بيروت بعباءة كربلائية كتب: زكريا النوايسة – العقبة – –

بيروت بعباءة كربلائية

كتب: زكريا النوايسة – العقبة – –

ليس مثيرا للاستغراب أن تعود بيروت لتعتمر عمامتها من جديد ، فمليشيات ولاية الفقيه لم تنفك تعلن النفير في كل مناسبة ، وترسل رسائلها بأن المدينة إن لم تأت

طائعة لتدخل في جوقة اللاطمين في الطقس الكربلائي ، فأصحاب القمصان والنوايا السوداء سيأتون بها بعد أن تكون قد جُرِّدت من وجهها العربي وارتدت عباءتها كما

يريد لها الولي الفقيه.

بيروت اليوم ليست كبيروت الأمس، بيروت اليوم تنعق على أبوابها غربان الموت الأسود الذي أوشك أن يطرق بابها بقوة، والذي كان أولى أن تدقه اليد الحمراء مبشرة

بزمن الحرية الذي انفلتت شمسه من جديد.

بيـروت اليوم تتوارى خلف ذكرياتها القديمة ، كحاضرة للثقافة والفن والسياسة ،وتنظر بعيون ذابلة إلى مفاصلها التي أصبحت مبتلاة بالتمدد الشيطاني لجذور المشروع

الإيراني التوسعي ،والذي يمثل رأس الحربة فيه حزب الله ، هذا الحزب الذي أجاد من قبل ويجيد الآن توظيف كل الأوراق وتهيئة ما يسنح من فرص لجعل هذا المشروع

ماثلا بقوة على الأرض.

وقد يقول أحدهم : إن التجاذبات السياسية على الساحة اللبنانية هي إفراز طبيعي للحراك التقليدي في الحالة اللبنانية ،وربما في هذا الرأي بعض الوجاهة لو أن الأمر

بقي داخل الإطار اللبناني ولم يذهب بفعل يدٍ يفترض أن تكون لبنانية إلى أجندات المشاريع الإقليمية وبالذات منها المشروع الإيراني الذي رأى في هذا البلد المكروب

ضالته التي سيساوم من خلالها القوى الدولية في محاولة لتخفيف حدة الضغوطات على مشروعه النووي والذي يشكل الرافعة الأهم في مشروعه المذهبي.

وبالرغم من أن الأوراق أصبحت مكشوفة والنوايا مفضوحة ، ما زال زعيم حزب الله يخرج علينا بين الفينة والأخرى بخطاب يستغفل فيه اللبنانيين من خلال تباكيه على

مصلحة الوطن اللبناني ، ومذكرا الفرقاء أن هاجسه الأول وديمقراطيتـه،وأن ما حصـل مؤخـرا استحقاق دستوري أملته تداعيات طبيعية ، وجاء بعيدا عن حسابات

المصالح المذهبية والإقليمية.

ولعل ( سماحة السيد) فاته أن حزب الله كان يمكن أن يغض الطرف عن هذا الاستحقاق وطرحه من جدول أولوياته لو أن حكومة سعد الحريري وافقت على شرطه

بفك علاقتها مع المحكمة،أو ذهبت إلى صيغة تتناسب ورؤى حزب سماحة السيد بعدم إثارة أي اتهام له أو لعناصره وربما لوليه الفقيه ( الخامنئي) بمسؤوليتهم عن

حادث اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ، وهذا يدحض ما يراه حسن نصرالله بأنه استحقاق طبيعي وليست عملية مدبرة تستهدف السلم المدني والحراك

السياسي اللبناني المنضبط .

ولأن بيروت مدينة فُطمت على الشمس والنور ، فإنها لا محالة ستنتفض على هذا النسيج الشيطاني الخبيث الذي نسجته وتنسجه الآن أيدٍ امتهنت صناعة الموت

والخراب في غير مكان ،ولأنها بيروت التي تستعصي على القيد والألم فستعود كرة ثانية لتصنع الفرح وتجعل من الابتسامة عنوانها الوحيد ،وستلغي من تفاصيلها

الزوايا المظلمة التي تعشش فيها خفافيش وشياطين أبدا ما كانت في يوم من الأيام لبنانية الهوى.

http://www.akherkhabar.net/content/view/15884/138/

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s


%d مدونون معجبون بهذه: