شبهة :هل يجري الربا في الأوراق النقدية ؟ مع ردود على حمزة السالم

شبهة :هل يجري الربا في الأوراق النقدية ؟
الشبهة
ورد في أحد المسلسلات الفضائية عدة شبهات عن الربا ,مثل:
أن الربا لا يجري في الأوراق النقدية وأنه قول لعلماء السعودية فقط , وورد التشكيك في حكم ربا الديون وأن هنالك تناقض , فكيف يجوز بيع سيارة بسيارتين بزيادة ثمن مؤجل ولا يجوز القرض بقرض زائد عليه .. إلخ

الجواب مختصراً :

أولاً : الأوراق النقدية من النوازل المعاصرة التي لم يعرفها قدماء فقهاء الإسلام , ولهذا فمن يقول بأن بعض فقهاء الأئمة الأربعة يرون أن الأوراق النقدية لا يجري فيها الربا , فهذا دليل تخبط , وعدم دراية لأبسط ما يمكن معرفته في هذه المسألة .
ثانياً : هناك فرق بين الأوراق النقدية وما يطلق عليها الفقهاء قديماً “الفلوس”:

فالأوراق النقدية تعتبر وسيط لا حد له في السوق , فهي لقوتها في السوق أصبحت بديلاً عن الذهب والفضة عندما كانتا وسيطاً في السوق , بينما الفلوس فتعتبر من الوسيط المحدود بما هو أقل من الدراهم وأجزائه , ويشترى به محقرات وسفاسف الأمور , ولهذا يجب عدم الخلط بين أقوال العلماء السابقين عن الفلوس والأوراق النقدية في زماننا , فبينهما فرق شاسع وكبير …

 

ثالثاً : مراحل تطور الأوراق النقدية :

الأواق النقدية في العالَم لم تكن على طَوْرٍ واحد في حقيقتها، ومكانتها النِّظامية، وإنما مَرَّت عليها أدوارٌ وأطوارٌ شتَّى، تنقَّلت فيها مِن كونها سنداتٍ للديون في مبدأ أمرها إلى أن تحوَّلَتْ إلى مرحلة الاكتفاء بذكر التعهد بدفع المبلغ المحال به لحامله ثم مرحلة إصدار أوراق مصرفية تزيد عن قيمة الودائع النقدية حتى انتهى به الأمر كونها أثمان مستقلة بذاتها ، وبهذا نعرِف أنَّ الخلاف الفقهي في تكييفها لا يَرجِع إلى خلافٍ حقيقي، وإنما يرجع إلى الحُكم عليها مِن خلال مراحلِ نموِّها وتطوُّرِها.
رابعاً : الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة هو اختيار الشيخ ابن قدامة المقدسي وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم واختاره كثير من العلماء المعاصرين أن العلة في الذهب والفضة هي مطلق ثمنية، وفي غيرهما الطعم أي أن يكون الشيء طعاماً مع الكيل أو الوزن , وبالتالي فالشيء الذي يخرج عن هذه العلتين , فلا يشترط فيه التقابض ولا التماثل ومنه بيع السيارة بسيارتين .. إلخ

خامساً : نقل الإجماع على تحريم ربا الديون جمع من أهل العلم:

منهم: الباجي والقرطبي ، وابن المنذر والهيتمي وابن حجر العسقلاني ، وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية والمرداوي ، وابن حزم ، والشوكاني.
سادساً : هل يجري في الأوراق النقدية الربا أو لا ؟

كان الفقهاء المعاصرين في بداية الأمر عند هذه النازلة المعاصرة مختلفين , ثم استقر الأمر عندهم على حكم واحد , وكان سبب اختلافهم هو تحديد حقيقة الأوراق النقدية , وتبعاً لهذا التحديد تختلف أحكامهم في جريان الربا أو عدمه , والراجح منها والذي استقر عليه الحكم هو أنَّ الأوراقَ النقدية ثمنٌ مستقلٌّ، قائِم بذاته، ويُعتبر كلُّ نوع منها جنسًا مُستقلاًّ، فتتعدَّد الأجناس بتعدُّد جهات الإصدار، فالورق النقدي السعودي جِنس، والدولار الأمريكي جنس، والجنيه المصري جنس، والدِّينار الكويتي جنس، وهكذا.

وبهذا القول صَدَرت فتوى هيئة كبار العلماء بالبلاد السعودية، وقرارات المَجْامع الفقهية
سابعاً :قولهم أن الربا ينعش الاقتصاد :

الربا يمنع القطر من السماء وينزع البركة من المال وصاحبه لا يستجاب دعاؤه , وقد قال الله تعالى : ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) , وقال تعالى : ( اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) , وهل يطيق أحد من البشر توعد الله محاربته له ..؟!
فمن يقول بأن الربا يزيد الاقتصاد وينعشه , فهو ابتداءاً يناقض قول الله ورسوله عليه الصلاة والسلام , ثم إننا رأينا بأعيننا كيف تدهور اقتصاد الغرب ولا يزال بسبب الربا .. وكيف يقول بعد ذلك بأن الربا يزيد به النمو الاقتصادي ..؟؟!!
الجواب مفصلاً :

ذكر ابن بكير قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس , فقال: يا أبا عبد الله، إني رأيت رجلا سكرانا يتقافز يريد أن يأخذ القمر، فقلت: امرأتي طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم أشر من الخمر , فقال: ارجع حتى أنظر في مسألتك.
فأتاه من الغد فقال له: ارجع حتى أنظر في مسألتك…
فأتاه من الغد فقال له: امرأتك طالق، إني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئا أشر من الربا، لأن الله أذن فيه بالحرب.[ تفسير القرطبي ط: الرسالة 4/405]
فانظر كيف أمهل الإمام مالك أحد الأئمة الأربعة سائله مرتين حتى يجد لسائله جواباً ..؟!
ونرى في زماننا من يتصدى للفتيا وهو لا يزال في مرتبة المبتدئين في العلم ولكنه الجاهل يحسب أنه أعلم أهل الدنيا وهو من أجهلهم ..

وانظر إلى عظم شأن الربا , وكيف عده الإمام مالك شر ما دخل في جوف ابن آدم , وهذا يدعو المؤمن إلى مزيد عناية وتحري لماله ومن أي اكتسبه وفيما أنفقه ؟!
بداية لا يتضمن الجواب عن هذه الشبهات المطروحة في الأوراق النقدية الحديث عن البنوك التي يطلق عليها بأنها إسلامية , فلن نتكلم عنها في جوابنا هذا لأنها عمل بشري لا بد فيها من أخطاء , والأخطاء يجب تصحيحها , والمثير لهذه الشبهات منازعته الأساسية إنما هي في حكم الربا عموماً وحكم جريان الربا على الأوراق النقدية على وجه الخصوص , ولهذا سيكون الجواب في هذه الحيثية فقط , فنقول مستعينين بالله :
أولاً : الأوراق النقدية من النوازل المعاصرة التي لم يعرفها قدماء فقهاء الإسلام , ولهذا فمن يقول بأن بعض فقهاء الأئمة الأربعة يرون أن الأوراق النقدية لا يجري فيها الربا , فهذا دليل تخبط , وعدم دراية لأبسط ما يمكن معرفته في هذه المسألة .
ثانياً : هناك فرق بين الأوراق النقدية وما يطلق عليه الفقهاء الأوائل بـ “الفلوس ” :
يقول المقريزي:

(إنَّ الفلوس لم يجعلْها الله سبحانه نقدًا في قديم الدهر وحديثه، حتى راجتْ في أيَّام الناصر فرج بن برقوق 808 هـ، وكان قبيحَ السِّيرة، وقد حَدَث من رواج الفلوس خرابُ الإقليم وذَهابُ نِعمة أهل مصر، فإنَّ الفضَّة هي النقد الشرعي، أما الفلوس فهي أشبهُ شيءٍ بلا شيء، فيصير المضاف مضافًا إليه… إلى أن يقول: ولا يُعلَم في خبرٍ صحيح ولا سقيم عن أُمَّة من الأمم اتَّخذوا نقدًا غير الذهب والفِضَّة، أمَّا السفاسف والمحقَّرات والتوافه فقدِ احتاج الناس لشرائها بأقلَّ مِن الدرهم وأجزائه، فكانت الفلوسُ وسيلةَ هذه المبادلات، ولكنَّها لم تكن نقدًا البتةَ، ولم يوجدْ منها إلا اليسير، ولم تقُمْ في إقليمٍ ما بمنزلة النقدين ) .
فالأوراق النقدية تعتبر وسيط لا حد له في السوق , فهي لقوتها في السوق أصبحت بديلاً عن الذهب والفضة عندما كانتا وسيطاً في السوق , بينما الفلوس فتعتبر من الوسيط المحدود بما هو أقل من الدراهم وأجزائه , ويشترى به محقرات وسفاسف الأمور , ولهذا يجب عدم الخلط بين أقوال العلماء السابقين عن الفلوس والأوراق النقدية في زماننا , فبينهما فرق شاسع وكبير …
ثالثاً : مراحل تطور الأوراق النقدية :

الأواق النقدية في العالَم لم تكن على طَوْرٍ واحد في حقيقتها، ومكانتها النِّظامية، وإنما مَرَّت عليها أدوارٌ وأطوارٌ شتَّى، تنقَّلت فيها مِن كونها سنداتٍ للديون في مبدأ أمرها إلى أن تحوَّلَتْ إلى مرحلة الاكتفاء بذكر التعهد بدفع المبلغ المحال به لحامله ثم مرحلة إصدار أوراق مصرفية تزيد عن قيمة الودائع النقدية حتى انتهى به الأمر كونها أثمان مستقلة بذاتها ، وبهذا نعرِف أنَّ الخلاف الفقهي في تكييفها لا يَرجِع إلى خلافٍ حقيقي، وإنما يرجع إلى الحُكم عليها مِن خلال مراحلِ نموِّها وتطوُّرِها.

وبالتالي فالذي يقول: إنَّها مجرَّد وثيقة بدَيْن، فذلك يَرجِع إلى بدايةِ نشأتها، ومثله الذي يقول: إنَّها قائمةٌ مقامَ الذهب والفضة باعتبار أنها كانتْ في مرحلة مِن تاريخها مغطاةً بالذهب والفِضَّة، وأمَّا الذي يرى أنَّها أثمانٌ عُرْفيةٌ قائمة بذاتها، حَكَم عليها بالنسبة لمآلها التي آلتْ إليه.

رابعاً : أحل الله البيع وحرم الربا :

والسؤال هنا : هل بيع بعير ببعيرين أو سيارة بسيارتين بزيادة ثمن مؤجل يعتبر من الربا أو لا ؟

1- لا بد أن أبين أن الأصل في بيان الأصناف التي يجري فيها الربا هو حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) رواه مسلم. ومثله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء ) رواه البخاري ومسلم .
2- وقد اتفق جماهير أهل العلم على أن الربا يتعدى هذه الأصناف إلى غيرها إن اتحدت معها في العلة، ولكنهم اختلفوا في علة تحريم الربا في الأصناف المذكورة في الحديث.
3- اتفق الفقهاء على أن علة تحريم الربا في الذهب والفضة تختلف عن علة تحريم بقية الأصناف الأربعة , ولكن اختلفوا في علة كل واحدة منهما .

قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[واتفق المعللون على أن علة الذهب والفضة واحدة‏،‏ وعلة الأعيان الأربعة واحدة ثم اختلفوا في علة كل واحدٍ منهما] المغني 4/5.
وقال الشيخ تقي الدين السبكي:[الأمة أجمعت على أن السنة المذكورة في الحديث جملتان متفاضلتان، النقدان والأشياء الأربعة، تنفرد كل جملة بعلتها] تكملة المجموع 10/91.
4- عند الأصوليين الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً , فإذا أمكن تحديد علة تحريم الربا , أمكننا ذلك من معرفة حكم الربا فيما عدا هذه الأصناف المذكورة في الحديث .
5- الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة هو اختيار الشيخ ابن قدامة المقدسي وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم واختاره كثير من العلماء المعاصرين أن العلة في الذهب والفضة هي مطلق ثمنية، وفي غيرهما الطعم أي أن يكون الشيء طعاماً مع الكيل أو الوزن.

6- مما يدل على جواز شراء البعير ببعيرين وما شابه ذلك ما يلي :

ما أورده الإمام البخاري في صحيحه:[ باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة واشترى ابن عمر راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه، يوفيها صاحبها بالربذة، وقال ابن عباس: قد يكون البعير خيراً من البعيرين، واشترى رافع بن خديج بعيراً ببعيرين فأعطاه أحدهما، وقال:آتيك بالآخر غداً رَهْواً إن شاء الله- الرهو السير السهل والمراد به هنا أن يأتيه به سريعاً من غير مطل-، وقال ابن المسيب: لا ربا في الحيوان: البعير بالبعيرين والشاة بالشاتين إلى أجل، وقال ابن سيرين: لا بأس، بعير ببعيرين نسيئة] صحيح البخاري مع الفتح 4/529.

وقد ثبت أيضاً في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن أهل بريرة باعوها بأقساط ، كل سنة أربعون درهم، أوقية، تسع سنين بأقساط، واشترت عائشة نقداً، فالمقصود أن الأقساط أمر معروف حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

7- إذا تقرر هذا فقد اتفق أهل العلم على أن بيع الأصناف الربوية بعضها ببعض يكون على النحو الآتي:
– إذا بيع الشيء بجنسه كتمر بتمر، فلا يصح في هذه الحالة اختلافهما في القدْر – الوزن أو الكيل- ولا يصح التأجيل .

– إذا بيع الشيء بغير جنسه مع اتحاد العلة كذهب بفضة، فيجوز فيه التفاضل دون التأجيل. فيصح أن يبيع مئة غرام ذهب بخمسمائة غرام فضة بشرط القبض في المجلس.

– إذا بيع الشيء بغير جنسه مع عدم الاتحاد في العلة، كبيع القمح بالذهب، أو الملح بالفضة، فلا يشترط لذلك شيء.

– إذا كان البيع بين جنسين ليسا ربويين جاز الفضل والنسيئة أي التأجيل، كأن يبيع سيارة بسيارتين أو بعيراً ببعيرين، أو ثوباً بثوبين، أو شقة بشقتين، أو كتاباً بكتابين، أو جهاز تلفزيون باثنين ونحوها فيجوز التفاضل والتأجيل.
خامساً : حكم الربا في القروض أو الديون :

أدلة تحريم ربا الديون:

دل على تحريم ربا الديون : الكتاب والسنة والإجماع

أ- من الكتاب:

كل آية تنهى عن تحريم الربا فهي دليل على تحريم ربا الديون ، وذلك مثل قوله تعالى: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا }(البقرة:275) {لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً}(آل عمران:130) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }(البقرة:278) ، وغيرها من الآيات فهي تدل على تحريم أي نوع من الربا، وذلك لأن (ال) في قوله ( الربا) في الآيات السابقة إما أن تكون للعهد ، وهذان النوعان من الربا معهودان في الجاهلية ، أو تكون للعموم فيكون ربا الديون داخلا في العموم .

ب- من السنة: دل عدد من الأحاديث على تحريم ربا الديون منها ما يلي:

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( لا يحل سلف وبيع )
(رواه مالك في الموطأ بلاغا في كتاب البيوع باب السلف وبيع العروض بعضها ببعض(1401) ، وقد رواه موصولا الإمام أحمد (2/175) ، وأبو داود في كتاب البيوع ، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده (3504) والترمذي في أبواب البيوع ، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عنده (1234) ، والنسائي في كتاب البيوع ، باب بيع ما ليس عند البائع (4615) ، وابن ماجه في أبواب التجارات ، باب النهي عن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن (2188) وليس عنده موضع الشاهد، والحديث قال عنه الترمذي : حسن صحيح ،وصححه كذلك شيخ الإسلام في بيان الدليل ص 264،وصححه ابن القيم رحمه الله (إعلام الموقعين (5/18) وقال الباجي: لا نعلم له إسنادا صحيحا ، وتلقي الأمة له بالقبول والعمل به يدل على صحة معناه وذلك يقوم له مقام الإسناد ( المنتقى شرح الموطأ5/29)

والسلف هو القرض في لغة أهل الحجاز .( ينظر:الحاوي الكبير(5/351))
ج- من الإجماع: نقل الإجماع على تحريم ربا الديون جمع من أهل العلم:

منهم: الباجي والقرطبي ، وابن المنذر والهيتمي وابن حجر العسقلاني ، وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية والمرداوي ، وابن حزم ، والشوكاني
( انظر : المنتقى في شرح الموطأ (5/97)، الجامع لأحكام القرآن(3/241) ،الإجماع لابن المنذر ص 136، الزواجر للهيتمي (1/369)، فتح الباري لابن حجر (5/97(،المغني (4/318) ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام(29/334 )، الإنصاف(5/117)، مراتب الإجماع لابن حزم ص 94، نيل الأوطار(5/246()
قال مالك في المدونة 4/ 25 ( كل شيء أعطيته إلى أجل فرد إليك مثله وزيادة فهو ربا )
وقال ابن رشد الجد في مقدماته ص507 ( وأما الربا في النسيئة فيكون في الصنف الواحد وفي الصنفين أما في الصنف الواحد فهو في كل شيء من جميع الأشياء ولا يجوز واحد باثنين من صنفه إلى أجل من جميع الأشياء )

سادساً : هل يجري في الأوراق النقدية الربا أو لا ؟
كان الفقهاء المعاصرين في بداية الأمر عند هذه النازلة المعاصرة مختلفين , ثم استقر الأمر عندهم على حكم واحد , وكان سبب اختلافهم هو تحديد حقيقة الأوراق النقدية , وتبعاً لهذا التحديد تختلف أحكامهم في جريان الربا أو عدمه , وسنعرض فيم يلي هذه الأقوال مع مناقشتها لنصل إلى الراجح منها وما استقر عليه قول عامة الفقهاء المعاصرين :
القول الأول: أنَّ الأوراق النقدية إسنادٌ بدَين على جِهة إصدارها، وهي مؤسَّسة النقْد، أو البنك المركزي.
مناقشة هذا القول:
بناءاً على ما سبق بيانه من تطور مراحل الأوراق النقدية , فهذا القولَ يصدُق على الأوراق النقدية في مرحلة مِن مراحلِ تطورها، فهي كانتْ وثائقَ للديون في مبدأِ أمرها، وليستْ أموالاً، ولا أثمانًا، وأمَّا الآن لا يصدُق عليها ذلك بعد أن أصبحَ لها قِيمةٌ ذاتية؛ لأنَّ التعهُّد القاضي بتسليم المبلغ المرقوم على الورقة والذي كان مطبوعًا على هذه السندات في مرحلةٍ مِن تاريخها قد سُحِب، ولم يَعُدْ مطبوعًا، وقد تحوَّلتْ إلى نقودٍ إلزاميَّة لا تقبل الاستبدالَ بذهبٍ أو فِضَّة.

كما أنَّ الاستدلالَ على سنديتها بضرورةِ تغطيتها جميعًا بذهب أو فِضَّة، أو بهما معًا كان ذلك أيضًا في مرحلةٍ من تاريخها، ولم يعُدْ مُلحًّا الآن، فلم تقُمْ حاجةٌ إلى تغطيتها جميعها، وإنما قد يُغطَّى بعضها، ولا يلزم أن يكونَ الغِطاءُ ذهبًا، بل ربَّما كان مِن أمور عِدَّة، وذلك مثل الذَّهب، والعُملات الورقيَّة القويَّة، وهذه التغطية ليستْ نتيجةً للتعهُّد الصادر مِن مصدريها، ولكن حاجة الاقتصاد إلى وجودِ غطاء داعِم يُوفِّر الاستقرار للاقتصاد، ويدعم حركةَ تبادل المال، ويُوفِّر التزامًا سلطانيًّا بضمان قِيمة النقْد في حال تعرُّضِه للبطلان.
القول الثاني: إنَّ الأوراق النقديَّة عَرَض مِن العُروض، لها ما للعروض مِنَ الخصائص والأحكام.

ويناقش هذا القول:

بأنَّ هذا القولَ خطير جدًّا؛ حيث يفتح بابَ الرِّبا على مصراعيه للبنوك الرِّبويَّة، وبدلاً مِن تقديم القروض بفوائدَ مُجْمَعٍ على تحريمها تستبدل ذلك بأنْ تبيع الدراهم بدارهم أكثرَ منها نسيئة، دون أن تُغيِّر شيئًا في حقيقةِ المعاملة، كما أنَّه سيَحرِم الفقراء كثيرًا من أموال الزكاة.

وأمَّا القول بأنَّ الورق النقدي يخالف الذهبَ والفِضَّة في المعيار، بناءاً على القول بأنَّ علة الربا في الذهب والفضة هو الوزن، والأوراق النقدية ليست مكيلةً ولا موزونة ..
وأمَّا مَن يرى أنَّ علة الربا هي مطلق الثمنيَّة – وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله – ، فلا يُعترض عليه بذلك .

ثم إنها وإن كانت عرضًا إلا أنها انتقلت عن جنسها إلى جنس ثمني، بدليل أنه لو أبطل السلطان التعامل بها لفقدت قيمتها، وهذا يلحقها بالذهب والفضة، وأما اختلاف ذاتها ومعدنها عن الذهب والفضة فلا تأثير لهذه المخالفة، فالعبرة بكونها أثمانًا في نظر الناس .

القول الثالث: أنها مُلحَقة بالفلوس.
ويناقش هذا القول:
1- قد سبق بيان الفرق بين الأوراق النقدية والفلوس .

2- قياس الورق النقدي على الفلوس مِن القياس الفاسِد لسببين:

الأول: يُشترَط في المقيس عليه – الأصل – أن يكون له حُكمٌ ثابت بنفْسِه، فإنْ لم يوجدْ له حكمٌ ثابت من الكتاب أو السُّنَّة، أو الإجماع فلا يصحُّ جعله أصلاً يُقاس عليه؛ لعدمِ وجود حُكْم الأصل.
الثاني: مِن شروط حُكمِ الأصل أن يَثبُتَ بغير القياس في أشهر أقوالِ الأصوليِّين، أما الحُكْم الثابِت بالقياس، فلا يُقاس عليه؛ لاستلزامِه وجودَ قياسين، أحدهما: لإثبات حُكْم الأصل، والثاني لإثبات حُكم الفَرْع، فإذا اتحد القياسان في العلَّة، فلا حاجةَ للقياس الثاني، فالفلوس مقيسةٌ على النقدين، والورق النقدي يجب أن يُقاس عليهما، لا على الفلوس بجامِع الثمنيَّة.
القول الرابع: أنَّ الأوراق النقدية بدلٌ عن الذهب والفضَّة.

يناقش هذا القول:
بأنه مبنيٌّ على أنَّ الأوراق النقدية إنَّما كانتْ بديلاً للذهب والفِضَّة؛ لأنَّها مغطاة تغطيةً كاملة بذهب أو فِضَّة، وهذا إنَّما كان في مرحلةٍ مِن تاريخها، وأما واقعها الآن فهذا الغطاءُ قد أُلْغِي منذ زمن بعيد، ولم يعد إصدارُ الأوراق النقدية وقَبولها مستندًا إليه، وإنَّما تستمدُّ قوتها مِن قوة اقتصاد الدولة المصدِّرة لها، وملكيتها لمختلفِ وسائلِ الإنتاج، وتنوُّعِ ثروتها، نَعَمْ القليل منها قد يُغطَّى، ولا يلزم أن يكون مُغطًّى بذهب أو فضة.

القول الخامس:أنَّ الأوراقَ النقدية ثمنٌ مستقلٌّ، قائِم بذاته، ويُعتبر كلُّ نوع منها جنسًا مُستقلاًّ، فتتعدَّد الأجناس بتعدُّد جهات الإصدار، فالورق النقدي السعودي جِنس، والدولار الأمريكي جنس، والجنيه المصري جنس، والدِّينار الكويتي جنس، وهكذا.
وبهذا القول صَدَرت فتوى هيئة كبار العلماء بالبلاد السعودية، وقرار المَجْمع الفقهي الإسلامي بمكَّة المكرمة، وعليه أكثرُ الباحثين المعاصرين.

وجه قول مَن قال بهذا:

الوجه الأول:

أنَّ الراجح في عِلَّة جريان الرِّبا في الذهب والفضة مُطلَق الثمنية، وهذا يعني أنَّ الحكم ليس مقصورًا على الذهب والفِضَّة، بل يتعدَّاه إلى كلِّ ما يتَّخذه الناسُ ثمنًا للأشياء ,ويتضح ذلك بالتالي :

– أن النقود صارت مثل الذهب والفضة تماما بتمام.
– أنه لايوجد نص من الشارع أن الثمنية محصورة في الذهب والفضة، بل الاعتبار بالقيمة الشرائية وهو معنى الثمنية.
– الأموال القصد منها الانتفاع بأعيانها والأوراق النقدية ينتفع بعينها.
– أن الأوراق هي الآن المحددة للأسعار والأثمان فصارت أقوى من الذهب وصار الذهب ليس في نفسه قيمة بل النقود هي الثمن الذي يقوم بها الأشياء.
– أن العلة في الذهب والفضة أنها أثمان وكانت يقوم بها الأشياء، والآن لا يقوم بهما شيء بل هي وغيرها تقوم بالنقود.

الوجه الثاني:

أنَّ حقيقة النقد: هو كلُّ شيء يَجري اعتباره في العادة، ويَلْقى قَبولاً عامًّا كوسيط للتبادل، كما قال ابن تيميَّة – رحمه الله -: “وأمَّا الدرهم والدينار فما يُعرَف له حدٌّ طبعي، ولا شرعي، بل مرجعُه إلى العادة والاصطلاح؛ وذلك لأنَّه في الأصل لا يتعلق المقصود به، بل الغرضُ أن يكون معيارًا لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تُقصد لنفسها، بل هي وسيلةٌ إلى التعامل بها، ولهذا كانتْ أثمانًا بخلاف سائرِ الأموال، فإنَّ المقصود بها الانتفاع بها بنفسها، فلهذا كانتْ مُقدَّرة بالأمور الطبعيَّة أو الشرعيَّة، والوسيلة المحضة التي لا يتعلَّق بها غرض، لا بمادتها ولا بصورتها يحصُل بها المقصود كيفما كانتْ”.
وقال ابن القيم رحمه الله: فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات، والثمن هو المعيار الذي به يعرف تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدودًا مضبوطًا لا يرتفع ولا ينخفض … فالأثمان لا تقصد لأعيانها، بل تقصد للتوسل بها إلى السلع، فإذا صارت في أنفسها سلعًا تقصد لأعيانها فسد أمر الناس، وهذا معنى معقول يختص بالنقود ولا يتعدى إلى سائر الموزونات. أ هـ [إعلام الموقعين، ابن القيم، (2/156)].

وقد أفتت كل المجامع الفقهية بأن النقود الورقية لها ما للذهب والفضة من الأحكام.
وقد صدر قرار مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية رقم (10) وتاريخ 16/4/1393هـ. في موضوع: (الأوراق النقدية) بما نصه:

قرر مجلس هيئة كبار العلماء بالأكثرية ما يلي:

«… أن الورق النقدي يعتبر نقداً قائماً بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، وأنه أجناس تتعدد بتعدد جهات الإصدار بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وأنه يترتب على ذلك الأحكام الشرعية الآتية:

أولاً: جريان الربا بنوعيه فيها كما يجري الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان كالفلوس …”
وفي الدورة الثالثة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي سنة 1407 صدر القرار التالي «أحكام النقود الورقية» بعد الاطلاع على الأبحاث الواردة إلى المجمع بهذا الموضوع قرر المجمع بخصوص أحكام العملات الورقية أنها نقد قائم بذاته لها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامها ،والعلة في ذلك مطلق الثمنية.

وفي الدورة الخامسة لمجمع الإسلامي الدولي سنة 1409 صدر قرار آخر بمثل ذلك ..

كما صدر بمثل ذلك قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع للرابطة في دورته الخامسة 1402هـ القرار السادس حول العملة الورقية

كما أن مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر قد بحث سنة 1385-1965م موضوع الفوائد في البنوك وتوصل إلى أنها من الربا المحرم، وبالتالي فالأوراق النقدية نقد قائم بذاته.

سابعاً :قولهم أن الربا ينعش الاقتصاد :

الربا يمنع القطر من السماء وينزع البركة من المال وصاحبه لا يستجاب دعاؤه , وقد قال الله تعالى : ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) , وقال تعالى : ( اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) , وهل يطيق أحد من البشر توعد الله محاربته له ..؟!

فمن يقول بأن الربا يزيد الاقتصاد وينعشه , فهو ابتداءاً يناقض قول الله ورسوله عليه الصلاة والسلام , ثم إننا رأينا بأعيننا كيف تدهور اقتصاد الغرب ولا يزال بسبب الربا .. وكيف يقول بعد ذلك بأن الربا يزيد النمو الاقتصادي ..؟؟!!

المراجع :
الأوراق النقدية لدبيان الدبيان
الأوراق النقدية لستر الجعيد
فتاوى هيئة كبار العلماء
قرارات المجمع الفقهي
منقول من د محمد الحميد
==========

حكم الربا في الأوراق النقدية ومرتبتها الدينية
الوطن السعودية

عبدالله محمد العلويط

 

أثار الدكتور حمزة السالم ردود أفعال متباينة ومختلفة بعد قوله بعدم جريان الربا في الأوراق النقدية، وقوله يستحق الإشادة من جهة أنه أثار حراكاً فقهياً في المسألة وإن كان مرجوحاً؛ لكن يبقى في دائرة الاجتهاد المشروع؛ فالمسألة اجتهادية لا يجوز التشنيع على المخالف فيها فهي من الظنيات لا القطعيات، وإذا كان هناك مأخذ عليه فبسبب الضرر والأثر الذي يحدثه قوله لا بسبب اقتحامه حكماً دينياً مقدساً، فهي كحكم شرب الدخان، فالجميع يستبعد أن يكون حلالاً لكن ذلك قد أتى من أضراره الطبية لا من جهة كونه حكماً إلهياً متعالياً، فكذلك القول بعدم جريان الربا فضرره الاقتصادي هو ما يجعل قوله مستبعداً لا بسبب مرتبة الحكم الدينية، فهو يزيد من فقر الفقراء ويزيد من ثراء الأثرياء، فحكمة تحريم الربا بنوعيه الفضل والنسيئة ستظهر وهي أن الأموال الربوية – وهي الأموال التي يحرص الناس على تبادلها لكونها ضروريات لديهم بمعاييرها المختلفة التي تعرف بها (علل التحريم) وكذلك كل ما يقرض – ستنحصر بيد الأغنياء يتداولونها ويربحون من ورائها، وترتفع أسعارها مع تعلق حاجة الناس بها؛ فهذه هي الحكمة من تشريع الحكم، وأي حكم في باب الربا لا يؤدي هذا المقصد فهو دخيل عليه كأي حكم في أي باب فلا بد أن يوصل لمقصده أولاً ثم المقاصد العامة ثانياً؛ فيجب ألا يقتصر النظر على العلة السببية كالكيل والوزن وإنما العلة الغائية أيضاً بل إن السببية لتحقيق الغائية.
إن القول بعدم جريان الربا في الأوراق النقدية يتناقض مع قصد الشارع من تحريم الربا، وفي حال أن العلة لم تنطبق عليها وهي الثمنية ــ إن افترضنا صحة ذلك ــ فهذا يعني البحث عن علة جديدة لا أن نرى آثار الربا تفتك بالناس ونقول العلة لم تتحقق، ولذا اشترط العلماء في العلة المناسبة؛ أي أن الوصف لا بد أن يكون مناسباً يهدف لتحقيق مقصد من مقاصد الشريعة وإلا لم يصلح الوصف للعلية؛ فالعلة تتغير بتغير الزمان والمكان كالحكم الشرعي، وفي مسألتنا نجد أن العلل التي ذكرها العلماء قديماً للأصناف الربوية الستة كالكيل والوزن والطعم والادخار هي نفسها معللة بمقصد الشارع من تحريم الربا وليست معزولة عنها، ودورها التعريف بالأموال القيمة الضرورية دون غيرها، فإذا قلنا إن العلة هي الكيل فلأن الناس لا تكيل شيئاً إلا إذا كان ذا قيمة عالية لديهم، وإذا قلنا بالطعم فلأنه ذو قيمة عالية وهكذا؛ فكيف بالأوراق النقدية حينما يكون لها قيمة معنوية عالية ويتداولونها ثم نقول لم تنطبق عليها علل المناطقة؟ فهذه العلل مساعدة على الفهم لا أكثر ولا تشرع بذاتها، وإذا زالت القيمة الكبرى لها وشغف الناس بها زال الربا، فإذا بدؤوا يعطون البر جزافاً ولا يكيلونه أو يزنونه فهذه أمارة على عدم اهتمامهم به فلا يجري فيه الربا، ولذا فحجة الدكتور على مخالفيه بأن القول بمطلق الثمنية كعلة يعني عدم الربا في النقدين في حال إن زالت قول صحيح ولا يمكنه إلزامهم به شريطة أن تكون علامة على فقدان قيمتهما، فزوال الثمنية له حالان، الأول أن تزول بحكم العادة كما هو الحال في زمننا مع بقاء قيمة الذهب والفضة المالية؛ فهنا لا يضر زوال ثمنيتهما ويجري فيهما الربا، مثل ما أن شعباً يتبادل بعملته الوطنية دون غيرها فهذا لا يعني فقدان قيمة العملات الأخرى، ومثل ما لو أتى زمن يتعامل الناس فيه بدرهم الفضة ويتركون دينار الذهب مؤقتا فهذا لا يعني أن الذهب فقد ثمنيته، والثانية أن يفقدا قيمتهما ويصبحان كأي سلعة وهذا أقرب إلى الخيال، ويندرج ضمن الفقه الافتراضي ولو حصل فإنه لا يجري بهما الربا بل وتزول عنهما كل أحكام الذهب والفضة، كحرمة الأكل والشرب في آنيتهما ولبسهما للرجل ووجوب الزكاة، وهذه القيمة تختلف عن القول بأن العلة هي كونها ذهباً، وأما قوله إن العلة اجتهادية ولا يمكن أن تلغي الربا في النقدين في حال زوالها لأنها اجتهادية وهما ثابتان فبالإمكان أيضاً طرد ذلك في كل علل الأصناف الباقية؛ فهي اجتهادية أيضاً وقد تلغي الربا في أصولها إن زالت، وبالتالي نلغي مبدأ التعليل ونعود لمذهب ابن حزم.
مما سبق يتضح أن العلة هنا أقرب إلى التعليل بالحكمة وهي صحيحة إن كانت منضبطة، أو بإمكاننا أن نقول إن العلة هي التداول الشعبي في الضروريات ولذا لا يجري الربا في الفلوس القديمة التي قاس عليها الدكتور حمزة؛ لأن الفلوس وإن كانت أثماناً إلا أنها ليست متداولة بشغف ينم عن قيمتها، والأوراق النقدية يجري بها الربا لشغف الناس بها، بل ولا نحتاج لعلة لتعرفنا بذلك.

===============

فهذا رد الدكتور سامي السويلم، الإقتصادي المعروف وأحد أعضاء اللجنة الشرعية لبنك الراجحي سابقا، وهو غني عن التعريف، وهو ممن بذل حياته وعلمه فيما يدعي حمزة السالم أنه متخصص فيه. ولم أنشر هذا الرد إلا لكي يعرف المتابع دعوى مدعي العلم المسيء للعلماء؛ السلف و الخلف على السواء، حمزة السالم الذي ظن أنه بامتلاكه زاوية في صحيفة أنه قد ملك الدنيا! هون عليك و ارفق بنفسك، و أشفق على نفسك التي جنبيك. وكلي أمل أن تكون أرحم بها مني؛ وما ذاك إلا لانتسابها إليك!
ثم إني لم أرد عليه إلا دفاعا عن أهل العلم، الذين جردهم من كل مزيِّة إلا تزكيتهم له، و همهم بتقبيل يديه! وإن كان بيدك رمحا، فإننا نحن الرماح! ولا شك أن (أنا!) حمزة السالم ستصور أنني ومن قرأ ومن سيقرأ، و رد ومن سيرد، كلنا مجرد حَسَده نرغب إليه أن يتكرم بمد يديه حتى نقبلها!!

ختاماً: ينطبق على حال السالم مع العلم الذي يجول في ساحته الخالية إلا منه هو، قول المتنبي :

وإذا ما خلا الجبان بأرضٍ** طلب الطَّعن وحده و النزالا.

 

 

تعليق على بحث
“استنباط رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تمويلات البنوك المعاصرة”
للكاتب د. حمزة السالم

 

 

 

 

 
د. سامي بن إبراهيم السويلم
19/5/1428هـ ، 4/6/2007م.

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

هدف البحث المشار إليه هو القول بانتفاء الربا عن النقود المصرفية، ومن ثم جواز مبادلتها مع التفاضل والتأخير، “مما يلغي كثيراً من التعقيدات والحدود التي وضعها الاقتصاديون الإسلاميون على عمليات التمويل الإسلامي وعلى الودائع البنكية” كما يقول الكاتب (ص 3). والكاتب من ثم يرى جواز “بيع العملة بالعملة تفاضلاً ونسيئة” (ص 3) ويقصد بذلك ما يشمل الجنس الواحد، أي بيع 100 ريال بـ 120 ريال مؤجلة. وحقيقة ذلك هو جواز الفائدة المصرفية بحجة عدم جريان الربا في النقود الاصطلاحية، لأنه لا يصح قياسها على الذهب والفضة في نظره.
وهذه مقولة ليست جديدة، لا من حيث المقدمة، وهي عدم ربوية النقود المعاصرة، ولا من حيث النتيجة، وهي جواز التعاملات المصرفية بما فيها الفائدة. فكلا الأمرين قال به عدد من المعاصرين، ولا يزال يوجد من يقول به إلى الآن. لكنه مخالف لما اتفقت عليه المجامع الفقهية وعامة الهيئات العلمية في العالم الإسلامي.

الإجماع
حاول الكاتب أن يستدل بخلاف الفقهاء في الفلوس على عدم جريان الربا في النقود المعاصرة. لكنه غفل عن أن العلماء من جميع المذاهب أجمعوا على أن كل زيادة مشروطة في القرض فهي ربا، أياً كانت المادة محل القرض، سواء كانت من النقود أو المعادن أو غيرها. وقد صرح بهذا الإجماع ابن المنذر وابن قدامة وشيخ الإسلام رحمه الله في كتابه: تفسير آيات أشكلت (ص 668)، وهو الكتاب الذي نقل منه الكاتب كثيراً. وهذا يعني أن الإقراض والاقتراض بزيادة، سواء كان بالذهب أو بالفضة أو بالفلوس أو النقود الورقية أو النقود الإلكترونية أو غيرها مما يقبل القرض، إذا شرط فيه الزيادة فهو ربا بالإجماع، ولا محل هنا للاختلاف وتعدد الأقوال، بل الحق واحد وظاهر وبيـّن ولله الحمد. وذلك أن حقيقة الربا هنا ثابتة وقائمة، فلا يهم الشكل والصورة التي تلبس بها.
وبهذا يتبين أن القول بعدم جريان الربا مطلقاً في الفلوس أو غيرها قول غير دقيق بل هو مناقض للإجماع. ولهذا تجد القائلين بنفي ربوية النقد المعاصر لا يستخدمون عبارة “القرض” بل يعدلون إلى عبارة “بيع العملة” كما صنع الكاتب (ص 3 و 40)، وكما صنع من سبقه. وهذا أسلوب لا يجدي نفعاً لأنه لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً. ولا يليق بالباحث المنصف استخدام هذا المنهج في هذه القضية الجوهرية، فالعبرة بالحقائق والمعاني، والأمور بمقاصدها كما هو متفق عليه في القواعد.

الربا حقيقة وليس صورة
والربا ليس صورة خاصة بمادة معينة، بل هو داء يدمر الاقتصاد كما يدمر السرطان الجسد. فحيثما وجد هذا الداء بدأت أعراضه ونتائجه بالظهور، بغض النظر عن الشكل أو الصورة التي يظهر بها، فالنتيجة في النهاية واحدة. ومع استفحال الربا في الاقتصاد العالمي لا يمكن للباحث أن يخطئ النتائج السلبية التي فرضت نفسها، كاستفحال المديونية وتفاقم مبالغ خدمة الدين التي يدفعها المدينون، سواء من الدول أو الأفراد، للمرابين، وما يترتب على ذلك من تركز الثروة بيد القلة وانتشار الجوع والفقر بشكل مؤسف. وقراءة سريعة لتقارير الأمم المتحدة حول هذه القضايا، فضلاً عما كتبه الكثير من الاقتصاديين حول مساوئ الاقتصاد العالمي، كاف لإدراك حجم الأمراض الاقتصادية المستفحلة في العالم. فالمشكلات الاقتصادية الكثيرة التي أشار لها الكاتب ناتجة بدرجة كبيرة عن الربا، فمن غير المقبول أن نجعلها سبباً للقول بإباحته.

مشكلة الفائدة
وحقيقة الفائدة هي فصل التمويل عن النشاط الحقيقي. وذلك أن المقرض يحصل على الزيادة دون وجود مبادلة لسلع أو خدمات من أي شكل، بل لمجرد القرض. ومعلوم أن بناء الثروة وتحقق الرخاء الاقتصادي لا يحصل إلا بالمبادلات الحقيقية، من خلال البيوع والمشاركات وسائر التعاملات الحقيقية التي تتضمن تحقق منافع الطرفين. أما القرض فهو مجرد وسيلة لتحقيق التبادل النافع والمفيد.
لكن القرض بفائدة يسمح للدائن بالربح دون أن يكون طرفاً في مبادلة حقيقية، فماذا تكون النتيجة؟ النتيجة هي نمو الدين في ذمة المدين دون مقابل من النشاط الحقيقي. فتنمو الديون وتتزايد وتتفاقم بدرجة أعلى بكثير من درجة نمو الناتج المحلي. كما تنمو خدمة الدين لتستولي على الجزء الأكبر من الدخل بل تتجاوزه بكثير. ولا يوجد في نظام الفائدة ما يكبح جماح هذا النمو للمديونية، فتنمو الديون بدرجة أكبر من نمو الثروة، ويصبح الهدف من النشاط الحقيقي هو خدمة الدين بدلاً من تحقيق الرفاه والرخاء الاجتماعي. أي أن التمويل بدلاً من أن يكون وسيلة لبناء الثروة صارت الثروة وسيلة لخدمة الدين.
لكن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر كذلك، فتكون النتيجة الحتمية هي تدهور الاقتصاد وفقدان الثروة ونهاية جميع الأطراف: الدائنين والمدينين، تماماً كما أن النتيجة الحتمية للورم السرطاني هي تدمير الجسم ومن ثم نهاية الورم نفسه الذي كان سبباً في ذلك ﴿جزاء وفاقاً﴾.
وهذه النتيجة المؤسفة للربا لا علاقة لها بكون الديون نشأت عن ذهب أو فضة أو صورة أخرى من صور التمويل. فطالما كان التمويل منفصلاً ومستقلاً عن النشاط الحقيقي فالنتيجة واحدة: وهي نمو المديونية بعيداً عن نمو الدخل، ومن ثم انعكاس العلاقة بين التمويل والاقتصاد.

بين النقود والتمويل
ومما سبق يتبين أن المشكلة ليست في النقود بحد ذاتها وإنما في التمويل. فكل تمويل منفصل عن النشاط الحقيقي فهو يهدد الاقتصاد كما سبق. وهذا مما يبين بعض جوانب الإعجاز في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الأصناف الستة. فإن تعدد هذه الأصناف والتصريح بجريان الربا فيما يبنها يعني بوضوح أن التمويل لا يقتصر على النقود بل يتعداه إلى السلع الأخرى التي يمكن أن تستخدم للتمويل، خاصة السلع المثلية الضرورية، كالطعام والقوت الضروري ونحوها. ومهما اختلفت المذاهب والآراء في تعليل الأصناف الستة فهي متفقة على حقيقة أن الربا لا يقتصر على النقود. وهذا صريح في التفريق بين النقود والتمويل، وأن الحكم أعم من أن يقتصر على النقود. فمحاولة نفي الربا عن النقود المصرفية تبين غياب التصور لجوهر الربا وعلاقته بالاقتصاد. فالربا ليس خاصاً بالنقود، بل هو عام لكل ما يستخدم للتمويل. وهذه النتيجة كما أنها منطوق نص الحديث النبوي، فهي محل إجماع بين العلماء كافة، كما سبق، فضلاً عن كونها حقيقة اقتصادية عميقة الجذور. وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى﴾.

مشكلة التضخم
أفاض الكاتب في بيان تدهور قيمة العملات الورقية وأنها لذلك فقدت وظيفة الثبات اللازمة لحفظ الثروة. لكنه لم يتعرض للسبب وراء ذلك، وما الذي يجعل الدول تزيد كميات النقد سنة بعد سنة، بل يكتفي بقوله إن ذلك يحصل “لأسباب كثيرة ليس هذا محل شرحها” (ص 26). وغريب أن يتجنب الكاتب أهم جزء في الموضوع وهو سبب هذا التدهور المطرد في قيمة النقد، وما الذي أجبر الولايات المتحدة على فصل الدولار عن الذهب. إن السبب باختصار يرجع إلى نظام خلق النقود القائم على الفائدة، الذي يجعل من الممتنع وفاء الدين إلا بإصدار نقود إضافية، كما يتضح بأدنى تأمل لآلية النظام النقدي القائم على الفائدة. فالربا أحد أهم الأسباب وراء الانفصال عن الذهب ابتداء، ثم التدهور المستمر في قيمة العملات المصرفية. ولو أن النظام النقدي كان خالياً من الفائدة وقائماً على الارتباط العضوي بالنشاط الحقيقي، كما هو مقتضى الأحكام الشرعية، لانتفت هذه العلل التي يجعلها البعض مبرراً للسماح بالربا. فالربا هو سبب المشكلة أصلاً، فمن الممتنع أن يكون هو الحل.
هل الفائدة تعويض عن التضخم؟
لا يزال كثير من الكتاب يحتجون بالتضخم مبرراً للفائدة، مع أن هذا يناقض الواقع والتاريخ. فالفائدة كانت موجودة قبل فصل الدولار عن الذهب، بل قبل نشؤ العملات الورقية وقبل بروز ظاهرة التضخم المطرد. ثم إن الفائدة التعاقدية تظل موجبة حتى في حالات الانكماش (deflation) حين يصبح معدل نمو الأسعار سالباً وتزداد القيمة الفعلية للنقود، ويصبح المتضرر من ذلك هو المقترض. لكن الجميع يعلم أن المقرض لا يدفع شيئاً للمقترض في هذه الحالة ليعوضه عن انكماش الأسعار، بل تظل الفائدة موجبة لصالح المقرض. فالفائدة إذن ليست تعويضاً عن القوة الشرائية، لا سلباً ولا إيجاباً.
وحقيقة الأمر أن الفائدة سبب جوهري من أسباب التضخم، لأنها تجعل الوفاء بالنقد مستحيلاً إلا بمزيد من الاقتراض وإلا بمزيد من إصدار النقد الائتماني، كما سبقت الإشارة لذلك. وهذه مشكلة في أصل النظام النقدي تجعله ينحو دائماً نحو المزيد من المديونية والمزيد من العرض النقدي، كما هو حاصل بالضبط.
وأما ما أشار إليه الكاتب من أن الفائدة تكبح جماح التضخم وليس العكس (ص 37)، فهذا يحصل في المدى القصير في حالة الارتفاع الطارئ لمعدل الفائدة، مما يؤدي إلى شح الائتمان ومن ثم الهبوط الاقتصادي. هذا الهبوط بدوره يؤثر سلباً على الأسعار. أما أثر الفائدة التي يقوم عليها النظام النقدي على المدى المتوسط والطويل فهو النمو المطرد للمديونية وللكتلة النقدية، وهو بالضرورة يؤدي إلى نمو مطرد في مستوى الأسعار ومن ثم هبوط مستمر للقوة الشرائية. ومجال البحث إنما هو في ظاهرة الانخفاض المستمر لقيمة النقود على المدى المتوسط والطويل، كما يصرح بذلك الكاتب نفسه (ص 16). أما في المدى القصير فإن قيمة العملة تتقلب صعوداً وهبوطاً لأسباب متعددة.
فالقول بأن الفائدة تعويض عن التضخم مناقض للواقع الاقتصادي، بل الفائدة هي من أهم أسباب التضخم المطرد. وعليه فإن ربط الفائدة بالتضخم لا يؤدي إلا إلى مزيد من التضخم، كما هو حال من يشرب ماء البحر، لا يزيده الشرب إلا ظمأ. والشرع الحكيم لا يعالج المرض بما يزيده، بل يتجه لأسبابه فيعمل على إزالتها للتخلص منه رأساً.

الحيل الربوية
أصاب الكاتب حين انتقد انتشار الحيل الربوية، وهو يرى أنه بدلاً من اللجوء إلى هذه الحيل التي تشوه مظهر الإسلام وتعطل العقل الإنساني، يمكن اختصار الطريق بنفي الربا عن النقود الورقية أصلاً. لكن هذا القول لا يؤدي إلا إلى مزيد من الخلل والاعتلال الاقتصادي، لأنه يسمح بالربا في التمويل، وهو ما يؤدي إلى تدمير الاقتصاد الحقيقي، كما سبق. والخطأ لا يبرر الخطأ، والانحراف لا يبرر الانحراف، فانتشار الحيل الربوية لا يعطينا الحق في أن نختصر الطريق لإباحة الربا، بل العكس هو الصحيح: وهو منع الحيل الربوية أساساً.
ثم إن الكاتب وقع في نفس المزلق الذي وقع فيه أصحاب الحيل حين لجأ إلى استخدام عبارة “بيع العملة” بدلاً من التعبير عن ذلك بحقيقة الأمر وهو القرض، كما سبقت الإشارة لذلك. فصارت المسألة مجرد تغيير للألفاظ والعبارات، مع أن الجوهر هو نفسه لم يتغير. فهل هذا هو منهج الراسخين في العلم؟
والكاتب مع انتقاده لمنهج الحيل، إلا أنه يشترك معه في تجنب مناقشة حكمة تحريم الربا وبيان آلية تدميره للاقتصاد، وما الذي ينفرد به النظام الإسلامي في استئصال هذا الداء من جذوره. ولهذا فهو يصرح بـ “غموض حكمة تحريم الربا” (ص 6)، وينقل عن شيخ الإسلام ما حكاه عن بعض العلماء المشهورين في زمانه من استشكال حرمة الربا (عن تفسير آيات، ص 598). ولذلك فالكاتب يركز في بحثه على العلة ويتجنب الحكمة، إلا في محاولة إباحة الفائدة لجبر الظلم الواقع على المقرض (ص 33). أما في أسباب نشؤ الظلم أصلاً وكيفية استفحاله، فالحكمة مغيبة ومؤجلة.
ومن المفيد الإشارة لموقف شيخ الإسلام نفسه من الذين استشكلوا حرمة الربا. ويكفي أن يطلع القارئ على النص التالي ليعرف موقفه من هذه القضية:
“حتى بلغني عن بعض المرموقين أنه كان يقول: لا أدري لم حرم الربا، ويرى أن القياس تحليله، وإنما يعتقد التحريم اتباعاً فقط. وهذا المعنى الذي قام في نفس هذا هو الذي قام في نفوس الذين قالوا: ﴿إنما البيع مثل الربا﴾، فليعزّ مثلُ هذا نفسَه عن حقيقة الإيمان والبصر في الدين، وإن لم يكن عن هذه المصيبة عزاء. وليتأمل قوله تعالى: ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذين يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا﴾، فلينظر هل أصابهم هذا التخبط الذي هو كمسّ الشيطان، لمجرد أكلهم السحت، أم لقولهم الإثم مع ذلك، وهو قولهم: إنما البيع مثل الربا؟ فمن كان هذا القياس عنده متوجهاً وإنما تركه سمعاً وطوعاً، ألم يكن هذا دليلاً على فساد رأيه ونقص عقله وبعده عن فقه الدين؟” (بيان الدليل، ص 196-197، دار ابن الجوزي).

خاتمة
أكثر الكاتب من النقل عن فضيلة الدكتور محمد الأشقر من بحثه الذي قدمه لمجمع الفقه الإسلامي، ودافع فيه فضيلته عن القول بعدم ربوية النقود المعاصرة. لكن فضيلة الدكتور الأشقر قال في آخر بحثه ما نصه:
“تنبيه: الآراء التي تذكر في هذا البحث هي للطرح على مؤتمر المجمع للمناقشة والنظر، وليست للإفتاء بموجبها ولا للعمل بذلك ما لم يقرها المجمع” (ع5 م3 ص1695)، وهذا من ورعه حفظه الله. وقد التـزم فضيلته بذلك فيما أعلم، فهل التـزم الكاتب بذلك أيضاً؟
والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــ
أدعوك لزيارة مدونتي الشخصية

http://arsabeeh.wordpress.com/

============
هنا ردي على الدكتور حمزة السالم ” المستشار الشرعي والاقتصادي”
كما جاء في بداية حلقة طاش الاخيرة في الربا
وهو الذي تولى كبر هذه الحلقة
وقد ارسلته له وتهرب من الرد وعوضاً عن ذلك اشتغل بالتسفيه
كما هي عادته
ومع الرد رده علي
وهذا الرد كان على آخر مقالاته في هذا الموضوع
والذي يتطابق مع ما جاء في الحلقة

 

بداية الرسالة المحوّلة:
من: عبدالملك المديفر <█████████@██████>
التاريخ: ١١ أغسطس، ٢٠١١ جرينتش+٠٣:٠٠ ٧:٠٨:١٢ ص
إلى: عبدالملك المديفر <█████████@██████>
نسخة: Hamza Alsalem <█████████@██████>
الموضوع: رد: حمزة السالم بين المناهج والنتائج

السلام عليكم
سعادة الدكتور حمزة

نصيحة أخوية
لجوؤك الى طاش لنشر فكرتك
وتسويق نفسك ك”مستشار شرعي واقتصادي”
ينزل من قدرك
بل وقد يضر بسمعتك حيث أن الناس ستعتقد أنك
تتبنى جميع أفكار طاش المتهالكة ولا أخالك كذلك
وسيستعدي العامة عليك
وستخسر بذلك ثقة الناس فيك.

تذكير لا زلت أنتظر ردك على ما ورد
في ردي على مقالك

والسلام على من اتبع الهدى

‏من جهاز الـ iPad الخاص بي

في ١٨‏/٠٧‏/٢٠١١، الساعة ١٢:٠٧ م، كتب عبدالملك المديفر<█████████@██████>:

سعادة الدكتور حمزة
يبدو أنا بدأنا بسوء تفاهم
وانا اعتذر ان بدر مني خطأ نحو شخصك
فإن قبلت عذري فأرجوا أن تبي ن لي الخطأ سواءاً العلمي أو الأدبي
وسأتراجع عنه اذا أقنعتني به بما آتاك الله من حجة.
لكني أطلب منك أن تعلق على جميع النقاط التي وردت سواءاً بالموافقة أو الاعتراض مع البيان
ويعلم الله أني لو وجدت عندك الحق لأقفن معك بإذن الحق والله الهادي الى سواء السبيل.

‏من جهاز الـ iPad الخاص بي

في ١٧‏/٠٧‏/٢٠١١، الساعة ١٠:٣٧ م، كتب Hamza Alsalem <█████████@██████>:

أنت جاهل مركب لا تفرق بين ربا الفضل وربا النسيئة وتنقل ما لاتفهم وتسيء الأدب
لا أعلمك والله حتى تعتذر أوانشر ليعرف الناس بلاء الجهل وما فعلته الكهنوتية في هذه المسألة من جعل الناس جهلة وقليلوا ادب

2011/7/17 <█████████@██████>

وهل ابن القيم على خطأ
والموفق كذلك
بين لي ملاحظاتك رجاءاً
لأني آثرت أن أطلعك عليه قبل النشر
وشكراً
‏من جهاز الـ iPhone الخاص بي

في ١٧‏/٠٧‏/٢٠١١، الساعة ٩:١٩ م، كتب Hamza Alsalem <█████████@██████>:

جهل وسوء أدب
لا تستحق التعليم إذنا
كل ما كتبت خطأ في خطأ فلو أحسنت الخطاب لأوضحت لك لكي لا تفضح جهلك أمام الناس
ولو أتيت بعلم لأثنيت عليك وانتفعت به ولو أنك أسأت الأدب كما فعلت أنا مع شخص يقال له علي الحمدان وكتبت ذلك في الجريدة فقد أساء الأدب ولكنه أتى بشيئ ذكر في الكتب لم أذكره مطلقا ولم أكن أعرفه فاعترفت له بالفضل في الجريدة
ولكن أنت حشفا وسوء كيلة
فالحمد الله على موزع العقول والأخلاق
حمزة

2011/7/16 عبدالملك المديفر <█████████@██████>

الموضوع: حمزة السالم بين المناهج والنتائج

حمزة السالم بين المناهج والنتائج

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
ففي يوم السبت الثاني من رجب عام١٤٣٢ للهجرة
نشر في العدد ١٤١٢٨ من صحيفة الجزيرة مقالاً بعنوان ” إلى شيخنا الأطرم” للكاتب الدكتور حمزة السالم الخبير في الشؤون الاقتصادية.
وقد تحدث عن مسألة ربوية الأوراق النقدية، وقد رأيت أن الكاتب اتخذ في المقال أسلوباً ومنهجاً حاول أن يصل عن طريقه الى نتيجة عدم ربوية الفلوس المعاصرة. وسأحاول هنا وبقدر المستطاع أن أكشف هذا المنهج أو الأسلوب دون توسع فلن استشهد عليه بكلام له غير ما كتبه في مقاله المذكور ولن أناقش النتيجة التي توصل إليها لأنها وكما سيلحظ القارئ مبنية على التلفيق واتهام النيات والقياس الفاسد وعدم التحقق.
فأقول وبالله التوفيق.
من أبرز الأساليب والمناهج التي اتخذها السالم هو أسلوب” الانتقاء “فهو مستعد ليناقش مسألة علة الربا في النقدين وهي من المسائل الدقيقة التي لا تناسب قراء الصحف ويكتب في ذلك المقالات الكثيرة التي لا يفهم منها العامي إلا لهجة التحامل على أهل العلم لكنه في موضوع خروج الذهب من عالم الأثمان لا يمكنه إلا أن يشير إشارة بسيطة في مقاله إلى هذا الموضوع الذي يمكن أن يفهمه الكثير من الناس والذي هو من صلب تخصصه والذي بنى عليه نتيجته وهذا أمر عجب إلا أن يرى أن عقول القراء لا تفهم هذه الأمور أو أن فيها مضيعة لأوقاتهم. أو أنه يخشى أن يتبين عواره في حجته التي بنى عليها استنتاجه. أو أنه إنشغل عن بيان هذا الأمر. وأقول هنا أنه إذا كان الذهب قد خرج من عالم الأثمان يا دكتور حمزة فما قولك لو تعاقد اثنان على بيع معين وكان الثمن مقابل المبيع سبيكة ذهبية مثلاً فهل تعد هذه السبيكة ثمناً أم لا؟
وهنا سؤال آخر أين ذهب الذهب؟؟ وانت تقول أنه كان موجوداً مما يفهمنا أنه ليس موجوداً الآن ولماذا تخزن بعض الدول الذهب بآلاف الصفائح والرفوف والخزائن؟؟ ولماذا يسعر الذهب يومياً مع العملات التي هي أثمان ولا شك؟ أليس هناك سوق عالمي للذهب كسوق العملات يتم التعامل فيه بالأرقام ولا يرى المشتري الذهب ولا يحوزه بل هي مجرد أرقام كما تقول في حال الفلوس المعاصرة؟ولماذا يسمى الذهب عملة المخاطر؟ ولماذا تقاس به العملات عند سقوط العملات؟
وهنا سؤال جوهري هل انعدام الذهب أو عدم وجوده يلغي كونه ربوياً؟
إذا قلنا بهذا فلنقيس عليه أحكام الرقيق فنقول أنه لا يمكن أن يسترق أحد لعدم وجود الرقيق في هذا الزمان؟ ألا تلاحظ أنا أصبحنا نحكم الواقع على النصوص بينما المفترض أن النص هو الذي يحكم الواقع؟
إن الأصل في الشريعة العموم وفي أحكامها الثبوت وفي أدلتها الوقوع

هذه بعض الأسئلة على هذا الجانب الاقتصادي والتي أود صدقاً منك أن تجاوبني عليها وهذه الأسئلة أسئلة الجاهل والله لا المختبر، وهذا من أقل حقوق القراء على كاتبهم؟ وبدل أن تشغل القراء بدقائق الإمور وكما تريد أن تثبت عدم ربوية الفلوس المعاصرة لنا كقراء فرجاءاً اشرح لنا كيف خرج الذهب من عالم الأثمان وما هو تعريفك لعالم الأثمان؟؟
ومن الانتقاء عدم تبيينه الفرق بين علة تحريم ربا الفضل وعلة تحريم ربا النسيئة والذي ستشير له لاحقاً ، مع أن حديثه متمحور حول التمويلات التي لا تكون – بحسب علمي – إلا نسيئة ، والتي أشار إليها بقوله “فآنذاك لم تكن التمويلات مهمة”
وأتسائل هنا هل ازدياد أهمية التمويلات يؤثر في حكمها ؟ ألا تلاحظون أنا عدنا إلى تحكيم الواقع على النص؟

ومن صور انتقائه
تركه الكلام على حكمة تحريم الربا ، حيث أن فيه أكل لأموال الناس بالباطل، واستغلال حاجة الفقراء ، ومضاعفة الديون عليهم ، وما ينشأ من العداوة والبغضاء بسبب ذلك ، وفي تعاطي الربا ترك العمل والاعتماد على الفوائد الربوية ، وعدم السعي في الأرض.
فهل تحصل هذه المضار في التمويلات والقروض الربوية؟ لا شك أنها موجودة في التمويلات الربوية؟ وهذا سؤال للعامي الجاهل بالفروع الفقهية : إذا إقترضت من شخص ألف ريال ووعدته أن أن تسددها له ألفي ريال بعد سنة هل هذا ربا أم لا؟؟ مقتضى قول السالم أن هذا ليس بربا ،وأقول بعيداً عن التفاصيل الفقهية وتفريعاتها هل هذا القول ينسجم وحكمة وسبب تحريم الربا من قبل الشارع الحكيم جل وعلا. أقول “استفت قلبك ولو أفتاك الناس وأفتوك”
وليسأل القارئ نفسه لماذا يمثل السالم بالرقيق والخمر والنبيذ في تفاصيل كلامه عن العلل، ولا يمثل بالقرض الذي يعرفه الجميع والذي عليه مدار حديثه بمثال واقعي ويقول ” لا بأس على قولنا أيها القارئ أن تقترض من أي شخص مبلغاً من الفلوس المعاصرة ثم ترجعه له بعد مدة مع زيادة ، لأنه كما أسلفنا وفصلنا لا دليل على ربوية الفلوس المعاصرة”
أتدرون لماذا؟؟ لأن عامة القراء سيرفضون كلامه ولن يقبلوه وسوف يشمتوا به، وبفهمه ، وبتلفيقه. لأن كل الناس تعرف أن ” كل قرض جر نفعاً فهو ربا”.

ومن المناهج التي اتخذها السالم الإفتراء على العلماء والتشكيك في ذممهم ولمزهم

كقوله” أن الحكم بربوية الفلوس قد تقرر قبل البحث في الأدلة” أقول لو قرأ السالم بحث هيئة كبار العلماء الذي سبق صدور قرارها لوجد أنهم ناقشوا القول الذي يترتب عليه عدم الربوية.

ثم قال ” من أجل الخوف من منع الزكاة من باب الاحتياط” ومفهوم هذا الكلام أن العلماء يبنون أحكامهم على الاحتياط لا على الأدلة وهذا افتراء عظيم سيحاسب عليه ، أيضاً فمن المعلوم أن الاحتياط لا يبني الأحكام.

وقوله “طريقة التفكير القديمة التي بحثت فيها المسألة”
ولا يخفى على القارئ ما في هذا الكلام من لمز للعلماء لا يليق بمن يخاف الله أن يقوله.

وقوله ” والشيخ وغيره يريد إثبات الربوية ولو بدليل واحد ولو كان ضعيفاً ومختلفاً فيه “
وهذا اتهام للذمم عظيم ، لايمكن لأحد أن يتهم ذمة أي رجل إلا بدليل قاطع فكيف إذا كان المتهم عالماً من علماء الأمة الذين الأصل فيهم الصلاح وحب الخير والذين بذلوا للأمة من أوقاتهم وأموالهم وأنفسهم ما نعلم وما لا نعلم أكثر ، وإني لأربأ بك أخي حمزة أن تتهم العلماء وأنت الذي تمدحهم في أول مقالك وآخره وهنا العجب!!! تمدح الرجل في المقدمة بصدق نيته وبعد نظره ثم تتهم ذمته
في وسط المقال ثم تختم المقال بمدحه وأنا لا أفهم هذا الا أنه من التلبيس على القارئ لأجل أن يوصف حمزة السالم بأنه الرجل المحب للعلماء والمقدر لهم ، وهذه من الحيل الإعلامية التي يستخدمها المغرضون فنجدهم يمدحون ويثنون ثم يأتوا بالطامة ثم يحاولون تهوينها، وهذا لا يغير من الحقيقة شيئاً.

ومن المناهج والأساليب التي استخدمها الدكتور حمزة ( وليلاحظ القارئ أن كل هذه الأساليب في مقال واحد ) اطلاق الأحكام جزافاً وعدم التحقق وهي

-قوله” اطلاق الثمنية هي الثمنية المقصودة في الفتوى القائمة اليوم والمخالفة لما عند المذاهب الأربعة”
أقول : هذا خلاف للواقع فهذا القول هو احدى الروايات عن الامام أحمد ومالك وأبي حنيفة.
قال أبو بكر من أصحاب أحمد : “روى ذلك عن أحمد جماعة” وهو اختيار شيخ الاسلام وابن القيم.

-وقال السالم أيضاً ” ان القول بتعدد العلل بافتراض صحته دليل على عدم الربوية لا العكس” ومثل لذلك بالطعم والكيل في الأصناف الاربعة.
سأمضي معه في مثاله وأقول انه لم يفرق بين اجتماع أوصاف العلة وبين تعدد العلل، فالطعم والكيل وصفان اذا اجتمعا قامت علة ربا الفضل واذا انتفى أحدهما انتفت العلة فانتفى الحكم، أما تعدد العلل بالنسبة لهذا المثال فإنه يكون في ربا النسيئة ، حيث أنه اذا اجتمع المطعوم مع المطعوم أو المكيل مع المكيل أو الموزون مع الموزون قامت علة ربا النسيئة فتحقق حكمها قال الموفق ” كل شيئين يجري فيهما الربا بعلة واحدة كالمكيل بالمكيل والموزون بالموزون والمطعوم بالمطعوم ، عند من يعلل به يحرم بيع احدهما بالآخر نسيئة بغير خلاف نعلمه”
وبهذا يتبين خطأه في فهم تعدد العلل واجتماعها.

-أما قوله ” ان ربا النسيئة تحريمه تحريم غاية لا وسيلة “
هذا خطأ فادح ، لا أظن أن احداً يقع فيه الا ان يكون مغرضاً او جاهلاً بما لا يجهله أدنى ناظر في أنواع الربا. قال الشيخ ابن قاسم في حاشيته على الروض ( والفضل الزيادة والنساء التأخير، قال ابن القيم: ” الأول جلي والثاني خفي، فالجلي حرم لما فيه من الضرر العظيم ، والخفي حرم لأنه ذريعة إلى الجلي، فتحريم الأول قصداً وتحريم الثاني وسيلة، فتحريمه من باب سد الذرائع ).

– تشبيهه نواقص الوضوء بعلل الربا في النقدين. هذا قياس فاسد كل الفساد والبون بين الأمرين واسع فنواقض الوضوء منصوص عليها أما العلل الثلاثة التي أشار إليها في حديثه هي وكما يقول” علل ظنية ” فعجيب هذا التشبيه أو التمثيل والذي لا يصدر كما قلت من قبل إلا عن مغرض متلاعب بعقول القراء ومستغل لثقتهم فيه ، أو عن جاهل بأدنى ” الأحكام الشرعية والأصول المنطقية” كما سماها الدكتور حمزة. ثم ان الأصل في المؤمن الطهارة ، لذلك سمي ناقض الوضوء “حدثاً” ، فكيف تكون الطهارة حكماً شرعياً حادثاً كما يقول.

ومن المناهج التي اتخذها السالم “الاستهانة بالنصوص الشرعية”

-فأن يخرج السالم الذهب والفضة من الأموال الربوية وهي منصوص في العديد من الأحاديث الثابتة بحجة أن العلة “الظنية” لم تتحقق فيها، وهي كما قال هو (علة ظنية)
لعمري إن هذا لهو استهانة بالنص الشرعي والذي أمرنا بالتمسك به قال صلى الله عليه وسلم ( تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، كتاب الله وسنتي)

وقال ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك).

وتظهر الاستهانة بالنصوص الشرعية أيضاً في قوله ( ولا دليل لها إلا ما ذكر عن التخارج في تمر خيبر ، وهو ان دل فيدل على التساهل في ربا الفضل لا النسيئة )

ومن المناهج والأساليب التي يستخدمها السالم في ترويج رأيه ونتيجته ” تسفيه الرأي المخالف وإظهار رأيه على أنه الرأي الأوحد”

كقوله “والعجيب أنه رغم ظهور الأدلة في عدم ربوية الفلوس اليوم، وعدم وجود قول شرعي صحيح مخالف لها إلا أنه تفنى الأعمار في الصيرفة الإسلامية ولا دليل لها إلا ما ذُكر عن التخارج في تمر خيبر”
سبحان الله المسائل التي تأخذ كتب وتؤلف فيها رسائل في المجلدات الكبار يقطع بها السالم ويحسم في أمرها في مقال في عمود صحفي لا يخلوا من تلبيس وفساد في القياس ونقص في الاستدلال. أما إنك قد أتيت بما لم تأتي به الأوائل. والعجيب أنه لم يكتشف هذا الخلل إلا الدكتور حمزة – حفظه الله – ماذا أبقيت للعلماء من أصقاع الدنيا الذين أفنوا أعمارهم في طلب العلم؟ وماذا أبقيت للمجامع الفقهية التي تكاد تجمع على الربوية؟ والغريب أنك لم تستشهد إلا بهيئة كبار العلماء وكأنهم غيرهم يرى عدم الربوية أم لأن مشايخنا أكرموك ومدحوك فنفشت ريشك عليهم ، وأنا أعلم أنك ستقول أني أقدرهم وأحترمهم وأن هذا لا يتعارض مع تبيان الحق وإلى آخره من الكلام المعهود الذي هو حق يراد به من قبل الكثير الباطل ، وأنا هنا أطلب من الكاتب أن يكتب بحثاً مفصلاً ومطولاً لجميع جوانب الموضوع يكون فيه الانتصار لله ، يتمكن فيه المشائخ وطلبة العلم من فهم وجهة نظره ومناقشتها مناقشة علمية ، أما مقالات التحريض والتشفي التي لا يكون منها الا الوقوع في الأعراض واتهام الذمم وتعبئة العامة على كبار العلماء ، فإنها تجعل الناظر يشك في صدق كاتبها بل وقوة حجته من ضعفها ، فلو كان كلامه مفصلاً وموضحاً في بحث ما لبانت حجته وظهر دليله
، لكنه لن يكتب بحثاً علمياً مفصلاً لأنه بذلك سيظهر بنفسه ضعف حجته وقلة باعه في العلم الشرعي. وهذا مما ابتلي به اعلامنا للأسف وهو القول على الله بغير علم وأصبح بتقحم الشريعة كل أحد ، وهذا ذنب عظيم وأمر جلل ، وابتلينا فيه بالرويبضة تتكلم في أمر العامة ، وغالباً ما تجد كلامهم إنشاء خاوي من الاستشهادات بالنصوص الشرعية وأقوال العلماء من الصحابة والتابعين ، وهذا يحسنه كل أحد يجيد تجميع الكلمات ولا يحتاج إلى متخصصين ، أما التأصيل والتدقيق والتحرير
فيحتاج إلى النظار والمحققين وهو عسير إلا على من يسره الله.
وفي الختام فقد عرجنا على مناهج الدكتور السالم التي استخدمها ليحاول تمرير نتيجته والتي ليس فيها خلاف معتبر بل هي من المسلمات وأنا هنا لم أناقش النتيجة لأني أعلم يقيناً أن الشرع لا يمكن أن يبيح هذه المعاملة الخبيثة ، ولأن كلام الدكتور فيه من التناقض والتعبئة وإلقاء الأحكام وإطلاقها جزافاً والقياس الفاسد والفهم الخاطئ ما يصرف الناظر بداية عن النظر في نتيجته. وأنا هنا أكرر الدعوى للدكتور بأن يقدم بحثاً فقهياً مؤصلاً مدعماً بالشواهد الاقتصاية المصلحية.
وأشير إشارة في النهاية إلى أن الخلاف لا يحتج به في أي لأنه قد ظهر أناس يحتجون بالخلاف في كثير من المسائل منها هذه المسأل قال الشاطبي رحمه الله

(فإن في مسائل الخلاف ضابطاً قرآنياً ينفى اتباع الهوى جملة، وهو قوله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) وهذا المقلد قد تنازع في مسألته مجتهدان ، فوجب ردها إلى الله والرسول، فاختياره أحد المذهبين بالهوى والشهوة مضاد للرجوع إلى الله والرسول )

هذا ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وكتبه أبو عمر
عبدالملك المديفر
السبت
١٤٣٢/٧/٩

==============
مخاوي الذيب
عدد التعليقات: 7979 عدد المتابعين: 120 8
جاء في قرار “مجلس المجمع الفقهي” برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الدورة الخامسة قرار رقم (6) :..أولاً : إنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة, وبناء على أن علة الربا فيهما هي مطلق الثمنية في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة… وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة, وإن كان معدنهما هو الأصل… وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنا, وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها, وبها تقوم الأشياء في هذا العصر, لاختفاء التعامل بالذهب والفضة, وتطمئن , النفوس بتمولها وادخارها, ويحصل الوفاء والإبراء العام بها, …. (يتبع)
تكملة:.. رغم أن قيمتها ليست في ذاتها, وإنما في أمر خارج عنها, وهو حصول الثقة بها كوسيط في التداول والتبادل, وذلك هو سر مناطها بالثمنية… وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية, وهي متحققة في العملة الورقية, لذلك كله فإن مجلس المجمع الفقهي يقرر أن العملة الورقية نقد قائم بذاته, له حكم النقدين من الذهب والفضة, فتجب الزكاة فيها, ويجري الربا عليها بنوعيه فضلا ونسيئة , كما يجرى ذلك في النقدين من الذهب والفضة تماما, باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسا عليهما. وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.. (يتبع)
تكملة:.. ثانياً: يعتبر الورق النقدي نقدا قائما بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان , كما يعتبر الورق النقدي أجناسا مختلفة تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة. بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس, وأن الورق النقدي الأمريكي جنس, وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته, وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه فضلا ونسيئة, كما يجري الربا بنوعية في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان” انتهى///… سبحانكَ أللهمَ لا علم لنا إلا ما علمتنا.. فعلمنا ما ينفعنا … وإنفعنا بما علمتنا.. سبحانكَ أللهمَ وبحمدكَ.. أشهدُ أن لا إله إلا أنتَ.. أستغفركَ وأتوب إليك.
=============
22 –

Majid Dajani
عدد التعليقات: 81 عدد المتابعين: 6 2
فرحت عندما بدأت أقرأ مقالات الدكتور السالم منذ بضع سنين. فرحت لأن المتحدث في صناعة المال الإسلامية هذه المرة ليس بفقيه لايملك الحد الأدنى من علم المال، ولا بطالب علم ببضاعة مزجاة من متون العلم الشرعي ولايكاد يعرف القسمة المطولة، بل رجل يحمل الدكتوراة في أحد التخصصات التي أكن لها احتراماً كبيراً وهو علم الاقتصاد المالي Financial Economics. وكوني متخصص في علم المال البحث Finance وهو يختلف كثيراً عن العلم السابق، رحبت به كإضافة للباحثين عن الحلول التي أسميها أنا “متوافقة مع الشريعة” وذلك لتحفظي على مسمى إقتصاد إسلامي أو تمويل إسلامي، بل متوافق مع الشريعة فحسب، وللتعليق تكملة،،،،،
ثم منذ عدة سنوات قليلة أصاب الرجل مايشبه اللوثة فتغيرت لغته وأصبح يكيل أقذع الصفات لصناعة المال الإسلامي (أي “المتوافقة مع الشريعة” حسب تعريفي) والتي يسميها الفقهاء “الصيرفة الإسلامية” ولا مشاحة في الاصطلاح، لكنه أصبح يسميها “صيرفة [[التيوس]]” باللمز حول حديث التيس المحلل، بمعنى أنها تلتف وتحلل المحرم بالحيل كما سماها.

حقيقة حِرت في فهم طريقة تفكيره حتى قابلته في مؤتمر الـGCF للعام ٢٠١١ وناقشته في آراءه فاتضحت لي الصورة جلية خلال بضع دقائق.

الرجل يعاني من بدايات جنون العظمة، ويقول عن نفسه “وبلسانه والله على ما أقول شهيد”، يقول [[ناقشت شيخاً وقال لي أنت فقيه]]!!!. وللتعليق تكملة،،،،،

يقول أهل العلم: من قال فقهت فقد جهل. وعيب الدكتور السالم أن بضاعته في علوم الشريعة (علوم القرآن [[مثل المطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه]]، وعلوم الحديث [[مثل علم الرجال والجرح والتعديل والمصطلح والعلل]] وعلوم الفقه [[مثل فقه العبادات والمعاملات والأخلاق والسياسة الشرعية]] وعلوم أصول الفقه [[مثل القواعد الشرعية والعوامل وغيرها]]) أقول بضاعة الدكتور السالم في تلك العلوم أقل من إن تؤهله ليكون طويلب علم – وأنا أسوأ منه – لكنه هداه الله ترك مقررات المجامع الفقهية، وأراء الفقهاء المعاصرين الذين عاصرو “الكاغد” أي العملة الورقية وتصوروها، وللتعليق تكملة،،،،،

والقاعدة الشرعية تقول: “الحكم على الشيء فرع عن تصوره”. إلا أنه، وهو رجل الاقتصاد المالي، الذي يعرف تمام المعرفة موقف الجنيه الاسترليني قبل العام ١٩٢٥ واتفاقية بريتون وودز عام ١٩٤٤ ومالها من تأثير في جعل الدولار هي العملة المرجع في العالم، وربطها بالذهب، ثم فرق ذلك الارتباط عام ١٩٧١ في عهد نيكسون، إلا أن الدكتور السالم، أنكر التراث الإسلامي عبر ١٤ قرناً وعلوم المال الحديثة وذهب يتبنى رأياً شاذاً آخرجه من سياقه وعصره وكما قيل على لسان أعلاه – ولا أظلمه -اليوم جاء ابن سالم لينقض في سطر واحد 40 سنة من التحريم والتضييق على الناس وعشرات المؤتمرات والكتب!

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
======
محمد المهوس
عدد التعليقات: 171 عدد المتابعين: 2 1
اعتقد ان الفاصل هوا .. البحث عن سبب تحديد الرسول عليه وعلى اله افضل الصلاة والتسليم للذهب كنقود وان بها يكمن الربا لوزاد القرض عن اصله .. هل لانه ذهب وفضه ..؟ ام لانها نقود ؟؟ هل الحكمه بالذهب او لانها كانت نقود فنزل الحكم عليها والاصل ان المقصود اي سلعه تستعمل كنقود ؟ …. اذا قدرنا نوصل للاجابه الشافيه سوف نصل بعدها للحكم القاطع .. مثلا لوصار الناس يتبايعون بسيارات عطني 10 سيارات واعطيك بيت .. واروح انا اقترض 10 سيارات واشتري البيت واسددها 20 سياره فالحكم حلال وعادي جدا لانها مو ذهب ولافضه ولاهي شعير وباقي السلع المحدده بالحديث التي ينطبق عليها حكم الربا ..
=============

master_key
عدد التعليقات: 860 عدد المتابعين: 8 4
لو الدكتوراة فيها خير كان التعليم الجامعي عندنا نافس اوروبا وامريكا، لكن مشكلة دكاترتنا ان لا يفقهون ومعقدون نفسيا واجتماعيا.. من طرائف الدكتور اعلاه حمزة السالم انه يقول ان البيع على المكشوف جائز والعقل يقول ان شراء اسهم بغرض بيعها وتركيع السهم لكي يشتريه هو من جديد بسعر اقل هو اضرار بالاخرين والرسول يقول لا ضرر ولا ضرار. ثانيا: الرسول يقول انما الاعمال بالنيات وان لكل أمرى ما نوى فمن يشتري اسهم بالجملة وفي نيته أن يبيعها بطريقة تركع السهم حرام. الصحفي السعودي فاهم في كل شي هههه حتى في الطبخ

مشكلة الليبراليين ليس فقط انهم يدعون انهم افهم من بعض المشايخ ولكن ايضا يدعون انهم افهم من ائمة الاسلام وقد يصل بهم الغرور انهم يدعون انهم افهم من الله ورسوله… بالامس ليبرالي يقول ان الله إله عاجز لا يحسن التصرف … اللي يشوفه يقول قدم للامة اختراع ولا ابتكار … مشكلة هؤلاء انهم مفلسون علميا وفكريا واخلاقيا لم ولن يطوروا ابدا ففاقد الشيء لا يعطيه

===============
لقد ردّ عليه عدد من العلماء ربما بلغوا العشره وهذا غير المجامع الفقهيه لكن كل من ردّ عليه يعتبره السالم غير معتبر بمعنى من لم يوافق هواه فهو غير معتبر وهناك من أراد مناظرته دون جدوى والخلاصه يقول أقرض العشره بأحدعشر نقداً ولا تبيع السياره ذات العشره بأحد عشرخلافاً لقوله تعالى(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا….)
=============
راي يؤيد كلام حمزة السالم
Bovoon
عدد التعليقات: 21 عدد المتابعين: 2 3
للاسف ردود البعض قمع فكري وكراهية للشخص وليست موضوعية

الدكتور طرح عدة امور وهي التي يفترض نقاشها وليس الشخص:

1 الحكم بربوية النقود مبني على اساس ربطها بالذهب وهي الان ليست مربوطة به ولم يجتمع المجمع الفقهي لمناقشة هذا الامر بعد فك الربط ولهذا تكلم الدكتور ويطالب بمناقشته من قبلهم

2 لايوجد دليل شرعي ثابت على ان العلة هي الثمنية حيث ان الاوراق النقدية ليس لها قيمة بذاتها بخلاف الذهب والذي له قيمة بذاته

3 اذا كانت النقود المعاصرة عبارة عن اجناس مختلفه مثل ماذكر احد الاخوان, اذا لماذا لايجوز اخذ قرض بالدولار مثلا وتسديده بالريال بدل الحيل التي تحدث في البنوك المسماة اسلامية

يتبع
منذ 1 شهر ردتبليغ 33 –

Bovoon
عدد التعليقات: 21 عدد المتابعين: 2 3
4 النقود في احد صورها تمثل شيكات وليس لها قيمة بذاتها وبالتالي فهي وسيط بين سلع مختلفه يتم تبادلها بخلاف الذهب والذي بذاته يكون بديل للسلعة..

قال صلى الله عليه وسلم ” رب حامل فقه ليس بفقيه”

اتمنى ان يكون النقاش موضوعي بعيدا عن التجريح .
============

رد فيصل الاحمد على مخاوي الذيب
عدد التعليقات: 301 عدد المتابعين: 11 2
الله يعطيك العافية

اتوقع هذه الجمله مهمه جدا ” ….. إنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة……” ولكن الواقع الان تغير وليس اصل كل عملة هو ذهب او معدن ثمين بل الاصل اصبح اما قوة الاقتصاد وميزان المدفوعات والفائض او العجز التجاري ، او احتياطي العملات الاجنبية من النقد الاجنبي لدى البنك المركزي . من ناحية اخر وبعد نزع غطاء الذهب عن الدولار فالموضوع للامانة فيه نظر ويجب ان تدفع الحجة بالحجة.

تكلمه : بالتالي من النقطة اعلاه ، فغالبية الدول الناشئة يكون غطاء عملاتها هو الاحتياطي من العملات الاجنبية واللي غالبا تتكون من الدولار ، ووهنا نرجع للنقطة الاولى هالدولار يعادل الان الذهب في قيمته وثمنه ام لا ؟. حتى نصل لحل قطعي يفترض ان يكون طرفي الحديث في المدافعه عن الآراء عالم اقتصاد ملم باقتصاديات النقود وفي نفس الوقت لديه اساس قوي من العلم الشرعي ، في مقابل عالم وفقيه شرعي ملم بفقه المعاملات لديه اساس قوي من العلم الاقتصادي خاصة النقود منها . يتبع …..

:… من هنا هنا الكثير اخذ موقف مضاد من الدكتور حمزة لاسباب كثيرة لا داعي للتطرق لها ، وكان من الواجب حتى لو كان هناك ما زلات في اسلوبه ….. هو العدالة و قول الحق في حجته وان تواجه الحجة بمنطق التفكير العلمي السليم والمنهجي البحثي الصحيح من بحث لادبيات الموضوع … الخ وحريا بنا تذكر قول الله تعالى في محكم تنزيله ” أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىأَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8]

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s


%d مدونون معجبون بهذه: