مشاريع على ورق فاخر!! الحرمي يبين أسباب تقدم الدول النفطية المجاورة وتراجعنا

مشاريع على ورق فاخر!!

 الحرمي يبين أسباب تقدم الدول النفطية المجاورة وتراجعنا

8/2/2012  الآن:

 كامل عبدالله الحرمي – كاتب ومحلل نفطي مستقل  

في عام 2001 أنهت مؤسسة البترول الكويتية استراتيجية العمل في القطاع النفطي للفترة مابين 2002  إلى 2012  وحصلت على جميع الموافقات المطلوبة من المجلس الأعلى للبترول وكذلك من مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية ، ثم بعد ذلك وتحديدا في عام 2008 تم تحديث استراتيجية المؤسسة لتمتد إلى 2020 ، و كان من أهم أهداف و أغراض استراتيجية القطاع النفطي الكويتي هو مواصلة زيادة إنتاج النفط الخام الكويتي للوصول إلى معدل 3 ملايين برميل بشكل يومي ، ثم تغير ذلك الهدف ليصل في عام 2015 إلى 3.5 مليون برميل و أخيراً إلى معدل أربعة ملايين مع نهاية 2020 ، وحتى الآن هذه الأرقام والمعدلات هي مجرد حبر على ورق.
وتأتي زيادة الطاقة التكريرية إلى 1.4 مليون برميل عن المعدل الحالي والبالغ 925 ألف برميل ، من خلال بناء مصفاة الزور ‘المصفاة الرابعة ‘ بطاقة تكريرية تصل إلى معدل 650 ألف برميل وكذلك المضي قدما في تحديث مصفاتي الأحمدي و ميناء عبدالله من خلال ما يسمى بمشروع ‘ الوقود النظيف’ وتصدير المنتجات والمشتقات حسب أحدث المواصفات العالمية إلى الخارج ، لتحقيق القيمة المضافة الأعلى على العوائد من النفط الخام ، ومن ثم إغلاق مصفاة الشعيبة لاحقا ، ولكن كل هذه المشاريع حتى هذه اللحظة ما تزال حبر على أوراق فاخرة.
 خارجيا كان التوجه الاستراتيجي هو زيادة الاستثمارات من خلال بناء مصافي ومجمعات بتروكيماوية وذلك بمشاركة أجنبية  ومحلية في كل من الصين والهند وفيتنام  حيث النمو المتزايد على النفط ومشتقاته ، ومن المفترض من هذه الاستثمارات الخارجية أن تحقق عوائد مالية مناسبة وأن تكون أيضا كأسواق آمنة للنفط الخام الكويتي على المدى البعيد. ولكن المصيبة هنا أنه بعد مرور 10 سنوات لم نلمس تنفيذ أي هدف من أهداف استراتيجية المؤسسة ، فمع وصول أي وزير جديد أو رئيس تنفيذي جديد نجد الوعود بالالتزام في التنفيذ ، ولكن على العكس ، فما يحدث هو تمديد فترة الاستراتيجية إلى 5 سنوات جديدة، وهكذا حالنا وحال القطاع النفطي، وحتى في مجال الأمن والسلامة نجد أن المؤسسة قد فشلت في تطبيق استعمال حزام الأمان أو منع استعمال الهاتف النقال ، وماعليك سوى مراقبة كبار موظفي المؤسسة في نهاية الدوام عند بوابة الخروج.
لقد حققت الدول النفطية المجاورة نجاحات كبيرة وتفوقت علينا تقريبا في كل مجال سواء في زيادة الطاقة الانتاجية للنفط الخام أو في بناء المصافي و المجمعات البتروكيماية  أو المشاركات الاستراتيجية سواء في الداخل أو الخارج ، بل وتفوقت علينا حتى في مشاريعنا الخارجية عندما كنا أوائل المفكريين في الاستثمار في الصين وفي الهند ، ودليل ذلك أنه  في السعودية هناك أكثر من 7 مصافي أجنبية- سعودية في حين نحن في انتظار البدء في تنفيذ مشروع المصفاة الرابعة ، و أين نحن أيضا من المشاريع النفطية المختلفة مقارنة بالعراق و قطر و أبوظبي و السعودية .  لو نظرنا جيدا سنجد أن ما تم تحقيقه في القطاع النفطي هو عكس التوجهات الاستراتيجية للمؤسسة ، فمنذ بداية 2003  والزيارات وتبادل اللقاءات مابين الروؤساء التنفيذيين في ازدياد وكثرة اللقاءات الدورية للأقسام واليوم المفتوح والمسابقات والغبقات وأفضل طبق ‘خيري’ و أفضل ‘طبق  رمضاني’ وتشكيل اللجان لاختيار الطبق اليومي المميز وتلك اللجنة تكون مكونة من 6 مدراء من مختلف الأقسام و الإدارات في المؤسسة وتقديم المكافآت المالية للفائزين وفجأة !!! ينتهي الدوام الرسمي لمؤسسة البترول دون نتيجة تذكر ، ولزيادة التأكد ماعلينا سوى مراجعة النشرات الدورية للشركات النفطية التابعة لمؤسسة البترول الكويتية ، وستجد أن معظم هذه النشرات والاصدارات تتصدرها صور الرئيس التنفيذي للشركة ، بل أن بعضهم تكون صورهم  متصدرة الصفحات الأولى لثلاثة إصدارات متتالية. السؤال هنا هو من المسؤول عن هذا الأداء السلبي للمؤسسة ؟ ومن هو المسؤول عن هذا التراجع المستمر ؟ وإلى متى سيكون نفطنا و قوتنا اليومي من دون قيادة مسؤولة تتولى زمام الأمور و تلتزم بتنفيذ و تطبيق الأهداف المرجوة منها ؟ هل هو الوزير أم الرئيس التنفيذي أم الحكومة أم الجميع معا أم نحن كأفراد عن طريق اختيارنا لممثلينا في مجلس الأمة. سيقول الوزير وبكل صراحة أنه ‘حديث عهد ‘ على الوزارة وعليه أولا أن يتعرف على القطاع و’يعين’ أهله وربعه أولا في المراكزالمتقدمة ليرتاح معهم في العمل وعليه أن يحيل البعض على التقاعد ، ثم يبدأ  بالتعامل مع الإعلام وإطلاق التصريحات اليومية عن أسعار النفط وعن ‘اوبك’ ومعدلات إنتاج النفط الخام الكويتي ، وبعد السنة الأولى  يبدأ في التفكير في استراتيجية النفط ليبدأ في مواجهة بعض العراقيل وكيف سيراضي مناقصة ‘فلان وعلان’ أو التعامل مع الإدارات الرقابية المختلفة و لجنة المناقصات ، وقبل نهاية السنتين أو أقل قليلا يتم تغييره ، وتبدأ الدورة مع وزير جديد.  طبعا الحكومة تلام كثيرا لأنها هي التي تضع التصور و الرؤية و البرنامج وقرار التنفيذ  وهي التي يجب عليها أن تحاسب وزير النفط  لعدم تنفيذ البرنامج النفطي الحكومي و الذي يكون من صلب أهدافه تنفيذ المشاريع الاستراتيجية. أما الرئيس التنفيذي فلا هم له سواء إرضاء وموافقة الوزير على كل مايقوله و فجأة يكون قد تغير الوزير وعليه إعادة نفس سيناريو التعامل مع الوزير الجديد.  ماذا بعد !! هل من أمل في تحسن أداء القطاع النفطي ؟ لا أظن ذلك ، خاصة وأن أسعار النفط مرشحة للإرتفاع إلى مستويات أعلي ، والميزانية  مشبعة ‘بالكاش ‘ ، والأمل الوحيد هو في انخفاض حاد في أسعار النفط إلى مادون الـ 80 دولار حتى نستطيع أن نتحرك ونتلفت يمينا وشمالا. هناك من يقول بأن أسعار النفط ارتفعت من 24 دولار في عام 2002 ووصلت الآن إلى 100 دولار للبرميل ، أين إذن السنوات الـ 10 العجاف ! والجواب هو : ماذا استفادت الكويت و القطاع النفطي من هذه الزيادات الهائلة و لماذا لا نلتفت حول الدول النفطية المجاورة وماذا حققت من مشاريع نفطية متطورة وكيف وصلت الشركات النفطية  الخليجية إلى مراكز متقدمة في صناعة النفط والغاز. يا رب تنزل أسعار النفط حتى نستيقظ ونعمل وتكون الكويت فعلا ‘كويت المستقبل’ آمين.

كامل عبدالله الحرمي     
كاتب ومحلل نفطي مستقل   

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s


%d مدونون معجبون بهذه: