الوطن تنشر حيثيات حكم شبكة التجسس الإيرانية في الكويت
2012/06/07
توافر وثبوت جناية الرشوة من دولة أجنبية قبل المتهمين الثلاثة الأول والخامس بإقرارهم واعترافهم على بعضهم
المتهمون الأول والثاني والثالث والخامس اقترفوا جناية التخابر مع دولة أجنبية
المدانون قاموا بارتكاب أعمال ضارة بالمصالح القومية للبلاد
سعوا إلى الإضرار بالكويت عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً
اختلاس أوراق ووثائق تتعلق بأمن الدولة
كتبت ابتسام سعيد:
(الحلقة الخامسة)
«الوطن» تنشر الحلقة الخامسة من حيثيات حكم محكمة الاستئناف في قضية شبكة التجسيس الايرانية في الكويت تتضمن تفاصيل الاتهامات الموجهة للمتهمين السبعة واعترافاتهم في التحقيقات ودفاعهم أمام المحكمة على درجتيها «الجنايات والاستئناف» وما أكدته المحكمة بحيثيات الحكم من صدور وقائع وأعمال اجرامية ارتكبها المتهمون المدانون من جناية انتهاك أسرار الدفاع وسلموها لـ«ايران» بواسطة أعضاء استخباراتها وهم سيد منوجهر سيد جلالي وعلي جعفر كاظميني وعلي شير علي ظهرابي والرشوة من دولة أجنبية «ايران» والتخابر واختلاس أوراق ووثائق وحيازة واحراز مفرقعات بقصد أرتكاب الجرائم وبتلقيهم تدريبا على استعمالها وارتكابهم افعالا تؤدي الى المساس بسلامة أراضي البلاد.
حكم المحكمة
عقدت محكمة الاستئناف الدائرة الجزائية الرابعة الجلسة علنا بالمحكمة بتاريخ 7 رجب 1433هـ الموافق 2012/5/28م برئاسة المستشار أنور العنزي – وكيل المحكمة وعضوية المستشار أحمد باظة والمستشار محمود فراج وحضور عبدالعزيز الخياط – ممثل النيابة العامة وحضور مشعل الشمري – أمين سر الجلسة.
وحيث ان هذه المحكمة وقد بسطت وقائع الدعوى حسبما تثبت لديها واستقر في وجدانها، وطرحت كل ما اثاره دفاع المتهمين حيالها من اوجه التشكيك او التهوين فانها وهي بصدد تأصيل أحكام النصوص القانونية على الاعمال الاجرامية التي ارتكبها المتهمون الاول والثاني والثالث والخامس فانها تثبت ما يأتي:
أولا: انه بخصوص التهمة الواردة بالبند 2 من اولا من تقرير الاتهام والمؤثمة بنص المادتين 11 و16 من القانون رقم 31 لسنة 1970 تعديل بعض احكام قانون الجزاء وهي جريمة انتهاك اسرار الدفاع فان لها اربع صور مختلفة منها الصورتان الواردتان في امر الاحالة ومنسوبة للمتهمين الاول والثاني والثالث والخامس وهي الحصول على بعض هذه الاسرار وافشائها وتسليمها لدولة اجنبية ومحل الحماية في هذه الجريمة ومناط التجريم فيها هو اسرار الدفاع وقد ادخل المشرع في اعتباره ان الاخبار والمعلومات الخاصة بالجيش الكويتي وتشكيلاته وافراده ومعداته وكل ما يمس الشؤون العسكرية هو مما يقتضي ان يحاط بالسرية التامة فاعتبرها من اسرار الدفاع ما لم تنزع الجهة المختصة عنها هذه الصفة بالتصريح كتابة بنشرها او اذاعتها وسواء كانت هذه المعلومات من اسرار الدفاع الحقيقية او الحتمية أي التي اعتبرها المشرع كذلك وان لم تكن بطبيعتها من الاسرار المتعلقة بالدفاع فان الحظر يشملها ويعاقب النص على نشرها او افشائها، كما ان افشاء بعض هذه الاسرار لشخص على خلاف القانون لا يفقدها سريتها طالما بقيت على اصلها وهو حظر العلم بها لغير من أنيطت به ولم تتجاوز دائرة محدودة من الاشخاص بحكم طبيعة عملهم كما لا ينال من سريتها ان تكون بعض ادوات الاتصال الحديثة قد تمكنت من الوصول الى بعضها وقامت بنشره لان رفع السرية عنها يستلزم التصريح من الجهة المختصة كتابة بذلك وللفعل المادي في هذه الجريمة صور ثلاث اولها تسليم السر لدولة اجنبية او لاحد ممن يعملون لمصلحتها والثانية افشاؤه اليها او اليه بأية صورة وعلى اي وجه وبأية وسيلة والثالثة التواصل بأية طريقة الى الحصول على سر من هذه الاسرار بقصد تسليمه او افشائه لدولة اجنبية او لاحد ممن يعملون لمصلحتها، ويقدر وضوح الصورتين الاولى والثانية فان الصورة الثالثة تعني مجرد الحصول على السر اي التوصل اليه والتمكن من حيازته بأية طريقة وعلى أي وجه، مما مفاده ان الجاني فيها لا صفة له في المحافظة على السر او الاحاطة به وانما هو خائن او جاسوس يسعى للاستحواذ عليه بأية طريقة بقصد تسليمه او افشائه لدولة أجنبية ولهذا فقد اكتفى المشرع لتمام الجريمة في هذه الصورة مجرد الحصول على السر متى قامت نية تسليمه او افشائه لدولة اجنبية لدى الجاني حتى ولو لم يحصل التسليم او الافشاء الى الدولة الاجنبية فعلاً كما لا يشترط ان يتمكن الجاني من الحصول على السر بأكلمه اذ تقوم الجريمة ولو لم يعلم به الا على وجه ناقص او خاطئ في بعض اجزائه كما انه لا عبرة بعد ذلك بالبواعث الدافعة الى ارتكاب الجريمة.
ثانيا – انه بخصوص التهمة الواردة بالبند 3 من اولاً من تقرير الاتهام والمؤثمة بالمادة «5» من القانون سالف الذكر وهي جريمة الرشوة حين يكون الغرض منها ارتكاب اعمال ضارة بالمصالح القومية للبلاد، فان المشرع قصد من تجريمها حماية المصالح القومية للدولة في زمن السلم وزمن الحرب سواء في كيانها الداخلي او وحدتها واستقلالها وزمن الحرب سواء في كيانها الداخلي او وحدتها واستقلالها وجاءت صيغة النص من العموم والاطلاق بحيث تحمي كل مصلحة للدولة لا تحميلها النصوص الاخرى ووضع لها عقوبة شديدة عن باقي جرائم الرشوة المنصوص عليها في قانون الجزاء والجاني في هذه الجريمة راشياً كان او مرتشياً هو كل شخص فيستوي ان يكون كويتياً او اجنبياً ولا تشترط فيه صفة خاصة فقد يكون موظفاً وعندئذ تكون العقوبة الحبس المؤبد مع الغرامة وقد يكون فرداً من احاد الناس فتكون العقوبة هي الحبس المؤقت مع الغرامة أما الراشي فيكفي في هذا المقام تمثيله للدولة الاجنبية او عمله لمصلحتها دون ان يشترط ان يكون من رعاياها، ويتحقق الركن المادي لهذه الجريمة باحدى صور ثلاث هي الطلب او القبول او الاخذ لنقود او منفعة اخرى، وتتكم الجريمة بمجرد ارتكاب المرتشي فعل الاخذ للنقود او لغيرها من المنافع او قبوله الوعد بها او طلبها لنفسه او لغيره وذلك بغض النظر عن القيام بالعمل الذي من اجله بذلت العطية او الوعد بها كما يتحقق الركن المعنوي وهو القصد الجنائي وهو قصد خاص يقتضي – فضلا عن القصد الجنائي العام – نية ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية ويستلزم ذلك ان يتوافر لدى المرتشي عنصران اولهما ان يعلم بارتكابه احد افعال الارتشاء ولو بالواسطة من دولة اجنبية او ممن يعمل لمصلحتها وان يعلم ان ما يتلقاه من مال او منفعة اخرى هو المقابل لارتكاب عمل ضارب بمصلحة قومية والعنصر الثاني ان يكون لدى المرتشي نية الاضرار بالمصلحة القومية ومن مقتضى ذلك ان يكون تلقى الفائدة او الوعد بها او حين طلبها مستهدفاً او منتوياً العمل الذي يضر بتلك المصلحة وهذه النية هي التي تدفع تلقي المنافع من الدولة الأجنبية بالطابع الاجرامي وتعبير المصلحة القومية واسع المدلول يشمل كل مصلحة تهم دولة الكويت من النواحي السياسية والاقتصادية كما يشمل كل عمل ينطوي على مساس بسيادة الدولة في الداخل او الخارج او جهاز الحكم فيها ولا اعتداد بالباعث الدافع للمرتشي فيستوي ان يكون الباعث هو الحنق على الدولة او انتماء المشاعر للدولة الاجنبية او الطمع في مال او منفعة لدى هذه الدولة الاجنبية والعبرة في هذا الصدد بغاية الاضرار بالمصلحة القومية التي يستهدف الجاني تحقيقها لاشباع الدافع لديه.
ثالثا – وبخصوص التهمة الواردة بالبند رابعاً من اولاً من تقرير الاتهام المؤثمة بالمادة 2 من القانون رقم 31 لسنة 1970 المشار اليه وهي جريمة التخابر وهما من السعة بحيث يشمل مدلولهما كل اتصال اجرامي بدولة اجنبية ايا كانت صورته او وسيلته سواء في زمن السلم او في زمن الحرب، والمقصود بالتخابر قيام نوع من التفاهم المتبادل بين الجاني والدولة الاجنبية او اي شخص يعمل لمصلحتها لتحقيق نتية او غرض معين والتخابر يتحقق باتفاق ارادتين متقابلتين على نفس الغرض ويصح ان يكون كتابة كما يصح ان يكون شفوياً، صريحاً او ضمنياً سرا او معلوما، ويتم الفعل بمجرد الاتفاق بغض النظر عما اذا كان الغرض منه قد تحقق ام لم يتحقق فالاتفاق ذاته يكوّن الجريمة وليس الغرض منه، والتخابر – بهذا المعنى – هو صورة خاصة من صور الاتفاق الجنائي فهو يماثله من حيث طبيعته التي تقتضي توافر الارادتين المتقابلتين وفي انه لا يشترط لتجريمه تحقق الغرض المتفق عليه كما انه لا يشترط ان يحصل التخابر بوسيلة معينة فيصح ان يكون بالمراسلة او الاتصال السلكي او اللاسلكي او اللقاءات الشخصية او غير ذلك فاصطلاح التخابر واسع المدلول يشمل كل اتصال بالدولة الاجنبية أ، بأحد عملائها، ولا عبرة بعد ذلك بعدد مرات الاتصال غير المشروع فيكفي الاتصال مرة واحدة ولا عبرة ايضا بالوقت الذي يستغرقه هذا الاتصال ويستوي في هذا المقام ان يكون الطرف الآخر في التخابر ممثلا رسميا للدولة الاجنبية او مجرد عميل يعمل لمصلحتها، ويقوم الركن المادي لهذه الجريمة بمجرد الاتصال بالدولة الاجنبية او احد عملائها ولو لم يتحقق الغرض او النتيجة التي يهدف اليها الجاني وهي جريمة عمدية يتوافر القصد الجنائي فيها بعلم الجاني بالفعل المكون لها وانصراف نيته الى ارتكابه اي ان توفر القصد الجنائي العام يكفي اما فيما يتعلق بالفقرة أ من المادة 2 من القانون 31 لسنة 1971 فانها تتطلب ان يكون من شأن التخابر ان يؤدي الى الاضرار بمركز الكويت الحربي او السياسي او الديبلوماسي او الاقتصادي ويقصد بالمركز الحربي القوة الدفاعية والهجومية للدولة ووسائل امدادها بالرجال والعتاد ومستوى اعدادها من الناحية الفنية وهو يقوم على عدة عناصر منها انظمة التسليح والتدريب والارتباطات العسكرية للدفاع المشترك والقوات الحليفة للدولة المتواجدة على اراضيها وكافة العناصر الاخرى التي ترتبط بالجيش الكويتي ومدى جاهزيته للدفاع عن دولة الكويت ويقصد بالمركز الاقتصادي قدرة الدولة في كل نواحي الانتاج والخدمات وفقا لنظامها المتبع ومرافقها الاقتصادية كافة ومراكز انتاج سلعها التصديرية التي توفر لها العملات الصعبة اللازمة لأدائها الاقتصادي اما المركز السياسي فيتمثل في سيادتها الداخلية والخارجية من حيث تمتعها باستقلالها والمحافظة عليه ومن حيث علاقاتها بغيرها من الدول ومكانتها في المجتمع الدولي والمركز الدبلوماسي يعني علاقات التمثيل الدبلوماسي المتبادلة مع باقي الدول، ولا يشترط في هذا الصدد ان يقع الاضرار فعلا بأحد هذه المراكز وانما يكفي ان يكون من شأن التخابر ان يرتب ذلك الاثر وتقدير ذلك مسألة موضوعية.
رابعا: وبخصوص التهمة الواردة بالبند 5 من أولاً من تقرير الاتهام والمؤثمة بالمادة 16 /ب من القانون المشار اليه وهي جريمة اخذ صور او رسوم او خرائط لمواقع او أماكن على خلاف الحظر الصادر من السلطة المختصة فقد اراد المشرع من تجريم هذا الفعل حماية اماكن معينة ترتبط بالامن القومي للدولة سواء كانت اماكن عسكرية او اقتصادية وتقوم الجريمة التي يصح الشروع فيها ايضا بمجرد اخذ الصور او الرسوم او عمل خرائط للمواقع او الاماكن التي حظر المشرع فيها ذلك ايا كان الغرض من ذلك الفعل وسواء تحقق ضرر بتلك المكان ام لم يتحقق وسواء كان الجاني كويتيا أم اجنبيا ولا يعتد فيها بالباعث على اتيان النشاط الاجرامي ويكتفى فيها بالقصد الجنائي العام الذي يقوم بعلم الجاني بان ما يفعله من اخذ للصور او وضع للرسوم او الخرائط هو لأماكن حظرت السلطة المختصة ذلك بشأنها.
خامسا: وبخصوص التهمة الواردة في البند ثانيا من تقرير الاتهام والمسندة الى المتهمين من الاول حتى الرابع والمؤثمة بالمادة 2 /ب من القانون سالف الاشارة اليه والتي تجرم اختلاس الاوراق او الوثائق فانها تقوم باختلاس الاوراق والوثائق المتعلقة بأمن الدولة او بأية مصلحة قومية اخرى للبلاد، ولا يقصد بالاختلاس الفعل المادي فقط وانما يتسع ليشمل الاختلاس المعنوي اي نقل المعلومات الموجودة في تلك الاوراق او الوثائق على اشياء اخرى مثل (السي دي او الفلاش ميموري) او التصوير الضوئي او الى أي شيء آخر يتوصل اليه العلم الحديث في هذا المضمار ويستوي ان يكون الجاني مواطنا او اجنبيا كما يستوي ان يكون موظفا عاما او من آحاد الناس ويكفي لقيام الركن المعنوي فيها بالقصد الجنائي العام الذي يقوم على علم الجاني بانه يختلس اوراقا او وثائق مع علمه المسبق بانها تتعلق بامن الدولة أو بأية مصلحة قومية للبلاد.
سابعا: اما بخصوص الاتهام المسند الى المتهمين الاول والثاني والخامس بحيازة واحراز مفرقعات قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة والمؤثمة بالمادة 3 من القانون رقم 35 لنسة 1985 في شأن جرائم المفرقعات، فان مناط التجريم هو احراز المفرقات – التي عدد المشرع انواعها في الفقرة 2 من النص المذكور – او حيازتها او صنعها او جلبها او استيرادها او تصديرها او نقلها او الاتجار فيها او الشروع في شيء من ذلك، ولا يشترط لقيام هذه الجريمة ضبط المفرقعات لدى الجاني بل يكفي في هذا الصدد مجرد الاحراز او الحيازة المادية للمادة التي عدها المشرع من المفرقعات – طالت المدة ام قصرت وايا كان الباعث عليها ولو كانت لامر عارض او طارئ لان كل ما يتعلق بالباعث لا يؤثر في وقوع الجريمة متى توافرت عناصرها القانونية التي لا تتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد حيازة او احراز تلك المادة بدون ترخيص عن علم وارادة واستظهار هذا القصد من اطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها المطروحة عليها ولا يشترط لقيام الركن المادي في هذه الجريمة ان تكون المادة المحظورة قد ضبطت مع الجاني بل يكفي ان يثبت احرازه او حيازته لها بأي دليل يكون من شأنه ان يؤدي الى ذلك.
سابعا: وبخصوص التهمة المسندة الى المتهم الثاني بمفرده والمتعلقة بتلقيه تدريبا على استعمال المفرقعات بقصد الاستعانة به في تحقيق غرض غير مشروع والمؤثمة بالمادة 4 من القانون سالف الذكر، فان المشرع اراد ان يحمي المجتمع وافراده من الاخطار الشديدة التي تترتب على ارتكاب جرائم المفرقعات عن طريق سد جميع الابواب التي قد تؤدي اليها ومنها اقدام بعض الافراد على تدريب وتمرين آخرين على صنع المفرقعات او استعمالها بقصد الاستعانة بهم في تحقيق غرض غير مشروع او الشروع في ذلك بل ان نطاق التجريم امتد ليشمل كل من يتلقى هذا التدريب او التمرين او يشرع في ذلك طالما كان عالما بالغرض منه وهو تحقيق غرض غير مشروع وتقوم هذه الجريمة بالنسبة لجميع الاشخاص دون اشتراط صفة معينة في الجاني كما انها تقوم بمجرد اعطاء التدريب او التمرين او تلقيه سواء آتى ثماره أم لم يؤتها دون اعتداد بالباعث على ذلك طالما توافر لدى الجاني اذا كان مدربا قصد الاستعانة بمن دربه في تحقيق غرض غير مشروع واذا كان الجاني متدربا فيكفي علمه بان الغرض من هذا التدريب او التمرين هو اعداده للقيام بفعل غير مشروع، وتعبير الغرض غير المشروع يتسع لكافة الافعال التي تتعارض مع القوانين المعمول به بالدولة سواء كانت تشكل جرائم معينة أم لا.
ثامنا: وبخصوص التهمة الواردة بالبند رقم 1 من اولا من تقرير الاتهام والمسندة الى المتهمين الاول والثاني والثالث والخامس والمؤثمة بالمادة 1 /أ من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء فقد جرى نصها على ان «يعاقب بالاعدام – أ – كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدي الى المساس باستقلال البلاد او وحدتها او سلامة اراضيها..» ويهدف المشرع الكويتي من هذا النص لحماية المصالح القومية للدولة في زمن السلم والحرب عن طريق تجريم كل فعل قد يؤدي الى التدخل والمساس باستقلال الدولة سواء في كيانها الداخلي او وحدتها وامنها في الداخل وجاءت صيغة هذا النص من العموم والاطلاق بحيث تشمل كافة الافعال التي تؤدي او قد تفضي الى ذلك، كما ان المشرع بهذه العمومية وذلك الاطلاق يحمي كل مصلحة للدولة لا تحميها النصوص الاخرى ووضع لها اشد العقوبات ولا ريب في ان جميع الجرائم الواردة يعد في القانون المشار اليه تعديا من تلك الأفعال التي تؤدي الى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها، لأن الجاني فيها لا يهدف في النهاية الا الى تحقيق هذا الغرض ويترتب على فعله بالضرورة تلك النتيجة، فهي جريمة جامعة لكل تلك الجرائم، والجاني فيها هو كل شخص مواطناً كان أم أجنبياً، ولا تشترط فيه صفة خاصة، فيجوز ان يكون موظفاً أو من أحاد الناس.
وحيث ان المحكمة – وفي ضوء المبادئ القانونية السابق تفصيلها واعمالاً لها على ما صدر من المتهمين الأول والثاني والثالث والخامس من وقائع وأعمال اجرامية، فانها تستخلص ما يأتي:
أولاً: فيما يختص بالتهمة الموضحة بالبند 2 من أولاً من تقرير الاتهام والخاصة بجناية انتهاك أسرار الدفاع المسندة الى المتهمين الاول والثاني والثالث والخامس، فقد اكتملت العناصر القانونية اللازمة وثبتت قبلهم باعترافات المتهمين من الأول حتى الثالث على أنفسهم، وعلى المتهم الخامس اعترافات تفصيلية فقد اعترف المتهم الأول في تحقيقات النيابة العامة بأنه سلم كلا من سيد جلالي وكاظميني وظهرابي عملاء الاستخبارات الايرانية المستترين خلف العمل الدبلوماسي بسفارة ايران في دولة الكويت أكثر من مرة أقراصاً مدمجة (سي دي وفلاش ميموري)، تحتوي على معلومات عسكرية منها ما يتعلق بأسماء الأفراد والقادة والضباط والامار بالكتيبة 57 لواء السور التي يعمل بها وتسليح كل منهم وذخيرته ومنها صور لأرتال عسكرية أمريكية موجودة في دولة الكويت ومعلومات عسكرية أخرى عن مدرسة التدريب العسكري التي يعمل بها المتهم الثالث – زوج ابنته – وأخرى عن اللواء 15 مدرع الذي يعمل به المتهم الثاني، وأن المتهم الخامس – شقيقه – كان يساعده في وضع تلك المعلومات العسكرية – والتي تعد سراً من أسرار الدفاع، على الأقراص المدمجة والفلاش ميموري، ويعلم أنها كانت تسلم لعناصر الاستخبارات الايرانية، كما اعترف المتهم الثاني بمثل ما اعترف به المتهم الأول، مضيفاً أنه قام بتسليم بعض هذه المعلومات بنفسه الى هؤلاء العملاء، وأن المتهم الخامس هو الذي كان يقوم بوضع تلك المعلومات على الشرائح الممغنطة كما اعترف المتهم الثالث بأنه نقل الى المتهم الأول المعلومات التي طلبها منه عن مدرسة التدريب العسكري وتعززت هذه الاعترافات بشهادة الضابطين بالتحقيقات التي أكدت صحة الواقعة التي اقترفها المتهمون سالفو الذكر، وتم ضبط «سي دي» لدى كل من المتهمين الأول والخامس يحتوي على بعض تلك المعلومات العسكرية، ولا تُحاج المحكمة فيما انتهت اليه من ان النص القانوني لم يحدد ما هي أسرار الدفاع التي تقع الجريمة عليها لأن النص جاء عاماً بحيث يشمل كل المعلومات والبيانات العسكرية التي تتعلق بالجيش الكويتي لأنها تتعلق بالدفاع أي بصيانة سلامة الدولة وسيادتها ووسائل الدفاع عن كيانها في شتى الميادين سواء في زمن الحرب أو في زمن السلم فضلاً عن ان هذه المعلومات بطبيعتها تعد من الأسرار التي لا يعلمها الا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك ويجب – لمصلحة الدفاع عن البلاد – ان تبقى سراً على ما عدا هؤلاء الأشخاص – وبناء على ما تقدم فان قيام المتهمين الأول والثاني والثالث والخامس بنقل هذه الأسرار العسكرية الى دولة أجنبية هي ايران بتسليمهم تلك المعلومات لعملائها يُعد افشاء لأسرار الدفاع وتكون هذه التهمة – بناء على ذلك – ثابتة في حقهم.
ثانيا – فيما يتعلق بالتهمة رقم 3 من أولاً من تقرير الاتهام والخاصة بجناية الرشوة من دولة أجنبية فان أركانها القانونية اللازمة قد توافرت وثبتت قبل المتهمين الأول والثاني والثالث والخامس باقرار واعتراف المتهمين من الأول حتى الثالث واعتراف الأول على الثاني والثالث والخامس اعترافاً تفصيلياً في هذا الخصوص فقد اعترف المتهم الأول بأنه قبض مبالغ متعددة في اوقات متفاوتة وبمبالغ مختلفة من عناصر الاستخبارات الايرانية سيد جلالي وظهرابي وكاظميني مقابل المعلومات التي سلمها اليهم عن الجيش الكويتي والقوات الحليفة، كما اعترف المتهم الثاني بذلك ايضا وانه قبل الرشوة بواسطة المتهم الاول في بعض الاحيان من تلك العناصر مقابل المعلومات التي كان يسلمها الى العناصر المذكورة تارة بنفسه واخرى بواسطة المتهم الاول، كما اعترف المتهم الثالث بأنه قبل الرشوة بمبالغ متعددة من الاستخبارات الايرانية بواسطة المتهم الاول لقاء تقديمه لمعلومات عسكرية عن مدرسة التدريب العسكري التي يعمل بها وانه وافق على امداده بتلك المعلومات بمحض ارادته وطمعا في ان يقوم المتهم الاول بسداد ديونه وانه قدم له صورا فوتوغرافية عديدة لاماكن ومنشآت عسكرية مقابل حصوله على الاموال وتضمن اعتراف المتهم الاول انه كان يقوم بتقسيم ما يحصل عليه من مبالغ من عملاء الدولة الاجنبية – مقابل ما يسلمه من معلومات عسكرية على المتهمين سالفي الذكر كل بحسب جهده، وبمناسبة تقديمه لمعلومات يتولى تسليمها هو الى عناصر الاستخبارات وقد سوت المادة (5) المؤثمة لهذه الجريمة بين من يطلب لنفسه أو لغيره او يقبل او يأخذ بالذات او بالواسطة او بواسطة غيره من دولة اجنبية أو ممن يعملون لمصلحتها نقودا او منفعة.. الامر الذي تكون هذه التهمة ثابتة في حق المتهمين المذكورين.
ثالثا: اما فيما يخص التهمة رقم 4 من اولا من تقرير الاتهام والمتعلقة بجناية التخابر المسندة الى المتهمين من الاول لثالث والخامس فقد استوفت اركانها القانونية بالنسبة للمتهمين الاول والثاني باعترافهما بالتحقيقات باتصالتهما بعناصر الاستخبارات الايرانية داخل الكويت وخارجها واتفاقهما معها على العمل في خدمة دولة ايران بامدادهم بالمعلومات العسكرية عن مواقع الجيش الكويتي والقوات الامريكية وافراده واسلحته وعتاده وتشكيلاته وانهما قدما لتلك العناصر كل ما حصلوا عليه من هذه المعلومات مقابل مبالغ مالية، وما ورد في اعتراف المتهم الاول بانه عرض على اخويه المتهمين الثاني والثالث وزوج ابنته المتهم الثالث مشاركته في هذا التخابر مقابل حصولهم على مبالغ مالية يحصل عليها هو من الاستخبارات الايرانية فاستجاب المتهمون للطلب في الحال وقبلوا المشاركة في الاتفاق الجنائي المعقود بين المتهم الاول وعناصر الاستخبارات الايرانية كما قام المتهم الثالث بامداد المتهم الاول بكافة المعلومات العسكرية التي يعرفها بحكم وظيفته عن مدرسة التدريب العسكري التي يعمل بها كما قدم له كل ما استطاع ان يجمعه من معلومات عسكرية اخرى مقابل حصوله على مبالغ مالية من المتهم الاول في كل مرة يقدم فيها تلك المعلومات وقد ثبت من التحقيقات ان هناك اتصالا مباشرا بين المتهمين الاول والثاني وعناصر الاستخبارات المشار اليها بيد انه وبالرغم من عدم وجود اتصال مباشر بين المتهمين الثالث والخامس وتلك العناصر فحسب انهم قبلوا الانضمام الى الاتفاق الجنائي المعقود بينها وبين المتهم الاول بل ونفذوه بالفعل بتقديم كل ما كان يطلب منهم المتهم الاول من معلومات اخرى تنفيذا لطلب عناصر الاستخبارات الايرانية التي يتعامل معها وقبضوا في مقابل ذلك مبالغ مالية متعددة على فترات متعاقبة ولا مراء في ان جناية التخابر تعتبر من قبيل الاتفاقات الجنائية الخاصة وهذه لا تستلزم الاتصال المباشر بين جميع الافراد الداخلين فيها بل انها لا تشترط هذا الاتصال بمدير الاتفاق وباقي الجناة طالما اتحدت ارادته مع ارادة باقي الاعضاء على انفاذ موضوع الاتفاق وانما تستدل المحكمة بحديثها عن الاتفاق الجنائي على اتجاه ارادة كل من المتهمين الاول والثاني والثالث والخامس على اقتراف جناية التخابر مع دولة اجنبية على النحو المار بيانه وتضحى هذه التهمة بذلك ثانية في حق المتهمين المشار اليهم انفا.
رابعا: اما عن التهمة رقم 4 من اولا من تقرير الاتهام والمتعلقة بأخذ صور لبعض المواقع العسكرية والمنشآت الحيوية بالبلاد على خلاف الحظر الصادر من السلطة المختصة فان الثابت بتحقيقات النيابة العامة ان المتهم الاول كلف المتهمين الثاني والثالث بالحصول على هذه الصور رغم علمهم المسبق بصفتهم عسكريين بالجيش الكويتي – بعدم جواز ذلك – وقام المتهمان الثاني والثالث بتنفيذ ذلك بأخذ الصور تارة بالهواتف النقالة واخرى بكاميرا فيديو وقدماها للمتهم الاول الذي دفعها بدوره الى المتهم الخامس فقام – بخبرته في هذا المضمار بتجميعها ووضعها على (سي دي وفلاش ميموري) لتسليمها الى عناصر الاستخبارات الايرانية، فان ذلك مما تقوم به الجريمة في حقهم وثبت ذلك من الاعترافات الصحيحة الصادرة من المتهمين الاول والثاني والثالث بالتحقيقات ومما ضبط من بعض هذه الصور على القرصين المدمجين المضبوطين وتكون هذه الجريمة ثابتة في حقهم ايضا.
خامسا: وحيث انه من التهمة ثانيا من تقرير الاتهام والخاصة باختلاس الاوراق والوثائق فان اركانها القانونية قد توافرت وثبتت في حق المتهمين الثلاثة الاول باعترافاتهم في هذا الخصوص وهي بأنهم نقلوا المعلومات التي تحتويها تلك الوثائق ووضعوها على اقراص مدمجة وفلاش ميموري مستغلين في ذلك كونهم موظفين عموميين (عسكريين) بالجيش الكويتي وادارياته حيث سلمها المتهمان الاول والثاني الى عملاء الاستخبارات الايرانية ولاشك ان المشرع حين نص على هذه الجريمة كان يعني بالحماية الوثيقة والاوراق من حيث كيانها المادي والمعنوي المتمثل في المعلومات التي تحتويها هذه الوثيقة او الاوراق مما مؤداه ان اختلاس الاوراق والوثائق قد يكون ماديا بالاستيلاء عليها وقد يكون معنويا بالحصول على المعلومات والبيانات الثابتة بها عن طريق النقل او التصوير او اي طريقة اخرى يصل اليها العلم الحديث وحصلوا على مقابل مادي لذلك وتكون هذه الجريمة ثابتة في حق المتهمين الاول والثاني والثالث.
اترك تعليقًا