حمد الجاسر يحذر من الثنائي الفضلة و الجاهل و كلونا البدو ماذا عن ذوي الاصول الايرانية و العراقية

«كلونا البدو….»

كتب حمد الجاسر

في الدائرة الانتخابية الثالثة هذه الأيام هناك ما يشبه الاستنفار؛ بسبب بعض الاستطلاعات التي بينت أن بعض المرشحين «الفاقعين» – إعلاميا- والذين كان ينظر إليهم سابقا باستخفاف، قد تكون لهم فرص قائمة للوصول إلى قاعة مجلس الأمة، مع كل ذلك الإسفاف الفكري الذي يمارسونه باستمتاع، وعن سابق إصرار وتعمد.
ولا أبالغ إذا قلت إن تكرار ظهور هؤلاء في مراكز متقدمة في الاستطلاعات؛ سبب حالة من الفزع في الدائرة، وبدأت اتصالات تجري بين وجهاء وديوانيات ومجموعات شبابية؛ للتعامل مع حقيقة وجود شريحة من الناخبين ترى أنه من «المثير» دخول هذه النوعية من المرشحين، وخصوصا «الثنائي» إياه، ورؤية ما سيحدثه هذا في المشهد البرلماني، وكأننا أمام مسرحية فكاهية، لا أمام مستقبل بلد.
والأسوأ من ذلك، أن طرح هذا «الثنائي»، القائم على مخاطبة واستثارة غرائز بدائية في الناخبين، يبدو أنه يروق لفئة منهم، وخصوصا شعار «كلونا البدو»، وفكرة أن على «الحضر» التصدي لهم؛ حتى لو كانت الأداة في ذلك هذه النوعية الاستفزازية من المهرجين، وقد راعني أن يكون بين بعض هؤلاء الناخبين من لا تشك في ثقافته ووطنيته.
وأحب في هذا المقال أن أقبل – مجازا ولأجل المناقشة فقط ـ نظرية «كلونا البدو»، وأن أحلل الأمور على أساس مفهوم «مصالح الحضر المهددة»؛ آملا أن يتسع صدر القارئ لهذا الجدل:
أولا- ما مصالح «الحضر» المهددة؟ هل هي الشركات والمناقصات والبنوك والملايين والمناصب؟ نحن نعلم أن أقل من 2 بالمئة من الحضر، وهم كبار التجار والمتنفذين، من يحوز 90 بالمئة من هذه المصالح ويحتكرها، في حين 98 بالمئة من الحضر هم، إما طبقة متوسطة، أو من ذوي الدخل المحدود.
ثانيا- كيف سـ «يأكلنا البدو»؟ هل في المناصب والوظائف والبعثات والعلاج في الخارج؟ نحن نعلم أن هذه كلها بيد الحكومة، وهي التي تتحكم فيها وتخضعها لحسابات التنفيع السياسي والمحسوبيات وشراء الذمم، فإذا كان فيها جور وتجاوز؛ فالحكومة والمهيمنون على قراراتها هم المسؤولون.
ثالثا- لو افترضنا- جدلا- أن للحضر قضية موضوعية وصحيحة للتصدي لتجاوزات و«زحف» أبناء القبائل على مقدرات البلد، فهل نسلم هذه القضية إلى أسوأ وأبشع محاميين عرفتهما الكويت؟
رابعا- ألا يرى من تعجبه طروحات «الثنائي» ارتباطهما الواضح برموز مؤسسة الفساد في الكويت؟ وأنهما ومرشحون آخرون يتلقون تمويلا ودعما وتشجيعا من أقطاب، ناضل الشعب الكويتي- كثيرا- لإبعادها عن دفة القرار الحكومي؟ هل خدمت هذه الأقطاب الكويت في شيء قط؛ حتى يكون دعمها للثنائي فيه خير للبلد؟
خامسا- هل عمي من ينوي التصويت للثنائي الساقط عن حقيقة أن أكثر العناصر المثيرة للريبة، أمنيا ووطنيا، والمرتبطة بمصادر التهديد الإقليمي للكويت والخليج هي من يتبنى «الثنائي» ويمولهما؟ وهي من تجمع الأصوات لهما، جهارا نهارا، حتى باتت لا تخفي خططها لشق المجتمع الكويتي وتمزيقه؛ خدمة لمخططات تدبر من وراء البحر.
سادسا- من يردد الفكرة العنصرية أن «البدو» أضروا بالنسيج الاجتماعي الكويتي، هل يرى- مثلا- أن القادمين من أصول إيرانية أو من العراق جزء من هذا النسيج؟ وبالتالي، أين «نصيب» هؤلاء من طروحات «الثنائي»؟
سابعا- من يقول إن «البدو» أكثر الفئات تجاوزا على القوانين واستهتارا بأنظمة الدولة، وإنهم «يقتحمون المخافر ويفرجون عن المجرمين»؛ عليه أن يسأل وزارة الداخلية – والتي أغلب قيادييها من الحضر – عن سبب تراخيها أمام هذه الظاهرة، وفي تطبيق القوانين؟ ثم عليه أن يسأل: لماذا لا يحدث مثل هذا التسيب في دول خليجية شقيقة، حيث يمثل أبناء القبائل 80 بالمئة من مواطنيها؟
باختصار، نظرية «كلونا البدو»، هي هروب عن محاسبة المسؤول الحقيقي عن غياب الضبط والربط واحترام القوانين وتطبيق أسس المواطنة الصحيحة في الكويت، وهي السلطة التنفيذية بكل أجهزتها وخضوعها المريب لمؤسسة الفساد.
لذا، لا عجب أن تتولى هذه السلطة، وتلك المؤسسة، دعم من يثير النعرات ويؤجج العصبيات الفئوية في مجتمعنا، مثل ذلك «الثنائي» الساقط، لكن العجب في أن ينطلي ذلك على مجاميع من مجتمعنا – ومن كل الفئات – وأن يرقصوا على مثل هذا العزف النشاز الذي
يخدش الأسماع.
الكويتية – الكويت
كويتية إلكترونية مستقلة على مدار الساعة
صدرت في 10 اكتوبر 2009م.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s


%d مدونون معجبون بهذه: