النعمان بن بشير ودعاهم إلى الطاعة ولزوم الجماعة وخوفهم من الفتنة وأنهم لا طاقة لهم بها.
o وقد رد عليه رجل من أنصار ابن الزبير يسمى عبد الله بن مطيع بأن يزيد يريد أن يفرق جماعتنا وإفساد الأمر بيننا .
o كما وضح لهم النعمان بشير إن الحرب تؤدي إلى قتل الكثير من المهاجرين والأنصار والتابعين .
o ولكن لم يستمعوا إليه فخرج إلى طريق الشام .
o أرسل الخليفة رسالة إلى أهل المدينة يأمره بأن يقرأها عليهم [ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وإني لأطأكم وطأة أقل بها عددكم وأجعل أخباركم مثل عاد وثمود ] .
o رد أهل المدينة بالشتائم على رسالة الخليفة والوالي واتفقوا على شتم يزيد وخلعه.
o ولت الأنصار عبد الله بن حنظلة ولت قريش عبد الله بن منيع واتفق أهل المدينة على إخراج والي المدينة من قبل الخليفة يزيد بن معاوية وإجلاء كل بني أمية.
o اجتمع بني أمية في دار مروان بن الحكم ثم كتب مروان رسالة إلى الخليفة يزيد بما حدث قائلاً [ فإنه قد حصرنا في دار مروان ومنعنا الماء العذب فيا غوثاه ].
o رد يزيد الخليفة برسالة قائلاً [ لقد بدل الحلم الذي في سجيتي فبدلت قومي غلظة بليان ] .
o عرض الخليفة يزيد على عمرو بن سعيد بن الأشدق أن يرسله لتأديب أهل المدينة لكنه رفض ذلك لأنه كان والياً عليها وقد ضبط أمورها وخاف أن تراق دماء تكون عار عليه ومعيبة في حقه وأشار أن يولى بدلاً منه .
o أرسل الخليفة مسلم بن عقبة بن المرى وكان شيخ ضعيف مريض وكلفه بتكوين جيش لغزو المدينة .
o أطمع الناس بزيادة العطاء قال [ سيروا إلى الحجاز على أخذ أعطياتكم كاملاً ومعونة 100 دينار توضع في يد كل رجل في الجيش ] .
o اجتمع على مسلم بن عقبة 12 ألف محارب وعشرة آلاف فارس .
o ووصى الخليفة يزيد أن حدث شيء له أن يكون من بعده الحصين بن نمير .
o أمر الخليفة يزيد مسلم بن المري أن يدعوهم إلى ثلاث فإن قبلوا كف عنهم وإن رفضوا فاستعن بالله وقاتلهم وإذا انتصرت عليهم فأبح المدينة ثلاثة أيام ثم أكفف عن الناس ، وإذا لقيت علي بن الحسين فأكفف عنه واستوصي به خيراً وقرب مجلسه فإنه لم يدخل مع الناس .
o أظهر يزيد بن معاوية أسلوب الترغيب مع أسلوب الترهيب .
o وأعطاهم عهداً أن أطاعوا أن يكون لهم عطاءان وأن يرخص لهم الطعام .
o ثم أمر عقبة إذا انتهى من المدينة أن يذهب إلى مكة ويحارب ابن الزبير.
· وصول الجيش إلى المدينة :
o عندما وصل جيش الخليفة إلى المدينة المنورة بقيادة مسلم بن عقبة هجم أهل المدينة على دار مروان بن الحكم وبه بنى أمية وقالوا لهم : [ لا نكف عنكم حتى نضرب أعناقكم أو تعطونا عهداً أن لا تدلوا أحداً علينا من هؤلاء الشاميين فنكف عنكم ونخرجكم ثم أعطوهم العهد ] .
o خرجوا بني أمية وقابلهم مسلم بن عقبة في الطريق بوادي القرى.
o طلب منهم أن يدلوه ولكنهم رفضوا لأنهم أعطوا العهد بعدم البوح عن مداخل المدينة .
o ثم أشار عليهم عبد الملك بن مروان أن يأتوا المدينة من المشرق حتى لا تؤذى الشمس جنودهم ويرى القوم بريق سيوفهم فيصيبهم الرعب .
o سار مسلم على رأيه ونزل شرق المدينة ودعا أهل المدينة إلى الطاعة وقال : [ يا أهل المدينة أن الخليفة يزيد يزعم أنكم الأصل وأني أكره إراقة دمائكم وأني أوجلكم ثلاث فمن راجع الحق قبلنا منه وانصرفت عنكم وسرت إلى هذا الملحد الذي بمكة وأن أبيتم كنا قد عزرنا إليكم ] .
o وبعد ثلاث أيام سألهم الحرب أم السلام ففضلوا الحرب .
o عمل أهل المدينة خندق وقسموه إلى :
§ قسم قريش .
§ قسم الأنصار .
§ قسم للموالي .
أقام مسلم بحرة وأقم وهي الحرة الشرفية جاء مروان بن الحكم إلى بني حارثة ورغبهم في العطاء وصلة الرحم ففتحوا طريقاً لدخول الرجال من أهل الشام فتركوا الرجال أماكنهم لحماية أهاليهم وأباح مسلم المدينة ثلاث أيام ودارت المعركة وقتل عدد كبير من الرجال .
وقد بالغ المؤرخون في عدد القتلى ولكن الحقيقة قتل منهم 700 رجل منهم عبد الله بن حنظلة وأبنائهم .
وأن معركة الحرة تفوق كثير من معركة كربلاء في مأساتها لأنها حدثت في حرم رسول الله r وهذا انتهاك لقدسية الإسلام .
وإذا كان رسول الله أوزي في قتل الحسين فقد أوذي في قتل أصحابه وضيوفه وأنصاره.
· نهاية ابن الزبير :
o بعد أن انتهى مسلم من وقعة الحرة توجه إلى مكة لحرب ابن الزبير وجعل على المدينة روح بن زنباع .
o وصل إلى الأبواء فتوفي سنة 64هـ في محرم ثم تولى قيادة الجيش الحصين بن نمير على حسب أوامر يزيد .
o وجد الناس قد بايعوا ابن الزبير ومعهم رجل من الخوارج يسمى نجدة بن عامر الذي انضم إلى ابن الزبير .
o حاصر الحصين مكة وفجأة توفي الخليفة يزيد سنة 64هـ فقال الحصين لابن الزبير : أن هذا الرجل قد هلك وأنت أحق بهذا الأمر فتعالى معي إلى الشام فوالله لا يختلف عليك اثنان .
o لكنه رفض عرض الحصين لأنه لا يثق في أحد ولذلك رجع الجيش إلى الشام.
o أخذ الناس يبايعون ابن الزبير وجعل أخيه عبيدة بن الزبير أميراً على المدينة وطرد بن أمية إلى الشام .
o بايعه أهل مصر وجعل عليها عثمان بن جحدر .
o وجعل أنس بن مالك على الكوفة – والبصرة .
o أخذ مروان بن الحكم يستعد لابن الزبير فتمكن من الشام كلها وأخذ مصر وجعل عليها ابنه عبد العزيز حتى يأتي عهد الخليفة عبد الملك بن مروان فيقضي على حركة ابن الزبير .
الخليفة مروان بن الحكم :

o هو أول خلفاء بني مروان وهو من الأسرة المراونية هو مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي أبو عبد الملك .
o وهو صحابي عند طائفة من المؤرخين لأنه ولد بعد عبد الله بن الزبير بأربعة أشهر.
o والمعروف أن عبد الله بن الزبير ولد في السنة الأولى من الهجرة ولذلك يكون مروان بن الحكم قد بلغ العاشرة عند وفاة الرسول r ولذلك اعتبره بعض المؤرخين صحابي ولكن ابن سعد في كتابه الطبقات اعتبره من أوائل التابعين ، والأصلح أنه من الصحابة .
o كان أبوه الحكم بن العاص من كبار المؤذين لرسول الله r وأسلم وما زال يؤذي رسول الله r فنفاه وعندما تولى عثمان الخلافة أرجعه .
o وكان علي t يعتبره من أسياد شباب قريش وفضلائها وأن له صلة رحم.
o وكان على t يسأل عنه يوم الجمل ويكثر السؤال وقال أنه يعطفني عليه رحم ماسة وهو سيد من شباب قريش .
o وكان ذا شهامة وعدل وهو من كبار الأئمة بالإضافة إلى ذلك صاحب مكر ودهاء . سئل معاوية من تركت لهذا الأمر من بعدك ؟ فقال القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله الشديد في حدود الله مروان بن الحكم .
o كان مروان كاتب لابن عمه الخليفة عثمان بن عفان وصاحب سره اتهم مروان أنه كاتب الكتاب يوم فتنة عثمان ولكنه أنكر ذلك ونفى وكذلك عثمان وقد دافع عن عثمان يوم الدار – وانضم إلى الزبير وطلحة وعائشة بعد مقتل عثمان ولم يحضر صفين مع معاوية ولكن كيف وصل وفد الكوفة مع وفد مصر في وقت واحد معنى ذلك أنها مؤامرة مدبرة من قبل .
o تولى في عهد معاوية إمارة المدينة المنورة وجعله معاوية ولي عهد بعد ابنه يزيد.
o وغضب على معاوية عندما ولى ابنه الخلافة من بعده فقال لمعاوية [ أقم الأمور يا ابن أبي سفيان وأعدل عن تأميرك للصبيان وأعلم أن لك من قومك نظراء ] فقال معاوية له [ أنت نظير أمير المؤمنين وعدته في كل شديدة وعضده والثاني من بعد ولي عهده . وهذا يدل على مكانة مروان وقوة شخصيته بحيث كان معاوية يداريه ويسترضيه . وعندما كان والي على المدينة أنه كان يتحرى العدل ويستشير صلحاء الناس في بعض الأمور ، وكان من المؤيدين ليزيد بن معاوية وعقبة بن المري في حرب أهل المدينة وهو أول من ضبط المكاييل والموازين، وهو أول من ضرب الدنانير الشامية ونقش عليها قل هو الله أحد ، وكان ينازع أصحاب رسول الله r ولكن عثمان كان يزجره ويوبخه ] .
· مروان بن الحكم والخلافة :
o ترك معاوية بن يزيد الأمر للمسلمين من بعده بعد أ عجز عن القيام بأمور الخلافة فاضطرب أمر بني أمية وكادت أن تذهب دولتهم .
o وانتهز عبد الله بن الزبير الفرصة ونصب نفسه خليفة في مكة وبدأت البيعة تأتيه من سائر أقطار الدولة الإسلامية حتى الشام انقسمت قسمين قسم تؤيد أن الزبير وهم القيسين بزعامة الضحاك بن قيس وقسم تؤيد بني أمية وهم اليمنيين بزعامة حسان بن مالك .
o وكان مروان بن الحكم وبنيه في المدينة المنورة عند وفاة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فأخرجهم منها عبد الله بن الزبير فرحلوا إلى الشام وعندما وصلوا وجدوا الأمر مضطرب مما جعل مروان يفكر في العودة إلى الحجاز ومبايعة ابن الزبير.
o في هذه الأثناء وصل إلى الشام شخصيات بارزة من بني أمية مثل الحصين بن نمير الذي طلب من ابن الزبير العودة معه إلى الشام لمبايعته ولكنه رفض .
o كما وصل عبد الله بن زياد هارباً من أهل الكوفة ومتخفياً في الشام وكان وصول هذين الرجلين نقطة تحول في تاريخ بني أمية ، وأخذ هذين الرجلين يشحنان بني أمية خاصة مروان بن الحكم عندما علموا بعزمه على مبايعة ابن الزبير.
o وبعد مشاورات ومداولات تغلب فريق مروان بن الحكم على الفريق الثاني وكانت حجتهم أن خالد بن يزيد ما زال صغيراً على أمر الخلافة ، وذلك تم الاتفاق على مبايعة مروان بن الحكم خليفة للمسلمين .
o ولكن كان هناك عقبات أمام مروان بن الحكم فكان عليه أن يثبت أنه على قدر تحمل المسؤولية كخليفة وحمل أعباء الخلافة والدفاع عنها :
· هذه العقبات هي :
o الضحاك بن قيس أمير دمشق .
o زفر بن الحارث أمير قنسرين .
o النعمان بن بشير أمير حمص .
o قاتل بن قيس أمير فلسطين .
بدأت الأمور تسير لمصلحة بني أمية حتى أن الضحاك بن قيس المؤيد لابن الزبير بدأ يفكر في بني أمية خاصة أنه كان أقرب الناس لمعاوية وكان أمير دمشق لأنه الحاكم الفعلي في دمشق خاصة في عهد يزيد بن معاوية وأرسل إليهم يعتذر عن خروجه ضدهم إلا أن الضغوط كانت أقوى منه فقد أثر عليه ثور بن معن السلمي فلم يحضر مؤتمر الجابية بل ذهب إلى مرج راهط ضد بني أمية عندما دارت المعركة .
وكان حسان بن مالك أمير الأردن يدعو لبني أمية . اجتمع مروان بن الحكم مع رجاله في مؤتمر الجابيه واتفقوا على أن يكون مروان بن الحكم خليفة للمسلمين سنة 64هـ في شهر ذي القعدة .
وكان من نتائج هذا المؤتمر التاريخي :
انتقال الخلافة من البيت السفياني إلى البيت المرواني .
اتفاق بني أمية على حل مشكلة الخلافة بتنصيب مروان خليفة للأمة الإسلامية ثم من بعده خالد بن يزيد ثم عمرو بن العاص .
يحكم عمر بن العاص دمشق وخالد بن يزيد حمص .
· معركة مرج راهط :
o في هذه الأثناء بايع الناس ابن الزبير في مكة خاصة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن علي بن أبي طالب . كما بايع أهل البلدة عبد الله بن الزبير عن طريق أخيه كما بايع أهل البصرة عبد الله بن الزبير عن طريق أخيه مصعب بن الزبير وأيضا أهل الكوفة .
o وبايعه أهل مصر وجعل أميرها عبد الرحمن بن جحدم .
o بايعه أهل اليمن وخراسان .
o ذهب الضحاك بن قيس في ثلاثين ألف وهو زعيم الجناح القيسي إلى مرج راهط وهو مؤيد لابن الزبير وانضم إليه زفر بن الحارث أمير قنسرين وأيضاً النعمان بن بشير أمير حمص وجعل الضحاك علي الميمنة زياد العقيلي وعلى الميسرة زكريا الهلالي .
o وأول خطوة قام بها مروان طرد الضحاك من دمشق فنظم جيشه فجعل على الميمنة عمرو بن سعيد وعلى الميسرة عبد الله بن زياد والتقى في مرج راهط بالضحاك ودارت المعركة لمدة عشرين يوماً دون نتيجة لدرجة أن عبد الله بن زياد أشار بالهدنة حتى إذا ألقوا السلاح مالوا عليهم وبذلك نفذت الخطة وقتلوهم عدداً وهزموهم .
o وبذلك انتهت المعركة بانتصار الأمويين وقتل الضحاك وعدد كبير من أشراف الشام سنة 64 وقيل بداية 65هـ وبالرغم من ذلك كان مروان بن الحكم يؤنبه ضميره كيف استمع لمشورة عبد الله بن زياد في خيانة الفريق الثاني عندما ألقوا أسلحتهم فخدعوهم ومالوا عليهم وهو قارئ القرآن أربعين سنة .
o إلا أن عبيد الله بن زياد له هدف وهو أن حمايته لا تكون إلا في ظل بني أمية لأنه قاتل الحسين بن علي وكثير من الصحابة . وأيضاً قتل النعمان بن بشير وزفر بن الحارث.
· مروان بن الحكم والاستيلاء على مصر :
o جهز مروان بن الحكم جيشاً إلى مصر وتقابل مع عامل ابن الزبير عبد الرحمن بن جحدم وهنا تسلل عمرو بن سعيد بن العاص إلى مصر وملكها بعد أن آمن مروان عبد الرحمن وإلى مصر من قبل ابن الزبير ويكون معه أهله وماله.
o وبذلك أصبحت مصر ملك مروان بن الحكم وهذه خطوة تدل على ذكاء مروان لأن مصر لها أهمية عظمى ولم يكن الاستيلاء عليها صعباً لأن معظم المصريين هواهم مع بني أمية وليس مع ابن الزبير لأن والي ابن الزبير كان معه الخوارج المعادين لبني أمية ثم رجع مروان إلى الشام بعد أن رتب أمور مصر لمدة شهرين وجعل أميرها ابنه عبد العزيز والد عمر بن عبد العزيز .
o عاد مروان بن الحكم إلى الشام ليتفرغ لابن الزبير بعد أن ترك في مصر ابنه بشر بن مروان وموسى بن نصير لمساعدة ابنه عبد العزيز .
· مروان بن الحكم وابن الزبير :
o جهز مروان بن الحكم جيشاً بقيادة عمرو بن العاص إلى فلسطين لقتال مصعب بن الزبير واقتتلا دون نتيجة.
o ثم جهز جيشاً إلى الحجاز بقيادة حبيش بن دلجة لقتال عبد الله بن الزبير في الحجاز. وجيشاً آخر إلى العراق بقيادة عبد الله بن زياد .
o وصل حبيش بن دلجة إلى المدينة المنورة بعد هروب أميرها جابر بن الأسود عندما علم بقدوم جيش الشام .
o سمع أمير البصرة وصول جيش بني أمية إلى الحجاز جهز جيشاً وأرسله إلى المدينة وأمره أن يتعقب جبيش بن دلجة ولكن حبيش رماه أحدهم بسهم فقتل ومعه خمسمائة شخص وهرب الباقي إلى الشام .
o أما الجيش الشامي الآخر بقيادة عبد الله بن زياد توجه إلى العراق لمقابلة جيش التوابين الذين ندموا على قتل الحسين بن علي t وهدفهم الثأر من ابن زياد وكان قائدهم سليمان بن صرر وعددهم 4 آلاف جندي والتقى الجيشان عند عين الوردة وانتصر جيش سليمان على فرقة ذي الكلاع وهزموهم وغنموا منهم ، إلا أن ابن زياد انضم إلى فرقة الحصين بن نمير والي فرقة ذي الكلاع وبلغ عدد جيشهم 30 ألف مقاتل والتقى الفريقان وقتل من الفريقين أعداد هائلة وانزعج جيش الشام الذي لم يحقق نصراً لشدة بأس التوابين ورموهم بالنبل وأحاطوا بهم وقتل قائدهم سليمان بن صرر ثم تناوب القادة من بعد قتل سليمان حتى كان قائدهم رفاعة بن شداد الذي هرب إلى بلدة ثم رجع جيش الشام إلى دمشق عندما سمعوا بوفاة الخليفة مروان بن الحكم وتوليه ابنه عبد الملك بن مروان في رمضان سنة 65هـ .
o وبالرغم أن الاتفاق لابد أن ينفذ وهو تعيين خالد بن يزيد خليفة بعد مروان بن الحكم إلا أن حسان بن مالك وهو من المؤيدين لخالد بن يزيد أقنعهم أن هذا الأمر لا يصلح ليزيد لعدم قدرته على إدارة شؤون الخلافة والتصدي لابن الأثير.
o وبذلك تمت البيعة لعبد الملك بن مروان ثم من بعده لأخيه عبد العزيز واعتبروا أن اتفاق الجابية كان أمراً ضرورياً لاستقرار الأمور وقد زالت الضرورة .
o وبذلك استطاع مرون بن الحكم في أقل من عام أن يعيد تأسيس الدولة الأموية باسترداد الشام ومصر ثم ترك توحيد الدولة الإسلامية لابنه عبد الملك وكان له عشرة أولاد وثلاثة بنات .
o ويقال أن زوجته أم خالد بن يزيد هي التي قتلته عندما سخر من ابنها ولم يرد عبد الملك أن ينتقم منها خوفاً أن تسجل عليه في تاريخ حياته .
· التوابون :
o س- من هم وما أصلهم ؟
o هم مجموعة من الشيعة أغلبهم من الذين كتبوا إلى الحسين بن علي t أن يقدم إليهم وهو بمكة ، ولما سار إليهم خذلوه وتخلوا عنه وكانت النهاية المؤلمة بقتله وقد هزتهم الفاجعة وندموا على تقصيرهم لنصرته فتابوا إلى الله من هذا الذنب وقرروا الثأر للحسين t وسموا أنفسهم التوابين وكان قائدهم سليمان بن صرد الخزاعي ، وسموه أمير التوابين وهو من الصحابة ومن كبار شيعة علي بن أبي طالب t وحضر معه كل المشاهد وبالرغم من حركتهم بدأت بعد استشهاد الحسين t إلا أنهم لم يستطيعوا التحرك في عهد الخليفة يزيد بن معاوية لقوة حاكم الكوفة عبد الله بن زياد لأنه ورصد حركاتهم فلما توفي يزيد واضطرب أمر بني أمية تحركوا سنة 65هـ وكانت الكوفة قد بايعت لعبد الله بن الزبير وأمير الكوفة عبد الله الخطمي الذي عرض على سليمان بن صرد أن يتريث حتى يجهز له جيشاً لمقاومة الأمويين ولكن سليمان رفض ذلك ويبدو أن أمير الكوفة كان عرضه ليس جدياً ولكنه أراد التخلص منهم بخروجهم من الكوفة وعددهم 4 آلاف جندي لأن بقيتهم انضموا إلى حركة المختار بن عبيد الثقفي بالرغم أن عددهم كان 16 ألف مقاتل لكن هكذا حال أهل العراق في البداية حماس ولكن عند الجد يخذلوا قائدهم.
o في نفس الوقت كان الخليفة مروان بن الحكم قد أعد جيشاً من أهل الشام بلغ 60 ألف بقيادة عبيد الله بن زياد لاستعادة العراق من ابن الزبير فالتقى بالتوابين في عين الوردة وكانت معركة غير متكافئة قتل فيها معظم التوابين منهم زعيمهم سليمان بن صرد في ربيع الآخر سنة 65هـ وهرب الباقون إلى الكوفة لينضموا إلى حركة المختار بن عبيد الثقفي . وكانت حركة طائفة عشوائية غير منظمة ولم يستخدم فيها العقل والمنطق كل ما في الأمر دفعهم الحماس للثأر من قتلة الحسين بن علي t ونهايتها هو ازدياد الكراهية بين أهل العراق والأمويين وإراقة دماء المسلمين .
o كان المختار مسجوناً في سجن مدينة الكوفة فعندما وصل بقين جيش التوابين حاولوا أن يخرجوه من السجن ولكنه رفض أن يخرج ضد أمراء ابن الزبير وطلب من زوج أخته عبد الله بن عمر بن الخطاب أن يشفع له عند أمراء الكوفة ثم خرج بضمان بعض أصحابه واجتمعت الشيعة حوله وبايعوه سراً ثم بدأت ثورته .
الخليفة عبد الملك بن مروان بن الحكم :

o هو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أبو الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين .
· صفاته :
o كان عابداً ناسكاً قبل الخلافة وكان من الزهاد الفقراء الملازمين للمسجد النبوي وتلاوة القرآن ويلقب بحمامة المسجد .
o كان حازماً – عارفاً بأمور الدنيا وكان يبذل المال في تقديس الله .
o ويقال أنه بخيلاً ولكن بعض المؤرخين دافع عنه أنه لا يصرف مال الدولة إلا في خدمة المسلمين ومصالحهم فلم ينفق المال على الشعراء ولذلك اتهموه بالبخل.
o وكان يتصف بغزارة العلم ورجاحة العقل وكان يتأدب بأخلاق العلماء ولم يغادر المدينة إلا للحج والغزو .
· ثورة المختار بن أبي عبد الثقفي سنة 64هـ :
o ظهر المختار على مسرح الأحداث بعد موت الخليفة يزيد بن معاوية وهو من الشخصيات البارزة التي تبحث لها عن دور تسعى للوصول إلى السلطة بأي ثمن .
o فتحول من العداء لآل البيت إلى ادعاء حبهم والمطالبة بثأر الحسين t .
· مثال على كراهته لآل البيت :
o ففي الماضي أشار على عمه سعد بن مسعود الثقفي القبض على الحسين بن علي t وتسليمه لمعاوية لقتله حتى تكون له حظوة ومكانة لدى الخليفة.
· المختار وابن الزبير :
o حاول الاتصال بابن الزبير في مكة والانضمام إليه بشرط أن يكون أول داخل عليه وأن لا يبت في الأمور دونه وإذا ظهر ابن الزبير عينه على أفضل أعماله ولكنه لم يجد جواباً عند ابن الزبير .
o وقد حاول المختار مع ابن الزبير عدة محاولات فكتب إليه خدعة وهي السمع والطاعة وأراد ابن الزبير أن يختبر صدق المختار فأرسل إليه 40 ألف مع عمر بن الحارث وليكن أميراً على العراق ولكن رجال المختار قابلوه في الطريق وعرضوا عليه أكثر من مال ابن الزبير 70 ألف وإلا الحرب فقبل المال وذهب إلى البصرة .
o أرسل الخليفة عبد الملك جيشاً بقيادة عبد الملك بن الحارث إلى المدينة المنورة ليأخذها من ابن الزبير سمع المختار بذلك فأرسل إلى ابن الزبير يعرض عليه العون فأرسل إليه ابن الزبير أن كان على طاعة ابن الزبير أن ترسل مدد إلى وادي القرى فأرسل جيش فيه ثلاثة آلاف جندي بقيادة شرحبيل الهمذاني ليس فيهم من العرب سوى 700 رجل وامره أن يدخل المدينة ثم يخبره حتى يأتيه أمره .
o خاف ابن الزبير من خدعة المختار فأرسل جيش بقيادة عباس بن سهل في 2000 رجل .
o التقى الجيشان في منطقة الرقيم وسأل العباس قائد جيش الزبير شرحبيل رئيس جيش المختار الستم على طاعة ابن الزبير قالوا : نعم قال العباس أمرني ابن الزبير أن أقاتل جيش الشام ، قال أمرني المختار أن أدخل المدينة ثم أكتب إليه بعد أن أدخل المدينة.
o تظاهر العباس بالطاعة ثم أرسل لهم ذبائح ودقيق وعند الليل أخذهم على غفلة وهم نيام وقتل رئيسهم والكثير منهم ثم أسر الباقي .
o ورأى ابن الزبير أن نفوذ المختار يزداد يوماً بعد يوم فلابد من إيقافه فعين على العراق رجل قوي الشخصية حازم وهو أخاه مصعب بن الزبير.
· المختار ومصعب بن الزبير بالعراق :
o انصرف المختار إلى الكوفة وكانت أمورها مضطربة فاصطاد في المياه العكرة ولم يجد به شيء سوف الإدعاء بحب آل البيت وحب الحسين خاصة وطلب الثأر له ، وأن لديه تفويض من ابن الحنفية فانضم إلى الشيعة حتى يصل إلى هدفه وهو السلطان .
o في هذه الأثناء خاض التوابين مع زعيمهم سليمان بن ضرر الخزاعي معركة عين الوردة مع قائد الخليفة عبد الملك ، عبد الله بن زياد ، فهزم فيها التوابين وقتل قائدهم وهرب الباقي إلى الكوفة ، وبذلك نجح المختار في دعايته بأن سليمان قائد التوابين هدفه قتل شيعته وبذلك انضم بقية جيش التوابين إلى جيش المختار وأصبح زعيم الشيعة وقويت حركته وكثر إتباعه ثم قوي مركزه بانضمام عبد الرحمن بن الأشتر إليه وكان شعارهم يا ثارات الحسين .
o كان أمير الكوفة من قبل ابن الزبير عبد الله بن مطيع العدوي فأخرجوه منها وأحكموا سيطرتهم على الكوفة .
o ثم قوي مركزه بتتبع قتلة الحسين شمر بن ذي الجوش قائد السرية التي قتلت الحسين t خولي بن يزيد الذي حز رأس الحسين t عمرو بن سعد بن أبي وقاص الذي ساعد في قتل الحسين t وبذلك انتهى من قتلهم لعنهم الله . ثم بايعته الكوفة وتغلبوا على بقية مناطق العراق .
o وبايعته البصرة ، وبذلك لديه جيش كبير لمقابلة ابن زياد ولكن سرعان ما عين عبد الله بن الزبير أخاه مصعب أميراً على العراق .
o جهز المختار جيشاً لمقابلة ابن زياد فالتقى به وكان قائد جيش المختار إبراهيم ابن الأشتر فالتقى به عند نهر الخازر قرب الموصل وحلت الهزيمة بجيش ابن زياد الذي قتل في هذه المعركة 67هـ وقد حز رأسه كما فعل بالحسين وأرسل به إلى مصعب بن الزبير.
o قوي نفوز المختار خاصة بعد قتل قتلة الحسين والقضاء على عبد الله بن زياد عده الشيعة مسيطر على شمال العراق والجزيرة وأخذ يولي العمال من قبله على المناطق الإسلامية ويجبي الخراج وانضم إليه عدد كبير من الموالي لبغضهم لبني أمية كما أنه أغراهم بالأموال وخُيل إليه أنه أقام دولة خاصة بالعراق بين دولة ابن الزبير بالحجاز ودولة بني أمية بالشام ولكن هذا الخيال لم يدم طويلاً والمفروض أن نهاية المختار تكون على يد الخليفة عبد الملك ، ولكن شاءت الظروف أن تكون نهايته على يد مصعب بن الزبير لأن عبد الملك بدهائه ترك ابن الزبير يواجه خصمه المختار حتى يتمكن عبد الملك من القضاء على الخصم الآخر إذا ضعفت قوته .
o أخذ المختار يتطلع إلى البصرة لانتزاعها من مصعب بن الزبير بعد أن انتصر على ابن زياد ولكن مصعب لم يعطه الفرصة في الوصول إلى البصرة فخرج إليه حتى يلاقيه بعيد عن البصرة.

 

 

 

 

 

 

ثم رتب الأمراء براياتهم على قبائلهم وركبوا البحر متجهين إلى الكوفة .

 

 

 

 

 

 

القائد العام : أحمر بن شميط .
الخيل : رزيق السلولي .
الموالي : أبو عمره .
الرجالة : تيتر الكندي .
التقى المختار بمصعب عند حروراء وتمكن مصعب من حصار المختار ثم قتله وقتل محمد بن الأشعث وكثير من أصحاب المختار . وبذلك أصبح مصعب بن الزبير أمير العراق ودعا عبد الرحمن بن الأشعث للدخول في طاعته .
كما أن عبد الملك دعا عبد الرحمن بن الأشتر إلى طاعته فاستشار أصحابه فاختار مصعب بن الزبير خوفاً من عبد الملك أن ينتقم منه . لكن عبد الله بن الزبير عزل مصعب عن البصرة وعين ابن حمزة وجعل الكوفة لمصعب لكن حمزة لم تكن سيرته مرضية للناس فأرسل الأحنف بن قيس إلى عبد الله بن الزبير أن يعزل ابنه ويعيد مصعب .
عين مصعب بن الزبير الحارث بن ربيعة على الكوفة وبقي عليها أميراً حتى قتله عبد الملك بن مروان سنة 72هـ .
· عبد الملك ومصعب بن الزبير :
قرر الخليفة عبد الملك أن يسير بنفسه إلى العراق لقتال مصعب بن الزبير فأخذ يدرس الأوضاع من جميع النواحي دراسة واعية متأنية وكيف يمكن أن يتخلص من أعدائه الواحد تلو الآخر فكر أن يحاصر أولاً قرقيسيا وأميرها زفر بن الحارث حتى يؤمن ظهره إذا اتجاه إلى حرب مصعب بن الزبير في العراق.
لكن زفر بن الحارث استسلم وبايعه ثم اتجه إلى منطقة نصيين وبه يزيد والجيش فانضموا إلى عبد الملك وبايعوه وبذلك ارتاح الخليفة من منطقة قريقيسيا والسيطرة على الجزيرة التي كانت شوكة في جنب الدولة .
ثم تخلص أيضاً من عمر بن الأشدق الذي خانه عندما ذهب عبد الملك إلى قريقيسيا تاركاً على دمشق عمر بن الأشدق أميراً عليها . لكنه تحصن بها واستولى على بيت مال المسلمين وهدم بيت والي دمشق وعندما علم الخليفة بذلك رجع إلى دمشق وحاصر ابن الأشدق الذي تحصن بقلعة رومية وعرض عليه الصلح ولكن بشروط من عمرو :
أن يكون ولي عهد عبد الملك .
أن يكون لعمرو عامل مقابل كل عامل لعبد الملك .
أن يكون هناك كتاب أمان بينهما .
دخل عبد الملك دار الإمارة وأمره أن يُرَجِّع إلى الناس أعطياتهم لكن عمرو رد عليه أن هذا لا يخصه وأن يخرج من هذه البلاد .
فكر عبد الملك في التخلص من عمرو بالمكر والخديعة فأرسل إليه أن يأتيه ولكن زوج ابنته منعه عبد الله بن يزيد بن معاوية وحذره غير أنه لم يستمع إليه .
لقد أدخله الحاجب وحده إلى عبد الملك دون أن يشعر أن أصحابه ليسوا معه من الخلف ثم عاتبه الخليفة بكلام جاف وأمر بضرب رأسه وهكذا تخلص منه.
بعد أن تخلص الخليفة عبد الملك من هؤلاء فكر في الخروج لملاقاة مصعب بنفسه بعد أن شاور حاشيته فمنهم أشار عليه أن يقيم في الشام ويرسل واحداً من أهله لقيادة الجيش . ومنهم من أشار عليه أن يسير بنفسه فمال إلى هذا الرأي . ففي سنة 71هـ بعد أربعة سنوات من ثورة المختار بعد أن اطمأن على دولته وقوة موقفه أعد جيشاً وجعل على مقدمته أخاه محمد بن مروان وسار إلى العراق لخوض المعركة بينه وبين مصعب ونزل منطقة مسكن .
وصل الخبر إلى مصعب فخرج بجيشه إلى باجمير ولكن أهل العراق من طبيعتهم الخذلان والخيانة فتفرقوا عن مصعب خاصة أن الخليفة عبد الملك استعمل المكر والحيلة فأخذ يكاتب رؤساء القبائل من جيش مصعب يعدهم ويمنيهم مثل إبراهيم بن الاشتر إلا أنه كان مخلصاً فأطلع مصعب على الخطاب ونصحه أن يقتل رؤوساء جيشه ويستعمل الشدة معهم ولكنه رفض فانضم معظم رجاله إلى عبد الملك .
كما أن الخليفة عبد الملك كانت بينه وبين مصعب صداقة قوية فكان حريصاً على عدم القتال فراسل مصعب إلا أنه اختار الحرب ، وبسبب تخاذل أهل العراق وعدم استماع مصعب لنصيحة إبراهيم بن الأشتر وإلى ضعف رأيه في الحرب ولم يلجأ إلى قتل الخونة التقى الجيشان في مكان يسمى دير الجاثيلق .
تقدم ابن الأشتر بجيشه لمقابلة جيش محمد بن مروان وهزمه.
ضم عبد الملك جيش أخيه محمد إلى جيش عبد الله بن يزيد بن معاوية وحملوا على ابن الأشتر وقتلوه وهزموا جيشه .
تقدم جيش مصعب بعد أن نصحه ابنه عيسى بالرجوع إلى مكة لإخبار عمه عبد الله ولكنه رفض.
أشار عليه أن يستعين بالمهلب بن أبي صفره لكنه رفض وأن يتحصن بمنطقة البصرة وبذلك قتل عيسى ومصعب وأصبحت العراق كلها تحت سلطان عبد الملك بن مروان .
ثم أمر عبد الملك أن يواري مصعب التراب لأنه بينه صداقة قوية ، ثم عين على العراق أخاه بشر بن مروان بن الحكم . كما دانت له خراسان وجعل عليها أمير بكير بن وشاح .
· عبد الملك بن مروان وعبد الله بن الزبير بمكة :
o لقد انحصرت دولة عبد الله بن الزبير في منطقة الحجاز وقد أصيب بالإحباط وضعف معنويته بعد أن قتل أخاه مصعب في معركة دير الجاثيلق خاصة أن العراق خرجت من تحت يده ولم يكن لديه المال والرجال وهنا قرر الخليفة عبد الملك القضاء على ابن الزبير فجهز جيشاً يقدر بحوالي عشرين ألف جندي بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي ونزل في منطقة الطائف ثم دارت بينهما اشتباكات في منطقة عرفة .
o وفي شهر ذي القعدة سنة 72هـ توجه الحجاج لحصار مكة المكرمة وضربها بالمنجنيق من جبل قبيس ولم يستطيع ابن الزبير أداء الحج وطلب عبد الله بن عمر وقف القتال حتى انتهاء الحج وبعد الحج نادى الحجاج الناس بالعودة إلى بلادهم وانفض الناس عن ابن الزبير خاصة ابنائه انضموا إلى الحجاج وبذلك قتل الحجاج ابن الزبير وصلبه ودانت الحجاز لعبد الملك بن مروان .
o وفي شهر ذي القعدة سنة 72هـ توجه الحجاج لحصار مكة المكرمة ونصب المنجنيق على الكعب من جبل أبي قبيس ولم يستطع ابن الزبير من أداء الحج.
o وقد طلب عبد الله بن عمر من الحجاج التوقف عن الضرب حتى يؤدي الناس فريضة الحج والطواف فامتثل لذلك وبعد الحج نادى الحجاج الناس بالعودة إلى بلادهم لأنه سوف يقود لضرب الكعب ، وقد انفض الناس عن ابن الزبير حتى أبنائه حمزة وخبيب ذهبا إلى الحجاج ، وطلبا منه الأمان .
o وقد ذهب ابن الزبير إلى أمه أسماء بنت أبي بكر وشرح لها الموقف أن الناس قد تخلو عنه فقال له أنت كن على حق فامضي لما أنت عليه فقد قتل أصحابك عليه ولا تمكن من رقبتك بني أمية أن يتلاعبوا بك . وأن كنت أردت الدنيا فبئت العبد أنت أهلكت نفسك وغيرك ثم قبل رأسها وأخبرها أنه مقتول في يومه هذا وقد قتل 17في الأولى سنة 73هـ.
· ثورة عبد الرحمن بن الأشعث :
o تعتبر ثورة عبد الرحمن بن الأشعث من أخطر الثورات التي قام بها أهل العراق.
o لم يكن قيام هذه الثورة على أساس مذهبي كما هو العادة من أهل العراق ، بل بدافع الحقد والكراهية التي كانت بين عبد الرحمن والحجاج بن يوسف الثقفي.
o وعبد الرحمن بن الأشعث هو من الشخصيات البارزة في المجتمع العراقي وهو من قبيلة كندة ويعتبر من سلالة الملوك ولذلك كان يتعالى على الحجاج .
· أسبابها :
o أن إقليم سجستان اتعب الدولة الأموية من قبل حاكمها رتبيل وكان كثير الانتقاض والتمرد ، خاصة أن حاكمها استغل ظروف الدولة الأموية من فتن داخلية فكان يقوم بالتمرد والانتقاض فعندما تولى الحجاج أمر العراق سنة75هـ أراد أن يؤدب رتبيل خاصة عندما امتنع عن دفع الجزية كما أن الخوارج ضعفت شوكتهم سنة 78هـ فأرسل الحجاج جيشاً بقيادة عبد الله بن أبي بكرة وأمره أن يتوغل في إقليم سجستان ويضرب قلاع رتبيل وحصونه وفعلاً توغل وغنم الكثير ولكن رتبيل خدعه وتظاهر بالهزيمة ثم أحاط بالمسلمين وقتلهم مع قائدهم .
o وكان لهذه الهزيمة أثر عميق للخليفة عبد الملك بن مروان وقائده الحجاج بن يوسف الثقفي .
o وهنا قرر الحجاج الانتقام من رتبيل فجهز جيشاً عدده أربعين ألف جندي بأفضل العدة والعتاد من أسلحة وخيول وغيره ومن فخامة الجيش أطلقوا عليه جيش الطواويس وأسند قيادته إلى عبد الرحمن بن الأشعث وكان الغرض من هذا أن يتخلص من عبد الرحمن .
o وقد أدرك عمه إسماعيل بن الأشعث ذلك وأن عبد الله لديه بوادر التمرد فحذر الحجاج بعدم توليته للجيش ، ولكن الحجاج كانت ثقته كبيرة بنفسه.
o عندما وصل عبد الرحمن إلى سجستان أرسل إليه رتبيل يعتذر إليه بسبب ما حل بالمسلمين ويطلب الصلح ولكن عبد الرحمن لم يقبل اعتذار وتوغل في بلاد وهنا حاول رتبيل أن يخدع عبد الرحمن فأخلى البلاد أمامه والحصون إلا أن عبد الرحمن كان يقظاً له ويعرف نواياه فكان يخطط ويرسل الجواسيس ويرصد حركات رتبيل وينتفع بالغنائم لمدة عام ثم يغزو في العام التالي وهذا يدل على ذكائه وتخطيطه بحكمة وصواب .
o إلا أن الحجاج لم يعجبه ذلك فرد عليه رداً قاسياً واتهمه بالجبن والضعف ولم يكتف بخطاب إهانة واحد وإنما ألحقه بخطابين .
o أحدثت هذه الخطابات ألماً فظيعاً في نفس عبد الرحمن فجمع كبار جنده وأخبرهم أن الحجاج اتهمه بالضعف والجبن ويأمره أن يتوغل بهم في أرض العدو وهي البلاد التي هلك اخوانهم فيها . وهنا أخطأ الحجاج في حق قائده عبد الرحمن فالمفروض يجب أن يشجعه ولا يعنفه خاصة أنه هو وجيشه الذين يعانون الحرب والبرد في بلاد بعيده عن الوطن وكيف عهد إليه بهذا العمل الخطير إلى رجل ضعيف فالحرب لا يصلح لها إلا الرجل القوي المكيث .
§ كما أن ابن الأشعث أخطأ خطأ كبيراً عندما باح بالخطابات لجنده فالمفروض أن تكون في نفسه ولم يعلم به أحد.
§ كما أن عليه أن يستشير عدد محدود من أصحابه من له رأي وحكمة وكيف الطريقة للتصرف مع الحجاج .
§ كما كان عليه أن يرسل وفداً إلى الحجاج ليشرحوا له موقفهم وخططهم أما ثورتهم ضد الحجاج فليس من باب الصواب خاصة أن الحجاج ليس محبوباً لديهم .
ثم قاموا أهل العراق وبايعوه على خلع الحجاج ولكنهم لم يخلعوا الخليفة عبدالملك.
وهنا يتحمل ابن الأشعث مسئولية هذه الثورة لأنه لم ينظر لمصلحة المسلمين بل نظر لأمور خاصة بينه وبين الحجاج .
ويبدو أن بذور الثورة كانت كامنة في نفوسهم وعندما وجدت الاستجابة ظهرت وذلك بسبب ما انطوت عليه نفوس أهل العراق من حقد وكراهية للحجاج والذي شجعه أكثر وجود عدد كبير من الفقهاء كانوا معه يحملون كرهاً للحجاج مثل سعيد بن جبير وعامر بن شرحبيل والحسن بن الحسن البصري .
ويتضح أن الحجاج كان حريصاً على إرسالهم حتى يكون حافزاً للجيش في قتال الأعداء ولكن العكس يحدث فيكون حافزاً على الثورة وعاملاً لتأججها لمكانة هؤلاء العلماء بين الناس .
وبذلك انقلب ابن الأشعث وبدل أن يقاتل رتبيل ملك سجستان عاد إلى العراق لقتال الحجاج بل عقد اتفاقاً مع رتبيل وصالحه أن انتصر على الحجاج سوف يعفيه من الخراج وأن هزم فعلى رتبيل أن يوفر له الملجأ والحماية.
عندما وصلت أخبار الثورة للخليفة عبد الملك وأمير العراق الحجاج انزعجوا وطلب الحجاج المدد من الخليفة عبد الملك .
استشار الخليفة عبد الملك خالد بن يزيد بن معاوية فقال له خالد يا أمير المؤمنين أن كان من منطقة سجستان فلا تخاف أما أن كان من خراسان فخافه ثم أرسل الخليفة الجنود إلى الحجاج .
عندما سمع المهلب بن صفرة والي خراسان بالثورة أرسل إلى ابن الأشعث يحذره من تفرق كلمة المسلمين وسفك الدماء .
ثم كتب إلى الحجاج يوضح له حقيقة أهل العراق بأنهم يقدموا في البداية مثل السيل في أول مخرجهم وعند يلتقوا بنسائهم وأولادهم يهدأو ويخلدوا وعند ذلك واجههم وحاربهم وسوف ينصرك الله عليهم.
وكان رأي المهلب هو الرأي الصحيح إلا أن الحجاج لم يستمع إلى رأي المهلب بل اتهمه بالخديعة وكان هدف المهلب أن يوفر عليه الجهد والوقت ولكنه ندم على ذلك فيما بعد.
لأن ابن الأشعث عندما وصل البصرة تخلوا عنه معظم الناس وركنوا إلى أهليهم.
وقد هزم ابن الأشعث كل الجيوش التي أرسلها إليه الحجاج ودخل ابن الأشعث البصرة فتركها الحجاج إلى منطقة الزاوية ودارت بينهما معركة سنة 82 انتصر فيها الحجاج .
إلا أن ابن الأشعث التف حوله الناس حتى بلغوا مائة ألف مقاتل وهنا خلع ابن الأشعث الخليفة عبد الملك .
وهنا زاد خطر الثورة فتحولت من ثورة على الحجاج والي العراق إلى ثورة ضد الخليفة الأموي .
وهنا بدأ الخليفة عبد الملك يستشير أصحابه فأشاروا عليه بعزل الحجاج وقالوا له : إن كان أهل العراق يرضيهم نزع الحجاج أفضل من حرب أهل العراق فإنهم يطيعونك .
اقتنع الخليفة بهذه الفكرة وأرسل إلى العراق ابنه عبد الله وأخاه محمد وأمرهما أن يعرضا على أهل العراق التالي :
عزل الحجاج .
إجراء أعطياتهم مثل أهل الشام .
أن ينزل ابن الأشعث أي أرض من العراق وأن يكون والياً عليها .
وأن يكون أمير العراق مروان بن محمد وأن رفضوا يكون الحجاج أمير جماعة أهل الشام وولي القتال محمد بن مروان وأبنه عبد الله في طاعته .
وقد حز في نفس الحجاج تضحية الخليفة عبد الملك به من أجل أهل العراق بالرغم الخدمات التي قدمها للخليفة إلا أن عبد الملك كان ينظر لمصلحة المسلمين ومنع حرب أهل العراق .
كتب الحجاج للخليفة يذكره بمواقف أهل العراق وكيف وثبوا على عثمان بن عفان فلما سألوه أن يعزل سعيد بن العاص ولبى طلبهم مكثوا فترة قصيرة ثم ساروا إليه .
إلا أن أهل العراق رفضوا شروط الخليفة بالرغم من أن ابن الأشعث قبلها وطلب منهم قبولها ولكن أهل العراق ظنوا أن الفرصة أتتهم للتخلص من الحكم الأموي وأخذ الفريقان في الاستعداد ودامت الوقائع بينهما مائة يوم حتى كانت معركة دير الجماجم التي هزم فيها ابن الأشعث وولي هارباً إلى سجستان إلا أن الحجاج هدد رتبيل أن لم يسلم إليه ابن الأشعث سوف يغزو بلاده بمائة ألف مقاتل فرضخ رتبيل لطلب الحجاج.
فلما أحس ابن الأشعث بتهديد رتبيل وغدره رمى بنفسه من أعلى القصر فأرسل رتبيل برأسه إلى الحجاج سنة 85هـ.
· فتح أفريقيا في عهد عبد الملك بن مروان :
· حسان بن النعمان وأفريقية :
o لقد أصاب الخليفة عبد الملك القلق من ناحية أفريقيا واتضح له أن الروم هدفهم إجلاء المسلمين عن أفريقيا فعزم الأمر على جهاد الروم وطردهم من الشمال الأفريقي.
o خاصة أن الروم وضعوا كل ثقلهم في أفريقيا لعلهم يعوضون ما فقدوه في المشرق من الشام وفلسطين ومصر ولكنهم في وهم من أمرهم وبذلك قرر الخليفة عبد الملك طردهم نهائياً من الشمال الأفريقي .
o ووقع اختياره على رجل كفء من كبار الأبطال المجاهدين ليقود جيش المسلمين إلى الشمال الأفريقي ويلقن الروم درساً لن يسنوه .
o جهز الخليفة جيشاً بقيادة حسان بن النعمان سنة 74هـ الذي توجه إلى طرابلس وكان عدد جيشه 40 ألف جندي ثم انضم إليه خلق في طرابلس ثم نزل مدينة برقة ثم القيروان ثم اتجه إلى قرطاجنة وهي عاصمة الروم في أفريقيا .
o وقد حاصرها سابقاً أبي المهاجر بن دينار ولكن لم يستطع أن يفتحها ودخلها حسان وقاتل أهلها من الروم والبربر وقتل عدد كبير منهم ثم هدمها حتى لا يرجع إليها الروم وقد ركبوا المراكب وهربوا إلى صقلية وبعضهم إلى الأندلس ثم أتاه الخبر أن الروم والبربر اجتمعوا إليه في مدينة صطفورة وبنزرت فتوجه إليهم وحاصرهم وصبر على قتالهم ثم قتلهم وسبى منهم الكثير وخاصة أهل أفريقيا .
o هرب البربر إلى مدينة يوته وهرب الروم إلى باجة ثم عاد حسان إلى القيروان لكثرة الجرحى فأقام بها حتى طابوا وصحوا .
· حسان بن النعمان والكاهنة :
o لم يلقى حسان أي مقاومة من المدن التي خضعت له مثل : قابس – ونفزاوة – وقسطيلية – وقفصة ، بل عين على كل مدينة أمير .
o وبعد استشهاد زهير البلوي واستيلاء كسيلة على المغرب ثم قتل كسيلة آلت زعامة البربر بعد كسيلة إلى امرأة بربرية من قبيلة جراوة أسمها الكاهنة وأطلق عليها هذا اللقب لأنها تدعي علم غاب عن الناس وتخيرهم بأشياء من الغيب وكان لها تأثير على الناس . وقد اعتصمت بجبال أوراس وقد استفحل أمرها وهي من أهم الشخصيات البربرية.
o فسأل حسان عن بقية ملوك أفريقيا فذكروا له الكاهنة وقالوا له أن قتلتها فلن يختلف عليك البربر أبداً .
· هزيمة المسلمين من قبل الكاهنة :
o وأخذ حسان يدرس الموقف فلابد من القضاء على كل عقبة تعيق المسلمين لكن حسان لنم يقدر قوتها وعدد جنودها لأنه التقى بها وألحقت به هزيمة فادحة وهي معركة وادي مسكيانة وأطلق المسلمون عليه وادي البلاء لشدة عدد قتلاهم وأسراهم ، ولشدة هزيمته أنسحب من أفريقيا إلى مدينة برقة .
o وكتب إلى الخليفة عبد الملك بن مروان يشرح له الموقف فأمره بالمقام في برقة حتى يأتيه بأمره ومكث بها خمس سنوات .
o لقد أثرت هزيمة حسان في نفوس البربر فشعروا بقوة واعتزاز حتى هذه الكاهنة أصابها الغرور وقد سيطرت على كل المغرب والتف حولها أعداد هائلة من البربر فأسأت السيرة في أهلها وجنودها .
o وقد طال المقام لحسان في المغرب ولكن حسان وجنوده تعلموا الصبر لأن المسلمين تعودا على الدخول إلى أفريقيا والخروج منها ولم ييأسوا .
o في هذه الأثناء كان حسان يعرف أخبارها عن طريق أحد رجالة وهو أسير لديها خالد بن يزيد فشرح له أنها أساءت السيرة في قبيلتها فقد خربت البلد وأحرقت الزرع والشجر وطلب منه المسير إليها فعندما وصل إليه المدد من الخليفة طلب منه الروم والبربر العون والمساعدة وتخليصهم منها وقدموا له الأموال الطائلة .
o وبذلك استطاع أن يسترد قابس – وقفصة – وقسطيله وتفوازة ، دون مقاومة من الروم والبربر .
o ثم دارت المعركة الفاصلة بينهما عند بئر الكاهنة فدارت الدائرة عليها وهزم جيشها وقتلت في المعركة وبذلك انتهى أمرها بعد استبدادها وسوء سيرتها.
o ثم أتى البربر أعداد كبيرة إلى حسان وأمنهم وأشركهم في الجيش وبلغ عدده 12 ألف جندي وكان رئيس وقائد جيش البربر ابن الكاهنة وقد انتشر الإسلام بينهم ثم عاد حسان إلى القيروان .
o وبذلك استطاع حسان أن ينشر الإسلام في أفريقيا لا ينازعه أحد وتوالت الانتصارات وعم الاستقرار أرجاء أفريقيا .
o لقد وضع حسان في بلاد المغرب نظاماً وسياسة أدت على اعتناق أهل المغرب للإسلام وذلك بإشراك البربر الجهاد في سبيل الله وأصبحوا فيما بعد قوة قوية حتى خرجوا منهم الأمراء الذين سوف يكملون فتح بقية المغرب والأندلس ثم أسس مدينة تونس وأنشأ داراً لصناعة السفن ، ووضع أنظمة إدارية واهتم بالتعمير إلا أن أمير مصر عبد العزيز بن مروان بن الحكم عزله وولى بدلاً منه موسى بن نصير .
الوليد بن عبد الملك :

o هو الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ولد سنة 50هـ.
o أمه الولادة بنت العباس ابن جزء بن الحارث بن زهير العبسي .
o وكان الخليفة عبد الملك بن مروان حريصاً على تربية أولاده فأولى الوليد عناية خاصة لأنه أكبر أولاده .
o فشب على التقوى والصلاح والرجولة ومكارم الأخلاق وكان يحثه على تعلم اللغة العربية وإتقانها وله مقالة مشهورة [ لا يلي العرب إلا من يحسن لغتهم ] .
o كما شب على تلاوة القرآن فكان يحث الناس على حفظه وكان يقسم المال على قراء بيت المقدس .
· بداية فتح الأندلس :
o لقد سهل الله عز وجل للمسلمين فتح بلاد الأندلس بسبب ما وصلت إليه البلاد من :
§ فوض سياسية .
§ اضطهاد اجتماعي .
§ الصراع بين أبنا غيطشة ولذريق .
· كيف فتحت بلاد الأندلس :
o وتذكر المصادر العربية والأجنبية هروب أحد أبناء غيطشة إلى حاكم مدينة سبتة ويسمى يليان يستغيث به من سوء معاملة لزريق .
o وتعتبر مدينة سبتة مفتاح أفريقيا لوقوعها على البر الأفريقي للمضيق .
o قرر يليان الاستنجاد بالعرب وعرض عليهم فتح الأندلس اعتقاداً منهم أن العرب لم يمكثوا في الأندلس فقط هدفهم الغنائم ثم الرجوع إلى بلاد المغرب ويتركوا البلاد لأبناء غيطشة .
o وتذكر الروايات أن هناك دافع شخصي من قبل يليان هو الذي دفعه أن يستنجد بالعرب . أن لديه ابنه على قدر كبير من الجمال اسمها فلوراندا بعثها والدها إلى الأندلس كعادة أبناء الملوك إلى بلاد الملك بالأندلس بمدينة طليطلة للتأدب بآداب الملوك حتى تتلقى ما يليق بها من التربية فاستهوى جمالها الملك لزريق فاغتصبها وانتهك عرضها وبذلك أقسم يليان على الانتقام.
o ولذلك بعث إلى طارق بن زياد يعرض عليه فتح الأندلس ويشرح له خيراتها وجمال أرضها .
o ومهما كانت الأسباب فإن تدخل يليان كان أكبر عامل في تذليل الصعاب أمام العرب في فتح الأندلس والقضاء على مملكة القوط .
o إضافة إلى ذلك رغبة المسلمين والقادة العرب في مواصلة الفتح والجهاد ورفع راية التوحيد حتى لا يقف الإسلام عند حد معين .
o فعندما اتصل يليان بالقائد طارق بن زياد وعرض عليه فتح الأندلس فطبيعي أن يتصل طارق بقائده موسى بن نصير ليعرض عليه الأمر فرحب موسى بعرض يليان خاصة أن موسى قد أتم فتح بلاد المغرب وفتح طنجة وحاول أن يفتح سبتة إلا أنه لم يستطع .
o كتب موسى بن نصير إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يعرض عليه الأمر ويشرح له خاصة أن موسى يريد أن يستوثق قبل أن يتورط .
o أرسل الخليفة الوليد إلى موسى الأوامر التالية :
§ أن يخوض الفتح بالسرايا حتى يستوثق من صحة هذا العرض وتوايا يليان.
§ أن لا يخوض بالمسلمين في بحر كثير الأهوال بالرغم من أن المسلمين خاضوا معارك بحرية في صقلية وسردنيا في البحر الأبيض المتوسط كما أن البحر الذي يفصل بين أفريقيا والأندلس ضيق سهل العبور.
· أول الحملات الاستكشافية :
o جهز موسى بن نصير حملة صغيرة بقيادة طريف بن مالك ويُكنى أبا زرعة وتتكون من 500 جندي منهم 400من المشاة و100 من الفرسان .
o عبرت هذه السرية في البحر على أربعة سفن يملكها حاكم سبتة يليان سنة 91هـ في رمضان.
o أخذ طريف يشن الغارات على الساحل الجنوبي وعاد غانماً منتصراً دون أن يلقى أي مقاومة فأنس موسى إلى يليان ووثق به واطمأنت نفسه وعزم على الجهاد لفتح الأندلس .
· حملة طارق بن زياد :
o في شهر رجب سنة 92هـ جهز موسى جيشاً من العرب والبربر حوالي سبعة آلاف مقاتل بقيادة حاكم مدينة طنجة طارق بن زياد وهو بربري الأصل وهذا يدل على أن بربر المغرب أسلموا وحسُن إسلامهم وأصبحوا يؤلفون القوة الكبرى في الجيش الذي اعتمد عليه موسى بن نصير في فتح الأندلس .
o كما أن البربر أكثر معرفة ببلاد الأندلس من العرب لأن المغرب والأندلس هي وحدة جغرافية واحدة.
o نزل طارق بجيشه عند الجبل وقام بعدة أعمال أهمها :
§ أنشأ قاعدة حربية لجيشه حتى يصل بين سبتة وبينه .
§ أنشأ سور حول الجبل سمي سور العرب .
§ فتح منطقة قرطاجنة وأقام بها قاعدة حربية كل ذلك بمساعدة يليان.
يقال أن طارق بن زياد عند وصوله إلى الجزيرة أحرق السفن التي نقلته مع جنوده حتى يقطع على رجاله خط العودة فيقاتلون بكل ما عندهم وخطب فيهم أن العدو أمامهم والبحر خلفهم .
والرد على ذلك :
أن معظم المؤرخين لم يذكروا هذه الرواية في الكتب التاريخية وقد ذكرها فقط الشريف الإدريسي في كتابه نزهة المشتاق وقد دونت هذه الحادثة بعد ثلاثة قرون من حدوثها .
والذي نعرفه أن يليان هو الذي أمد المسلمين بالسفن فكيف يحرقها طارق بن زياد وليس له حق في ذلك أن يتصرف في أملاك غيره .
كيف يجازف طارق بقطع خط الإمدادات بينه وبين قائدة موسى .
كما أن خطبة طارق نموذج بديع من الفصاحة العربية فكيف يجيد الخطبة وهو لا يتقن اللغة العربية كما أن البربر لا يعرفون العربية ولم يشير ابن خلدون أو ابن الأثير إلى هذه الحادثة.
أما من حيث السفن التي اعتمد عليها المسلمون من قبل يليان فنحن في الواقع لا نتفق مع بعض المؤرخين بأن السفن كانت فقط لحاكم سبتة ممكن أن يكون يليان أسهم ببعض السفن لكن لا ننسى حملة وادي لكة معركة شذونه .
وصل طارق بن زياد بجنوده إلى الجزيرة الخضراء عند صخرة الأسد التي تعرف الآن بجبل طارق .
في هذه الأثناء كان لزريق حاكم أسبانيا يخمد بعض الثورات الداخلية .
فلما علم بوصول المسلمين رجع إلى عاصمته طليطلة وجمع كبار رجال دولته من الأمراء والأشراف والأساقفة واستشارهم وقرروا حرب المسلمين .
خرج من مدينة قرطبة ومعه تسعين ألف جندي .
وعندما علم طارق بن زياد بهذه الجيوش الضخمة طلب المساعدة من قائده موسى بن نصير فأرسل له طريف بن مالك ومعه خمسة آلاف مقاتل فأصبح عدد جيشه اثنى عشر ألف مقاتل وكانوا أقوياء بإيمانهم وحرضهم على الجهاد والفتح ومعهم يليان وجنوده ورجاله يرشدونهم إلى الطرقات وينقلون إليهم الأخبار .
وصل لزريق بجيشه عند مدينة شذونة وكان معه أبناء غيطشة وحاول أن يسترضيهم فولاهم الميمنة والميسرة إلا أنهم كانوا يضمرون له الانتقام لاغتصابه عرش أبيهم ومصادرته لأملاك أبيهم فعزموا على خيانته حسب ما اتفقوا عليه مع يليان .
زحف طارق بن زياد إلى مدينة طرطبة وهناك عبر وادي لكة قرب مدينة شذرنة والتقى مع لزريق في 28 رمضان سنة 92هـ واستمرت المعركة 8 أيام انتهت بهزيمة القوط .
وكان لزريق محمول على سرير تجره دابتين وعليه مظلة مكللة بالياقوت والمرجان وبين يديه الجوار والعبيد والجيش وأطاح المسلمون القتل في جيشه ويقال أن لزريق قتل غريقاً وقيل أنه هرب أثناء الهزيمة على جواده ولكنه غرق في مياه النهر وأنهم عثروا على جواده وسرجه الزهبي ولم يعثروا على جثته .
· نتائج المعركة :
o القضاء على دولة القوط التي حكمت ثلاثمائة سنة .
o امتلاك المسلمين لأسبانيا .
o الاستيلاء على مدينة طليطلة عاصمة القوط .
o إضعاف الروح المعنوية لدى القوط وتفوق كلمة جيشهم وإنزال الرعب في قلوبهم فتحصنوا بالجبال .
o تثبيت المسلمين أنفسهم في أرض الأندلس .
o التحق الكثير من العرب والبربر بجيش طارق بن زياد بسبب هذا الانتصار العظيم.
· تكملة الفتح من قبل طارق بن زياد :
o واصل طارق فتوحاته فزحف بجيشه شمالاً وكان بقية الجيش القوطي قد تجمع عند مدينة استجة ليتصدى للمسلمين .
o التقى بهم طارق وهزمهم وفرق جمعهم وكان يليان إلى جانب المسلمين يرشدهم ويوجههم فنصح يليان طارق بن زياد أن يفرق جيشه إلى فرق ويوجههم إلى المدن ثم يتجه إلى طليطلة عاصمة القوط حيث اجتمعت القوت هناك ويسرع لفتحها قبل أن يعينوا حاكم من أبناء غيطشة عليها .
o بعث طارق بن زياد فرقة بقيادة مغيث الرومي في 700 فارس إلى قرطبة وكان أهلها قد رحلوا تاركين أميرها في 400 فارس .
o وقد ساعدت الطبيعة المسلمين على الانتصار وذلك بسبب هطول الأمطار والثلوج ولم يسمعوا صوت حوافر الخيل كما أن راعي أغنام قد دلهم على وجود ثغرة في السور لمدينة قرطبة وهجموا على الحراس وفتحوا باب الحصين ودخلوا المدينة عنوة وهرب أميرها واختبأ في كنيسة لمدة ثلاثة أشهر ثم هرب حتى تمكن مغيث الرومي من القبض عليه .
o ثم أقر مغيث الرومي اليهود وسمح له بالإقامة في مدينة قرطبة ومعه بعض الجنود.
o بعض طارق جيشاً إلى مدينة مالقة وغرناطة والبيرة ثم حاصر هذه المناطق حتى فتحت .
o ثم اتجه طارق إلى مدينة مرسية وتسمى تدمير وعاصمتها أريولة وقد ألبس القوط النساء ثياب الرجال إيهاماً منهم بكثرة عدد جيشهم ، وقد حاول أميرها أن يعقد صلح مع المسلمين فأنقذ مدينته من السبي والجزية .
o اتجه طارق إلى طليطلة عاصمة القوط وقد هرب حاكمها مع أصحابه خارج البلد ولم يجد بها سوى اليهود والنصارى ففتح المدينة وترك بها حامية إسلامية ثم وصل إلى مدينة المائدة وانتصر عليهم وأخذ الكثير من الغنائم إلى مدينة طليطلة بعد أن وصل إليها أمر من قائده بوقف الفتح .
· موسى بن نصير والأندلس :
o عبر موسى بن نصير المضيق في شهر رمضان سنة 93هـ بجيش بلغ 18 ألف مقاتل معظمهم من العرب القيسية واليمنية وبعض التابعين وعدد من البربر .
o توجه موسى إلى شذرنة وفتحها عنوة ثم إلى قرمونة المعروفة بحصانتها وصبرها على الحصار والقتال وتمكن من التحايل عليها ودخلها المسلمون عنوة .
o ثم سار إلى أشبيلية وتشتهر بعظمتها وفخامتها وآثارها ومبانيها الضخمة وحاصرها عدة أشهر ثم فتحت .
o ثم اتجه إلى مدينة ماردة التي اشتهرت بمصانعها وحدائقها وقصورها وكنائسها وقد تعب المسلمون في فتحها سنة 94هـ وعندما شعر أهلها بالهزيمة تحصنوا بها بعد أن قتل منهم أعداد هائلة ثم تغلب عليهم بعد أن دبر لهم كمين ثم حاصرهم شهراً واستخدم في قتالهم دبابة كبيرة تم تحصين المسلمون بها إلا أن الروم تنبه لذلك عندما وجدوا فتحة في السور وانقضوا على المسلمين وقتلوهم تحت الدبابة وسمي المكان برج الشهداء .
o ثم اتجه إلى ماردة وحاصرها إلا أنه سمع أن أهل مدينة أشبيلية ثاروا على المسلمين وقتلوا عدد من الرجال بلغ 80 رجل.
o أرسل موسى ابنه عبد العزيز إلى أشبيلية فقتل الثائرين حتى استقامت له الأمور.
o توجه موسى إلى مدينة طليطلة حيث التقى مع قائده طارق بن زياد .
· قصة اللقاء بين موسى وطارق :
o عندما وصل موسى بن نصير إلى مدينة طليطلة والتقى بالفاتح طارق بن زياد وبخه وغضب عليه بسبب إنه واصل فتوحاته دون أن يستأذن قائده موسى بن نصير .
o وقيل أنه ضربة بالسوط على رأسه وحلق شعر رأسه وبالغ في إهانته وزجه في ظلمات السجون مصفداً بالأغلال بتهمة الخروج والعصيان .
o وقيل أنه هم بقتله بسبب :
§ أن كل ذلك حسداً وغيرة من موسى بن نصير وطارق بن زياد بسبب ما أحرزه طارق من نجاح في فتوحاته وما كسبه من غنائم لا تعد ولا تحصى.
§ كما أنه خاف أن تنسب هذه الفتوحات الناجحة فتكتب إليه أن لا يتقدم حتى يأتي إليه .
§ بسبب أن طارق خالف أوامر موسى الصادرة إليه عندما أمره أن لا يتجاوز مدينة قرطبة فعبر موسى إلى الأندلس بدافع الغيرة والحسن وليؤدب قائده .
· موسى بن نصير وطارق بن زياد يتمان عملية الفتح :
o التقى موسى مع طارق في منطقة طلبيرة تم اتجهوا إلى منطقة طليطلة عاصمة القوط وخرجت منها الجيوش بعد تنظيمها متوجهين إلى الشمال الشرقي.
o فتحوا منطقة سرقطة وتراغونة وبرشلونة وغيرها من المدن ثم افترقا القائدين .
o سار طارق بن زياد إلى الغرب ليغزو جبليقية حتى يقضي على بقية القوط .
o سار موسى بن نصير شمالاً واخترق جبال البرنية وتسمى جبال البرت وغزا ولاية شيتمانيا التابعة لملوك القوط ثم فتح مدينة قرقشونة ثم اتجه إلى بلاد الفرنج .
o ثم غزا وادي الرون حتى وصل مدينة ليون وبذلك انزعج ملك الفرنج وخاف على الأراضي الفرنسية ثم جهز جيشاً استعداداً لمقابلة المسلمين ولكنه لم يتمكن منهم فاضطر أن يعود إلى بلاده بعد أن أقام عدة حصون على حدود وادي الرون وملأها بالأسلحة والمقاتلين .
o كان لموسى بن نصير فكرة ورأي وهو أن يخترق جبال البرانس ويصل إلى أوروبا فاتحاً حتى يصل إلى مدينة القسطنطينية ثم إلى عاصمة الخلافة دمشق .
o لكن الخليفة الأموي الوليد لم يوافقه على هذا المشروع فكتب إليه بعدم التوغل بجيوش المسلمين في دروب مجهولة وأمره بالعودة .
o أطاع موسى الخليفة ولكنه تمهل حتى يخضع الأقسام الجبلية من الأندلس التي تعتصم بها المسيحية وذلك حماية للمسلمين .
o اخترق موسى منطقة جبليقية وشد عليها الحصار وكان أميرها أن يلقي بالسلاح إذا بالخليفة يرسل إليه يستدعيه مسرعاً مع طارق إلى دار الخلافة.
o وبذلك رجع موسى تاركاً ذلك الزعيم في الجبال ومن معه واستهان به المسلمون وبعددهم فإذا بهم يكونون المملكة النصرانية في الشمال التي قدر لها أن تتمكن بعد ثمانية قرون من طرد المسلمين من الأندلس .
o يطلق اسم بلاد ما وراء النهر على المنطقة الواقعة بين نهر سيجون شمالاً وجيجون جنوباً وسكانها من العنصر التركي ، وتقع في الشمال الشرقي لحدود الدولة الفارسية .
§ مملكة طنجا وستان عاصمتها بلخ .
§ مملكة صفانيان عاصماتها صفانيان وهي بلاد واسعة .
§ مملكة الختل عاصماتها هلبك وهي كثيرة المدن .
§ مملكة الصفد عاصمتها سمرقند .
§ مملكة خوارزم عاصمتها الجرجانية .
§ مملكة فرغانة عاصمتها فرغانة .
وكان الصراع بين هذه الممالك مما يؤدي خطراً على حدود الدولة الإسلامية وتأمين الدعوة ونشرها في هذه الممالك في الوقت الحاضر : كازخستان – أزبكستان – تركمانستان – طاجيكستان .
بالرغم من الصراعات والمنازعات بين هذه الممالك إلا أنها تتوحد عندما يداهمها أي خطر خارجي ، وأشهر المدن بخارى ، سمرقند ، ترمذ ، فرغانة ، مرد ، خوارزم .
ولم تتوجه هذه الفتوحات الإسلامية إلى هذه المناطق بشكل جدي إلا في عهد الدولة الأموية في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك سنة 86هـ – 96هـ أما قبل ذلك فكان الأمويون مشغولين بتثبيت أركان الدولة بسبب الفتن والثورات الداخلية . وأيضاً تثبيت الفتوحات في هذه المناطق التي تمت في عهد الخلفاء الراشدين ونشر الإسلام وتعريف أهل هذه المناطق بالدين الإسلامي .
وبعد وفاة معاوية بن أبي سفيان دخلت الدولة في طور جديد من الفتن الداخلية التي كانت في عهد الخليفة يزيد بن أبي سفيان ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان الذي قضى لكل حكمه في القضاء على الفتن حتى أعاد للدولة وحدتها وكيانها فتسلم ابنه الوليد دولة قوية سليمة الأركان فاستفاد الوليد من جهود أبيه واستثمرها في حركة الفتح والجهاد فاستكمل فتوحات أفريقيا حتى وصل الأندلس وفتح إقليم السند وما وراء النهر .
هذه الفتوحات لم تبدأ من فراغ بل مهدت لها جهود جبارة استمرت زمناً طويلاً.
فالفرس قد تحطمت مقاومتهم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بعد موقعة نهاوند بقيادة النعمان بن مقرن سنة 21هـ وانتشرت جيوش المسلمين في أنحاء فارس فأكملت فتحها صلحاً مدينة بعد أخرى حتى هرب إمبراطورهم يزرجر الثالث إلى بلد خراسان وبسط المسلمون نفوذهم على كل أنحاء فارس دون مقاومة بل معاهدات صلح قامت على الرحمة والتسامح .
وهنا سؤال هل استغل المسلمون الفرصة عندما انهار الفرس واستولوا على بلادهم وأجبروهم على اعتناق الإسلام بالقوة ؟
الجواب لا لأن المسلمون لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ولم يكن لهم طمع في الاستيلاء على خيرات أهل البلاد كما يدعي أعداء الإسلام .
وإنما هم أصحاب رسالة أمنوا بها واستيقن نورها في قلوبهم وعرفوا ما تحمله من خير للبشرية فكانوا يحاولون أهل البلاد بالحكمة والموعظة السنة .
ولكن السؤال هل أمن أهل البلاد بالإسلام واستجابوا له نعم في البداية آمن أهل البلاد بالإسلام خاصة الطبقة التي كانت تعاني من الظلم والاستغلال واضطهادهم وجدوا العزة والكرامة في الدين الإسلامي .
أما الطبقة الحاكمة التي استسلموا للمسلمين وكتبوا عهد بدفع الجزية فكان موقفهم مختلف فمعظمهم لم يستطيب للإسلام ولم يتركوا فرصة للانتقاض ونكث العهود واستغلوه .
وكان واجب المسلمين ردهم إلى الطاعة والنظام ففي عهد عثمان كان لأمراء الكوفة والبصرة دور كبير في رد الولايات الفارسية الطائرة إلى الطاعة والنظام.
وفي عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان جمع ولايتي الكوفة والبصرة لزياد بن أبيه بعد وفاة أميرها المغيرة بن شعبة سنة 51هـ فاتبع سياسة عامة قوية لتوطيد الحكم الإسلامي في بلاد فارس عامة وخراسان خاصة وجعلها قاعدة لانطلاق الجيوش الإسلامية لفتح بلاد ما وراء النهر .
ثم أن زياد بن أبيه قام بتوطين الكثير من العرب في بلاد فارس حتى يكون هناك مزج مع السكان فتمكن الإسلام من الانتشار بينهم وبعد وفاة زياد ولي أبنه عبدالله بن زياد سنة 53 وعندما أتى خراسان وجد أن أبيه وجهز قد أتت أكلها وأنها أصبحت قاعدة راسخة لانطلاق الجيوش إلى بلاد ما وراء النهر .
عبر المسلمون النهر وصعدوا جبال بخارى على الأمل واستولوا على وامتين وبيكند وعادوا بالأسرى وعددهم ألفان .
ثم توالت الحملات على بلاد ما وراء النهر والتي كانت تعود بالفناء وتوقفت الفتوحات الإسلامية من عهد يزيد بن معاوية 60هـ حتى خلافة عبد الملك سنة 86هـ بسبب الفتن والثورات وعندما عين الخليفة عبد الملك الحجاج بن يوسف الثقفي والياً على العراق استأنف عملية الفتح لبلاد ما وراء النهر خاصة عندما أرسل قائد له خبرته الحربية المهلب بن أبي صفرة وقد بدأ في غزو بلاد ما وراء النهر وكان عدد جيشه خمسة آلاف جندي وعلى المقدمة أبو الأدهم في ثلاثة آلاف جندي وحارب ملك مملكة الختل .
وقد انضم ابن عم مملكة الختل إلى المهلب بن أبي صفرة وتساعدوا على حرب مملكة الختل وقتل ابنه وانتصر عليهم .
ثم توفي المهلب وكان ابنه يزيد قد ولاه الحجاج مهمة أبيه وغزا خوارزم ثم كان أخيه الفضل بن المهلب كل هؤلاء لهم جهود في منطقة ما وراء النهر حتى جاء قتيبة بن مسلم الباهلي الذي قدر له أن يفتح هذه البلاد في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك.
كانت بلاد ما وراء النهر تعترف بالخان سيداً لها .
وتدفع له الجزية وكانت إمارة الصفد مقسمة إلى ولايات صغيرة مستقلة تكون بينها معاهدات وكانوا يتبادلون تجارة الحرير مع الصين أهم المراكز : سمرقند – بيكند – كش .
· فتوحات قتيبة بن مسلم الباهلي :
o تولى قتيبة إمارة خراسان سنة 85هـ من قبل الحجاج بن يوسف الثقفي حاكم العراق.
o ويعتبر قتيبة من أعظم القادة الفاتحين فهو صاحب حزم ورأي ودهاء وغناء في الحرب الذي عرفهم التاريخ الإسلامي خاصة العصر الأموي وقد هدى الله على يديه خلق كثير لا يعلمهم إلا الله ولم يقصر والي العراق الحجاج في امداده بالرجال والأموال .
o وقد خطط قتيبة مع الحجاج بن يوسف الثقفي لهذا المشروع الخطير ودرس كل الوسائل التي تؤدي إلى نجاحه قبل أن يصل إلى خراسان .
o وقد برهن قتيبة على أنه لم يكن قائداً عسكرياً فقط وإنما رجل إدارة وتنظيم.
o كما أنه كان يعرف كل شيء عن أحوال خراسان خاصة أن هناك تنافس على هذه الولاية ، كما أن هناك عصبية كبيرة لأسرة آل المهلب خاصة بعد أن تم عزلهم عن خراسان .
o فكان على قتيبة أن يقضي على هذه العقبات وأن يذكر المسلمين برسالتهم السامية ويعدهم للجهاد وهدفه رفع راية لا إله إلا الله في هذه البلدان وأن ينسوا خلافاتهم.
o فجمع رؤساءهم وذكرهم بوحدتهم وقوة إيمانهم في سبيل الله وبذلك استطاع أن يجمع الصفوف ويوجد الجهود تحت رأيه التوحيد كما أعاد ثقة الخرسانيين وعهد إليهم بالوظائف وقربهم منه وبذلك ضمن تعاونهم معه لتحقيق هدفه وهذا يدل على ذكاء قتيبة وخبرته وقدرته الإدارية .
· المرحلة الأولى في الفتوحات :
o لقد فتح إقليم طنجارستان في عهد الخليفة عثمان بن عفان على يد الأحنف بن قيس إلا أن هذا الإقليم لم تستقر أوضاعه فكان يقوم بثورات بين وقت وآخر.
o عبر قتيبة نهر جيجون سنة 86هـ وخاض عدة حملات عسكرية حتى تمكن من إخضاع إقليم طنجارستان ويقع على ضفتي نهر جيجون وقد بدأ بفتح هذا الإقليم في خراسان قبل أن يبدأ بفتح بلاد ما وراء النهر وجعل على خراسان إياس بن عبد الله بن عمر .
o وجعل على طنجارستان أخاه صالح بن مسلم الباهلي .
§ وصل قتيبة إلى مدينة الطالقان فتلقاه دهاقين بلخ وبعض عظمائها فساروا معه.
§ ثم عبر النهر وتلقاه تيش الأعور ملك الضفانيان بهدايا ومفتاح من ذهب فدعاه إلى بلاده .
§ أتى ملك كفتان بهدايا وأموال ودعاه إلى بلاده .
§ ثم أتى غشتاسبان مدينة أميرهم وشومان من طخراستان فصالحه على فدية أداها إليه فقبلها قتيبة .
§ ثم ذهب مع تيش إلى بلاده فسلم إليه بلاده . ثم رجع قتيبة إلى مرو عاصمة خراسان وجعل أخاه أميراً معنى ذلك أن طنجارستان فتحت بدون حرب ولكن يفهم من ذلك أنه في البداية لقي حرباً ثم صالحوه .
§ تمكن نيزك أحد الأمراء من تكوين حلف من وراء أمرا طخراستان ضد المسلمين.
§ رجع قتيبة إلى طخراستان وتمكن من القضاء على هذا الحلف وقبض على نيزك وقتله مع 700 من أنصاره سنة 91هـ .
§ وبذلك استقرت أمور المسلمين في طخراستان نهائياً .
· المرحلة الثانية : فتح أقليم بخارى :
o تقدم قتيبة إلى إقليم بخارى وأول مدينة فتحها في هذا الإقليم مدينة بيكند سنة 87هـ وقد حاصرهم قتيبة فاستعانوا بالصفد وأخذت الإمدادات تأتيهم من كل مكان وصبر المسلمون على الحصار حتى هزموهم وحاول قتيبة أن يهدم مدينتهم ولكنهم طلبوا الصلح وجعل عليهم أميراً من بني قتيبة ولكن سرعان ما نقضوا الصلح وقتلوا حاكم المدينة وجدعوا أنوف الجنود ، فرجع إليهم قتيبة وأنزل فيهم القتل والأسر وأخذ الكثير من الغنائم وكان في مقدمة جيشه قبيلة بني تميم بقيادة هزيم بن أبي طلحة ثم رجع قتيبة إلى مرو.
o وقد قوي أمر المسلمين فاشتروا السلاح والخيل وتنافسوا في حسن الهيئة والعدة.
o وتوالت حملات قتيبة على بخارى فكان يغزوها في الصيف ويعود إلى مرو في الشتاء.
o وفي سنة 81هـ ترك أخاه بشار على مرو وعبر النهر وفتح مدينة نورمشكث ورامثنة صلحاً بناء على طلب أهلها .
o إلا أن أهل فرغانة والصفد عملوا حلف من مائتي ألف عليهم ابن أخت ملك الصين كور مغايون وتحالفوا ضد المسلمين إلا أن الله نصر قتيبة عليهم .
o وفي سنة 89هـ واصل قتيبة فتوحاته وقرر أن يفتح إقليم بخارى رغبة لأوامر الحجاج فقابله في الطريق جمع غفير من أهل كتش ونسف فهزمهم ولكنه لم يستطيعه أن يفتح بخارى فطلب منه الحجاج أن يعمل له خريطة فأرسلها .
· المرحلة الثالثة :
o فتح سمرقند :
أرسل ملك الصفد طرخون إلى قتيبة يطلب منا الصلح على مدينة سمرقند بعد أن عرف انتصار قتيبة في بخارى فقبل من الصلح .
وفي سنة 92هـ غزا قتيبة إقليم سجستان وملكها رتنيل وأراد أن يؤدبه لغدره وانضمامه مع ينزك إلا أن رتنيل طلب الصلح فقبل قتيبة ذلك ورجع إلى مرو بعد أن ترك أميراً عليها.
وفي سنة 93هـ فتح إقليم خوارزم صلحاً بعد أن أرسل له ملكها مفاتيح المدينة وصالحة على عشرة آلاف رأس وعين ومتاع .
ثم توجه لفتح إقليم سمرقند وسبب ذلك أن ملكها طرخون بعض الصلح الذي عقده سنة 90هـ وامتنع عن دفع الجزية فقرر قتيبة أن يضع حداً لطغيان هذا الملك .
جهز أخاه عبد الرحمن بن مسلم الباهلي في عشرين ألف مقاتل وأمره أن يسير أمامه ثم تبعه هو في أهل خوارزم وبخارى وحاصر المدينة .
استعان أهل سمرقند بملوك الشاش وفرغانه وقالوا لهم أن العرب إذا ظفروا بنا عادوا عليكم بمثل ما أتونا به فانظروا لأنفسكم .
استجابوا لهم وأعدوا جيش فيه أبناء الملوك والمرازبة والأبطال وقرروا أن يفاجأ قتيبة ولكن قتيبة علم بأمرهم وأرسل لهم فرقة بقيادة أخيه صالح بن مسلم الباهلي فشتت شملهم وقتلهم وغنم المسلمون أمتعتهم وسلاحهم.
فعندما رأى الصفد ما حل بإخوانهم وأن مدينتهم محاصرة وعليها المنجنيق وقد أحدث قتيبة ثغره في السور دخل منها المسلمون وقاتلوهم ثم طلبوا الصلح فصالحهم:
على ألفي ألف ومائتي مثقال من الذهب كل عام .
وأن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف رأس .
وأن يخلوا له المدينة فلا يبقى بها مقاتل .
أن بنى بها مسجداً ويدخل ويصلي ويخرج .
دخل قتيبة سمرقند وحطم أصنامها ثم رجع إلى مرو .
· المرحلة الرابعة :
o فتح إقليم الشاش وفرغانه وكاشغر :
سار قتيبة في الصيف سنة 94هـ بجيش بلغ عشرون ألف جندي من أهل بخارى وكش ونسف وخوارزم .
درجة قسم منهم إلى الشاش .
توجه هو بالقسم الآخر إلى فرغانه ودارت معركة عنيفة حول مدينة خجنده ولم تكن النتيجة حاسمة ولقى صعوبات فتوجه إلى كاشان وهنا التقى بجنوده الذين أرسلهم إلى منطقة الشاش .
ويبدو من ذلك أن قتيبة لاقى صعوبات مع الأتراك فأستعان بجنده وطلب من الحجاج المدد فأرسل له جيش من العراق . كما أمر محمد بن القاسم أن يرسل له جيش من السند .
وهذا يدل على قوة المقاومة التركية وأراد أن يتفوق عليهم لتحقيق هدفه وبالفعل دخل إقليم الشاش وفرغانه سنة 95هـ .
ثم وصلته الأخبار بوفاة الحجاج وهو خير معين وسند لقتيبة فكان يجد منه التشجيع والتأييد في فتح ما وراء النهر .
رجع قتيبة إلى مرو بعد أن ترك حاميات في المناطق التي فتحتها .
وقد أرسل إليه الخليفة الوليد بن عبد الملك رسالة يواسيه فيها لفقده الحجاج ويشجعه على المثابرة ومواصلة الجهاد . فكانت هذه الرسالة لها تأثير عميق لدى قتيبة رفعت من معنوياته وأعطته قوة وعزم على مواصلة الجهاد والفتح .
خرج من مرو إلى مدينة كاشغر وهي أقرب المدن إلى الصين ثم وصل إليه خبر وفاة الوليد وهو في فرغانه سنة 96هـ .
في هذه الأثناء وصل إليه رسول من ملك الصين يطلب إليه أن يوجه إليه وفداً ليعرف خبرهم .
أرسل إليه وفداً من عشرة رجال برئاسة هبيرة بن المشمرخ وخلاصة الحوار . أن ملك الصين أخبرهم أن يبلغوا صاحبهم مهدداً بقلة جنود المسلمين وأنه سوف يرسل من يهلككم فرد عليه هبيرة في ثقة . كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون وكيف يكون حريصاً من خلف الدنيا قادراً عليها وغزاك . وأما تخويفك ايانا . فإن لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل فلسنا نكرهه ولا نخافه .
رجع ملك الصين إلى صوابه وعرف أن هؤلاء لا ينفع معهم التهديد فقال ملك الصين ما الذي يرضي صاحبكم قال أنه أقسم أن يطأ أرضكم ويختم ملوككم ويعطي الجزية . قال نحن نخرجه من يمينه نبعث إليه بتراب من أرضنا فيطئه ونرسل له بعض أبنائنا فيختمهم ونبعث إليه بجزية .
· نهاية قتيبة بن مسلم الباهلي :
مات الخليفة الوليد بن عبد الملك سنة 96هـ وتولى أخاه سليمان بن عبد الملك الخلافة .
وكانت العلاقة بين سليمان والحجاج وقتيبة غير حسنه لأنهم وافقوا الخليفة الوليد على خلع أخيه سليمان وتولية ابنه عبد العزيز بن الوليد .
خشى قتيبة أن يعزله سليمان عن منطقة ما وراء النهر فأرسل إليه رسائل يعزيه في أخيه الوليد ويهنئه بالخلافة.
لكن سليمان لم يعزله بل أرسل له عهداً بولاية خراسان مع رسول خاص من عنده تكريماً له .
لكن قتيبة تعجل وخلع سليمان قبل وصول الرسول ، فغضب الناس من ذلك وثاروا عليه الجند وقتلوه وذهب ضحية لتسرعه . لكن حسناته تكفر سيئاته لأنه قائد وفاتح عظيم خدم الأمة الإسلامية ونشر الإسلام .
توقفت الفتوحات الإسلامية عند حدود الصين ولم تحدث فتوحات في العصر الأموي بسبب :
ثورات الخوارج .
ثورة يزيد بن المهلب .
الخلافات بين العرب في خراسان .
ظهور الدعوة العباسية .
الصراع بين أفراد البيت الأموي .
الثورات في بلاد ما وراء النهر ونقض العهود .
· فتح بلاد السند :
يقع إقليم السند شمال غرب القارة الهندية وشرق بلاد فارس .
· أهمية فتح بلاد السند :
وحدة العالم الإسلامي فقد تم فتح بلاد ما وراء النهر ثم بعد عامين تم فتح بلاد السند في ظل وحده الإسلام في عهد الوليد بن عبد الملك .
وحدة القيادة العامة التي قام بها أمير العراق الحجاج بن يوسف الثقفي بتوجيه الحملات إلى ما وراء النهر وإلى إقليم السند .
وحدة الإعداد والتجهيز في ظل الحكومة الإسلامية .
· فتح إقليم السند :
بدأ فتح بلاد السند منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب t عندما أمر وإلى البحرين عثمان بن العاص الثقفي أن يرسل أخاه المغيرة بن أبي العاص إلى خور الديبل فلقى العدو وانتصر عليه وعاد بالغنائم .
وفي عهد عثمان بن عفان أرسل من يخبره عن السند إلا أن الفتنة شغلته .
وفي عهد الخليفة علي بن أبي طالب وجه حملات إلى السند فأصابوا وغنموا بقيادة الحارث بن مرة وقد قتل بأرض القيقان .
وفي عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان وصل المهلب بن أبي صفره إلى :
لاهور .
وكابل .
والقيقان .
حيث استشهد الحارث بن مرة ولكن المهلب نجح وانتصر وغنم ثم توالت الحملات حتى توقفت بسبب الفتن في عهد يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان .
بعد أن استقرت الأمور في الدولة الأموية أرسل الحجاج بن يوسف الثقفي ابن عمه محمد بن القاسم الذي لم يتجاوز العشرين عاماً إلى بلاد السند .
وقد أظهر من البطولة والشجاعة ما يضعه في صفوف الأبطال الفاتحين .
وقد احتفل الحجاج بإعداد الحملة وجهزها بما يهيأ لها من أسباب النجاح من حيث العدة والعتاد وأدوات الحصار .
وكان عدد الجيش 6000 آلاف جندي وأرسل معهم الخيوط والطعام حتى الخل لأنه قليل في السند .
انطلق الجيش إلى مدينة مكران وهي قاعدة بحرية لانطلاق الجيش البحري .
وقسم جيشه إلى قسمين : قسم بري وقسم بحري .
ثم اتجه عن طريق البر إلى منطقة الديبل وقبل الديبل حاصر وفتح عدة حصون وقلاع مثل قنزبور وارمائيل .
وفي ارمائيل وصلته السفن المحملة بالعدة والسلاح والرجال .
حاصر الديبل ونصب حولها المنجنيق وبها منجنيق كبير يعمل حول 500 رجل .
كتب محمد بن القاسم يخبره أن بالديبل صنم كبير تحت منارة يعظموه فأمره الحجاج بهدم الصنم .
وبذلك شد الحصار على مدينة الديبل وبعد ثلاثة أيام تمكن من فتحها وكان حاكمها داهر وقد نصب الصنم واقتحم المدينة ودار القتال بينهم حتى انتصر عليهم وهرب عامل داهر من الديبل .
وكان لفتح المدينة أثر على أهلها وطلبوا منه الصلح .
اتجه محمد بن القاسم إلى البيرون فتلقاه أهلها وصالحوه وقدموا له المؤن وعلف الدواب وتقع على الضفة الغربية لنهر السند .
وكلما مر بمدينة صالحة أهلها وفتحها حتى عبر نهر مهران .
تقدم إلى منطقة سربيدس وسهبان فصالحه أهلها وفرض عليهم الخراج .
ثم سار إلى منطقة سدوسان فطلب أهلها الصلح فصالحهم وآمنهم وفرض عليهم الخراج وانضم إليه أربعة آلاف من الزط فأرسلهم إلى محمد بن القاسم .
أدرك محمد بن القاسم أن المعركة الحاسمة لم تحدث بعد لأن ملك السند ذاهر كان يهدف أن يطيل على المسلمين خطوط مواصلاته إلا أن محمد بن القاسم عاجله فعبر نهر مهران على جسر أقامه والتقى مع داهر وكان معه عدد من الفيلة واقتتلوا قتال عظيم وانتصر عليهم ولقى داهر مصرعه .
ثم تقدم إلى حصن راور وكانت به زوجة داهر وقد أحرقت نفسها وجواريها وأموالها .
تقدم إلى مدينة برهمناباز وتقابل مع ابن داهر ويسمى جاي سنك فقاتله فهرب وفتح المدينة .
ثم تقدم إلى عاصمة السند الرور وحاصرها أربعة أشهر حتى طلب أهلها الأمان وبنى المسجد ثم تقدم إلى ساتدوري فطلب أهلها الأمان . وأيضاً مدينة بسمد .
وكان بها صنم يحجون إليه ويدعوا أن بها قبر النبي أيوب عليه السلام فعملوا الصنم عيناه من الجواهر ويغطى بجلد من النمر وعلى رأسه إكليل من الذهب ويتربع على سرير ماداً يديه إلى الأمام ويحجون إليه ويحلقون رؤوسهم وتهدى له الأموال وتنذر النذور .
وصل إليه خبر موت الحجاج فاغتم لذلك ثم وجه جيشاً إلى البيلمان فصالحوه ثم مدينة سرست ثم الكيرج فخرج إليه أميرها دوهر فقاتله وهزمه وقتله .
وأتت إليه القبائل من كل مكان تهنأه لأنه خصلهم من حكم الهندوس وظلمهم وآمنهم على أنفسهم وأموالهم.
وبعد هذا الانتشار أخذ محمد بن القاسم في تنظيم هذه المناطق حتى أصبح وأدى السند تحت حكم الدولة الإسلامية .
وعندما توفي الوليد رجع إلى دمشق بعد أن أصبح الخليفة سليمان حاكماً على المسلمين وهكذا توقفت الفتوحات الإسلامية في هذه المناطق .
· نهاية محمد بن القاسم :
عندما توفي الخليفة الوليد بن عبد الملك سنة 96هـ وتولى الخليفة سليمان بن عبد الملك بدأ يغير ولاة الحجاج فعين على العراق صالح بن عبد الرحمن الذي سبق أن قتل الحجاج أخاه آدم بن عبد الرحمن كان يرى رأي الخوارج .
وبذلك قرر صالح الانتقام من أقرب الناس إلى الحجاج وهو محمد بن القاسم فعزله عن السند وولى بدل منه يزيد بن أبي كبشه وأمره بالقبض على محمد بن القاسم فقبض عليه وأرسله له فسجنه في واسط وأخذ يعذبه حتى مات .
· أهم أعمال الوليد بن عبد الملك :
بنى جامع دمشق واستمر في بنائه عشرة سنوات وكان موضع الجامع كنيسة يوحنا فلما فتحت دمشق جعلها المسلمون مناصفة حسب فتح دمشق نصفها بالسيف وهو الجانب الشرقي وبنى به مسجد والجانب الغربي فتح صلحاً وبه كنيسة ولكن الوليد لم يرضى بذلك فاشترى الكنيسة وأدخلها في المسجد وعوضهم عنها بكنيسة مريم .
بنى صخرة بيت المقدس .
وسع مسجد رسول الله r بالمدينة ودفع له مائة ألف مثقال ذهب وأرسل إليه البنائين وعمل فوارة ليسقى منها الناس وحفر لهم بعض الآبار .
بنى مستشفى للمجزومين في ضواحي دمشق في الشمال الشرقي وهو مكان مناسب يوقف انتشار الجذام .
أعطى لكل مقعد خادماً وكل ضرير قائداً .
كان يبر حملة القرآن فيكرمهم ويقضي ديونهم .
حج سنة 96هـ وأكرم أهل المدينة وخاصة سعيد بن المسيب .
كان ميالاً للعمارة فأهتم بإصلاح الطرق وتسهيل سبل الحجاج وللحجاج .

الخليفة سليمان بن عبد الملك :

ولد بالمدينة المنورة سنة 54هـ ونشأ بالشام وتزوج من عائشة بنت عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفان . وأنجبت له يحيى وعبد الله وله الكثير من الأولاد من نساء أخريات .
وقد اهتم الخليفة عبد الملك بتربيتهم فعلمهم القرآن وعندما توفي أخيه الوليد كان في منطقة الرملة . فأخذ له البيعة ابن عمه عمر بن عبد العزيز .
أول ما أصبح خليفة عزل ولاة الحجاج بن يوسف الثقفي .
وأخذ يستعين بابن عمه عمر بن عبد العزيز ولذلك حرص على الاستعانة بصلحاء الرجال والبطانة الصالحين وكان من أكبر أعوانه ومستشاريه .
كان ينهى عن الغناء وأمر بإقامة الصلاة في وقتها .
بنى مسجد بني أمية وحج سنة 97هـ .
وعهد بالخلافة من بعده لابن عمه عمر بن عبد العزيز .
أغرم البادية وبنى قصراً فيها كان يستجم فيه .
· سليمان بن عبد الملك وغزو القسطنطينية سنة 98هـ :
لم يكن الخليفة سليمان أقل رغبة من أخيه الوليد في فتح بلاد القسطنيطينية . وبذلك كرس جهوده في تجهيز الحملة ووجهها إلى القسطنيطينية .
وأتخذ من مدينة دابق شمال الشام قاعدة حربية حتى يكون قريباً من مسرح الأحداث الحربية وأن يكون وجوده دافع لرفع الروح المعنوية لدى الجنود .
وقد أسند قيادة الجيش لأخيه مسلمة بن عبد الملك الذي تمرس على أساليب الروم ومعرفة طرق قتالهم .
وقد تكفل مسلمة بكل الاحتياطات التي تؤدي إلى نجاح الحملة مثل :
العتاد العسكري .
الطعام للجند والدواب .
الأخشاب لإقامة بيوت لحماية الجنود من برد الشتاء .
ثم عين أميراً للبحر عبر مسلمة مضيق البسفور ومعه 1800 سفينة كبيرة عدا السفن الصغيرة وضرب الحصار على المدينة .
وأحاط المدينة بحصار من القوات البرية .
أما أمير البحر سليمان فسد المنافذ والمسالك المائية ليقطع على أهل المدينة المدد والمؤن .
وبذلك أحتل مدخل البسفور الجنوبي لقطع الاتصال بين المدينة وبحر مرمرة وبحر أيجة.
ثم هبت رياح جنوبية فاغتنم الفرصة وأرسل فرقة لاحتلال مدخل البسفور الشمالي لمنع وصول أبي مدد من البحر الأسود خاصة أن السواحل الشمالية غنية بحقول القمح .
· أسباب فشل الحملة :
لقد بذل الخلفاء الأمويون الكثير من الجهد وإرسال الحملات المكثفة إلى القسطنطينية :
ولم يتركوا شيء للصدفة بل كان هناك .
تخطيط محكم ودراسة جاده .
وإعداد جيش مجهز بالعدة والعتاد .
وبالرغم من كثرة السفن الذي زاد عددها على 1800 سفينة .
وعدد الجيش 80 ألف جندي إلا أنهم لم يوفقوا لفتح المدينة .
· ومن أهم أسباب فشل الحملة :
ليون الايسوري الذي أصبح إمبراطور الروم باسم ليون الثالث والذي أسس أسرة أصبحت تعرف في التاريخ باسم الأسرة الايسورية والتي حكمت 85 عام .
ولكن الأيام أثبتت أنه كان يضمر شراً خطيراً للمسلمين وهو استغلال المسلمين في الوصول لعرض بيزنطة ثم ردهم عن القسطنيطينية فيما بعد .
ومن العجب أن مسلمه صدق ليون في كل شيء بالرغم أنه قائد حربي متمرس فرفع الحصار عن عمورية وكسب ثقة أهل منطقته فنادوا به إمبراطوراً على بيزنطة.
ثم الخطة الثانية تظاهر في مساعدة المسلمين وإرشادهم في الاستيلاء على القسطنيطينية وانضم إليهم وعندما دخل المدينة بدأ في تنفيذ خطته فاستغل فرصة ضعف إمبراطور القسطنيطينية فأعلن أن المدينة معرضة لحصار طويل وأن جيش المسلمون قوى في العدة والعتاد وأن الموقف يتطلب شخصية حازمة لمواجهة الموقف .
فانضمت إليه العناصر الاسيوية ونادت به إمبراطوراً ثم عقد اجتماع من كبار الشخصيات وقرروا عزل الإمبراطور تاوداسيوس وتعين ليون وبذلك حقق هدفه في الوصول للعرش .
وكان أول شيء عجله هو التصدي للمسلمين وردهم عن العاصمة . وقد خطط لإضعاف المسلمين حيث أشار عليهم بإحراق طعامهم . وقال له : [ إن الروم قد علموا أنك لا تصدقهم القتال وأنك تطاولهم ما دام الطعام عندك ] .
وبذلك تسبب مسلمة في كارثة المسلمين ولا تدري كيف تخلى عن الحيطة والحذر وصدق ليون مع أنه قائد حربي محنك له خبرته الطويلة في الحرب .
وقد أكل المسلمون الدواب والجلود وأوراق الشجر .
التقلبات الجوية المفاجئة التي تغيرت في غير صالح المسلمين والتي أدت إلى تدمير عدد من السفن .
استخدام البيزنطيين النار الإغريقية في إحراق ما تبقى من سفن المسلمين .
الشتاء الشديد البرودة .
تلقى المسلمون صعوبات بالغة بالرغم من وصول الإمدادات من مصر وشمال إفريقيا والشام وهي إمدادات بحرية ولكن دون جدوى لأن الجيش قد أنهك وفي أثناء الحصار توفي الخليفة سليمان بن عبد الملك سنة 99هـ وتولى ابن عمه عمر بن عبد العزيز الذي رأى من واجبه أن ينقذ المسلمين لأنه مسؤول عن سلامتهم فكتب إلى مسلمة بأمره أن يسرع في القدوم .
ولكن بالرغم من فشل الحملة إلا أنه انتصار سياسي للجيش الإسلامي الذي تمكن أن يرفع من شأن المسلمين ، والتصدي لأعدائه وظل حلم فتح القسطنيطينية يراود القادة حتى تحقق على يد محمد الفاتح في عهد الدولة العثمانية سنة 857هـ .
الخليفة عمر بن عبد العزيز :

· نشأته :
يعتبر عمر بن عبد العزيز من أفضل خلفاء بني أمية سيره واتقاهم ، واعفهم لساناً وأسبقهم إلى نشر العدل والإسلام وهو نجم ساطع رفع أعلام الحق وجددوا الأمل في نفوس الناس لنشر الرحمة والعدل .
وهو الخليفة الزاهد الراشد اشج بني أمية ويعتبر دوره في الخلافة الأموية بصفة خاصة والدولة الإسلامية بصفة عامة . أطلق عليه خامس الخلفاء الراشدين .
وهو من يفخر به الإسلام والمسلمين بل البشرية على مر العصور .
· إصلاحاته :
جدد بناء المسجد النبوي في خلافة ابن عمه الوليد عندما كان والياً على المدينة المنورة.
دفع الجزية عمن أسلم من أهل الذمة وهنا شعر بعض عماله أن هذه السياسة ستؤدي إلى نقص ميزانية الدولة وستصاب بالعجز أثر دخول الناس في الإسلام وسقوط الجزية وبطلب والي مصر أيوب بن شرحبيل الأصحي أن يعيد الجزية لكن عمر رد عليه قائلاً : [ منع الجزية عمن أسلم قبح الله وجهك فإن الله بعث محمد هادياً ولم يبعثه جابياً ولعمري لعمر أشقى من أن يدخل الناس كلهم في الإسلام على يديه ] .
كما أن والي خراسان الجراح بن عبد الله كان يمتحن الداخلين في الإسلام بالختان خوفاً من دخولهم بسبب الجزية فخاطبه بقوله : [ إن الله بعث محمد هادياً ولم يبعثه خاتناً ] .
وبذلك نرى أن عمر بن عبد العزيز بذل كل الجهود في سبيل نشر الإسلام في الأقطار الإسلامية .
كتب إلى ملوك الهند يدعوهم إلى الإسلام على أن تبقى أملاكهم وإماراتهم وبذلك أسلموا وتسموا بأسماء العرب .
وأيضاً إلى ملوك ما وراء النهر فأسلم بعضهم .
خروج الخوارج عليه في عهده ولكن منع عماله أن يعاملوهم بالحرب وسفك الدماء بل يناظروهم ويستعملوا منهم سياسة اللين والهوادة والمنطق والبرهان .
منع سب آل البيت على المنابر وكتب إلى الأمصار أن يعيدوا وظيفة المنابر الأصلية ومنع التهجم من فوقها على أحد من آل البيت ويحل محلها الآية القرآنية : چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?ڈ ڈ ژ ژ ڑ چ [النحل : ??].
وبذلك يحسم عداء العلويين ويتيح للفريقين الالتقاء على صعيد الحب والإخاء تحت راية العدل والإحسان . وإعادة الحقوق المالية للعلويين .
أمر بعمل وبناء خانات في البلدان النائية وأن يضيفوا أي زائر يوم وليلة ويتعهدوا دوابه . وأن كان به عمله يزيدوه يوم وليلة مرة أخرى . وأن كان منقطعاً يكرموه حتى يصل بلده.
القضاء على العصبية القبلية ويؤكد على ضرورة الوحدة بين المسلمين وأن يكون المجتمع الإسلامي كالجسد الواحد إذا اشتكى منه جزء ، قال تعالى : چ ? ? ? ? ? ?? ? ?? ? ? چ [ الحجرات : ?? ].
أمر كل قائد أن يقيم في كل جمعة يوماً وليلة تكون للجندي راحة وأن يجمع نفسه وكراعه ويرمي بسلاحه ومتاعه .
أمرهم بعدم دخول قرى الصلح وأن يعدل الجيش عن القرى حتى لا يصيبوا ظلماً أو إثماً .
العمل على استرداد الأموال من بني أمية ومنعهم من أخذ الأموال التي لا حق لهم فيها وردها إلى بيت مال المسلمين . وطلب وأعلن أن من له حق على بني أمية فليتقدم مطالباً بحقه وبذلك رد الكثير من الأموال والمزارع إلى أصحابها .
عمل على محاسبة عماله في جميع الأقاليم وأن يقدروا أموال المسلمين وأن لا يضيعوها في الكماليات والشكليات الإدارية وأن يتبعوا سياسة التقشف في إجراءاتهم المختلفة . كما منعهم من مزاولة أي نشاط تجاري لأن التجارة من السلطان مضرة بالرعية ومفسدة للجباية . كما منعهم من قبول الهدايا لأنها نوع من الرشوة .
قضى على السخرة وهي إجبار الناس على عمل لا يريدونه بالقوة لأنه ظلم اجتماعي واستغلال للمواطنين لكدح أبناء وشقاء الأمة الإسلامية لحسابهم الخاص.
طبق فكرة الضمان الاجتماعي بحيث شمل الرجال والنساء والأطفال لجميع الطبقات من عاجزين ومرضى ومسافر وغير مسافرين مسلمين وغير مسلمين عرباً وموالى حتى يتحقق العدل الاجتماعي ويأخذ مجراه . وأن يجمع كل والي في ولايته ضرائبه ويصرفها على ولايته كما أباح تبادل المعونات بين قطر وآخر فيكون هناك اكتفاء ذاتي . كما أن الرجل لا يلغي عطاءه ورثته في حالة وقائية بل يأخذ شمل العطاء أبناء المقاتلين وأهلهم. كما شمل المرضى المؤمنين الذي لا يرجى شفائهم .
جعل دار خاصة تسمى دار الطعام للفقراء والمساكين وأبناء السبيل .
شمل الضمان الاجتماعي الرهبان وتوزيع المال الزائد على أهل الذمة .
شدد على الزكاة لأنها حق من حقوق الفقراء .
سد ديون المعسرين وأن يعطى مال لمن أراد الحج .
أباح الهجرة لمن يشاء وخاصة أمراء بني أمية ، الذين شعروا بقلة أعطياتهم .
رفع رواتب عماله إلى ثلاثمائة دينار حتى يغنيهم عن الخيانة والاختلاس .
أصلح الكثير من الأراضي الزراعية بحفر الآبار وتعمير الطرق وبناء المساجد .
يزيد بن عبد الملك بن مروان :

· نشأته :
هو يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم .
أمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية .
ولد سنة 71هـ في دمشق أثناء خلافة عبد الله بن الزبير وأثناء سيطرة والده عبد الملك على الشام ومصر .
· فتنة المهلب بن أبي صفرة :
هذه إحدى الثورات التي هبت في وجه الدولة الأموية مثل ثورة ابن الأشعث والمختار بن عبيدة الثقفي .
هذه الثورة حدثت بسبب الأحقاد الشخصية .
أن لها علاقة بالحجاج أمير العراق التي كانت علاقته مع آل المهلب سيئة فعزلهم عن ولاياتهم ووضع أكبرهم في سجن دمشق .
ولا نعرف السبب الذي جعل الحجاج ينقلب عليهم .
وكان أبوه المهلب بن أبي صفرة من خير الرجال في العهد الأموي . لقد خدم المهلب بن أبي صفرة الذي خدم معاوية بن أبي سفيان ثم عمل لدى الزبير بن العوام ثم انضم إلى عبد الملك بن مروان وخدمته .
وكان له دور في حرب الخوارج وكسر شوكتهم .
عينه الحجاج بن يوسف الثقفي والياً على خراسان بعد أن قضى على ثورة ابن الأشعث .
وعندما توفي استخلف ابنه في ولاية خراسان يزيد بن المهلب حتى سنة 85هـ .
وكانت له غزوات موفقة في بلاد ما وراء النهر ثم عزله الحجاج سنة 85هـ وولى بدلاً منه المفضل بن المهلب ثم بعد فترة عزل المفضل وعن قتيبة بن مسلم الباهلي التي كان فتح بلاد ما وراء النهر على يديه .
وكان الحجاج يلح على الخليفة عبد الملك بعزل أسرة آل المهلب إلا أن الخليفة عبد الملك لم يرى داعى لعزلهم وحرمان الأمة الإسلامية من جهودهم .
وكان الحجاج يتحجج بأنهم كانوا في خدمة ابن الزبير فرد عليه الخليفة أنه لا عيب في ذلك أن يطيعوا ابن الزبير وهذا دليل على وفاءهم له .
وظل الحجاج يلح على الخليفة عبد الملك حتى تحقق له ما أراد فعزلهم ولم يكتفي الحجاج بذلك بل وضعهم في السجن حتى تمكنوا من الهرب سنة 90هـ ولجئوا إلى ولي العهد سليمان بن عبد الملك فشفع لهم عند أخيه الوليد فقبل الوليد شفاعته .
ظلوا في حماية سليمان حتى توفي الوليد وأصبح الخليفة سليمان حاكم الدولة الإسلامية فارتفع نجمهم مرة ثانية .
ثم قبض الخليفة عمر بن عبد العزيز على يزيد بن المهلب بن أبي صفرة ووضعه في السجن بسبب أموال أخذها من بيت مال المسلمين . ولم يقبل شفاعة أحد ورفض إطلاقه من السجن إلا بعد أن يؤدي المال . وظل مسجوناً حتى سمع بمرض الخليفة عمر بن عبد العزيز فهرب من السجن لأنه خاف بعد موت الخليفة أن يقع في يد الخليفة يزيد بن عبد الملك فينكل به لأنه كان له ميل لأسرة آل أبي عقيل أسرة الحجاج لأنهم كانوا أصهاره .
وكان يزيد بن المهلب قد انتقم من أسرة أبي عقيل عندما كان الخليفة سليمان بن عبد الملك .
هنا تبدأ ثورة يزيد بن أبي صفرة لم تكن له ثورة عند هروبه من السجن ولم تخطر على باله بل كان يبحث عن الأمان عندما هرب .
ولكن عند وصوله إلى البصرة وجد نفسه في بيئة الثورات والفتن أرض العراق فألتف أهل البصرة حوله كعادتهم مع كل ثائر . وانخدع بهم ولم يأخذ العبرة من ثورة بن الأشعث .
أول شيء فعله انقض على والي البصرة عدي بن أرطأة وسجنه .
خلع طاعة يزيد بن عبد الملك .
دعا أهل البصرة على البيعة على كتاب الله وسنة رسوله وعلى الجهاد .
اعتقد أن جهاد أهل الشام أعظم أجر من جهاد الترك والديلم .
انضمام إليه الكثير من الموالي وبعض الناس من القبائل العربية .
ثم وصله التأييد من الجزيرة واليمن والبحرين وعمان وبعث عماله على فارس والأهواز وعمان وبعث الأمراء على هذه المناطق .
عجز عبد الحميد والي الكوفة من القضاء عليه .
أرسل الخليفة يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة بن عبد الملك وابن أخيه العباس بن الوليد على رأي جيش كبير من أهل الشام تمكنوا من القبض عليه وهزيمته في معركة عقر سنة 102هـ وقتل منهم عدد لا بأس به .
وهكذا انتهت ثورة ابن المهلب .
الخليفة هشام بن عبد الملك :

هو هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص القرشي الأموي الدمشقي.
أمه أم هشام بنت هشام بن إسماعيل المخزومي .
ولد بدمشق سنة 72هـ أثناء الخلاف بين والده عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير في العراق .
تولى الخلافة وعمره 34 سنة وقد أسند الغزو والجهاد في سبيل الله لأولاده .
لم يعرف المؤرخون شيء عن حياة هشام قبل الخلافة أنه شارك في أمر من أمور الدولة .
ولكن ظهرت شخصيته عندما أسند أخيه سليمان بن عبد الملك الخلافة لابن عمه عمر بن عبد العزيز فغضب لذلك ولم يهدأ إلا عندما عرف أن الخلافة أسندت لأخيه يزيد بن عبد الملك فبدأ يتطلع إلى الخلافة.
حكم هشام ما يقرب من عشرين سنة وكان حازماً صاحب رأي شديد ذكياً عاقلاً له بصر بالأمور جليلها وحقيرها ، أستطاع أن يدير أمور الدولة بحزم ومقدرة وكان حكيماً في تعامله مع الكتلتين العربية اليمنية والقيسية بسبب التنافس بينهما فعمل على التوازن بينهما وعدم الانحياز إلى فريق منهما ، وكان يدرك مدى خطورة هذا الانحياز .
· العصبية القبلية في عهد هشام بن عبد الملك :
كانت العصبية القبلية من أخطر الأمور في الدولة الأموية .
اتهم المؤرخون الأمويون بأنهم أوجدوا العصبية القبلية .
لكن معظم المؤرخون لم يؤيدوا هذا الرأي للأسباب الآتية :
العصبية القبلية موجودة من العصر الجاهلي لأنها من طبيعة العرب رغم أن الإسلام حاربها .
اختفت العصبية في عهد الرسول وخلفاؤه أبي بكر وعمر .
ظهور العصبية في عهد فتنة عثمان بن عفان .
حملها العرب معهم إلى الشرق من بلاد خراسان وماء وراء النهر وإلى الغرب في المغرب والأندلس .
تحتاج العصبية القبلية بين الفريقين إلى التوازن الحزم والمرونة بين الفريقين .
· هشام بن عبد الملك والعصبية :
أشرك الفريقين في الأعمال الإدارية وأمور الدولة .
إذا رأى عامل يشجع أحد الفريقين عزله في سبيل مصلحة الأمة الإسلامية .
أمر الخليفة هشام بن عبد الملك والي العراق خالد القسري أن يعزل أخاه والي خراسان أسد القسري لأنه أهان نصر بن سيار من المضربة وحلق رأسه وضربه بالسياط هو وزعمائه .
عزل والي العراق خالد القسري بعد أن رآه أساء إلى زعماء قريش واستبد بالأمور.
· أهم أعماله :
بنى مدينة الرصافة .
يقول الشاعر علي بن الجهم :
عيون المهـا ما بين الرصافة والجسـر

غلبنا الهوى من حيث أدري ولا أدري

كان له هواية حب الخيل فله 4000 آلاف فرس وأنشأ حلبة السباق .
حصن الثغور وخزن الأسلحة بالقلاع والحصون للمرابطة وشحنها بالعدة والعتاد .
بنى البرك والآبار في طريق الحج المكي .
تزوج الكثير من النساء وأنجب الأولاد سليمان وسعيد ويزيد ومسلمة ومعاوية وهو والد عبد الرحمن فاتح الأندلس .
الخليفة يزيد بن الوليد بن عبد الملك :

هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك .
ولد سنة 90هـ .
أمه فارسية من الأسرة المالكة .
شاه افريد بنت فيروز بنت يزدجر آخر ملوك الفرس .
فأصله يجمع بين الدم العربي والفارسي + الرومي + والتركي .
كان يسمى الناقص لأنه عمل على نقص أعطيات الناس .
كانت ولايته فاتحة الاضطرابات في البيت الأموي .
· خلافته :
قام بالثورة على ابن عمه الوليد وحاصره وقتله ، وأخذ البيعة لنفسه .
دخل العاصمة دمشق وحاصرها بجيش كبير كان قائده عبد العزيز بن الحجاج .
أظهر التقوى والصلاح وتشبه بأبي بكر وعمر ولكن زمانهما قد ولا .
حابى العبسية اليمنية الذين ساعدوه في القضاء على علي ابن عمه ، وأغدق عليهم الأموال مما أدى إلى تدهور بيت مال المسلمين فنقص من أعطيات الناس .
كما أن القبائل المضربة نفرت منه .
· الثورات في عهده :
ثورة مدينة حمص : بكوا أهل حمص على الخليفة الوليد بن يزيد . ورفضوا البيعة ليزيد بن الوليد . انضموا إلى ابن عمهم يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية بجيش هو رئيسهم .
وجيش آخر بقيادة أبو محمد السفياني وبايعوه بالخلافة .
علم الخليفة بأمرهم فأرسل لهم جيشين :
جيش بقيادة ابن عمه عبد العزيز بن الحجاج .
جيش بقيادة سليمان بن هشام بن عبد الملك .
وتمكن الخليفة من هزيمتهم والإمساك بالقادة .
· ثورة أهل فلسطين والأردن :
ثار أهل فلسطين ورفضوا البيعة . وبايعوا يزيد بن سليمان بن عبد الملك .
ثار أهل الأردن ورفضوا البيعة . وبايعوا محمد بن عبد الملك .
أرسل الخليفة جيش عدد 84 ألف جندي بقيادة سليمان بن هشام بن عبد الملك وتمكن من هزيمتهم ووضع الخليفة أخاه إبراهيم بن الوليد أميراً على الأردن وضبعان بن روح على فلسطين ولم تدم خلافته سوى 6 أشهر ترك الدولة في صراع بين الأسرة المالكة .
إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك :

أمه جارية .
ولكن معظم الناس لم يسلموا عليه ولم يبايعوه حتى جاء ابن عمه عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك وأجبر الناس على بيعته وحاصرهم في حمص حتى جاء إليه مروان بن محمد فهرب عبد العزيز وترك حصار حمص . ودخل مروان بن محمد وبايعوه الناس ثم ساروا معه إلى دمشق .
التقى بجيش ابن عمه سليمان بن هشام بن عبد الملك في 120 ألف جندي . دارت بينهما معركة عند عين الجر حتى هزم سليمان وقتل من جنده 27 ألف .
التقى مران بن محمد بجيش إبراهيم بن الوليد وعبد العزيز بن الحجاج ثم قتلوا ولدي الوليد بن يزيد الحكم وعثمان ثم هرب إبراهيم . دخل مروان إلى دمشق وأخرج من السجن يزيد بن خالد وأبي محمد السفياني . ثم بايع الناس مروان سنة 127هـ بعد أن دامت خلافة إبراهيم 4 أشهر .
الوليد بن يزيد بن عبد الملك :

يزيد بن عبد الملك تولى الخلافة قبل هشام بن عبد الملك وفي عهده حدثت ثورة آل المهلب.
هذا ابنه الوليد بن يزيد بن عبد الملك :
أمه تسمى أم الحجاج وهي ابنة محمد بن يوسف الثقفي أخ الحجاج فهي ابنة أخيه.
ولد بدمشق سنة 90هـ .
تولى الخلافة وعمره 35 سنة .
· صفاته وأعماله :
كان كريماً شاعراً مجيداً .
زاد أعطيات الجند وذلك أن الخليفة هشام كان مشهوراً بتبذير الأموال . فاستغلها في عمل الخير .
أعطى العميان والمجذومين وجعل لكل واحداً منهم خادماً .
باع التحف والطيب وزاد في أعطيات الناس . إلا أن معظم المؤرخين أتهموه بالفسق والفجور :
عكف على شرب الخمر حتى أنه كان يشربها على سطح الكعبة . عندما كان أمير الحج في عهد هشام .
أهان المصحف ومزقه .
لكن بعض المؤرخين ينفوا التهمة عنه :
لأنه كان ينهى عن الغناء ويقول أنه يزيد الشهوة ويهدم المروءة .
حتى ولو كان له ميل للعبث والفساد ولكن لا يصل أنه يشرب الخمر على الكعبة أو يمزق المصحف فهي مبالغة لا يصل إليها الإنسان مهما كان فاسداً.
ولكن هذه الاتهامات ترجع إلى :
أن هشام بن عبد الملك كان يريد منه أن يتنازل بالخلافة لابنه مسلمة بن هشام ولكن الوليد تمسك بحقه ووقعت بينهم وحشة .
ولو كان فاسداً لوجد هشام العذر في عزله من الخلافة وتعين فرد آخر من بني أمية.
· أسباب الثورة على الوليد وقتله :
السبب الحقيقي عداءه لأبناء عمه محمد – وإبراهيم ، أبناء هشام بن عبد الملك لأنهما كانا يؤيدان والدهما في عزل الوليد وكان يساعدهما الإمام الزهري إلا أن الزهري توفي قبل خلافة الوليد فانتقم من أبناء عمه . وأمر والي المدينة المنورة أن يمسكهما ويبعثهما إلى دمشق وتوفيا تحت التعذيب .
سياسته مع بعض الولاة مما أدى إلى العصبية القبلية . فانتقم من خالد بن عبد الله القسري الذي سلمه إلى خاله يوسف الثقفي فعذبه حتى مات وبذلك حقدت عليه اليمنية وكان خالد من سادات اليمن .
والسبب في ذلك أن الوليد طلب منه أن يبايع ولديه الحكم وعثمان ولكن خالد رفض ذلك وبذلك سجنه وتوفي تحت التعذيب مما أثار حقد اليمنية .
وكانوا أكثر جنود الشام فانضموا إلى الدعوة العباسية في خراسان خاصة أن العباسين كانوا يبحثون عن سبب حتى ينقضوا على الأمويين والقضاء عليهم .
اجتمع اليمنيين مع يزيد بن الوليد بن عبد الملك ضد الخليفة وحاصروه وقتلوه .
قتل الخليفة كان بداية انتهاء الدولة الأموية وقد أدرك الأمويين ذلك خاصة العباس بن الوليد فأرسل إلى أخيه يزيد بن الوليد أن لا يقف ضد الخليفة ولكن أخيه ضحك عليه .
أدرك مروان بن محمد وكان في أرمينيا فأرسل إلى سعيد بن عبد الملك أن يوقف هذه الفتنة ولكن دون جدوى . أرسل سعيد رسالة مروان إلى العباس ولكن دون فائدة .
عندما قتل الخليفة انقسم البيت الأموي إلى قسمين :
وأخذ البعض يقاتل الآخر .
وانحاز بعضهم إلى أعداء الأمويين .
فقدوا كتلة عربية كانت تساند دولتهم وحكمهم ولها دور في تأسيس الدولة .
الخليفة مروان بن محمد :

أبناء مروان بن الحكم .
محمد بن مروان .
عبد الملك بن مروان .
عبد العزيز بن مروان .
آخر خلفاء بني أمية .
· هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم :
والدته : أمه كردية كانت لإبراهيم بن الأشتر . أخذها منه محمد بن مروان فولدت له مروان سنة 70هـ .
كان عهده كله فتن واضطرابات في البيت الأموي انتهت بقتله ونهاية الدولة الأموية سنة 132هـ .
· صفاته :
يعتبر من فرسان بني أمية وشجعائها ، مثل ابن عمه مسلمة بن عبد الملك كان شجاعاً صاحب رأي سديد لأن مسلمة تصدى للروم وحاصرهم وقاتلهم حتى حمى حدود الدولة الإسلامية .
أما مروان فتصدى للترك والخزر وقاتلهم حتى أصبح أميراً على أرمينية وازربيجان في عهد هشام بن عبد الملك سنة 114هـ . وقد شهدت هذه المناطق ببطولاته وشجاعته ، خاصة أن أبيه محمد بن مروان كانت له معارك في هذه المناطق وبطولات في عهد الخليفة عبد الملك عندما ولاه على هذه المناطق .
· أهم أعماله :
حارب الأتراك عندما حاولوا الهجوم على إقليم القوقاز وغزا بلاد الترك .
ظل والياً على أرمينيا وازربيجان حتى قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك سنة 126هـ وبذلك جهز جيشاً وخرج من أرمينيا حتى وصل دمشق متظاهر بطلب دم الوليد .
وعندما وصل دمشق كان ابنه عبد الملك بن محمد بن مروان بها .
عندما علم الخليفة يزيد بن الوليد بوصوله إلى دمشق أخذ يترضاه وخيره أن يترك دمشق مقابل أن يجعله أمير على أرمينيا وازربيجان ويضيف إليه الموصل والجزيرة فرضى بذلك وبايع الخليفة ورحل إلى أرمينيا .
ولكن الخليفة توفي وأصبح إبراهيم بن الوليد خليفة فعاد مروان وهزمه هو وقائده سليمان بن هشام اللذين سرقا بيت مال المسلمين بدمشق وهربا تاركين أبواب دمشق مفتوحة بعد أن قتلا أبناء الوليد بن يزيد الحكم وعثمان .
ولم يجد أحد يطالب بالخلافة . فأصبح هو المستحق الشرعي فبايعه الناس وأصبح خليفة المسلمين سنة 127هـ وهو آخر خلفاء بني أمية .
بالرغم من شجاعته وسداد رأيه إلا أن الأقدار شاءت أن تكون نهاية بني أمية على يديه .
ولم يكن هو المسؤول عن ذلك بل كانت هناك أسباب وعوامل كثيرة أدت إلى سقوط دولة بني أمية .
وكان من أخطر الأحداث انقسام البيت الأموي وكان من نتائجه انقسام القبائل إلى كتلتين اليمنية والقيسية . فكانت اليمنية ضد مروان بن محمد .
وحاول بكل ما عنده أن يهدأ الناس ويعطيهم الثقة ولكن دون فائدة . فعرض عليهم أن يختاروا أميراً لدمشق:
اختاروا زامل بن عمر الجبراني لدمشق .
الوليد بن معاوية بن مروان للأردن .
ثابت بن نعيم لفلسطين .
وكانت هذه سياسة موفقة لأنه ترك الانحياز لأي فريق . وأظهر مرونة كبيرة .
ثم رتب أمور دمشق وغادر إلى حران مقر حكمه .
إلا أن الخليفة المخلوع إبراهيم بن الوليد ظهر له وسليمان بن هشام اللذان هربا وبايعاه وطلبوا الأمان فأمنهما ثم لم يلبث سوى فترة بسيطة حتى قامت عدة ثورات من أهمها .
· ثورة أهل حمص :
رحبوا أهل حمص بمروان بن محمد وبايعوه وعندما ترك دمشق وذهب إلى حران ثاروا عليه اليمنية بقيادة ثابت بن نعيم الذي سامحه مروان وغض النظر عن خيانته وغدره عندما كان والياً على فسلطين .
ولم يحفظ الجميل ويحترم العهد فهو الأول المحرض لأهل الشام ولما علم مروان بذلك سار إليه وقتله وقضى على الثورة في حمص وهزمهم وهدم أسوار المدينة .
· ثورة أهل القوطة 127هـ :
عندما كان مروان بن محمد مشغول بثورة أهل حمص الذين ثاروا على الخليفة وولوا عليهم زعيم يمني هو يزيد بن خالد القسري وساروا إلى دمشق وحاصروها . أرسل مروان بن محمد قائدان لمحاربتهما هما ابن الورد . وعمرو بن الوضاح . وكان عدد الجيش 10 آلاف جندي وقتل عدد منهم وأحرقوا مدينة المزه وقتلوا يزيد بن خالد القسري وأرسل برأسه إلى مروان في حمص .
· ثورة أهل فلسطين 127هـ :
كان أمير فلسطين ثابت بن نعيم وهو المحرض لثورة أهل الشام فأرسل إليه مروان قائده ابن الورد .
وعندما اقترب الجيش من فلسطين خرج إليه أهل طبرية وقاتلوا ثابت بن نعيم وهزموه.
ثم التقى ابن الورد بثابت مرة ثانية وهزمه حتى ابتعد عنه أصحابه وأسر ابن الورد ثلاثة من أولاده وأرسلهم إلى مروان .
واستطاع أمير فلسطين أن يقبض على ثابت بن نعيم وأرسلوه إلى مروان الذي أمر بقتله مع أولاده الثلاثة .
· مروان بن محمد يأخذ البيعة لأبنائه عبيد الله – وعبد الله :
قرر مروان أخذ البيعة لأبنائه في دير أيوب ثم اغتنم الفرصة وزوج ابنتيه من أولاد هشام بن عبد الملك حتى يصلح ويهدأ ما بينه وبين بني أمية ولكن للأسف انقلبوا عليه .
· ثورة سليمان بن هشام بن عبد الملك 127هـ :
كان مروان بن محمد يعتقد أن مصاهرته لأبناء هشام سوف تؤدي إلى هدوء البيت الأموي ولكن سرعان ما انقلبوا ضده .
جهز مروان جيشاً بلغ 20 ألف جندي بقيادة يزيد بن هبيرة لمحاربة الخوارج في العراق بقيادة الضحاك بن قيس الشيباني .
كان سليمان بن هشام يقيم في الرصافة وفجأة علم مروان بن محمد أن عشرة آلاف من الجيش الذي أرسل لمحاربة الخوارج انضموا إلى سليمان بن هشام وحرضوه على خلع مروان بن محمد .
وقد نسى سليمان العهود والمواثيق التي أعطاها لمروان ، كما أنه لم يراعي صلة الرحم وكثر حوله الناس حتى بلغ عدد جيشه 70 ألف . واستقر في منطقة عساف.
سار مروان لقتال سليمان والتقى معه وهزمه وقتل من جيشه 30 ألف رجل. ثم هرب سليمان إلى حمص فلحق به مروان فترك حمص لأخيه سعيد وانضم إلى الضحاك الشيباني في تدمر .
التقى مروان بالضحاك عند كفر توتا وقتل الضحاك فولى الخوارج سعيد بن بهل الخبيري ثم قتل فتولى بعده شيبان البشكري . وظل مروان يتبع الخوارج حتى فرق شملهم دشتتهم . ثم التقى بأبي حمزة الخارجي وهزمه .
كل هذه الفتن والثورات والأوضاع الداخلية السيئة شغلت مروان عن دعوة بني العباس التي كانت بقيادة أبي مسلم الخراساني الذي بايعه أهل منطقة خراسان والعراق.
جهز أبي مسلم الخراساني جيش لقتال مروان وأرسل السفاح جيش بقيادة عمه عبد الله بن علي لقتال مروان التقى معه عند نهر الذاب . انتهت بهزيمة مروان فهرب إلى مصر .
أرسل عبد الله أخاه صالح الذي تمكن من القبض على مروان في كنيسة بقرية أبو صير وقتله وهكذا انتهت الدولة الأموية سنة 132هـ .
· أسباب سقوط الدولة الأموية :
o تولية العهد اثنين :
من الأسباب التي أدت إلى انشقاق البيت الأموي تولية العهد لاثنين مما ولد الحقد والكراهية في نفوس الآخرين فلم يكد يتم العهد للأول حتى يعمل على إقصاء الثاني مما يؤدي إلى نزاع بين أفراد الأسرة من الأمويين .
وأول من سن هذه السنة هو مروان بن الحكم الذي جعل من بعده ولياً للعهد ابنه عبد الملك بن مروان ثم عبد العزيز فعمل عبد الملك على إقصاء أخيه عبد العزيز وتوليته ابنه الوليد بن عبد الملك إلا أن الأجل وافى أخيه عبد العزيز في حياة عبد الملك .
وأيضاً جعل عبد الملك ولياً للعهد ابنه الوليد ثم من بعده أخيه سليمان وقد حاول الوليد إقصاء أخيه سليمان وتوليه ابنه عبد العزيز من بعده بدل سليمان وقد حاول ولكن المنية عاجلته .
وبذلك أصبحت المنافسة في البيت الأموي خطراً كبيراً في سياسة الدولة .
· ظهور العصبية القبيلة :
لقد جاء الإسلام ماحياً للعصبية القبلية لأن حياة الأمة الإسلامية لا تستقيم إلا إذا قضى على هذه النزعة الجاهلية .
وكانت بداية العصبية القبلية في أول الدولة المروانية في وقعة مرج راهط بين فئتين بين قيس التي تشايع الضحاك واليمن التي تشايع مروان بن الحكم .
ولكن عمر بن عبد العزيز قضى عليها وتعتبر فترة خلافته فترة انتقال من حال القوة والتماسك وحال الضعف والتفكك لأن عمر بن عبد العزيز كان عادلاً تقياً صالحاً قضى فترة خلافته في إصلاح ما أفسده بني أمية حتى نال رضا الجميع ولم تكن هناك ثورات أو فتن في عهده بسبب عدم تعصبه لقبيلة أو حزب معين .
ولكن بمجرد وفاته وولاية يزيد بن عبد الملك حدثت فتنة كانت من أشد الفتن والثورات في عهده بين عرب الشمال والجنوب بين القيسية واليمنية بسبب القضاء على أفراد أسرة المهلب بن أبي صفرة هذه الأسرة التي أخلصت في خدمة بني أمية بقضائهم على الأزارقة من الخوارج . وفتوحاتهم وجهادهم في بلاد الترك وخراسان والخزر .
وقد خلف المهلب بن أبي صفرة أبناء كانوا في غاية الكرم والشجاعة فمدحهم الشعراء وتغنى بهم الركبان وذاع صيتهم في بقاع الدولة الإسلامية وكانوا غرة في جبين الدولة الأموية .
وكانت أسرة آل المهلب عصب الدولة الأموية ومصدر قوتهم .
وعندما تولى هشام بن عبد الملك رأى أن حزب القيسية قد عظم وارتفع شأنهم وخاف من ازدياد نفوذ هذا الحزب وخطره على الدولة فعمل على التخلص والانضمام إلى اليمنية حتى يكون هناك ثوار بين الفئتين إلا أن اليمنية استبدت بالأمور فتغير الخليفة هشام على اليمنية وانحاز للعنصر القيسي وهكذا أصبح كل خليفة ينضم إلى فئة ضد الأخرى حتى كان آخر خلفاء بني أمية التي ثارت روح العصبية في جميع أنحاء الدولة الإسلامية .
وبذلك أصبحت معظم المناطق مرتعاً للفتن والاضطرابات ونسوا بلاد خراسان وما يجري بها من خطر الدعوة العباسية التي لم تلبث راياتهم السوداء أن ترتفع فوق مدينة خراسان ثم لاحقت جيوشهم الخليفة وقضى عليه وعلى جيشه .
· انغماس بعض خلفاء بني أمية في الترف :
انغمس بعض خلفاء بني أمية في الترف والبذخ الذين تأثروا به من البلاط البيزنطي.
وقد اشتهر يزيد بن معاوية بحبه للترف واللهو وهو صاحب طرب وجوارح وكلاب ومنادمة على الشراب .
وكذلك الخليفة يزيد بن عبد الملك الذي شغف بالجواري خاصة حبابة التي تغنى بذكرها .
وأيضاً اشتهر الوليد بن يزيد بن عبد الملك باللهو وله أشعار في الغزل والعتاب كل ذلك أدى إلى ضعف الدولة الأموية .
· تعصب الأمويين للعرب :
كانت الدولة الأموية دولة عربية وقد نظر العرب للموالى نظرة احتقار وتعالي . مما سبب في الفتنة بين المسلمين وظهور روح الشعوبية في الإسلام .
لأن العرب ظنوا أنهم أرقى الشعوب والأمم وأن لغتهم أرقى اللغات .
وقد ساوى عمر بن عبد العزيز بين كل الطبقات حتى أحبوه ولكن بعد وفاته ثارت كراهية الحقد والحسد على بني أمية من قبل الموالى وأخذوا يلتمسون الفرص للإيقاع ببني أمية فانضموا إلى الخوارج وثاروا مع يزيد بن المهلب للقضاء على بني أمية . ثم انضموا إلى دعاة الدولة العباسية وتنبه العباسيون لذلك فاستعانوا بهم في نشر الدعوة العباسية .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s


%d مدونون معجبون بهذه: