اتفاقية 1891م السيد سلطان بن أحمد تعهد في أول اتفاقية سياسية مع بريطانيا بتأييد الحكومة البريطانية

تاريخيات


اتفاقية 1891م السيد سلطان بن أحمد تعهد في أول اتفاقية سياسية مع بريطانيا بتأييد الحكومة البريطانية في القضايا الدولية والامتناع عن منح أي امتيازات تجارية إلى فرنسا وهولنداالسلطان فيصل وقع اتفاقية مع الحكومة البريطانية كأول عمل سياسي له عرفت باسم الاتفاقية العمانية البريطانية للصداقة والملاحة والتجارةاتفاقية 1891م لم تتضمن مبدأ الحماية الرسمية البريطانية على عمان ولم تلغي المعاهدات التي عقدت بين عمان وبين الدول الأخرى مثل فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وهولندا على الرغم من أن اتفاقية 1891م لا تتضمن مبدأ الحماية الرسمية البريطانية على عمان إلا إنها تعتبر أكبر انتصار تمكنت بريطانيا من تحقيقه في المنطقة بعد معاهدة 1798م الاتفاقيات السابقة بين عمان وبريطانيا (1798م – 1873م) لم تكن اتفاقية 1891م التي وقعت بين عمان وبريطانيا مجرد اتفاقية تجارية فحسب بل كانت تحمل صبغة سياسية واضحة مثلما سيتضح فيما بعد ، ولم تكن هذه الاتفاقية أول اتفاقية بين البلدين ، إذ تعود أول اتفاقية سياسية بين عمان وبريطانيا إلى عهد السيد سلطان بن أحمد ( 1206هـ / 1792م – 1219هـ / 1804م ) ، وبالتحديد إلى 2 جمادى الأولى 1213هـ / 12 أكتوبر 1798م ، عندما تم توقيع أول اتفاق سياسي بين الطرفين، تعهد فيها السيد سلطان بتأييد الحكومة البريطانية في القضايا الدولية ، وبالامتناع عن منح أي امتيازات تجارية في أراضيه إلى كلا من فرنسا وهولندا ، وبالاستغناء عن أي موظف فرنسي من خدمته ، وبإبعاد السفن الفرنسية من مسقط. وكان الخطر الذي يمثله الوجود الفرنسي في مصر على اثر حملة نابليون بونابرت Napoleon Bonaparte ( 1798م /1801م ) ، والتخوف البريطاني من اقتراب ذلك الخطر نحو الهند ، الدافع الأكبر وراء توقيع تلك الاتفاقية التي عرفت باتفاقية الحلف ، ذلك لأن عمان تحتل موقعا استراتيجيا متميزا في الطريق إلى الهند ، مما جعل السلطات البريطانية تبذل جهودا كبيرة لإنجاز تلك الاتفاقية.
وفي 21 شعبان 1215هـ / 18 يناير 1800م ، وقعت اتفاقية أخرى بين البلدين في عهد السيد سلطان بن أحمد ، عززت من اتفاقية عام 1798م ، سمح بموجبها السيد سلطان لبريطانيا بإنشاء وكالة بريطانية في مسقط ، وقعها نيابة عن الحكومة البريطانية جون مالكولم Johan Malcolm ، مساعد المقيم البريطاني في حيدر أباد . وفي عام 1237هـ / 1822م ، عقدت بريطانيا اتفاقية مع السيد سعيد بن سلطان ( 1219هـ / 1804م – 1273هـ / 1856م ) ، نصت على السماح للسفن البريطانية بتفتيش السفن العمانية في المحيط الهندي حتى مسافة ستين ميلا من سواحل إفريقيا الشرقية . وفي عام 1254هـ / 1839م وقعت بريطانيا اتفاقية أخرى مع السيد سعيد بن سلطان تضمنت حرية التجارة والاقامة ونقل البضائع ، وعدم فرض ضرائب تزيد عن 5 % على البضائع البريطانية.
وفي عام 1280هـ / 1864م ، عقدت اتفاقية بين السيد ثويني بن سعيد ( 1273هـ / 1856م – 1282هـ / 1866م ) ، وبريطانيا سمح بموجبها للحكومة البريطانية بإنشاء خطوط المواصلات السلكية في الأراضي العمانية.
توقيع اتفاقية 1891م كان أول عمل سياسي قام به السلطان فيصل منذ توليه الحكم ، توقيع اتفاقية بينه وبين الحكومة البريطانية في 8 شعبان 1308هـ / 19 مارس 1891م ، عرفت باسم الاتفاقية العمانية البريطانية للصداقة والملاحة والتجارة ، التي أضيف إليها في اليوم التالي بند سري تعهد فيه السلطان ، بعدم التنازل أو السماح ببيع أو رهن أو تأجير أي جزء من ممتلكاته إلا بموافقة الحكومة البريطانية ، مما عرف سياسيا باسم التعهد المانع.
وقد وقع هذه الاتفاقية عن الجانب البريطاني ، إدوارد روس المقيم البريطاني في الخليج وحلت محل الاتفاقية الموقعة بين عمان وبريطانيا في عهد السيد سعيد بن سلطان عام 1254 هـ / 1839م – التي أشرنا إليها من قبل -، وكانت بريطانيا تعد هذه الاتفاقية جزءا من مخطط واسع تهدف من ورائه إلى تأكيد سيطرتها على جميع السواحل العربية الممتدة من عدن إلى الكويت .
أسباب توقيع اتفاقية 1891م تعود أسباب وظروف توقيع هذه الاتفاقية إلى الصراع الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا في المنطقة ، فقد حاول السلطان فيصل منذ بداية حكمه ايجاد نوع من التوازن في علاقاته بكل من بريطانيا وفرنسا ، لذلك عمل على توطيد علاقاته بفرنسا ، بهدف إضعاف النفوذ البريطاني الواسع ، وخوفه من إعلان الحماية البريطانية على عمان ، مثلما حدث بالنسبة لزنجبار. ومما زاد من خطورة الأمر ، توقيع معاهدة سرية بين فرنسا وروسيا عام 1891م كانت تهدف إلى إضعاف الوجود البريطاني في منطقتي فارس والخليج ، وفي العام نفسه قامت سفينة روسية بزيارة مسقط ، واستقبل السلطان للمرة الأولى مندوبا روسيا ، وفي العام التالي ، بذلت روسيا جهودا كبيرة لإنشاء قنصلية لها في مسقط ، غير أنها لم تنجح في ذلك. أثارت تلك التحركات قلق الحكومة البريطانية ومخاوفها من نمو النشاط الفرنسي في الخليج ، خاصة وأن بريطانيا وجدت منذ التسعينdات من القرن التاسع عشر معارضة ومنافسة فرنسية شديدة لمصالحها في المنطقة ولمحاولة انفرادها بالسيطرة على مسقط .

لذلك كان على الحكومة البريطانية أن تفكر في اتخاذ الإجراءات المناسبة التي تضمن عدم تسلل النفوذ الأجنبي إلى عمان ، ولما كان التعهد البريطاني الفرنسي عام 1862م الخاص باستقلال مسقط وزنجبار، الذي اتفقت الحكومتان فيه على إعلان احترام استقلال مسقط وزنجبار ، وعدم قيام أي من الحكومتين بمحاولة ايجاد مناطق نفوذ لهما في أي منهما عقبة أمام بريطانيا لإعلان حمايتها الرسمية والمطلقة على مسقط ، فقد لجأت إلى وسيلة أخرى لتحقيق ذلك بصورة غير مباشرة عن طريق هذه الاتفاقية. فتصريح 1862م في ظاهره لا يعطي بريطانيا حق الحماية إلا بعد الاتفاق مع فرنسا وهو الأمر الذي كانت بريطانيا تتجنبه ، كما صرح بذلك اللورد لانسدون Lansdowne والذي أظهر اهتمامه بشؤون الشرق ، منذ تسلمه سلطة الحكومة البريطانية في الهند ، وقد أظهر تردده في قبول فكرة الحماية البريطانية على عمان عندما قال : ” إن إعلان الحماية البريطانية على عمان سيجبر فرنسا على الوقوف موقف المعارض والمشاكس للنفوذ البريطاني في المحيط الهندي بأسره ، وإنها سوف تتخلى عن التصريح المشترك لعام 1862م ، الذي كلف الحكومة البريطانية الكثير من الجهود للوصول إليه ” .

بنود اتفاقية 1891م وقد سمحت معاهدة 1891م للطرفين بامكانية تعيين قناصل يقيمون في ممتلكات الطرف الآخر كلما اقتضت المصالح التجارية ذلك ، وسمحت لرعايا الحكومة البريطانية بالتملك في أراضي السلطان سواء عن طريق الهبة ، أو الشراء ، أو الميراث ، أو الوصية ، أو بأي طريقة قانونية أخرى ، كما نصت الاتفاقية على ضرورة أخذ موافقة الحكومة البريطانية عند فرض أي رسوم على الصادرات ، وكذلك توسيع اختصاصات السلطة القضائية للقنصل البريطاني في مسقط ، لتشمل الرعايا الهنود بالإضافة إلى رعايا المستعمرات البريطانية ، وتمنع السلطان من التدخل في المنازعات التي تحدث بين الرعايا البريطانيين ورعايا الدول الأوروبية الأخرى ، وأن طبيعة هذه المسائل سواء كانت مدنية أم جنائية يقررها القنصل البريطاني في مسقط. كما نصت الاتفاقية على تمتع رعايا الطرفين بحرية العقيدة والتسامح الديني وممارسة الطقوس الدينية علنا وبناء الأماكن المخصصة للعبادة في ممتلكات الطرف الآخر .
التعهد الخاص بالتنازل عن الأراضي أما فيما يتعلق بالتعهد الخاص بالتنازل عن الأراضي ، فيعتبر من أخطر الوثائق في تاريخ عمان ، والذي يبدو أن السلطان فيصل لم يكن يرغب على توقعيه ، ويؤكد ذلك التقرير السري لوزارة الخارجية الفرنسية الذي كشف عن الأسباب التي أرغمت السلطان فيصل على توقيع ذلك التعهد ، فقد اعترف السلطان فيصل في 8 شعبان 1312هـ / 4 فبراير1895م لأوتافي Ottavi ، نائب القنصل الفرنسي في مسقط بالضغوطات التي مارستها الحكومة البريطانية عليه ، وأطلعه على نص الاتفاقية السرية التي عقدها مع إدوارد روس في 9 شعبان 1308هـ / 20 مارس 1891م ، واعترف له بأنه وقع ذلك تحت التهديد، حيث قال : ” … ولكن استقلالي هو ما أتمسك به ولن تمس بريطانيا دولتي ما دمت حيا … ولو أردت الحماية فبالتأكيد لن أتوجه إلى الحكومة الإنجليزية ، لقد تعلمت من مثال زنجبار ، لقد وقعت تحت التهديد … وكنت مستفردا “.
وعلى الرغم من أن اتفاقية 1891م ، لا تتضمن مبدأ الحماية الرسمية البريطانية على عمان لأنها لا تلغي المعاهدات التي عقدت بين عمان وبين الدول الأخرى مثل فرنسا والولايات المتحدة الأميركية ، وهولندا ، والتي سمحت بامكانية إقامة قنصليات لتلك الدول في مسقط، ولكن هذا التعهد يعتبر أكبر انتصار تمكنت بريطانيا من تحقيقه في المنطقة بعد معاهدة 1798م ، وبعد فصل زنجبار عن عمان عام 1278هـ / 1861م ، ولذلك اعتبر اللورد كرزون هذه الاتفاقية خطوة نحو إخضاع عمان للحماية البريطانية ، عندما قال في تصريح نشر عام 1898م ، في جريدة التايمز اللندنية وأعادت نشره جريدة لودبيا Journal des Debats Le الفرنسية عام 1899م : ” إننا نعطي حاكم مسقط معاشه السنوي ونملي عليه سياسته الخارجية ، وكل تدخل أجنبي في شؤون مسقط يعتبر موجها ضد بريطانيا ، و أني مقتنع بأنه لن يمر زمن طويل حتى تعلن الحماية بصفة رسمية ، وحيث يرفرف علم صاحبة الجلالة على قلعة مسقط “. وهنا يبدو أن كرزون نسي بأن المعاش السنوي الذي ورد في تصريحاته ، والذي يعطى لسلطان مسقط هو عبارة عن المعونة السنوية التي أقرت في تحكيم اللورد كاننج Lord Canning عام 1861م ، بعد انفصال زنجبار عن مسقط ، بالإضافة إلى تعهد بريطانيا بتعويض عمان ، عندما وقعت اتفاقية منع تجارة الرقيق في عام 1873م ، فهو ليس من أموال الخزينة البريطانية ،وبالتالي لا يحق له التلويح بهذا المعاش واستخدامه كأداة ضغط على السلطان . وقد ظلت هذه الاتفاقية طي الكتمان من الجانب البريطاني، حتى اضطرت بريطانيا إلى الإعلان عنها للجانب الفرنسي عام 1899م فاحتجت فرنسا لدى الحكومة البريطانية واتهمتها بانتهاك إعلان 1862م ، فردت بريطانيا بأن السلطان فيصل تعود على طلب المشورة من بريطانيا.

محمد بن حمد الشعيلي أكاديمي في الجامعة العربية المفتوحة

 
مصدر الموضوع : http://www.suraa7.net/avb/showthread.php?t=1890#ixzz1oVliUKL2

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s


%d مدونون معجبون بهذه: